الاثنين، 13 أكتوبر 2025

Textual description of firstImageUrl

ج31: رسالة المعجزات والأفضلية بين النبي محمد وسائر الأنبياء - هل النبي محمد أو الأنبياء عامة هم أفضل من الملائكة أم الملائكة هم أفضل الخلق مطلقا - أقوال بعض العلماء في مسألة المفاضلة بين الأنبياء والملائكة - النبي محمد أفضل من الملائكة.

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة المعجزات والأفضلية

بين النبي محمد وسائر الأنبياء

وعلو شأن النبي بالآيات القرآنية

(الفصل الحادي والثلاثون)

هل النبي محمد أو الأنبياء هم أفضل من الملائكة أم الملائكة هم أفضل الخلق - النبي محمد أفضل من الملائكة - أقوال العلماء في مفاضلة الأنبباء والملائكة

#- فهرس:

:: الفصل الحادي والثلاثون :: ج20/ مسائل ختامية عن أفضلية الأنبياء وعلو مقاماتهم ::

1-  س49: هل النبي محمد أو الأنبياء عامة هم أفضل من الملائكة أم الملائكة هم أفضل الخلق مطلقا ؟  

#- أولا: من أين أتى العلماء بمسألة المفاضلة بين الأنبياء أو النبي محمد وبين الملائكة ؟

#- ثانيا: أقوال بعض العلماء في مسألة المفاضلة بين الأنبياء والملائكة.

#- ثالث: الغرض من ذكر آراء العلماء في مسألة التفضيل بين الملائكة والأنبياء.

#- رابعا: لماذا اخترت أن النبي محمد أفضل من الملائكة ؟

#- خامسا: ليس من الصعوبة الرد على من قال بأفضلية الملائكة على الأنبياء.

===============

:: الفصل الحادي والثلاثون ::

===============

..:: س49: هل النبي محمد أو الأنبياء عامة هم أفضل من الملائكة أفضل الخلق مطلقا ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- بما أننا تكلمنا في الرسالة على موضوع الأفضلية .. فأحببت أن أضيف مسألة قد ناقشا بعض العلماء واختلفوا فيها .. وهي مسألة الأفضلية بين الأنبياء عموما والملائكة .. وبالتالي تفرع منها مسألة تفضيل النبي محمد على الملائكة.

 

 - ولذلك حينما تجد عالم يفاضل بين سيدنا محمد وبين الملائكة .. أي يقول أن النبي محمد أفضل من الملائكة .. فهذه مسألة لا تجدها في كتب أهل العلم تحت مسألة اسمهما: (هل النبي محمد أفضل من الملائكة ؟) ... لا .. وإنما تحت مسألة: (هل الملائكة أفضل أم الأنبياء ؟) .. وبالتالي من يرى قبول الرأي القائل أن الأنبياء أفضل من الملائكة .. فهو بالتبعية لازم يقول أن سيدنا محمد أو أي نبي أفضل من الملائكة .. والذي يقول أن الملائكة أفضل من الأنبياء فهو يقول أن الملائكة أفضل الخلق على الإطلاق.

- وإليك تحقيق بسيط في المسألة ..

 

========

 

#- أولا: من أين أتى العلماء بمسألة المفاضلة بين الأنبياء أو النبي محمد وبين الملائكة ؟

 

1- سبب الخوض في مسألة التفضيل بين الملائكة وبني آدم ..

- هي آية سجود الملائكة لآدم عند بداية خلقه .. عند قوله تعالى: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا) البقرة:34 .. فظن البعض من هذا المشهد بعلو مقام آدم حينئذ .. ومن هنا بدأت هذه المسألة تأخذ مسارها في كتب بعض العلماء.

 

2- أما عن سبب الخوض في مسألة تفضيل النبي محمد صلى الله عليه وسلم على الملائكة.

- فهذه مسأل فرعية من مسألة التفضيل بين الملائكة وبني آدم .. إذ من قال بأفضلية الأنبياء على الملائكة لابد أن يقول بأفضلية النبي محمد على الملائكة .. بل ويؤكد لأصحاب هذا الرأي في أفضلية النبي محمد على الملائكة .. هو ما ذكره بعض الصحابة .. وهم اعلم الناس بالنبي وما كان يصدر عنهم ألفاظ تدل على علو مكانة النبي صلى الله عليه وسلم على الملائكة إلا لو كانوا سمعوا بذلك من النبي .. خاصة أن من قال بذلك كانوا أقرب الناس وممن يحبهم النبي .. وممن قالوا بذلك من الصحابة:

 

#- ما جاء في (أثر صحيح) .. عن عَنْ بِشْرِ بْنِ شَغَافٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ قال: وَكُنَّا جُلُوسًا فِي الْمَسْجِدِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ: (إِنَّ أَعْظَمَ أَيَّامِ الدُّنْيَا يَوْمُ الْجُمُعَةِ فِيهِ خُلِقَ آدَمُ وَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَةُ، وَإِنَّ أَكْرَمَ خَلِيقَةِ اللَّهِ عَلَى اللَّهِ أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .. قَالَ: قُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ فَأَيْنَ الْمَلَائِكَةُ ؟ قَالَ: فَنَظَرَ إِلَيَّ وَضَحِكَ وَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي هَلْ تَدْرِي مَا الْمَلَائِكَةُ ؟ إِنَّمَا الْمَلَائِكَةُ خَلْقٌ كَخَلْقِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَالرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ وَسَائِرِ الْخَلْقِ الَّذِي لَا يَعْصِي اللَّهَ شَيْئًا .....) رواه الحاكم وقال: هذا حديث صحيح الإسناد .. ووافقه الذهبي ..(قلت خالد صاحب الرسالة): وهو كما قالا صحيح الإسناد.

 

#- وجاء في (خبر صحيح) .. عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: (إِنَّ اللَّهَ فَضَّلَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ عليهم السلام وَعَلَى أَهْلِ السَّمَاءِ) رواه الدارمي سننه .. وقال محقق سنن الدارمي الشيخ حسين أسد الداراني: إسناده صحيح.

=========

 

#- ثانيا: أقوال بعض العلماء في مسألة المفاضلة بين الأنبياء والملائكة ..

 

1- ذكر الإمام بن بطال علي بن خلف رحمه الله (المتوفى: 449هـ):

- عند شرحه لحديث: (يقولُ اللهُ تعالى: أنا عند ظَنِّ عَبْدي بي، وأنا معه إذا ذكرَني؛ فإنْ ذكرني في نَفْسِه ذكَرْتُه في نفسي، وإن ذكَرَني في ملأٍ ذكَرْتُه في ملأٍ خَيرٍ منه) صحيح البخاري.

 

#- فقال بن بطال: هذا نص من النبى (صلى الله عليه وسلم) أن الملائكة أفضل من بنى آدم، وهو مذهب جمهور أهل العلم وعلى هذا شواهد من كتاب الله منها قوله تعالى: (مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ) الأعراف:20 ..، ولا شك أن الخلود أفضل من الفناء فكذلك الملائكة أفضل من بنى آدم وإلا فلا يصح معنى الكلام. (شرح بن بطال على صحيح البخاري ج10 ص429).

 

2- قال الإمام بن حزم الظاهري رحمه الله (المتوفى:456 هـ):

- والملائكة أفضل خلق الله تعالى .. لا يعصي أحد منهم في صغيرة ولا كبيرة وهم سكان السماوات .. قال الله تعالى: (لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) التحريم:6 ..، وقال تعالى: (لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ) النساء:172 ..، فهذا تفضيل لهم على المسيح عليه السلام ..، وقال تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا) الإسراء:70 ..، ولم يقل تعالى على كل من خلقنا. ولا خلاف في أن بني آدم أفضل من كل خلق سوى الملائكة فلم يبق إلا الملائكة، وإسجاده تعالى الملائكة لآدم - على جميعهم السلام - سجود تحية؛ فلو لم يكونوا أفضل منه لم يكن له فضيلة في أن يكرم بأن يحيوه. وقد تقصينا هذا الباب في كتاب الفصل غاية التقصي والحمد لله رب العالمين. وقال تعالى: (وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ) الزمر:75. (المحلى بالآثار ج5 ص14).

 

#- وكذلك انتصر الإمام بن حزم لهذا المذهب وهو أن الملائكة أفضل من الأنبياء .. بتوسع كبير .. وذلك في كتابه الفصل في الملل والنحل ج5 ص14-18 .. تحت عنوان (الْكَلَام فِي أَي الْخلق أفضل) .. وذكر أدلة كثيرة من القرآن والروايات.

 

3- قال الإمام جمال الدين الغزنوي (المتوفى: 593هـ):

- خواص بني آدم أفضل من جملة الملائكة ..، وعوام بني آدم وهم الأتقياء أفضل من عوام الملائكة ..، لأن آدم كان مسجودا له والملائكة كانوا ساجدين ..، ولا شك أن السجود له أفضل من الساجد

- وإذا ثبت تفضيل الخواص على الخواص ثبت تفضيل العوام على العوام. (أصول الدين ص157).

 

4- قال الإمام الفخر الرازي رحمه الله (المتوفى:606 هـ) عند قوله تعالى: (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم ..) البقرة:34 وذكر عندها مسألة وهي الآتي:

- مسألة: الكلام على أن آدم أفضل من الملائكة أو العكس ..

- اعلم أن: جماعة من أصحابنا يحتجون بأمر الله تعالى للملائكة بسجود آدم عليه السلام على أن آدم أفضل من الملائكة ..، فرأينا أن نذكر هاهنا هذه المسألة.

- فنقول: قال أكثر أهل السنة .. الأنبياء أفضل من الملائكة.

- وقالت المعتزلة: بل الملائكة أفضل من الأنبياء وهو قول جمهور الشيعة.

- وهذا القول اختيار القاضي أبي بكر الباقلاني من المتكلمين منا .. وأبي عبد الله الحليمي من فقهائنا.

- ونحن نذكر محصل الكلام من الجانبين ... (ثم ذكر الرازي أدلة الفريقين – راجع تفسير مفاتيح الغيب ج2 ص430).

 

#- وقد أخذ الإمام الفخر الرازي يذكر أدلة من قال بالأفضلية .. وبدأ بأدلة الجانب الذي يقول بأفضلية الملائكة على آدم والأنبياء فذكر تسعة عشر حجة لهم وناقشها وذلك من (ج2 ص430 إلى ص443) ..، ثم بدأ بذكر أدلة الطرف الذي يقول بأفضلية آدم والأنبياء على الملائكة فذكر عشرة حجج وناقشها وذلك من (ج2 ص443 إلى ص446).

 

ب- وقال الإمام الفخر الرازي: قال بعضهم: إنهم "أي الأنبياء" أفضل من الملائكة ..، وقال كثير من العلماء: إن الملائكة السماوية أفضل منهم .. وهم أفضل من الملائكة الأرضية. (تفسير مفاتيح الغيب ج7 ص111).

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على كلام الإمام الرزاي:

- يظهر لنا مما سبق أن هناك من أهل السنة من قال يقول: أن الملائكة أفضل الخلق حتى من الأنبياء والرسل .. مثل الإمام بن حزم والإمام بن بطال ..بخلاف من ذكرهم الرازي وهم الباقلاني والحليمي .. وغيرهم ايضا من أهل السنة .. ومعهم حجج وأدلة على رأيهم .. وبعضها أدلة قرآنية.

 

5- قال الإمام النووي رحمه الله (المتوفى:676 هـ):

- خير خلقه كذا قاله الإمام الشافعي والعلماء .. أنه صلى الله عليه وسلم خير الخلق كلهم من الملائكة والآدمين. (المجموع شرح المهذب ج1 ص75).

 

6- قال الشيخ بن تيميه رحمه الله (المتوفى:728 هـ) عن آدم:

- فهو وصالحو ذريته أفضل من الملائكة .. وإن كان هؤلاء مخلوقين من طين ..وهؤلاء من نور..، وهذه " مسألة كبيرة " مبسوطة في غير هذا الموضع. (مجموع الفتاوى ج11 ص95).

 

- ويقصد بن تيميه بقوله "مبسوطه في غير هذا الموضع": هو ما ذكره في رسالة كاملة تزيد عن أربعين صفحه وجاء في بدايتها: "فصل في المسألة المشهورة بين الناس: في التفضيل بين الملائكة والناس" . (راجع هذه الرسالة في مجموع الفتاوى ج4 ص350-392).

 

- وقد ذكر الإمام بن تيميه في هذه الرسالة المطولة ردود على من أدلة من يقول أن الملائكة أفضل الأنبياء .. وذكر ثلاثة عشر دليلا لينتصر للرأي القائل أن الإنسان أفضل من الملائكة ..، وكان خلاصة كلام بن تيميه في رسالته هو ما قاله: "إنما تكلمنا في تفضيل صالحي البشر إذا كملوا ووصلوا إلى غايتهم وأقصى نهايتهم .. وذلك إنما يكون إذا دخلوا الجنة ونالوا الزلفى وسكنوا الدرجات العلى وحياهم الرحمن وخصهم بمزيد قربه وتجلى لهم .. يستمتعون بالنظر إلى وجهه الكريم وقامت الملائكة في خدمتهم بإذن ربهم". (مجموع الفتاوى ج4 ص372).

 

7- قال الإمام بن القيم رحمه الله (المتوفى: 751 هـ):

- مذهب أهل السنة أن الأنبياء والمرسلين أفضل من الملائكة. (مختصر الصواعق المرسلة 249).

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على كلام الإمام بن القيم:

- ما ذكره الإمام بن القيم .. هو رأي الكثير من مذهب جميع أهل السنة .. وليس جميعهم .. لأن المسألة فيها خلاف.

 

8- قال ابن أبي العز الأذرعي رحمه الله (المتوفى:792 هـ):

أ- مذاهب الناس في المفاضلة بين الملائكة وصالحي البشر:

- وقد تكلم الناس في المفاضلة بين الملائكة وصالحي البشر ..

- وينسب إلى أهل السنة: تفضيل صالحي البشر والأنبياء فقط على الملائكة، وإلى المعتزلة تفضيل الملائكة.

- وأتباع الأشعري على قولين: منهم من يفضل الأنبياء والأولياء، ومنهم من يقف ولا يقطع في ذلك قولا. وحكي عن بعضهم ميلهم إلى تفضيل الملائكة. وحكي ذلك عن غيرهم من أهل السنة وبعض الصوفية.

- وقالت الشيعة: إن جميع الأئمة أفضل من جميع الملائكة. ومن الناس من فصل تفصيلا آخر.

- ولم يقل أحد ممن له قول يؤثر: إن الملائكة أفضل من بعض الأنبياء دون بعض. (شرح العقيدة الطحاوية ج2 ص410).

 

ب- إلى أن قال الإمام الاذرعي: فإن الواجب علينا الإيمان بالملائكة والنبيين، وليس علينا أن نعتقد أي الفريقين أفضل، فإن هذا لو كان من الواجبات لبين لنا نصا. وقد قال تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) المائدة:3 ..، (وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا) مريم:64 .

- وفي الصحيح: (إِنَّ اللَّهَ فَرَضَ فَرَائِضَ فَلَا تُضَيِّعُوهَا، وَحَدَّ حُدُودًا فَلَا تَعْتَدُوهَا، وَحَرَّمَ أَشْيَاءَ فَلَا تَنْتَهِكُوهَا، وَسَكَتَ عَنْ أَشْيَاءَ - رَحْمَةً بِكُمْ غَيْرَ نِسْيَانٍ - فَلَا تَسْأَلُوا عَنْهَا)..، فالسكوت عن الكلام في هذه المسألة نفيا وإثباتا - والحالة هذه - أولى.

 

ج- ثم قال الإمام الأذرعي: وقد كان أبو حنيفة رضي الله عنه يقول أولا بتفضيل الملائكة على البشر، ثم قال بعكسه، والظاهر أن القول بالتوقف أحد أقواله.

- والأدلة في هذه المسألة من الجانبين: إنما تدل على الفضل، لا على الأفضلية، ولا نزاع في ذلك. (شرح العقيدة الطحاوية ج2 ص413).

 

- وللشيخ تاج الدين الفزاري رحمه الله مصنف سماه الإشارة في البشارة في تفضيل البشر على الملك، قال في آخره: اعلم أن هذه المسألة من بدع علم الكلام، التي لم يتكلم فيها الصدر الأول من الأمة، ولا من بعدهم من أعلام الأئمة، ولا يتوقف عليها أصل من أصول العقائد، ولا يتعلق بها من الأمور الدينية كثير من المقاصد. ولهذا خلا عنها طائفة من مصنفات هذا الشأن، وامتنع من الكلام فيها جماعة من الأعيان، وكل متكلم فيها من علماء الظاهر بعلمه، لم يخل كلامه عن ضعف واضطراب. انتهى. (شرح العقيدة الطحاوية ج2 ص413-414).

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على الحديث الذي ذكره الأذرعي:

- (حديث مختلف عليه بين الصحة والضعف) .. عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ اللَّهَ حَدَّ حُدُودًا فَلَا تَعْتَدُوهَا وَفَرَضَ لَكُمْ فَرَائِضَ فَلَا تُضَيِّعُوهَا وَحَرَّمَ أَشْيَاءَ فَلَا تَنْتَهِكُوهَا وَتَرَكَ أَشْيَاءَ مِنْ غَيْرِ نِسْيَانٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَكِنْ رَحْمَةٌ مِنْهُ لَكُمْ فَاقْبَلُوهَا وَلَا تَبْحَثُوا فِيهَا) رواه الحاكم وغيره .. (قلت خالد صاحب الرسالة): كثير من العلماء على تصحيح أو تحسبن هذا الحديث .. والبعض يضعفه .. وسبب الضعف أن مكحول لم يسمع أبي ثعلبه .. ولكن محتمل روايته عن أبي ثعلبه لأنه معاصر له بالسن والبلد ..، وعموما ممن صحح الحديث ونقلا من كتاب أنيس الساري ج2 ص1623 حديث رقم1181 وبعد أن ذكر أن في الحديث انقطاع فقد ذكر من قال بصحة هذا الحديث: فقال ابن كثير: حديث صحيح" التفسير 2/ 106 ..، وصححه أحمد بن حجر الهيتمي (الزواجر 1/ 12) ..، وقال النووي: حديث حسن رواه الدارقطني وغيره" الأربعون ص 59 ..، وحسنه الحافظ أبو بكر بن السمعاني في "أماليه" (جامع العلوم 2/ 150) وأبو الفتوح الطائي (غاية المرام ص 18) ..، وقال البوصيري: رواه مسدد وابن أبي شيبة بسند صحيح" مختصر الإتحاف 2/ 287 ..، واختلف فيه قول الألباني فضعفه في "غاية المرام" وحسنه لغيره في "تخريج الطحاوية" (ص 338) .. (انتهى النقل).

- ولعل سبب تصحيح هؤلاء العلماء: لاحتمالية سماع مكحول من أبي ثعلبه لكونه معه في نفس البلد ومقارب له في العمر .. والله أعلم.

 

#- وعموما يشهد لصحة الحديث السابق ما رواه الصحابي بن عباس في الحديث التالي ولكن تم روايته موقوفا على قول بن عباس ..

 

#- جاء في (أثر صحابي موقوف صحيح) .. عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: (كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَأْكُلُونَ أَشْيَاءَ وَيَتْرُكُونَ أَشْيَاءَ تَقَذُّرًا فَبَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْزَلَ كِتَابَهُ وَأَحَلَّ حَلَالَهُ وَحَرَّمَ حَرَامَهُ .. فَمَا أَحَلَّ فَهُوَ حَلَالٌ .. وَمَا حَرَّمَ فَهُوَ حَرَامٌ .. وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ عَفُوٌّ .. وَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ} [الأنعام: 145] الْآيَةَ) رواه الحاكم وقال: حديث صحيح الإسناد .. ووافقه الذهبي وقال صحيح ..، (قلت خالد صاحب الرسالة): لم أجد في السند ما يعيبه وهو صحيح .. والله أعلم.

 

9- قال الإمام جلال الدين السيوطي رحمه الله (المتوفى: 911 هـ):

- مسألة: في التفصيل بين الملائكة والبشر

- ثلاثة أقوال:

- أحدها: أن الأنبياء أفضل وعليه جمهور أهل السنة .. واختاره الإمام فخر الدين في "الأربعين" وفي "المحصل".

- والثاني: أن الملائكة أفضل .. وعليه المعتزلة .. واختاره من أئمة السنة الأستاذ أبو إسحاق الإسفرايني، والقاضي أبو بكر الباقلاني، والحاكم، والحليمي، "والإمام فخر الدين في المعالم"، وأبو شامة.

- والثالث: الوقف .. واختاره إلكيا الهراسي.

 

- ومحل الخلاف في غير نبينا صلى الله عليه وسلم .. أما هو فأفضل الخلق بلا خلاف .. لا يفضل عليه ملك مقرب ولا غيره .. كذا ذكره الشيخ تاج الدين بن السبكي في منع الموانع .. والشيخ سراج الدين البلقيني في منهج الأصلين .. والشيخ بدر الدين الزركشي في شرح جمع الجوامع وقال: إنهم استنثوه ..، وإن الإمام فخر الدين نقل في تفسيره الإجماع على ذلك. (الحبائك في أخبار الملائك ص203).

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على بعض كلام السيوطي:

- قوله (الوقف): أي يمتنع عن التفاضل بين الملائكة والأنبياء .. وكأنه يكتفي بقوله أن الأنبياء والملائكة كلهم أهل فضل وخير .. أو يكتفي بقوله (الله أعلم)..، وممن توقفوا عن الخوض في ذلك الإمام أبي حنيفة والطحاوي والأذرعي بخلاف الكيا الهراسي.

 

- وقوله (ومحل الخلاف في غير نبينا): يقصد بذلك أن العلماء لو كانوا اختلفوا في أفضلية الأنبياء على الملائكة .. إلا أنهم لم يختلفوا في أفضلية النبي محمد على جميع الخلق بما فيهم الملائكة.

 

- قوله (الفخر الرازي نقل الإجماع على ذلك): فهذا كلام غير دقيق لأن الرازي نقل الإجماع على أن النبي محمد أفضل من الأنبياء كلهم (تفسير الفخر الرازي ج6 ص521) .. ولم يحالفظني التوفيق في إيجاد ما يتعلق في تفسير الرازي بأن النبي أفضل من الملائكة .. والله أعلم.

 

10- قال الإمام إبراهيم البيجوري رحمه الله (المتوفى: 1276 هـ) في شرحه على منظومة جوهرة التوحيد للإمام إبراهيم اللقاني (المتوفى: 1041 هـ):

أ- قال الإمام اللقاني:

- وأفضل الخلق على الإطلاق ... نبيّنا فمِل عن الشّقاق.

- والأنبيا يلونه في الفضل ... وبعدهم ملائكة ذي الفضل.

 

ب- وشرح البيجوري فقال: قوله: (وأفضل الخلق على الإطلاق نبيا) أي أفضل المخلوقات على العموم الشامل للعلوية والسفلية من البشر والجن والملك في الدنيا والآخرة في سائر خصال الخير وأوصاف الكمال: نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

 

ح- وأفضليته صلى الله عليه وسلم على جميع المخلوقات مما أجمع عليه المسلمون حتى المعتزلة فهو صلى الله عليه وسلم مستثنى من الخلاف الآتي في التفضيل بين الملائكة والبشر، ولا عبرة بما زعمه الزمخشري من تفضيل جبريل عليه السلام مستدلّا بقوله تعالى: (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ) الحاقة:40 .. حيث عد فيه فضائل جبريل، فإنه وصف فيه بأنه رسول كريم إلى قوله: (أَمِينٌ) واقتصر على نفي الجنون عنه صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى: (وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ) التكوير:22 ..

- وقد خرق في ذلك الإجماع ..!! ولا دلالة في الآية لما ادعاه، لأن المقصود منها نفي قولهم: (إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ) النحل:103 ..، وقولهم: (أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ) سبأ:8 ..، وليس المقصود المفاضلة بينهما، وإنما هو شيء اقتضاه الحال ولا عبرة بما قد يتوهم من تفضيل جبريل عليه، لكونه كان يعلمه، فكم من معلَّم بالفتح أفضل من معلِّم بالكسر. (شرح جوهرة التوحيد للبيجوري ص214 – مختصرا).

 

- قوله: (فمِل عن الشقاق) أي: إذا عرفت هذا الحكم المجمع عليه فاعدل عن المنازعة فيه .. لأنه لا تجوز المنازعة في الحكم المجمع عليه .. إذ لا يجوز خرق الإجماع .. وقد أشار المصنف بذلك لمنازعة الزمخشري .. وإنما سميت المنازعة شقاقا .. لأن كلّا من المتنازعين يكون في شق: أي جانب لا يكون فيه الآخر. (شرح جوهرة التوحيد للبيجوري ص215).

 

#- إلى أن قال البيجوري في شرحه: وذهب القاضي أبو عبد الله الحليمي مع أخرين كالمعتزلة إلى أن الملائكة أفضل من الأنبياء .. إلا نبينا لما تقدم من أنه مستثنى من محل الخلاف. (شرح جوهرة التوحيد للبيجوري ص216).

 

#- وختم الإمام البيجوري شرحه لمسألة المفاضلة .. بتقل كلام من الإمام تاج الدين السبكي فقال:

- قال تاج الدين ابن السبكي (المتوفى:771 هـ): ليس تفضيل البشر على الملك مما يجب اعتقاده ويضر الجهل به .. والسلامة في السكوت عن هذه المسألة .. والدخول في التفضيل بين هذين الصنفين الكريمين على الله تعالى من غير دليل قاطع دخول في خطر عظيم وحكم في مكان لسنا أهلا للحكم فيه. (شرح جوهرة التوحيد للبيجوري ص217).

 

=========

#- ثالثا: الغرض من ذكر آراء العلماء في مسألة التفضيل بين الملائكة والأنبياء.

 

1- حتى تعلم المسألة ظنية أي احتمالية نتيجة فهم كل عالم للنصوص الشرعية حول أفضلية الانبياء والملائكة .. فهي مجرد مسألة مختلف عليها بين العلماء .. فمن يقبل بأي رأي فهو ما يطمئن له قلبه ولا إنكار عليه..، وليس في المسألة نص قطعي الدلالة من القرآن أو نص من كلام النبي يدل على وجود مفاضلة بين الملائكة وعامة الأنبياء (ما عدا النبي محمد) .. فهي مسألة ظهرت نتيجة تفكير في تفسيرات لبعض النصوص الشرعية .. وقد سبق الإشارة إليها في البند الأول.

 

2- وإذا كان كثير من العلماء اختلفوا في أفضلية الأنبياء والملائكة .. إلا أن الغالب حتى عند كثير ممن يرى أفضلية الملائكة فقد استثنوا النبي محمد من تلك المفاضلة .. لأنهم يقولون أنه أفضل الخلق كلهم من إنس وجن وملائكة ..، ويظهر هذا واضحا من كلام السيوطي والبيجوري.

- ولعل سبب الإستثناء هو ما سأذكره في البند التالي .. وهو سبب اختياري لكون النبي محمد صلى الله عليه وسلم أفضل الأنبياء والمرسلين والملائكة جميعا.

 

=======

 

#- رابعا: لماذا اخترت أن النبي محمد أفضل من الملائكة ؟

 

@- قلت (خالد صاحب الرسالة):

#- أولا: أميل للرأي القائل بأن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أفضل من الأنبياء والملائكة والخلق جميعا ..

- إذ أن العقل من خلال أدلة الشرع .. لا يمكن إلا أن يكون النبي محمد صلى الله عليه وسلم أعلا رتبة ومقاما من جميع الأنبياء والمرسلين وجميع الملائكة .. وذلك لثلاثة أسباب واكتفي بهم:

- السبب الأول: النبي صلى الله عليه وسلم قد تقدم عن سيدنا جبريل وهو رئيس الملائكة في رحلة المعراج .. وارتقى إلى مستوى صريف الاقلام حتى وصل للعرش وأوحى إليه ربه ما أوحاه ..، وبالتالي يظهر لذي نظر وعقل أن من ارتقى بمقامه ودرجته في مكان لم يصل إليه نبي ولا ؤسول ولا حتى رئيس الملائكة وهو جبريل عليه السلام .. فلا يمكن إلا أن يكون هذا دلالة على أنه أعلى منه رتبة ومقاما من الإنس والجن والملائكة.

 

- السبب الثاني: أن الناس يوم القيامة جميعا ستذهب لطلب الشفاعة من النبي صلى الله عليه وسلم ليشفع لهم عند الله لبدا الحساب .. ولم يطلبوا ذلك  من أحد من الملائكة .. إذ لو كان للملائكة علو مقام عند ربهم في ذلك المقام لكان جعل لهم شفاعة .. إلا أن الله قد اختص بذلك النبي محمد صلى الله عليه وسلم لأنه سيد الخلق صلى الله عليه وسلم.

 

- السبب الثالث: قال تعالى: (قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (73) يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) آل عمران:73-74.


- وطالما الفضل بيد الله ويختص برحمته من يشاء .. فما المانع حينئذ أن يكون سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أفضل الخلق مطلقا وفوق الأنبياء والرسل والجن والملائكة مقاما ودرجة ..؟!!

- فعجبا ..!!

 

#- ثانيا: أما عن رأيي في مسألة كون الأنبياء جميعهم أفضل من الملائكة ..

- فهذا مسألة أتوقف فيها .. بل ولا أجدها محل اهتمام  للبحث فيها .. ويكفي القول أن أقول: أن عموم الأنبياء والملائكة هم أفضل الخلق عند الله.

 

=========

 

#- خامسا: ليس من الصعوبة الرد على من قال بأفضلية الملائكة على الأنبياء.

 

- عدم نقل أدلة الفريقين لإثبات وجهة نظرهم في تحقيق الأفضلية .. ليس معناه قوة الحجة لأي فريق .. وإنما دفعا للإطالة خاصة وأن هذه المسألة ذكرتها كملحق فقد بالرسالة لكون فيها مفاضلة مقامات .. والبعض تكلم على أن النبي محمد أفضل من الأنبياء والملائكة ..

 

- ولكن سأكتفي فقط بالإجابة على بعض ما استدل به البعض لكون الملائكة أفضل الخلق من الأنبياء عموما .. فمن ذلك:

 

1- الذي يقول أن الملائكة أفضل الخلق: يشيرون لحديث: (يقولُ اللهُ تعالى: أنا عند ظَنِّ عَبْدي بي، وأنا معه إذا ذكرَني؛ فإنْ ذكرني في نَفْسِه ذكَرْتُه في نفسي، وإن ذكَرَني في ملأٍ ذكَرْتُه في ملأٍ خَيرٍ منه) صحيح البخاري.

 

- وقالوا: أن الحديث واضح في بيان أن الملائكة وهم الملأ الأعلى أفضل مكانا وشأنا .. وإلا ما كان الله قال أنه يذكر الذاكر في ملأ خير من الناس الذين يذكرهم بالله.

 

- قلت (خالد صاحب الرسالة): هذا كلام غير منضبط .. لأن من قال بذلك هو نظر إلى كلمة الملأ وأنها مرتبطة بالخيرية فظن أنهم الملأ الأفضل .. وهذا صحيح .. لأن جماعة الناس فيهم المحسن والمسيء والمطيع والعاصي بخلاف جماعة الملائكة فكلهم أهل طاعة وإحسان ..، فهو نظر إلى خيرية الجماعة .. ولكن الحديث لم يتكلم عن أفضلية الفرد في الجماعة .. فلم ينظر إلى قائل الذكر أين هو مقامه .. وإلا لو كان مقام الخيرية أو الأفضلية قد اقتصر على الملائكة فقط .. فلماذا أوحي الله لنبيه محمد بالصلوات في مقام فوق مقام سيدنا جبريل وهو من أعظم جماعة الملأ الأعلى ؟!!

 

- إذن: إن كان يصح المفاضلة بهذا الحديث بين جماعة الملائكة وجماعة الناس .. فهذا واضح بفضل جماعة الملائكة على جماعة الناس .. ولكن لا يمكن المفاضلة بين الملائكة وعموم الأنبياء .. إذ لم يكن من الملائكة خليلا مثل إبراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسلام .. فتأمل.

 

2- وكان من كلام من جعل الملائكة أفضل الخلق: كون الملائكة من الخالدين وآدم من الفانين.

 

- قلت (خالد صاحب الرسالة): ما علاقة الأفضلية عند الله بالبقاء والفناء ..!! فعلى هذا المنطق فالشيطان أفضل من الأنبياء والرسل لطول بقائه في الدنيا .. !!

- بقى ده كلام أو حتى يصح أن يكون حجة ..!!

- أكيد .. لا.

 

3- ومن كلام من جعل الملائكة أفضل الخلق: خصوصية خلقهم من نور ولهم اجنحة وسرعة انتقال من الأرض للسماء أو العكس وتحولهم من الصورة الروحانية إلى الصورة الإنسية.  

 

- قلت (خالد صاحب الرسالة): ما علاقة هذا بأفضلية المقام عند الله ؟ إذ الأفضلية هنا أفضلية علو مقام وقرب من الله .. وليس أفضلية ملكات نفسية في تركيب المخلوق ..!!

- وكأنهم بهذا المنطق .. جعلوا من الشيطان أفضلية أيضا إذ أنه مخلوق من نار وله أجنحة ومقدرة على الخفاء والوسوسة وغير ذلك من ملكات الجن التي أعطاها الله لهم ..!!

بقى ده منطق كلام يا جماعة المؤمنين ؟!!

- أكيد .. لا.

 

- ثم أقول: بالرغم من كون الملائكة يمتلكون أوصاف نفسية لا يملكها البشر فلماذا لم يجعلهم الله خلفاء الأرض ؟!!

- فلا أدري بأي هؤلاء يتحدوث ..!!

 

4- ومن كلام من جعل الملائكة أفضل الخلق: لأنهم لا ذنوب لهم وبالتالي هي أفضل.

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة): لو كان المنطق هو الخلو من الذنوب .. فكان يحيى وعيسى ومحمد صلى الله عليهم وسلم بلا ذنوب .. ثم يزيد عليهم النبي محمد بدوام رسالته وكتابه السماوي .. ثم يزيد النبي محمد على الانبياء والملائكة بعلو مقامه السماوي ليلة المعراج وكلامه معه في السماء .. وبالتالي يكون النبي محمد صلى الله عليه وسلم أفضل الخلق عند ربه.

 

- ولو كانت الملائكة الخالية من الذنوب هي أفضل: فلماذا لم يجعلها خليفة في الأرض ؟ ولماذا لم يعلمها الأسماء كلها مثل آدم ؟ ولماذا لم يجعل منهم الأنبياء والرسل ليرشدوا الناس بالتوجيه المباشر ؟!!

 

- إذن: مسألة عدم فعل الملائكة للذنوب ليست مسألة تفضيل عند الله ..

 

- ثم أقول: طالما أن الله يغفر الذنوب .. فقد سقطت هذه المفاضلة لحق الملائكة من أساسه .. وقد يدخل أفواج من الناس في غفران الله وعفوه ورحمته .. وطالما الأمر كذلك وبهذا المنطق الذي تكلم به هؤلاء .. فيكون بالفعل الأنبياء والرمسلين أفضل من الملائكة .. لأن الأنبياء زادوا على الملائكة حينئذ بخصوصية الإختيار .. فذلك لأن الملائكة مسيرة أو مخلوقة على فعل الطاعة .. أما الإنسان فمخير بين الطاعة العصيان .. والذي في ميدان الإختبار ليس كالذي يسكن في ميدان الأنوار .. ليسوا سواء.

 

5- ومن كلام من جعل الملائكة أفضل الخلق: رغبة آدم أن يكون مثل الملائكة ولذلك وسوس إبليس له بذلك .. وهذا يدل على أفضلية الملائكة.

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة): هذا لا دليل عليه على أي أفضلية .. إذ بهذا المنطق يكن الذي لديه مال وفير أو قصر كبير أفضل عند الله ممن ليس لديه ذلك ؟!!

- وكأن الأفضلية ليست أساسها القرب من الله ..!!

- بقى ده كلام ..!!

- فلازالت المقارنة في المواصفات النفسية .. وليس في المقامات العبدية بالقرب من الله .. وهذا شيء غريب جدا عند من يفاضل ...!!

 

#- أخي الحبيب: أكتفي بما ذكرته لك مما ذكره البعض في كون الملائكة أفضل الخلق .. ولكني أحببت فقط توضيح بعض الإستدلالات والرد عليها حتى لا يظن أن كلامهم يعب الرد عليه .. لا .. وإنما دفعا للإطالة فقد أحجمت عن مناقشة كل فريق في  استدلالاته.


#- ملحوظة هامة جدا:

- مشكلة من يذكرون أدلة لبيان فضل الملائكة على الأنبياء .. لا ينتبهون أن أصل المفاضلة يتعلق بمقام القرب من الله .. ولذلك خلطوا الفضائل النفسية أو العطاءات الخاصة للنوع في مسألة التفضيل بين الانبياء والملائكة .. ففاضلوا بين الملائكة من حيث كونها مخلوقة من نور ولها أجنحة .. وبين الإنسان من حيث كونه طين بلا أجنحة .. وما بينهما من اختلافات مرتبطة بالنوع ..!! فما علاقة هذا بالمفاضلة التي المقصود منها القرب وعلو المقام عند الله ..؟!!


=======

#- وخلاصة القول:

1- مسألة المفاضلة بين الملائكة والأنبياء هي مسألة مختلف عليها على ثلاث آراء .. فمن العلماء من يقول أن الأنبياء أفضل .. ومن العلماء من يقول الملائكة أفضل .. ومن العلماء من توقف وقال جميعهم على خير دون أي مفاضلة.

 

2- مسألة أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو أفضل الخلق حتى أفضل من الأنبياء والملائكة .. فهذا هو ما يميل إليه كثير من علماء أهل السنة .. حتى كثير ممن قالوا بأفضلية الملائكة على الأنبياء فاستثنوا من الأنبياء سيدنا محمد لأنه عندهم أفضل الخلق مطلقا.  

 

3- لو قلت أن الملائكة أفضل من الأنبياء .. فلا حرج عليك ولا إشكالية في ذلك ..، ولو قلت أن الأنبياء أفضل من الملائكة .. فلا حرج ولا إشكالية في ذلك ..

 

4- ولو قلت أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم أفضل من جميع الخلق حتى الملائكة .. فلا حرج ولا إشكالية في ذلك .. فهذا ما عليه عامة علماء المسلمين ..، وإن قلت عكس ذلك فسأل نفسك سؤالين: لماذا علا النبي محمد فوق جميع مقامات الملائكة ليلة المعراج ..، ولماذا تسعى إليه الناس يوم القيامة لطلب شفاعته عند ربهم ولم يطلبوها من الملائكة وهم لهم حينئذ لهم مبصرون. ؟!!

 

- والله أعلم.

*****************
يتبع إن شاء الله تعالى
*****************
والله أعلم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم
هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .

هناك تعليق واحد:

  1. اللهم صل على سيدنا محمد خير الخلق كلهم

    بارك الله فيك استاذنا الفاضل
    امين يارب العالمين

    ردحذف

ادارة الموقع - ا/ خالد ابوعوف