الأحد، 26 أكتوبر 2025

Textual description of firstImageUrl

ج9: رسالة النبي ابراهيم وطلب اليقين من الله - لماذا لم يبعث الله الطيور لإبراهيم بتجميعها أمام عينه بكن فيكون - ما المقصد من قول الله لإبراهيم (واعلم أن الله عزيز حكيم) - هل يوجد إشارة من ذبح الطيور الأربعة وعلاقتها بالسعي مرة أخرى.

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

حول قوله تعالى (أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي)

ونظرات وتأملات حول مطلب إبراهيم عليه السلام

(رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى)

(الفصل التاسع)

 لماذا لم يبعث الله الطيور لإبراهيم بتجميعها أمام عينه بكن فيكون - ما المقصد من قول الله لإبراهيم (واعلم أن الله عزيز حكيم).

#- فهرس:

:: الفصل التاسع :: ج4/ نظرات في قصة إبراهيم عليه السلام عن جزئية طلبه من ربه رؤيته كيفية إحياء الموتى ::

1- س22: لماذا لم يبعث الله الطيور لإبراهيم بتجميعها أمام عينه كما فعل مع الذي أماته مائة عام وحين بعثه أراه إحياء حماره أمامه بتركيب أجزائه ؟

2- س23: ما المقصد من قول الله لإبراهيم (واعلم أن الله عزيز حكيم) ؟

3- س24: هل يوجد إشارة من ذبح الطيور الأربعة وعلاقتها بالسعي مرة أخرى ؟

================

:: الفصل التاسع ::

================

 

..:: س22:  لماذا لم يبعث الله الطيور لإبراهيم بتجميعها أمام عينه كما فعل مع الذي أماته مائة عام وحين بعثه أراه إحياء حماره أمامه بتركيب أجزائه ؟ ::..

 

- قال تعالى: (كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (259) وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) البقرة:259-260.

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- لو لاحظنا في الآيتين السابقتين أنهما يتحدثان عن كيفية البعث من الموت أمام الرائي .. فجاء في الآية الأولى الذي أماته مائة عام ثم بعثه .. فهذا شخص رأي بأم عينيه كيفية تركيب أجزاء الحمار أمامه بعد أن كان هيكل عظمي .. (ويقال هذا الشخص هو نبي اسمه "عُزير" ولكن لم أجد صحيح دليل على ذلك) ..، والآية الثانية سيدنا إبراهيم رأى الموتى أمام عينه يتم تجميع أجزائهم وإحيائهم مرة أخرى.

 

#- لو بحثنا في أوجه الإختلاف بين الحالتين .. أي بين الذي أحياه الله مائة عام وبين سيدنا إبراهيم عليه السلام .. فسنجد الآتي:

أ- أن سيدنا إبراهيم هو من طلب من ربه أن يريه كيفيه إحياء الموتى.

ب- أن سيدنا إبراهيم هو الذي بيديه أمات الأحياء وبكلمة نطق بها أحيا الموتى.

ج- أن سيدنا إبراهيم جمع الله له الموتى من أماكن متفرقة لأربعة حالات .. وليس من مكان واحد لحالة واحدة.

 

- وهنا تفكرت فقلت: كان من الممكن أن يقول الله لإبراهيم: انظر إلى حيوان ميت وأصبح عظما وسأريك كيف أحييه أمامك .. كما فعل مع الرجل الذي أحيا أمامه حماره الذي كان مجرد عظام .. كما قال تعالى: (وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا) البقرة:259.

 

- ولكن الله لم يفعل ذلك .. لماذا ؟!!

 

- فقلت:

- لعل ذلك أجده في سببين:

- الأول: لبيان علو شأنه إبراهيم عند الله وعظيم محبته له .. ولذلك أعطاه من سر القدرة بأن ينطق باسمه المحيي ما ينفعل معه لمرة واحدة ليحيي الموتى ..، فنفهم نحن المؤمنين أن إبراهيم من أهل العناية والخصوصية والفضل .. أي أتاه الله من الفضل ما لم يؤت به كثيرا من خلقه وكانت له رحمة خاصة من الله في العناية به.

 

- فإذا كان جعل الله الذي أماته مائة عام يشاهد حيوان واحد كيف يحييه الله .. فإبراهيم شاهد جمعا من الحيوانات الطائرة ومختلفة الأنواع كيف يحييها الله .. وعن طلب من إبراهيم بصوته هو أي بصوت إبراهيم..، وهذا فيه من التمييز والكرامة والخصوصية ما فيه.

 

- الثاني: لعل الله أراد بإعطاء إبراهيم من خصوصية سر القدرة باسمه المحيي .. فذلك حتى يمحو من نفسية إبراهيم كل شك واحتمال عقلي ويغلق على الشيطان أي مدخل يمكن أن يوسوس به لإبراهيم .. بأن من يحدثه هو الله خالق الوجود وعليه أن يطمئن قلبه لذلك .. لأن إبراهيم سيكون نبيا رسولا... وتفسير ما سبق في الآتي:

 

#- فكما طلب الرب منه أن يأتي هو بنفسه بالطيور ويتفحصها جيدا .. وهو من يذبحها بيده .. وهو من يضع كل جزء على جبل بنفسه .. فهو أيضا من سيعطيه الله الآن سر تفعيل قدرة اسم الله معه بالإحياء لمرة واحدة في حياته .. ويجعل من صوته مجابا في جمع وإعادة هذه الطيور مرة أخرى حية تسعى .. حتى يكون هو بنفسه أيضا من نطق باسم الله المحي الذي يتم به حياة كل شيء..، وكأن حقيقة اسم الله المحيي قد سرت في إبراهيم حتى إذا سمعت الطيور صوت إبراهيم استجابت له.

 

- وبما أن إبراهيم يعلم أنه لا قدرة له على شيء .. فحقا حينئذ أن من أعطاه الإسم الذي نادى به الطيور فأصبحت حية تسعى إنما هو الخالق لكل شيء .. فاطمئن إلى أن الله هو الرب الحق الذي كان يكلمه .. ولذلك خضع لربه وأسلم قلبه له .. وأصبح رسولا للحق جل شأنه منه إلى خلقه .. وبدأ بقومه يدعوهم فذهب وكسر أصنامهم .. وجادل النمرود وحكموا عليه بالحرق .. وأنجاه الله من النار فكانت بردا وسلاما .. ثم طردوه خارج المدينة .. ليبدأ رحلته في العالم يدعو الله.

 

- إذن: الله أراد لإبراهيم أن يكون هو الناطق باسم الله لإحياء الموتى .. ليعلم أن من يكلمه وأعطاه هذا الإسم هو ربه خالق الوجود حقا .. وأيضا في ذلك دلالة قوية إلى ما سيكون عليه إبراهيم عليه السلام من علو المكانة والرتبة في نبوته ..

- والله أعلم.

 

*****************

 

..:: س23: ما المقصد من قول الله لإبراهيم (واعلم أن الله عزيز حكيم) ؟ ::..

 

- قال تعالى: (ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) البقرة:260.

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- كان مما جال بخاطري .. ما المقصد من قول الله لإبراهيم: (وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) ؟

 

#- فقلت لعل المقصد من قول الله لإبراهيم (وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) .. المراد به الآتي:

1- وكأن الله قال لإبراهيم: كما اطمأننت إلى أن للوجود ربا خالقه .. وطالما اطمئن قلبك وعرفت أن من يحدثك الآن هو الرب خالق الوجود واسمه الله الذي أحييت به الطيور .. فاعلم يا إبراهيم .. أن الله ربك الذي دعوت باسمه هذه الطيور فتم إعادة خلقتها .. هو العزيز المنفرد بالقدرة في الوجود .. والحكيم في تدبير شئون الكون وفق مراده .. فهذا هو الله ربك يا إبراهيم .. فاعبده وتوكل عليه .. والله أعلم.

 

2- ولعل في قوله (وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) .. يوجد إشارة إلى أن لا تطمع إلى طلب رؤية ربك يا إبراهيم .. لأن العزيز لا تراه العيون .. فلا تعلو بسقف مطالبك إلى رؤية الذات الإلهية لأن حجاب العزة يمنع حدوث ذلك .. وتوجد إشارة لاسم الله الحكيم للدلالة على أن الوجود كله يسير وفق حكمته وتدبيره هو لا غيره .. إذ أنه المتصرف في الوجود نفعا وضرا ومنعا وعطاءا وبسطا وقبضا .. فاطمئن بما وصلك من المعرفة بربك فهذا يكفيك ويطمئنك .. وقد اخترتك لتكون نبيا رسولا .. فابدأ مهمتك متوكلا عليه .. والله أعلم.

 

*****************

..:: س24: هل يوجد إشارة من ذبح الطيور الأربعة وعلاقتها بالسعي مرة أخرى ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- ما أجده من إشارة .. جالت في خاطري من وراء قصة ذبح إبراهيم للطيور الأربعة ثم إحيائهم سعيا إليه .. هو الآتي:

- أن من أراد مشاهدة عجيب أمر الله وتدبيره في الوجود (مثلما شاهد إبراهيم إعادة إحياء الموتى) .. فعليه أن يذبح طيور الهوى من نفسه وليكبر عليها أربعة تكبيرات .. فإن فعل وجد عناية الله معه حاضرة بما لم يخطر بباله .. ولطف به بطيور الحق (أي أنوار الحق) تأتي إليه تسعى بخفي لطف لتسكن في قلبه .. وعرف بعلم يقين أن الله عزيز حكيم.

 

#- توضيح: والمقصد هنا بطيور الهوى .. هو أطماع النفس المذمومة التي دائما تؤدي إلى معصية الله وتبعدك عن الله مثل فتنة المال والعلم والسلطة والدين والنساء والأولاد وغير ذلك من كل عطاء من الله يظهر لك منه فتنه فهو يكون كالطير المحلق من فوقك وحولك .. فحاول أن تكبر عليه أربع تكبيرات مستعليا على الفتنة بالحق وكأنك تميتها من نفسك بالله (أي مستعينا بالله) .. فإن فعلت ذلك وجاهدت نفسك لتذبح طيور الهوى .. فإن الله يحيى في قلبك ويأتيك من حولك بطيور الحق تسعى إليك بقدرة الله من حيث لا كيفية لذلك .. لتذكرك دائما بالله العزيز الحكيم..

- والله أعلم.


*****************
يتبع إن شاء الله تعالى
*****************
والله أعلم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم
هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .

هناك تعليقان (2):

  1. وعلى سيدنا ابراهيم السلام

    اللهم أحيي قلوبنا بحبك .. واجعل سعينا في مرضاتك .. وأعذنا من الانشغال بغيرك .. حتى لا يكون لنا تعلق الا بك ولا رجاء الا فيك وحدك .. آمين يارب العالمين

    بارك الله فيك استاذنا الفاضل
    وجوزيت كل خير آمين يارب العالمين

    ردحذف
  2. عندما قال الله لإبراهيم:
    "واعلم أن الله عزيز حكيم"
    كان تأكيدًا من الله لإبراهيم أنه لولا أنك عزيزُ نفسٍ بي يا إبراهيم،
    ما أطلعتك على مطلبك الذي هو أرِني كيف تُحيي الموتى.
    لكن ما أطلعتك على أمري هذا إلا لحِكمةٍ في فعلي هذا.
    كأن الله يقول له:
    ما زالَت عندي لك خبيئة يا إبراهيم،
    التي هي بعد سنوات أمرُ الله لإبراهيم بذبح ولده إسماعيل.
    كان الله أراد أن يقول لسيدنا إبراهيم:
    سنُجري أثر هذا في قلبك،
    هل فعلاً زادك اطمئنانًا وعِزّةً بالله؟
    فمن أحيى قلبه بعِزّةِ الله، نحرَ كلَّ تعلّقٍ بما سواه.
    فالحكمة تزيدك قربًا من الله،
    ولا تُتلف الودَّ، بل ترفعه في سُلَّم العزيز.
    فإذا اجتمعت العِزّة بالحِكمة،
    استقرّ القلب في ميادين العبادة،
    متقلّبًا فيها، سواء عجز العقل عن فهم المجريات القدرية.
    فإن اضطرب، أو دخله بعضٌ من الانزعاج،
    حضرت حكمةُ الله، تعدلُ وتُثبّتُ اليقين،
    بلطفٍ من العزيز.الحكيم
    والله اعلى واعلم هذا مااجرى في قلبي لقراءتي لهذه الرساله
    اللهم صلى على محمد وال محمد 🌹
    اللهم ارزقني حبك وحب نبيك 🌸
    يارب بالمصطفى بلغ مقتصدنا 🕊️

    ردحذف

ادارة الموقع - ا/ خالد ابوعوف