بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة
حول قوله تعالى (أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي)
ونظرات وتأملات حول مطلب إبراهيم عليه السلام
(رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى)
(الفصل الثامن)
:: الفصل الثامن :: ج3/ نظرات في قصة إبراهيم عليه السلام عن جزئية
طلبه من ربه رؤيته كيفية إحياء الموتى ::
1- س19: لماذا أمر الله
إبراهيم بوضع أجزاء الطيور على الجبال ؟ وما المقصود من الجبال ؟ وكم كان عدد
الجبال ؟
2- س20: كيف نادى
إبراهيم على الطيور حتى أتته تسعى ؟
3- س21: لماذا قال الله لإبراهيم (يأتينك سعيا) على أقدامهم ولم يقل له "يأتينك طيرا" لمناسبة سياق الآية ؟
================
:: الفصل الثامن
::
================
..:: س19: ما المقصود من الجبال ؟ ولماذا
أمر الله إبراهيم بوضع أجزاء الطيور على الجبال ؟ وكم كان عدد الجبال ؟ وهل كانوا
اتجاهات مختلفة أم أمام عينيه ؟ ::..
#- قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى
قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ
أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ
مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ
عَزِيزٌ حَكِيمٌ) البقرة:260.
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- من الأسئلة التي كانت خطرت ببالي هي .. ما
المقصود من الجبال ؟ والحكمة من وضع الأجزاء على الجبال وكان يمكن وضعها في أماكن
متفرقة أمامه على الأرض .. فلماذا على كل جبل جزء منها .. بل وجبال متفرقة وليس
جبل واحد ؟
#- فقلت:
1- أظن أن المقصد بالجبال هو مكان مرتفع عالي ..
- وقد وجدت من يقول بهذا الرأي .. إذا قال الإمام محمد سيد طنطاوي رحمه الله
(الممتوفى:1431 هـ):
- ثم اذبحهن وجزئهن أجزاء (ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ
مِنْهُنَّ جُزْءاً): أي ثم اجعل على كل مكان
مرتفع من الأرض جزءا من كل طائر من تلك الطيور
.. ثم نادهن يأتينك مسرعات إليك. (التفسير الوسيط ج1
ص600-601).
- أو لعل هذا المكان الذي كان إبراهيم هو دائم الجلوس فيه مختليا
بنفسه متأملا في الكون .. وكان فيه جبال عالية "وليس بالضرورة تكون ارتفاعات
شاهقة" .. فطلب منه ربه أن يضع أجزاء الطير المقطعة على أقرب مكان يستطيع أن
يطوله بيده من كل جبل سيصادفه أو يقابله .. إذ ليس المقصود هو التسلق لقمة الجبل
ليضع الأجزاء عليه .. فإذا كان الله سهل الأمر على إبراهيم ليذبح طيورا .. فلا
يمكن ان يشق عليه بتسلق جبالا ليضع أجزاء الطيور عليه .. وهذا ببداهة العقل ..
فضلا عن أن المرتفعات العالية لا يتم رؤية شيء منها .. بل مرتفعات كان يرى منها ما
وضعه عليها .. والله أعلم.
2- ولعل الحكمة في وضع الطيور
المقطعة على الجبال أو مكان مرتفع .. فذلك على ما أظن هو لأمرين:
- الأول: أن ينتبه إبراهيم إلى أن بعد المسافات وعلو
المرتفعات لا يعجز الله عن جمع هذه الأجزاء .. حتى لا يظن إبراهيم أن جمع الأجزاء
يكون مدفون في الأرض .. لا .. بل من أي مكان سيكون فيه .. سيجمع الله أجزاءه مرة
أخرى لأنه قادر على ذلك.
- الثاني: وجود هذه الأجزاء في علو مرتفع بارزة وظاهرة
.. تزيد من الإنتباه والتركيز والمتعة وهو يشاهد جمع الأجزاء البعيدة عن بعضها
والمرتفعة عن الأرض .. وهي تنحدر من الأعلى ويختار كل جزء الذي يناسبه ليتحد به
على الهيئة التي كان عليها قبل ذبحه .. حتى يصبح كيانا واحدا جديدا على الأرض كما كانوا
أحياء قبل ذبحهن.
3- لا نعلم عدد الجبال .. فالبعض قال أربعة بعدد الطيور .. والبعض قال
سبعة .. ولكن هذا كله مجرد ظنون .. والأقرب للصواب هو أربعة جبال بعدد الطيور ..
ويكون تركيزه منحصر فيهم حينما يجد من كل جبل جزءا ينحدر وينزل للأرض ويجتمع مع
جزء آخر فيتشكل طيرا مرة أخرى.
4- وقيل أن اتجاهات هذه الجبال
كانت مختلفة في اتجاهات أربعة شرقا وغربا وشمالا وجنوبا .. كما جاء في
رواية عن ابن عباس وبعض التابعين .. ولكن لا دليل على ذلك.
- وكنت ذكرت في الفصل السابق هذا
الرأي .. وذكرت أنه على افتراض صحة ذلك الرأي فلعله بتلك الإتجاهات يشير إلى أن
الله محيط بكل شيء.
- ولكني انتبهت الآن إلى أن هذا الرأي صاحب الاتجاهات الأربعة
للجبال هو رأي من الصعب قبوله .. ليه ؟
- لأنه لو كانت الجبال في اتجاهات أربعة .. لفات
إبراهيم رؤية ما سيكون في الإتجاه القادم من خلفه .. والأصل هو مشاهدة المشهد
كاملا يحدث أمام عينيه .. ولفظ (يأتينك سعيا)
واضح أن المشهد سيراه أمامه تفصيليا . فضلا عن أن هذا كان طلب إبراهيم من الأول (أرني كيف تحي الموتى) فطلب الرؤية.
- ولذلك الذي أظنه هو أن الجبال الأربعة كانت في محل رؤية نظر
إبراهيم .. كالجالس أمام مشهد سينمائي ولكن إبراهيم يرى هذا المشهد متجسدا في
الواقع وهو بطل القصة.
- والله أعلم.
*********************
..::
س20: كيف نادى إبراهيم على الطيور
حتى أتته تسعى ؟ ::..
#- قال تعالى: (فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ
اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ
سَعْيًا) البقرة:260.
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
@- كان مما خطر على بالي وسألته: كيف يمكن أن نتصور دعاء أو طلب إبراهيم من
الطيور من الإتيان إليه حينما أمره الله فقال له: (ثُمَّ
ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا) ؟
#- قلت أظن ذلك من خلال الآتي:
1- أن المقصد هو أنه ينادي عليهن فيقول مثلا: "بسم
الله تحيا الطيور الأربعة وتأتي إليَّ الآن" .. أو يقول: "بسم
الله الخالق محيي الموتى يعود كل طير ذبحته كما كان حيا ويأتي إليَّ الآن"
.. أو ما شابه ذلك.
2- وقد تسألني فتقول: من أين عرف إبراهيم اسم الله
طالما لم يكن نبيا حينئذ ؟
- أقول لك: لأن الله هو من أخبره أن من يحدثه هو الله
خالق الوجود .. حينما طلب الله منه أن يدعو الطيور فأخبره باسم الذات الإلهية وهو
الله .. فدعا به الطيور فأتوه .. فلما حدث ذلك آمن إبراهيم .. ولذلك قال الله له:
في ختام الآية (وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ
حَكِيمٌ) .. وكان الله قال لإبراهيم: طالما آمنت فاعلم يا إبراهيم ..
أن الله ربك الذي دعوت باسمه هذه الطيور فتم إعادة خلقتها .. هو عزيز حكيم ..
- والله أعلم.
******************
..:: س21: لماذا قال الله لإبراهيم (يأتينك سعيا) على أقدامهم ولم يقل له "يأتينك طيرا" لمناسبة سياق الآية ؟ ::..
#- قال تعالى: (فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ
اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ
سَعْيًا) البقرة:260.
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- خطر على بالي سؤال فقلت: لماذا قال الله أن الطيور
ستأتيه (سعيا) وهي
الحركة بسرعة على القدمين .. ولم يقل ستأتيه "طيرا"
.. في حين من المتوقع أن كان يقال أنهم سيأتونه طيرا ؟!!
#- فقلت: أظن ذلك للآتي:
1- لعل هذه كانت أنواع من
الطيور التي لا تطير ولكن لها أجنحة .. مثل الطاووس والفراخ والديوك والبط والوز .. ولعل
هذا هو سبب ذكر لفظ (سعيا) .. حتى نفهم أنها لم تكن طيور سماوية أي تطير في السماء
.. بل طيور أرضية أي طيور تسير على الأرض ولا تستطيع الطيران ولكن لها أجنحة ..
والله أعلم.
2- ولعل المقصود بالسعي هو اجتماع
الأجزاء المتفرقة .. وذلك من خلال رؤية أجزاء الطيور وهي تتحرك كأنها تسعى من
فوق أماكن الجبال التي وضعها عليها .. وتنزل حتى تجتمع في الأرض فتتشكل جسدا مرة
أخرى .. فالأجزاء تسعى متحركة بسرعة إلى بعضها البعض لتجتمع مرة أخرى على الأرض في
صورة هيئات الطيور أمام إبراهيم .. والله أعلم.
3- ولو افترضنا أنها طيور مما كانت تطير في السماء .. فيكون المقصد من إتيانها سعيا لا طيرانا .. لأن الله نزع عنهن خاصية الطيران لأعلى .. لبيان أن الخلق يسير وفق إرادة الله .. وليس وفق ما خلقهم به من قدرة .. إذ أن الخالق هو القدير من يمنح وهو من يسلب.. والله أعلم.
%20%D8%B9%D9%84%D9%89%20%D9%88%D9%84%D9%85%20%D9%8A%D9%82%D9%84%20%D9%84%D9%87%20%D9%8A%D8%A3%D8%AA%D9%8A%D9%86%D9%83%20%D8%B7%D9%8A%D8%B1%D8%A7..png)
" واعلم أنّ اللهَ عزيزٌ حكيم "
ردحذفاللهم ارزقنا ايمانا ويقينا ليس بعده كفر وثبتنا على الطريق اليك واهدنا واهد بنا وبروح من عندك ايدنا .. آمين يارب العالمين
جزاك الله كل خير استاذنا الفاضل
آمين يارب العالمين