بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة
حول قوله تعالى (أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي)
ونظرات وتأملات حول مطلب إبراهيم عليه السلام
(رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى)
(الفصل العاشر - والأخير)
#-
فهرس:
:: الفصل العاشر :: ختام الرسالة – وسؤال حول الدليل على أن إبراهيم عليه
السلام لم يكن نبيا حين طلب رؤية إحياء الموتى ::
1- س25: أين نجد أن إبراهيم لم يكن نبيا وقت قوله (رب أرني كيف تحي الموتى)
وأنه قال ذلك ليطمئن أن ربه هو من يحدثه ؟
2- س26: ما هي خلاصة البحث في قصة إبراهيم مع طلب
إحياء الموتى ؟
3- ختام الرسالة – والحمد لله رب العالمين.
================
:: الفصل العاشر
::
================
..:: س25: أين نجد أن إبراهيم لم يكن
نبيا وقت قوله (رب أرني كيف تحي الموتى) وأنه قال ذلك ليطمئن أن ربه
هو من يحدثه ؟ ::..
- قد يخطر على بال البعض .. فيقول: أين نجد أن إبراهيم لم يكن نبيا وقت
قوله (رب أرني كيف تحي الموتى) ؟
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- أولا: أقول
لك: وأين يوجد في الآية أنه كان نبيا ؟!!
- لا يوجد ..!!
- بل العقل يرفض أن يكون إبراهيم نبيا آنذاك .. إذ كيف يكون نبيا خليلا .. ويشك عقله في
كيفية إحياء الموتى .. لدرجة أن قلبه حدث فيه انزعاج وعدم راحة فلم يعد مطمئن ..!!
- ثانيا: ثم
أقول لك: وأين يوجد في الآية أن إبراهيم ذبح الطيور .. وأين يوجد في الآية أن إبراهيم قد دعا
الطيور كما أمره الله .. وأين يظهر في الآية أن الطيور قد أتته سعيا وقد أحياها
الله مرة أخرى ؟
- لا يوجد .. وإنما ما سبق هو ما يفهم ببداهة العقل أو لمن
يتدبر جيدا ..
#- ولما كان شك الأنبياء فيه تهمة لهم .. وجب الفهم أن يكون هذه المحادثة بين الله
وإبراهيم قبل أن يكون نبيا .. وفي الكلام حذف لرفع التهمة عن الانبياء .. وسياق
الكلام يكون: "واذكر يا محمد وقت تجلينا على
إبراهيم بالكلام معه قبل إرساله لقومه فقال إبراهيم: رب أرني كيف تحي الموتى ..
إلى آخر الآية".. والله أعلم.
- وكما تم فهم ما حُذف من
الآية ببداهة العقل .. فأيضا لنفي التهمة عن الأنبياء وجب الذهاب
إلى أن هذا الحوار كان قبل أن كون إبراهيم نبيا .. وسياق الآية صحيحا بذلك ويتفق
مع تفسير الحديث النبوي.
#- ملحوظة هامة:
- يعلم البعض أنه يوجد شيء في علم البلاغة اسمه الإيجاز
بالحذف .. أي يتم اختصار الكلام .. وما تم اختصاره يتم فهمه لمن تدبر وتفكر ..،
وسبق وذكرت مجموعة من الأمثلة على ذلك في الفصل السابق.
- ولكن انتبه إلى أن هذا الحذف لا بد أن يكون بدليل .. ودليل
الحذف قد يكون بدلالة عقلية .. وقد يكون بدلالة شرعية .. وقد يكون حسب العادة ..
وقد يكون مفهوم بالبداهة من السياق .. وقد يكون غير ذلك .. قد ذكره أهل اللغة.
- وهذا الحذف يكون لغرض وفائدة .. إذ قد يكون الحذف الغرض منه التعظيم أو
استعمال العقل تفكرا في استنباط المعنى .. أو غير ذلك من فوائد حسب ما ذكره علماء
البلاغة.
- ثالثا: وأخيرا
أقول لك: ما ذكرته من حيث أن إبراهيم لم يكن نبيا إنما هو
رأي اجتهادي في الآية مبني على أدلة .. ثم وجدت الإمام بن حجر قد ذكر أن من السلف من
قال بهذا الرأي .. ووجدت الفخر الرازي قد ذكر ما ذكرته مع اختلاف بسيط .. وسبق
ذكر كلام العلماء في الرسالة فارجع إليه.
-
إذن: الرأي الذي خطر ببالي والذي ذهبت إليه ليس بدعا من القول
.. بل وجدت من سبق إليه .. وإن لم يكن بتفاصيل شرح الآية كما ذهبت.
- وعموما قد أجبتك على ما طلبت السؤال عنه .. والله
ولي التوفيق.
*****************
..::
س26: ما هي خلاصة البحث في قصة
إبراهيم مع طلب إحياء الموتى ؟ ::..
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
1- لما رأى إبراهيم ما حدث من إحياء
الموتى على الأرض .. وقبلها كرامة التدبر في خلق السموات .. فقد حق فيه
قول الله: (وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ) الأنعام:75 ..
فشاهد إبراهيم من قدرة الله في ملكوت السموات والأرض ما حققه باليقين.
2- إنما كان طلب إبراهيم من ربه أن يريه كيفية إحياء الموتى .. فذلك لأنه لم يكن
نبيا .. وإنما حينما حدثه الله .. فطلب إبراهيم برهانا صادقا على أن من يحدثه هو
رب الوجود الذي آمن به أنه واحد لا شريك .. ولذلك طلب مسألة إحياء الموتى إذ أن
إحياء الموتى لا يعرف فعلها إلا الرب خالق الوجود .. فلما حدث ذلك الطلب .. خضع
إبراهيم واستسلم للصوت الذي يحدثه وعلم أنه رب الكون .. وهو الله العزيز الحكيم.
3- ونفهم من سياق هذا المشهد أن إبراهيم أصبح نبيا رسولا فورا بعد
الإطمئنان الكامل .. وذهب بعد ذلك لأداء مهمته وهي تبليغ قومه بالحجة والبرهان ..
ثم تكسير الأصنام .. ثم اقتياده إلى النمرود لمحاكمته والحكم عليه حرقا بالنار ..
ثم نجاة إبراهيم ثم طرده ونفيه من قريته .. وبدأ رحلته في الدعوة إلى الله خارج
قريته.
4- وأجد في قصة إبراهيم عليه السلام في العموم .. أنها متعة لأهل العقل والعلم والبصيرة
والحكمة .. للذين يحترمون نعمة الله التي
وهبها في رؤوسهم وتوصف بالعقل .. ويسعون في تزكية قلوبهم .. وكأن أبو الأنبياء
إبراهيم عليه السلام .. استخدم منطقية العقل وأدب القلب ليكون ذلك مفتاح الطريق
إلى معرفة الله.
- فإبراهيم عليه السلام كان رجلا منطقيا
عقليا .. بل بعقله الرشيد وقلبه السليم أصبح أبو الأنبياء والرسل .. صلى الله عليه
وعلى نبينا صلاة تليق بالله عليهما في كل الأزمان .. آمين.
5-
تعلم من قصة إبراهيم عليه السلام .. أن لا تقبل من الهواتف الغيبية أي شيء دون
تحقيق وتدبر وفهم المراد لهذا الهاتف منك .. فقد يكون
هذا هاتف وسواس من الشيطان ليضللك .. وأيضا قد يكون إلهام من الحق بفعل الصالحات
.. وقد يكون هاتف منامي يدل على حلم من الشيطان .. وقد يكون رؤيا من الحق .. فلا
تقبل كل شيء على أنه رؤيا حق من الله .. بل استخدم عقلك وتفكر وتدبر واسأل أهل
العلم إن عجزت حتى تتبين الحقيقة .. ولكن لا تقبل هواتف أو مكاشفات أو منامات أو
ما شابه ذلك دون أن تحترم عقلك ودينك.
6- أخي الحبيب: حينما يجتمع في الإنسان منطقية العقل أو
التفكير السليم في البحث عن الحقائق ودفعا للشكوك .. مع وجود قلب سليم من العقائد
الباطلة كوجود إلهين .. وسليم من المعتقدات الملوثة كتعظيم الجن والشيطان بأن لهم
قدرة بالتصرف في حياة البشر .. وسليم من الصفات السيئة كسوء الظن والكذب والغل
والحقد والحسد.
- فيصبح القلب حينئذ محلا لاستقبال الحق فيه .. ومن القلب يتفجر
الحق لكل إدراكات الإنسان فيسمع بحق ويبصر بحق ويسعى في الأرض بحق ويعين بالحق لأن
نور الحق قد تمكن منه ظاهرا وباطنا .. كما قال رب العزة في الحديث القدسي: (وما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا
افْتَرَضْتُ عليه .. وما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ .. فإذا أحْبَبْتُهُ .. كُنْتُ سَمْعَهُ
الذي يَسْمَعُ به .. وبَصَرَهُ الذي يُبْصِرُ به .. ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بها
.. ورِجْلَهُ الَّتي يَمْشِي بها .. وإنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ .. ولَئِنِ اسْتَعاذَنِي
لَأُعِيذَنَّهُ) صحيح البخاري.
#- من معاني الحديث:
أ- والمقصود (بالنَّوافِلِ): وهي كل عمل صالح تبتغي به وجه الله خلاف الفرائض.
ب- والمقصود بلفظ (كنت سمعه –
بصره – يده – رجله): أي أن وسائل الإدراك والسعي عند هذا الإنسان لا
تعرف إلا الحق في أحوالها.
ج- والمقصود بلفظ (لأعطينه):
أي لأمددته من فضلي لأن حاله أصبح حقا ولم يعد صاحب هوى ..، (علما بأن من حاله حق
كما وصفه في الحديث فهو لا ينطق إلا بحق أراده الله منه أن ينطق به .. ولذلك دعاءه
يتحقق يقينا في الواقع بمجرد دعاءه – لأنه يدعو بما هو حاصل بأذن الله وذلك من
خلال ما يلهمه الله به وموافق لمراد الله) – وليس المقصود أنه يدعو دائما فيستجاب
له .. لا .. إذ أن دعاءه يتم إلهامه به ليتحقق .. وهذا حال أهل الحق الموصوفين في
الحديث السابق.
د- والمقصود بلفظ: (لأعيذنه):
أي أدخلته في حمايتي ورعايتي وكنت غوثا له.
- والله أعلم.
-
وبهذا يكون ختام الرسالة .. والحمد لله رب العالمين.
******************
:: ختام " رسالة حول مطلب إبراهيم (رب
أرني كيف تحي الموتى قال أولم تؤمن قال بلي ولكن ليطمئن قلبي) " ::
- الحمد لله رب العالمين .. على ما أمدني به من
العزيمة والقوة والعقل في الرد على ما سخرني فيه وأعانني عليه بمدد منه ..
وأسأله القبول .. وأسأله الرضا عني وأن يغفر لي ويرحمني ويعفو عني .. وأن يرزقني
القلب السليم ودوام معيته حتى يقبضني إليه وهو راض عني .. فاللهم أرزقني القلب
السليم ودوام معيتك يا رب العالمين يا أرحم الراحمين.
- اللهم اغفر لوالدي وارحمهما واعفو عنهما واجعلهما نورا .. واغفر للمؤمنين والمؤمنات
والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات .. في كل زمان ومكان .. آمين
يا رب العالمين .
اللهم صل على سيدنا محمد النبي
الأمي وعلى آله وسلم
اللهم عفوك ورضاك - وأسألك القبول
ولا حول ولا قوة إلا بالله
- وبهذا
يكون ختام "رسالة رسالة حول مطلب إبراهيم (رب
أرني كيف تحي الموتى قال أولم تؤمن قال بلي ولكن ليطمئن قلبي)"
بتاريخ 26/سبتمبر/2025 .. وقد تم بداية رفعها على مدونة الروحانيات في الإسلام بتاريخ
27/أكتوبر/2025 .. والحمد لله على ما
أكرمني به من كتابة .. ولا حول ولا قوة إلا بالله ..
****************************
- ( سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ
الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ . وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ . وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )
الصافات 180-182 ..
- سبحان
الله وبحمده – سبحانك اللهم وبحمدك –
أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك .. والحمد لله رب العالمين .
- اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وأبلغه مني السلام .. السلام عليك أيها
النبي ورحمة الله وبركاته.
وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته .. والحمد لله رب العالمين
اللهم
كما أعنتني .. فتقبل مني يا أرحم الراحمين
آمين
يا رب العالمين
%20-%20%D8%AE%D9%84%D8%A7%D8%B5%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AD%D8%AB%20%D9%81%D9%8A%20%D9%82%D8%B5%D8%A9%20%D8%A5%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D9%87%D9%8A%D9%85%20%D9%85%D8%B9%20%D8%B7%D9%84%D8%A8%20%D8%A5%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%A1%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%AA%D9%89.png)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ادارة الموقع - ا/ خالد ابوعوف