بحث في المدونة من خلال جوجل

الأحد، 17 أغسطس 2025

Textual description of firstImageUrl

ج39: قصة هاروت وماروت - لماذا لا يكون قوله تعالى (وما أنزل على الملكين) هو نفي تهمة عن الملائكة - القصة الصحيحة الوحيدة التي ذكر فيها هاروت وماروت على لسان الصحابة - هل جاء في القرآن وصف إنسان بأنه ملك - هل ممكن أن يكون هاروت وماروت في توراة اليهود - هل تعلم أن اليهود كانت تصف الأنبياء وكهنتهم والصالحين بوصف "مَلَك" تشبيها مجازيا بملائكة الله.

بسم الله الرحمن الرحيم

 

رسالة التوضيح والبيان

في قصة هاروت وماروت وخاتم سليمان

وما تلته الشياطين في مملكة سليمان

والتعريف بالتفريق الذي أثبته القرآن

 

 (الجزء التاسع والثلاثون)

قصة هاروت وماروت الصحيحة عند الصحابة - هل هاروت وماروت في توراة اليهود - اليهود كانوا يصفون علمائهم وانبيائهم بوصف ملك

#- فهرس:

:: الفصل الثامن والثلاثون :: ج3/ مسائل خطرت بعقلي أثناء بحثي في جزئية قوله تعالى: (وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت) - عن احتمالية أن يكون هاروت وماروت رجلين فعلا بأدلة جديدة - من القرآن وسيرة الصحابة وتوراة اليهود ::

1- س116: لماذا لا يكون قوله تعالى (وما أنزل على الملكين) هو نفي تهمة عن الملائكة كما تم نفي اتهام الكفر عن سليمان عليه السلام ؟

2- س117: ما هي القصة الصحيحة الوحيدة التي ذكر فيها هاروت وماروت على لسان الصحابة ؟ وماذا نفهم منها ؟

3- س118: هل جاء في القرآن وصف إنسان بأنه مَلَك حتى يمكن تأويل لفظ الملكين لرجلين ؟

4- س119: هل ممكن أن يكون هاروت وماروت في توراة اليهود لهما أسماء مختلفة تم تحريفها للتعتيم ؟

5- س120: هل تعلم أن اليهود كانت تصف الأنبياء وكهنتهم والصالحين بوصف "مَلَك" تشبيها مجازيا بملائكة الله ؟

================

:: الفصل الثامن والثلاثون ::

================

..:: س116: لماذا لا يكون قوله تعالى (وما أنزل على الملكين) هو نفي تهمة عن الملائكة كما تم نفي اتهام الكفر عن سليمان عليه السلام ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- قال تعالى: (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ  .....)

 

- من الأمور التي تفكرت بها .. والتي أظنها قد تؤثر في مفهوم التفسير .. هو الإنتباه للرأي التفسير الثاني للعلماء والقائل بنفي التهمة عن الملكين .. أي (وما كفر سليمان) (وما أنزل على الملكين) ..، وهذا الرأي سبق وناقشناه في الفصل الرابع والعشرون مسائل رقم 71 -72- 73.

 

@- لكن ليه بقولك انتبه لها الرأي ؟

1- لأنه ظهر من بداية هذه الآية .. أنها أتت لكشف معتقدات يهودية موروثة بالسوء في حق النبي سليمان .. فنفى الله ذلك عن سليمان وبرأه.

 

#- ولذلك أقول: ما المانع أن تكون الآية أتت أيضا بنفي السوء عن الملكين لتبرأتهما عما نسب إليهما .. مع توضيح حقيقة ما حدث ؟!!.

 

2- والشاهد على ذلك .. هو كمية القصص المزورة التي تم حكايتها عن هاروت وماروت وكوكب الزهرة .. والتي أتى في بعضها أن هاروت وماروت معلقان في كهف ببابل يعلمان السحر لمن يطلبه .. وهي مثل ما جاء التلمود اليهودي أن الملائكة أنكروا فعل الإنسان بالمعصية فنزلا ملكين للأرض ..، ثم أتى سفر أخنوخ واليوبيلات وقيل فيهما بفتنة الملائكة بنساء أهل الأرض ..، فظلوا في الأرض وعلموا أهل الأرض من عجائب العلوم والتي منها السحر ..، وكان هذا بداية حدوث ظهور السحر في الأرض .. وقال سفر اليوبيلات أن هذا حدث في زمن إدريس النبي عليه السلام.

 

- وسبق الكلام على كل هذه الأمور بالتفصيل في فصول سابقة. (راجع الفصل السابع عشر تحت عنوان: س56: هل يوجد في كتابات اليهود قبل ظهور الإسلام ما يدل على ما قاله التابعي كعب الأحبار عن قصة هاروت وماروت ؟).

 

#- إذن: تم تزوير حقيقة عن النبي سليمان أنه بنى الأصنام ومارس السحر .. ومحتمل أن يكونوا قالوا أن الذي علمه السحر ملكان وهما جبريل وميكائيل .. ولذلك نزلت التبرئة لسليمان وللملكين .. (وهذا محتمل).

 

3- ثم ما المستغرب في ذلك .. إذا كانوا كتب بأيديهم كتابا ووصفوه بأنه من عند الله .. وكان مما كتبوه فيه عن سليمان عليه السلام .. أنه بني أصنام محبة لزوجاته الوثنيات .. وأنه سمح بعبادة ذبح الأطفال عند أحد الأصنام .. وسمح بممارسة طقوس الدعارة عند صنم آخر .. وتكلموا عنه بأبشع ما يمكن أن يقال في إنسان .. في حين كان نبيهم وملكهم أيضا وعاشوا في عز قوته وحمايته ..!!

 

- فما الغرابة .. أن يقال أن اليهود أيضا قد نسبوا تعليم السحر للملائكة .. ولذلك أراد الله أن يبريء ملائكته ..!!

 

@- خلاصة القول:

- محتمل أن يكون المقصد من الملكين هما رجلين مدعيا الصلاح أو مدعيا النبوة .. وكان اليهود يصفوهما بالملكين.

 

- المهم أخي الحبيب الآن: تابع معي هذا الفصل بدقة وتركيز .. لأنك ستقرأ كلام مميز لعلك لم تقرأه من قبل .. وأدلة لم أذكرها من قبل .. في مسألة حقيقة الملكين .. والله ولي التوفيق.

 

**********************

..:: س117: ما هي القصة الصحيحة الوحيدة التي ذكر فيها هاروت وماروت على لسان الصحابة ؟ وماذا نفهم منها ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- من الإعتبارات المهمة جدا .. والتي أظنها قد تؤثر في مفهوم التفسير .. هو ما وجدته في قصة صحيحة جدا .. حدثت مع الصحابة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم .. فانتبه لما جاء فيها بخصوص هاروت وماروت:

#- عَنْ أَبِي رَافِعٍ الصائغ المدني قال: (أَنَّ مَوْلَاتَهُ (أي سيدته) أَرَادَتْ أَنْ تُفَرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ .. فَقَالَتْ: هِيَ يَوْمًا يَهُودِيَّةٌ وَيَوْمًا نَصْرَانِيَّةٌ .. وَكُلُّ مَمْلُوكٍ لَهَا حُرٌّ .. وَكُلُّ مَالٍ لَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ .. وَعَلَيْهَا الْمَشْي إِلَى بَيْتِ اللَّهِ .. إِنْ لَمْ تُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا .. فَسَأَلَتْ عَائِشَةَ، وَابْنَ عُمَرَ، وَابْنَ عَبَّاسٍ، وَحَفْصَةَ، وَأُمَّ سَلَمَةَ، فَكُلُّهُمْ قَالَ لَهَا: أَتُرِيدِينَ أَنْ تَكُونِي مِثْلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَأَمَرُوهَا أَنْ تُكَفِّرَ يَمِينَهَا .. وَتُخَلِّي بَيْنَهُمَا) رواه الدارقطني في السنن (قلت خالد صاحب الرسالة): السند صحيح.

 

#- قولها (يوما يهودية ويوما نصرانية): أي سأكون يوما هكذا ويوما هكذا إن لم أفرق بين خادمي أبي رافع وزوجته ..

- وهذا مثل من يقول: قولوا عليا إني كافر لو لم أفعل كذا .. أو من يقول: قولوا عني أني حمار إن لم أفعل كذا .. أو من يقول عن نفسه: احلق شنبي إن لم أفعل كذا وكذا .. وهكذا .. والمقصد هو بيان أن الشخص عقد العزم على فعل ما سيفعله لا محالة. 

 

#- وما يهمنا هنا - والغرض من الإستدلال بهذه القصة:

- أن خمسة من الصحابة الكبار .. أشاروا أن التفريق بين الأزواج هو من فعل هاروت وماروت .. وهنا سؤال مهم ملفت للنظر ويتبعه سؤال آخر أهم منه:

 

1- لو كانا هاروت وماروت ملكين لكان الصحابة ذكروا ذلك ..؟

 

2- وهل لو كانا ملكين فعلا هل كان الصحابة يشيرا إليهما في موضع الذم أنه يصنعون الفرقة بين الناس ..؟!!

- أي ما كانوا شبَّهوا فعل المرأة المذموم بفعل هاروت وماروت ..، بل ذكروا هاروت وماروت في معرض الذم لتشابه "ليلى بنت العجماء" سيدة أبي رافع بحال "هاروت وماروت".

 

#- وهذا بيان واضح .. في أن الصحابة .. كانوا يعلمون أن هذين رجلين من الإنس وليس ملكين .. وإلا ما كانوا قالوا بتشبيه "ليلى بنت العجماء" .. بهاروت وماروت لو كانا ملكين وينفذون أمر الله .. وإلا كان الصحابة يتهمون الملائكة بأن فعلهم مذموم قبيح كفعل ليلى بين العجماء .. وحاشاهم أن يقولوا هذا على الملائكة.

 

- فبهذه القصة (من وجهة نظري) .. سقط الإستدلال لمن يقول بأن هاروت وماروت ملكين من الملائكة .. والله أعلم.

 

- وهذا الأثر وجدته بعد بحث طويل .. وحسب بحثي واجتهادي ما أظن أحد من العلماء من قبل قد استدل بهذا الأثر عند ترجيح الأدلة في قصة هاروت وماروت حال كونهما اسمين لملكين أم لرجلين .. لأنه هذا حديث يتم ذكره في كتب الفقه عن الطلاق المعلق باليمين ..، هذا بالإضافة لأنه لا يذكره العلماء في كتب التفسير عند قصة هاروت وماروت .. ولذلك لا ينتبه له علماء التفسير ليعلقوا عليه أو ليحتجوا به.

 

#- وخلاصة القول:

- هذا الأثر الذي وجدته وهو قصة صحيحة .. أحسبه حجة قوية جدا لمن يقول أن هاروت وماروت رجلين يفرقون بين المرء وزوجه .. وليس ملكين من ملائكة الله .. والأثر صحيح جدا .. ونطق به خمسة من أكبار صحابة النبي صلى الله عليه وسلم وهم (عَائِشَةَ، وَابْنَ عُمَرَ، وَابْنَ عَبَّاسٍ، وَحَفْصَةَ، وَأُمَّ سَلَمَةَ) (فَكُلُّهُمْ قَالَ لَهَا: أَتُرِيدِينَ أَنْ تَكُونِي مِثْلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ).

 

- فالصحابة الخمسة قد وصفوا فعل ليلى بن العجماء بفعل هاروت وماروت .. وهذا التشبيه في الفعل هو تشبيه في الذم والمقبوح فعله .. وحاشا الصحابة أن يصفوا الملائكة بهذا الفعل المقبوح والمذموم لو كانا هاروت وماروت من الملائكة فعلا.

- والله أعلم.

********************

 ..:: س118: هل يمكن في القرآن أن يتم وصف إنسان بأنه مَلَك حتى يمكن تأويل لفظ الملكين لرجلين ؟ ::..

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- وكان مما تفكرت به مسألة .. إمكانية تأويل لفظ الملكين لرجلين بدليل من القرآن .. بالرغم من وجود آراء تقول بذلك وقراءة قرآنية تقول بذلك .. ولكن هذه الآراء معتمدة على القرآنية القرآنية وهذه القراءة شاذة كما قال العلماء أيضا .. وسبق وناقشنا ذلك في الرسالة. 

 

- فخطر على بالي قوله تعالى المذكور فيما قلنه نسوة امرأة العزيز حينما رأين يوسف: (فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ) يوسف:31.

 

- فدل بهذا: إمكانية وصف الشخص بوصف الملائكية من باب المجاز وليس من باب الحقيقة .. فلا مانع حينئذ أن يقال بأن الملكين في قصة هاروت وماروت هما كانا رجلين مدعيا الصلاح والنبوة وكان يصفهما الناس بالملكين.

 

- فوصفهما الناس بظاهر ما يظهر منهما بأنهما ملكين .. لأنهما يدعيا النبوة ويقدمون خدمات بلا مقابل .. وأكيد طالما خدمات بلا دفع أموال في المجتمع اليهودي فسيتم وصف هذين الرجلين بالملائكة طالما ما يقدمونه هو مجانا مع إدعائهما الصلاح.

 

- ويكون حينئذ قوله (وما أنزل) بمعنى نزول شياطين على هذين الرجلين .. كما قال تعالى عن حال أهل العرافة والكهانة والتنجيم: (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (221) تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (222) يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ) الشعراء221-223.

 

- أقصد أن المعنى هكذا: لم يكفر سليمان ولكن الشياطين كفروا .. وكان من حال اليهود أنهم يعلمون الناس السحر والذي أنزل من علم الشياطين على مدعيا النبوة والصلاح اللذين كان يوصفهما اليهود بالملكين حين سبيهم ببابل وكانا اسمهما هاروت وماروت .. وكان من حكايتهما أنهما حين كان يعلمان أحد .. يقولا له كذا وكذا ..

- والله أعلم.

 

*********************

 ..:: س119: هل ممكن أن يكون هاروت وماروت في توراة اليهود لهما أسماء مختلفة تم تحريفها للتعتيم ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- لو رجعنا للسبي البابلي .. وهو الزمن الذي أخذ فيه نبوخذ نصر اليهود سبايا في مدينة بابل .. فقد كان في ذلك الزمن عرافين يدعون أنهم أنبياء ويعرفون كل شيء .. ولكن كان من هؤلاء العرافين كان يوجد شخصين محددين ادعيا النبوة .. وفعلا أفعال مشينة جدا في العلاقة بين الرجل وزوجته .. إذ كانوا يزنون بزوجات أصحابهم بحيلة ما يفعلوها .. وجاء ذكر هذين الشخصين بأسمائهما .. دون غيرهما من الأنبياء الكذبة .. وكان اليهود يصفوهما بأنهما نبيين .. وكأن النص التوراتي أهتم بهذين الإثنين على وجه الخصوص لما كان لهما من تأثير على اليهود في بابل في ذلك الوقت.

 

- خاصة لما كانا يفعلانه من التفرقة بين المرء وزوجه فعلا .. من خلال الزنا بالزوجات .. ولعله كان لهم في ذلك حيلة من حيل السحر بما يستحوذون به على عقل الزوجه .. ويجعلوها تأتي إليهما فيفعلوه بها الفاحشة وكأنها في غياب وعي .. كما ذكرنا من قبل عن التنويم المغناطيسي ..!!

 

- وكان هذا لونا من السحر يخربون به بيوت الناس .. إلى أن تم اكتشاف أمرهما ..

- وقد حاكمهم ملك بابل فيما بعد .. وقام بإحراقهما بعد أن عرف بما يفعلون.

 

@- جاءت هذه القصة في توراة اليهود وقد حدثت وقت السبي البابلي .. وجاء ذلك أثناء رسالة أرسلها النبي إرمياء لشعب إسرائيل الذين تم أسرهم وسبيهم إلى بابل .. ومما جاء في هذه الرسالة المذكورة في توراة اليهود:

- "هذَا كَلاَمُ الرِّسَالَةِ الَّتِي أَرْسَلَهَا إِرْمِيَا النَّبِيُّ مِنْ أُورُشَلِيمَ إِلَى بَقِيَّةِ شُيُوخِ السَّبْيِ، وَإِلَى الْكَهَنَةِ وَالأَنْبِيَاءِ، وَإِلَى كُلِّ الشَّعْبِ الَّذِينَ سَبَاهُمْ نَبُوخَذْ نَاصَّرُ مِنْ أُورُشَلِيمَ إِلَى بَابِلَ". (سفر أرمياء الإصحاح 29 – مقطع رقم1).

 

#- إلى أن قالت الرسالة:

- "هكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ إِلهُ إِسْرَائِيلَ: لاَ تَغُشَّكُمْ أَنْبِيَاؤُكُمُ الَّذِينَ فِي وَسَطِكُمْ وَعَرَّافُوكُمْ، وَلاَ تَسْمَعُوا لأَحْلاَمِكُمُ الَّتِي تَتَحَلَّمُونَهَا. 9 لأَنَّهُمْ إِنَّمَا يَتَنَبَّأُونَ لَكُمْ بِاسْمِي بِالْكَذِبِ. أَنَا لَمْ أُرْسِلْهُمْ". (سفر أرمياء الإصحاح 29 – مقطع رقم 8-9).

 

#- إلى أن قالت الرسالة:

- "يَقُولُ الرَّبُّ، وَأَرُدُّكُمْ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي سَبَيْتُكُمْ مِنْهُ. 15 لأَنَّكُمْ قُلْتُمْ: قَدْ أَقَامَ لَنَا الرَّبُّ نَبِيِّينَ فِي بَابِلَ". (سفر أرمياء الإصحاح 29 – مقطع رقم 15-16).

 

#- إلى أن قالت الرسالة:

- "وَأَنْتُمْ فَاسْمَعُوا كَلِمَةَ الرَّبِّ يَا جَمِيعَ السَّبْيِ الَّذِينَ أَرْسَلْتُهُمْ مِنْ أُورُشَلِيمَ إِلَى بَابِلَ. 21 هكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ إِلهُ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَخْآبَ بْنِ قُولاَيَا، وَعَنْ صِدْقِيَّا بْنِ مَعْسِيَّا، اللَّذَيْنِ يَتَنَبَّآنِ لَكُمْ بِاسْمِي بِالْكَذِبِ: هأَنَذَا أَدْفَعُهُمَا لِيَدِ نَبُوخَذْرَاصَّرَ مَلِكِ بَابِلَ فَيَقْتُلُهُمَا أَمَامَ عُيُونِكُمْ. 22 وَتُؤْخَذُ مِنْهُمَا لَعْنَةٌ لِكُلِّ سَبْيِ يَهُوذَا الَّذِينَ فِي بَابِلَ، فَيُقَالُ: يَجْعَلُكَ الرَّبُّ مِثْلَ صِدْقِيَّا وَمِثْلَ أَخْآبَ اللَّذَيْنِ قَلاَهُمَا مَلِكُ بَابِلَ بِالنَّارِ. 23 مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمَا عَمِلاَ قَبِيحًا فِي إِسْرَائِيلَ .. وَزَنَيَا بِنِسَاءِ أَصْحَابِهِمَا .. وَتَكَلَّمَا بِاسْمِي كَلاَمًا كَاذِبًا لَمْ أُوصِهِمَا بِهِ، وَأَنَا الْعَارِفُ وَالشَّاهِدُ، يَقُولُ الرَّبُّ". (سفر أرمياء الإصحاح 29 – مقطع رقم 20-23).

 

#- وجاء في تفسير ما سبق بما جاء ذكره في تفسير الكتاب المقدس - الموسوعة الكنسية لتفسير العهد القديم: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة – نقلا من موقع الأنبا تكلا .. وجاء فيه:

- 1:  بعد سبى "نبوخذ نصر" "ليكنيا" الملك الذي يُدعى أيضًا "يهوياكين" ومعه العظماء الذين في أورشليم .. أرسل إرميا هذه الرسالة وكان ذلك عام 597 ق.م. وهذه الرسالة أرسلها إرميا من أورشليم إلى قادة المسبيين وهم الكهنة والأنبياء ليقرأوها لكل الشعب.

 

- 8-9: يحذرهم الله من الإصغاء إلى أكاذيب الأنبياء والعرافين والحالمين فهو كلام تضليل منهم وليس كلام الله، فلن تخرب بابل بعد سنتين كما يدعون.

 

- 15: يوبخ الله شعبه المسبى في بابل لوصفهم النبيين الكاذبين وهما "آخاب بن قولايا"، و"صدقيا بن معسيا" المذكورين في (21) .. بأنهما نبيين من الله .. وبالتالي صدقوا أكاذيبهما بأن بابل ستنقلب بعد سنتين .. فعطلهم ذلك عن التوبة والرجوع إلى الله.

 

- 21: يتنبأ إرميا عن النبيين الكاذبين اللذين ظن المسبيون أنهما نبيان من الله فيعلن أن ملك بابل سيقتلهما وذلك عقاب إلهي بسبب كثرة خطاياهم وخاصة في تضليلهما الشعب.

 

- 22: وسيقتلهما ملك بابل ليس بالسيف .. بل يعذبهما بحرقهما بالنار أو الزيت المغلى فيموتان ميتة شنيعة تصير مثالًا للعار واللعن .. ويسمح الله بذلك حتى يخاف الشعب ويبتعد عن الضلال.

 

- 23: يضيف الله سبب آخر .. إلى جانب أكاذيب وتضليل هذين النبيين للشعب .. أنهما زنيا مع نساء أصحابهما فهي خطية زنا وخيانة. (تفسير سفر أرمياء الاصحاح 29 – الموسوعة الكنيسية – نقلا من موقع الانبا تكلا).

 

#- وجاء في تفسير القمص تادرس يعقوب – نقلا عن موقع الأنبا تكلا:

- إن الشخصين المذكورين هنا .. لم نسمع عنهما في غير هذا المكان .. ولعلَّ إرميا لم يعرفهما شخصيًا .. بل سمع عنهما في رسالة من الرسائل التي وردت إلى أورشليم من المسبيين. (تفسير سفر أرمياء الاصحاح 29 – للقمص تادرس يعقوب – نقلا من موقع الانبا تكلا).

 

#- الملاحظة في الأجزاء السابقة المنقولة من توراة اليهود من سفر إرمياء:

1- ظهور نبيين كذابين معلومين لليهود .. وقد صدقوهما بالرغم من أنهما ليس نبيين مرسلان من الله .. بل مدعي نبوة .. وكانوا يقولان أن انتهاء فترة السبي بعد عامين فقط .. ولكن النبي إرمياء أخبره الله أنه السبي سيستمر سبعون عاما .. وكان كذلك فعلا.

 

2- الرب يوبخ اليهود على اتباع هذين الشخصين المجهول هويتهما .. والذين أدعيا النبوة وأنهما ملاك الرب أي مرسلين من الرب .. والذين كان من حالهما القيام بالزنا بزوجات أصحابهم.

 

#- وخلاصة القول مما سبق:

1- هل من الممكن أن يكون الشخصين المذكورين في سفر أرمياء .. هما هروت وماروت مع تحريف الأسماء إلى "أخاب بن قولايا و صدقيا بن معسيا" ؟!

- وكانا هذين الشخصين .. يستخدمان وسيلة التنويم المغناطيسي في التأثير على زوجات من يدخلون بيوتهم ويخربونها بفعلهم القذر الذي كانوا يفعلوه.. تحت تأثير الحروف والأرقام التي كانت تتم بعزيمة على اليد حتى إذا لمست اليد أحد مع النطق بالعزيمة التي تكون كلمة أو كلمتين فيغمى عليه.. أو ما شابه ذلك.. وإذا كان هذا فعلهم مع زوجات أصحابهم فما خفي كان أعظم.

 

- ولعل هذه هي الطريقة التي كانوا يعلمونها للناس .. تحت اعتبار أن هذه طريقة تستطيع أن تعرف بها من الشخص ما يخفيه عنك من شر .. ولكن إياك أن تستخدمها لتعرف بها أسرار بيته فتفضحه أو لتزني بنساء الناس .. فكان الناس يسمونهما فعلا ملاكا الرب أي مرسلين من الرب أي نبيين .. فكانوا يتعلمون منهما بوصفها ملاكا الرب أي مرسلين من الرب في حين هم مدعي نبوة وكذبه.. والله أعلم.

 

2- من لطيف الإشارة .. أننا لو جمعنا هاروت وماروت بحساب الجمل = 1259.

- ولو افترضنا نطق (أَخْآبَ بْنِ قُولاَيَا - صِدْقِيَّا بْنِ مَعْسِيَّا) هو (آخاب بن قوليه - صديقيه بن معْسِيَاَ) = 1259 ..

- فهذا يلفت الإنتباه للمشابهة بين هاروت وماروت وبين أخاب وصدقيا ..

- ولكن هذه مجرد إشارة لا غير قد استوقفت انتباهي .. حينما سمعت الأسماء بصورة أخرى بخلاف المكتوبة في نص التوراة .. فوجدت أن كتابة الإسمين محتملة أن تكون كما كتبتها .. وكانت الغرابة في تشابه الأرقام .. وكما نعلم أن اليهود كانوا يخفون التواريخ والأسماء والأحداث بحساب الجيماتريا أو ما يسمى بالعربية حساب الجمل .. وهو تحويل الحروف لأرقام أو العكس .. حتى يظل الموضوع سرا ومبهما إلا لمن كتبه فهو يعرف حقيقة الشفرات الموجودة فيه.

- والله أعلم.

 

- والآن: انتبه للسؤال التالي جيدا ..

   

******************

..:: س120: هل تعلم أن اليهود كانت تصف الأنبياء وكهنتهم والصالحين بوصف "مَلَك" تشبيها مجازيا بملائكة الله ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- من الإعتبارات المهمة جدا .. والتي أظنها قد تؤثر في مفهوم التفسير .. هو أن كلمة "مَلَك" بفتح اللام .. من المحتمل أن تكون وصفا كان يذكره اليهود على أنبيائهم وكهنتهم والصالحين منهم.

 

#- ملحوظة هامة جدا .. فانتبه إليها:

- الأنبياء أو الكهنة أو من لهم سلطة دينية .. كان يتم وصفهم في التوراة أحيانا بلفظ: ((מלאך יהוה - Malakh YHWH) أي ملاك الرب .. وكلمة (Malakh) تنطق ملاخ بالخاء وليس بالكاف كما في العربية .. ولكن المعنى واحد..، وكلمة (YHWH) يهوه بمعنى الرب.

 

@- وأمثلة على ذلك:

1- مثال أول: جاء في سفر حجي الإصحاح الأول مقطع رقم13: (فَقَالَ حَجَّي رَسُولُ الرَّبِّ بِرِسَالَةِ الرَّبِّ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ قَائِلًا: أَنَا مَعَكُمْ، يَقُولُ الرَّبُّ) نقلا من موقع الأنبا تكلا على الإنترنت.

 

#- وحجي هو نبي .. وهنا كلمة (رسول الرب) هي ترجمة لكلمة (Malakh Yhwh) .. والترجمة الحرفية لها أنه ملاك الرب .. ولكن المقصد هنا هو أنه مرسل من الرب أو رسول الرب .. لأن كلمه ملاك العربية أو ملاخ العبرية كلاهما بمعنى مرسل من الرب أو رسول الرب.

- إذن: أحيانا كان يتم وصف الأنبياء بلفظ الملك لتشابه الوظيفة بينهما لأنه كلاهما يبلغ عن الله أي مرسل من الله.

 

2- مثال ثاني: يوجد سفر كامل في توراة اليهود اسمه (ملاخي) ومعناه ملاكي أو رسولي .. و(ملاخي) هذا نبي من أواخر أنبياء اليهود قبل ظهور المسيح عيسى بن مريم .. فهم كانوا يصفون الأنبياء بوصف الملائكة .. وذلك لكونهم يؤدون رسالة الله كما يؤديها الملائكة .. فكلمة ملاخ في العبرية أو ملاك في العربية تعني مرسل من الرب.

 

3- مثال ثالث: في سفر ملاخي الإصحاح الثاني مقطع السابع .. جاء توصيف للكاهن الذي هو معلم الشريعة اليهودية: (شَفَتَيِ الْكَاهِنِ تَحْفَظَانِ مَعْرِفَةً، وَمِنْ فَمِهِ يَطْلُبُونَ الشَّرِيعَةَ، لأَنَّهُ رَسُولُ رَبِّ الْجُنُودِ) نقلا من موقع الأنبا تكلا.

 

#- وهنا جملة (رسول رب الجنود) وهي (Malakh Yhwh Saba'ot) فسنجد أيضا أن كلمة "ملاخ" والتي هي بالعربي "ملاك" .. كانت تقال للكهنة من علماء الشريعة اليهودية ..

 

4- مثال أخير: في إنجيل المسيحين في رسالة بولس الرسول إلى أهل غلاطية في الاصحاح الرابع جزء الرابع عشر.: (كملاكٍ من الله قبلتموني) نقلا من موقع الانبا تكلا.

 

#- فهنا بولس الرسول (وهو أحد دعاة المسيحية القديسين) .. يصف نفسه كملاك خادم لدين الرب.

 

- إذن: من كل ما سبق .. أحببتك أن تعرف أن وصف الملاك كان أسلوب جاري عن اليهود والمسيحيين على حد سواء .. ويقال على الأنبياء ومعلمي الدين عندهم .. بوصفهم دعاة إلى الله كما هو حال الملائكة أنهم دعاة إلى الله.

 

@- وبالتالي: فما المانع ان يكون الله في القرآن حينما تكلم عن الملكين هاروت وماروت يكون قد تكلم بأسلوب اليهود الذين يصفون فيه الصالحين بوصف الملائكة .. وأن هذا وصف شائع عندهم .. ولذلك الله وصف الملكين هنا بما كانوا هم أنفسهم يصفوهم بالملكين ولكن حقيقتهم ليست بملكين.

 

- بل ولعل مدعيا النبوة (أخاب وصدقيا) السابق ذكرهما في السؤال السابق .. كان يقال لهما ملكين باعتبار ادعائهما النبوة .. فكانا يظهرا للناس بمظهر الأنبياء .. فكان الناس يصفوهما بالملكين .. ولكن تبين بعد ذلك حقيقة أنهما مدعيا نبوة كذابين ولكن بعد أن يكونا نشرا فسادا في الأرض.

 

#- وهذا يذكرنا بقوله تعالى: (وما أنزل على الملكين) .. وأن الملكين كانا موجودين على الأرض .. ولم يحدث نزول من السماء بوحي من الله .. وبالتالي قد يكون هين الملكين هما مدعيا النبوة (أخاب وصدقيا) قد ادعيا أنه يتم الإنزال عليهما بإلهام من الله وصدقهما الناس ووصفوهما بالملكين كعادة وصف اليهود لمن يتكلم عن الله في الدين .. في حين هما كذابين وحقيقتهما يتنزل عليهما من وحي الشيطان ما يخدعون به الناس .. خاصة لو عرفت في ذات الوقت قد انتشرت العرافة بالغيب للدلالة على النبوة.

- الله أعلم.

 

#- وبهذا يكون ختام ما خطر بعقلي من مسائل .. وقد اجتهدت فيها بما أظن لم لم نتبه له أحد من قبل ولم يتم كتابته مسبقا في كتاب ولا على الإنترنت فيما يتعلق بقصة الصحابة التي تم ذكر اسم هاروت وماروت فيها إذ لم يستدل بها أحد في قصة هاروت وماروت في التفسير .. والإستدلال بإمكانية وصف إنسان بوصف ملك من القرآن .. ثم قصة أخاب وصدقيا في التوراة التي تشبه إلى حد ما بقصة هاروت وماروت .. وأن اليهود كانوا يصفون علمائهم وأنبيائهم بوصف الملك.

 

- وننتقل بعد ذلك إن شاء الله .. لوضع ما أظنه محتملا من تفسير جيد إن شاء الله حول آية (واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان) إلى آخر الآية .. مع الإهتمام بجزئية (وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت) .. والله ولي التوفيق. 

*****************
يتبع إن شاء الله تعالى
*****************
والله أعلم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم
هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .

هناك 3 تعليقات:

  1. ماشاء الله .. تحليل جميل جدا ومقبول جدا
    ولعل الله ذكر ما ذكره من ألفاظ في الآية ليفضح اليهود الذين كانوا يظهرون بعض ماانزل عليهم ويخفون بعضه .. ولكن الله من ورائهم محيط

    ربي يبارك فيما علمك ويزيدك استاذنا الفاضل
    فصل ممتع فعلا .. وفي انتظار المزيد ..

    ردحذف
  2. رب يوفقك للحق بكل حق
    فعلا مجهود كبير مبذل حجتك بصراحة تخلي القارء يتوقف يتأمل البحث الدقيق كيف يقنعك حتى ان يختلف مااعتدنا على سماعه منذ بدانا نعقل عن قصه ملكين هاروت وماروت

    رب يثبتك رب يزيدك انصار للحق بالحق يارب

    ردحذف
  3. جزاك الله كل يارب وامدك بمدده وفتح عليك بكل خير
    اللهم صل على سيدنا محمد صلاة حب موصولة من القلب إلى القلب وعلى آله وسلم

    ردحذف

ادارة الموقع - ا/ خالد ابوعوف