بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة التوضيح والبيان
في قصة هاروت وماروت وخاتم سليمان
وما تلته الشياطين في مملكة سليمان
والتعريف بالتفريق الذي أثبته القرآن
(الجزء التاسع والعشرون)
#- فهرس:
:: الفصل الثامن والعشرون
:: شرح لقوله تعالى: (فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه - وما هم بضارين به من أحد) – ما
هو سحر التفرقة ::
1- س83: ما الذي أفادة لفظ (فيتعلمون - يفرقون) من قوله (فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين
المرء وزوجه) ؟
2- س84: هل سحر التفريق مستفاد من قوله (يفرقون
به بين المرء وزوجه) ؟
3- س85: هل الساحر هو من يقوم بالتفريق بين المرء وزوجه ؟
4- س86: هل سحر جلب الحبيب أو سحر المحبة أو سحر التولة من أسحار التفرقة
بين المرء وزوجه ؟
5- س87: ما معنى قوله (وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله) ؟
#- أولا: المقصود بضمير (هم)
من قوله (وما هم بضارين به من أحد).
#- ثانيا: سبب دخول لفظ (من) وكان ممكن أن لا يتم ذكرها.
================
:: الفصل الثامن والعشرون ::
================
..:: س83: ما الذي أفادة لفظ (فيتعلمون - يفرقون) من قوله (فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين
المرء وزوجه) ؟ ::..
- قال تعالى:
(وَاتَّبَعُوا
مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ
الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ
بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا
نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ
بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ
اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ
اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ
لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) البقرة:102.
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- أتى لفظ (فيتعلمون – يفرقون) بصيغة المضارع .. للدلالة على أن هذا الفعل
كان لازال متجدد ويحدث وليس مجرد حدث في زمن مضى وانتهى .. لا .. بل لازال متجدد
حتى زمن بعثة النبي صلى الله عليه وسلم وأن اليهود كانوا يتلقون هذا العلم
بالتوارث .. ولذلك كانوا متهمين به في زمن النبي صلى الله عليه وسلم.
- بل ويدل أيضا الفعل المضارع .. على تجدد واستمرار هذا السحر أو الكيد حتى
نهاية الزمان .. وأن العقوبة لازالت قائمة لمرتكب هذا الذنب الخطير ..
- والله أعلم.
*****************
..:: س84: هل سحر التفريق مستفاد من قوله (يفرقون به بين المرء وزوجه) ؟ ::..
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- البعض يتكلم عن سحر التفريق خاصة بين الأزواج .. والبعض
يظن أنه مستفاد من قوله تعالى: (فيتعلمون منهما ما
يفرقون به بين المرء وزوجه) .. فأخذوا كلمة التفريق من الآية ..
وأضافوا عليها كلمة سحر بما يشير إليه غالب المفسرين أن هذا سحر.
- وبالتالي يصح القول: أنه
يوجد سحر تفرقه أو سحر تفريق .. ولكن ليس بنص القرآن .. وإنما يقال ذلك لأن بعض
التفسيرات قالت أنه سحر .. ولكن النص القرآني لم يقل أن الذي أنزل على الملكين هو
سحر.
#- ويمكن القول أن سحر
التفريق هو مثبت بنص القرآن: وذلك
لو جعلنا لفظ (به) من قوله (يفرقون به) .. يعود على سحر الشياطين والذي أنزل
على الملكين .. فبهذا يقال أن القرآن أثبت سحر التفريق مهما كان المقصود من الذي
أنزل على الملكين .. لأن لفظ (به) يكون جمع بين سحر الشياطين والذي أنزل على الملكين..
بل وأي وسيلة أخرى .. لأن المقصد هو الإعلان عن إبطال أي سبيل يتم التفريق به
المقربين لأن هذا السبيل محكوم بإذن الله المدبر الحكيم.. وليس محكوم بإرادة
الساحر أو من يقوم بهذه المهمة.
*******************
..:: س85: هل الساحر هو من يقوم بالتفريق بين المرء وزوجه ؟ ::..
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- الحقيقة أن الآية لم تصف من يقوم بالتفريق بين الناس بأنه ساحر .. بل والآية جعلت أن كل من يتعلم وسيلة للتفرقة بين المقربين ببعض
مستبيحا ذلك ومصرا عليه ولم يتب عنه .. إنما هو ممن باع آخرته بدنياه .. واستحق أن
لا يكون له نصيب من كرامة ورحمة الله في الآخرة بأن يغفر أو يعفو له ما فعله ..
وكأن الخراب الذي تسبب في فعله في الدنيا .. قد حجب عنه إمكانية أن يكون له نصيب
من رحمة الله في الآخرة .. فبقي له أن يعامله الله بعدله فيقتص منه بعذاب يليق
بالخراب الذي أحدثه هذا المفرق بين الناس في الدنيا.
- إذن: كل
من يعلم أو يتعلم طريقة أو طرق .. ويرجو
أن يستخدمها للتفرقة بين المقربين راجيا الخراب لهما والإفساد بينهما .. فهو هاروت
وماروت وشيطان من شياطين اليهود .. ولا يقل عن وصف الساحر الذي يفعل ذلك .. إذ
الجميع اشترك في فعل نفس الشر سواء بنفس الطريقة أو بطريقة أخرى.
- ويكفي أن تعرف أن
شيطان الجن .. الذي يفعل
التفرقة بين الزوجين أو يخرب في المجتمع بالتفرقة بين المقربين .. سواء بوسوسته أو
من خلال تحريض بعض الناس ليفعلوا ذلك .. فإن هذا الشيطان يصبح صاحب مكانة عند
إبليس .. إذ قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ
إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ، فَأَدْنَاهُمْ
مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً، يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: فَعَلْتُ
كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: مَا صَنَعْتَ شَيْئًا، قَالَ ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ:
مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، قَالَ: فَيُدْنِيهِ
مِنْهُ وَيَقُولُ: نِعْمَ أَنْتَ) صحيح مسلم.
- قوله (نعم
أنت): أي أنت الذي
فعلت عملا عظيما تستحق به أن تكون من أهل خصوصيتي وقريبا مني.
- فإذا كان هذا حال
شيطان الجن .. فأيضا شيطان الإنس
الذي يفرق بين الناس يكن له مكانة كبرى عند إبليس أيضا .. ويحبه إبليس وأعوانه الشياطين ..
#- ولذلك جماعة السحرة على
وجه الخصوص يحبون أسحار التفرقة والخراب بكل أنواعها .. ليه ؟
- لأنه بقدر ما يسعون بالفساد والخراب
.. كلما تهدمت
الأسرة والمجتمع .. كلما ازداد قربا من إبليس ونال من محبته وأصبح من أهل الخصوصية
عند إبليس .. وبالتالي يزيده إبليس بمزيد من مدد الشياطين ليكونوا أعوانا له ..
فيكتسب شهرة أكثر وفلوس أكتر .. كلما اجتهد في فعل الخراب أكتر بالناس.
- والله من ورائهم محيط بما يفعلون ..
وباطل بإذن الله ما يفعلون.
**********************
..::
س86: هل
سحر جلب الحبيب أو سحر المحبة أو سحر التولة من أسحار التفرقة بين المرء وزوجه ؟ ::..
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- سحر جلب الحبيب .. الذي
يتم نشره على قنوات الدش وعلى الإنترنت .. تحت مسمى جلب الحبيب ويذكرون معه أيضا
رد المطلقة وزواج العانس .. وما شابه ذلك .. فكل هذا أبواب للسحر المباشر الذي فيه
استعانة بالشياطين بصورة مباشرة لتحقيق هذا الهدف.
- وسحر جلب الحبيب .. يعتبر
من أبواب التفرقة بين المرء وزوجه على افتراض معه توكيل بخراب آخر مصاحب له ..
يعني يتم خراب بيت كذا مع تحريك نفس فلان ليهتم بكذا.
- فالمسألة هنا: فيها
توكيلين .. التوكيل الأول بالخراب للبيت الأول .. والتوكيل الثاني جذب انتباه
الشخص المطلوب جذبه إلى الطرف الفاعل للسحر.
- ولكن هناك سحر للمحبة أو
سحر جلب الحبيب يكون بتوكيل واحد فقط .. وهو
جذب انتباه الشخص ناحية من قام بالسحر .. وهذا يكون بإحداث خراب في نفسية الشخص
المفعول له السحر من خلال تسليط وسواس دائم يلازمه بوجوب محبة فلان أو فلانه سواء
في منامه أو يقظته.
- فمثلا امرأة تريد جذب انتباه رجل لها ليحبها .. فتذهب
لتعمل له سحر .. وهذا السحر يترتب عليه خراب كبير في نفسية هذا الشخص .. على
افتراض كان يوجد فعلا سحر وليس مجرد خدعة من نصاب يدعي السحر .. ثم توهمت المرأة
أن ما حدث كان بفعل السحر في حين أنها هي التي استطاعت أن تجذب الرجل إليها
بتصرفاتها..!!
- وسحر المحبة جاء
ذكره في حديث عن عبد الله بن مسعود قال: (كَانَ
مِمَّا حَفِظْنَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّ الرُّقَى
وَالتَّمَائِمَ وَالتَّوْلِيَةَ مِنَ الشِّرْكِ) رواه الحاكم
.. وقال حديث صحيح ووافقه الذهبي .. (قلت خالد صاحب
الرسالة): هذا أصح طرق الرواية .. وإن كان فيها كلام أيضا .. لأن العلماء
على خلاف في هذا الحديث من حيث هل هو من كلام النبي فعلا أم من كلام الصحابي عبد
الله بن مسعود .. ولذلك قال
الإمام أبو بكر الحازمي عند سند نفس حديث الحاكم: هذا الحديث يروى موقوفا ومرفوعا،
والموقوف أحفظ، كذلك يرويه الأعلام. (راجع كتاب الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار ص238).. ومعنى قوله "الموقوف أحفظ": أي هو من كلام الصحابي وليس من كلام النبي.. (وهذا هو ما أقول به (خالد صاحب
الرسالة) أنه قول صحابي وليس من قول النبي .. والله أعلم).
#- والتولية أو
التِّولة: وهي بكسر حرف التاء .. هي سحر التهييج للرجل لينجذب للمراة ويكون طوعا
لها.
- ومعنى أن الرقى والتمائم
والتولية من الشرك .. أي إن كان فيها
اعتقاد بأنها نافعة أو ضارة بذاتها فتمنع ابتلاء نازل من قدر الله أو تجذب شيئا من
النفع على خلاف قدر الله .. والرقى المقصدود منها هنا هو التعاويذ التي كانت
تستخدم في الجاهلية.
#-
ملحوظة هامة لبناتنا وأمهاتنا واخواتنا:
- هناك أسحار يتم بها
التأثير على قوى العقل للنساء بصفة خاصة .. وهذا
لا يتطلب ساحر .. وإنما يتطلب نفسية حقيرة ترضى دائما بفعل ممارسة الجنس مهما كان
حلال أو حرام مش فارق معاه .. وإنما يكفي فقط ممارسة الجنس دائما لأنه يعلم أنه
يكتسب من وراءة قدرات روحانية قوية جدا., وكلما تنجس بالزنا .. كلما ازداد قوة
روحانية.
- وبعض هؤلاء الملاعين يكفيهم
لمس شخص لاغماءه حتى يقوم عمل الزنا "والطيب منهم يكتفي بالسرقة دون
الزنا" .. بل بقليل من الكلام يمكن السيطرة على عقل من هو أمامه ويصبح وكأنه
فاقد الإرادة ويتحرك كالنائم الذي يسعى وهو غير مدرك لما يفعله.
- فيا ناس يا أفاضل .. احذوروا
مشايخ الرقية والعلاجات والروحانيات الموجودين على الإنترنت واليوتيوب والتيك توك
.. لأن من يصنع الخير ليس في حاجة لأن يجعلك تذهب إليه أو تتكلم معه أو ترسل له
صورتك أو يعرف اسمك واسم أمك وتاريخ ميلادك .. فاحذورا.
#- وقد تسأل: لماذا يتم السيطرة أكثر على المرأة بهذا الطريق
الروحاني دون الرجال ؟
- أولا: هذا يمكن فعله مع بعض الرجال .. ولكن نوعيه
معينة منهم يشترط أن يغلب عليه الجانب العاطفي بصورة قوية.
- ثانيا: ليس هذا أيضا يمكن فعله مع كل النساء .. ولكن
مع كثير منهن يمكن حدوث ذلك .. بسبب غلبة الجانب العاطفي فيهن.
- والمسألة كلها عبارة عن: استعلاء
بملكات روحانية نارية مصاحبة لشخص معين على طبيعة بشرية فيها جانب عاطفي قوي. .
ومثال ذلك من الشرطي الذي يستخدم صاعق كهربائي يصعق به أحد المجرمين دون أن يقتله
هذا الصاعق.
***********************
..:: س87: ما معنى قوله (وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله) ؟ ::..
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- المعنى – والله أعلم: لا ضرر في الظاهر ولا في الباطن يحدث من
السحرة الذين يريدون أذية الناس بسحر الشياطين أو بما أنزل على هاروت وماروت ..
إلا إن كان هذا من حكمة الله في ابتلاء الإنسان بهذا الضرر .. إذ أن الساحر لا
يؤثر بسحره في ضر إنسان ... لأن الساحر ليس بمتصرف في الوجود وإنما هو محكوم بقدرة
الله عليه .. أما السحر فهو سبب أيضا والسبب لا يؤثر بذاته وإنما بما أودعه الله
في السبب من خصائص تؤدي للضرر .. والسبب أيضا لا يؤثر بخصائصه إلا بقدر ما يأذن
الله بحدوث تأثير هذا الضرر أم عدم حدوثه .. إذ أن الأمر في المطلق بيد الله لأنه
المتصرف في الوجود إيجابا وسلبا .. ومنعا وعطاءا .. وبسطا وقبضا .. ونفعا وضرا ..
لأنه القيوم المهيمن القدير على كل شيء.
#- أولا: المقصود بضمير (هم) و (به) من قوله (وما هم بضارين به من أحد).
1-
قال الإمام بن
عادل الحنبلي رحمه الله (المتوفى:775 هـ) – عن الضمير(هم) من قوله (وما هم بضارين
به من أحد):
-
والضمير
فيه ثلاثة أقوال:
-
أحدها: أنه عائد على السَّحرة العائد عليهم ضمير (فَيَتَعَلَّمُونَ).
-
الثاني: يعود على اليهود العائد عليهم ضمير (واتبعوا).
-
الثالث: يعود على الشياطين والضمير في (به) يعود على (ما) في قوله: (وَمَا يُفَرِّقُونَ بِهِ). (تفسير اللباب في تفسير الكتاب ج2 ص250).
2-
قال الإمام
الطاهر بن عاشور رحمه الله (المتوفى:1393 هـ):
-
وضمير (هم) عائد إلى (أحد) من قوله: (وما يعلمان من أحد) لوقوعه في سياق النفي فيعم كل
أحد من المتعلمين .. أي وما المتعلمون بضارين بالسحر أحدا.
-
وهذا تنبيه على أن السحر لا تأثير له بذاته .. وإنما يختلف تأثير حيله
باختلاف قابلية المسحور .. وتلك القابلية متفاوتة ولها أحوال كثيرة أجملتها الآية
بالاستثناء من قوله: (إلا بإذن الله) أي يجعل الله أسباب القابلية لأثر السحر في بعض النفوس ..
فهذا إجمال حسن مناسب لحال المسلمين الموجه إليهم الكلام .. لأنهم تخلقوا بتعظيم
الله تعالى وقدرته. (التحرير والتنوير ج1 ص644-645).
3-
في التفسير
الوسيط لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر:
-
(وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا
بِإِذْنِ اللَّهِ): أَي وما يضر السحرة بهذا السحر
أَحدا كائنا من كان، إلا بعلم الله وإِرادته؛ فهم إِذن لا يستطيعون أَن يحدثوا
بسحرهم ضررا دون ارادة الله .. ودفع بهذا توهم أن يكون ضارًّا بذاته .. بل بِإذن
الله - تعالى - ربطا للمسببات بالأسباب. (التفسير الوسيط – مجمع البحوث بالأزهر ج1 ص158).
4- قال الإمام محمد سيد طنطاوي رحمه الله (المتوفى:1431
هـ):
-
نفى سبحانه أن يكون السحر مؤثرا بذاته فقال
تعالى: (وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ
أَحَدٍ
إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ).
- أى: أن أولئك السحرة لن يضروا أو ينفعوا أحدا
بسحرهم إلا بإذن الله وقدرته .. فالسحر سبب عادى لما ينشأ عنه من الاضرار .. ويجوز
أن يتخلف عنه مسببه إذا أذن الله بذلك.
-
والجملة الكريمة معترضة .. لدفع توهم أن يكون السحر مضرا بذاته .. (التفسير الوسيط ج1 ص230).
@-
معنى قوله (معترضه): أي أتت مخالفة لسياق الآية ..
للتنبيه على عقيدة يجب أن تؤمن بها في مسألة الضرر بالسحر .. وهو أنه لا يضر بذاته
متى أراد الساحر أن يفعله.
#- ثانيا: سبب دخول لفظ (من) وكان ممكن أن لا يتم ذكرها.
1- قال الإمام عبد القاهر الجرجاني رحمه الله (المتوفى:471 هـ):
-
وتقديره: وما هم بضارين به أحدًا .. إلا أنه أدخلَ (مِنْ) للتأكيد. (درج الدرر في تفسير الآيات والسور ج1 ص254).
2-
قلت خالد صاحب
الرسالة: والمقصد هو أن دخول لفظ (من) في
قوله (وما هم بضارين به من أحد) .. فإنما ذلك لأن
(من) تفيد استغراق وشمولية النفي لجميع الناس .. أي للتأكيد على أن هذا قانون عام
لكل من يحاول إصابة أي أحد من الناس بالسحر مهما كانت عقيدته أو ديانته أو حاله
سواء مؤمن أو كافر .. فالسحر لا يؤثر برغبة الساحر في المطلوب سحره .. إلا بقدر ما
يأذن الله في ذلك أو قد لا يأذن فلن يحدث أي ضرر مهما فعل السحرة.
اعتقد ان التركيز في هذا الموضوع على سحر التفريق وجلب الحبيب والتولية .. اعطى تفسير ( وما أنزل على الملكين ) صبغة تعليم السحر بشكل مؤكد !! .. وإن كان ورد تذكير في البداية انه ليس هناك نص قرآني بذلك وحذر كل من يتعلم طريقة افساد او خراب للتفريق بين المقربين .. !! ... فاعتقادنا بالملائكة معصومون من فعل الشر فكيف بتعليم السحر !!
ردحذفوان ( ما يفرقون به بين المرء وزوجه ) .. فربما المقصود بهم الشياطين بالوسوسة مستخدمين ما استرقوه مما انزل على الملكين فاستخدموه بالشر ؛ وظيفتهم .. وليس مقتصرا على السحر فقط .. فهناك اعمال اخرى شنيعة ممكن تفرق بين المقربين .. فلا يظن كل من انفصل عن شريك عمل او افترق عن صديق .. او من وقع خلاف بينها وبين زوجها .. ان هناك سحر تفريق .. او واحدة سوف تخطفه منها .. !! .. والله المستعان
جزاك الله خيرا استاذنا الفاضل
آمين يارب العالمين