بحث في المدونة من خلال جوجل

الثلاثاء، 19 أغسطس 2025

Textual description of firstImageUrl

ج40: قصة هاروت وماروت - ملخص تفسير ما قاله العلماء في تفسير قوله تعالى (واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان) وقوله (يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت) إلى آخر الآية - ما الحقيقة والمعجزة التي يجب أن تنتبه لها في قصة هاروت وماروت.

بسم الله الرحمن الرحيم

 

رسالة التوضيح والبيان

في قصة هاروت وماروت وخاتم سليمان

وما تلته الشياطين في مملكة سليمان

والتعريف بالتفريق الذي أثبته القرآن

 

 (الجزء الأربعون)

ما الحقيقة والمعجزة التي يجب أن تنتبه لها في قصة هاروت وماروت - ملخص ما قاله العلماء في تفسير آية هاروت وماروت.

#- فهرس:

:: الفصل التاسع والثلاثون :: مسائل مختلفة لملخص الرسالة عن تفسير آية قصة هاروت وماروت – وحقيقة معجزة هذه الآية في فضح اليهود ::

1- س121: ما هو ملخص ما قاله العلماء في هاروت وماروت والعلم الذي أنزل عليهما ؟   

2- س122: ما هو ملخص تفسير ما قاله العلماء في تفسير قوله تعالى (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ) وقوله (يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ) إلى آخر الآية ؟

3- س123: كيف أجد (خالد صاحب الرسالة) تفسير قوله تعالى (وما أنزل على الملكين) ؟

4- س124: هل يمكن القول أن هاروت وماروت هم منشأ تعليم السحر لليهود ؟

5- س125: ما الحقيقة والمعجزة التي يجب أن تنتبه لها في قصة هاروت وماروت ؟

================

:: الفصل التاسع والثلاثون ::

================

..:: س121: ما هو ملخص ما قاله العلماء في هاروت وماروت والعلم الذي أنزل عليهما ؟ ::..

 

#- قال تعالى: (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ....) البقرة:102.

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- ملخص ما قاله العلماء بصورة عامة:

أ- الرأي الأول: أن هاروت وماروت ملكين .. وكان من علمهما ما يترتب عليه التفرقة بين المرء وزوجه .. واليهود حينئذ يكونا أخذوا علم السحر من الشياطين وما فيه تفرقه بين المرء وزوجه أخذوه من علم أو علوم الملكين هاروت وماروت.

 

- وعلى هذا التفسير: بعض من المفسرين السلف ولكنهم أكثر من أصحاب التوجيه الثاني بأن الملكين هما رجلين .. ولكن مفسري السلف فيهم اعتمد على قصة باطلة وآثار لم تصح عن الصحابة، ومن اتبعوهم من المفسرين الخلف قد ساروا على ما سار عليه بعض السلف .. وسبق وذكرنا أدلتهم وناقشناها.

 

- وأصحاب هذا الرأي يقولون: أن معنى (وما أنزل على الملكين) أي ويعملون الناس الذي أنزل على الملكين .. واختلفوا في حقيقة (ما أنزل) ما هو ؟ .. هل هو نوع آخر من السحر أم مخالف للسحر ..، ولكن غالبهم يميل إلى أنه نوعا من السحر ولهم أدلة في ذلك سبق ذكرها مثل قول الملكين (فلا تكفر).

 

2- الرأي الثاني: أن هاروت وماروت رجلين كانا يتم وصفهما بالملكين من اليهود لظنهم فيهما النبوة أو الصلاح أو كونهما كانا معلمين في الدين .. وحقيقتهما أنهما مدعيان للنبوة والصلاح وفيهما فساد .. ويخبران الناس أنهما ملهمان من الله.

 

- وعلى هذا التفسير: بعض المفسرين من السلف وكثير من المتأخرين في التفسر..،

وذلك لإنكارهم القصص المزورة التي قيلت على هاروت وماروت والتي استند إليها أصحاب الرأي الأول، مع إضافة إنكارهما تصور نزول شر محض على الملائكة عموما .. وسبق وذكرنا أدلتهم وناقشناها.

 

- وأصحاب هذا الرأي يقولون: أن معنى (وما أنزل على الملكين) أي لم يكفر سليمان ولم ينزل شيء على الملكين جبريل وميكائيل ليعلموا السحر لسليمان كما زعمت اليهود .. وإنما لفظ الملكين هو وصف لرجلين اسمهما هاروت وماروت ممن كانوا يعلمون الناس السحر .. وبرعوا في مجال التفرقة بين المرء وزوجه.. وأصحاب هذا الرأي لم يختلفوا في أن الآية كلها تتكلم عن السحر وأن هاروت وماروت كانا معلمين للسحر.

 

#- خلاصة القول:

- هذا كان مخلص لما قاله العلماء .. عن هاروت وماروت والعلم الذي أنزل عليهما.

- والله أعلم.

**********************

 ..:: س122: ما هو ملخص تفسير ما قاله العلماء في تفسير قوله تعالى (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ) وقوله (يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ) إلى آخر الآية ؟ ::..

 

#- قال تعالى عند اليهود في زمن النبي صلى الله عيه وسلم: (وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (101) وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) البقرة:102.

 

@- يوجد في تفسير الآية رأيان بشكل عام .. كما سبق وذكرنا في السؤال السابق .. وعلى هذين الرأيين سأكتب كيف يمكن تفسير الآية على مفهوم كلا الرأيان .. وإليك بيان ذلك..

 

#- أولا: التوجيه الأول في تفسير الآية (101 -102) من سورة البقرة - وعلى افتراض أن هاروت وماروت ملكين من الملائكة وليس رجلين ..، فيكون التفسير هكذا – والله أعلم:

1- لما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم لليهود .. كانت أوصافه عندهم .. فقد ترك جماعة من هؤلاء اليهود ما تم ذكره في كتابهم عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم .. وكأنهم لم يكن له عندهم خبر عن نبوة وبعثه النبي صلى الله عليه وسلم.

 

2- وإنما كان أحد أسباب جحودهم للقرآن .. هو عدم تصديقهم ببراءة النبي سليمان من تهمتي الكفر والسحر وأنه أواب من الصالحين .. فجحدوا القرآن واتباع النبي محمد لذلك .. واتبعوا ما كتبه أسلافهم اليهود (الشياطين) بأيديهم في توراتهم .. "أو اتبعوا ما كتبه أسلافهم اليهود بأيديهم في توراتهم عن إملاء الشياطين لهم" .. وجعلوا مما كتبوه حقيقة مقدسة في توراتهم .. إذ افتروه فيما كتبوه على فترة ملك سليمان .. أن سليمان بنى أصناما مرضاة لزوجاته الوثنيات ومن تلك الأصنام صنم عشتاروت وبعل اللذين يتم ممارسة الفجور بالزنا والدعارة عندهما بصورة طبيعية .. وبني صنم مولكوم وكموش وهما يتم تقديم ذبائح البشر عندهما وخاصة الأطفال لإرضاء تلك الأصنام .. (وهذا مكتوب في توراتهم " سفر الملوك الأول الإصحاح الحادي عشر "1-11").

 

- وأمور أخرى نسبها طائفة منهم لسليمان .. لم يتم ذكرها في توراتهم مثل أن ملك سليمان كان مرتبط بخاتم يلبسه في أصبعه وسرق الشيطان هذا الخاتم واستولى على ملك سليمان واستباح زوجاته وجامعهن وهن حيَّض "كما في التلمود اليهودي" .. وأنه كان يسخر الشياطين في ملكه بعزائم تعلمها من الشياطين التي كان يسخرهم بها "كما في سفر وصية سليمان". 

 

- وكل ذلك بهتان على سليمان عليه السلام لأنه نبيا أواب من الصالحين .. وإنما هنا حقيقتان:

- الحقيقة الأولى: أن سليمان لم يكفر بعبادة أصنام أو التحريض على عبادتها ولم يطلب من الشياطين عزائم لكيفية تسخيرهم .. "ولماذا يفعل ذلك وهم له مسخرون أصلا ؟!!".

 

- الحقيقة الثانية: أن الشياطين من كهنة أسلاف اليهود .. هم من كفروا .. باتفاقهم على كتابة جزء من التوراة بأيديهم عن سليمان ونسبوا فيه بالباطل ما نسبوه لسليمان وجعلوه كتابا مقدسا يتم تلاوته على مجتمع اليهود وكأنه كلام مقدس.

 

- بل  وكان من حقيقة كفر الشياطين "وهم كهنة اليهود بعد وفاة سليمان" .. أنهم كانوا يعلمون الناس السحر وينشرونه بينهم على أنه له فائدة ومنفعة .. ولا مانع من استخدامه .. إذ كانوا يوهمون الناس أن السحر كان مما استخدمه سليمان في تثبيت ملكه فسخر به الشياطين .. فأوهموا الناس بمشروعية السحر بهذه الخدعة عن سليمان وبما كتبوه عنه في توراتهم التي جعلوها كتاب مقدس.

 

- ولم يكتفي كهنة اليهود بعد وفاة سليمان بتعليم السحر للناس فقط .. بل وعلموهم أيضا من العلم الذي أنزل على الملكين حين زمن سبي اليهود بمدينة بابل وكان اسم الملكين المعروف لهم آنذاك هو هاروت وماروت .. وهذا العلم كان من نتائج سوء استخدامه أنه يؤدي للتفرقة بين المرء وزوجه.

 

- أو يقال: أن شياطين اليهود علموا الناس السحر بعد موت سليمان .. وحين بلغهم خبر هاروت وماروت في بابل .. فذهبوا لبابل لتلقي العلم منهما وعادوا ونشروا هذا العلم في القدس .. وذلك حينئذ حدث قبل السبي البابلي.

  

- ثم حكى القرآن قصة هذين الملكين .. إذ كان من حال وشرط التعليم منهما .. أنهما ما كان يعلمان أحد .. حتى يقولا له أنهما فتنة لما معهما من علم يحمل النفع والضر .. فلا تكفر بتحذيرنا لك أو بالاعتقاد في هذا العلم أنه مؤثر بذاته أو تخلطه باستخدام الشياطين .. فتستخدمه في الضر وأذية الخلق.

 

- إلا أنه كان غالب حال الناس في زمان هذين الملكين (وغالبا المقصد بهم كهنة اليهود) .. يتعلمون منهما العلم ويخلطونه بالسحر ويضرون به المجتمع من التفرقة بين المرء وزوجه .. فازداودا شرا على شرا (شر السحر وشر الضر بعلم الملكين) .. ولكن هذا الضر لا يتم حدوثه إلا لو قدر الله حدوث ذلك .. وغير ذلك فلن يحدث هذا الضرر.

 

- ولازل هذا هو حال اليهود حتى زمن النبي محمد صلى الله عليه وسلم .. يتعلمون مما ورثوه عن سلفهم اليهود المتشيطنة نفوسهم .. وهو وراثة ما يضرهم ولا ينفعهم سواء من الإفتراء على سليمان وفترة ملكه وتحريف التوراة بأيديهم وتعليم الناس السحر .. ولقد علموا يقينا سواء من توراتهم أو مما أنزله الله في القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم .. أنه لا نصيب في رحمة الله لمن يمارس السحر بإضرار الناس وأذيتهم .. ويا لحقارة ودناءة ما باعوا به أنفسهم وهو الرضا بما افتروه على سليمان وفعل السحر وتحريف التوراة مقابل الكفر بالله والقرآن والنبي صلى الله عليه وسلم .. إذ لو كانوا يعملون بما يعلمون ما كانوا ابتعوا الباطل وتركوا الحق الذي هو القرآن والنبي صلى الله عليه وسلم.

- والله أعلم.

 

#- ثانيا: التوجيه الثاني في تفسير الآية (101 -102) من سورة البقرة - وعلى افتراض أن هاروت وماروت ملكين وليس رجلين ..، فيكون التفسير هكذا – والله أعلم:

- نفس ما قيل في التفسير السابق .. ولكن مع اختلاف تفسير جزئية (وما أنزل على الملكين) .. فهي على ثلاثة أوجه مقبولة في التفسير عند أصحاب هذا الرأي:

1- الوجه الأول: رجلين علموا السحر لليهود.

- والمعنى: وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا .. إذ يعلمون الناس السحر رجلين ببابل هما هاروت وماروت .. وكما لم يكفر سليمان فلم ينزل على الملكين "جبريل وميكائيل" شيئا بتعليم السحر لسليمان .. وإنما كان من حال هذين الرجلين هاروت وماروت اللذين كانا يعلما الناس السحر .. أنهما كانا حينما يعلمان أحد يطلب منهما التعليم مما معهما من السحر أن يقولا له أن ما معهما من العلم يجعلهما فتنة .. فيحذران من يطلب تعلم هذا العلم وأن يكفر بتحذيرهما له .. كأنهما يدعيا صلاحا فيقولا: "يا هذا سنعلمك ولكن هذا العلم فيه فتنة فلا تستخدمه في الباطل إذ قد حذرناك". (وبمعنى هذا التفسير قال به القرطبي وغيره من المفسرين– راجع الفصل الرابع والعشرون سؤال رقم 71).

 

#- وعلى هذا التوجيه .. فهاروت وماروت هما من جملة الشياطين (شياطين الجن والإنس) الذين علموا الناس السحر .. إلا أنهما رجلين من شياطين الإنس.

 

2- الوجه الثاني: أنهما رجلين فاسدين يدعيان الصلاح علما علما إضافيا بخلاف ما تعلمه اليهود من السحر.

- والمعنى: واتبع اليهود ما حكته الشياطين على ملك سليمان بأنه كفر ولكن ما كفر سليمان ولكن الشياطين هم من كفروا يعلمون الناس السحر .. ولم ينزل علم رباني على الموصوفين بالملكين عند اليهود في مدينة بابل واللذين كان اسمهما هاروت وماروت .. والذي كان من حالهما عند تعليم ما يعلمانه للناس والذي فيه ضرر .. أنهما كانا يقولا كذا وكذا .. إلى آخر تفسير ما جاء في التوجيه الأول. (وبمعنى هذا التفسير قال به القاسمي وغيره من المفسرين – راجع الفصل الرابع والعشرون سؤال رقم 71).

 

#- وعلى هذا التوجيه .. فهاروت وماروت رجلين يدعيان أنهما يتلقيان علوم ربانية بالإلهام من الله وكان لذلك اليهود يصفونهما بالملكين .. وكان ما معهما من العلم فيه ضرر.

 

3- الوجه الثالث: أنهما كانا رجلين صالحين فعلا .. بخلاف ما تعلمه اليهود من السحر.

 - وهذا الرأي وإن كان أشار إليه الإمام الطاهر بن عاشور .. ولكني أحب أن أنقل تفسير الشيخ محمود حجازي رحمه الله لبساطته ولكونه تفسيرا ملم بالآية كلها.  

#- قال الدكتور الشيخ محمود حجازي رحمه الله (المتوفى:1972 م):

- ولما جاءهم رسول من عند الله - هو محمد عليه السلام- بكتاب مصدق لما معهم إذ هو موافق للتوراة في الأصول الدينية العامة كتوحيد الله وإثبات البعث والحياة الآخرة وصدق الرسل .. ترك فريق من اليهود كتاب الله وهو التوراة وراء ظهورهم لأنهم لم ينفذوا بعض ما فيه، ولم يؤمنوا به كأنهم لا يعلمون أن من لم يؤمن بالقرآن الموافق للتوراة لا يكون مؤمنا بالتوراة وبالقرآن.

 

- ومن قبائح اليهود أنهم نبذوا كتاب الله واتبعوا ما تلته الشياطين من السحر والشعوذة في زمن ملك سليمان، وذلك أن الشياطين كانوا يسترقون السمع من السماء ويضمون إليه أكاذيب ثم يلقنونها الكهنة فيعلمونها الناس .. ويقولون: إن هذا علم سليمان وما تم لسليمان ملك إلا بهذا.

 

- فيرد الله عليهم هذه الدعوى: إن سليمان ما فعل شيئا من هذا .. وما كفر باعتقاد السحر والعمل به .. ولكن الشياطين هم الذين كفروا باتباع السحر وتديّنه.

 

- هؤلاء اليهود يعلمون الناس السحر بقصد إغوائهم وإضلالهم .. ويعلمونهم ما أنزل على الملكين ببابل .. وهما هاروت وماروت .. وهما بشران إلا أنهما كانا صالحين قانتين فأطلق الناس عليهما ملكين من باب الشبه .. وفي قراءة (ملكين) على الشبه أيضا بالملوك في الخلق وسماع الكلمة.

 

- ولكن هذين الملكين ما كان يعلمان أحدا من الناس حتى يقولا له: إنما هذا ابتلاء واختبار من الله فلا تتعلم السحر وتعمل به وتعتقد تأثيره، وإلا كنت كافرا .. أما إذا تعلمته فلتعرف شيئا تجهله ولا تعمل به ما يضر فلا محذور في ذلك .

 

- فتعلم الناس من الملكين ما كانوا يعتقدون أنه يفرق بين المرء وزوجه .. أو ما هو تمويه من حيلة أو نفث في العقد أو تأثير نفس وغير ذلك مما يحدث عنده التفريق غالبا.

 

- والحقيقة أن السحر لا يؤثر بطبعه .. وما هم بضارين به أحدا من الناس إلا بأمر الله وإرادته، فهذا كله إن صح فسبب ظاهرى فقط.

 

- وأما من تعلم السحر وعمل به .. فإنه تعلم ما يضره ولا ينفعه إذ به استحق غضب الله عليه لما ينشأ عنه من إفساد الناس وضررهم.

 

- وتالله لقد علم اليهود لمن ترك كتاب الله واستبدل به كتب السحر ما له في الآخرة إلا العذاب، وليس له نصيب من الثواب.

- ولبئس ما اشتروا به عذابهم وألمهم لو كانوا يعلمون.

- "نفى عنهم العلم لأنهم لم يعملوا به فكانوا أسوأ من الجهلة".

- ولو أن اليهود آمنوا بالنبي صلّى الله عليه وسلّم والقرآن وتركوا كتب السحر والشعوذة وأخذوا الوقاية من عذاب الله بامتثال أوامره لاستحقوا الثواب من عند الله وهو خير وأعظم أجرا لو كانوا يعلمون ذلك. (التفسير الواضح ج1 ص61-62).

 

#- وخلاصة القول:

1- دائما كانت الإشكالية التفسيرية في هذه الآية التي ذكرت قصة هاروت وماروت .. تتمثل في جزئية واحدة في الآية وهي (وما أنزل على الملكين) .. لأن الإنزال عند العلماء مختلف عليه هل هو منفي أم مثبت .. وهذا يتوقف على تفسير لفظ (ما) بمعنى "لم" أم بمعنى "الذي" .. ثم من الطبيعي أن يحدث خلاف في طبيعة هذا العلم المثبت أو المنفي .. ثم من الطبيعي أن يحدث خلاف في حقيقة الملكين حسب تفسير طبيعة هذا العلم.

 

2- وعموما سواء الرأي الأول أو الثاني .. فكلاهما بالتفسير الذي ذكرته هو مقبول بالنسبة لي.

 

3- في تفسير الرأي الأول القائل بأنهما ملكين من الملائكة .. قد تجاهلت جزئية الرأي القائل أن الملكين نزل عليهما شيئا من السحر .. أو حتى شيئا من فروع السحر .. أو أنهما كانا يعلمان ما هو كان موجود فعلا من السحر .. لأنهما لو فعلا ذلك كانا كالسحرة ولا فرق بين الجميع ..!!

 

- ولذلك تجنبت كلمة السحر في تفسير الرأي القائل بأنهما ملكين .. وجعلته مجرد علم فيه فتنة يترتب على استخدامه ضرر التفريق بين المرء وزوجه .. لأن القرآن لم يوضح لنا أنه سحر .. ولو كان فعلا المقصد من لفظ (ملكين) هما ملكين من الملائكة .. فهو يكون علم جامع بين الخير والشر إذ أن الملائكة لا يأمرها الله بشر محض إلا في عقاب إلهي مثل ما حدث مع قوم لوط ومع قارون.

 

#- ملحوظة هامة: (نفي نزول السحر على الملكين أو حتى تفهيم السحر الموجود للناس) هو رأي بعض العلماء ممن قالوا أنهما ملكين من الملائكة .. ولكني لم اختار تحديد طبيعة ما تم إنزاله على الملكين وتركته مبهم كما هو مبهم في الآية .. (وراجع تفسيرات العلماء التي سبق وذكرناها في الرسالة).

 

4- وفي الرأي الأول أيضا .. أخذت بالرأي القائل أن الشياطين هم سلف اليهود أنفسهم .. لأن شياطين الجن لا تنشر علم الملائكة حتى يقال أن هم علموا السحر وعلم الملكين ..!! ولو ظننا هذا فهذا معناه أن الملكين لم يكونا في زمن اليهود .. وبالتالي يظهر إشكالية أخرى وهي: طالما الملكين كانا في زمن غير زمن اليهود فلماذا أتت الآية بفضيحة اليهود بعد فترة ملك سليمان .. ولماذا اختصت مدينة بابل بالذات ؟!!

 

- ولذلك حينما ذكرت كلام العلماء من أصحاب هذا الرأي .. اخترت أنهم علماء اليهود المتشيطنة نفوسهم .. وليس شياطين الجن.

 

5- وفي الرأي الأول .. افترضت أن قصة هاروت وماروت حدثت أثناء السبي البابلي وهذا الجزء خاص بي وسبق وحققته في الرسالة ..، ومحتمل أن يكون بعض كهنة اليهود بلغهم خبر هاروت وماروت في بابل فذهبوا لبابل لتلقي العلم منهما وعادوا ونشروا هذا العلم في القدس .. وذلك قبل السبي البابلي.  

 

6- والرأي الثاني الذي نفى نزول علم السحر على ملكين من الملائكة .. قد جعل المقصد هما رجلين وليس ملكين .. وتوجيه في هذا الرأي جعل الآية تتكلم على أن أصل تعليم السحر عند اليهود كان من رجلين هاروت وماروت مع تقديم وتأخير في الآية .. والتوجيه الآخر جعل منهما رجلين يدعيان الصلاح وحقيقتهما فاسدة مثل الدجالين في كل زمان ومكان حين يقولون لمريدي تعلم العلم الروحاني: يا ولدي لا تتعلم هذا العلم لأن فيه فتنة لك .. وذلك لجذب انتباه المتعلم أكثر وأكثر وإثارة فضوله .. وهذا الرأي أيضا جعل التعليم من الرجلين كان سحرا أو فرع من فروع السحر لم يكن يعرفه اليهود.  

 

7- آراء العلماء التفسيرية التي ذكرتها .. كوحدة واحدة مترابطة في تفسير الآية للدلالة على المعنى العام للآية .. بعد كثرة تفسيرات أجزاء الآية .. والتي قد تسبب حيرة للبعض في كيفية التفسير.

 

8- في كتابة الرأيين .. كنت مراعيا أفضل الآراء المحتملة .. والتي يمكن معها تفسير الآية بصورة مترابطة وواضحة بلا غموض.

- والله أعلم.

*******************

 ..:: س123: كيف أجد (خالد صاحب الرسالة) تفسير قوله تعالى (وما أنزل على الملكين) ؟ ::..

 

- قال تعالى: (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ  .....)

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- إن تصورت أن هذين الملكين هما من ملائكة الله .. فكما قلت سابقا لا يكون ذلك إلا بكونهما معهما علم يجمع بين الخير والشر ولكن يغلب فيه فتنة النفس بسهولة .. وهو غالبا علم يتعلق بالعلم الروحاني.

 

- ومن ناحية أخرى: لو افترضت أن الملكين هما رجلين وأن كلمة الملكين هي وصف إنساني وليس جنس نوراني "ملاك" .. فلا عجب أن يكون اليهود تعلما السحر مرة في بيت المقدس بعد موت سليمان عليه السلام .. وازداوا علما على علم حينما تم سبيهم في بابل من رجلين اسمهما هاروت وماروت.    

 

@- بناء على ما سبق فالذي أظنه في تفسير الآية أن يكون من أربعة أوجه:

#- أولا: على افتراض أنهما رجلين موصوفين بالملكين ولفظ (ما أنزل) يفيد إثبات إنزال شيء.

1- التوجيه الأول: واتبع اليهود ما حكته الشياطين على ملك سليمان بأنه كفر ولكن ما كفر سليمان ولكن الشياطين هم من كفروا يعلمون الناس السحر .. واتبعوا في ذلك أيضا الذي نزل به الشياطين من علم آخر للسحر بمدينة بابل على الرجلين مدعيا النبوة والصلاح اللذين كان يتم وصفهما بالملكين عند اليهود واسمهما هاروت وماروت .. والذي كان من حالهما عند تعليم هذا السحر للناس .. أنهما كانا يقولا كذا وكذا .. إلى آخر تفسير الآية.

 

#- وعلى هذا التوجيه .. فهاروت وماروت رجلين ملهمين بعلم من الشياطين بنوع آخر من السحر خلاف ما كان يعرفه اليهود من قبل..، - ويكون حينئذ قوله (وما أنزل) بمعنى نزول شياطين على هذين الرجلين .. كما قال تعالى عن حال أهل العرافة والكهانة والتنجيم: (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (221) تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (222) يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ) الشعراء221-223.

 

@- ولو كان هذا العلم منزلا من السماء لقال الله "وما أنزلنا" للدلالة على العلم المعلوم مصدر تنزيله .. ولكن الله قال: (وما أُنزل) للدلالة على العلم المجهول مصدر تنزيله بل ولا دلالة سابقة ولا لاحقة لجملة (ما أُنزل) في الآية تدل على ربانية هذا العلم حتى يقال أنه إنزال من الله .. فكيف يقال أن هذا إنزال على ملائكة ؟!!  

 

@- ثم أقول لمن ينكر على ما ذهبت إليه أن هذا محتمل أن يكون إنزال شيطاني:

- في عموما القرآن لم أجد لفظ (ما أُنزل) بصيغة المجهول .. للدلالة على مجهولية هذا العلم إلا في آية هاروت وماروت وهذا يدل على كونه علم شيطاني .. ولو كان علم رباني أو تم إنزاله على ملائكة لكان سبق أو لحق جملة (ما أُنزل) دلالة تقول أنه علم رباني أو حي إلهي .. ومثال ذلك للتوضيح:

أ- قال تعالى: (وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ) المائدة:81 .. فجملة (ما أُنزل) واضح الدلالة منها أن المقصد هو القرآن لدلالة ما سبقه من الكلام وهو الإيمان بالله والنبي.

 

ب- قال تعالى عن بعض اليهود: (وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا) المائدة:64 .. فجملة (ما أُنزل) واضح الدلالة منها أن المقصد هو القرآن لدلالة ما جاء بعدها وهو لفظ (ربك) .

- وقال تعالى عن رهبان النصارى: (وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ) فجملة (ما أُنزل) واضح الدلالة منها أن المقصد هو القرآن لدلالة ما جاء بعدها وهو لفظ (الرسول).

 

ج- وقال تعالى: (قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ) آل عمران: 84 .. فجملة (ما أُنزل علينا) واضح الدلالة منها أن المقصد هو القرآن لدلالة ما سبقه وهو الإيمان بالله .. وجملة (وما أُنزل على) فواضح الدلالة بأنه الوحي الإلهي الحق لأنه جاء بعدها أنبياء الله.

 

#- وغير ذلك في القرآن كثير مثل:

- قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) البقرة: 4.

- وقوله تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ) النساء:162.

 

@- ولكن في آية هاروت وماروت فقط .. جاءت جملة (ما أنزل) وليس فيه دلالة سابقة ولا لاحقة تدل على أنه علم رباني أو وحي إلهي أصلا .. حتى يقال أن هذا إنزال على ملكين من الملائكة.

- فما الدافع الذي يجعلني أؤمن بأنهما ملكين من الملائكة حينئذ ؟!!  

- فضلا عن أن لفظ ملك بالعربي معناه .. قد يفيد الجنس ويفيد الصفة ويفيد التشبيه .. يعني بمعنى من الملائكة وبمعنى أنهما مرسلين وبمعنى الشبه في صلاح ظاهر الحال أو باطنه أو في شكل جمال الهيئة.

- والله أعلم.

 

=========

 

#- ثانيا: على افتراض أنهما رجلين موصوفين بالملكين ولفظ (ما أنزل) يفيد نفي إنزال شيء.

2- التوجيه الثاني: واتبع اليهود ما حكته الشياطين على ملك سليمان بأنه كفر ولكن ما كفر سليمان ولكن الشياطين هم من كفروا يعلمون الناس السحر .. ولم ينزل شيئا على الموصوفين بالملكين مدعيا النبوة والصلاح بنزول الوحي عليهما في فترة سبي اليهود ببابل واللذين كان اسمهما هاروت وماروت .. وإنما كان من حالهما أو قصتهما أنهما حينما كانا يعلمان أحد بعلمهما فكانا يخبرانه أنهما فتنة بما يملكان من هذا العلم .. فلا يكفر بتجاهل تحذيرهما له أنهما فتنة حتى لا تفتن فتنحرف باستخدام هذا العلم في الباطل .. فما كان من الناس إلا أنهم يتعلمون منهما ما يستخدمونه في التفريق بين المرء وزوجه .. إلى آخر تفسير الآية وهو مفهوم.

 

=========

 

#- ثالثا: على افتراض أنهما ملكين من الملائكة وألهمهما الله بعلم خاص .. ولفظ (ما أنزل) يفيد معنى الذي.

فهو لا يخرج عما ذكرته في الرأي الأول من كلام العلماء .. لأنه في الأصل هو رأي خاص بي مجموع من أوجه الآراء التي تتعلق بهذا الرأي في التفسير. والمقصد هو:

- أن اليهود اتبعوا ما حكته الشياطين على ملك سليمان بأنه كفر ولكن ما كفر سليمان ولكن الشياطين من جماعة اليهود هم من كفروا إذ يعلمون الناس السحر .. وكذلك يعلمون الذي أنزل من العلم على الملكين ببابل المتجسدان في صورة بشر واسمهما هاروت وماروت .. وكان حالهما عند تعليم هذا العلم لأحد أنهما يخبرانه أن ما معهما من العلم يجعلهما مصدرا للفتنة لأنه علم يغلب فيه الفتنة بقوة .. فلا يصح أن تخالف تحذيرنا لك فتكفر بهذا التحذير أو بالإعتقاد فيه أنه مؤثر بذاته .. فترتب على ذلك أن من تعلم من الملكين قد افتتن بهذا العلم .. وأخذ منه جانب الشر فاستخدمه في التفرقة بين المرء وزوجه .. إلى آخر تفسير الآية ...

- والله أعلم.

 

=========

 

#- رابعا: على افتراض أنهما ملكين من الملائكة وألهمهما الله بعلم خاص .. ولفظ (ما أنزل) يفيد النفي.

- فيكون التفسير كذلك: واتبع اليهود ما حكته الشياطين على ملك سليمان بأنه كفر ولكن ما كفر سليمان ولكن الشياطين هم من كفروا يعلمون الناس السحر .. ولم يحدث إنزال علما من علوم السحر على الملكين ببابل المتجسدان في صورة بشر واسمهما هاروت وماروت .. وإنما كان من قصة هذين الملكين مع الناس أنهما كانا يعرفان علما تغلب فيه الفتنة لمن يتعلمه .. وكان حالهما عند تعليم هذا العلم لأحد .. أنهما يقولا كذا وكذا ........ إلى آخر التفسير.

- والله أعلم.

 

#- وخلاصة القول فيما سبق:

- أن ما ذكرته من أوجه .. هو مما فهمته خلال بحثي وما استنتجته من أوجه التفسير للآية.

 

- وإن كانت أميل لرأي .. فمحتمل عندي الرأي الأول والرابع مما ذكرته ..

- فالرأي الأول يقول: أنهما رجلين مدعيا التنبوء والصلاح ويزعمان أنهما ينزل عليهما وحيا ربانيا .. وكان ذلك في سبي بابل وكان اسمهما هاروت وماروت .. ولعل القرآن يتكلم بما كان كان معهود عند اليهود من لفظ الملكين كوصف وذلك تأكيدا لصحة المعلومة أي بدلالة وصفهم لهذين الرجلين بكونهما ملكين كما هو كان حالهما في وصف أنبيائهم وعلمائهم.

 

- والرأي الرابع الذي يقول: أنهما ملكين .. فهو على سبيل نفي ما أنزل عليهما من السحر .. وإنما كانا ملكين ومعهما علما آخر فيه فتنة للناس ..، لأن النفي لا علاقة له بلفظ الملكين وإنما له علاقة بالذي تم إنزاله.

- وكلا الرأيان مقبول بالنسبة لي ..

 

#- مع ملاحظة هامة جدا: وهو أن لفظ الملكين في كل الأحوال هما يظهران في صورة رجلين .. لأنك قد تقرأ في بعض التفاسير (ملكين وهما رجلين) .. فالمفسر يقصد أنهما ملكين من الملائكة يظهران في صورة رجلين من البشر .. وليس يقصد أنهما رجلين من الإنس ..، وهذا بخلاف الرأي الذي يقول بأنهما رجلين من الإنس فعلا .. فانتبه.

- والله أعلم.   

 

**********************

..:: س124: هل يمكن القول أن هاروت وماروت هم منشأ تعليم السحر لليهود ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- هل يمكن التفسير بالقول هكذا: "بأن الشياطين يعلمون الناس السحر .. والذي هو أنزل على الملكين ببابل هاروت ماروت ......".

 

- لعل هاروت وماروت قد علما السحر ببابل .. وانتقل علمهم لليهود لأنهم كانوا على علاقة بالبابليين .. ومن هنا كانت بداية تعليم اليهود من خلال ما بلغهم من خبر السحر عن هاروت وماروت البابليين.

 

- قلت: هذا تفسير في ظاهره جيد .. ولكنه لا يصح فيه جزئية (والذي هو أنزل) .. لأن العطف هنا ليس عطف بيان .. وإنما عطف جملة على جملة .. وهو يقتضي أن يكون علم مشابه أو مغاير ..

 

- وإنما ما سبق .. يكون تفسيره محتمل أن يكون السحر تم تعليمه في بابل على يد هاروت وماروت .. وانتقل إلى اليهود بعد موت سليمان عليه السلام .. وليبرر اليهود جريمة استخدام السحر قالوا أن هذا مما نزل به الملكين جبريل وميكائيل على سليمان .. والحقيقة أن الله ما أنزل على الملكين شيئا من هذا السحر.

 

- وهذا يكون تفسير محتمل .. لو افترضنا صحة الرأي التفسيري الذي قال بأن هاروت وماروت بدلا من الناس في قوله (يعلمون الناس السحر) أي هاروت وماروت بدل من الناس ..  أي هما رجلين .. فيكون المعنى هكذا: "الشياطين يعلمون الناس السحر ببابل هما هاروت وماروت .. وما أنزل شيء على الملكين .. وكان من قصة هاروت وماروت أنهما ما يعلمان من احد ..... إلى آخر تفسير الآية .

 

- والله أعلم.

******************

 ..:: س125: ما الحقيقة والمعجزة التي يجب أن تنتبه لها في قصة هاروت وماروت ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- قد يظن البعض لغموض تفاصيل قصة هاروت وماروت .. أن هذا يفتح تساؤل فيقال: لماذا لم يخبرنا الله بالقصة كاملة لنعرفها ؟

 

- لكن الحقيقة أنت لم تنتبه لمقصد الآية .. بل ولم تنتبه لمعجزة الآية في زمن النبي وحتى يومنا هذا .. فما هي هذه الحقيقة والمعجزة ؟

 

- الحقيقة هي أن اليهود في زمن النبي صلى الله عليه وسلم .. لم يعترضوا على قصة هاروت وماروت ولم ينكروها .. وهذا دليل كافي جدا لثبوت صحتها عندهم .. وهذا في حد ذاته هو معجزة للقرآن أن يكشف شيء مر عليه حوالي ألف وخمسائة سنة حتى زمن النبي .. شيئا ما كان احد يعرفه إلا كهنة أو علماء اليهود فقط حتى زمن بعثة النبي صلى الله عليه وسلم.

 

- ولو كان عند اليهود أي اعتراض ولو بسيط على ما جاء في الآية لكان ظهر ذلك منهم في الأخبار .. كما ظهر منهم أنهم كانوا اعترضوا على أن سليمان نبيا أواب من الصالحين فاعترضوا على ذلك بأن سليمان كان ملكا قد كفر واتخذ من السحر وسيلة لتسخير الشياطين في بناء مملكته.

 

- ولذلك من أسباب نزول هذه الآية هو تبرئة النبي سليمان مما افتراه عليه اليهود .. ولعله أيضا لتبرئة ما نسبوه لجبريل وميكائيل .. وكشف الحقيقة كاملة لهذه القصة .. وأظن لو كان أحد من اليهود حاول الإعتراض على ما جاء في هذه الآية .. لكان الله فضح أسلافهم بأسمائهم الذين قاموا بكتابة التوراة بأيديهم والذين أخذوا السحر تلقينا من الشياطين .. إذ أن ظهور اسمي هاروت وماروت هو كان مجرد علامة تحذير لليهود بعدم التطاول بمزيد من البجاحة وإلا سيتم إظهار حقيقة أسلافهم بأسمائهم.

- والله أعلم.

*****************
يتبع إن شاء الله تعالى
*****************
والله أعلم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم
هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .

هناك 4 تعليقات:

  1. سبحان الله .. وهو الاعلم بكتابه
    وفوق كل ذي علم عليم ..

    راق لي التوجيه الاول ( وما أنزل على الملكين ) .. سؤال 123 / مصدر الانزال مجهول فبالتالي لما لا يكون شيطاني !! ..

    زادك الله من فضله الواسع استاذنا الفاضل
    وامدك وايدك بالحق وايد الحق بك
    امين يارب العالمين

    ردحذف
  2. مجهود كبير يا استاذ خالد اسأل الله أن يجزيك بالاحسان احسانا ويتقبل عملك وجهدك ويمدك بمدده دائماً والجميع آمين يا رب العالمين

    بصراحة ما عندي كلام اقدر اعبر به عن مدى امتناني لحضرتك على الاقل شغلت اوقاتنا بالقرآن والذكر اسأل الله أن يجيز عنا خير الجزاء وصدقاً لو عندي كلام اعرف اعبر به لكتبته ولكن اسأل الله أن يجعله زخر لك عنده آمين يا رب العالمين

    خطر ببالي اليوم تفسير ابن برجان عليه سحائب الرحمة وعندما تصفحته سريعاً ماذا قال في هذه الآية شعرت بشعور أن كنت فين من زمان ايها المبجل ههههه

    لم اقرأ تفسير الاية تفصيلاً ولكن بوجه عام اشعر انه افضل المفسرين ممن فسر هذه الآية لسبب وحيد انه فسر القرآن بالقرآن ولم يستند ابداً لكلام اهل الكتاب ولم يحشو تفسيره بالقصص الجمعية مثل كثير من كتب التفسير

    اتمنى حضرتك تلقي نظرة عليه

    https://ketabonline.com/ar/books/100260/read?part=1&page=249&index=100635/100676


    ردحذف
  3. 🎈🎈🎈🎈🎈🎈🎈🎈🎈🎈🎈🎈

    كل عام وأنتي بألف خير ياعطورة ياجميلة 😘❤️ وعيد ميلاد سعيد عليكي يا قلبي🥳🥳🥳بكل الخير والفرح والسرور لقلبك الجميل🥰🤍🌹
    ربنا يطول بعمرك يارب ويمدك بالصحة والعافية وراحة البال ودائما موجودة معنا في أحسن الأحوال على الحب والوصال🤲🤲🎇🎁🎉🎊🎈🎁🎈🎉🎊
    بتمنى لك كل الخير وكل السعادة في حياتك😍🥳😊💜وربنا يوفقك ويحقق لك ما تتمني ويارب يرضى عنك ويراضيكي يارب.

    Happy birthday, my beautiful❤️

    A lifetime of happiness and contentment🌹

    🎂🧁🍩🎂🧁🍩🎂🧁🍩🎂🧁🎂

    🎈🎈🎈🎈🎈🎈🎈🎈🎈🎈🎈🎈

    ردحذف
  4. 🌹🍃
    الحياة مواقف ..
    والمواقف لا تُنسى ...
    قد ينسى الإنسان أيامه الصعبة ...
    لكنه لا ينسى ابدا من هوّنها عليه ..
    واحتضن قلبه فيها وهون عليه ضيق الأيام ...
    فهناك ذكريات مهما مر عليها الزمن تظل محفورة في الأذهان..
    والخير الذي يفعله الإنسان يعود إليه ولو بعد حين..
    فافعل الخير دائما لا تدري لعله يكون لك باب رحمة من الله..
    ولا تستصغر تأثير كلمة طيبة قلتها لإنسان في وقت الضيق ..
    فربما كلمة بسيطة تجبر بها خاطر إنسان لا تلق لها بال تكون سبب في إحياء إنسان من جديد وجعله يقبل على الحياة.

    💜🦋
    ❤️منقول❤️ .

    ردحذف

ادارة الموقع - ا/ خالد ابوعوف