بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة المعجزات والأفضلية
بين النبي محمد وسائر الأنبياء
وعلو شأن النبي بالآيات القرآنية
(الفصل الرابع)
#-
فهرس:
:: الفصل الرابع :: قيل أن النبي نوح أفضل من النبي محمد ..!! ::
1- س6: هل نوح أفضل
من النبي محمد لأنه صبر 950 سنة وصنع السفينة في الصحراء وحملته على الطوفان وله
خلق حسن مع قومه ووصفه الله بأنه عبدا شكورا ؟
-# أولا: بخصوص صبر نوح تسعمائة وخمسون عاما .
#- ثانيا: أما عن مسألة معجزة صناعة السفينة والنجاة بها من الطوفان.
#- ثالثا: أما عن مسألة أن نوح كان أحسن خلقا في دعوة قومه من النبي محمد.
#- رابعا: أما عن مسألة وصف الله لسيدنا نوح: (إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا) الإسراء:3.
================
:: الفصل الرابع
::
================
..:: س6: هل نوح أفضل من النبي محمد لأنه صبر 950 سنة وصنع السفينة
في الصحراء وحملته على الطوفان وله خلق حسن مع قومه ووصفه الله بأنه عبدا شكورا ؟ ::..
- الذين قالوا أن نوح عليه السلام أفضل من النبي محمد صلى
الله عليه وسلم .. قد ذكروا أن نوح عليه السلام .. صبر تسعمائة وخمسون عاما .. وصنع السفينة
في الصحراء وكانت ملاذ رحمة له ولمن معه من الطوفان .. وهذه معجزات أعظم من معجزات
النبي صلى الله عليه وسلم .. ولم يكن لها نظير في معجزات النبي صلى الله عليه وسلم
..!!
- هذا بخلاف أن نوح كان أحسن خلقا في دعوته لقومه .. إذ قال تعالى: (وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ) الشعراء:114 .. ولكن الله قال
في حق النبي محمد: (وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ
بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ) الأنعام: 52 .. وهذا يدل على نوح
كان أحسن خلقا من النبي محمد في دعوة قومه.
- بل وخص الله نوحا بمدح عبوديته فقال
عنه: (إِنَّهُ كَانَ
عَبْدًا شَكُورًا) الإسراء:3 .. وهذا لم يقال في حق النبي محمد.
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- أولا: بخصوص صبر نوح تسعمائة وخمسون عاما ..
1- كل نبي وله عزيمة من ربه وليس عزيمة من
نفسه .. وله ثبات من ربه وليس من نفسه .. وصبر من ربه وليس من نفسه .. إذ قال جل
شأنه لنبيه صلى الله عليه وسلم: (وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ
إِلَّا بِاللَّهِ) النحل:127 ..، وقال جل شأنه: (وَلَوْلَا
أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا)
الإسراء:74 .. ومثله قول الله: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ
آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ)
إبراهيم:27 ..، وقال جل شأنه: (فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ
عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) آل عمران:159 .. فلا
تكتمل عزيمتك إلا بالتوكل أي الإعتماد على الله لأنه هو من يدبر الأمور.
- ولذلك كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم الذي علمه لأصحابه: (اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِي الْأَمْرِ، وَالْعَزِيمَةَ
عَلَى الرُّشْدِ، وَأَسْأَلُكَ مُوجِبَاتِ رَحْمَتِكَ، وَعَزَائِمَ مَغْفِرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ
شُكْرَ نِعْمَتِكَ، وَحُسْنَ عِبَادَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ قَلْبًا سَلِيمًا، وَلِسَانًا
صَادِقًا، وَأَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا تَعْلَمُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا تَعْلَمُ،
وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا تَعْلَمُ، إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ)
رواه الطبراني في الكبير وحسنه محققو المسند في تحقيقهم على رواية الإمام أحمد (تخريج المسند حديث رقم 17114
وذكروا رواية الطبري وقالوا: وهذا إسناد حسن ج28 ص339).
- والثبات في الأمر أي في فعل أوامرك واجتناب نواهيك ..
- والعزيمة
على فعل ما تحب ..
- وموجبات رحمتك من الأعمال الصالحة الخالصة لوجهك الكريم من
العبادات والمعاملات ما تجعلني بها أهلا لرحمتك ..
- وعزائم مغفرتك من القوة القلبية التي تجعلني أطلب بها دائما
التوبة والغفران منك .. ويقصد بالعزائم هنا (الندم على الفعل والإمتناع على العودة
للفعل وطلب الغفران مما فعلت) لأن كل واحدة من هؤلاء هي عزيمة ..
- وقلبا سليما خالي من المعتقدات الفاسدة والشهوات
المذمومة والامراض الباطنية كالغل والحقد والحسد .. والله أعلم.
2- بناء على ما سبق:
- فإذا كنت تتصور أن نوح صبر تسعمائة
وخمسون عاما يدعو قومه لأنه يمتلك هذه القدرة من نفسه على فعل ذلك .. فأنت بكل تأكيد
لديك شيء خطأ في معتقدك أو فهمك .. إذ أن العزيمة والثبات والصبر يتم استمداها من
الله وليس من النفس لأن النفس من ذاتها لا تملك عزيمة على ذلك ..
- ولذلك سواء صبر نوح على الدعوة 950 عاما أو
أكثر أو أقل .. فهذه المدة التي وهب الله فيها العزيمة لنوح من أجل الدعوة التي كان
يتطلبها في ذلك الزمان .. ولو كان هذا الصبر من نفسه فما كان صبر شهرا عليهم ..
وإنما من يصبره الله فهو الصابر.
3- ولذلك لا يقول عاقل أن المدة الزمنية
دليلا على علو المقام .. إذ لو كان المدة الزمنية دليلا على علو
المقام .. فهذا فيه اتهام لإمهال الله لعباده في الأزمان التالية .. إذ يقال
ولماذا لم يصبر الله على باقي الأمم كما صبر على قوم نوح ؟!!
- لا .. فهذا اتهام باطل حينئذ لقلة الفهم وضعف
المعرفة .. فالإمهال بقدر عزائم الوقت والنفوس الموجودة في ذلك الوقت وأعمارها
وعقولها وقدرتها على الاستيعاب .. فأعمار قوم نوح في ذلك الوقت كانت تزيد على
الألف عام .. بخلاف باقي الأزمنة .. وكلما تطور الزمان تطورت العقول والنفوس فلم يعد حاجة لإطالة زمن الدعوة .. فاقهم ما ذكرته لك فإنه من نفيس العلم.
4- إذن: مسألة أن نوح أفضل من النبي محمد صلى الله
عليه وسلم لأنه صبر 950 عام على قومه .. هي مسألة غير صحيحة .. لأن الذي وضع وقت
الدعوة هو الله لحكمة يتطلب ذلك الزمان .. فالذي سمح بأن تكون دعوة نوح 950 سنة هو
الذي سمح أن تكون دعوة النبي محمد ثلاثة وعشرون سنة .. وكان نتيجة من آمن مع نوح
جماعة قليلة جدا ..، وكان من آمن بالنبي محمد يزيد عن مائة ألف شخص ..
- فلو كان المقياس هو بقدر المساحة
الزمنية: فمن باب أولى أن يكون القياس بحجم النتائج المترتبة على
هذه المساحة الزمنية لنعلم من كانت له العزيمة والتأثير في قومه.. مش كده ولا إيه
؟!!
- إذ أن بناء على ما سبق وبالعقل البسيط: يقال لو كان الله أمد في عمر النبي صلى الله
عليه وسلم وعاش 950 سنة كعمر نوح .. لكان الآن كل كوكب الأرض قد أسلم من زمن بعيد
.. مش كده ولا إيه ؟!!
======
#- ثانيا: أما عن مسألة معجزة صناعة السفينة والنجاة بها من الطوفان ..
- فأراك يا هذا لازلت تتعامى عن الحقيقة
.. فإذا كان نوحا صنع سفينة لينجو فيها بعض الناس والحيوانات .. فالنبي محمد
صلى الله عليه وسلم قد أعطاه معجزة القرآن كالسفينة لمن أراد أن ينجو من طوفان غضب
الله .. ولكنها نجاة في الدنيا والآخرة.
- وشتان: بين من كانت معجزته نجاة من غضب الله في
الدنيا في زمن محدد ومكان محدد لبعض الكائنات .. وبين من كانت معجزته نجاة من غضب
الله في الدنيا لكل إنسان وجان عاش بالقرآن في كل زمان ومكان .. ونجاة في الأخرة
بمزيد من الإحسان والرضوان.
- فما لكم كيف تحكمون ؟!!
======
#- ثالثا: أما عن مسألة أن نوح كان أحسن خلقا في دعوة قومه من
النبي محمد ..
1- فهذا من الكلام الباطل لأن الإستدلال بالحق على باطل
فهو باطل .. لأن الله شهد للنبي صلى الله عليه وسلم بقوله جل شأنه: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) القلم:4.
- وحينما قال تعالى: (إنك لعلى)
فهذا معناه لبيان تحقيق ما بعده .. فأكد الكلام ب (إن) للدلالة على التأكيد المحقق
.. وضمير حرف (ك) للدلالة على خصوصية الفخر بالنبي صلى الله عليه وسلم مخاطبا له
بذلك لعلو شأنه ومقامه وكأنه يقول له أنت الذي بلغت ما لم يبلغه أحد يا حبيبي يا
محمد .. وأظهر الله هذا الفخر بحرفي "اللام وعلى" .. فأكد بحرف اللام
وكأنه يقول "مؤكدا ويقينا" .. أنك (على)
أي متحققا بالخلق العظيم ومتمكنا منه تمكينا تاما .. كالفارس الذي راكبا على فرسه
متمكنا من قيادته.
- وكأن الله يريد أن يقول لنا: من أراد ان يتعلم الخلق العظيم فلينظر إلى
هذا الرجل فيتعلم منه إذ أنه هو من تمكن من الخلق العظيم .. حتى علا عليه فأصبح هو
فوق الخلق العظيم .. بما لم يحظى به أي مخلوق في العالمين سواه .. إذ لم يذكر الله
هذا في حق أي أحد .. ولذلك أرشدنا الله فقال لنا: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ
أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ) الأحزاب:21.
- فأين نوح عليه السلام أو غيره من الأنبياء من هذا الشرف وهذا الخلق ؟!!
- فهل زاغت القلوب أم في العقول غباء ؟!!
- عجبا ..!!
2- أما عن قوله عن نوح (وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ) الشعراء:114 .. فهذا خطاب من نوح
لقومه الذين طلبوا منه طرد الفقراء الذين أتبعوه حتى يجلسوا معه ويسمعوه ..
- وقوله تعالى في حق النبي محمد: (وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ
يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ) الأنعام: 52 .. فهذا مجرد توجيه من الله بأن لا يطرد أحد من
المؤمنين .. فالخطاب له والمقصود به أمته من بعده .. ولكن هل طرد أحد ؟ لا .. إذن
هو متأدب بأدب القرآن لأن خلقه القرآن الذي هو كلام الله ..
- فما وجه تعارض الآيتين ببعض إذا كان كلاهما يؤدي نفس المهمة في حق
النبيان ؟!!
- فلا نوح طرد أحد .. ولا النبي محمد طرد أحد.
- فهل هذا تحريف في تفسير كلام الله عمدا أم سُلبت
الأفهام من العقول كأنهم لا يعقلون ؟!!
- عجيب أمر هؤلاء الناس ..!!
3- وإذا كنت تريد ان تعرف الفرق في معاملة النبي محمد لقومه ومعاملة نوح
لقومه .. فنجد أن نوح أول
أمره دعا قومه وصبر عليهم .. وآخر أمره دعا على الكافرين من قومه: (وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ
عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا) نوح:26 .. ولكن النبي محمد صلى الله عليه وسلم دعا قومه وصبر عليهم وحينما
أعطاه الله الإذن بالإنتقام منهم من خلال ملاك من الملائكة .. رفض النبي محمد وقال
بما معناه: عسى أن يخرج الله من أصلابهم من يوحد الله ..
- فشتان: بين
من أول أمره صبر على قومه وآخر أمره يأس منهم .. وبين من كان أول أمر صبر على قومه
وآخر أمره آمنوا به وأيدوه والتفوا حوله فكان سيدهم ..
- فأين هذا من
ذاك ؟!!
======
#- رابعا: أما عن مسألة وصف الله لسيدنا
نوح: (إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا) الإسراء:3.
- إذا كان الله قال
عن النبي نوح أنه عبدا شكورا .. - وفي القرآن دائما يأتي بلفظ العبودية في حق النبي محمد صلى
الله عليه وسلم مضافا للتشريف وليس للتعريف .. فمرة يقول "عبده" أو
"عبدنا" أو "عبد الله" ..، كما في قوله: (هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ)
الحديد:9..، وقوله: (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا
عَلَى عَبْدِنَا) البقرة:23 ..، وقوله: (وَأَنَّهُ
لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ) الجن:19.
- ملحوظة: لفظ العبودية مضافا
للنبي إنما هو يأتي للتشريف لبيان خصوصية التكريم .. وليس للتعريف لأن كل الكائنات
هم عبيدا لله أو عبادا لله .. ففرق بين التشريف والتعريف.
- ففي القرآن لم يخصص الله عبودية النبي بصفة معينة كما خصص عبودية
نوح .. وذلك لتفهم أن صفات العبودية جميعها كانت متحققة في النبي صلى الله
عليه وسلم على أتم الكمال دون زيادة وصف عن وصف ليخصصها بوصف معين كان النبي مهتما
فيه عن غيره من أوصاف العبودية .. لأنه النبي الرسول العبد الكامل في عبوديته لربه
بما لم يحظى بذلك غيره.
- فشتان: من
مدحه الله بوصف من أوصاف العبودية .. وبين من هو متحقق بكل صفات العبودية على أكمل
وجه ..
-
فأين هذا من ذاك ؟!!
- اللهم صل وسلم وبارك على
سيدنا محمد دائما أبدا وأبلغه منا السلام .. السلام عليك أيها النبي ورحمة الله
وبركاته.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ادارة الموقع - ا/ خالد ابوعوف