ج19: قصة الإسراء والمعراج علما وحكمة - هل البراق اضطرب من رؤية النبي واستصعب النبي ركوبه - هل ركب جبريل عليه السلام مع النبي على ظهر البراق - هل البراق كان له جناحات يطير بهما وله وجه كوجه الإنسان - لماذا ربط النبي البراق في حائط بيت المقدس - هل ركوب النبي للبراق خصوصية نبوية أم ركبه الأنبياء من قبله - ما الإشارة لقلوب المؤمنين في ركوب البراق - لماذا نؤمن بقصة شق صدر النبي والبراق ولم يأت ذكرهما في القرآن.

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

قصة الإسراء والمعراج علما وحكمة 

(الفصل التاسع عشر)

#- فهرس:

:: الفصل التاسع عشر:: ج6/ مسائل وشبهات تم نشرها على الإنترنت تتعلق بالبراق كوسيلة انتقال ركبها النبي من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى :: 

1- س57: هل البراق اضطرب من رؤية النبي واستصعب النبي ركوبه ؟

#- أولا: مسألة اضطراب البراق واستصعاب النبي أن يركبه ..

#- ثانيا: إشارات بعض أهل العلم في ركوب البراق واستصعاب النبي ركوبه .

2- س58: هل ركب جبريل عليه السلام مع النبي على ظهر البراق حتى صعدا به إلى السماوات السبع ؟

#- أولا: هل ركب جبريل عليه السلام البراق مع النبي أم كان يمسك له اللجام فقط ؟

#- ثانيا: هل ظل جبريل والنبي راكبين على البراق حتى صعدا للسماوات السبع ويتنقلون به ؟

3- س59: هل البراق كان له جناحات يطير بهما وله وجه كوجه الإنسان ؟

#- خرافة أن البراق كان له جناحات ..!!

#- خرافة أن البراق له وجه كوجه الإنسان ..!!

#- من الخرافات كلام البراق مع النبي ليدخله في شفاعته ..!!

4- س60: لماذا ربط النبي البراق في حائط بيت المقدس حينما وصل للمسجد الأقصى ؟

5- س61: هل ركوب النبي للبراق خصوصية نبوية أم ركبه الأنبياء من قبله ؟

- ( كيف ترد على من يزعم أن الإسراء حدث لأنبياء سابقين ؟ )

6- س62: ما الإشارة لقلوب المؤمنين في ركوب البراق ؟

7- س63: لماذا نؤمن بقصة شق صدر النبي والبراق ولم يأت ذكرهما في القرآن ؟

*******************

:: الفصل التاسع عشر ::

*******************

 

..:: س57: هل البراق اضطرب من رؤية النبي واستصعب النبي ركوبه ؟ ::..

 

- من الأمور التي قد تخطر ببالك فتقول: لماذا يضطرب البراق وينفر من محاولة ركوب النبي على ظهره .. إذا كان هو مرسل من الله ويعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم سيركبه ؟!!

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- أولا: الكلام على الروايات التي ذكرت مسألة اضطراب البراق واستصعاب النبي أن يركبه ..

1- (حديث ظاهره صحيح – ولكن فيه علة ونكارة وغرابة) .. عن معمر عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ: (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِالْبُرَاقِ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ مُسَرَّجًا مُلَجَّمًا لِيَرْكَبَهُ، فَاسْتَصْعَبَ عَلَيْهِ .. فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: مَا يَحْمِلُكَ عَلَى هَذَا ؟ فَوَاللهِ مَا رَكِبَكَ أَحَدٌ قَطُّ أَكْرَمُ عَلَى اللهِ مِنْهُ .. فَارْفَضَّ (أي سال) عَرَقًا) رواه الترمذي وقال هذا حديث حسن غريب ، ورواه بن حبان ورواه أحمد واللفظ له .. وقال محققو المسند: إسناده صحيح على شرط الشيخين .. وذكرها الألباني في صحيح الترمذي .. (قلت خالد صاحب الرسالة): السند فيه علة ولذلك ضعفه الترمذي بقوله "غريب" .. وهذه العلة هي أن رواية معمر عن قتادة لا تقبل منفردة ولا متابعة له في هذه الرواية حسب ما أعلم .. وسبب عدم قبولها هو ما قال الدارقطني وغيره : أن معمر سيء الحفظ عن قتادة والأعمش. "نقلاً عن ابن رجب (( شرح العلل )) ج2 ص698 ..، وأنصحك بقراءة بحث كتبه الدكتور حسن محمد عبه جي تحت عنوان " معمر بن راشد ومرويات البصريين عنه في الصحيحين" كتاب إلكتروني على شبكة الإنترنت من انتاجات شبكة الألوكة .. وكذلك مراجعة بحث الإسراء والمعراج دراسة حديثية فقهية للفاضل محمود بن أحمد أبو مسلم كتاب إلكتروني على شبكة الإنترنت من انتاجات شبكة الألوكة.. كلا الكتابين يتم تحميلهم مجانا من موقع شبكة الألوكة..، وكذلك مراجعة كتاب الضعيف من قصة الإسراء والمعراج لعمرو عبد المُنعم ص12.

 

#- وعلى افتراض لو صح السند .. فالرواية فيها نكارة لبعض ألفاظه وهي استصعاب ركوب البراق إذا لا يعقل أن يرسل الله لنبيه ما يستصعب عليه .. هذا فضلا عن غرابتها لمخالفة هذه الرواية لما في صحيح البخاري من أن النبي تم حمله ورفعه على البراق وهذا الأليق بتشريفه والأفهم للعقل .. ودليل ما سبق أن النبي تم حمله على البراق هو ما جاء في رواية البخاري في وصف البراق: (يَضَعُ خَطْوَهُ عِنْدَ أَقْصَى طَرْفِهِ .. فَحُمِلْتُ عَلَيْهِ .. فَانْطَلَقَ بِي جِبْرِيلُ حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الدُّنْيَا ....).

 

- فالكلام واضح في الصحيح أن النبي تم حمله ليركب البراق .. ولم يركبه من نفسه حتى يقال استصعب ركوبه ..!!

 

2- (حديث ضعيف جدا سندا ومنكرا جدا متنا) .. روى الواقدي عن أم هانيء وجد عمرو بن شعيب وأم سلمة وعائشة وبن عباس من خلال أسانيده .. وقال: دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي حَدِيثِ بَعْضٍ. قَالُوا: (أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْلَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ. مِنْ شِعْبِ أَبِي طَالِبٍ إِلَى بيت المقدس. قال رسول الله. ص: حُمِلْتُ عَلَى دَابَّةٍ بَيْضَاءَ بَيْنَ الْحِمَارِ وَبَيْنَ الْبَغْلَةِ فِي فَخْذَيْهَا جَنَاحَانِ تَحْفِزُ بِهِمَا رِجْلَيْهَا. فَلَمَّا دَنَوْتُ لأَرْكَبَهَا شَمَسَتْ (أي نفرت) فَوَضَعَ جِبْرِيلُ يَدَهُ عَلَى مَعْرِفَتِهَا (أي شعر رأسها) ثُمَّ قَالَ: أَلا تَسْتَحْيِينَ يَا بُرَاقُ مِمَّا تَصْنَعِينَ ؟ .....) رواه ابن سعد في الطبقات .. (قلت خالد صاحب الرسالة): والحديث باطل ويكفي أن راويه هو (محمد بن عمر الواقدي) وهو متروك الحديث ومتهم بالوضع ..

 

- هذا بالإضافة لنكارة متن الحديث أصلا .. لأن الإسراء كان من المسجد الحرام نفسه وليس قريبا منه في شِعَب أبي طالب .. ولا يخفى سخافة ما جاء في الرواية من أن الدابة البيضاء أو البراق شمست أي نفرت وامتنعت عن أن النبي يركبها وهي التي أرسلها الله لتنقله .. !!

 

#- قال أحد الأفاضل المجتهدين في تحقيق روايات الإسراء والمعراج وهو محمود بن أحمد أبو مسلم: "و أصحّ روايات الإسراء لم تذكر شيئا من استصعاب البراق على رسول الله صلّى الله عليه وسلم". (الإسراء والمعراج دراسة حديثية فقهية ص26).

- وهذا هو ما أوافق عليه بأن لم يصح شيء في هذه الجزئية .. لمخالفته ما جاء في صحيح البخاري .. فضلا عن أن الله لم يرسل دابة للنبي لتنفر من النبي أو ليستصعب عليه ركوبها .. فأين التكريم في ذلك ؟!!

 

#- ثانيا: إشارات بعض أهل العلم في ركوب البراق واستصعاب النبي ركوبه .

- البعض قال: أن اضطراب البراق إنما هو لهيبة رؤية النبي.

- والبعض قال: أنه اضطرب فرحا وسرورا بركوبه.

- والبعض قال: إن العرق الذي سال من البراق لأنه اضطرب حياءا من رؤية النبي .. فسال العرق من جبينه.

 

#- وكل هذه الإشارات جيدة جدا .. ولكن يتبقى سؤال: أليس من يضطرب فرحا وفيه هيبه وحياء ممن يراه .. أن يتذلل له ولا ينفر ولا يجعل ركوبه صعبا ؟!!

 

- وبالرغم من وجاهة الإشارات السابقة .. ولكن ألفاظ الروايات صريحة في أن النبي ذهب يركبه فاستصعب ركوبه .. حتى أخمد جبريل صعوبته ووبخ البراق على فعله .. ولو كان ما فعله البراق هو نوعا من الفرح والهيبة للنبي لكان جبريل أخبر النبي بذلك بدلا من توبيخ البراق ..!!

- ولو كان البراق في حالة هيبة وحياء من النبي لكان نزل على رجليه اديا واحتراما وتماسك ساكنا في مكانه دون اضطراب أو انزعاج .. ثم كيف يحدث من البراق ذلك وهو مأمور من الله أن يركبه النبي صلى الله عليه وسلم ؟!!

 

#- خلاصة القول:

1- مسألة استصعاب ركوب البراق .. عن نفسي لا أقبلها .. بل ولا أصدقها لنكارة ألفاظها .. وهي مخالفة لما في صحيح البخاري ..

 

2- وإذا كان البراق مأمور من الله بأن النبي سيركبه .. فكيف نتصور خلاف الأدب والسكون والخضوع من اجل أن يركبه النبي ؟!!

 

3- بل التكريم في ركوب البراق .. كان في رواية البخاري التي جاء فيها (حُمِلت عليه) ..، وفي رواية ابن حبان بسند حسن جاء فيها: (فَحَمَلَهُ عَلَيْهَا جِبْرِيلُ) .. أي أن جبريل حمله ورفعه إلى البراق بنفسه .. ولم يحاول النبي ركوبه من نفسه .. وهذا من كمال أدب جبريل مع النبي صلى الله عليه وسلم .. وهو الفعل الأليق بالنبي ويقبله العقل ويرتضيه القلب .. وشبيه ذلك الفعل حينما يأتيك ضيفا وتأتي له بسيارة فاخرة فتفتح باب السيارة تكريما له ليركب مباشرة ..

- والله أعلم .

  

*************************

 

..:: س58: هل ركب جبريل عليه السلام مع النبي على ظهر البراق حتى صعدا به إلى السماوات السبع ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- هنا نناقش مسألتان ..

- الأولى: هل ركب جبريل عليه السلام البراق مع النبي أم كان يمسك له اللجام فقط ؟

- الثانية: هل ظل جبريل والنبي راكبين على البراق حتى صعدا للسماوات السبع ويتنقلون به ؟

 

#- أولا: هل ركب جبريل على البراق مع النبي أم كان فقط يمسك له اللجام ؟

- البعض يظن أن جبريل كان يمسك لجام البراق .. والنبي فقط هو الجالس على ظهر البراق .. ولكن هذا خطأ .. لأن الصحيح هو أن جبريل عليه السلام والنبي صلى الله عليه وسلم كلاهما ركبا على البراق .. وغالب الظن أن الذي كان يقود هو جبريل عليه السلام لمعرفته بالبراق وطريق الوصول ..

 

#- قال الإمام بن حجر العسقلاني رحمه الله (المتوفى:852 هـ):

- في الطبراني من حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه .. أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم بالبراق فحمله بين يديه وعند أبي يعلى والحاكم من حديث بن مسعود رفعه: (أتيت بالبراق فركبت خلف جبريل) .. وفي حديث حذيفة عند الترمذي والنسائي: (فما زايلا ظهر البراق) ..  (فتح الباري ج7 ص207).

 

- ثم بعد كلام قال بن حجر: في صحيح بن حبان من حديث بن مسعود .. أن جبريل حمله على البراق رديفا له .. وفي رواية الحارث في مسنده أتي بالبراق فركب خلف جبريل فسار بهما .. فهذا صريح في ركوبه معه .. فالله أعلم. (فتح الباري ج7 ص207).

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) الروايات التي أشار إليها بن حجر تحقيقها كالآتي:

1- رواية الحاكم والطبراني والحارث وهي (ضعيفة) .. عن أبي حمزة، عن إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعود: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: (أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ فَرَكِبْتُ خَلْفَ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ..) رواه الحاكم والطبراني في الكبير والحارث في مسنده .. (قلت خالد صاحب الرسالة): الرواية ضعيفة وعلة السند هو (أبي حمزة وهو ميمون أبو حمزة الاعور) وهو ضعيف .

 

2- رواية الترمذي وهي (حسنة ولكن فيها نكارة تضعفها) .. عن زر بن حبيش عن حذيفة بن اليمان .. وجاء في الرواية: (فَمَا زَايَلَا (أي ما تركا) ظَهْرَ البُرَاقِ حَتَّى رَأَيَا الجَنَّةَ وَالنَّارَ ....) رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح ..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة): تصحيح الترمذي فيه نظر .. لأن جزئية معراج جبريل مع النبي بالبراق هي منكرة ولا يمكن أن تصح .. لأسباب منها:

أ- لأن في القرآن أنه أسرى به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى وليس إلى السماء .

 

ب- جاء في صحيح الأحاديث .. أن الذي صعد به جبريل عليه السلام وليس البراق إذ جاء في رواية البخاري صراحة: (ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَعَرَجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ) إلى أن قال: (ثُمَّ عَرَجَ بِي جِبْرِيلُ حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ) .. إذن الكلام واضح أن الذي كان يعرج بالنبي هو جبريل عليه السلام .. ولا وجود للبراق في المعراج .

 

ج- وأيضا من أسباب نكارة صعود البراق للسماء هو أن أن العروج من صفات الملائكة كما قال تعالى: (تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ) المعارج:4 .. والبراق ليس من الملائكة .. فانتبه.

 

3- رواية بن حبان (وهي حسنة) .. عن عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش عن حذيفة بن اليمان .. وجاء في الرواية:(فَحَمَلَهُ عَلَيْهَا جِبْرِيلُ، أَحَدُهُمَا رَدِيفُ صَاحِبِهِ، فَانْطَلَقَ مَعَهُ مِنْ لَيْلَتِهِ حَتَّى أَتَى بَيْتَ الْمَقْدِسِ ...) رواه بن حبان .. وقال الأرنؤوط في تخريج بن حبان: إسناده حسن ..، وكذك حسنه الألباني في الصحيحة.

 

- قوله: (رَدِيفُ صَاحِبِهِ): أي يركب أحدهما خلف الآخر .. والراوي لم يعرف تحديدا من كان خلف الآخر.

 

@- ويتبين لك أخي الحبيب مما سبق .. أن رواية بن حبان هي الأقرب للصواب لصحتها .. وتشير إلى أن جبريل عليه السلام ركب مع النبي صلى الله عليه وسلم على البراق حينما تم الإسراء به من المسجد الحرام للمسجد الأقصى .. وغالب الظن أن النبي من شواهد الروايات كان يركب خلف جبريل عليه السلام لكونه يعلم قيادة البراق وطريق الوصول ومنهج الرحلة .

 

#- ثانيا: هل استمر جبريل والنبي عليهما السلام في ركوب البراق حتى عرجا أي صعدا به إلى السماء ؟

- من الأمور أيضا التي يظنها البعض أن النبي ظل راكبا على البراق حتى صعد إلى السماء .. وهذا خطأ .. وإنما انتهت رحلة البراق في الإسراء للمسجد الأقصى ثم العودة منه بعد المعراج .. فالبراق رحلته أرضية وليست سماوية ..

 

1- أما عن دليل صعود النبي بواسطة جبريل عليه السلام وليس البراق .. .. هو ما جاء في رواية البخاري: (ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَعَرَجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ) إلى أن قال: (ثُمَّ عَرَجَ بِي جِبْرِيلُ حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ) ..

- إذن الكلام واضح: أن الذي كان يعرج بالنبي هو جبريل عليه السلام .. ولا وجود للبراق في المعراج.

 

2- وكذلك البراق ليس من الملائكة ليتم العروج به للسماوات السبع .. إذ قال الله في صفات الملائكة أنها تعرج إليه .. فقال جل شأنه: (تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ) المعارج:4 .

 

3- قال ابن كثير (المتوفى: 774هـ): والمقصود أنه صلى الله عليه وسلم لما فرغ من أمر بيت المقدس نصب له المعراج وهو السلم فصعد فيه إلى السماء ولم يكن الصعود على البراق كما قد يتوهمه بعض الناس بل كان البراق مربوطا على باب مسجد بيت المقدس ليرجع عليه إلى مكة، فصعد من سماء إلى سماء في المعراج حتى جاوز السابعة وكلما جاء سماء تلقته منها مقربوها ومن فيها من أكابر الملائكة والأنبياء. (البداية والنهاية ج3 ص111 – طبعة الفكر).

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة): والجزئية التي أشار إليها الإمام بن كثير وهو الإتيان بالمعراج وهو سلم الصعود للسماوات .. فهذا جاء في حديث أبي سعيد الخُدري وجاء في الرواية: (دَخَلْتُ أَنَا وَجِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَصَلَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أُتِيتُ بِالْمِعْرَاجِ الَّذِي تَعْرُجُ عَلَيْهِ أَرْوَاحُ بَنِي آدَمَ فَلَمْ ير الخلايق أَحْسَنَ مِنَ الْمِعْرَاجِ مَا رَأَيْتُمُ الْمَيِّتَ حِينَ يُشَقُّ بَصَرُهُ طَامِحًا إِلَى السَّمَاءِ .. فَإِنَّمَا يُشَقُّ بَصَرُهُ طَامِحًا إِلَى السَّمَاءِ عَجَبٌ بِالْمِعْرَاجِ .. قَالَ: فَصَعَدْتُ أَنَا وَجِبْرِيلُ ...) رواه البيهقي في دلائل النبوة .. (قلت خالد صاحب الرسالة): وهذه الرواية ضعيفة جدا لأن فيها (أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ) وهو متروك الحديث والبعض اتهمه بالكذب.

 

- ولكن الصحيح .. هو ما قاله البخاري من أن جبريل أخذ بيده وصعدا للسماء وكان يتنقل به في كل سماء .. ولا مانع أن يكون مسك بيده وصعدا على المعراج المؤدي للسماء الأولى ولكل سماء .. والله أعلم .. إلا أنني أتكلم بما تقوله الروايات الصحيحة .. لتكون على علم يقين بما هو صحيح ..

@- ملحوظة هامة:

1- هناك رواية في الصحيح قالت عن البراق: (يَضَعُ خَطْوَهُ عِنْدَ أَقْصَى طَرْفِهِ .. فَحُمِلْتُ عَلَيْهِ .. فَانْطَلَقَ بِي جِبْرِيلُ حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الدُّنْيَا فَاسْتَفْتَحَ .. فَقِيلَ مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ ....) صحيح البخاري.

 

- قوله (فَانْطَلَقَ بِي جِبْرِيلُ حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الدُّنْيَا): بسبب هذا اللفظ أشار بعض العلماء إلى أنه حدث معراجين .. لأن الأصل هو الصعود بالمعراج أي بسلم أو ما شابه ذلك وليس بالبراق ..، ولكن هنا قول جيد ذكره الإمام بن حجر رحمه الله عند هذه الجزئية: "فحملت عليه فانطلق بي جبريل حتى أتى السماء الدنيا" وفي سياقه أيضا حذف تقديره: حتى أتى بي بيت المقدس ثم أتى بالمعراج .. كما في رواية ثابت عن أنس رفعه أتيت بالبراق فركبته حتى أتى بي بيت المقدس فربطته ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين ثم عرج بي إلى السماء. (فتح الباري ج13 ص481-482).

 

- وسبب قول الإمام بن حجر بوجود حذف في السياق مختصرا .. هو أن هذه الرواية عن أنس بن مالك سواء رواية البخاري أو رواية الإمام مسلم التي أشار إليها بن حجر برواية ثابت عن أنس .. فالراوي واحد وهو أنس .. ولكن البعض رواها عنه مختصرة والبعض تذكر ما لم يذكره الآخر ..

 

2- وهناك رواية أيضا قيلت في الصحيح عن حذيفة بن اليمان ..

- وفيها يظهر .. إنكار حذيفة لصلاة النبي بالأنبياء في بيت المقدس وينكر ربط البراق .. بل ويقول في روايته أن النبي صلى الله عليه وسلم ظل راكبا على ظهر البراق مع جبريل حتى صعدا للسماء ..!!

- وهذه الرواية بالرغم من أنها في صحيح البخاري ومسلم .. فالعلماء تركوها لأنه قيلت عن اجتهاد حذيفة بن اليمان في تصوره الخاص بأن هذا ما حدث ليلة الإسراء والمعراج ولم يذكر أن النبي حدثه بما قاله في القصة .. وإنما رواها عن اجتهاده الخاص كيف كانت الرحلة ..!! ولذلك قد خالف جماعة الصحابة في أقوالهم .. ولمخالفة حذيفة للصحابة .. ترك العلماء هذه الرواية إلا ما كان فيها من شاهد يدل على جزئية معينة لا تعارض فيها مع صحيح الروايات ..

 

#- خلاصة القول:

1- أن جبريل عليه السلام والنبي صلى الله عليه وسلم .. قد ركبا على ظهر البراق .

2- أن النبي صلى الله عليه وسلم في غالب الظن .. كان يجلس خلف جبريل عليه السلام على البراق.. لمعرفة جبريل بقيادة البراق ومنهج الرحلة كيف ستكون فكان السائق للبراق.

3- أن البراق كانت رحلته ومهمته هي الإسراء الأرضي فقط .. أما المعراج السماوي فكان من خلال جبريل عليه السلام .

- والله أعلم.

 

**************************

 

..:: س59: هل البراق كان له جناحات يطير بهما وله وجه كوجه الإنسان وطلب من النبي أن يدخله في شفاعته ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- البراق كان يسري بالنبي من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى .. وهو يسير على وجه الأرض كما يظهر ذلك من بعض الروايات .. إلا أن البعض من القصاصين وضع لمساته على القصة لتجذب انتباه الناس بالتشويق .. وكأنها قصة من ألف ليلة وليلة .. وإليك روايتان من الروايات التي قيلت بالكذب على البراق ..

 

1- من قصص البراق الخرافية التي قيلت في صعوده للسماء بجناحات .. هو ما جاء في الرواية التالية:

- في (حديث ضعيف جدا سندا ومنكرا جدا متنا) .. روى الواقدي عن أم هانيء وجد عمرو بن شعيب وأم سلمة وعائشة وبن عباس من خلال أسانيده .. وقال: دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي حَدِيثِ بَعْضٍ. قَالُوا: (حُمِلْتُ عَلَى دَابَّةٍ بَيْضَاءَ بَيْنَ الْحِمَارِ وَبَيْنَ الْبَغْلَةِ فِي فَخْذَيْهَا جَنَاحَانِ تَحْفِزُ بِهِمَا رِجْلَيْهَا. فَلَمَّا دَنَوْتُ لأَرْكَبَهَا شَمَسَتْ فَوَضَعَ جِبْرِيلُ يَدَهُ عَلَى مَعْرِفَتِهَا ثُمَّ قَالَ: أَلا تَسْتَحْيِينَ يَا بُرَاقُ مِمَّا تَصْنَعِينَ؟ .....) رواه ابن سعد في الطبقات .. (قلت خالد صاحب الرسالة): والحديث باطل ويكفي أن راويه هو (محمد بن عمر الواقدي) وهو متروك الحديث ومتهم بالوضع .

 

- هذا بالإضافة لنكارة متن الحديث أصلا .. لأن الإسراء كان من المسجد الحرام نفسه وليس قريبا منه في شِعَب أبي طالب .. وسبق وذكرنا ما في الرواية من سخافة قيلت أن البراق نفر من النبي .. وهي التي أرسلها الله لتنقله .. بالإضافة لجناحات البراق التي لم يتم ذكرها إلا في هذه الرواية الضعيفة جدا حسب ما أظن .. وعموما لا وجود للجناحات في الأحاديث الصحيحة ..!!

 

2- من الخرافات في قصص البراق .. أن له وجه كوجه الإنسان ..!!

- في (حديث موضوع أي مكذوب وملفق بالكذب لابن عباس) .. وجاء في أولها: (كنت في بيت أم هانيء بنت أبي طالب واسمها فاخته .. ليلة الإثنين ليلة السابع والعشرين من رجب سنة ثمان من البعثة وكان عند فاطمة الزهراء رضي الله عنها وعمرها تسع سنين ..... إلى أن قالت الرواية: فإذا بالبراق قائما وجبريل يقوده وإذا هو دابة لا تشبه الدواب- فوق الحمار ودون البغل- له وجه كوجه ابن آدم .. وجسده كجسد الفرس وهو دابة خير من الدنيا وما فيها .. عرفها من اللؤلوء الرطب .. منسوج بقضبان الياقوت يلمع بالنور .. وأذناها من الزمرد الأخضر .. وعيناها مثل كوكب دري يوقد لها شعاع كشعاع الشمس .. شهباء بلاء (أي بيضاء فيها بعض السواد) عليها جل (أي السرج الذي يجلس عليه الشخص) مرصع بالدر والجواهر .. لا يقدر على وصفها إلا الله تعالى .. نفسها كنفس ابن آدم ....) رواية بلا أي سند ..!!

 

- (قلت خالد صاحب الرسالة): هذه رواية منشورة في كتاب يباع من نشر - المكتبة الثقافية بيروت لبنان "وهي النسخة المصورة والمتداولة على الإنترنت"-  تحت عنوان (الإسراء والمعراج لابن عباس) .. والبعض يسميه (بمعراج بن عباس) وهو كذب على بن عباس وعلى النبي صلى الله عليه وسلم .. وفيها من الخرافات ما فيها .. وقد سبق الكلام على بعض خرافات هذه الرواية في الفصل العاشر تحت عنوان: (س31: من أين بدأت رحلة الإسراء والمعراج حسب القرآن ونصوص الحديث ؟).

 

3- من الخرافات كلام البراق مع النبي ليدخله في شفاعته:

- جاء في الرواية السابقة المنسوبة زورا وبهتانا لابن عباس والمسماه بمعراج ابن عباس .. أن البراق طلب من النبي حتى يركبه أن يدخله في شفاعته في الآخرة .. فجاء في الرواية:

- (قال البراق لجبريل: قل لصاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر والخد الأحمر والحوض والكوثر والشفاعة الكبرى في المحشر .. أن يدخلني في شفاعته حتى أمكَّنه من ظهري ويطأ على نحري فيزداد بذلك فخري .. قال النبي صلى الله عليه وسلم: أنت في شفاعتي وأنت مطيتي يوم القيامة .. فدنا مني فركبته فسار جاريا بين السماء والأرض ....)

 

#- ولا يخفى على متعلم: أن هذا الحوار ملفق ومزور ولا وجود له إلا في خيال من كتبه .. وكذب به على النبي صلى الله عليه وسلم .. وعلى جبريل وعلى البراق نفسه ..!!

 

#- خلاصة القول:

1- البراق ليس في وصف هيئته أن له جناحات .. وهذه مجرد خرافة لا وجود لها في الأحاديث الصحيحة .. بل كان يسير على الأرض في الليل بخطوات واسعة .. كل خطوة بمد بصره .

 

2- والبراق ليس له وجه إنسان ولا أنفاس إنسان .. وإنما هذا من رواية الكذابين .

 

3- ولتثبيت الخرافات في النفوس .. فتجد في الكتب القديمة التراثية .. رسموا أشكالا للبراق من خلال هذه الروايات المكذوبة على النبي صلى الله عليه وسلم .. وعلى البراق وعلى جبريل عليه السلام .. ومثال ذلك هذه الرسمة التي وجدتها مصادفة على الإنترنت في موقع ويكيبيديا .. ولا أعلم مصدرها ..

- والله أعلم.  

 

*************************

..:: س60: لماذا ربط النبي البراق في حائط بيت المقدس حينما وصل للمسجد الأقصى ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- جاء في (حديث صحيح) .. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ، وَهُوَ دَابَّةٌ أَبْيَضُ طَوِيلٌ فَوْقَ الْحِمَارِ، وَدُونَ الْبَغْلِ، يَضَعُ حَافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهِ ..، قَالَ: فَرَكِبْتُهُ حَتَّى أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ ..، قَالَ: فَرَبَطْتُهُ بِالْحَلْقَةِ الَّتِي يَرْبِطُ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ ، قَالَ: ثُمَّ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَصَلَّيْتُ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ...) صحيح مسلم.

 

- ولكن أصحاب الشبهات تركوا الرواية السابقة .. واستغلوا رواية تم روايتها عن حذيفة بن اليمان وهي أيضا في صحيح البخاري ومسلم .. وجاء في تلك الرواية أن حذيفة بن اليمان أنكر صلاة النبي في بيت المقدس .. وأنكر ربط البراق في حائط بيت المقدس .. ووجهة نظرة: أنه لو صلى في بيت المقدس لكانت فرضت الصلاة على المسلمين .. وطالما البراق مسخر من الله للنبي فلماذا يربطه وهو لن يهرب ؟!!

 

#- وهنا ننتبه لجزئية هامة جدا .. وهي أن الذي قاله الصحابي حذيفة بن اليمان وجهة نظره الخاصة واجتهاده .. وليس حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم .. وهذا مخالف لروايات الصحابة التي قالوها تحديثا عن قول النبي صلى الله عليه وسلم .. بأنه ربط البراق حين وصوله للمسجد الأقصى .. وليس عن اجتهادهم ..!!

 

- ولذلك ترك العلماء رواية حذيفة بن اليمان .. أو بمعنى أدق تركوا اجتهاده الخاص .. إلا ما اتفق فيها مع الصحيح مما رواه الصحابة الآخرين في قصة الإسراء والمعراج..

 

@- وقد رد العلماء على اجتهاد حذيفة بما معناه وملخصه:

1- أن صلاة النبي ببيت المقدس ليس فيها دليلا على أن صلاته فيه سيكون ورائها فرضية الصلاة فيه .. لأن كل مكان صلى فيه النبي لم تفرض فيه الصلاة ..

 

#- وأقول (خالد صاحب الرسالة): لا يعقل أن كل مكان يصلي فيه النبي تفرض فيه الصلاة .. وإلا فكل مكان صلى فيه النبي في سفره بل وفي بيته فتكون أصبحت الصلاة في ذلك المكان مفروضة على المؤمنين .. وهذا لا يعقل ولم يقل به أحد ولم يقل به النبي صلى الله عليه وسلم ..!!

 

2- أما ربط البراق في حائط المسجد الأقصى .. وهو الحائط الغربي للمسجد .. فليس لأن البراق سيهرب .. وإنما هو توكلا على الله متخذا بالأسباب .. وحسب ما جرت به العادة من ربط الدواب ..

 

#- وأقول (خالد صاحب الرسالة): جاء في الحديث: (قال رجُلٌ لِلنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : أُرسِلُ ناقتي وأتوكَّلُ ؟ قال : ( اعقِلْها (أي اربطها) وتوكَّلْ )) رواه بن حبان .. وقال شعيب الأرنؤوط: حديث حسن .

 

- فإذا كان النبي بنفسه أقر قانون ربط الدواب لأنه من جملة التوكل على الله .. فهل يخالف النبي نفسه ؟!!

- بقى ده كلام !!

 

- إذن اجتهاد حذيفة بن اليمان رضي الله عنه .. لم يكن في محله ..

 

#- خلاصة القول:

1- أن النبي صلى الله عليه وسلم .. قد بلغنا عنه بخبر صحيح أنه ربط البراق في حائط بيت المقدس حينما وصل إلى هناك .. وأن ما قاله الصحابي حذيفة بن اليمان منكر ذلك فهو عن اجتهاده وليس حديثا عن النبي .. وقد جانبه الصواب رضي الله عنه .

 

2- الغريب أن المستدلين برواية حذيفة بن اليمان التي في الصحيحين .. هم أنفسهم المنكرين لكل روايات الإسراء والمعراج التي في الصحيحين .. وذلك حتى تعلم حقيقة نفوس هؤلاء وهي رغبتهم في تشكيك المؤمنين في عقائدهم وزلزلة الإيمان في نفوسهم .. فانتبه يا مؤمن لهؤلاء ..

- والله أعلم.

 

****************************

..:: س61: هل ركوب النبي للبراق خصوصية نبوية أم ركبه الأنبياء من قبله ؟ ::..

( كيف ترد على من يزعم أن الإسراء حدث لأنبياء سابقين ؟ )

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- بعض المحبين للنبي حاول أن يجعل من البراق خصوصية للنبي صلى الله عليه وسلم .. وقال أن الروايات التي قيلت بأن البراق ركبه قبله من الأنبياء .. فهي لم يصح منها شيء ..

 

- وهو معهم حق أنه لم يصح شيء من هذه الروايات.. وهي التي ذكر فيها أن البراق ركبه الأنبياء قبل النبي صلى الله عليه وسلم .. ولكن فاتهم حديث مهم جدا في الصحيح .. وقد أشار إليه الإمام بن حجر العسقلاني رحمه الله وهو:

- جاء في (حديث صحيح) .. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ، وَهُوَ دَابَّةٌ أَبْيَضُ طَوِيلٌ فَوْقَ الْحِمَارِ، وَدُونَ الْبَغْلِ، يَضَعُ حَافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهِ ..، قَالَ: فَرَكِبْتُهُ حَتَّى أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ ..، قَالَ: فَرَبَطْتُهُ بِالْحَلْقَةِ الَّتِي يَرْبِطُ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ ، قَالَ: ثُمَّ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَصَلَّيْتُ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ...) صحيح مسلم.

 

- فقوله: (فَرَبَطْتُهُ بِالْحَلْقَةِ الَّتِي يَرْبِطُ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ) .. تنهي الإشكالية وتوضح ان هذا البراق ركبه بعض الأنبياء قبل النبي صلى الله عليه وسلم .. وفيه إشارة إلى أن بعض الأنبياء كان لهم إسراء لبيت المقدس والصلاة فيه ..

 

#- خلاصة القول:

1- البراق هو وسيلة مواصلات أهل الخصوصية من الأنبياء للصلاة في بيت المقدس .. ولم يكن خصوصية عطاء للنبي صلى الله عليه وسلم .. وإنما خصوصية العطاء سنظهرها في أسئلة أخرى إن شاء الله تعالى ..

 

2- إذا سمعت أن بعض الأنبياء حدث لهم إسراء بالبراق فلا تتعجب .. فالنبي هو من اخبرنا بذلك .. فانتبه وكن لبيب .. ولا تجعل أحد يسرق منك دينك ويقول لك أن قصة الإسراء مأخوذة من قصص أنبياء سابقين .. فيستغفلك مستغل جهلك ..

 

- بل ابتسم في وجهه وقل له:

أ- وما الجديد والمفاجئة في أن يكون هناك إسراءات بالبراق حدثت مع الأنبياء .. إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم هو من أخبرنا بذلك .. ولكن لماذا أنت تنكر حدوث ذلك للنبي وتقبله لباقي الأنبياء .. أهذا حقدا وكرها وغلا على النبي أم رغبة منك في إسقاط قضية إيمانية في نفوس المؤمنين كما يفعل الشيطان ؟!!

 

ب- وإذا كنت تثبت وجود البراق مع الأنبياء فكيف تنكر وجوده أصلا طالما أثبته لغيره النبي ؟!! أغبي أنت أم خاين لدينك ونبيك حتى جحدت له ركوبه للبراق وإسراءه به وهو ما أثبته لغيره من الأنبياء بدليل قولك أن هذا حدث للأنبياء من قبله ؟!!

ج- نحن لا ننكر حدوث القدرة الإلهية العجيبة مع الأنبياء .. ولكن لماذا أنت تنفيها عن النبي ؟!!

- وكأنك تظن أن المكانة والرتبة في ركوب البراق فتساوت الرؤوس حينئذ ؟!!

- لا .. حضرتك تبقى عبيط لو طنيت كده .. لأن النبي لم يسير بالبراق لبيت المقدس ليرى بيت المقدس .. فهذا تصور ساذج .. لأن الله لم يقل لنريه المسجد الأقصى .. وإنما قال (لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا) الإسراء:1 ..، وتلك الرؤية هي أصل الكرامة بما لم يخظى به نبي ولا رسول من قبله .. إذ جميع الأنبياء خضع مأموما للنبي صلى الله عليه وسلم وكان هو إمامهم وسيدهم في الدنيا والآخرة .. مش تقولي ركوب البراق يا خايب العقل ..!!

 

- فلما تكلمني يا حلاوتهم على الإسراءات التي تزعمها .. آتني به ونطابقه مع إسراء النبي ونرى مطابقا هو أم لا .. فإن كان مطابقا فاستزدنا علما .. وإن لم يكن مطابقا فأنت منافق كذاب .. مش كده ولا إيه يا خايب العقل ؟!!

 

#- انتبه أخي الحبيب: فهؤلاء جماعة قد ملأ الغل قلوبهم ناحية النبي صلى الله عليه وسلم .. 

  

******************************

..:: س62: ما الإشارة لقلوب المؤمنين في ركوب البراق ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- لما كان البراق هو ركوبة ووسيلة المواصلات لأهل الخصوصية من خلقه وهم الأنبياء .. فاعلم أخي الحبيب أن هذه الخصوصية إنما حدثت للنبي صلى الله عليه وسلم بعد أن نزل به الأذى به مرارا وتكرارا حتى وصل الأمر للجوع فجاع المسلمين في شعاب مكة من العام السابع قبل الهجرة إلى العام العاشر قبل الهجرة .. ثم في العام العاشر بعد فك الحصار عن المسلمين .. ابتلي في ذات العام بفقد الحبيب وهي زوجته .. وفقد النصير وهو عمه أبو طالب.. وظل مستمرا في عبوديته لله راضيا بما قسمه الله له وداعيا إليه .. حتى قال: (إن لم يكن بك غضب عليَّ فلا أبالي) ..

 

- إذن الإشارة هنا من وراء كل ما سبق:

 - من أراد ان يحمله الله على براق المحبين .. فعليه بالرضا بالإبتلاء وما قسمه الله له دون استياء أو اعتراض أو استغراب مما يفعله معه القدر .. فإن فعلت جعل لك في قلبك حرما آمنا موصولا برابطة براق المحبين حتى تصل بهذه الرابطة إلى أقصى درجات الوصل الأنس فتكاشف من حقائق عالم الأرواح ما يدهشك به ..

- والله أعلم .

*****************

..:: س63: لماذا نؤمن بقصة شق صدر النبي والبراق ولم يأت ذكرهما في القرآن ؟ ::..

 

- من شبهات الإنترنت .. تجد بعض من لا يتورع عن إثارة الشك في نفوس المؤمنين ويحلو له اتباع أسلوب الإرجاف لتشكيك المؤمنين في عقائدهم .. ومن هذا الأسلوب يقول لك: هل جاء ذكر لمسألة شق صدر النبي أو البراق في القرآن ؟ لا .. لم يأتي .. إذن لا وجود لهذه القصص ..!!

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

1- بنفس منطق إنكارهم نقول: وهل جاء في القرآن إنكار للبراق ومسألة شق صدر النبي ؟!!

- لا .. لم ينكر القرآن ذلك .. ولم يأت فيه ذلك .. إذن القصص صحيحة ..!! وإلا فأين دليل الإنكار حتى تجحد وتنكر وجودهم ؟!!

- فما يقال في الإثبات يقال في الإنكار .. طالما المنطق هو وجود وعدم وجود المسألة في القرآن ..!!

- أم أنت لا تعقل هذا الكلام ؟!!

- إذن ببساطة: لماذا تنكر ما لم ينكره القرآن ؟ ولماذا لا تثبته طالما ليس في القرآن إنكار لذلك ؟!!

 

2- وطالما مقياسك هو ان كل شيء لم يذكره القرآن هو باطل .. فالصلوات الخمسة بركعاتها وسجودها وطريقة أدائها لا وجود لها في القرآن .. فهل أنت تنكر ذلك وتجحده ؟

 

- فإن كنت منكر للصلوات الخمس .. فأنت جاحد ومنكر لأصل في الدين .. ولا كلام لنا مع جاحد لأصول الدين .. ويكفينا أن هذه حقيقتك وطبيعتك .. وقد تبين أمرك لنا.. ومتشكرين لحضرتك أنك كنت واضح وصريح أنك جاحد ومنكر لأصل في الدين .. يعني كافر بهذه بفريضة الصلوات الخمسة .. حتى ولو قلت أنك مؤمن بفرضية الصلاة ولكن منكر لعددها وطريقة أدائها وتفعلها حسب مزاج أبوك .. فأنت لازلت كافر بالصلوات الخمس .

 

- وأعتقد أنه لا يوجد ما يضايقك في قولنا لك: أنك كافر بالصلوات الخمس طالما هذه حقيقتك وعقيدتك ؟!! مش كده ولا إيه ؟!!

 

- وإن كنت غير منكر للصلوات الخمس وطريقة أدائها .. وهي لم يأت ذكرها في القرآن بطريقة أدائها وركعاتها .. فلماذا تنكر مسألة شق صدر النبي والبراق الذي ركبه وهما لم يأت ذكرهما في القرآن ؟!!

 

- واجه نفسك وشوف حقيقتك .. فلعل المسألة أوسع من مجرد إنكار البراق أو شق صدر النبي .. بل قد ترتقي فيك إلى إنكار الصلوات الخمس ومقادير الزكاة وغير ذلك .. مما تحمله في نفسك لتستبيح لنفسك ما تستبيح ..

- ونصيحة مني لك: من يستبيح .. لا يستريح ..

3- وأخيرا نقول أن من تفسيرات قوله تعالى: (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) الشرح:1.

- قال بعض العلماء يقصد به ما حدث من شق صدر النبي صلى الله عليه وسلم .. لأن لفظ الشرح أصلا معناه متعلق بالماديات ويقصد به فصل أجزاء اللحم عن بعضها .. ومنها تشريح اللحم إلى شرائح لتكون سهلة الطهي .. ثم استعير هذا اللفظ للمعنويات للدلالة على سهولة راحة الباطن ..

 

- وهناك من العلماء من قال أن لفظ الشرح هنا في الآية يتعلق بالمعنويات .. أي هو فعل معنوي يقذفه الله في الصدر ويكسبك عزيمة تأييد بالله .. ولذلك قال موسى عليه السلام: (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي) طه:25.

 

- وهناك من العلماء من قال أن لفظ الشرح جامع بين المعنيين لأنه يحتملهما .. فيكون المقصد به الإشارة لشق صدر النبي وحشوه بما شرح به صدره .. والله أعلم.

 

- إذن مسألة شق صدر النبي .. لها دليل في القرآن حسب تفسير العلماء وفهمهم لكلام الله .. وإن كان مختلف على تفسير الآية .. إلا أنه لازال شق الصدر له وجه قوي في التفسير محتمل .. والأفضل أن يقال أن لفظ الشرح يجمع بين الشرح الظاهري والباطني .. أي المعنوي والمادي ..

- فإن لم تفهم التفسير .. فقد سبق وأجبناك بالعقل لعلك تعقل ..!!

 

#- خلاصة القول أخي الحبيب:

1- ستجد على الإنترنت جحود لكل ما هو يتعلق بالأحاديث النبوية .. وتشكيك .. وأسهل ما يقال لك .. هل جاء هذا القرآن ؟

- فبكل بساطة رد عليه وقل: ولماذا أنكرها ولم ينكرها القرآن ؟!!

 

2- بل وجاء في تفسير قوله تعالى: (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) الشرح:1..، أنه يقصد به شرح الظاهر وهو شق صدر النبي .. ويقصد به أيضا شرح الظاهر والباطن أي ماديا ومعنويا ..

- أما عن البراق فيكفي ما ذكرنا لك بالعقل إن كنت من العقلاء ..!!

 

- واعلم أخي الحبيب أن حقيقة قولهم هل أتى ذكر تفاصيل هذه القصة في القرآن .. إنما يقولوه جدلا لأنه يعلم أن غالب قصص القرآن لم يأت فيها تفاصيل .. ولذلك أنت تفهم إن سؤالهم هو مجادلة لانتصار باطلهم وأهوائهم .. وجحودا للأحاديث .. وماذا تنتظر من مكابر للحق وجاحد للحديث النبوي ..؟!!

- أما عن جحودهم للأحاديث وإنكارهم لها .. فهذا له أسباب كثيرة سبق وذكرتها في رسالتي المسماة برسالة الحق والنور .. وذكرت فيها أغلب شبهاتهم التي تكلموا عنها .. فارجع إليها إن أردت .. وصدق النبي صلى الله عليه وسلم إذ أخبرنا عن منكري أحاديثه صلى الله عليه وسلم فقال: (يُوشِكُ الرَّجُلُ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يُحَدَّثُ بِحَدِيثٍ (أي يُقال له حديث) مِنْ حَدِيثِي فَيَقُولُ: بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (أي لا نؤمن إلا بالقرآن فقط)، فمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَلَالٍ اسْتَحْلَلْنَاهُ، وَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَرَامٍ حَرَّمْنَاهُ) رواه ابن ماجه .. وقال الأرنؤوط: حديث صحيح .. وذكره الألباني في صحيح ابن ماجه.

 

#- وبهذا يكون ختام الكلام على مسائل البراق .. والحمد لله رب العالمين ..

***********************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .