الروحانيات فى الإسلام: ج11: قصة الإسراء والمعراج علما وحكمة - من أين كانت بداية الإسراء والمعراج - هل بدأت رحلة الإسراء من بيت النبي أم من عند الحطيم أو الحجر بجوار الكعبة.

بحث في المدونة من خلال جوجل

الاثنين، 4 مارس 2024

Textual description of firstImageUrl

ج11: قصة الإسراء والمعراج علما وحكمة - من أين كانت بداية الإسراء والمعراج - هل بدأت رحلة الإسراء من بيت النبي أم من عند الحطيم أو الحجر بجوار الكعبة.

        بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

قصة الإسراء والمعراج علما وحكمة 

(الفصل الحادي عشر)

من أين كانت بداية الإسراء والمعراج من الحطيم عند الكعبة أم من بيت النبي أم منزل أم هانيء

#- فهرس:

:: الفصل الحادي عشر:: ج2/ عن مسائل ناقشها العلماء تتعلق برحلة الإسراء من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى :: 

1- س32: هل بدأت رحلة الإسراء من بيت النبي أم من عند الحطيم أو الحجر بجوار الكعبة ؟

*******************

:: الفصل الحادي عشر ::

*******************

..:: س32: هل بدأت رحلة الإسراء من بيت النبي أم من عند الحطيم أو الحجر بجوار الكعبة ؟ ::..

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- سبق وذكرنا في إجابة السؤال السابق .. أن هناك روايتان في ظاهرهما التعارض وكلاهما صحيح ولم يصح غيرهما من حيث مبتدأ قصة الإسراء والمعراج .. وهي رواية تقول: بأن بداية قصة الإسراء بدأت حينما تم تفريج سقف بيت النبي ونزل إليه جبريل .. ورواية تقول: أن جبريل أتى النبي عند الحطيم أو الحجر .. فكيف نجمع بين هذا وذاك ..؟!!

1- الرواية الأولى: جاء في (حديث صحيح) .. عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: كَانَ أَبُو ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (فُرِجَ سَقْفِي وَأَنَا بِمَكَّةَ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، فَفَرَجَ صَدْرِي ثُمَّ غَسَلَهُ بِمَاءِ زَمْزَمَ ثُمَّ جَاءَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ، مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا، فَأَفْرَغَهَا فِي صَدْرِي ثُمَّ أَطْبَقَهُ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَعَرَجَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا) صحيح البخاري ومسلم.

- وفي رواية بلفظ: (فُرِجَ عَنْ سَقْفِ بَيْتِي وَأَنَا بِمَكَّةَ) صحيح البخاري.

 

2- الرواية الثانية: جاء في (حديث صحيح) .. حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَهُمْ عَنْ لَيْلَةِ أُسْرِيَ بِهِ: " بَيْنَمَا أَنَا فِي الحَطِيمِ، - وَرُبَّمَا قَالَ: فِي الحِجْرِ - مُضْطَجِعًا إِذْ أَتَانِي آتٍ ......) صحيح البخاري.

 

#- أولا: ما قاله بعض العلماء ومناقشته:

#- المناقشة الأولى لرأي بعض العلماء:

1- قال الإمام الطيبي رحمه الله (743هـ):

- قوله: (فرج عن سقف بيتي) فإن قيل: قد روى أنس في حديث المعراج عن مالك بن صعصعة عن النبي صلى الله عليه وسلم: (بينما أنا في الحطيم) أو (في الحجر) وفي هذا الحديث قال: (فرج عن سقف بيتي؟).

- قلت: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم معراجان .. أحدهما حال اليقظة على ما رواه مالك .. والثاني: في النوم. (مشكاة المصابيح ج12 ص3749).

 

2- قال الإمام بن حجر العسقلاني رحمه الله (المتوفى:852 هـ):

- المستبعد .. وقوع التعدد في قصة المعراج التي وقع فيها سؤاله عن كل نبي وسؤال أهل كل باب هل بعث إليه وفرض الصلوات الخمس وغير ذلك .. فإن تعدد ذلك في اليقظة لا يتجه .. فيتعين رد بعض الروايات المختلفة إلى بعض أو الترجيح .. إلا أنه لا بعد في وقوع جميع ذلك في المنام توطئة ثم وقوعه في اليقظة. (فتح الباري ج7 ص198).

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على ما سبق من بعض كلام العلماء:

- وهذا الذي قاله أو ظنه بعض العلماء كلام له وجاهة .. خاصة وأن رواية (فرج عن سقف بيتي) لم يذكر فيها كلمة الإسراء .. وإنما تم ذكر المعراج مباشرة .. ، بخلاف الرواية الأخرى التي قالت أنه ليلة أُسري به وكان في الحطيم أي عند الكعبة .. فقد ذكر أن هذا المعراج حدث ليلة الإسراء ..

 

- ووجدت كثير من العلماء يميل لهذا الرأي أنه يوجد معراجين .. أو في رأيه محتمل أن يكون أحدهما يقظة والآخر في المنام .. وقالوا أن الذي كان في المنام هو تهيئة لما كان سيحدث في اليقظة بعد ذلك .. وأن رؤيا الانبياء حق وبعد الرؤيا يتم التحقيق بظهورها في عالم الوجود .. كما حال رؤية إبراهيم رؤيا ذبح ابنه في المنام وأصبح يحققها ..

 

#- ولكن هذا الكلام بالرغم من وجاهته إلا أنه لا يصح قوله .. ليه ؟

1- لأن طالما رؤيا الأنبياء حق .. فما كان من الحق فيجب أن يتم تنفيذه .. وطالما النبي كان قد رأى أنه فرضت عليه الصلوات الخمس في المنام .. فهذا لابد من تحقيقه في الواقع وتنفيذه وكأنه رآه في الحقيقه .. وليس في حاجة مرة أخرى ليكاشفه بنفسه مرة أخرى .

 

2- ثم يقال: طالما عرف في المنام أن هذا آدم وهذا موسى وهذا إبراهيم .. (وعلى ظن من يظن أنه معراجين أحدهما منام والآخر يقظة) ..  فلماذا حينما صعد في المعراج في اليقظة سأل عنهم مرة أخرى وقال: (من هذا يا جبريل) ؟!! أليس قد عرف مسبقا أن هذا فلان وهذا فلان وهذا فلان من خلال الرؤيا ورؤيا الأنبياء حق ؟!!

 

3- ثم يقال: أن تكرار هذه التفاصيل بنفس النمط والدقة والأحداث بكل صورها وحوارتها قد تكررت مناما ويقظة فهذا شيء مستبعد على العقل .. خاصة ما حدث في المعراج .. وما كان من حوار بين النبي وربه وكلامه مع الأنبياء .. فما فائدة التكرار بهذه الطريقة خاصة وأنه يوجد أحكام شرعية ظهرت ؟!! وسواء كانت رؤيا أو يقظة فهي واجبة التنفيذ .

 

- إذن من أجل ما سبق .. أجد أن الرأي القائل بأن كان هناك معراجين هو رأي غير دقيق .. والله أعلم .

 

@- المناقشة الثانية لرأي آخر لبعض العلماء:

- قال الإمام بدر الدين العيني رحمه الله (المتوفى: 855هـ):

- قوله: (فرج عن سقف بيتي) .. بضم الفاء وكسر الراء وبالجيم أي: فتح فيه فتح، وروي: (فشق) ..

- فإن قلت: كان البيت لأم هانىء .. فكيف قال: بيتي بإضافته إلى نفسه؟

- قلت: إضافه إليه بأدنى ملابسة، وهذا كثير في كلام العرب، كما يقول أحد حاملي الخشبة للآخر: خذ طرفك. فإن قلت: روي أيضا أنه كان في الحطيم، فكيف الجمع بينهما؟

- فَإِن قلت: روي أيضا أنه كان في الحطيم .. فكيف الجمع بينهما ؟

- قلت: أما على كون العروج مرتين فظاهر .. وأما على كونه مرة واحدة .. فلعله بعد غسل صدره دخل بيت أم هانيء ومنه عرج به إلى السماء. (عمدة القاري في شرح صحيح البخاري ج4 ص42).

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على ما سبق من بعض كلام العلماء:

1- هذا التصور الذي افترضه الإمام بدر الدين العيني من أن الإسراء بدأ من بيت أم هانيء .. هو تصور فيه خطأ .. لأن الإسراء بدأ من المسجد الحرام وليس من بيت النبي ولا غيره .. وبيت أم هانيء ابنة عم النبي كان في شعب مكة وبعيد عن المسجد الحرام .. حتى وإن قيل أن بيتها كان في حرم مكه وأن مكة كلها حرم .. ولكنه لا يطلق على شعب مكه وصف المسجد الحرام .. وإنما يقال أنها تدخل في حرم مكة.

- ورواية البخاري الأخرى تظهر أنه كان خصوصية للنبي فعلا .. إذ جاء فيها: (فُرِجَ سَقْفِي وَأَنَا بِمَكَّةَ) ..

 

2- فما بالك أصلا .. بأن الرواية التي قيلت عن أن الإسراء كان من بيت أم هانيء هي رواية ضعيفة جدا .. ولم تصح كما سبق وأوضحنا ذلك ..!!

 

- فيكون الإستنتاج أصلا كله خطأ .. لأنه ربط رواية بيت أم هانيء ظنا منه بأنه بيت النبي في محاولة للتوفيق بين النصوص ببعضها البعض إنما هو لم يكن توفيق لأنه تكلف ظاهر لبعد الربط بين هذا وذاك .. لأن النبي قال (عن سقف بيتي) .. وبيت أم هانيء ليس بيته .. فلا داعي للتكلف في ربط نصوص لا علاقة لبعضها .. فضلا عن ضعف رواية أم هانيء.

- والله أعلم.

 

@- المناقشة الثالثة لرأي آخر لبعض العلماء:

#- ذكر الإمام بن حجر العسقلاني رحمه الله (المتوفى:852 هـ) في محاولة للجمع بين الروايات المختلفة لبداية مكان الإسراء فقال:

- والجمع بين هذه الأقوال: أنه نام في بيت أم هانئ وبيتها عند شعب أبي طالب ففرج سقف بيته .. وأضاف البيت إليه لكونه كان يسكنه .. فنزل منه الملك فأخرجه من البيت إلى المسجد .. فكان به مضطجعا وبه أثر النعاس .. ثم أخرجه الملك إلى باب المسجد فأركبه البراق .. وقد وقع في مرسل الحسن عند بن إسحاق أن جبريل أتاه فأخرجه إلى المسجد فأركبه البراق وهو يؤيد هذا الجمع (فتح الباري ج7 ص204).

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على ما سبق من كلام الإمام بن حجر:

1- الرواية التي أشار إليها الإمام بن حجر عن الحسن البصري .. هي رواية ضعيفة جدا .. ولكنها أصلا لا تخدم ما أشار إليه .. وإليك ما تقوله الرواية:

- (حديث ضعيف جدا) .. عن عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ ابْنِ أَبِي الْحَسَنِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و سلّم: (بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ فِي الْحِجْرِ جَاءَنِي جِبْرِيلُ، فَهَمَزَنِي بِقَدَمِهِ، فَجَلَسْتُ فَلَمْ أَرَ شَيْئًا، فَعُدْتُ لِمَضْجَعِي، فَجَاءَنِي الثَّانِيَةَ فَهَمَزَنِي بِقَدَمِهِ، فَجَلَسْتُ فَلَمْ أَرَ شَيْئًا، فَعُدْتُ لِمَضْجَعِي، فَجَاءَنِي الثَّالِثَةَ فَهَمَزَنِي بِقَدَمِهِ، فَجَلَسْتُ، فَأَخَذَ بِعَضُدِي فَقُمْتُ مَعَهُ، فَخَرَجَ بِي إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ، فَإِذَا دَابَّةٌ أَبْيَضُ بَيْنَ الْحِمَارِ وَالْبَغْلِ، لَهُ فِي فَخِذَيْهِ جَنَاحَانِ يَحْفِزُ بِهِمَا رِجْلَيْهِ، يَضَعُ يَدَهُ فِي مُنْتَهَى طَرَفِهِ، فَحَمَلَنِي عَلَيْهِ ثُمَّ خَرَجَ مَعِي .. لا يَفُوتَنِي وَلا أَفُوتُهُ) رواه أبي جعفر الطبري في تفسيره .. (قلت خالد صاحب الرسالة): الحديث ضعيف جدا .. وفي السند (عمرو بن عبيد) متروك الحديث .. فضلا عن انقطاع السند بين الحسن البصري وبين النبي صلى الله عليه وسلم.

 

- والرواية السابقة ليست تشير لما قاله الإمام بن حجر رحمه الله: بل الرواية تدل على أن النبي كان في الحجر يعني عند الكعبة يعني في المسجد فعلا ولم يكن في بيته .. ثم أين هذا الباب للمسجد إذا كان لا يوجد في زمن النبي أي باب للمسجد الحرام .. وأول أبواب تم حدوثها وجدار يحيط بالمسجد الحرام كان في زمن عمر بن الخطاب ؟!! فكيف يكون قال النبي : (فخرج بي إلى باب المسجد) ؟!!

 

2- ولعل الإمام بن حجر رحمه الله حينما حاول التوفيق بين كل الروايات .. لم ينتبه إلى وجود روايات لم تصح .. ولا يصح التوفيق بينها ومن ضمنها رواية أم هانيء ..

- والله أعلم .

 

@- المناقشة الرابعة لرأي آخر لبعض العلماء:

#- قال الشيخ سيد طنطاوي رحمه الله (المتوفى: 1431 هـ):

- وظاهر الآية يفيد أن الإسراء كان من المسجد الحرام .. فقد أخرج الشيخان والترمذي والنسائي من حديث أنس بن مالك- رضى الله عنه- أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: (بينا أنا في الحجر- وفي رواية- في الحطيم، بين النائم واليقظان، إذ أتانى آت فشق ما بين هذه إلى هذه، فاستخرج قلبي فغسله ثم أعيد، ثم أتيت بدابة دون البغل وفوق الحمار أبيض يقال له البراق فحملت عليه) ..

- وقيل أسرى به من بيت أم هانئ بنت أبى طالب .. فيكون المراد بالمسجد الحرام: الحرم لإحاطته بالمسجد والتباسه به. فعن ابن عباس- رضى الله عنهما-: "الحرم كله مسجد".

- ويمكن الجمع بين هذه الروايات .. بأن الرسول صلّى الله عليه وسلم بقي في بيت أم هانئ لفترة من الليل .. ثم ترك فراشه عندها وذهب إلى المسجد .. فلما كان في الحجر أو في الحطيم بين النائم واليقظان .. أسرى به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى .. ثم عرج به إلى السموات العلا. ثم عاد إلى فراشه قبل أن يبرد- كما جاء في بعض الروايات.

- وبذلك يترجح لدينا .. أن وجود الرسول صلّى الله عليه وسلم في تلك الليلة في بيت أم هانئ .. لا ينفى أن الإسراء بدأ من المسجد الحرام .. كما تقرر الآية الكريمة. (التفسير الوسيط ج8 ص283).

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على ما سبق من كلام الشيخ طنطاوي:

1- سبق وذكرنا أن قصة إسراء النبي من بيت أم هانيء هي قصة خطأ أصلا .. لأنها قصة غير صحيحة بل وضعيفة جدا أو مكذوبة كما سبق وأوضحنا ..

2- ولو قيل أن الإسراء من بيت أم هانيء .. وعلى افتراض صحة ذلك وهو غير صحيح .. وعلى افتراض أن بيتها في الحرم .. والحرم كله مسجد .. فكيف سيتم الجمع مع رواية إسرائه من الحطيم عند الكعبة ومع رواية أنه كان في بيته ؟!! لا يمكن الجمع بين الروايات حينئذ ..


- ثم يقال: على افتراض توهم صعوده من بيت أم هانيء .. ثم يقال لأن منزلها في الحرم .. حيث مكة كلها حرم .. فهذا أيضا كلام غير منضبط .. لأن القرآن لم يقل أن الإسراء تم من بيت أحد الأشخاص .. وإنما تم من المسجد الحرام وهو المكان الذي يتعبد فيه الناس لله وهو الجزء المحيط بالكعبة ..، ولم يقل أن تم الإسراء من الحرم أو من مكة .. لا .. وإنما من المسجد الحرام كنقطة محددة للبداية ..


#- قال الإمام محمد بن أحمد بن مصطفى المعروف بأبي زهرة رحمه الله (المتوفى: 1394هـ):

- وقد عين ابتداء السير وانتهاءه .. فقال سبحانه: (مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَا) .. فالابتداء من المسجد الحرام لَا من مكة كلها ..

- وصحت الرواية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه أسرى به من الحِجْر في المسجد ..، وقيل إنه أسرى به من بيت أم هانئ بنت أبي طالب ..، ونحن نرى أن الأولى أن يكون ابتداء الإسراء من الحِجر لصحة الرواية ولأنها التي تتفق مع النص .. لأن النص ذكر أنه من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى .. ومكة وإن كانت حرما آمنا لأجل المسجد الحرام، فليست كلها الكعبة ولا المسجد الحرام. (زهرة التفاسير ج8 ص4319).

 

#- معلومة عن حرم مكة:

- تمتدّ حدود الحرم المكي لشمال مكة حتى 5 كيلومترات لمسجد أم المؤمنين عائشة، رضي الله عنها .. وغربًا جهة محافظة جدة عند حي الحديبية حتى مسافة 18 كلم .. وجنوبًا جهة مشعر عرفة من المسجد الحرام حتى 20 كلم .. وإلى أربعة عشر ونصف كيلومتر شرق مكة عند جعرانة..

- فالحرم المكي هو محيط كبير جدا بالمسجد الحرام على مسافة كبيرة .. وتشمل طبعا بيت أم هاني وبيت النبي .. ولكن محيط الحرم المكي لا يسمى بالمسجد الحرام .. وإنما يسمى بالحرم المكي .. والمسجد جزء من هذا الحرم المكي .. والصورة التالية توضح محيط الحرم المكي حتى تتصوره بعينك كم هو كبير ..



#- ثانيا: رأي خاص (خالد صاحب الرسالة) .. في الجمع بين الروايتين الصحيحتين .. من خلال مدخلين:

1- المدخل الأول: خد بالك .. هناك فرق بين بداية لقاء جبريل بالنبي .. وبداية تحضير النبي للإسراء به .. وبداية الإسراء بالنبي ..

- وهذه نقطة مهمة لم أحسب أحد قد انتبه إليها .. إذ يجعلون كلامهم على الاسراء من لحظة نزول جبريل عليه السلام .. وهذا أراه خطأ في سياق القصة .. لأن الحقيقة خلاف ذلك .. لأن هناك كان مقدمة لبداية الإسراء وهي نزول جبريل عليه السلام .. ثم أخذه لزمزم وتجميله بأنوار ربانية من الحكمة والإيمان .. ثم أخذه للمسجد الحرام والإنطلاق به من هناك .. وهذا هو ما يسمى بالإسراء من لحظة ركوب النبي للبراق وانطلاقه مع جبريل عليه السلام إلى المسجد الأقصى .. لأن الإسراء هو من لحظة السير وليس ما قبل ذلك .. فانتبه .

 

- إذن الذي يقول بأن هناك تعارض بين بداية إسراء النبي في الروايات .. فهو مخطيء .. وإنما الذي يظهر منه التعارض هو فقط مكان نزول جبريل على النبي .. أما بداية الإسراء فعليا فهي من المسجد الحرام بنص القرآن ..

 

2- المدخل الثاني: طريقة الجمع بين رواية (فرج عن سقفي) ورواية (بينما انا في الحطيم) .. أجد في تفكيري توجيهين في الجمع بينهما:

أ- التوجيه الأول:  

- جاء في الرواية: (فُرِجَ سَقْفِي وَأَنَا بِمَكَّةَ) .. وفي رواية أخرى (فُرِجَ عَنْ سَقْفِ بَيْتِي وَأَنَا بِمَكَّةَ) .. وكلاهما رواه الإمام البخاري رحمه الله عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه ..

- والذي أظنه أن لفظ (بيتي) .. هو زيادة من أحد الرواة أو فهما هو فهمه فأضافه .. ليه بقولك كده ؟

- لعل يكون المقصد من لفظ: (فُرِجَ سَقْفِي وَأَنَا بِمَكَّةَ) أنه كان يجلس عند الحطيم بجوار الكعبة ووقع نظره إلى السماء فرأى سقف السماء الذي ينظر إليه قد انشق ونزل منه جبريل .. لأن السماء تسمى سقفا كما قال تعالى: (وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا) الأنبياء:32 ..

 

- ووصفه بأنه سقفه .. فذلك باعتبار ما علاه من سقف السماء وجمعته عينه في تلك اللحظة من مشهد ويقصد به خصوصية مكان محدد .

 

#- ولعل ما جعلني أذهب لهذا التفكير .. هو ما فائدة تخصيص قوله (وأنا بمكة) .. طالما ان بيته هو فعلا في مكة ؟!! ولكن لو تم ربط سقف السماء بمكة مع مجيء جبريل عند الحطيم أي عند الكعبة .. فيكون الترابط مستقيم .. والله أعلم.

 

ب- التوجيه الثاني:

- وهو أيضا ما جال بخاطري من تصور: إذ من الممكن أن يكون جبريل أتى للنبي بصورة غير اعتياده من خلال شق سقف بيت النبي وهو نائم .. وذلك للدلالة على عظيم حدث سيحدث معه وليطمئنه مسبقا أنه سيكون ملازما له .. وطلب منه الخروج من بيته إلى الحرم ليتهيأ لما سيحدث .. حتى إذا ذهب النبي للحرم وقد مر بعض الوقت على النبي فاضطجع ثم أتاه جبريل مع ميكائيل .. وذهبا به إلى بئر زمزم .. وحدثت قصة شق الصدر وملو الباطن النبوي الشريف حكمة وإيمانا .. ثم ركوب البراق ثم الإسراء للمسجد الأقصى ثم المعراج للسماوات العلا .. ثم العودة لمكة عند المسجد الحرام حتى غلبه النوم فيه ولم ينهض إلا في الصباح وحكى قصته لقريش .. والله أعلم .

 

#- خلاصة القول:

- أن بداية الإسراء تمت من الحرم المكي من عند الكعبة .. وإنما نزل جبريل عليه السلام على النبي في منزله بطريقة غريبة من سقف بيته .. ليتبين النبي أن هناك أمر جلل سيحدث وعليه أن يتأهب له ويستعد .. ويخرج إلى الحطيم عند الكعبة محل المسجد الحرام .. والذي كان يبعد عن منزله مسافة قصيرة جدا وهو ما يسمى حاليا بباب السلام .. وهو الباب الذي يشير إلى الإتجاه الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يذهب منه ويسلكه حين ذهابه إلى الكعبة.

- والله أعلم.

*****************
يتبع إن شاء الله تعالى
*****************
والله أعلم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم
هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .

هناك 13 تعليقًا:

  1. مافيش أى حاجة بتحصل صدفة، كل خطوة بتاخدها وأى حد بتقابله وكل موقف بتمر به هو قدرك، بحكمة ما ربما تعلمها أو لن تعلمها فى الدنيا أبدا.

    البوست ده ماظهرش قدامك صدفة، هو مقدر لك أنك ستقرأه.

    ستمر من طريق ما لتتعرف على فلان الذى سيكون سبب فى وفرة عمل لك تظل تعيش منه فترة طويلة فى حياتك.

    تدخل كلية معينة لتقابل فيها بنت، ستكون زوجتك طوال حياتك وتكون أم لأولادك.

    تعمل فى مكان ما، لتأخذ منه خبرة، رغم تعبك فيه سيكون سبب لإدخالك مكان أفضل فى المستقبل.

    واحد تقابله فتتعلم منه صنعة، تتغير حياتك كلها بسببه.

    موقف صعب توضع فيه، يكشف لك كثير من الأمور التي غابت عنك.

    مرض تصاب به لتكتشف ضعفك وينكسر غرورك.

    كتاب يقع في يدك يشكل وعيك ويكون سبب أساسى فى اتخاذك قرار كنت ستأخذ عكسه لولا المعرفة التى اكتسبتها فى وقتها.

    كل حاجة بتحصل فى وقتها بالدقيقة التى قدرها الله سبحانه دون تقديم ولا تأخير.

    الحاجة اللى بتحصل خير أو شر بتكون ابتلاء لسبب..
    ونبلوكم بالشر والخير فتنة.

    فماتزعلش أوى على حاجة ضايقتك، وماتفرحش أوى بحاجة جاتلك ..

    اقرأ الآية الآتية بتمعن :
    (مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ، لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ)

    ردحذف
  2. موفق بإذن القادر العظيم

    ردحذف
  3. جزاك الله خير يااستاذ خالد ورضي الله عنك وعن الجميع ، فك اشتباك بين الروايات ما شاء الله جميل والمدخل اللي حضرتك ذكرته مقنع جداً ، وهذا طبيعي جداً أن يكون للاسراء مقدمات ومن ثم تهيئة ثم تفاصيل الرحلة .

    وهذا فيه وجه شبه و يتفق مع كثير من قصص الانبياء سلام الله عليهم اجمعين فى القرآن أن في كل سورة يأتي بمشهد من القصة على حد تعبير الشيخ الشعراوي رضوان الله عليه فيظن ظان ان هناك تعارض .

    والله اعلى واعلم

    ردحذف
  4. سيدنا النبي ﷺ يقص على أصحابه قصة قاتل المائة، وهو يريد أن يتوب بعد كل هذه الذنوب، والله يقول: {أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِى الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا} فما قصة ذلك الرجل؟ يرويها سيدنا رسول الله ﷺ فيقول: «كانَ فِيمَن كانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وتِسْعِينَ نَفْسًا، فَسَأَلَ عن أعْلَمِ أهْلِ الأرْضِ فَدُلَّ علَى راهِبٍ، فأتاهُ فقالَ: إنَّه قَتَلَ تِسْعَةً وتِسْعِينَ نَفْسًا، فَهلْ له مِن تَوْبَةٍ؟ فقالَ: لا، فَقَتَلَهُ، فَكَمَّلَ به مِئَةً، ثُمَّ سَأَلَ عن أعْلَمِ أهْلِ الأرْضِ فَدُلَّ علَى رَجُلٍ عالِمٍ، فقالَ: إنَّه قَتَلَ مِئَةَ نَفْسٍ، فَهلْ له مِن تَوْبَةٍ؟ فقالَ: نَعَمْ، ومَن يَحُولُ بيْنَهُ وبيْنَ التَّوْبَةِ؟ انْطَلِقْ إلى أرْضِ كَذا وكَذا، فإنَّ بها أُناسًا يَعْبُدُونَ اللَّهَ فاعْبُدِ اللَّهَ معهُمْ، ولا تَرْجِعْ إلى أرْضِكَ، فإنَّها أرْضُ سَوْءٍ، فانْطَلَقَ حتَّى إذا نَصَفَ الطَّرِيقَ أتاهُ المَوْتُ، فاخْتَصَمَتْ فيه مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ ومَلائِكَةُ العَذابِ، فقالَتْ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ: جاءَ تائِبًا مُقْبِلًا بقَلْبِهِ إلى اللهِ، وقالَتْ مَلائِكَةُ العَذابِ: إنَّه لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ، فأتاهُمْ مَلَكٌ في صُورَةِ آدَمِيٍّ، فَجَعَلُوهُ بيْنَهُمْ، فقالَ: قِيسُوا ما بيْنَ الأرْضَيْنِ، فَإِلَى أيَّتِهِما كانَ أدْنَى فَهو له، فَقاسُوهُ فَوَجَدُوهُ أدْنَى إلى الأرْضِ الَّتي أرادَ، فَقَبَضَتْهُ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ» [رواه مسلم].

    وفي هذه القصة التي يرويها سيدنا النبي ﷺ أمور كثيرة يجب أن نتعلمها، أولا: أن الذي يُسأل عن أحكام الشرع العالم وليس العابد (الراهب) فعندما أخطأ من دله على الراهب حدثت جريمة أخرى في وقت يحتاج فيه الرجل إلى التوبة إذ به يقتل العابد الذي أفتى بجهل، فلا ينبغي لأحد أن يقصد كل من ظهرت عليه علامات العبادة أو الصلاح بالسؤال في الدين، فإن هذا الدين علم. كما أنه لا يجوز لكل من اقترب من ربه وسار في طريقه أياما أو شهورا أو سنين أن يظن أنه له إفتاء الناس، فإن الإفتاء يكون للعلماء، ورأينا عندما ذهب إلى العالم انتهى الأمر، وتنزلت الرحمات، فهذا هو الدرس الأول الذي ينبغي أن نخرج به من هذه القصة.

    الدرس الثاني : أن هذه القرية قوم سوء، لأن يتمكن من قتل هذا العدد دون أن يجد من يردعه، ومن يأخذ على يده، فلم يكن هناك أمر بمعروف ولا نهي عن المنكر، ولا سلطات، ولا أي شيء فهذا جو فاسد لا يصلح لعبادة الله، فهم قوم سوء لأنه استخفهم ولم يقم لهم وزنا، قال تعالى: {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ}.

    الدرس الثالث: أن التوبة حتى تستمر لابد وأن يتهيأ لها بيئة صالحة، ومجتمع متضامن متناصح، ويظهر هذا المعنى في قول العالم لقاتل المائة: «انطلق إلى أرض كذا وكذا فإن بها أناسا يعبدون الله تعالى فاعبد الله معهم و ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء»، فالإنسان يحتاج على الطاعة معين، وعلى الخير ناصح أمين.

    الدرس الرابع والأخير: أن الأعمال بالخواتيم، وفي هذا يقول النبي ﷺ: «إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله ملكا، فيؤمر بأربع كلمات، ويقال له اكتب عمله، ورزقه، وأجله، وشقي، أو سعيد، ثم ينفخ فيه الروح، فإن الرجل منكم ليعمل حتى ما يكون بينه وبين الجنة إلا ذراع فيسبق عليه كتابه فيعمل بعمل أهل النار، ويعمل حتى ما يكون بينه وبين النار إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة» [رواه البخاري ومسلم]
    ويقول النبي ﷺ: «إن العبد ليعمل عمل أهل النار وإنه من أهل الجنة، ويعمل عمل أهل الجنة وإنه من أهل النار، الأعمال بالخواتيم» [رواه البخاري]. كل هذه الدروس نتعلمها من هذا الحديث، ويشتمل الحديث كذلك على كثير من الدروس والتفصيلات، ولعلنا ذكرنا أهمها.
    فالمسلم مأمور بالمراجعة الدائمة ، فلا نمل من التوبة إلى الله، ولا نمل من مصارحة النفس بالعيوب والتقصير، ولا نمل من الإقلاع بهمة متجددة لرب العالمين، ولا ننسى الآخرة، ولا ننسى التوبة من هذه المعاصي.

    إن ترك نقد الذات ومراجعة النفس والتوبة إلى الله سبحانه وتعالى يؤدي إلى عذاب كبير لعلنا نعيش بعضه في أيامنا هذه، فإن صلاح إنسان واحد لا يكفي لصالح المجتمع أو لنهضة الأمة وصحوتها، فلابد أن تكون توبتنا إلى الله جماعية، ومراجعتنا شاملة لقضايا الإنسان في كل مكان وفي كل مجال.
    أ.د. علي جمعة

    ردحذف
  5. جزاك الله خيرا استاذنا الفاضل
    اللهم فهمنا علم اليقين من القرآن الكريم وكلام النبي الأمي الأمين .. وثبتنا عليه واجعلنا به هداة مهديين يا ارحم الراحمين .. وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي الأمين وعلى آله وسلم

    ردحذف
  6. هو ليه ربنا سايب اللي بيحصل في مسلمي بورما والإيغور وفلسطين وغيرهم؟

    ج/ لأن الدنيا ليست دار جزاء، ولو كانت الدنيا دار جزاء نهائي لما كانت دار ابتلاء واختبار.

    ولو كان كل ظالم تأخذه صيحة تهلكه=لما كان ليوم الحساب معنى، ولا كان يبقى للصبر موضع، ولا كانت التوبة فضيلة يُجزى صاحبها الجنة.

    مسلم بورما مبتلى بالضراء، ومسلم غيرها مبتلى بالرخاء، كلاهما في اختبار، والعدل الرباني لا يُنظر إليه من جهة كفة الدنيا فحسب بل ميزانه الدنيا والآخرة، فإذا أتيت على ربك يوم القيامة فلم تجده أعطى المحسن أجر إحسانه وزيادة، وعاقب الظالم المسئ بإساءته عذابًا مهينًا جزاءًا وفاقًا= ساعتها اسأل عن العدل الإلهي أين هو.

    هناك نبي تم قتله شقا بالمنشار وآخر قُدم جسدُه مهرا لامرأة بغي ساقطة، وأصحاب الأخدود كانوا مؤمنين وألقوا في النار جميعا والله يشاهدهم، إن الله إذا ترك المصيبة تقع بالعبد فهو يبتليه فإن صبر كانت بابا لجنته وإن لم يصبر دل ذلك على عدم أهليته لما أعده الله للمؤمنين الصابرين، ولو كانت الدنيا دار نعيم لا بلاء فيها= لكانت جنة، ولما كانت هي دار الامتحان التي تميز بين الناس ودرجاتهم وما يستحقون.

    وقد أخبرنا الله في قرآنه عن ملك لا يساوي فلسين، وهو يحفر الأخدود ليلقي فيه المؤمنين، ولم يتصارخ خيرة المؤمنين هؤلاء يتسخطون أقدار ربهم أن قد آمنا فكيف يتسلط علينا من يعذبنا فيحرقنا؟!

    ما يحدث ليس جديدًا أصلا، وإن الله لم يخدع الناس شيئًا، بل هو من حكى لنا أخبار البلاءات العظيمة التي وقعت بأوليائه، أفحسبتم أن تؤمنوا وأنتم لا تفتنون؟

    قال آمنتم له قبل أن آذن لكم إنه لكبيركم الذي علمكم السحر فلأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم في جذوع النخل ولتعلمن أينا أشد عذابا وأبقى.

    هذا وعيد فرعون لسحرة موسى، هل ترى ما فيه من شدة العذاب الواقع هل هؤلاء الذين لو لم يؤمنوا لظلوا معززين مكرمين وجهاء عند فرعون وقومه؟!

    هل ترى السحرة قالوا ما هذا الظلم الذي وقع علينا؟

    أهكذا يكافؤنا الله على أننا آمنا؟

    كيف يسلط الله فرعون علينا بعد أن آمنا به؟

    لا يا أخي، لم يقل السحرة المؤمنون من هذا شيئًا..

    انظر ماذا قالوا:

    قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا

    إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر والله خير وأبقى

    إنه من يأت ربه مجرما فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيى

    ومن يأته مؤمنا قد عمل الصالحات فأولئك لهم الدرجات العلى

    لقد عرفوا ميزان عدل الله وأنه لا ينظر فيه إلى الدنيا وحدها، فالدار الآخرة هي الحيوان وهي تمام الميزان؛ لأجل ذلك قالها السحرة بينة لا ريب فيها: لا ضير إنا إلى ربنا منقلبون.

    كل ما في الدنيا من بلاء بلغ ما بلغ، غمسة في الجنة تنسي العبد إياه، فقط كل ما يطلب منك هو أن تعيش في هذه الدنيا عيش من يطلب الآخرة ويرجو رحمة ربه، شاكرًا صابرًا.

    السحرة مع فرعون من أظهر نصوص الوحي في فهم طبيعة الابتلاء وميزان الخير والشر، فهذه الدنيا وما يكون فيها ليست معيارًا للخير والشر وليست ميدانًا لتحقيق العدل الإلهي أصلا.

    إن الله عز وجل يبتلي عباده ليرفع درجات الصابرين، ويزيد في عذاب الظالمين، ويمحص صف المؤمنين، ولتقام بهم الحجة على عذاب المجرم يوم القيامة فلا يشفق عليه أحد، ولا يعتذر عنه أحد، وليمتحن الله بهم أمثالنا من المؤمنين أيثبتون أم يستزلهم الشيطان فيكفروا.

    أما المبتلون= فغمسة في الجنة تنسي كل شقاء كأن لم يكن، يخلقهم الله خلقًا آخر هو ربهم وملكهم وبما شاء يبتبليهم لولاه ما كانوا.

    ردحذف
    الردود
    1. - آخر كلمات سَيِّدنا مُحَمَّد ﷺ.:
      أيُّها الناس: مَوعِدُكُم معي ليس الدُنيا، مَوعِدُكُم معي عند الحَوض، والله لكأني أنظُر إليه من مقامي هذا

      أيُّها الناس: والله ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى عليكم الدُنيا..أن تنافسوها كما تنافسها الذين من قبلكم فتُهلِكُكُم كما أهلَكَتْهُم

      أيُّها الناس: الصلاة الصلاة، الصلاة الصلاة، الله الله في الصلاة..

      أيُّها الناس: اتقوا الله في النساء، اتقوا الله في النساء، أوصيكُم بالنساء خيراً..

      أيُّها الناس: إنَّ عبداً خيَّره الله بين الدنيا وبين ما عِند الله، فاختار ما عِند الله..

      آواكُم الله، حفظكُم الله، نصركُم الله، ثبَّتكُم الله، أيَّدكُم الله..
      -------------
      وأنا أقرأ كلامك زهراء قلبي
      جال بخاطري قوله تعالى:
      ‏"لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا"

      الله لا يضع ثماراً على غصن لا أستطيع حملها
      هناك من إختاروا الجنة وزهدوا في الدنيا
      وهناك من إختارتهم الجنة بل الله هو من إصطفاهم له ولها
      حين أنظر لأهل غزة وما يحدث معهم وآرى الإيمان الذي شرب في قلوبهم صغارهم قبل كبارهم أوقن أن الشهادة شيء عزيز عزيز لا يحمله إلا عزيز عند العزيز
      أوقن أن الله قد جعل معظم رزقهم في إيمانهم وحبهم له وذلك هو العطاء الوفير
      صدقتي غمسة في الجنة تنسي كل ما عاشوه في الدنيا
      ولكن نظرة لوجه الرحمن تنسي الدنيا والجنة والنار
      قالها الحبيب صلى الله عليه و سلم موعدكم معي عند الحوض
      مجرد تفكير في مشهد ينسي الالم والظلم والجوع والقهر
      الله بردا وسلاما على قلوبهم إلي يوم أن يلقوك

      حذف
    2. ربنا يرحم شهداء المسلمين في كل زمان ومكان يا رب العالمين
      ويرزقهم يارب مرافقة سيدنا محمد في جنة الفردوس الأعلى
      وربنا يرضى عنهم ويراضيهم ويمتعهم بالنظر لوجهه الكريم ..

      فعلا يا عطر عزائنا الوحيد والأكيد في وصايا الحبيب
      (موعدكم معي ليس الدنيا .. موعدكم معي عند الحوض )
      صل الله عليه أبد الأبد مادام المدد وعلى آله وسلم

      حذف
  7. جزاك الله كل خير استاذنا الفاضل وامدك بمدده واعانك
    -----------

    نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا

    لا تتمنّ حياة أحد،
    أنت تعلم ما أُعطي النّاس،
    ولكنك تجهل مما حُرموا!
    غلاف الكتاب شيء، ومضمونه شيء آخر،
    الشهرة امتحان رسب فيه كثيرون!
    والمنصب فتنة أعمت كثيرين عما خلقوا له!..
    والمال ساحر أخذ بلب قارون،
    والجاه غواية ظلمت فيه زليخة نبياً!
    أنت في أنسب مكان لك،
    فلا تقارن حياتك بحياة غيرك،
    إنّ المشغول بالمقارنة محروم من السّكينة!

    ردحذف
  8. لم يتمتع النبي محمدا برؤيه والده ولا ليوم واحد ولا بمرافقه والدته طويلا !

    و تنقل النبي فى حياته من بيت لبيت .. فتره فى بيت جده ثم بيت عمه ..
    وحياه المرء فى غير بيته قطعا لا راحه فيها ولا سكن .

    لم يرزق النبي محمدا الاخ و لا الاخت و لا الاسره و الاستقرار الاول ..
    غير ان النبي العظيم كان يطوى قلبه على حب كبير لربه و عطاء كبير لكل مسلم ..

    فكأن كل فرد رافقه هو اخيه .. و كأن كل مسلم يملك فى قلبه العظيم مكانا ..
    وكأن ربنا فرغ قلبه من التعلق ببشر .. ليسع قلبه كل مسلم حتى يوم الدين .

    وتشعر بانتماء عجيب وقرب حقيقي كلما زدت فى الصلاه على النبي .. كأنه يربت على قلبك "إنى انا اخوك فلا تبتئس "

    اللهم زد هذا النبي العظيم مكانه عندك و حبا و مهابه و اجلالا فى قلب كل مسلم

    الحمد لله كثيرا على نعمه النبي محمدا

    - آمنة السواح

    ردحذف
  9. الضيق والشعور بالكدر جزء من الطبيعة البشرية ..
    اقبلوه حتى يمر وقته ثم يغادر بسلام
    المبالغة في رفضه وطلب معالجته هو الذي يحوّله إلى معاناة ومأساة
    (اعبد الله على الرضا، فإنْ لمْ تستطعْ ففي الصبرِ على ما تَكره خيرٌ كثير).

    ردحذف
  10. إياك أن تميت الطفل الذي يسكنك،
    إياك أن تغيب صوته الجميل
    الذي يذكرك بالحياة،
    إياك أن تلبسه حلة النضج
    كلما أراد التحليق
    إياك أن تمنعه من ممارسة جنونه،
    إياك أن تفرض عليه
    قوانين تسارع عجلة العمر،
    فهو الجزء النقي المتبقي بداخلك
    فلا تعبث بملامحه البيضاء.

    ردحذف
  11. اللهم صل على سيدنا محمد النبي الامي وعلى اله وسلم 🌿
    ما شاء الله احسنت يااستاذنا 🌿 وجزاك الله كل الخير

    ردحذف

ادارة الموقع - ا/ خالد ابوعوف