ج4: قصة نبي الله لوط مع قومه الشواذ جنسيا بالمثلية - سبب إرسال الله للنبي لوط إلى قرية سدوم – سبب تكرار القرآن من ذكر فاحشة ممارسة الجنس المثلي في قصة قوم لوط في سور مختلفة من القرآن – هل كان قوم لوط مؤمنين فانحرفوا أم كفار وازدادوا انحراف.

    بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

قصة نبي الله لوط عليه السلام

مع قومه الشواذ جنسيا بالمثلية

اللُّواطِيُّون والسُّحَاقيَّات

(الجزء الرابع)

  

 #- فهرس:

:: الفصل الرابع :: عن سبب إرسال الله للنبي لوط إلى قرية سدوم – سبب تكرار القرآن من ذكر فاحشة قوم لوط – وهل كان قوم لوط مؤمنين فانحرفوا أم كفار وازدادوا انحراف ::

1- س8: لماذا أرسل الله النبي لوط إلى قرية سدوم وما يتبعها من قرى ؟

2- س9: لماذا في قصة النبي لوط لم تظهر دعوته لقومه لعبادة الله والإبتعاد عن كفرهم ؟ أم كانوا هم مؤمنين وانحرفوا بفعل الفاحشة ؟

#- أولا: من المهم أن نفهم أن النبي لوط قد دعا قومه للإيمان بالله فعلا بنص القرآن.

#- ثانيا: لماذا لم يذكر الله دعوة لوط لقومه لعبادة الله في سورة الأعراف واكتفى بذكر توجيه لوط لقومه بالإبتعاد عن الفاحشة ؟

3- س10: لماذا اهتم القرآن بتكرار ذكر فاحشة ممارسة الجنس المثلي في قصة قوم لوط في سورة مختلفة من القرآن ؟ 

*****************

:: الفصل الرابع ::

******************

 

..:: س8: لماذا أرسل الله النبي لوط إلى قرية سدوم وما يتبعها من قرى ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- قد أرسل الله لوط لقرية سدوم وما يتبعها من قرى .. وذلك ليدعوهم إلى عبادة الله وتوحيده .. ويمنعهم من عمل الفاحشة التي كانوا يفعلوها .. والتي كانوا أول البشر في فعلها.

 

#- وفي العموم قد انتشر فيهم عدة جرائم نتكلم عنها كما نلاحظها من آيات القرآن:

1- جحود الإيمان والرغبة في البقاء على الكفر.

2- ممارسة الجنس المثلي بين الرجال والرجال وقيل بين النساء والنساء أيضا.

3- قطع الطريق على أهل السبيل الذي يمرون في طريق قريتهم فيسرقون أموالهم ويقتلون منهم ويغتصبون رجال القوافل.

4- الإجتماع في أماكن عامة لفعل كل ما يحلو لهم من منكر يمكن أن يتخيله العقل وما لا يتخيله.

 

#- ودليل ما سبق:

1- جحود الإيمان والرغبة في الكفر ..

- إذ قال تعالى وقت نزول العذاب على قرية قوم لوط: (فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (35) فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) الذاريات:35-36.

 

- فتبين مما سبق .. أن الذين كانوا مؤمنين بالله هم سيدنا لوط عليه السلام وبناته فقط .. ولو كان غيرهم مؤمنا بالله لكان الله أخرجه من القرية مع لوط وبناته .. لأن زوجة لوط كانت ممن نزل بهم العذاب .. وسيأتي توضيح مسألة عقاب زوجته في سؤال منفصل إن شاء الله.

 

2- أما عن جرائم ممارسة المثلية الجنسية بين الرجال والرجال .. وقطع الطريق وفعل المنكرات .. فإليك بيان ذلك:

 

#- قال تعالى حاكيا على لسان لوط لقومه: (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (28) أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) العنكبوت:28-29.

 

- وكذلك قال جل شأنه حكاية على لسان لوطا إذ قال لقومه: (إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (162) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (163) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (164) أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ (165) وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ) الشعراء:162-166.

 

- والذكران جمع ذكر .. أي يهتمون جدا بممارسة الفحشاء مع الرجال في فتحة الدُّبر (وهي فتحة الشَّرج محل نزول الخراء).

 

#- وخلاصة القول:

- أن إرسال لوط عليه السلام إلى قرية سدوم وما يتبعها .. إنما كان لعدة أسباب .. منها ممارسة الجنس المثلي بين الرجال وبعضهم .. وقطع الطريق .. وفعل المنكر في كل تجمع يجتمعون فيه ..، ولكن السبب الظاهر في القصة والمكرر ذكره هو ممارسة الفحشاء بين الرجال والرجال .. وسبب ظهور هذا السبب في القصة لكونه حدثا لم يسبق إليه أحد من العالمين في الوجود قبلهم.

 

*****************

 

..:: س9: لماذا في قصة النبي لوط لم تظهر دعوته لقومه لعبادة الله والإبتعاد عن كفرهم ؟ أم كانوا هم مؤمنين وانحرفوا بفعل الفاحشة ؟ ::..

 

#- حينما يقرأ البعض في سورة الأعراف قصص بعض الأنبياء فيجد الآتي:

- يجد الله يحكي عن نوح عليه السلام فيقول: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ) الأعراف:59.

 

- ويحكي عن هود عليه السلام فيقول: (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ) الأعراف:65.

 

- ويحكي عن صالح عليه السلام فيقول: (وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ) الأعراف:73.

 

- ولكن حينما تكلم وحكى عن قصة لوط عليه السلام قال: (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (80) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ) الأعراف:80-81. 

 

- إذن: في قصة لوط ظهر السياق مختلف عما سبقه من قصص الأنبياء في نفس السورة .. وهنا قد تتسائل فتقول:

1- هل كان قوم مؤمنين أصلا ولكنهم انحرفوا بارتكاب الفاحشة ؟

2- وإن لم يكن كذلك .. فلماذا لم يظهر دعوة لوط لقومه إلى عبادة الله كما ظهر من سبقه من الأنبياء في نفس السورة ؟

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- أولا: من المهم أن نفهم أن النبي لوط قد دعا قومه للإيمان بالله فعلا بنص القرآن .. وإليك مجموعة من الأدلة على ذلك:

 

#- الدليل الأول: على دعوة النبي لوط لقومه إلى عبادة الله:

- قال الله حاكيا عن لوط عليه السلام: (كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ (160) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ (161) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (162) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (163) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ) الشعراء:160-164.

 

- فقوله (ألا تتقون) .. دليل على دعوة لوط لقومه بترك الكفر والإيمان بالله .. كيف ذلك ؟

 

- سأوضح لك هذا بمثال من القرآن .. وذلك حينما تكلم الله عن إلياس عليه السلام قال جل شأنه: (وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (123) إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ (124) أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ (125) اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ) الصافات:123-126.

 

- فهذه الحكاية عن النبي إلياس عليه السلام .. تكشف لنا أن بعد قول الأنبياء لقومهم (ألا تتقون) .. يأتي بعدها الدعوة إلى الله والتعريف بكونه خالق الوجود الذي إليه يعود الناس ليجازيهم على أفعالهم.

 

2- ولذلك لما قال لوط بعد قوله لقومه (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ) .. فهنا يظهر سؤال فتقول: وأين ظهرت دعوة لوط لقومه إلى عبادة الله حتى يقول لهم (فاتقوا الله) ؟

 

- فأقول لك أخي الحبيب: أن بقوله (فاتقوا الله) .. نفهم أن لوط قد أخبرهم عن الله وعرفهم به حينما قال لهم (أَلَا تَتَّقُونَ) مثلما حكى لنا القرآن عن النبي إلياس .. ولكن القرآن اختصر الحكاية اعتبارا لتدبر المؤمن في القرآن وفهمه أن بعد قول الأنبياء لقومهم (أَلَا تَتَّقُونَ) فهو بذلك يبدأ يدعوهم إلى الله .. ولذلك لا يقول الأنبياء "ألا تتقون الله" .. لا .. لأنهم لم يكن عرفوا قومهم بالله حينئذ .. ولذلك الأنبياء كأنهم يستفتحون حديثهم مع قومهم فيقولون (أَلَا تَتَّقُونَ) .. كأنهم يقولون لقومهم: أليس من العقل أن تتجنبوا هذا الباطل الذي تعبدوه .. وتعبدون رب العالمين الذي هو الله الذي خلقكم وخلق الوجود كله .. وحينما أدعوكم إلى الله فليس طلبا لأجر منكم .. فاتقوا الله رب العالمين من أن ينزل بكم عذابا عظيم .. وهكذا تكون دعوة الأنبياء.

 

3- إذن: لوط عليه السلام قد دعا قومه أولا إلى ترك عبادة غير الله بقوله (أَلَا تَتَّقُونَ) .. ثم دعاهم إلى الله وأظهر الهدف من وراء دعوته بقوله (وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ) .. ثم لما قال لقومه بعد ذلك (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ) فهذا معناه أنه كان قد عرفهم بالله رب العالمين .. بل وجادلوه فيه .. ولذلك قال لهم (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ) .. والله أعلم.

 

- وتفهم أخي الحبيب مما سبق: أن قول لوط (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ) .. ليس بمعنى أن قومه كانوا يؤمنون بالله ولوط يعظهم بتفعيل الإيمان في نفوسهم ليعملوا به .. لا .. وإنما تفهم أنهم جادلوه في الله حينما دعاهم إليه وأنكروا عليه ما يقول ولذلك قال لهم: (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ).

 

4- وستلاحظ أخي الحبيب في سورة الشعراء .. أن قول لوط: (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ) ليس هو قوله فقط بل هو أيضا قول ما سبقه من الرسل .. فانتبه للآتي:

 

- قال تعالى حاكيا عن نوح عليه السلام: (كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ (105) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ (106) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (107) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ) الشعراء: الشعراء:105-108.

 

- قال تعالى حاكيا عن هود عليه السلام: (كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ (123) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ (124) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (125) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ) الشعراء:123-125.

 

- قال تعالى حاكيا عن صالح عليه السلام: (كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ (141) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ (142) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (143) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ) الشعراء:141-144.

 

- وأخيرا قال تعالى حاكيا عن لوط عليه السلام: (كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ (160) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ (161) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (162) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ) الشعراء:160-163.

 

#- إذن: تفهم أن منهجية الأنبياء واحدة في الدعوة إلى الله .. ولذلك يذكر الله مع كل نبي نفس أسلوب الدعوة لتفهم أن مرسلهم واحد وهو الله .. ومنهجهم واحد وهو الدعوة إلى عبادة الله.

 

#- ملحوظة: النبي إلياس هو أحد أنبياء بني إسرائيل كان مرسلا في منطقة فلسطين بالشام .. وفي توراة اليهود والنصارى ويسمى (إيليا) بمعنى (إلهي هو الله) .. وتم إرساله لبني إسرائيل بعد زمن سليمان إذ قد عبد بعض بني إسرائيل (صنم البعل - الذي بمعنى السيد أو الراعي أو المولى) .. وهذا الصنم كان رئيس آلهة الدعارة وكان يتم ممارسة فحشاء الزنا جهرا في معبد هذا الصنم مع عاهرات إنسيات مخصصة لذلك لمن يعبد هذا الصنم .. (على مبدأ اذهب وبارك هذا الصنم بالمال واختار عاهرة أمام الصنم واستمتع بها).. ولكن هذه الدعارة كانت تحدث في المعبد أمام صنم آخر وهو صنم المرأة عشتاروت ملكة الفجور والفحشاء والدعارة والجنس بكل انحرافاته .. والجميع في معبد واحد ولكن (بعل) هو كبير الآلهة .. و (عشتاروت) تعتبر آلهة أيضا ولكن تحت قيادة كبير الآلهة (بعل).

 

#- الدليل الثاني: على دعوة النبي لوط لقومه إلى عبادة الله:

- قال تعالى: (كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ) الشعراء:160 ..

- والتكذيب للرسل هو تكذيب لدعوة الأنبياء إلى الإيمان بالله ..، وهذا أشار إليه رب العالمين عن قوم نوح وهود وصالح .. إذ قال جل شأنه عن أقوام هؤلاء الأنبياء أنهم كذبوا أنبيائهم .. فكان هذا التكذيب هو تكذيب لدعوة الحق وهي الإيمان بالله واليوم الآخر وتكذيب برسل الله وكتبه .. ودليل ما سبق: (كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ) الشعراء:105 ..، (كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ) الشعراء:123 ..، (كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ) الشعراء:141.

 

- فظهر بذلك أن لوط عليه السلام كان دعا قومه إلى الإيمان بالله .. فكذبوه في ذلك الإيمان.. كما فعل ذلك قوم نوح وهود وصالح عليهم جميعا السلام.

 

#- الدليل الثالث: على دعوة النبي لوط لقومه إلى عبادة الله:

- قال تعالى: (كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ) القمر:33 ..، وقال تعالى: (وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ) القمر:36 .. أي لقد حذرهم لوط من عذاب الله إلا أنهم شكوا في إنذاره وكذبوه.

- والإنذار من الرسل لا يكون إلا عن تحذير بنزول عقاب من الله إن لم يستجيبوا إلى الإيمان بالله.

 

#- الدليل الرابع: على دعوة النبي لوط لقومه إلى عبادة الله:

- أن الله حين نزل بالعذاب على قرية قوم لوط .. فقد أخرج من هذه القرية فقط الذين كانوا بالله هم يؤمنون .. فقال جل شانه: (فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (35) فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) الذاريات:35-36 ..، وهذا البيت الذي أنجاه الله هو بيت لوط وبناته فقط.

- فإذا كان الذين نجاهم الله موصوفين بالمؤمنين .. فدل ذلك على أن باقي المدينة أو القرية كانوا كافرين .. وطالما كانوا كافرين فهذا معناه أن لوط عليه السلام كان يدعوهم إلى عبادة الله جل شانه ويتركوا الكفر الذي هم فيه والذي أوصلهم إلى فعل هذه الفحشاء التي يفعلوها.

 

#- الدليل الخامس: على دعوة النبي لوط لقومه إلى عبادة الله:

- قال تعالى: (أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) العنكبوت:29.

 

- فلو كانوا مؤمنين .. ما كانوا استهزئوا بلوط وقالوا له: (ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ).

- فتبين من وراء ذلك انهم كانوا اهل كفر وجحود وإنكار لوجود الله جل شانه.

 

#- الدليل السادس: على دعوة النبي لوط لقومه إلى عبادة الله:

- قال تعالى لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ (42) وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ (43) وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَى فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ) الحج:42-44.

 

- وهذه الآية واضحة جدا بأن لوط عليه السلام .. كان يدعو لعبادة الله كما دعا غير من الأنبياء الأقوام الذين نزل بهم عذاب .. ووصفهم الله بالكافرين بمنتهى الوضوح في الآية .. وهذا ليس كفر نعمة .. وإنما كفر اعتقاد بوجود الله وأنه القيوم المتصرف في الوجود جل شانه.

 

#- الدليل السابع: على دعوة النبي لوط لقومه إلى عبادة الله:

- قال تعالى: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ) النحل:36 ..

- فكان هذا دليلا كافيا على أن كل رسول كانت هذه دعوته (اعبدوا الله) ..

 

- وقال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (34) وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ) سبأ:34-35.

- إذن: الأمم التي يأتيها نذير مثل لوط عليه السلام ولم تؤمن .. فحالهم هو إعلان الكفر الصريح والتحدي بما يملكون من نعيم .. فتكون العاقبة هي زوال كل شيء.

 

#- ثانيا: لماذا لم يذكر الله دعوة لوط لقومه لعبادة الله في سورة الأعراف واكتفى بذكر توجيه لوط لقومه بالإبتعاد عن الفاحشة ؟

- فهذا لسببين حسب ما أظن:

1- لأنه سبق نزول سورة الشعراء قبل سورة الأعراف .. وفي سورة الشعراء تم توضيح منهج قصة لوط بالكامل في دعوته لقومه لعبادة الله ولنهيهم عن الفحشاء .. كما سبق وأوضحنا منذ قليل.

 

2- ولأن المقصد كان في سورة الأعراف هو ذكر السبب الذي حجب قوم الأنبياء عن الإيمان بالله .. فبعضهم كان حجابهم هو الكفر فقط .. وبعض كان لهم سبب آخر فوق الكفر وهو الأهواء بفعل المحرمات واستباحتها حتى ارتبطت بقلوبهم فكانت حجاب منعهم حتى عن سماع الحق وليس للتفكر فيه .. فكان حجاب المعصية سببا لجحود الحق الذي سيمنعهم عن هذه المعصية.

 

- فسورة الأعراف ذكرت بعض مقتطفات من قصص الأنبياء من حيث الأسباب المانعة من قبول دعوة الحق .. وليس الغرض هو ذكر تفاصيل قصة كل نبي مع قومه أتى ذكره في سورة الأعراف .. والله أعلم.

   

#- وخلاصة القول:

- الظن بأن لوط عليه السلام لم يدعو قومه إلى عبادة الله .. أو الظن بأن قومه كانوا مؤمنين فانحرفوا بالمعصية .. فهذا كله كلام باطل ويخالف كلام الله في القرآن .. لأن لوط عليه السلام دعا إلى عبادة ربه مثله مثل جميع الرسل .. وقد تم ثبوت ذلك بنصوص واضحة من القرآن بكل يقين.

 

- ولكن لماذا القرآن اهتم بجزئية فاحشة قوم لوط على وجه الخصوص ؟

- فهذا ما نجيب عليه في السؤال التالي إن شاء الله.

 

*******************

 

.:: س10: لماذا اهتم القرآن بتكرار ذكر فاحشة ممارسة الجنس المثلي في قصة قوم لوط في سورة مختلفة من القرآن ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):  

- على خلاف العادة .. نجد القرآن يهتم في قصة النبي لوط عليه السلام .. بذكر فاحشة ممارسة الجنس المثلي في سور مختلفة من القرآن .. في حين أمم اخرى فعلت أيضا فواحش ولكن قد يتم ذكرها مرة أو على سبيل الإشارة .. فما سر ذلك ؟

 

#- أقول وبالله التوفيق:

 1- سبب اهتمام القرآن بجريمة ممارسة الجنس المثلي التي فعلها قوم لوط .. فذلك قد أجاب عنه القرآن .. وذلك فيما حكاه الله عن قصة لوط عليه السلام: (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (80) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ) الأعراف:80-81. 

 

- إذن: سبب الإهتمام القرآني بقصة قوم لوط هو حدوث هذه الجريمة لأول مرة في تاريخ الوجود إنما كان في قرية سدوم أو قوم لوط .. ولذلك قال لهم لوط: (أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ).

 

2- وأجد سبب آخر في اهتمام القرآن بذكر فاحشة ممارسة الجنس المثلي لقرية سدوم أو قوم لوط .. وهو بيان أن هذه الشهوة الجنسية قد بلغت مبلغا من هذه النفوس حتى اصبحت حجاب عن إدراك شيء آخر يمنعها عن فعله .. أي أنهم أصبحوا عبيد لهذه الشهوة حتى أنهم على استعداد لفعل أي شيء من أجل الحصول على هذه الشهوة حتى استباحوا مهاجمة القوافل التي تسير بجوار قريتهم ويعتدون على من فيها ويمارسون معهم الفحشاء.

 

- فخضوع العقل لشهوة الجنس .. طمست في العقل استقبال أي فكرة أخرى معارضة يمكن أن تمنعهم عن هذه الشهوة. 

 

3- وسبب أخير ألاحظه في قصص القرآن عموما .. أن الله يذكر العلل والأمراض التي كانت سببا في نزول الهلاك بالناس .. وكأن القرآن يخبرنا ويحذرنا بأن هذه العلل ستظل كنوع من البلايا الموجودة في الوجود .. فاحذروا الفتنة بهذه الشهوات المنكرة والمنحرفة ..، وفي قصة لوط عليه السلام يظهر من فاحشة ممارسة الجنسية المثلية أنها تعود في زماننا هذا حتى استباحت بعض البلدان تقنين أوضاعهم بل وزوجوا المثليين لبعضهم البعض تحديا لله في الأرض.

 

- ولذلك القرآن اهتم بذكر هذه الفاحشة وتكرار ذكرها في آيات متعددة في مختلف الصور .. لأنها من البلايا التي سيظل لها ظلال متكررة في الوجود .. أي ستحدث مع أقوام آخرين سيستبيحون هذا الفعل لأنفسهم كما استباح ذلك قرية سدوم أو قوم لوط.

- والله أعلم.   

*****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .