بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة
قصة نبي الله لوط عليه السلام
مع قومه الشواذ جنسيا بالمثلية
اللُّواطِيُّون والسُّحَاقيَّات
(الجزء الخامس عشر)
#- فهرس:
:: الفصل الخامس عشر :: عن كلام العلماء حول تفسير قوله (أَتَأْتُونَ
الْفَاحِشَةَ ما سبقكم بها من أحد من العالمين) ومفهوم أسبقية قوم لوط عن كل أحد
من العالمين في فعل اللواط ::
1- س41: ماذا فهم العلماء من أسبقية فعل قوم لوط حين قال لهم النبي
لوط (أَتَأْتُونَ
الْفَاحِشَةَ ما سبقكم بها من أحد من العالمين) ؟
#- أولا: ما قاله العلماء في قوله (ما سبقكم بها من أحد من العالمين).
#- ثانيا: قلت (خالد صاحب الرسالة) عن وجهة نظر خاصة
حول تفسير قوله (ما سبقكم بها من أحد من العالمين).
2- س42: كيف يمكن التصور أن شهوة اللواط ما سبق إلى فعلها
أحد من العالمين في حين أن احتمالية ظهور هذه الفكرة في بال أحد هي ممكنة الحدوث سواء
مع بعض الرجال أو بعض النساء ؟
3- س43: هل قوم لوط كانوا
يفعلون اللواط بالغرباء عن قريتهم فقط بدلالة لفظ (أتأتون)
وبدلالة لفظ (أولم
ننهك عن العالمين) وفي ذلك دليلا على أنه لا يوجد
تحريم للمفعول به اللواط ؟
*****************
:: الفصل الخامس عشر ::
******************
..:: س41: ماذا فهم العلماء من أسبقية
فعل قوم لوط حين قال لهم النبي لوط (أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ ما سبقكم بها من أحد من العالمين) ؟ ::..
- قال تعالى: (وَلُوطًا إِذْ
قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ
(80) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ
أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (81) وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا
أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (82)
فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ) الأعراف: 80-82.
#- أولا: ما قاله العلماء في قوله (ما سبقكم بها من أحد من العالمين).
1- قال
الإمام الطاهر بن عاشور رحمه الله (المتوفى:1393 هـ):
- السبق حقيقته: وصول الماشي إلى مكان مطلوب له
ولغيره قبل وصول غيره .. ويستعمل مجازا في التقدم في الزمان، أي الأولية
والابتداء، وهو المراد هنا.
- والمقصود: أنهم سبقوا الناس بهذه الفاحشة
.. إذ لا يقصد بمثل هذا التركيب أنهم ابتدأوا مع غيرهم في وقت واحد. (التحرير والتنوير ج8ب ص230).
2- قال
الإمام أبو منصور الماتريدي رحمه الله (المتوفى: 333 هـ):
-
(مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ) يعيرهم ويسفه أحلامهم في إتيان
ما يأتون من الفاحشة التي لم يسبقهم أحد من العالمين .. على علم منهم أن ذلك
فاحشة.
-
ألا ترى أنهم قالوا: (إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ) دل هذا القول على أن ما يأتون من
الفواحش يأتون على علم منهم أنها فواحش .. حيث قالوا: (إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ). (تأويلات أهل السنة ج4 ص486).
3- قال
الإمام أبو القاسم الزمخشري رحمه الله (المتوفى: 538 هـ):
- (أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ) أتفعلون السيئة المتمادية في
القبح .
- (ما سَبَقَكُمْ بِها) ما عملها قبلكم .. والباء للتعدية من قولك: سبقته
بالكرة .. إذا ضربتها قبله.
- (مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ): (من) الأولى زائدة لتوكيد النفي
وإفادة معنى الاستغراق .. والثانية للتبعيض. (تفسير الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل ج2 ص125 -
مختصرا).
4- قال الإمام شمس الدين القرطبي رحمه الله (المتوفى: 671 هـ):
- قوله تعالى:
(ما سبقكم بها من أحد من العالمين) .. (من) لاستغراق الجنس .. أي لم يكن اللواط في أمة قبل قوم لوط.
- والملحدون يزعمون أن ذلك كان قبلهم.
- والصدق ما ورد به القرآن. (تفسير القرطبي ج7 ص245).
5- قال
الإمام محمد متولى الشعراوي رحمه الله (المتوفى:1418 هـ):
-
(أَتَأْتُونَ الفاحشة مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ
مِّن العالمين) .
#-
والفاحشة: هي العملية الجنسية الشاذة. (تفسير الشعراوي ج7 ص 4228).
#-
أي أن هذه المسألة لم تحدث من قبل لأنها عملية مستقذرة .. لأن
الرجل إنما يأتي الرجل في محل القذارة .. لكنهم فعلوها .. وهذا الفعل يدل على أنها
مسألة قد تشتهيها النفس غير السويَّة .. ولكنها عملية قذرة تأباها الفطرة السليمة. (تفسير الشعراوي ج7 ص4225).
#- وقوله الحق: ( ... مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ
أَحَدٍ مِّن العالمين) الأعراف:80.
-
يعني أنه لم يسبقكم أي أحد من بداية ما يقال له أحد
..، وسبحانه يريد بذلك أن ينفيها أكثر.
-
و (مِن) التي في قوله (مِن العالمين): هي تبعيضية أي ما سبقكم بها أحد
"من بعض" العالمين.
-
فما هذا الأمر؟
-
لقد سماها فاحشة .. وهي تزيد في القبح .. ووصفة لها
بأنها لم يأتها أحد من العالمين .. جعلها مسألة فظيعة للغاية. (تفسير الشعراوي ج7 ص4226).
6- قال الإمام ناصر الدين البيضاوي رحمه الله (المتوفى: 685
هـ):
- (أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ) توبيخ وتقريع على تلك الفعلة المتمادية في القبح. (مَا سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ) ما فعلها قبلكم أحد
قط.
-
والباء للتعدية .. ومن الأولى لتأكيد النفي والاستغراق .. والثانية
للتبعيض.
-
والجملة استئناف مقرر للإِنكار .. كأنه وبخهم أولاً بإتيان الفاحشة .. ثم
باختراعها فإنه أسوأ.
-
(إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ
النِّساءِ) بيان لقوله: (أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ) وهو أبلغ في الإِنكار والتوبيخ.
(تفسير أنوار التنزيل
وأسرار التأويل ج3 ص22).
7- قال الإمام أحمد المراغي رحمه الله (المتوفى: 1371 هـ):
-
(ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ) أي ما عملها أحد قبلكم في أي
زمان .. بل هي من مبتدعاتكم في الفساد .. فأنتم فيها أسوة وقدوة . فتبوءون بإثمها
وإثم من اتبعكم فيها إلى يوم القيامة. (تفسير المراغي ج8 ص204).
8- قال الدكتور الشيخ محمد الهلال في تفسيره:
-
(وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ): أي واذكر إذ قال لوط لقومه أو
حين قال لوط لقومه.
-
(إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ): إنكم تفيد التّوكيد، واللام في
لتأتون لزيادة التّوكيد.
-
(الْفَاحِشَةَ): إتيان الرجال شهوة من دون
النساء.
- (مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ
مِنَ الْعَالَمِينَ): ما النّافية ..، سبقكم بها: ما
فعلها أو قام بها أحدٌ من قبلكم ..، من: استغراقية ..، أحد: للتوكيد ..، من
العالمين: الإنس والجن. (تفسير القرآن الثري الجامع في الإعجاز البياني واللغوي
والعلمي ج7 ص57).
#- ثانيا: قلت (خالد صاحب الرسالة) عن وجهة نظر خاصة حول تفسير قوله (ما سبقكم بها من أحد من العالمين):
1- طالما لم يسبقهم إلى ذلك أحد من العالمين .. وتأمل
قوله (ما) مع قوله (من أحد) مع قوله (من العالمين)
.. فهذا نفي قاطع لكل أحد ممن يدخلون في لفظ العالمين ممن لهم القدرة على
الجماع سواء إنس أو جن أو حيوانات .. وقد يكون المقصود بكلمة (أحد) هو المجتمع
نفسه وليس أفراد البشر ..، وهذا النفي يجعلني أقول أن الشياطين أنفسهم ما كانوا
يفعلوه في مجتمعهم ويجهرون به .. ولذلك لم يظهر للشيطان أثر تدخل في قصة قوم لوط
.. لأن الشيطان لعله ما خطر بباله أن يوسوس لهم بذلك في المجتمع ككل .. لأنه ما ظن في خياله أنه يمكن لمجتمع
كامل من الإنس أن يقبل بهذه الوسوسة .. وكأن هذا الفعل لم يكن في كتالوج معاصي الشيطان من أساسه
.. بل لعل الشيطان أخذ يصفق لهم
من فرحته وكان منبهرا بما أرادوا فعله.
- وسبب ظني لما سبق .. فذلك لأن الآية تثبت بوضوح تام "أن الأسبقية في فعل هذه
الفاحشة المثلية" .. إنما كان حصريا في قوم لوط أو قرية سدوم.
2- بل وأفهم من لفظ (ما
سبقكم بها من أحد) أن الشياطين هم من تعلموا هذا من قوم لوط .. ثم
وسوسوا به فيما بعد لبني آدم ليفعلوه على نطاق اجتماعي موسع ووسوسوا لهم أن هذا حق
لهم عليهم الدفاع عنه .. لأن الشياطين تعلمت وعرفت من مجتمع قوم لوط كيف كانوا
يدافعون عن أنفسهم حين فعلهم لهذه الفاحشة .. وبالتالي نقلوا هذه المعرفة لكل من
يريد اللواط والمثلية.
3-
ولذلك القرآن أخفى ظهور الشيطان في قصة لوط عليه السلام
.. لنفهم أن فعل الفاحشة هي إنتاج وتأليف وإخراج قوم لوط دون أي تدخل من
الشيطان .. لأن الشيطان يأتي دوره كجمهور يصفق بحرارة لهذه القصة العظيمة التي
يقوم قوم لوط بفعلها في الوجود.
- فهذا السبق اللواطي الذي فعلته
قرية قوم لوط .. يظهر لنا أن تطبيق هذه الفاحشة على نطاق اجتماعي ومتفق
عليه بين جميع أفراده وله قوانين تستبيحه علنا وجهرا .. إنما هو اختراع بفكر
إنساني من الدرجة الأولى .. ثم يأتي ثانيا دور الشيطان في تزيين ذلك في نفوسهم
ليحرضهم على الإستمرار في فعله .. ولكن أصل الفكرة هو نفس الإنسان.
#- وسبق وشرحنا أن النفس الإنسانية هي المحرك الأساسي لهذه
القصة .. وراجع ما ذكرته في الفصل السادس .. تحت عنوان (س14: كيف كشف لنا القرآن
أن النفس الأمارة بالسوء كانت هي المحرك لفعل الشذوذ الجنسي وممارسة فحشاء المثلية
الجنسية لقوم لوط عن هوى ورغبة وإرادة حرة ودون أي خلل جيني في تكوين شخصيتهم ؟).
#- وخلاصة القول أخي الحبيب:
1- أن النبي لوط عليه السلام قد أثبت بقوله (ما
سبقكم بها من أحد من العالمين) .. أن فاحشة اللواط المثلي .. هي جريمة حصرية قد
حدثت في قوم لوط ولم يفعلها أي أحد من البشرية من قبل .. أي أحد .. فهم أول إنتاج وتأليف
وإخراج لهذه الفاحشة القذرة في البشرية على نطاق مجتمعي وله قوانينه التي تستبيح هذا
الفعل القذر ..، أي أن هذه الفاحشة عن
اختراع حصري بفكر إنساني من الدرجة الأولى دون أي تدخلات أثرت عليه في ذلك حتى من
الشيطان نفسه لم يوسوس لهم بذلك.
2-
وإذا كان قوله (ما سبقكم به من أحد من العالمين) فهذا يشمل أسبقيتهم في الوجود لهذا الفعل لكل
مجتمع كان له قدرة على الجماع ... فأجد عن رأي خاص بي .. أن من عالم الإنس، "وعوالم الجن ومنهم
الشياطين"، وعوالم الحيوانات.
- أي أجد أن لفظ (العالمين)
يشمل حتى الشيطان وأعوانه .. وكأن هذه الفاحشة الملعونة لم تكن خطرت على
بال الشيطان أن يوحي بها موسوسا إليهم بها كمجتمع ليفعلوها لظنه أنهم ما كانوا سيستجيبون لها
..، وكأن مجتمع الشياطين هم من تعلموا هذا من قوم لوط ..، ثم بعد ذلك أتت مرحلة
تزيين أي تحسين الشيطان لهذا الفعل الملعون في نفوسهم ليحرضهم على الإستمرار في
فعله ..، ولكن أصل فكرة الفاحشة كانت من نفس قوم لوط .. ومجتمع الشياطين بعد ذلك
سرقها منهم وأوحى موسوسا بفعلها في مجتمعات بني آدم فيما بعد.
- فالذي غير فطرة الله هم قوم لوط أنفسهم .. ولذلك حكى الله لنا
أسبقية قوم لوط لفعل هذه الفحشاء إذ قال تعالى: (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ
مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ
مِنَ الْعَالَمِينَ)
الأعراف:80.
- هذا رأيي والله أعلم.
*********************
..:: س42: كيف يمكن التصور أن شهوة
اللواط ما سبق إلى فعلها أحد من العالمين في حين أن احتمالية ظهور هذه الفكرة في
بال أحد هي ممكنة الحدوث سواء مع بعض الرجال أو بعض النساء ؟ ::..
-
قد يقول البعض .. لماذا قال النبي لوط عليه السلام عن فاحشة
اللواط المثلي متهما قومه بقوله (ما سبقكم بها من أحد من العالمين) الأعراف:80..، لأنه محتمل أن
يكون أحد من العالمين قد حاول مسبقا لأن التجربة عند من يعشقون الجنس أو لديهم هياج
جنسي قوي يحدث لهم .. فهذا قد يدفعهم لفعل ذلك مع الذكور على سبيل التجربة كحالات
فردية بل محتمل قد تطلب بعض الإناث أن يحدث بها ذلك من باب التنوع والتجربة ؟
#- هذا السؤال السابق: هو في أصله مسألة يحكيها الملحدين على
الإنترنت لبيان أن القرآن أخطأ .. وأنه يوجد من فعل هذا قبل قوم لوط .. وقد سبق في
كلام العلماء في السؤال السابق قد أشار لذلك الإمام القرطبي في تفسيره وقال: "والملحدون يزعمون
أن ذلك كان قبلهم ..، والصدق ما ورد به القرآن". (تفسير القرطبي ج7 ص245).
-
وقد وجدت في تفسير الإمام الفخر الرازي ما يشبه سؤال الملحدين .. وقد سأله
الإمام الفخر الرازي على سبيل التفكر وليس على سبيل الشبهة .. وقد أحسن في الإجابة
عليه .. وإليك ما سأله الإمام الرازي وما أجاب به.
#- قال
الإمام الفخر الرازي رحمه الله (المتوفى:606 هـ):
-
فإن قيل: كيف يجوز أن يقال: ما سبقكم بها من أحد من العالمين مع
أن الشهوة داعية إلى ذلك العمل أبدا ؟
- والجواب: أنا نرى كثيرا من الناس يستقذر
ذلك العمل .. فإذا جاز في الكثير منهم استقذاره لم يبعد أيضا انقضاء كثير من
الأعصار بحيث لا يقدم أحد من أهل تلك الأعصار عليه.
- وفيه وجه آخر وهو أن يقال: لعلهم بكليتهم أقبلوا على ذلك
العمل .. والإقبال بالكلية على ذلك العمل مما لم يوجد في الأعصار السابقة.
- قال الحسن: كانوا ينكحون الرجال في أدبارهم
وكانوا لا ينكحون إلا الغرباء.
- وقال عطاء عن ابن عباس: استحكم ذلك فيهم حتى فعل بعضهم
ببعض. (تفسير مفاتيح
الغيب ج14 ص309).
#- قلت (خالد صاحب الرسالة)
تعقيبا على ما ذكره الإمام الفخر الرازي:
1- أما عن الإحتمال الأول: الذي ذكره الفخر الرازي وإن كان جيد .. ولكن يمكن الإعتراض على ذلك
الإحتمال فيقال: اللواط لا يستبعد حدوثه من آحاد الناس .. خاصة من لديهم
هياج جنسي زائد ولا يوجد في نفوسهم معنى لكلمة هذا حرام .. فيجربون فعل ذلك حتى
ولو لمرة مع الذكور على سبيل التجربة لمعرفة تذوق تجربة ذلك لو فعلوها.
- ولكني أجد هذا الإعتراض فيه نظر والعقل يرفضه أصلا .. ليه ؟
- لأن فعل الآحاد من الناس لا حكم
له في العموم .. فيبقى لفظ (من أحد)
كما هو في تفسيره .. وذلك باعتبار اجتماع البشرية من عموم الناس على مختلف الأزمنة
من قبلهم على رفض هذا الفعل الحقير ..، فكان رفض عموم البشر هو الحكم الظاهر حينئذ
.. ويصح أن يقال لم يفعله أحد من العالمين لأن آحاد الناس لا حكم لفعلهم في عموم
البشر .. وكأنهم لا وجود لهم أصلا ولا لفعلهم.
2- أما عن الإحتمال الثاني: فهو احتمال جيد جدا .. بأن المقصود هو
الإقبال بالكلية كقرية على هذا الفعل واستباحة جميعهم لهذا الفعل .. وحينئذ لابد
أن يتم تفسير قوله (ما سبقكم بها من أحد من العالمين)
على أن المقصود بلفظ (أحد): أي لم يسبقكم
أحد من القرى الأخرى من العالمين بفعل ذلك.
#- ملحوظة مهمة: فيما ذكره الإمام الرازي من كلام الإمام التابعي الحسن
البصري وكلام الصحابي بن عباس .. فهذين أثرين أظنه نقلهما باللفظ من تفسير الإمام أبو
الحسن الواحدي من (تفسيره البسيط ج9 ص220) ..،
ولم أجد لهما أي سند في أي مرجع علمي بعد بحث كثير جدا .. خاصة كلام الحسن البصري
وإنما يوجد روايات للصحابي بن عباس فيوجد روايات قد يكون معناها ما ذكره الفخر
الرازي عنه.
3- وخطر ببالي رأي إضافة لما ذكره الإمام الفخر الرازي .. وأحسبه خاطر جيد وهو:
- قد يكون المقصود بقوله (ما سبقكم
بها من أحد) باعتبار استباحة هذا الفعل مطلقا والجهر به علنا .. أي لم
يسبقهم من أحد من العالمين أن استباح هذا الفعل (حتى وإن كان يمكن أن يكون فعله
بعض آحاد الناس سرا) .. ولكنه لم يستبيحه في أولاده وأبيه وجيرانه وأخواته وأعمامه
وأخواله بل وضيوفه أيضا كما استباح ذلك كل أفراد مجتمع قرية سدوم وأجمعوا على
استباحته لعموم المجتمع بل ولمن يأتي من خارج قريتهم أيضا .. فهذا ما لم يحدث من
أي أحد في تاريخ البشرية من عهد آدم إلى ظهور الفاحشة في قرية سدوم وهي قرية قوم
لوط.
- فقوله (ما سبقكم) هو نفي استباحة هذا الفعل من أي أحد من
العالمين في أي زمن من الأزمنة بجواز فعل هذه المثلية على الإطلاق في المجتمع كله فيمن
حوله مع أي أحد سواء من داخل القرية أم من خارجها كمنهج حياة لهم جميعا وكأنه قانون
قد أتفقت عليه نفوسهم بالإلتزام بفعله بل والإعلان به جهرا وعلنا .. حتى الشيطان
لم يفلح في ذلك لا في قومه من الجن ولا مع عالم الإنس مسبقا ..!!
- هذا رأيي والله أعلم.
#- خلاصة القول:
- ستجد أخي الحبيب على الإنترنت من يخدعك ليشكك في القرآن ..
ويخبرك بأن فعل اللواط كان من قبل ظهور قوم لوط .. فكيف يقول القرآن بأنه لم
يسبقهم أحد لهذا الفعل ؟!!
- وعموما قد ذكرت لك ثلاثة
آراء .. أول رأيان هما للإمام الفخر الرازي رحمه الله .. ثم وجدت
في خاطري رأي آخر أحسبه جيد ويحل لك المسألة كلها بأن نفي الأسبقية إنما هو نفي
استباحة وجهر وإعلان في أي زمن من الأزمنة .. أن أحد قد أجاز واستباح أن يتم ذلك
بصورة مطلقة مع أبيه وأخيه وأولاده وكل مجتمعه بل ومن يأتيهم ضيوفا من الغرباء
يستبيحون فعل ذلك معه.
- فحتى وإن كان أحد من الناس كان يفعل ذلك قبل ظهور قرية سدوم .. فهو يفعل
ذلك سرا ولا يستبيحه في العموم ولا يجهر به ولا يعلن به ولا يجعله منهج حياة
لمجتمعه ولمن خارج مجتمعه.
- والله أعلم.
**********************
..:: س43: هل قوم لوط كانوا يفعلون
اللواط بالغرباء عن قريتهم فقط بدلالة لفظ (أتأتون) وبدلالة لفظ (أولم ننهك عن العالمين) وفي ذلك دليلا على أنه لا يوجد تحريم
للمفعول به اللواط ؟ ::..
#- قد تجد البعض على الإنترنت .. ينقل بعض أقوال من التفاسير مثل قوم منسوب
للتابعي الحسن البصري .. وذلك ليروج لفكرة أن فعل قوم لوط كان خاص بالغرباء عن
القرية فقط .. وكأنه يريد بذلك أن يقول هذا لم يكن سببا لينزل الله بهم العذاب
..!!
- ثم يأتي ببعض أجزاء من آيات قصة النبي لوط .. ليزعم أن فعل اللواط كان بالغرباء فقط وليس
منهجا داخل القرية يفعلوه .. بل وأن الآيات لم تذكر شيئا عن المفعول بهم هذا الفعل
.. فالتحريم على الفاعل بدلالة الألفاظ وليس على المفعول به ..!!
- فكان من المهم جمع ما قالوه أو أشاروا إليه وتوضيحه .. حتى
تعلم كيف يتلاعبون بتحريف تفسير القرآن .. فانتبه يا مؤمن للآتي .. حيث
سأكتب أدلتهم وما ذكروه بأسلوبي لتفهم ما قصدوه.
#- فمن دليلهم في ذلك يمكن أن يكونوا أخذوه من الآتي:
1- قول النبي لوط لقومه: (أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ) الشعراء:165 ..، (أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ) الأعراف:80 ..، (لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ) الأعراف:81 .. فهذه الآيات يظهر منها
أو تدل على أنهم كانوا هم من يأتون الذكران ولا يتأتى فيهم .. أي يفعلون
بالناس ولا يتم الفعل فيهم .. وهذا الإنكار في الآيات على الفاعل دون المفعول به
لأن الإنكار على من يأتي الفعل وليس من يتأتى به الفعل .
2- حينما حاول النبي لوط إخفاء ضيوفه والدفاع عنهم .. فقال له قومه: (قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ) الحجر:70.
- فدل هذا الفعل من قوم لوط أن اهتمامهم كان خاص بالغرباء عن القرية ..
ودل وصف (العالمين) أن ذكران الرجال من
بني آدم.
3- قال التابعي الحسن البصري: (كانوا ينكحون الرجال في أدبارهم،
وكانوا لا ينكحون إلا الغرباء).
- فهذه هي الأدلة التي أظن يمكن لأصحاب هذا الرأي أن يقولوا
من ورائها أن فعل قوم لوط كان خاص بالغرباء وبمن يفعلون هذا الفعل وليس من يتم بهم
هذا الفعل.
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
#- أولا: الدليل الخاص بقول
النبي لوط عليه السلام: (أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ) الشعراء:165 ..، (أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ) الأعراف:80
..، (لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ) الأعراف:81
.. فهذه الآيات حجة عليكم وليست حجة لكم .. ليه ؟
1- لأن في سورة الشعراء جاء السياق هكذا: (أَتَأْتُونَ
الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ (165) وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ
لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ) الشعراء:165-166.
- فتكملة الآيات في نفس السياق تكشف الحقيقة ..
إذ بعد إنكار النبي لوط إتيان الذكران قال لهم: (وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ
رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ) .. وهذا يدل على هجرهم لأزواجهم
الذين معهم في نفس القرية .. إلى رجالهم الذين معهم في نفس القرية .. وإلا فما
فائدة كلمة (ازواجكم) في الآية ؟!!
- ولفظ الإتيان خاطبهم به النبي لوط: لأنه
يحدثهم من حيث رغبتهم وإرادتهم واختيارهم لما يفعلوه في أنفسهم بينهم وبين بعض .. وهو
لفظ جامع للفاعل والمفعول فيه .. إذ أن من يفعل اللواط فهو ينتظر أن يفعل به هذا
اللواط .. فمن حكمة البحث عن الذكران هو الإستمتاع بقوة الذكران في الفعل فيهم
والفعل منهم.
2- ولأن في سورة الاعراف جاء السياق
هكذا: (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا
سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (80) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً
مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (81) وَمَا كَانَ جَوَابَ
قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ) الأعراف:81-82.
- فتكملة الآيات في نفس السياق تكشف الحقيقة .. إذ
بعد إنكار النبي لوط إتيان الفاحشة قال لهم: (إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ
شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ) الأعراف:81 ..، وهذا دليل أن المسألة هي شهوة تملكتهم
وارتضوا بها في حياتهم ومنهجا لهم يفعلوه وقتما يحبون .. فالموضوع لم يكن يتعلق
بالغرباء بل تفشى في أنفسهم منهم فيهم ..، فكان لفظ الفاحشة جامعة للفاعل والمفعول
فيه.
- ثم قولهم للنبي لوط: (أَخْرِجُوهُمْ
مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ) فيه دليل آخر على أن هذا هو فعلهم جميعا لأنهم جميعا ما
كانوا يتطهرون عن ارتكاب هذا الفعل .. وكان النبي لوط واهله فقط هم المطهرون عن ارتكاب
فعل هذا الشيء القذر في القرية..، فدل ذلك على أن وصف الفاحشة جامع للفاعل
والمفعول فيه اللواط.
#- فدل مما سبق على أن الآيات
المستدل بها كحجة .. آيات تدل على قيام القرية كلها بهذا الفعل على سبيل
الإستباحة والقبول والرضا التام بفعل هذا .. سواء في داخل القرية بينهم وبين بعض
.. أو اعتداء على الغرباء لو تمكنوا منهم ولم يجدوا فيهم ركن شديد من القوة
والإنتصار حتى لا يعود عليهم بأذيتهم.
3- ثم يقال أن الخطاب موجه لقومه .. ولم يخصص في لفظ الذكران ولا
الرجال ولا الفاحشة بفعل ذلك مع رجال داخل القرية أم خارجها .. بل الألفاظ عامة
ومطلقة ولا مخصص لها حتى يتم تخصيصها بالغرباء فقط .. فشملت الألفاظ الفاعل للواط والمفعول
فيه اللواط.
4- بل ويكشف الله لنا عن حقيقة
فعل هذه القرية .. حينما قال جل شأنه عن النبي لوط: (وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ
كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ) الأنبياء:74.
- فالكلام من الله واضح جدا بقوله تعالى (القرية التي كانت تعمل الخبائث) فالقرية منها فيها تعمل الخبائث ولا ينتظرون
أحد ليفعلوا به الخبائث .. فالخبائث جزء من قوميتهم ومنهج حياتهم الذي ارتضوه .. وكلمة
(تعمل) تدل على استمرارية فعل الخبائث دون
توقف ..بل ولم يكن
خبيثا واحدا يفعلوه كاللواط فقط .. لا .. بل خبائث متعددة أي كل ما حقير للنفوس
السوية وينكره الله فقد كانوا يفعلوه .. ثم أن قول الله (قوم سوء) دليل على أن قوميتهم أصبحت هي الإساءة في
فعل كل شيء .. والسوء إنما يكون سوء وسيئة فهذا باعتبار العلاقات مع الآخرين .. فهذا
معناه أن هذا كان مجتمع منحل انحلالا لم يصل إليه مجتمع في كوكب الأرض مثلهم من
قبل .. وكأن وصف الله لهم بأنهم (فاسقين) أي الخروج عن طبيعة الإنسان وتحدي إرادة الله أصبحت منهج
دائم يسكن نفوسهم ويتلذذون به .. إذ بلغوا من الفجور ما يعجز إبليس عن أن يفعله
بأحد ..!!
5- بل وينكشف أيضا أنهم كانوا يفعلون ذلك في أنفسهم .. من خلال قوله
تعالى (أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ
السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ) العنكبوت:29 ..،
فكان إنكار لوط عليهم إتيان الرجال وقطع السبيل وفعل المنكر في ناديهم .. فكان قطع
السبيل جزء من مهمتهم في الحياة .. بخلاف إتيان الرجال الذي هو خصوصية أصيلة في
مجتمعهم .. ثم زادوا عليها قطع السبيل وإتيان المنكر علنا وجهرا وعيانا بيانا.
#- ثانيا: أما عن دليل أن
قوم لوط قالوا للنبي لوط (أولم ننهك عن العالمين)
وأن في هذا دليل على أنهم يأتون الغرباء فقط .. فهذا قول باطل .. ليه ؟
أ- لأن كلام الله يكشف غير ذلك .. إذ قال جل شأنه: (وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ
كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ) هود:69..، فحينما أتوا إلى بيت النبي لوط لاغتصاب ضيوفه .. فقد
قال الله بوضوح تام (ومن قبل كانوا يعملون السيئات)
أي قبل أن يأتوه كان حالهم فعل السيئات .. وكلمة السيئات تشمل كل ما هو سيء في
العلاقات بين الأفراد والتي منها ممارسة اللواط فيما بينهم.
ب- ولو كان يأتون الغرباء فقط ..
لكان حاربتهم الأمم من حولهم ولصار مقتلة بينهم وبين القرى المحيطة بهم ..
إذ لا يعقل أن يتم اغتصاب رجال قبائل أخرى ويتم الأمر مرور الكرام .. ولتربص بهم
الناس حين خروجهم من قريتهم وقتلوا منهم ما قتلوا ..، ولكنهم كانوا يأتون من
الغرباء ما ليس له نصير ينصره ولا تكون من وراءه ردة فعل لضعف حاله .. ولذلك لما
اتوا ضيوف النبي لوط لعلمهم أن النبي لوط ليس له قوة تنصره وتحميه.
ج- ولو كان الفعل بالغرباء فقط
.. فما كان هذا سببا لنزول العذاب بهم إذ أن هذا حينئذ هو فعل
البعض .. وليس فعل الكل ..
#- ثالثا: أما عن الإستدلال بأن قوم لوط
كانوا يفعلون ذلك بالغرباء فقط لأن التابعي الحسن البصري قال: (كانوا لا ينكحون
إلا الغرباء).. فهذا استدلال باطل .. ليه ؟
1- ما الدليل على أن هذا هو قول الإمام الحسن البصري ؟!!
- فهذا الأثر المذكور عن رأي الحسن البصري .. هو أثر باطل ولا سند له .. وقد اجتهدت في البحث عنه طويلا
.. وأقدم مصدر وجدت فيه هذه الرواية قد وجدته في تفسيرين وعنهما أخذ باقي المفسرين
كلام الحسن البصري.
#- وهذين المفسرين
هما:
- الأول: أبو
إسحاق الثعلبي رحمه الله (المتوفى: 427 هـ):
- عن الحسن البصري أنه قال: (كانوا لا ينكحون إلا الغرباء). (راجع تفسير
الكشف والبيان ج12 ص436).. ، وعن تفسير الثعلبي نقل جماعة من المفسرين قول الحسن
البصري بنفس اللفظ الذي كتبه الثعلبي .. وممن نقل عنه
الإمام البغوي في تفسيره وغيره.
- الثاني: أبو الحسن الواحدي رحمه الله (المتوفى: 468هـ):
- عن الحسن البصري أنه قال: (كانوا ينكحون الرجال في أدبارهم، وكانوا لا ينكحون إلا
الغرباء)
.. (راجع التفسير البسيط ج9 ص220) ..، وعن تفسير الواحدي نقل جماعة من المفسرين قول الحسن البصري بنفس اللفظ
الذي كتبه الواحدي .. وممن نقل عنه الإمام الفخر
الرازي في تفسيره وغيره.
- فالأثر المروي عن التابعي الحسن البصري هو مجرد كلام منسوب إليه ولا دليلا على أنه قال به .. ولا
يوجد سند يثبت صحة هذا القول إليه.
2- وعلى افتراض جدلا أن هذا كلام التابعي الحسن البصري .. فهذا مجرد رأي تفسيري .. وليس وحي معصوم ليكون حجة ودليلا
.. فضلا عن أن عموم المفسرين على أن هذا فعل قوم لوط في أنفسهم.
#- وخلاصة القول أخي الحبيب:
1- ستجد على الإنترنت من يحاول أن يظهر لك أن فعل قوم لوط إنما كان امر عارض
وليس دائم .. وأن العذاب الذي نزل بهم ما كانوا يستحقونه .. وأن المسألة ليست كما
قال العلماء أن الفاحشة انتشرت فيها بداخل القرية نفسها..، لا .. هذا كلام باطل
.. فإنما أرادوا تزييف الحقيقة ليظهروا أن الله قد ظلم قوم
لوط حينما أنزل العذاب فأين عدل الله حينئذ الذي يتكلم عليه المؤمنين ؟!
2- والبعض الآخر قال قولا باطلا .. بأن إنكار النبي لوط إنما كان على من كان
يفعل اللواط وليس مفعولا فيه .. وهذا كلام باطل وحقير جدا لما فيه من الكذب على
القرآن والنبي لوط .. وإنما من يقول بهذا القول فذلك حتى يستبيح لنفسه أن يجد من
يركبه في دُبره أي في خرم فتح الشَّرج الخاصة به ليستمتع بذلك .. وماذا تنتظر من
نفسية حقيرة غير ذلك ؟!!
#- فانتبه أخي الحبيب لما تقرأه
على الإنترنت .. واعلم يقينا أن اللواط سواء الفاعل أو المفعول به عن
إرادة واختيار .. هو شخص عليه لعنة من الله تظل تلازمه إن لم يتوب ويستغفر ويبتعد
عن هذه القذارة.
- والله أعلم.
(الجزء الخامس عشر)
:: الفصل الخامس عشر :: عن كلام العلماء حول تفسير قوله (أَتَأْتُونَ
الْفَاحِشَةَ ما سبقكم بها من أحد من العالمين) ومفهوم أسبقية قوم لوط عن كل أحد
من العالمين في فعل اللواط ::
1- س41: ماذا فهم العلماء من أسبقية فعل قوم لوط حين قال لهم النبي
لوط (أَتَأْتُونَ
الْفَاحِشَةَ ما سبقكم بها من أحد من العالمين) ؟
#- أولا: ما قاله العلماء في قوله (ما سبقكم بها من أحد من العالمين).
#- ثانيا: قلت (خالد صاحب الرسالة) عن وجهة نظر خاصة
حول تفسير قوله (ما سبقكم بها من أحد من العالمين).
2- س42: كيف يمكن التصور أن شهوة اللواط ما سبق إلى فعلها
أحد من العالمين في حين أن احتمالية ظهور هذه الفكرة في بال أحد هي ممكنة الحدوث سواء
مع بعض الرجال أو بعض النساء ؟
3- س43: هل قوم لوط كانوا يفعلون اللواط بالغرباء عن قريتهم فقط بدلالة لفظ (أتأتون) وبدلالة لفظ (أولم ننهك عن العالمين) وفي ذلك دليلا على أنه لا يوجد تحريم للمفعول به اللواط ؟
*****************
:: الفصل الخامس عشر ::
******************
..:: س41: ماذا فهم العلماء من أسبقية
فعل قوم لوط حين قال لهم النبي لوط (أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ ما سبقكم بها من أحد من العالمين) ؟ ::..
- قال تعالى: (وَلُوطًا إِذْ
قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ
(80) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ
أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (81) وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا
أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (82)
فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ) الأعراف: 80-82.
#- أولا: ما قاله العلماء في قوله (ما سبقكم بها من أحد من العالمين).
1- قال
الإمام الطاهر بن عاشور رحمه الله (المتوفى:1393 هـ):
- السبق حقيقته: وصول الماشي إلى مكان مطلوب له
ولغيره قبل وصول غيره .. ويستعمل مجازا في التقدم في الزمان، أي الأولية
والابتداء، وهو المراد هنا.
- والمقصود: أنهم سبقوا الناس بهذه الفاحشة
.. إذ لا يقصد بمثل هذا التركيب أنهم ابتدأوا مع غيرهم في وقت واحد. (التحرير والتنوير ج8ب ص230).
2- قال
الإمام أبو منصور الماتريدي رحمه الله (المتوفى: 333 هـ):
-
(مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ) يعيرهم ويسفه أحلامهم في إتيان
ما يأتون من الفاحشة التي لم يسبقهم أحد من العالمين .. على علم منهم أن ذلك
فاحشة.
-
ألا ترى أنهم قالوا: (إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ) دل هذا القول على أن ما يأتون من
الفواحش يأتون على علم منهم أنها فواحش .. حيث قالوا: (إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ). (تأويلات أهل السنة ج4 ص486).
3- قال
الإمام أبو القاسم الزمخشري رحمه الله (المتوفى: 538 هـ):
- (أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ) أتفعلون السيئة المتمادية في
القبح .
- (ما سَبَقَكُمْ بِها) ما عملها قبلكم .. والباء للتعدية من قولك: سبقته
بالكرة .. إذا ضربتها قبله.
- (مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ): (من) الأولى زائدة لتوكيد النفي
وإفادة معنى الاستغراق .. والثانية للتبعيض. (تفسير الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل ج2 ص125 -
مختصرا).
4- قال الإمام شمس الدين القرطبي رحمه الله (المتوفى: 671 هـ):
- قوله تعالى:
(ما سبقكم بها من أحد من العالمين) .. (من) لاستغراق الجنس .. أي لم يكن اللواط في أمة قبل قوم لوط.
- والملحدون يزعمون أن ذلك كان قبلهم.
- والصدق ما ورد به القرآن. (تفسير القرطبي ج7 ص245).
5- قال
الإمام محمد متولى الشعراوي رحمه الله (المتوفى:1418 هـ):
-
(أَتَأْتُونَ الفاحشة مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ
مِّن العالمين) .
#-
والفاحشة: هي العملية الجنسية الشاذة. (تفسير الشعراوي ج7 ص 4228).
#-
أي أن هذه المسألة لم تحدث من قبل لأنها عملية مستقذرة .. لأن
الرجل إنما يأتي الرجل في محل القذارة .. لكنهم فعلوها .. وهذا الفعل يدل على أنها
مسألة قد تشتهيها النفس غير السويَّة .. ولكنها عملية قذرة تأباها الفطرة السليمة. (تفسير الشعراوي ج7 ص4225).
#- وقوله الحق: ( ... مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ
أَحَدٍ مِّن العالمين) الأعراف:80.
-
يعني أنه لم يسبقكم أي أحد من بداية ما يقال له أحد
..، وسبحانه يريد بذلك أن ينفيها أكثر.
-
و (مِن) التي في قوله (مِن العالمين): هي تبعيضية أي ما سبقكم بها أحد
"من بعض" العالمين.
-
فما هذا الأمر؟
-
لقد سماها فاحشة .. وهي تزيد في القبح .. ووصفة لها
بأنها لم يأتها أحد من العالمين .. جعلها مسألة فظيعة للغاية. (تفسير الشعراوي ج7 ص4226).
6- قال الإمام ناصر الدين البيضاوي رحمه الله (المتوفى: 685
هـ):
- (أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ) توبيخ وتقريع على تلك الفعلة المتمادية في القبح. (مَا سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ) ما فعلها قبلكم أحد
قط.
-
والباء للتعدية .. ومن الأولى لتأكيد النفي والاستغراق .. والثانية
للتبعيض.
-
والجملة استئناف مقرر للإِنكار .. كأنه وبخهم أولاً بإتيان الفاحشة .. ثم
باختراعها فإنه أسوأ.
-
(إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ
النِّساءِ) بيان لقوله: (أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ) وهو أبلغ في الإِنكار والتوبيخ.
(تفسير أنوار التنزيل
وأسرار التأويل ج3 ص22).
7- قال الإمام أحمد المراغي رحمه الله (المتوفى: 1371 هـ):
-
(ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ) أي ما عملها أحد قبلكم في أي
زمان .. بل هي من مبتدعاتكم في الفساد .. فأنتم فيها أسوة وقدوة . فتبوءون بإثمها
وإثم من اتبعكم فيها إلى يوم القيامة. (تفسير المراغي ج8 ص204).
8- قال الدكتور الشيخ محمد الهلال في تفسيره:
-
(وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ): أي واذكر إذ قال لوط لقومه أو
حين قال لوط لقومه.
-
(إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ): إنكم تفيد التّوكيد، واللام في
لتأتون لزيادة التّوكيد.
-
(الْفَاحِشَةَ): إتيان الرجال شهوة من دون
النساء.
- (مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ
مِنَ الْعَالَمِينَ): ما النّافية ..، سبقكم بها: ما
فعلها أو قام بها أحدٌ من قبلكم ..، من: استغراقية ..، أحد: للتوكيد ..، من
العالمين: الإنس والجن. (تفسير القرآن الثري الجامع في الإعجاز البياني واللغوي
والعلمي ج7 ص57).
#- ثانيا: قلت (خالد صاحب الرسالة) عن وجهة نظر خاصة حول تفسير قوله (ما سبقكم بها من أحد من العالمين):
1- طالما لم يسبقهم إلى ذلك أحد من العالمين .. وتأمل
قوله (ما) مع قوله (من أحد) مع قوله (من العالمين)
.. فهذا نفي قاطع لكل أحد ممن يدخلون في لفظ العالمين ممن لهم القدرة على
الجماع سواء إنس أو جن أو حيوانات .. وقد يكون المقصود بكلمة (أحد) هو المجتمع
نفسه وليس أفراد البشر ..، وهذا النفي يجعلني أقول أن الشياطين أنفسهم ما كانوا
يفعلوه في مجتمعهم ويجهرون به .. ولذلك لم يظهر للشيطان أثر تدخل في قصة قوم لوط
.. لأن الشيطان لعله ما خطر بباله أن يوسوس لهم بذلك في المجتمع ككل .. لأنه ما ظن في خياله أنه يمكن لمجتمع
كامل من الإنس أن يقبل بهذه الوسوسة .. وكأن هذا الفعل لم يكن في كتالوج معاصي الشيطان من أساسه
.. بل لعل الشيطان أخذ يصفق لهم
من فرحته وكان منبهرا بما أرادوا فعله.
- وسبب ظني لما سبق .. فذلك لأن الآية تثبت بوضوح تام "أن الأسبقية في فعل هذه
الفاحشة المثلية" .. إنما كان حصريا في قوم لوط أو قرية سدوم.
2- بل وأفهم من لفظ (ما
سبقكم بها من أحد) أن الشياطين هم من تعلموا هذا من قوم لوط .. ثم
وسوسوا به فيما بعد لبني آدم ليفعلوه على نطاق اجتماعي موسع ووسوسوا لهم أن هذا حق
لهم عليهم الدفاع عنه .. لأن الشياطين تعلمت وعرفت من مجتمع قوم لوط كيف كانوا
يدافعون عن أنفسهم حين فعلهم لهذه الفاحشة .. وبالتالي نقلوا هذه المعرفة لكل من
يريد اللواط والمثلية.
3-
ولذلك القرآن أخفى ظهور الشيطان في قصة لوط عليه السلام
.. لنفهم أن فعل الفاحشة هي إنتاج وتأليف وإخراج قوم لوط دون أي تدخل من
الشيطان .. لأن الشيطان يأتي دوره كجمهور يصفق بحرارة لهذه القصة العظيمة التي
يقوم قوم لوط بفعلها في الوجود.
- فهذا السبق اللواطي الذي فعلته
قرية قوم لوط .. يظهر لنا أن تطبيق هذه الفاحشة على نطاق اجتماعي ومتفق
عليه بين جميع أفراده وله قوانين تستبيحه علنا وجهرا .. إنما هو اختراع بفكر
إنساني من الدرجة الأولى .. ثم يأتي ثانيا دور الشيطان في تزيين ذلك في نفوسهم
ليحرضهم على الإستمرار في فعله .. ولكن أصل الفكرة هو نفس الإنسان.
#- وسبق وشرحنا أن النفس الإنسانية هي المحرك الأساسي لهذه
القصة .. وراجع ما ذكرته في الفصل السادس .. تحت عنوان (س14: كيف كشف لنا القرآن
أن النفس الأمارة بالسوء كانت هي المحرك لفعل الشذوذ الجنسي وممارسة فحشاء المثلية
الجنسية لقوم لوط عن هوى ورغبة وإرادة حرة ودون أي خلل جيني في تكوين شخصيتهم ؟).
#- وخلاصة القول أخي الحبيب:
1- أن النبي لوط عليه السلام قد أثبت بقوله (ما
سبقكم بها من أحد من العالمين) .. أن فاحشة اللواط المثلي .. هي جريمة حصرية قد
حدثت في قوم لوط ولم يفعلها أي أحد من البشرية من قبل .. أي أحد .. فهم أول إنتاج وتأليف
وإخراج لهذه الفاحشة القذرة في البشرية على نطاق مجتمعي وله قوانينه التي تستبيح هذا
الفعل القذر ..، أي أن هذه الفاحشة عن
اختراع حصري بفكر إنساني من الدرجة الأولى دون أي تدخلات أثرت عليه في ذلك حتى من
الشيطان نفسه لم يوسوس لهم بذلك.
2-
وإذا كان قوله (ما سبقكم به من أحد من العالمين) فهذا يشمل أسبقيتهم في الوجود لهذا الفعل لكل
مجتمع كان له قدرة على الجماع ... فأجد عن رأي خاص بي .. أن من عالم الإنس، "وعوالم الجن ومنهم
الشياطين"، وعوالم الحيوانات.
- أي أجد أن لفظ (العالمين)
يشمل حتى الشيطان وأعوانه .. وكأن هذه الفاحشة الملعونة لم تكن خطرت على
بال الشيطان أن يوحي بها موسوسا إليهم بها كمجتمع ليفعلوها لظنه أنهم ما كانوا سيستجيبون لها
..، وكأن مجتمع الشياطين هم من تعلموا هذا من قوم لوط ..، ثم بعد ذلك أتت مرحلة
تزيين أي تحسين الشيطان لهذا الفعل الملعون في نفوسهم ليحرضهم على الإستمرار في
فعله ..، ولكن أصل فكرة الفاحشة كانت من نفس قوم لوط .. ومجتمع الشياطين بعد ذلك
سرقها منهم وأوحى موسوسا بفعلها في مجتمعات بني آدم فيما بعد.
- فالذي غير فطرة الله هم قوم لوط أنفسهم .. ولذلك حكى الله لنا
أسبقية قوم لوط لفعل هذه الفحشاء إذ قال تعالى: (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ
مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ
مِنَ الْعَالَمِينَ)
الأعراف:80.
- هذا رأيي والله أعلم.
*********************
..:: س42: كيف يمكن التصور أن شهوة
اللواط ما سبق إلى فعلها أحد من العالمين في حين أن احتمالية ظهور هذه الفكرة في
بال أحد هي ممكنة الحدوث سواء مع بعض الرجال أو بعض النساء ؟ ::..
-
قد يقول البعض .. لماذا قال النبي لوط عليه السلام عن فاحشة
اللواط المثلي متهما قومه بقوله (ما سبقكم بها من أحد من العالمين) الأعراف:80..، لأنه محتمل أن
يكون أحد من العالمين قد حاول مسبقا لأن التجربة عند من يعشقون الجنس أو لديهم هياج
جنسي قوي يحدث لهم .. فهذا قد يدفعهم لفعل ذلك مع الذكور على سبيل التجربة كحالات
فردية بل محتمل قد تطلب بعض الإناث أن يحدث بها ذلك من باب التنوع والتجربة ؟
#- هذا السؤال السابق: هو في أصله مسألة يحكيها الملحدين على
الإنترنت لبيان أن القرآن أخطأ .. وأنه يوجد من فعل هذا قبل قوم لوط .. وقد سبق في
كلام العلماء في السؤال السابق قد أشار لذلك الإمام القرطبي في تفسيره وقال: "والملحدون يزعمون
أن ذلك كان قبلهم ..، والصدق ما ورد به القرآن". (تفسير القرطبي ج7 ص245).
-
وقد وجدت في تفسير الإمام الفخر الرازي ما يشبه سؤال الملحدين .. وقد سأله
الإمام الفخر الرازي على سبيل التفكر وليس على سبيل الشبهة .. وقد أحسن في الإجابة
عليه .. وإليك ما سأله الإمام الرازي وما أجاب به.
#- قال الإمام الفخر الرازي رحمه الله (المتوفى:606 هـ):
-
فإن قيل: كيف يجوز أن يقال: ما سبقكم بها من أحد من العالمين مع
أن الشهوة داعية إلى ذلك العمل أبدا ؟
- والجواب: أنا نرى كثيرا من الناس يستقذر
ذلك العمل .. فإذا جاز في الكثير منهم استقذاره لم يبعد أيضا انقضاء كثير من
الأعصار بحيث لا يقدم أحد من أهل تلك الأعصار عليه.
- وفيه وجه آخر وهو أن يقال: لعلهم بكليتهم أقبلوا على ذلك
العمل .. والإقبال بالكلية على ذلك العمل مما لم يوجد في الأعصار السابقة.
- قال الحسن: كانوا ينكحون الرجال في أدبارهم
وكانوا لا ينكحون إلا الغرباء.
- وقال عطاء عن ابن عباس: استحكم ذلك فيهم حتى فعل بعضهم
ببعض. (تفسير مفاتيح
الغيب ج14 ص309).
#- قلت (خالد صاحب الرسالة)
تعقيبا على ما ذكره الإمام الفخر الرازي:
1- أما عن الإحتمال الأول: الذي ذكره الفخر الرازي وإن كان جيد .. ولكن يمكن الإعتراض على ذلك
الإحتمال فيقال: اللواط لا يستبعد حدوثه من آحاد الناس .. خاصة من لديهم
هياج جنسي زائد ولا يوجد في نفوسهم معنى لكلمة هذا حرام .. فيجربون فعل ذلك حتى
ولو لمرة مع الذكور على سبيل التجربة لمعرفة تذوق تجربة ذلك لو فعلوها.
- ولكني أجد هذا الإعتراض فيه نظر والعقل يرفضه أصلا .. ليه ؟
- لأن فعل الآحاد من الناس لا حكم
له في العموم .. فيبقى لفظ (من أحد)
كما هو في تفسيره .. وذلك باعتبار اجتماع البشرية من عموم الناس على مختلف الأزمنة
من قبلهم على رفض هذا الفعل الحقير ..، فكان رفض عموم البشر هو الحكم الظاهر حينئذ
.. ويصح أن يقال لم يفعله أحد من العالمين لأن آحاد الناس لا حكم لفعلهم في عموم
البشر .. وكأنهم لا وجود لهم أصلا ولا لفعلهم.
2- أما عن الإحتمال الثاني: فهو احتمال جيد جدا .. بأن المقصود هو
الإقبال بالكلية كقرية على هذا الفعل واستباحة جميعهم لهذا الفعل .. وحينئذ لابد
أن يتم تفسير قوله (ما سبقكم بها من أحد من العالمين)
على أن المقصود بلفظ (أحد): أي لم يسبقكم
أحد من القرى الأخرى من العالمين بفعل ذلك.
#- ملحوظة مهمة: فيما ذكره الإمام الرازي من كلام الإمام التابعي الحسن
البصري وكلام الصحابي بن عباس .. فهذين أثرين أظنه نقلهما باللفظ من تفسير الإمام أبو
الحسن الواحدي من (تفسيره البسيط ج9 ص220) ..،
ولم أجد لهما أي سند في أي مرجع علمي بعد بحث كثير جدا .. خاصة كلام الحسن البصري
وإنما يوجد روايات للصحابي بن عباس فيوجد روايات قد يكون معناها ما ذكره الفخر
الرازي عنه.
3- وخطر ببالي رأي إضافة لما ذكره الإمام الفخر الرازي .. وأحسبه خاطر جيد وهو:
- قد يكون المقصود بقوله (ما سبقكم
بها من أحد) باعتبار استباحة هذا الفعل مطلقا والجهر به علنا .. أي لم
يسبقهم من أحد من العالمين أن استباح هذا الفعل (حتى وإن كان يمكن أن يكون فعله
بعض آحاد الناس سرا) .. ولكنه لم يستبيحه في أولاده وأبيه وجيرانه وأخواته وأعمامه
وأخواله بل وضيوفه أيضا كما استباح ذلك كل أفراد مجتمع قرية سدوم وأجمعوا على
استباحته لعموم المجتمع بل ولمن يأتي من خارج قريتهم أيضا .. فهذا ما لم يحدث من
أي أحد في تاريخ البشرية من عهد آدم إلى ظهور الفاحشة في قرية سدوم وهي قرية قوم
لوط.
- فقوله (ما سبقكم) هو نفي استباحة هذا الفعل من أي أحد من
العالمين في أي زمن من الأزمنة بجواز فعل هذه المثلية على الإطلاق في المجتمع كله فيمن
حوله مع أي أحد سواء من داخل القرية أم من خارجها كمنهج حياة لهم جميعا وكأنه قانون
قد أتفقت عليه نفوسهم بالإلتزام بفعله بل والإعلان به جهرا وعلنا .. حتى الشيطان
لم يفلح في ذلك لا في قومه من الجن ولا مع عالم الإنس مسبقا ..!!
- هذا رأيي والله أعلم.
#- خلاصة القول:
- ستجد أخي الحبيب على الإنترنت من يخدعك ليشكك في القرآن ..
ويخبرك بأن فعل اللواط كان من قبل ظهور قوم لوط .. فكيف يقول القرآن بأنه لم
يسبقهم أحد لهذا الفعل ؟!!
- وعموما قد ذكرت لك ثلاثة
آراء .. أول رأيان هما للإمام الفخر الرازي رحمه الله .. ثم وجدت
في خاطري رأي آخر أحسبه جيد ويحل لك المسألة كلها بأن نفي الأسبقية إنما هو نفي
استباحة وجهر وإعلان في أي زمن من الأزمنة .. أن أحد قد أجاز واستباح أن يتم ذلك
بصورة مطلقة مع أبيه وأخيه وأولاده وكل مجتمعه بل ومن يأتيهم ضيوفا من الغرباء
يستبيحون فعل ذلك معه.
- فحتى وإن كان أحد من الناس كان يفعل ذلك قبل ظهور قرية سدوم .. فهو يفعل
ذلك سرا ولا يستبيحه في العموم ولا يجهر به ولا يعلن به ولا يجعله منهج حياة
لمجتمعه ولمن خارج مجتمعه.
- والله أعلم.
**********************
..:: س43: هل قوم لوط كانوا يفعلون
اللواط بالغرباء عن قريتهم فقط بدلالة لفظ (أتأتون) وبدلالة لفظ (أولم ننهك عن العالمين) وفي ذلك دليلا على أنه لا يوجد تحريم
للمفعول به اللواط ؟ ::..
#- قد تجد البعض على الإنترنت .. ينقل بعض أقوال من التفاسير مثل قوم منسوب
للتابعي الحسن البصري .. وذلك ليروج لفكرة أن فعل قوم لوط كان خاص بالغرباء عن
القرية فقط .. وكأنه يريد بذلك أن يقول هذا لم يكن سببا لينزل الله بهم العذاب
..!!
- ثم يأتي ببعض أجزاء من آيات قصة النبي لوط .. ليزعم أن فعل اللواط كان بالغرباء فقط وليس
منهجا داخل القرية يفعلوه .. بل وأن الآيات لم تذكر شيئا عن المفعول بهم هذا الفعل
.. فالتحريم على الفاعل بدلالة الألفاظ وليس على المفعول به ..!!
- فكان من المهم جمع ما قالوه أو أشاروا إليه وتوضيحه .. حتى
تعلم كيف يتلاعبون بتحريف تفسير القرآن .. فانتبه يا مؤمن للآتي .. حيث
سأكتب أدلتهم وما ذكروه بأسلوبي لتفهم ما قصدوه.
#- فمن دليلهم في ذلك يمكن أن يكونوا أخذوه من الآتي:
1- قول النبي لوط لقومه: (أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ) الشعراء:165 ..، (أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ) الأعراف:80 ..، (لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ) الأعراف:81 .. فهذه الآيات يظهر منها
أو تدل على أنهم كانوا هم من يأتون الذكران ولا يتأتى فيهم .. أي يفعلون
بالناس ولا يتم الفعل فيهم .. وهذا الإنكار في الآيات على الفاعل دون المفعول به
لأن الإنكار على من يأتي الفعل وليس من يتأتى به الفعل .
2- حينما حاول النبي لوط إخفاء ضيوفه والدفاع عنهم .. فقال له قومه: (قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ) الحجر:70.
- فدل هذا الفعل من قوم لوط أن اهتمامهم كان خاص بالغرباء عن القرية ..
ودل وصف (العالمين) أن ذكران الرجال من
بني آدم.
3- قال التابعي الحسن البصري: (كانوا ينكحون الرجال في أدبارهم،
وكانوا لا ينكحون إلا الغرباء).
- فهذه هي الأدلة التي أظن يمكن لأصحاب هذا الرأي أن يقولوا
من ورائها أن فعل قوم لوط كان خاص بالغرباء وبمن يفعلون هذا الفعل وليس من يتم بهم
هذا الفعل.
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
#- أولا: الدليل الخاص بقول
النبي لوط عليه السلام: (أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ) الشعراء:165 ..، (أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ) الأعراف:80
..، (لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ) الأعراف:81
.. فهذه الآيات حجة عليكم وليست حجة لكم .. ليه ؟
1- لأن في سورة الشعراء جاء السياق هكذا: (أَتَأْتُونَ
الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ (165) وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ
لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ) الشعراء:165-166.
- فتكملة الآيات في نفس السياق تكشف الحقيقة ..
إذ بعد إنكار النبي لوط إتيان الذكران قال لهم: (وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ
رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ) .. وهذا يدل على هجرهم لأزواجهم
الذين معهم في نفس القرية .. إلى رجالهم الذين معهم في نفس القرية .. وإلا فما
فائدة كلمة (ازواجكم) في الآية ؟!!
- ولفظ الإتيان خاطبهم به النبي لوط: لأنه
يحدثهم من حيث رغبتهم وإرادتهم واختيارهم لما يفعلوه في أنفسهم بينهم وبين بعض .. وهو
لفظ جامع للفاعل والمفعول فيه .. إذ أن من يفعل اللواط فهو ينتظر أن يفعل به هذا
اللواط .. فمن حكمة البحث عن الذكران هو الإستمتاع بقوة الذكران في الفعل فيهم
والفعل منهم.
2- ولأن في سورة الاعراف جاء السياق
هكذا: (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا
سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (80) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً
مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (81) وَمَا كَانَ جَوَابَ
قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ) الأعراف:81-82.
- فتكملة الآيات في نفس السياق تكشف الحقيقة .. إذ
بعد إنكار النبي لوط إتيان الفاحشة قال لهم: (إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ
شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ) الأعراف:81 ..، وهذا دليل أن المسألة هي شهوة تملكتهم
وارتضوا بها في حياتهم ومنهجا لهم يفعلوه وقتما يحبون .. فالموضوع لم يكن يتعلق
بالغرباء بل تفشى في أنفسهم منهم فيهم ..، فكان لفظ الفاحشة جامعة للفاعل والمفعول
فيه.
- ثم قولهم للنبي لوط: (أَخْرِجُوهُمْ
مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ) فيه دليل آخر على أن هذا هو فعلهم جميعا لأنهم جميعا ما
كانوا يتطهرون عن ارتكاب هذا الفعل .. وكان النبي لوط واهله فقط هم المطهرون عن ارتكاب
فعل هذا الشيء القذر في القرية..، فدل ذلك على أن وصف الفاحشة جامع للفاعل
والمفعول فيه اللواط.
#- فدل مما سبق على أن الآيات
المستدل بها كحجة .. آيات تدل على قيام القرية كلها بهذا الفعل على سبيل
الإستباحة والقبول والرضا التام بفعل هذا .. سواء في داخل القرية بينهم وبين بعض
.. أو اعتداء على الغرباء لو تمكنوا منهم ولم يجدوا فيهم ركن شديد من القوة
والإنتصار حتى لا يعود عليهم بأذيتهم.
3- ثم يقال أن الخطاب موجه لقومه .. ولم يخصص في لفظ الذكران ولا
الرجال ولا الفاحشة بفعل ذلك مع رجال داخل القرية أم خارجها .. بل الألفاظ عامة
ومطلقة ولا مخصص لها حتى يتم تخصيصها بالغرباء فقط .. فشملت الألفاظ الفاعل للواط والمفعول
فيه اللواط.
4- بل ويكشف الله لنا عن حقيقة
فعل هذه القرية .. حينما قال جل شأنه عن النبي لوط: (وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ
كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ) الأنبياء:74.
- فالكلام من الله واضح جدا بقوله تعالى (القرية التي كانت تعمل الخبائث) فالقرية منها فيها تعمل الخبائث ولا ينتظرون
أحد ليفعلوا به الخبائث .. فالخبائث جزء من قوميتهم ومنهج حياتهم الذي ارتضوه .. وكلمة
(تعمل) تدل على استمرارية فعل الخبائث دون
توقف ..بل ولم يكن
خبيثا واحدا يفعلوه كاللواط فقط .. لا .. بل خبائث متعددة أي كل ما حقير للنفوس
السوية وينكره الله فقد كانوا يفعلوه .. ثم أن قول الله (قوم سوء) دليل على أن قوميتهم أصبحت هي الإساءة في
فعل كل شيء .. والسوء إنما يكون سوء وسيئة فهذا باعتبار العلاقات مع الآخرين .. فهذا
معناه أن هذا كان مجتمع منحل انحلالا لم يصل إليه مجتمع في كوكب الأرض مثلهم من
قبل .. وكأن وصف الله لهم بأنهم (فاسقين) أي الخروج عن طبيعة الإنسان وتحدي إرادة الله أصبحت منهج
دائم يسكن نفوسهم ويتلذذون به .. إذ بلغوا من الفجور ما يعجز إبليس عن أن يفعله
بأحد ..!!
5- بل وينكشف أيضا أنهم كانوا يفعلون ذلك في أنفسهم .. من خلال قوله
تعالى (أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ
السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ) العنكبوت:29 ..،
فكان إنكار لوط عليهم إتيان الرجال وقطع السبيل وفعل المنكر في ناديهم .. فكان قطع
السبيل جزء من مهمتهم في الحياة .. بخلاف إتيان الرجال الذي هو خصوصية أصيلة في
مجتمعهم .. ثم زادوا عليها قطع السبيل وإتيان المنكر علنا وجهرا وعيانا بيانا.
#- ثانيا: أما عن دليل أن
قوم لوط قالوا للنبي لوط (أولم ننهك عن العالمين)
وأن في هذا دليل على أنهم يأتون الغرباء فقط .. فهذا قول باطل .. ليه ؟
أ- لأن كلام الله يكشف غير ذلك .. إذ قال جل شأنه: (وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ
كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ) هود:69..، فحينما أتوا إلى بيت النبي لوط لاغتصاب ضيوفه .. فقد
قال الله بوضوح تام (ومن قبل كانوا يعملون السيئات)
أي قبل أن يأتوه كان حالهم فعل السيئات .. وكلمة السيئات تشمل كل ما هو سيء في
العلاقات بين الأفراد والتي منها ممارسة اللواط فيما بينهم.
ب- ولو كان يأتون الغرباء فقط ..
لكان حاربتهم الأمم من حولهم ولصار مقتلة بينهم وبين القرى المحيطة بهم ..
إذ لا يعقل أن يتم اغتصاب رجال قبائل أخرى ويتم الأمر مرور الكرام .. ولتربص بهم
الناس حين خروجهم من قريتهم وقتلوا منهم ما قتلوا ..، ولكنهم كانوا يأتون من
الغرباء ما ليس له نصير ينصره ولا تكون من وراءه ردة فعل لضعف حاله .. ولذلك لما
اتوا ضيوف النبي لوط لعلمهم أن النبي لوط ليس له قوة تنصره وتحميه.
ج- ولو كان الفعل بالغرباء فقط
.. فما كان هذا سببا لنزول العذاب بهم إذ أن هذا حينئذ هو فعل
البعض .. وليس فعل الكل ..
#- ثالثا: أما عن الإستدلال بأن قوم لوط
كانوا يفعلون ذلك بالغرباء فقط لأن التابعي الحسن البصري قال: (كانوا لا ينكحون
إلا الغرباء).. فهذا استدلال باطل .. ليه ؟
1- ما الدليل على أن هذا هو قول الإمام الحسن البصري ؟!!
- فهذا الأثر المذكور عن رأي الحسن البصري .. هو أثر باطل ولا سند له .. وقد اجتهدت في البحث عنه طويلا
.. وأقدم مصدر وجدت فيه هذه الرواية قد وجدته في تفسيرين وعنهما أخذ باقي المفسرين
كلام الحسن البصري.
#- وهذين المفسرين
هما:
- الأول: أبو
إسحاق الثعلبي رحمه الله (المتوفى: 427 هـ):
- عن الحسن البصري أنه قال: (كانوا لا ينكحون إلا الغرباء). (راجع تفسير
الكشف والبيان ج12 ص436).. ، وعن تفسير الثعلبي نقل جماعة من المفسرين قول الحسن
البصري بنفس اللفظ الذي كتبه الثعلبي .. وممن نقل عنه
الإمام البغوي في تفسيره وغيره.
- الثاني: أبو الحسن الواحدي رحمه الله (المتوفى: 468هـ):
- عن الحسن البصري أنه قال: (كانوا ينكحون الرجال في أدبارهم، وكانوا لا ينكحون إلا
الغرباء)
.. (راجع التفسير البسيط ج9 ص220) ..، وعن تفسير الواحدي نقل جماعة من المفسرين قول الحسن البصري بنفس اللفظ
الذي كتبه الواحدي .. وممن نقل عنه الإمام الفخر
الرازي في تفسيره وغيره.
- فالأثر المروي عن التابعي الحسن البصري هو مجرد كلام منسوب إليه ولا دليلا على أنه قال به .. ولا
يوجد سند يثبت صحة هذا القول إليه.
2- وعلى افتراض جدلا أن هذا كلام التابعي الحسن البصري .. فهذا مجرد رأي تفسيري .. وليس وحي معصوم ليكون حجة ودليلا
.. فضلا عن أن عموم المفسرين على أن هذا فعل قوم لوط في أنفسهم.
#- وخلاصة القول أخي الحبيب:
1- ستجد على الإنترنت من يحاول أن يظهر لك أن فعل قوم لوط إنما كان امر عارض
وليس دائم .. وأن العذاب الذي نزل بهم ما كانوا يستحقونه .. وأن المسألة ليست كما
قال العلماء أن الفاحشة انتشرت فيها بداخل القرية نفسها..، لا .. هذا كلام باطل
.. فإنما أرادوا تزييف الحقيقة ليظهروا أن الله قد ظلم قوم
لوط حينما أنزل العذاب فأين عدل الله حينئذ الذي يتكلم عليه المؤمنين ؟!
2- والبعض الآخر قال قولا باطلا .. بأن إنكار النبي لوط إنما كان على من كان
يفعل اللواط وليس مفعولا فيه .. وهذا كلام باطل وحقير جدا لما فيه من الكذب على
القرآن والنبي لوط .. وإنما من يقول بهذا القول فذلك حتى يستبيح لنفسه أن يجد من
يركبه في دُبره أي في خرم فتح الشَّرج الخاصة به ليستمتع بذلك .. وماذا تنتظر من
نفسية حقيرة غير ذلك ؟!!
#- فانتبه أخي الحبيب لما تقرأه
على الإنترنت .. واعلم يقينا أن اللواط سواء الفاعل أو المفعول به عن
إرادة واختيار .. هو شخص عليه لعنة من الله تظل تلازمه إن لم يتوب ويستغفر ويبتعد
عن هذه القذارة.
- والله أعلم.

اللهم زد وبارك
ردحذفوقفات قيّمة زادت فهما للقصة ..
ولنعلم ان الهلاك الذي نزل بهم ليس بسبب مجرد معصية او كفر !! .. جرائمهم فاقت الحدود ..
اعاذنا الله واياكم والمسلمين من كل مايؤول الى غضب الله وعقابه .. آمين يارب العالمين
بعد قراءة هذا الجزء مباشرةً تفهم لماذا قال في الخطاب الأخير لهم:
ردحذفرجل رشيد.
هذه الكلمة هي أكبر دليل تأييد على ما تم ذكره في هذه الرسالة بالذات فعلًا.
كلمة في القرآن هي أبحر في المعاني.
جزاك الله كل خير رب يرزقك قد جهدك صدقك في تحقق في علم
اللهم صلى على محمد وآل محمد 🌹
اللهم ارزقني حبك وحب نبيك 🌸
يارب بالمصطفى بلغ مقاصدنا 🕊️