الاثنين، 29 ديسمبر 2025

Textual description of firstImageUrl

ج14: قصة نبي الله لوط مع قومه الشواذ جنسيا بالمثلية - ما تفسير لفظ (العالمين) في عموم القرآن وقد أتى هذا اللفظ مكررا كثيرا في قصة النبي لوط كقوله (أتأتون الذكران من العالمين) - ماذا قال العلماء في تفسير قوله تعالى (أتأتون الذكران من العالمين) - كيف ظهرت فكرة ممارسة الفاحشة بالذكران عند قوم لوط.

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

قصة نبي الله لوط عليه السلام

مع قومه الشواذ جنسيا بالمثلية

اللُّواطِيُّون والسُّحَاقيَّات

(الجزء الرابع عشر)

كيف ظهرت ممارسة فحشاء اللواط بالذكران في قوم لوط -  معنى كلمة العالمين في القرآن - لفظ الذكران محتمل قوم لوط جمعوا بين ذكران الحيوانات وذكران الرجال

#- فهرس:

:: الفصل الرابع عشر :: عن معرفة معنى كلمة (العالمين) في عموم القرآن – كلام العلماء حول تفسير قوله (أتأتون الذكران من العالمين) ::

1- س38: ما تفسير لفظ (العالمين) في عموم القرآن وقد أتى هذا اللفظ مكررا كثيرا في قصة النبي لوط كقوله (أتأتون الذكران من العالمين) ؟

#- أولا: من كلام العلماء عن مفهوم كلمة العالمين.

#- ثانيا: قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على كلام العلماء.

2-  س39: ماذا قال العلماء في تفسير قوله تعالى: (أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ) ؟

#- أولا: من أقوال العلماء في تفسير قوله (أتأتون الذكران من العالمين).

#- ثانيا: قلت (خالد صاحب الرسالة) في فهم قوله (أتأتون الذكران من العالمين).

#- عن تصور خاص بي: هل (الذكران) محتمل لفظ جامع لذكور الحيوانات ورجال بني آدم؟

3- س40: كيف ظهرت فكرة ممارسة الفاحشة بالذكران عند قوم لوط ؟

*****************

:: الفصل الرابع عشر ::

******************

 

..:: س38: ما تفسير لفظ (العالمين) في عموم القرآن وقد أتى هذا اللفظ مكررا كثيرا في قصة النبي لوط كقوله (أتأتون الذكران من العالمين) ؟ ::..

 

- قال تعالى (كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ (160) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ (161) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (162) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (163) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (164) أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ) الشعراء: 160-165.

 

- قال تعالى: (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (80) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ) الأعراف: 80-81.

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- قبل استعراض كلام العلماء في تفسير قول الله فيما حكاه عن قول النبي لوط لقومه فقال: (أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ) ، وقال (مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ) .. وجدت من المهم أن أذكر تفسير للفظ العالمين .. حتى إذا رأيت اختلاف العلماء فستفهم لماذا اختلفوا.. وإليك بيان مفهوم لفظ (العالمين) بصورة مبسطة في عموم القرآن .. والله ولي التوفيق.

 

#- أولا: من كلام العلماء عن مفهوم كلمة العالمين.

#- قال الإمام شمس الدين القرطبي رحمه الله (المتوفى: 671 هـ) عند تفسيره للفظ العالمين من سورة الفاتحة:

- اختلف أهل التأويل في (العالمين) اختلافا كثيرا.

- فقال قتادة: العالمون جمع عالم وهو كل موجود سوى الله تعالى .. ولا واحد له من لفظه مثل رهط وقوم.

 

- وقيل: أهل كل زمان عالم .. قاله الحسين بن الفضل .. لقول تعالى: (أتأتون الذكران من العالمين) أي من الناس.

 

- وقال ابن عباس: العالمون الجن والإنس .. دليله قوله تعالى: (ليكون للعالمين نذيرا) ولم يكن نذيرا للبهائم.

 

- وقال الفراء وأبو عبيدة: العالم عبارة عمن يعقل، وهم أربعة أمم: الإنس والجن والملائكة والشياطين. ولا يقال للبهائم: عالم .. لأن هذا الجمع إنما هو جمع من يعقل خاصة.

 

#- قلت (أي القرطبي): والقول الأول أصح هذه الأقوال، لأنه شامل لكل مخلوق وموجود، دليله قوله تعالى: (قال فرعون وما رب العالمين. قال رب السماوات والأرض وما بينهما) ثم هو مأخوذ من العلم والعلامة لأنه يدل على موجده ..، كذا قال الزجاج قال: العالم كل ما خلقه الله في الدنيا والآخرة ..، وقال الخليل: العلم والعلامة والمعلم: ما دل على الشيء، فالعالم دال على أن له خالقا ومدبرا، وهذا واضح. (تفسير القرطبي ج1 ص138-139 - محتصرا).

 

#- ثانيا: قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على كلام العلماء الذي ذكره الإمام القرطبي.

- اكتفيت بما ذكره الإمام القرطبي .. لأنه جمع تقريبا كل الآراء التي قيلت حول كلمة (العالمين) .. ولكن لي تعقيب بسيط أذكره في الآتي:

- أظن أن العلماء لم يختلفوا في فهم كلمة العالمين .. وإنما يتم تفسيرها بحسب وضعها في القرآن الذي أتت فيه .. وهي قد تأتي بمعنى "كل الوجود" .. أو تكونه مخصصة لجماعة العقلاء (إنس وجن وملائكة) أو (إنس وجن فقط) وهذا باعتبار سياق الآية.

 

#- وإليك بيان كيفية تفسير لفظ العالمين بحسب موضعه في القرآن على طريقين:

- الطريق الأول: إن أتى لفظ العالمين مضاف إلى الله مثل (رب العالمين) من قوله (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) الفاتحة:2 ..، فيكون المقصود بها كل الوجود أي عوالم الكون بكل ما فيها .. أي حمد لله القيوم القدير المدبر لهذا الوجود كله.

 

- الطريق الثاني: قد يأتي لفظ العالمين مخصص لجماعة العقلاء جميعهم (إنس وجن وملائكة) أو يقصد به جماعة المكلفين (إنس وجن) .. وهذا الطريق ينقسم إلى ثلاث اعتبارات بحسب سياق الآية كالآتي:

1- الإعتبار الأول: قد يأتي لفظ (العالمين) ويقصد به كافة جماعة العقلاء ..، مثل قوله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ) الروم:22 ..، وآيات تنوع القدرة الإلهية ليست خاصة بالمكلفين فقط بل لكافة جماعة العقلاء من الإنس والجن والملائكة ..، وقال تعالى: (سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ) الصافات:79 ..، والمقصد هنا السلام عليه بالثناء عليه من عوالم الملائكة عامة ومن عوالم (الإنس والجن من المؤمنين منهم خاصة) في كافة الأزمنة المختلفة إلى نهاية الزمان.

 

2- الإعتبار الثاني: إن أتى لفظ (العالمين) مخصص عن بأحد أو جماعة معينة بتشريف معين .. فيقصد به خصوصيتهم بهذا الفضل عن جماعة المكلفين (الإنس والجن) .. مثلما قال تعالى لبني إسرائيل: (وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ) البقرة:47 .. ومثلما ذكر الله جماعة الأنبياء في عدة آيات إلى أن ختمهم بجماعة منهم فقال: (وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ) الأنعام:86..، وكما قال تعالى لسيدنا محمد: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) الأنبياء:107.

 

3- الإعتبار الثالث: وإن أتى لفظ (العالمين) بخصوصية إنذار لجماعة من العالمين .. فهذا خاص بجماعة المكلفين من الإنس والجن كما قال تعالى: (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا) الفرقان:1 ..، والإنذار يكون لجماع المكلفين من الإنس والجن .. لأنه لا إنذار للملائكة لأنهم غير مكلفين.

 

#- وخلاصة القول:

- ما أردت توضيحه هو أن لفظ (العالمين) .. وإن اختلف فيه العلماء في مختلف آيات القرآن .. ففي حقيقة الأمر لا أراه اختلافا .. وإنما فقط لفظ (العالمين) يتم تفسيره بحسب اعتبار موضعه في آيات القرآن.

- والله أعلم.

*********************

 

..:: س39: ماذا قال العلماء في تفسير قوله تعالى: (أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ) ؟ ::..

 

- قال تعالى (كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ (160) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ (161) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (162) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (163) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (164) أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ (165) وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ (166) قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ) الشعراء: 160-167.

 

#- أولا: من أقوال العلماء في تفسير قوله (أتأتون الذكران من العالمين).

   

1- قال الإمام أبو الحسن الواحدي رحمه الله (المتوفى: 468 هـ):

- (أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ): وهو جمع الذَّكَر .. ضد الأنثى .. ويجمع على الذِّكارة والذُّكور والذُّكران والذُّكورة.

- قال مقاتل: يعني نكاح الرجال.

- وقوله: (من العالمين) يعني من بني آدم خاصة. (التفسير البسيط ج17 ص111).

 

2- قال الإمام بن الجوزي رحمه الله (المتوفى:597 هـ):

قوله تعالى: (أَتَأْتُونَ الذُّكْرانَ) وهو جمع ذَكَر .. (مِنَ الْعالَمِينَ) أي: من بني آدم. (تفسير زاد المسير ج3 ص346).

 

3- قال الإمام أبو السعود العمادي رحمه الله (المتوفى:982 هـ):

- (أَتَأْتُونَ الذكران مِنَ العالمين): أي أتأتون من بينِ منَ عداكم من العالمين الذكران لا يشارككم فيه غيرُكم .. أو أتأتون الذكران من أولادِ آدمَ مع كثرتِهم وغلبة النَّساءِ فيهم مع كونهم أليقَ بالاستمتاعِ.

- فالمرادُ ب (العالمين): على الأول: ما يُنكح من الحيوان ..، وعلى الثَّاني: الناسُ. (تفسير إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم ج6 ص259-260)..، وهذا التفسير مأخوذ من (تفسير الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل ج3 ص329).

 

4- قال الإمام إبراهيم بن عمر البقاعي رحمه الله (المتوفى:885 هـ):

- (أتأتون) أي إتيان المعصية .. (الذكران) ولعلهم كانوا يفعلون بالذكور من غير الآدميين توغلاً في الشر وتجاهراً بالتهتك .. لقوله: (من العالمين) أي كلهم.

 

- أو يكون المعنى: من بين الخلائق .. أي أنكم اختصصتم بإتيان الذكران .. لم يفعل هذا الفعل غيركم من الناكحين من الخلق. (تفسير نظم الدرر ج14 ص81-82).

 

5- قال الإمام أحمد المراغي رحمه الله (المتوفى: 1371 هـ):

 - (أَتَأْتُونَ الذُّكْرانَ مِنَ الْعالَمِينَ. وَتَذَرُونَ ما خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ): أي أأنتم دون الناس جميعا تفعلون هذه الفعلة الشنعاء .. تغشون الذكور وتتركون النساء اللاتي جعلهن الله حلّا لكم تستمتعون بهن ويستمتعن بكم. (تفسير المراغي ج19 ص94).

 

6- قال الإمام محمد أحمد مصطفى – أبو زهرة رحمه الله (المتوفى: 1394هـ):

-  (أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ): الذكران جمع ذكر كذكور .. ولكن جاء النص كذلك ليكون تشنيعا أشد.

- وأحسب أنه لَا يكون ذكرانا جمعا إلا لذكور الإنسان.

- وفي التعبير (أَتَأتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ) كناية لطيفة .. والاستفهام لاستنكار الواقع بمعنى التوبيخ وبيان شناعة العمل .. لأنه ضد الفطرة.

- وعبر بالإتيان كإتيان الرجل المرأة .. ولكنه في دبره .. فهو إفساد للفطرة .. وأحسن من عبَّر عنه بالشذوذ الجنسي .. لأنه دليل على فساد الفطرة وشناعة الفعل في ذاته. (زهرة التفاسير ج10 ص5397).

- ملحوظة: قوله (كناية لطيفة): أي أن لفظ (أتأتون) فيه كناية لطيفة عن الجماع بدلا من قوله مثلا (أتجامعون) .. فالإتيان لفظ فيه حشمة أكثر.

 

7- قال الإمام الطاهر بن عاشور رحمه الله (المتوفى:1393 هـ):

- المعنى: أتأتون الذكران مخالفين جميع العالمين .. من الأنواع التي فيها ذكور وإناث فإنها لا يوجد فيها ما يأتي الذكور ..

- فهذا تنبيه على أن هذا الفعل الفظيع مخالف للفطرة لا يقع من الحيوان العجم .. فهو عمل ابتدعوه ما فعله غيرهم. (التحرير والتنوير ج19 ص179).

 

#- ثانيا: قلت (خالد صاحب الرسالة) في فهم قوله (أتأتون الذكران من العالمين):

1- كلمة (أتأتون): استفهام المقصد به التوبيخ والتقبيح والإنكار لهذا الفعل .. والإتيان لفظ يقال فيه كناية عن اللواط أو ممارسة المثلية الجنسية أو الشذوذ الجنسي بين طرفين من نفس النوع .. ويقصد به هنا طرفين من جماعة الذكور.

 

2- وجاء اللفظ (أتأتون): استفهام بصيغة المضارع للدلالة على أنهم كانوا يفعلون هذا الفعل وقت محاكاة النبي لوط معهم .. وأن ممارسة الشذوذ الجنسي كان حالا مستمرا فيهم دون انقطاع.

 

3- وجاء لفظ (الذكران): للدلالة على اكتمال حال الذكورة فيمن يتم ممارسة الشذوذ الجنسي مع مثيله في النوع من الذكور .. أي لا يتم فعل اللواط إلا فيمن يوصف بأنه بلغ مبلغ الفحولة أي تخطى سن البلوغ ولديه القدرة على الجماع.

 

4- وجاء لفظ (من العالمين): للدلالة على أحد مقصدين:

- الأول: أن يكون مقصد النبي لوط هو: أتختارون إتيان النكاح مع جماعة الذكران من دون العالمين .. ويقصد بالعالمين هنا حينئذ بني آدم .. فتركوا من بني آدم النساء الذين هم محلا للوطء وجذبا للشهوة فيهم .. وأتوا الذكور الذين هم ليسوا محلا للوطء وليسوا مصدر جذب للشهوة فيهم .. وكأنه يقول لهم: كيف لعاقل أن يفعل ذلك ؟!!

 

- الثاني: أو يكون مقصد النبي لوط هو: أتفعلون هذا النكاح بالذكران كاختراع منكم إذ لم يكن فعله أحد من العالمين .. والعالمين يقصد به هنا أنه فعل لم يفعله أحد من الإنس والجن والحيوانات .. وهذا حينئذ شبيه بقوله تعالى: (أَتَأْتُونَ الفاحشة مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن العالمين) الأعراف: 80.

 

5- ولي تصور خاص مستفاد من كلام العلماء الذين قالوا بأن الذكران هم الحيوانات والبعض قال هم بني آدم .. وإليك هذا التصور "وكن صبورا معي":

- ماذا لو افترضنا الآتي:

- بما أن لفظ (الذكران) في الآية هو لفظ مبهم .. ولفظ (العالمين) مطلق .. فاحتمل أن يكون شاملا كل ما يمكن إتيانه في الدُّبر من ذكران الإنسان وذكران الحيوان.

 

أ- وهنا (العقل) قد يعترض على ما سبق ويقول: أن القرآن في آيات أخرى قد أظهر أن قوط لوط يأتون الرجال .. وهذا بيان لكلمة (الذكران) .. فدل ذلك على أن المراد بالذكران هم (الرجال) أي من بني آدم .. فهذا معناه أنهم لم يمارسوا مع الحيوانات الذكور أي شيء.

 

ب- ولكن قد يقول (عقل آخر) من وجهة نظر أخرى: ماذا لو افترضنا أن يكون وقت أن قال النبي لوط لهم لفظ (الذكران) في أول محاورة مع قومه .. كانوا فعلا يأتون كل ما هو كامل الذكورة من الإنسان والحيوان ..، وقد يساعد لفظ (الذكران) في قوته للدلالة على توسع المسألة منهم لكل ما هو ذكر من الإنسان والحيوان ..، ثم تراجعوا عن ذكور الحيوانات .. واكتفوا بممارسة الفحشاء فقط مع ذكور الرجال .. ولذلك النبي لوط في حواراته التالية مع قومه قد اكتفى بذكر لفظ (الرجال) لتوقفهم عن ممارسة الشذوذ مع ذكور الحيوانات.

 

- ولو صح هذا الإفتراض .. فهذا معناه تطور في السلوك لقوم لوط .. وارتقاء من فعل الفاحشة مع الإنسان والحيوان .. إلى الإنسان فقط .. ولعل هذا ما شجع النبي لوط في الإستمرار لدعوة قومه .. إذ توقفهم عن فعل الفحشاء مع الحيوانات الذكور قد يكون بداية لتوقفهم عن فعل الفحشاء عن ذكور الإنسان .. والله أعلم.

 

ج- وهنا (العقل) قد يعترض على ما سبق فيقول: بل المقصود هم الذكور من بني آدم فقط بدليل أن ضيوف النبي لوط لما أتوه فقد وصفوا ضيوف النبي لوط بالعالمين .. فدل وصف العالمين على أن المقصود بهم أنهم ذكران من رجال الإنس .. والله أعلم.

 

د- ولكن (العقل الآخر) يقول ردا على المعترض: أن العالمين المذكورة في ختام قصة النبي لوط وهي مع ضيوفه .. فعلا تشير أن المقصود بها جماعة الناس .. ولكن لفظ العالمين من سورة الشعراء في أول حوار بين النبي لوط مع قومه .. لعل لفظ (العالمين) حينئذ في ذلك الوقت كان يشمل ذكران الإنس وذكران الحيوان .. ثم تراجعوا عن ممارسة ذكران الحيوانات واكتفوا بالرجال .. كما سبق التوضيح .. خاصة وأن لفظ (العالمين) يعطي مساحة للتعميم وللتخصيص بحسب سياق الآية .. ولما كان في آية الذكران لا مخصص له ظاهر في سورة الشعراء .. فهو يحتمل أن يكون الإتيان في ذلك الوقت للعالمين من ذكران الرجال والحيوان .. والله أعلم.

 

#- خلاصة القول أخي الحبيب:

1- العلماء في تفسير قوله (أتأتون الذكران من العالمين) منقسمين على رأيين "وكلا الرأيان في حقيقته يكمل بعضه البعض" .. والرأيان هما:

- الأول: باعتبار إنكار لوط عليهم من حيث فعلهم نفسه .. فهم يفعلون إتيان الذكران وحدهم ولم يفعله غيرهم .. ويكون هنا لفظ العالمين إما يشمل جماعة الحيوانات الذكران أو الإنس الذكران.

 

- الثاني: باعتبار إنكار لوط على ما استباحته أنفسهم .. فهم يفعلون إتيان الذكران كاختراع منهم ولم يفعله أحد من قبلهم ممن لهم القدرة على الجماع من جميع الكائنات سواء من عالم الإنس أو الجن أو الحيوان.

 

- فالإعتبار الأول: إنكار على محل الوطء ..

- والإعتبار الثاني: إنكار على استباحة أنفسهم لفعل ذلك.

 

- والإعتبار الأول: هو المقصود الأصح لإنكار النبي لوط على قومه .. أي إنكاره عليهم إتيان محل الوطء الغير صحيح .. وهذا الإنكار بالتبعية يشمل اتهامه لأنفسهم بكونها استباحت فعل  لم يستبيحه أحد من الإنس والجن والحيوان في أصل فطرته.

 

2- ولي ظن خاص قد افترضته .. وهذا الظن يجمع بين كلام العلماء في جزئية المقصودين (بالذكران) في قول النبي لوط:

أ- فافترضت أنهم في أول أمرهم .. كانوا يجامعون ذكران الرجال وذكران الحيوانات من البهائم .. ولذلك أطلق النبي لوط في أول حوار له مع قومه لفظ (الذكران) دون تخصيص لمعرفة من هم هؤلاء الذكران .. وساعد على ذلك لفظ (العالمين).

 

- ثم في مرحلة زمنية أخرى .. قد اكتفوا فقط بالذكران من الرجال .. إذ لعلهم ظهرت فيهم أمراض من جماع ذكران الحيوانات أو البعض كان يتقذر منها أو كانوا يجدوا صعوبة في جماعهم أو خوفا على أنفسهم من أذية الحيوانات لهم .. فتراجعوا عن ذلك واكتفوا بفعل ذلك مع ذكران الرجال فيما بعد .. ولذلك اختفى لفظ (الذكران) من باقي الحوارات بين لوط وقومه وظهر لفظ (الرجال).

 

ب- أو لعل لفظ (الرجال) المذكور في حوارات النبي لوط مع قومه .. هو بيان لحقيقة هذه (الذكران) التي ذكرها النبي لوط في أول حوار مع قومه .. فيكون نكاحهم للأدبار من البداية المقصد به جماعة (الذكران) من رجال بني آدم فقط ..

- والله أعلم.

 

*****************

 

..:: س40: كيف ظهرت فكرة ممارسة الفاحشة بالذكران عند قوم لوط ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- بعد أن كتبت إجابة السؤال السابق .. خطر على بالي سؤال: وهو لماذا كان هؤلاء الناس يفعلون هذا الفعل القبيح ؟!!

 

- وبالرغم من إجابتي لسؤال شبيه مثل هذا السؤال .. ولكني أجد في نفسي هنا إجابة أخرى وهي:

 

- لعل ساد فيهم فكرة جاهلية .. وهذه الفكرة تحدث مع بعض الذكور من الرجال في زماننا من باب التفاخر بالفحولة .. وهذه الفكرة تقول في عقولهم: أنه كلما اشتد عود الأنثى فيظن في نفسه أنه سيكون فحلا قويا لو استطاع أن يجامع هذا الجسم الشديد.

 

- فلعل كان هذا في الأصل هو معتقدهم .. ثم ارتقى في مخهم فكرة اللواط نتيجة ما كانوا يعيشونه من رغد الحياة .. وهذه الفكرة التي تداولها فيما بينهم هي: أن الرجولة الأعلى والذكورة التي هي بجد هو أن تفعل بذكورتك فيما يصعب إتيانه وأشد قوة.

 

#- فأظنهم اخترعوا شعارا لهم قالوا فيه:

- "ليس الرجولة أن تأتي النساء فهذا فعل الصبيان .. وإنما الرجولة أن تأتي الرجال الذكران .. لتظهر فحولة رجولتك بجد".

 

- وبالتالي ترسخت في عقولهم عقيدة: وهي أن من الرجولة إتيان الذكران من الرجال في الدبر وليس أن تأتي النساء في القبل أو في الدبر لأن أمرهن سهل في كل الأحوال وهن ضعاف .. ولكن الأشد والأصعب والذي يكشف رجولتك وفحولتك هو أن تأتي فحلا مثلك.

 

- فهكذا كانوا يحرضون بعضهم البعض على فعل الفحشاء .. لإظهار فحولتهم الشاذة والمنكرة بل والملعونة.

 

- هذا ما جال بخاطري وأردت كتابته .. والله أعلم.

 

#- ملحوظة: لي إجابة أخرى على هذا السؤال قد ذكرتها سابقا .. في الفصل السابع تحت عنوان (س18: كيف بدأ انتشار اللواط في قوم لوط ؟) .. وكانت إجابتي تقول بالمختصر: أنهم زهقوا وملوا من نمطية الفعل الجنسي الحلال .. مع كثرة مال ورفاهية العيش مع فراغ الوقت .. فأرادوا أن يجربوا شيئا جديدا .. فاستباحوا تجربة اللواط في أنفسهم.

- ولعل سبب الملل والرغبة في التغيير .. قد اجتمع مع سبب التحريض على إظهار الفحولة السابق ذكره هنا .. فكانت النتيجة هي اللواط أو ممارسة المثلية الجنسية أو الشذوذ الجنسي أو جماع الدُّبر في الذكران..

- والله أعلم.    
 

*****************
يتبع إن شاء الله تعالى
*****************
والله أعلم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم
هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .

هناك تعليق واحد:

  1. اللهم صلى محمد وآل محمد 🌹
    اللهم ارزقني حبك وحب نبيك 🌸
    يارب بالمصطفى بلغ مقاصدنا 🕊️

    ردحذف

ادارة الموقع - ا/ خالد ابوعوف