ج5: رسالة المعجزات والأفضلية بين النبي محمد وسائر الأنبياء - هل هود النبي أفضل من النبي محمد لأن معجزته كانت بالريح العقيم الصرصر العاتية - هل صالح النبي أفضل من النبي محمد لأن معجزته كانت في إخراج ناقة من جبل صخري.

    بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة المعجزات والأفضلية

بين النبي محمد وسائر الأنبياء

وعلو شأن النبي بالآيات القرآنية

(الفصل الخامس)

#- فهرس:

:: الفصل الخامس:: قيل أن هود وصالح نبيان أفضل من النبي محمد ..!! ::

1- س7: هل هود النبي أفضل من النبي محمد لأن معجزته كانت بالريح العقيم الصرصر العاتية ؟

- أولا: أما عن إرسال الريح على عاد قوم النبي هود.

- ثانيا: أما لو تكلمنا عن المعجزات فعلا فاحكم بالعدل يا هذا.

2- س8: هل صالح النبي أفضل من النبي محمد لأن معجزته كانت في إخراج ناقة من جبل صخري ؟

- أولا: معجزة صالح عليه السلام .. ومعجزة محمد عليه الصلاة والسلام.

- ثانيا: أما من حيث المعجزات الذاتية للنبي صلى الله عليه وسلم.

================

:: الفصل الخامس::

================

..:: س7: هل هود النبي أفضل من النبي محمد لأن معجزته كانت بالريح العقيم الصرصر العاتية ؟ ::..

 

- قيل: أن هود عليه السلام أفضل من النبي محمد صلى الله عليه وسلم .. إذ أنه كان مؤيدا بمعجزة لم يحظى بمثلها النبي محمد صلى الله عليه وسلم .. وهي أن الله انتقم له بإرسال الريح الصرصر العاتية إذ قال تعالى: (وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ (41) مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ) الذاريات:41 ..، وقال تعالى: (وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (6) سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ) الحاقة:6-7 .. وهذه معجزة أعظم من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم .. ولم يكن لها نظير في معجزات النبي صلى الله عليه وسلم ..!!

 

#- من معاني الكلمات:

- الريح العقيم: التي لا خير فيها أو القاطعة لنسلهم.

- الصرصر العاتية: أي شديدة البرودة مع قوة شديدة في سرعتها.

- حسوما: أي متتابعة.

- صرعى: أي موتى.

- أعجاز نخل خاوية: أي مثل النخل المتساقط الخاوي جوفه .. والمقصد جثث هامدة بلا حراك.

- الرميم: أي تالف كالثوب المتهالك.

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- أولا: أما عن إرسال الريح على عاد قوم النبي هود.

1- هذه معجزة من حيث القدرة الإلهية .. وليست معجزة لهود من حيث أنه تحدى بها أحد أن يأتي بمثلها .. وإنما أنذرهم بعقاب فحدث لهم ما وعدهم به .. فأيده الله بهذا العقاب على قومه لينتصر الحق على الباطل .. ولعل سبب ذلك أنه أتتهم آيات فكفروا وجحدوا بها .. ولكن القرآن لم يذكر لنا هذه الآيات (وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ) هود:59 .. ومعنى (عصوا رسله) لأن عصيانهم لرسول واحد هو عصيان للجميع .. فكأن الله يخبرنا أنهم جحدوا وجود إله وأي رسل .. سواء رسل ذكروا من قبل أو رسل سيأتون فيما بعد.. لأن المبدأ عندهم هو الجحود.

2- وإذا كانت المسألة في المقارنة بين هود النبي والنبي محمد .. هو تأييد هود بالريح العقيم أو الريح الصرصر العاتية .. فقد أيد الله نبيه صلى الله عليه وسلم بالريح يوم غزوة الأحزاب أو غزوة الخندق .. إذ قال جل شأنه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَكانَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً) الأحزاب:9.

 

- والمعنى من التفسير الميسر:

- يا معشر المؤمنين اذكروا نعمة الله تعالى التي أنعمها عليكم في المدينة .. أيام غزوة الأحزاب - وهي غزوة الخندق -، حين اجتمع عليكم المشركون من خارج «المدينة» ، واليهود والمنافقون من «المدينة» وما حولها، فأحاطوا بكم، فأرسلنا على الأحزاب ريحًا شديدة اقتلعت خيامهم ورمت قدورهم، وأرسلنا ملائكة من السماء لم تروها، فوقع الرعب في قلوبهم. وكان الله بما تعملون بصيرًا، لا يخفى عليه من ذلك شيء. (انتهى النقل).

 

- ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (نُصِرْتُ بالصَّبَا .. وأُهْلِكَتْ عَادٌ بالدَّبُورِ) صحيح البخاري..، والصبا هي ريح باردة تأتي من الشرق .. والدَّبُور هي ريح باردة تأتي من الغرب.

 

3- وسواء الريح العقيم التي أيد الله بها هود ..  أو ريح الصبا التي أيد الله بها النبي محمد .. فكلاهما ليس معجزات لأن ليس فيهما تحدي مع أحد أن يأت بمثل ما أتى به الله .. وإنما خصوصية إمداد وتأييد للنبوة بقوى مخالفة لقانون الأسباب الطبيعية .. فهي بالنسبة للمؤمنين هي معجزة إلهية لتأييد النبوة لكونها بقوة خارقة للعادة لا يستطيع فعلها إلا الله فيفرح المؤمن بقدرة الله وقهره .. ولكنها ليست معجزة بين الأنبياء وقومهم .. إذ لم يكن فيها تحدي بينهما.

 

4- وإذا قمنا بالمقارنة بين الريح العقيم التي أيد الله بها هود وريح الصبا التي أيد بها النبي محمد .. فسنجد أن الريح العقيم كانت ريح هلاك .. فما أتت على شيء إلا أهلكته إهلاكا لا صلاح أو نفع فيه أبدا سواء كان إنسان أو ممتلكات .. أما ريح الصبا فكانت ريح طرد وإبعاد .. وليست ريح قتل وهلاك ..

 

5- فشتان: بين من كان مؤيدا بريح فيها هلاك وفناء .. وبين من كان مؤيدا بريح فيها طرد وإبعاد ..

- فأين هذا من ذاك ؟!!

 

#- ثانيا: أما لو تكلمنا عن المعجزات فعلا فاحكم بالعدل يا هذا ..

- فالنبي صلى الله عليه وسلم كانت معجزته القرآن متحديا بها إلى يوم القيامة وليس في زمنه فقط .. ولما كان القرآن هو روح ونور كما قال جل شأنه: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ) الشورى:52 ..، فهل جاء هود إلى قومه بمعجزة تحداهم أن يأتوا بمثلها ويكون فيها أيضا روح لقلوبهم ونور لحياتهم ؟!!

- لا .. لم يحدث .. وطالما لم يحدث .. فأي أفضلية هذه التي تزعمونها لهود على النبي محمد صلى الله عليه وسلم ؟!!

- فما لكم كيف تحكمون ؟!!

 

*****************

 

..:: س8: هل صالح النبي أفضل من النبي محمد لأن كانت معجزته في إخراج ناقة من جبل صخري ؟ ::..

 

- قيل: أن النبي صالح من معجزاته هو أن الله أخرج له الناقة من الصخرة الصماء .. وهذا ما لم يحدث مع النبي محمد .. وفي ذلك ما فيه من الأفضلية على النبي محمد ..!!

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

#- أولا: معجزة صالح عليه السلام .. ومعجزة محمد عليه الصلاة والسلام.

- معجزة صالح النبي .. كانت في تحدي قومه له بأنه لا يستطيع أن يخرج ناقة حامل من وسط جبل صخري لا جوف له أي لا كهف فيه ولا فتحتات .. أي إخراج كائن حي من جماد مصمت .. وذلك للدلالة على صدق نبوته .. ودعا صالح ربه واستجاب لمطلبه وخرجت الناقة بمواصفاتها كما طلبوا تماما .. ولكن الكفار تآمروا على قتلها وذبحوها .. فأتتهم الصيحة وأفنتهم جميعا .. إذ قال جل شأنه: (فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (66) وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (67) كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِثَمُودَ) هود:66-68.

 

- معنى (الصيحة): صوت مهلك من السماء فيه فزع كأنه يخرج القلوب من الصدور.

- معنى (جاثمين): أي جثث هامدة لا حراك فيها.

 

- والآن مقارنة بمعجزة النبي صلى الله عليه وسلم .. وهي القرآن الكريم .. فقد جاء ليشق الوجود بنوره إلى القلوب بنور الإيمان ويحررها من ظلمة الجهل إلى نور الحق.

 

- فشتان: بين من كانت معجزته جسدا يخرج من جماد ثم تهلك المعجزة .. وبين من كانت معجزته تشق الوجود كله وقد خرجت من الحق جل شأنه لتبقى على الدوام إلى يوم القيامة باقية للتحدي الأبدي ولن تفنى ولن تزول .. وفيها هداية ورحمة ونور لمن يؤمن بها.

 

- فأين وجه المقارنة بين هذا وذاك يا عاقل ؟!!

 

#- ثانيا: أما من حيث المعجزات الذاتية للنبي صلى الله عليه وسلم ..

1- االنبي صلى الله عليه وسلم قد تفجر الماء أو خرج الماء من بين أصابعة حتى ارتوى جماعة المسلمين بأكملهم حين كانوا ذاهبين للعمرة ووصلوا لبئر الحديبية ولم يجدوا فيه ماء .. وكانوا يومئذ حوالي ألف وخمسمائة صحابي ..

- عن جابر بن عبد الله قال: (عَطِشَ النَّاسُ يَومَ الحُدَيْبِيَةِ، ورَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ (إناء يوضع فيه الماء) فَتَوَضَّأَ منها ..

- ثُمَّ أقْبَلَ النَّاسُ نَحْوَهُ .. فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ما لَكُمْ ؟

- قالوا يا رَسولَ اللَّهِ: ليسَ عِنْدَنَا مَاءٌ نَتَوَضَّأُ به ولَا نَشْرَبُ .. إلَّا ما في رَكْوَتِكَ.

- قالَ: فَوَضَعَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَدَهُ في الرَّكْوَةِ .. فَجَعَلَ المَاءُ يَفُورُ مِن بَيْنِ أصَابِعِهِ كَأَمْثَالِ العُيُونِ ..

- قالَ: فَشَرِبْنَا وتَوَضَّأْنَا فَقُلتُ لِجَابِرٍ: كَمْ كُنْتُمْ يَومَئذٍ؟

- قالَ: لو كُنَّا مِئَةَ ألْفٍ لَكَفَانَا .. كُنَّا خَمْسَ عَشْرَةَ مِئَةً) صحيح البخاري.

 

- وفي واقعة أخرى: عن أنس بن مالك قال: (رَأَيْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وحَانَتْ صَلَاةُ العَصْرِ، فَالْتَمَسَ النَّاسُ الوَضُوءَ فَلَمْ يَجِدُوهُ .. فَأُتِيَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بوَضُوءٍ، فَوَضَعَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في ذلكَ الإنَاءِ يَدَهُ .. وأَمَرَ النَّاسَ أنْ يَتَوَضَّئُوا منه قالَ: فَرَأَيْتُ المَاءَ يَنْبُعُ مِن تَحْتِ أصَابِعِهِ حتَّى تَوَضَّئُوا مِن عِندِ آخِرِهِمْ) صحيح البخاري.

 

2- إذن: شتان بين من كانت معجزته هي خروج ناقة للتحدي فقط لا غير .. وبين من وهبه الله معجزة خروج الماء من بين أصابعه ليروي به مئات من الناس ..

- فالأول خرجت له ناقة .. ولكن الثاني أخرج الله من ذاته ماءا .. والأول كانت معجزته سببا في هلاك قومه .. والثاني كانت معجزته في نجاة قومه ..

 

- فما لكم كيف تحكمون يا ناس ؟!!

 

- اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم.

*****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .