بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة المعجزات والأفضلية
بين النبي محمد وسائر الأنبياء
وعلو شأن النبي بالآيات القرآنية
(الفصل السادس عشر)
#-
فهرس:
:: الفصل السادس عشر :: ج5/ مسائل ختامية عن أفضلية الأنبياء وعلو
مقاماتهم ::
1- س26: هل أظهر القرآن فضل النبي محمد صلى الله عليه وسلم على غيره
من الأنبياء والرسل ؟
#- أولا: سيدنا محمد هو رحمة للعالمين .. قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلاَّ رَحْمَةً
لِلْعَالَمِينَ
(الأنبياء:107.
#- ثانيا: سيدنا محمد خاتم النبيين .. قال تعالى: (رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ) الأحزاب:40.
#- ثالثا: سيدنا محمد المتمكن من الخُلق عظيم .. قال
تعالى: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيم) القلم:4.
#- رابعا: سيدنا محمد العالي صاحب القلب القرآني .. قال
تعالى: (نزَلَ بهِ الرُّوحُ
الأَمِينُ. عَلى قلْبِكَ لِتكونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ) الشعراء 192 – 194.
#- خامسا: سيدنا محمد العالي ذكره في الدنيا والآخرة ..
قال تعالى: (وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ) الشرح:4.
#- سادسا: سيدنا محمد يصلي عليه الله وملائكته .. قال
تعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى
النَّبِيِّ) الأحزاب:56.
#- سابعا: نداء القرآن على النبي دائما بعز مقامه عنده
وليس باسمه .. قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ)
الأنفال:64 ..، أو (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ)
المائدة:67.
#- ثامنا: سيدنا محمد النبي الأمي الواجب اتباعه فرضا واجبا من موسى وعيسى وأتباعهم .. قال تعالى: (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ) الشرح:4.
===============
:: الفصل السادس
عشر ::
================
..:: س26: هل أظهر القرآن فضل النبي محمد صلى
الله عليه وسلم على غيره من الأنبياء والرسل ؟ ::..
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
#- لعل البعض يظن من كلام بعض
الحاقدين على النبي محمد صلى الله عليه وسلم .. أن القرآن لم يفضل
النبي محمد على العالمين .. ولم يظهر فضل سيدنا محمد على الأنبياء والمرسلين في
القرآن .. إذ لعل البعض منكم قد قرأ أو سمع لبعض الكذابين على الإنترنت يقول بهذا
الكلام الكاذب على القرآن وعلى النبي محمد .. وذلك حتى يجعلك تفهم أنه لا فضل
للنبي محمد مذكور في القرآن بخلاف باقي معجزات الأنبياء الواضحة والصريحة والقوية
في واقعها .. ولكن أين ما ذكره القرآن عن النبي محمد ؟!!
- ولذلك كان من المهم أن تعرف ماذا قال القرآن في حق مقام النبي
محمد صلى الله عليه وسلم .. بخلاف معجزة القرآن .. إذا لا نتكلم هنا عن معجزات
وإنما عن علو درجة مقام النبي محمد في القرآن الذي قد كذب البعض وقال أن القرآن لم
يفضله على الأنبياء والرسل بل ساواه بهم وبعضهم أفضل منهم وذلك كذبا منهم نتيجة غل
وحقد وحسد منهم على النبي محمد صلى الله عليه وسلم .. وسأكتفي ببعض الآيات فقط ..
مع بعض إشارات للسادة المفسرين .. وما قد يخطر ببالي .. إذ الغرض هو تعريفك كمؤمن
بما فضل الله به نبيك محمد في القرآن على الأنبياء والرسل بأوصاف ذات مقامات عالية
لم يبلغها أحد من الأنبياء والرسل .. وبالله التوفيق:
=========
#- أولا: سيدنا محمد هو رحمة للعالمين.. قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلاَّ رَحْمَةً
لِلْعَالَمِينَ
(الأنبياء:107.
1- قال الإمام الفخر
الرازي رحمه الله (المتوفى:606 هـ):
- أجمعت الأمة على أن بعض الأنبياء أفضل من
بعض، وعلى أن محمدا صلى الله عليه وسلم أفضل من الكل، ويدل عليه وجوه أحدها: قوله
تعالى: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) الأنبياء:107 .. فلما كان رحمة لكل العالمين لزم أن يكون أفضل
من كل العالمين. (تفسير مفاتيح الغيب ج6 ص521).
2- ذكر الإمام نجم الدين داية رحمه الله (المتوفى654
هـ) .. إشارة لطيفة في مقارنة بين ما ذكره الله في حق عيسى النبي ونبينا محمد ..
فقال رحمه الله:
- ثم اعلم أن بين قوله: (وَرَحْمَةً مِّنَّا) مريم:21
.. وبين قوله في حق نبينا صلى الله عليه وسلم: (وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ
رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) الأنبياء:107 .. فرق عظيم وهو:
- أن في حق عيسى عليه السلام ذكر الرحمة مقيدة
بحرف من .. ومن: للتبعيض، فلهذا كان رحمة لمن آمن به، واتبع ما
جاء به ..، إلى أن بعث نبينا صلى الله عليه وسلم ثم انقطعت الرحمة من أمته بنسخ
دينه.
#-
وفي حق نبينا صلى الله عليه وسلم ذكر الرحمة للعالمين
مطلقاً .. فلهذا لا تنقطع رحمته عن العالمين أبداً.
- أمَّا في الدنيا فبأن لا ينسخ دينه.
- وأمَّا في الآخرة فبأن يكون الخلق يحتاجون إلى
شفاعته حتى إبراهيم عليه السلام.
- فافهم جيداً. (تفسير التأويلات النجمية ج4 ص238).
3- قال الإمام القرطبي رحمه الله (المتوفى:671 هـ) نقلا
عن الحكيم الترمذي رحمه الله (المتوفى:320 هـ):
- قال الله تعالى: (وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ
رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) الأنبياء:107 .. فالرسل خلقوا للرحمة ، ومحمد صلى
الله عليه وسلم خُلق بنفسه رحمةً ، فلذلك صار أماناً للخلق ، لمّا بعثه الله
أَمِنَ الخلقُ العذاب إلى نفخة الصور.
- وسائر الأنبياء لم يحلّوا هذا المحل .. ولذلك قال عليه السلام : (أنا رحمة مهداة) يخبر أنه بنفسه رحمة للخلق من
الله.
- وقوله (مهداة) أي هدية من الله للخلق. (تفسير القرطبي ج4 ص63).
#-
ملحوظة هامة: حديث (أنا رحمة مهداة) مروي موصولا عن أبي هريرة عن
النبي .. رواه الحاكم في المستدرك برقم (100) وقال صحيح ووافقه
الذهبي وقال: على شرطهما وتفرد الثقة مقبول ..، ورواه ابن الأعرابي في معجمة برقم
(2452) ..، والطبراني في معجمه الصغير برقم (264) والشهاب القضاعي في مسند الشهاب
برقم (1160) ..، ورواه الدارمي في سننه مرسلا من حيث أبي صالح .. وقيل أن الأصوب
أنه مرسل وذكر ذلك الدارقطني في علله برقم (1169) ..، ولكن الصحيح أنه موصول صحيح
لأن تفرد الثقة بالوصل مقبول .
- سواء
كان الحديث موصول صحيح أو مرسل فيه ضعف .. فأصل الحديث
له شاهد مؤكد في الصحيح وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنَّما بُعثتُ رحمةً) صحيح مسلم ..، فثبت بذلك صحة
قوله (أنا رحمة مهداة) .. فهو حديث صحيح بلا أدنى شك
.. والله أعلم.
4- قال الإمام محمد جلال الدين القاسمي رحمه الله (1332 هـ):
- (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا
رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ): أي وما أرسلناك بهذه الحنيفية
والدين الفطريّ .. إلا حال كونك رحمة للخلق .. فإن ما بعثت به سبب لسعادة الدارين.
وفي جعله نفس الرحمة مبالغة
جلية. وجوز كون (رحمة) مفعولا له. أي للرحمة .. فهو نبيّ الرحمة. (تفسير القاسمي ج7 ص226).
5- قال الإمام الطاهر بن عاشور رحمه الله (المتوفى:1393 هـ) - عند قوله (فَبِما
رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ) آل عمران:159:
أ- ولما كان عفو الله عنهم يعرف في
معاملة الرسول إياهم، .. ألان الله لهم الرسول تحقيقا لرحمته وعفوه،
فكان المعنى: ولقد عفا الله عنهم برحمته فلان لهم الرسول بإذن الله وتكوينه إياه راحما .. قال
تعالى: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) الأنبياء:107. (تفسير التحرير والتنوير ج4
ص144).
ب- وقال الطاهر بن عاشور عند قوله: (قل لمن ما في السماوات والأرض قل
لله كتب على نفسه الرحمة) الأنعام:12.
- فيه إيماء إلى أن الله قد نجى أمة الدعوة
المحمدية من عذاب الاستئصال الذي عذب به الأمم المكذبة رسلها من قبل، وذلك ببركة
النبيء محمد صلى الله عليه وسلم إذ جعله رحمة للعالمين في سائر أحواله بحكم قوله
تعالى: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) الأنبياء:107 .. (التحرير والتنوير ج7 ص152).
ج- وقال الطاهر بن عاشور عند قوله (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) الأنبياء:107.
- وتنكير (رحمة) للتعظيم .. إذ لا مقتضى لإيثار التنكير في
هذا المقام غير إرادة التعظيم..، وإلا لقيل: إلا لنرحم العالمين، أو إلا أنك
الرحمة للعالمين. وليس التنكير للإفراد قطعا لظهور أن المراد جنس الرحمة وتنكير
الجنس هو الذي يعرض له قصد إرادة التعظيم. (التحرير والتنوير ج17 ص165-166).
د- ثم قال الإمام الطاهر بن عاشور: واعلم أن انتصاب رحمة على أنه حال من ضمير
المخاطب .. يجعله وصفا من أوصافه .. فإذا انضم إلى ذلك انحصار الموصوف في هذه
الصفة .. صار من قصر الموصوف على الصفة.
- ففيه إيماء لطيف إلى أن الرسول اتحد بالرحمة وانحصر فيها
.. ومن المعلوم أن عنوان الرسولية ملازم له في سائر أحواله
.. فصار وجوده رحمة وسائر أكوانه رحمة.
- ووقوع الوصف مصدرا يفيد المبالغة في
هذا الاتحاد .. بحيث تكون الرحمة صفة متمكنة من إرساله .. ويدل لهذا
المعنى ما أشار إلى شرحه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (إنما أنا رحمة مهداة).
- وتفصيل ذلك يظهر في مظهرين: الأول تخلق نفسه الزكية بخلق
الرحمة، والثاني إحاطة الرحمة بتصاريف شريعته. (التحرير والتنوير ج17 ص166).
6- قلت (خالد
صاحب الرسالة) ..
مما جال بخاطري:
- قوله تعالى عن نبيه (رحمة للعالمين) .. فالرحمة هنا حال مبالغة في أن
الله جعله نفس الرحمة .. وهذا معناه أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم موصوف بكونه
رحمة ذاتية .. وكأن الرحمة تجسدت في صورة إنسان ومنحها الله للبشرية ليكون سببا
لإخراجهم من ظلمات الوهم والضلال إلى نور الحق والجمال ..، ولذلك كان المستحق
لنزول الرحمة النورانية عليه وهي رحمة القرآن .. إذ قد تشابه الروح القرآني الرحيم
مع القلب المحمدي الرحيم .. فوجد الروح القرآني ما هو أهلا ووعاء ليحمله .. ولذلك
كان هو النبي الخاتم لأنه المستحق لهذه الرحمة المنزلة للبشرية .. إذ لم يكن في
مخلوق هذه الرحمة التي أوجدها الله إلا في النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
- وفرق بين من يرسله الله برحمة .. وبين من جعل الرحمة وصفا ذاتيا
له ومختص به .. وكأن الله وصفه وصفا قد أفرده به دون الخلق جميعا.
#- ولذلك تفهم أخي الحبيب .. لماذا كان من رحمته شفاعته للخلق
جميعا يوم العرض على الله .. فذلك لما في قلبه من الرحمة ما ليس لغيره من الخلق ..
- فإذا سألك أحد وقال لك: ما هو تعريف الرحمة ؟ فتقول له: انظروا
لمحمد صلى الله عليه وسلم وتعرفوا عليه من خلال كلامه وما أنزل عليه من القرآن.
- وكأن الأعمى حينما توسل إلى الله وقال: (اللهم إني أسألُك و أتوجَّه إليك
بنبيِّك محمدٌ، نبيُّ الرحمةِ .. يا محمدُ إني توجهتُ بك إلى ربِّي في حاجتي هذه
لِتُقضى لي، اللهمَّ فشفِّعْه في) رواه أحمد والحاكم .. وقال الحاكم صحيح
الإسناد .. وقال محققو المسند: إسناده صحيح.
- وكأن هذا الأعمى قد دعا الله متوسلا له بأخص وصف
للنبي صلى الله عليه وسلم .. الذي انفرد به في عالم الوجود معلوما به لأهل السماء
وأهل الأرض .. وكأنه سر من أسرار الله في إجابة الدعاء للمؤمنين المحبين له صلى
الله عليه وسلم.. فإذا ربطت قلبك بحب النبي وتوسلت لربك بنبي الرحمة .. فالله يفتح
عليك من واسع رحمته ويدهشك بما ترجوه من فضله ببركة محبتك للنبي محمد وتعلق قلبك
به تعلق محبة وليس تعلق مصلحة فقط .. والله أعلم.
- اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله في
كل الأزمان .. آمين يارب العالمين.
======
#- ثانيا: سيدنا محمد خاتم النبيين .. قال تعالى: (رَسُولَ
اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ) الأحزاب:40.
- النبي الخاتم: بفتح التاء .. أي آخر النبيين بعثا بالنبوة
ولا نبي بعده.
1- قال الإمام الفخر الرازي رحمه الله (المتوفى:606
هـ):
- وخاتم النبيين وذلك لأن النبي الذي يكون بعده
نبي إن ترك شيئا من النصيحة والبيان يستدركه من يأتي بعده .. وأما من لا نبي بعده
يكون أشفق على أمته وأهدى لهم وأجدى .. إذ هو كوالد لولده الذي ليس له غيره من
أحد. (تفسير الفخر
الرازي ج25 ص171).
#- وقال الإمام الفخر الرازي رحمه الله:
- ألا ترى أن رسولنا صلى الله عليه وسلم
لما كان خاتم النبيين .. كان أفضل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. (مفاتيح الغيب ج22 ص31).
2- قال الإمام أبو القاسم الزمخشري رحمه الله (المتوفى: 538هـ):
- فإن قلت: كيف كان آخر الأنبياء وعيسى ينزل
في آخر الزمان ؟
- قلت: معنى كونه آخر الأنبياء أنه لا ينبأ أحد بعده .. وعيسى ممن
نبئ قبله .. وحين ينزل ينزل عاملا على شريعة محمد .. مصليا إلى قبلته .. كأنه بعض
أمّته. (تفسير الكشاف
ج3 ص545)
3- قال الإمام الطاهر بن عاشور رحمه الله (المتوفى:
1393 هـ) عند قوله (وخاتم النبيين):
- وقد أجمع الصحابة: على أن محمدا صلى الله عليه وسلم
خاتم الرسل والأنبياء وعرف ذلك وتواتر بينهم وفي الأجيال من بعدهم ولذلك لم
يترددوا في تكفير مسيلمة والأسود العنسي فصار معلوما من الدين بالضرورة فمن أنكره
فهو كافر خارج عن الإسلام ولو كان معترفا بأن محمدا صلى الله عليه وسلم رسول الله
للناس كلهم. (التحرير
والتنوير ج22 ص45).
#- ثم قال رحمه الله: لا يتردد مسلم في تكفير من يثبت
نبوءة لأحد بعد محمد صلى الله عليه وسلم وفي إخراجه من حظيرة الإسلام، ولا تعرف
طائفة من المسلمين أقدمت على ذلك إلا البابية والبهائية. (التحرير والتنوير ج22
ص45-46).
#- إلى أن قال رحمه الله: فمن كان من المسلمين متبعا
للبهائية أو البابية فهو خارج عن الإسلام مرتد عن دينه تجري عليه أحكام المرتد.
ولا يرث مسلما ويرثه جماعة المسلمين ولا ينفعهم قولهم: إنا مسلمون ولا نطقهم بكلمة
الشهادة لأنهم يثبتون الرسالة لمحمد صلى الله عليه وسلم ولكنهم قالوا بمجيء رسول
من بعده. (التحرير
والتنوير ج22 ص46).
4- قلت (خالد صاحب الرسالة) مما جال بخاطري:
- كونه صلى الله عليه وسلم (خاتم النبيين) .. فهذا يجعلك تفهم أن النبي الخاتم هو الذي جمع
الله له جميع الفضل في كل الأزمان المتبقية من عمر الدنيا إلى يوم القيامة ..
ولذلك لن يحتاج الوجود لنبي بعده أبدا .. لأنه أنزل معه الرسالة الباقية ليوم
القيامة لأنها الرسالة الخاتمة لكل الرسالات والمهيمنة عليها .. فكان هو صلى الله
عليه وسلم خاتم النبيين والقرآن خاتم الرسالات .. والله أعلم.
======
#- ثالثا: سيدنا محمد المتمكن من الخُلق عظيم .. قال تعالى: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيم) القلم:4.
1- قال الإمام أبو منصور الماتريدي (المتوفى: 333 هـ):
- خلقه العظيم: هو القرآن .. ومعناه ما أدبه
القرآن .. وذلك كقوله: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ
الْجَاهِلِينَ) .. وكقوله: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ) ..
وكقوله: (وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ) .. فأخذه بالعفو وأمره بالعرف،
وإعراضه عن الجاهلين، ودفعه السيئة بالتي هي أحسن، وخفضه الجناح للمؤمنين - من
أعظم الخُلُق. وتخلق بهذا كله بما أدبه القرآن، واللَّه أعلم. (تفسير الماتريدي - تأويلات
اهل السنة - ج 10 ص 136).
2- من جميل ما ذكره الإمام القشيري (المتوفى: 465 هـ) إذ قال رحمه الله:
- قوله جل ذكره: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) كما عرّفه الله سبحانه أخبار من
قبله من الأنبياء عرّفه أنه اجتمعت فيه متفرقات أخلاقهم فقال له: (إنك لعلى خلق عظيم).
- ويقال: إنه عرض عليه مفاتيح الأرض فلم
يقبلها .. ورقّاه ليلة المعراج .. وأراه جميع الملكة والجنة فلم
يلتفت إليها .. قال تعالى: (ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى) فما التفت يمينا ولا شمالا ..
ولهذا قال تعالى: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ..
- ويقال: (لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ): لا بالبلاء تنحرف .. ولا بالعطاء
تنصرف.
- احتمل صلوات الله عليه في الأذى شجّ رأسه
وثغره .. وكان يقول: (اللهم اغفر لقومى فإنهم لا يعلمون).
- وغدا كلّ يقول: (نفسي نفسي) .. وهو صلوات الله عليه يقول:
(أمتي
أمتي).
- ويقال: علّمه محاسن الأخلاق بقوله: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ
بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ) الأعراف:199. (تفسير القشيري ج 3 ص 317).
#- معنى قول الإمام القشيري (وغدا): يقصد به يوم القيامة يقصد الناس
الأنبياء أن يتوسلوا لربهم أن يبدأ الحساب ولكن كل نبي يقول (نفسي نفسي) .. إلا النبي صلى الله عليه
وسلم يقول: (أمتي أمتي).
3- قال الإمام الفخر الرازي رحمه الله (المتوفى:606 هـ):
- لما كانت أخلاقه الحميد كاملة .. لا جرم وصفها الله بأنها عظيمة
ولهذا قال: (قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا
مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ) ص:86
أي لست متكلفا فيما يظهر لكم من أخلاقي لأن المتكلف لا يدوم أمره طويلا بل
يرجع إلى الطبع.
- وقال آخرون: إنما وصف خلقه بأنه عظيم وذلك
لأنه تعالى قال له: (أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ
اقْتَدِهْ) الأنعام:90 ..، وهذا الهدى الذي أمر الله تعالى محمدا
بالاقتداء به ليس هو معرفة الله .. لأن ذلك تقليد .. وهو غير لائق بالرسول .. وليس
هو الشرائع .. لأن شريعته مخالفة لشرائعهم .. فتعين أن يكون المراد منه أمر عليه
الصلاة والسلام بأن يقتدي بكل واحد من الأنبياء المتقدمين فيما اختص به من الخلق
الكريم .. فكأن كل واحد منهم كان مختصا بنوع واحد .. فلما أمر محمد عليه الصلاة
والسلام بأن يقتدي بالكل .. فكأنه أمر بمجموع ما كان متفرقا فيهم .. ولما كان ذلك
درجة عالية لم تتيسر لأحد من الأنبياء قبله .. لا جرم وصف الله خلقه بأنه عظيم.
- وفيه دقيقة أخرى وهي قوله: (لعلى خلق عظيم) .. وكلمة (على) للاستعلاء .. فدل اللفظ على
أنه مستعمل على هذه الأخلاق ومستول عليها .. وأنه بالنسبة إلى هذه الأخلاق الجميلة
كالمولى بالنسبة إلى العبد .. وكالأمير بالنسبة إلى المأمور. (تفسير مفاتيح الغيب ج30
ص601).
#- يقصد الإمام الرازي بقوله (كالمولى بالنسبة إلى العبد ..
وكالأمير بالنسبة إلى المأمور): أي متمكنا من الأخلاق تمكينا
محكما في نفسه .. كما تمكن السيد من التصرف في خادمه والحاكم في المحكومين.. والله
أعلم.
#- وذكر الإمام الرازي قصة حدثت بين يهودي والإمام علي رضي الله عنه:
- سأل يهودي ذات يوم عن أخلاق النبي في زمن
خلافة عمر .. فأرسلوه إلى الإمام علي ..
- فسأل اليهودي الإمام علي عن أخلاق النبي ..
- فقال له الإمام علي: صف لي متاع الدنيا حتى أصف لك
أخلاقه ؟
- فقال الرجل: هذا لا يتيسر لي.
- فقال الإمام علي: عجزت عن وصف متاع الدنيا وقد شهد
الله على قلته حيث قال: (قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ) النساء:77 ..، فكيف أصف أخلاق
النبي وقد شهد الله تعالى بأنه عظيم حيث قال: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) القلم:4. (تفسير الفخر الرازي ج32
ص222 – مع تصرف واختصار في القصة).
4- قال الإمام أبو عبد الرحمن السلمي رحمه الله (المتوفى:411 هـ) -
عند قوله تعالى (فخرج على قومه في زينته) القصص:79:
- سمعت عبد الله الرازي يقول: سمعت أبا عثمان يقول وقد سأله
رجل في مجلسه: أي الزينة أجمل ؟
- قال: الأخلاق الجميلة .. لو كان
يفوقها شيء لزين بها حبيبه حيث قال: (وإنك لعلى خلق عظيم) القلم:4. (تفسير حفائق التفسير ج2 ص111).
5- وقال الإمام الطاهر بن عاشور رحمه الله (المتوفى: 1393 هـ):
- والخلق: طباع النفس .. وأكثر إطلاقه على
طباع الخير إذا لم يتبع بنعت .. وقد تقدم عند قوله تعالى: (إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ
الْأَوَّلِينَ) في سورة الشعراء:137.
- والعظيم: الرفيع القدر ..، وهو مستعار من ضخامة الجسم،
وشاعت هذه الاستعارة حتى ساوت الحقيقة.
- و (على) للاستعلاء المجازي .. المراد به التمكن .. كقوله: (أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ) البقرة:5 ..، ومنه قوله تعالى:
(إِنَّكَ
عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ) النمل:79 ..، (إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) الزخرف:43 ..، (إِنَّكَ لَعَلى
هُدىً مُسْتَقِيمٍ) الحج:67. (التحرير والتنوير ج29 ص63).
#- إلى أن قال الإمام الطاهر
بن عاشور: فهو متمكن منه الخلق العظيم في نفسه .. ومتمكن منه في
دعوته الدينية. (التحرير
والتنوير ج29 ص64).
6- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- وحينما تنظر لقوله (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) في سورة القلم .. وهي من أواخر ما نزل على النبي
قبل هجرته لمدينة أي نزلت قرابه العام الثاني عشر للبعثة .. فالمقصد من هذه الآية
عند العلماء هو ما أكتسبه النبي صلى الله عليه وسلم من توجيهات الله له في القرآن
.. فتأدب بآداب القرآن .. حتى من شدة اتباعه لهذه الآداب القرآنية وأصبحت وكأنها
طبع مخلوق فيه.
- فقد أتى القرآن بلفظ (على) الذي يفيد الإستعلاء .. وكأن النبي تمكن من هذه الأخلاق
كتمكين الفارس من ركوب فرسه .. وكأنه مستحق له هذه الأخلاق لأنه صدق في اكتسابها
والتحقق بها.. والله أعلم.
=========
#- رابعا: سيدنا محمد العالي صاحب القلب القرآني .. قال تعالى: (نزَلَ بهِ الرُّوحُ الأَمِينُ. عَلى قلْبِكَ لِتكونَ مِنَ
الْمُنذِرِينَ) الشعراء
192 – 194.
#- قال الإمام نجم الدين داية رحمه الله (المتوفى654
هـ) – عند قوله
تعالى: (قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ
نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا):
- أن الله تعالى خص النبي صلى الله عليه وسلم من سائر الأنبياء بإنزال القرآن على قلبه .. فإن جميع الكتب كان ينزل ظاهراً
جملة واحدة في الألواح والصحائف مكتوبة.
- فمن فوائد ضرورة القرآن معجزة .. بأن يُأتي بمثل هذا القرآن ..
الذي لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذه القرآن لا يأتون بمثله لآية.
- ومنها: أن القرآن لما أنزل على قلبه صلى
الله عليه وسلم أنزل عليه آية وآيات أو سورة بدفعات في مدة ثلاث وعشرين سنة من سني
النبوة .. ليتصف قلبه بأخلاق القرآن .. وما أشير إليه فيه ويتأدب بآدابه ..، كما
روي عن عائشة - رضي الله عنها - وعن أبيها حين سُئلت ما كان خلق النبي صلى الله
عليه وسلم فإن الله تعالى يقول: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) القلم:4 ..، قالت: (كان خلقه القرآن) .. كقوله تعالى في جواب الكفار
حين قالوا لولا أنزل عليه القرآن جملة واحدة قال تعالى: (كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ
فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً) الفرقان:32.
#- ومنها أن القرآن لما نزل
.. أنزل على قلبه .. صار قلبه خاشعاً خاضعاً من خشية
تعالى حتى قال: (أنا أعلمكم بالله وأخشاكم منه) ..، وهذا من خصائص إنزال
القرآن على قلبه لقوله تعالى: (لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى
جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ) الحشر:21.
#- ولو كانت التوراة أنزلت على قلب موسى عليه السلام
.. لا في الألواح .. ما
ألقى الألواح في حال الغضب ..، وما يحتاج إلى صحبة الخضر عليه السلام لتعلم العلم
اللدني. (التأويلات
النجمية ج1 ص95).
#- ملحوظة: الإشارة التي ذكرها الإمام نجم الدين .. من
أجمل ما قرات وفيها من المعرفة اللطيفة ما فيها .. لتوضيح الفرق بين الكلام المقدس
المملوء في القلب .. وبين الكلام المقدس المكتوب الألواح والأوراق.
#- قلت (خالد صاحب الرسالة) .. مما جال بخاطري:
1- قال تعالى: (نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ
بِإِذْنِ اللّهِ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى
لِلْمُؤْمِنِينَ) البقرة 97 ..
- وقال تعالى: (وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ
الْعَالَمِينَ. نزَلَ بهِ الرُّوحُ الأَمِينُ. عَلى قلْبِكَ لِتكونَ مِنَ
الْمُنذِرِينَ) الشعراء 192 – 194.
- ونفهم مما سبق .. أن الله تجلى على حبيبه بالقرآن
.. وأنزله على قلبه بواسطة جبريل عليه السلام ..
- وبما أن القرآن يحمل من التجليات المعرفة الجمالية
والجلالية والكمالية .. سواء في معرفة الأسماء والصفات الإلهية أو الأفعال
الربانية المتصرف بها في الوجود .. فلك أن تتخيل ما أنعم الله به وتجلي به على
حبيبه من فضائل وكمالات لا نهاية لها .. !!
- ولذلك وصفه الله: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) القلم:4.
- وقالت السيدة عائشة: (كان خُلُقُه القرآنُ) رواه أحمد بسند صحيح.
2- وإذا كان الله قال في حق سيدنا ومولانا محمد: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) القلم 4 .. فالخلق العظيم .. لا
يتأتي بقلب عظيم .. ولا يكون هذا القلب هكذا إلا لنزول القرآن فيه ولذلك قال تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ
الْعَظِيمَ) الحجر:87.
- فمن في الأنبياء والرسل حدث له ذلك ؟ لا
يوجد .
#- وشتان: بين إبراهيم الذي أتى ربه بقلب سليم ..
وبين سيد الانبياء والمرسلين الذي أتى ربه بقلب عظيم مملوء بالقرآن العظيم المنزل
من الرب العظيم .. وذلك ليقف بهذا القلب العظيم أمام الرب العظيم شافعا لجميع
الخلق بعز مقامه الذي أكرمه الله به وفله به على العالمين .. فكان سيدا على جميع
الخلائق.
- فهذا هو سيدنا مولانا محمد صلى الله عليه وسلم .. فهل من مقام
يعلوه أو يفوقه درجة ؟!
- وهذا هو القرآن شاهدا على علو مقامه .. فليبصر المؤمنين
وليفرحوا بمقام نبيهم صلى الله عليه وسلم.
- والله أعلم.
======
#- خامسا: سيدنا محمد العالي ذكره في الدنيا والآخرة .. قال تعالى: (وَرَفَعْنا
لَكَ ذِكْرَكَ) الشرح:4.
#- قلت (خالد صاحب الرسالة) .. مما جال بخاطري وسبق وذكرته في منتصف
الرسالة:
1- فتأمل قوله تعالى (لك)
.. لبيان خصوصية العناية والإهتمام بنبيه .. فلم يقل تعالى "ورفعنا ذكرك" .. لا .. قال (رفعنا لك) .. أي أن هذه الخصوصية هي لك أنت وحدك منفردا
وليست لغيرك.
- فرفعنا لك ذكرك في الدنيا ..
بأن لا يكتمل إيمان أحد إلا بنطق شهادة التوحيد مع إثبات النبوة لك تحقيقا
..
- ورفعنا لك ذكرك: ببقاء القرآن الذي أنزلنا عليك ليظل شاهدا لك
ودليلا عليك أنك رسول الله حقا .. فلن ينطفيء نور ذكرك في الدنيا ما بقيت الدنيا
لأننا أوجبنا على الوجود أن لا ينطفيء ذكرك فيها إذ رفعناه عن الإزالة بلزوم
الإستدامة.
- ورفعنا لك ذكرك: يا حبيبي يا محمد بدوام الصلاة عليك مني ومن
ملائكتي بدوام الوجود إلى يوم الشهود فيظل اسمك مذكورا في عوالم الملك والملكوت.
- ورفعنا لك ذكرك: في الآخرين بأنك سيد الأنبياء والمرسلين
والجميع تحت لواءك يا حبيبي يا محمد .. ورفعنا لك ذكرك بأنك أنت وليس لغيرك من
أعطيه من المحامد ما لم أعطيه أحد من خلقي من قبل لا إنس ولا جن ولا ملائكة.
- ورفعنا لك ذكرك: بأنك أول النبيين في البطون (عالم الأرواح)
وخاتم النبيين في الظهور (عالم الأجسام) .. وأول من يأذن الله له في الشفاعة يوم
العرض عليه.
- فمن من الأنبياء والرسل كان له مثل ما لنبينا من مقام التفضيل في علو
ذكره في الدنيا والآخرة الذي أعطاه الله لنبينا في القرآن ؟
- لا يوجد .. إذ أقصى ما يوجد هو رفع درجة سماوية كما حدث
مع إدريس .. ولكن هذا يشترك فيه عموم الانبياء والرسل .. ولكن لو على رفعة الأماكن
فلم يصل أحد إلى ما وصل إليه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في حضرة الخصوصية مع
رب العالمين عند العرش حين تجلى عليه ربه بنوره وأوحي إليه ما اوحاه وكان مما
أوحاه هو الصلوات الخمس.
- والله أعلم.
========
#- سادسا: سيدنا محمد يصلي عليه الله وملائكته .. قال تعالى: (إِنَّ
اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ) الأحزاب:56.
#- قلت (خالد صاحب الرسالة) .. مما جال بخاطري:
- إذا كان الله تجلى على الأنبياء بخصوصية عطاء في
زمنهم .. فالله تجلى على النبي محمد بخصوصية عطاء في كل الأزمان إذ قال جل شأنه: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ)
الأحزاب:56.
- وصلاة الله على نبيه سواء في
حياته أو مماته .. هي في مجملها تجليات خصوصية لنبيه صلى الله
عليه وسلم .. أي مظاهر عطاءات خاصة يظهر الله بها على نبيه ليكرمه بها عناية من
الله وحبا له .. ففي الدنيا كان الله لازال متجليا عليه بالقرآن .. وفي برزخه
أعطاه خصوصية رد السلام على أمته .. وفي الآخرة سيكون من متجليا عليه بكونه أول شافع لجميع الخلق وأول
مشفَّع في أمته ويفتح عليه بمحامد لم يسمع بها الخلائق من قبل .. وغير ذلك من
تجليات لا يعلمها إلا هو جل شأنه.
- أما عن صلاة الملائكة على النبي
.. فهم يصلون عليه كمظهر من مظاهر الله بالتجلي على نبيه ..
فليس لهم تجلي خاص من ذاتهم وإنما بإذن من ربهم .. فهم أيضا يتجلون على النبي أي
يظهرون عليه دائما وأبدا بالرحمة والتأييد والكرامة والترحيب .. وفي برزخه تبليغه
السلام من أمته وتبليع أمته السلام منه .. وغير ذلك مما لا يحيط العقل بإدراكه ..
وإنما قد تستوعبه بعض القلوب بقدر استعدادها.
- والمهم الآن: من أعطاه الله من الأنبياء هذا العطاء في
القرآن من كون الله وأنبياءه لازالوا يصلون عليه ؟!!
- لا يوجد .
- فكيف يقال: أن الله لم يتفضل على نبيه في القرآن بما لم
يعطيه لغيره من الأنبياء ؟!!
======
#- سابعا: نداء القرآن على النبي دائما بعز مقامه عنده وليس باسمه .. قال تعالى: (يَا
أَيُّهَا النَّبِيُّ) الأنفال:64 ..، أو (يَا
أَيُّهَا الرَّسُولُ) المائدة:67.
- مما ذكره العلماء .. أن الله لم ينادي في القرآن على النبي محمد صلى الله عليه وسلم
باسمه أبدا .. فما ناداه إلا بعز مقامه عنده تشريفا له لبيان علو منزلته عنده .. فقال
له (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ) الأنفال:64
..، أو (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ)
المائدة:67.
- وخاطب الأنبياء بأسمائهم: (قال يَا آدم أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ) البقرة:33 ..، (قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ) هود:46 ..، (وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ) الصافات:104 ..، (يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ) النمل:9 ..، (قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ) آل عمران:55.
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- فشتان: بين من ناداه مولاه بوصف الخصوصية تشريفا له
لعلو مقام النبوة .. وبين من ناداه مولاه باسمه فساواه في مناداته له قبل النبوة
وبعد النبوة.
- فما نادى الله على النبي محمد في القرآن بعز مقامه عنده ..
إلا لبيان علو مقامه عنده وعظيم منزلته ومكانته ومقامه ..
#- وكأن الله يقول في القرآن لنا: إذا كان هذا هو تمييز حال النبي محمد من ربه
في النداء .. فمقامه بلا ريب في الدرجة والأفضلية يعلو على جميع الرسل والأنبياء..
فافهموا.
- والله أعلم.
======
#- ثامنا: سيدنا محمد النبي الأمي الواجب اتباعه فرضا
واجبا من موسى وعيسى وأتباعهم
.. قال تعالى: (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ
الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ) الشرح:4.
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- أنه لما عبد قوم موسى العجل وذهب موسى ومعه
سبعين رجلا من صالحي اليهود وكلم ربه فناجاه طالبا للعفو والغفران .. فقال تعالى ردا على موسى:
(قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ
وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ
وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (156) الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ
النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي
التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ
عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ
الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ
عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا
بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ
الْمُفْلِحُونَ (157) قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي
لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ
النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ
وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)
الأعراف:156-158.
1- فكان مما ذكره الله لموسى هو التذكير باتباع النبي الأمي
وذكر له أوصافه .. ومن بعده عيسى قد ذكر أوصافه أيضا في الإنجيل.
- فمن يطلب رحمة الله الواسعة
وكان مؤمنا حقا من أتباع موسى وعيسى .. فهو الذي يؤمن بالأمي والأمي والقرآن .. إذ
أن الجحود بنبوة النبي الأمي وجحود القرآن .. هو جحود للإيمان بالله ..
- ومن لم يتبع النبي الأمي
والقرآن .. فهو ليس من المفلحين بل من الخاسرين .. وليس من المهتدين
بل من الضالين.
#- وليس بعد كلام الله كلام .. في أن موسى وعيسى مأمورين هما وأتباعهما كلهم
.. مأمورين أن يؤمنوا بالنبي محمد وبالقرآن .. وأن يوقروا هذا النبي الأمي وجوبا
وفرضا .. ويؤيدوه ويحموه وينصروه بكل وسيلة ممكنة ولو بكلمة .. فهؤلاء هم الفائزون
برحمة الله الواسعة ولهم الكرامة من الله .. وإلا فلهم خلاف ذلك.
2- ووصفه الله جل شأنه بالنبي
الأمي: بعلامة ظاهرة فيه حين بعثته وهو أنه ما كان يعرف القرآءة
والكتابة في أمته التي يبعث فيها.
#- ومعنى الأمي من حيث الإشارة: فيقال هو الأمي للمؤمنين لأنه الأصل الواجب
اتباعه لمن أراد الهداية ورضا الله عليه وإكرامه.
- وهو الأمي أي الأصل المقصود الجناب من الخلق والرسل
والأنبياء ليشفع لهم عند ربهم لبدأ الحساب.
=======
#- وخلاصة
القول أخي الحبيب:
- كيف بعد ما سبق من أدلة
قرآنية .. يأتي البعض ويساوي بين الأنبياء في الدرجات والمقامات ..
ويكذب فيقول بأن القرآن لم يرفع من فضل النبي محمد ولم يميزه على غيره من الأنبياء
في القرآن ؟!!
- فقوله بهتان عظيم وشهادة زور على
القرآن .. وكذب على الله في كتابه .. ونرجو لهم التوبة إن كانوا مؤمنين.
#- ملحوظة:
- لم أذكر من القرآن إلا ما فيه مقام مميز للنبي محمد صلى الله عليه
وسلم في القرآن ولم يحظى به غيره أحد على وجه العموم من أصحاب الرسالات والنبوة ..
وقد اكتفيت بما ذكرته .. وإلا فيوجد غير ذلك مثل أن الله وصفه باسمين من أسمائه قد
وصف الله بهما نفسه في كتابه .. فقال جل شأنه عن نفسه (إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ
رَحِيمٌ(
الحج:65 ..، وقال عن النبي: (بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ) التوبة:128.
- ويوجد غير ذلك كثير في القرآن .. ولكن اكتفيت بما ذكرته .. إذ أن ما ذكرته يكفي لتثبيت أصحاب القلوب المؤمنة بمعرفة مقام نبيها صلى الله عليه وسلم في القرآن .. والله ولي التوفيق.
اللهمّ صلّ على النبيّ محمّد ما أحلاه – المُتَجَلَّى عليه بالنور عند الله – فأوحى الله إليه ما أوحاه .. وعلى آله وسلم
ردحذفاتحفتنا وامتعتنا استاذنا الفاضل
احبك الله ورسوله صلى الله عليه وسلم
آمين يارب العالمين
ماشاء الله تبارك الرحمن
ردحذفموضوع جميل وملامس للقلب جدا
جزاك الله كل خير استاذنا الفاضل وأمدك بمدده وفتح عليك بكل خير وجعل نصيبا وافرا من رحمة النبي صلى الله عليه و سلم بحق كل حرف كتبته بقلبك يارب
------------
مقتطف من الموضوع:
🌹- قوله تعالى عن نبيه (رحمة للعالمين) .. فالرحمة هنا حال مبالغة في أن الله جعله نفس الرحمة .. وهذا معناه أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم موصوف بكونه رحمة ذاتية ..
🌹- وكأن الرحمة تجسدت في صورة إنسان ومنحها الله للبشرية ليكون سببا لإخراجهم من ظلمات الوهم والضلال إلى نور الحق والجمال
🌹- شتان بين من يرسله الله برحمة .. وبين من جعل الرحمة وصفا ذاتيا له ومختص به .. وكأن الله وصفه وصفا قد أفرده به دون الخلق جميعا.
الأستاذ خالد أبوعوف
------------
اللهم صل على سيدنا محمد صلاة حب موصولة من القلب إلى القلب وعلى آله وسلم