بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة
قصة نبي الله لوط عليه السلام
مع قومه الشواذ جنسيا بالمثلية
اللُّواطِيُّون والسُّحَاقيَّات
(الجزء الثامن)
:: الفصل الثامن :: عن منهج دعوة لوط لقومه عليه السلام ::
1- س19: ماذا كان منهج النبي لوط في دعوته قومه إلى طريق الله وترك
شذوذهم الجنسي ؟ وهل كان النبي لوط أخوهم بالنسب لأن الله قال (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسانِ قَوْمِهِ
لِيُبَيِّنَ لَهُمْ) ؟
#- (طريقة علاج الذي انحرف بالشذوذ
الجنسي).
2- س20: ما الذي أفاده قول
النبي لوط لقومه (ألا تتقون) ؟
#- أولا: معنى قول لوط لقومه (أَلَا تَتَّقُونَ).
#- ثانيا: المقصد من الإستفهام بلفظ (ألا).
#- ثالثا: دلالة أسلوب جملة (أَلَا تَتَّقُونَ).
3- س21: ما الذي أفاده قول النبي لوط (إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ) ؟
4- س22: لماذا حذفت
الياء من عموم القرآن عند قول الأنبياء لقومهم (أطيعون)
ومن ذلك قول لوط لقومه (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ) ؟
#- أسقط ياء النفس وألِف الكبر حتى يستقيم قلبك مع ربك .. (على سبيل
الإشارة)
5- س23: ما الذي دل عليه قول النبي لوط (وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا
عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ) ؟ وما فائدة قوله (عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ) ؟
*****************
:: الفصل الثامن
::
******************
..:: س19: ماذا كان منهج النبي لوط في
دعوته قومه إلى طريق الله وترك شذوذهم الجنسي ؟ وهل كان لوط أخوهم بالنسب لأن الله
قال (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسانِ
قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ) ؟ ::..
#- (طريقة علاج الذي انحرف بالشذوذ
الجنسي).
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
1- كان سبب ذهاب لوط عليه السلام إلى قرية سدوم هو
أن الله قد أمره بذلك .. إذ قد أرسلة الله جل شأنه إلى هذه القرية .. كما قال
تعالى: (وَإِنَّ لُوطًا لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) الصافات:133.
2- وحينما بدأ لوط عليه السلام دعوته إلى قومه .. فقد
حكى لنا جل شأنه عن ذلك فقال: (قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ
لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ (161) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (162) فَاتَّقُوا
اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (163) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ
أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ) الشعراء:162-164.
#- فكان منهج لوط في دعوته قائم على توجيهين:
- الأول: تحريض قومه على تقوى الله .. أي يحرك فيهم غريزة الخوف من عواقب ما
يفعلونه .. لأن خالقهم لا يرضى بما يفعلوه.
- الثاني: طاعته كرسول من الله .. حتى يرشدهم إلى ما فيه الخير لهم لأنه
الواسطة بين الله وبينهم وهو من سيخبرهم بمراد الله منهم وكيف سيرتقي بنفوسهم عما
هم عليه .. لأن خالقهم هو أعلم بتغييرهم .. ولكن شرط أن يجعلوا عزيمتهم هي طلب
الله .. وذلك كما قال تعالى (إِنَّ
اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) الرعد:11.
- والتغيير للرجوع إلى الله يستوجب عزيمة .. والعزيمة هو
ثبات على فعل شيء مهما ضايقته الأسباب .. لأن المضايقة جزء من اختبار الإنسان
لبيان صدق عزيمته في التوجه إلى الله.
#- إذن: نفهم
شيء مهم جدا من منهج لوط عليه السلام في إرشاده لقومه .. أن هذا الفعل بالرغم من تعلق النفس به .. إلا أنه يمكن
للإنسان أن يتوقف عن هذه المعصية لو أراد ذلك .. لأن الله لا يكلف نفس إلا بما
تستطيع فعله أو تركه .. وأن ما يفعله قوم لوط ليس مرض عضال أو لا قدرة للإنسان على
منعه والتوقف عنه أو جين متمكن من تركيبة الإنسان كما يقول بعض الكذابين.
3- (طريقة
علاج الذي انحرف بالشذوذ الجنسي):
- أجد في الآيات السابقة طريقة العلاج من هذه الشهوة
المذمومة من خلال منهج لوط عليه السلام .. أي أن منهج لوط في الإرشاد هو نفسه طريق
العلاج لكل مبتلى بابتلاء الشذوذ الجنسي أو المثلية الجنسية .. من خلال الآتي:
أ- اليقظة العقلية .. فبداية
طريقة العلاج من هذا الطمع النفسي لهذه الفاحشة .. هو تنشيط العقل بما يمكن أن
يفكر فيه وينتبه له .. فتقوم بتنشيط عقلك من خلال إحداث حالة يقظة بأنك ملاقي الله
يوم القيامة في أي لحظة .. فماذا ستقول له وأنت تعلم أن من يأتيه بهذه الفاحشة
يلقاه الله وهو غاضب عليه .. ومن يغضب الله عليه فالرحمة تكون بعيدة عنه لأنه لابد
أن يعاقب على ما فعله من عصيان بحبه لهذه الشهوة .. وهل هذه الشهوة تستحق أن تحرق
نفسك بنار جهنم .. وتحرم نفسك من جنة الله ؟!! فأين عقلك ؟!! إذن عليك بتقوى الله
أي تتجنب غضب الله عليك .. بالتوقف عما تفعله من عصيان وتطلب منه الغفران على ما
سبق فعله .. والله غفور رحيم.
ب- اتباع خاتم النبيين: هو الطريق الثاني للعلاج من خلال اتباع توجيهات وتعاليم سيدنا محمد
صلى الله عليه وسلم .. لأنه خاتم النبيين والمرسلين وهو النبي الوحيد الذي لازلت
لدينا تعاليمه ووجوب العمل بالقرآن الذي هو كلام الله الناطق في كل الأزمنة بما
فيه حياتك ومصلحتك .. فتتبع سيدنا محمد حتى تنال محبة الله وغفرانه إذ قال جل
شأنه: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي
يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
آل عمران:31 .. وفي اتباعك للنبي ستتعلم من النبي دعوات مهمة تعينك وتثبتك على
الطريق ومن ذلك .. كما جاء عَنْ عَبْدِ اللَّهِ
"بن مسعود" .. أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ
يَقُولُ: (اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ،
وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ) رواه البزار .. وصححه الهيثمي في مجمع الزوائد.
4- ونلاحظ من الآيات السابقة .. أن القرآن بدأ بتوضيح أن لوط عليه السلام (أخوهم) .. أي أخوهم في الوطن وليس أخوهم في النسب كما
سبق وأوضحنا ذلك .. ودل لفظ (أخوهم) على طول الفترة الزمنية التي قضاها لوط عليه
السلام في قومه يدعوهم .. إذ أن اكتساب لفظ الأخوة يتطلب زمنا حتى يصبح الشخص
وكأنه من أهل هذا الموطن الذي استقر فيه زمنا.
#- قال
الإمام إبراهيم بن عمر البقاعي رحمه الله (المتوفى:855 هـ):
- (قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ): أي في السكنى في البلد لا في
النسب لأنه ابن أخي إبراهيم عليه السلام، وهما من بلاد الشرق من بلاد بابل - وكأنه
عبر بالأخوة لاختياره لمجاورتهم، ومناسبتهم بمصاهرتهم، وإقامته بينهم في مدينتهم
مدة مديدة، وسنين عديدة، وإتيانه بالأولاد من نسائهم، مع موافقته لهم في أنه قروي.
(تفسير نظم الدرر ج14
ص80).
#- وكذلك قال
الإمام البقاعي عن قول قوم لوط إلى لوط: (لتكونن
من المخرجين): أي ممن أخرجناه من بلدنا على وجه فظيع تصير
مشهوراً به بينهم .. إشارة
إلى أنه غريب عندهم. (تفسير نظم الدرر ج14 ص82).
#- قال
الإمام الطاهر بن عاشور رحمه الله (المتوفى:1393 هـ):
- وجعل لوط أخا لقومه ولم يكن من نسبهم .. وإنما كان نزيلا فيهم .. إذ كان
قوم لوط من أهل فلسطين من الكنعانيين .. وكان لوط عبرانيا .. وهو ابن أخي إبراهيم
.. ولكنه لما استوطن بلادهم وعاشر فيهم وحالفهم وظاهرهم .. جعل أخا لهم.
- وقال تعالى في الآية الأخرى (وَإِخْوانُ لُوطٍ) ق:13 ..، وهذا من إطلاق الأخوة
على ملازمة الشيء وممارسته. (التحرير والتنوير ج19 ص178 - مختصرا).
5- ملحوظة: لوط عليه السلام لم يكن كنعانيا من الشام ..
وإنما كان كلدانيا من بابل بالعراق .. فلا يمكن أن يكون أخوهم نسبا .. وإن كان من
الممكن أن تكون اللغة قريبة جدا لتقارب المسافات بين الأردن والعراق .. ولكن لا
يمكن ان يكون اخا لهم في النسب .. وهذا ما انتبه له الإمام البقاعي وبن عاشور
رحمهما الله .. والله أعلم.
6- ملحوظة أخرى: قول بعض المفسرين أن لوطا
كان أخوهم بالنسب .. فهذا خطأ .. لأن لوطا بابليا وقريته كنعانيون من أهل الشام ..
ولو كان أخوهم لكان عاد إلى قومه ببابل حينئذ التي هاجر منها هو وإبراهيم كما
اخبرنا القرآن .. ولكن رجوعه لقريته لم يحدث .. ولم يثبت ان قوم إبراهيم ولوط كانوا
لواطيين بل وثنيين .. فكيف يصح القول أن لوطا كان أخا بالنسب في قريته التي ذهب
إليها ؟!! بل لا يصح ذلك .. بل هو أخا لهم بالمواطنة بينهم فترة من الزمن .. وقد
أوضح ذلك لفظ (إخوان لوط) في سورة ق:13.
#- وقد سبق مناقشة مسألة الأخوة .. في الفصل الثالث من الرسالة عند السؤال: (س6:
لماذا القرآن يحكي عن قرية سدوم بأنهم (قوم لوط)
أو (إخوان لوط) في حين أنهم ليسوا من قوم
لوط ولا هم إخوانه ؟).
7- قد يقول قائل .. قال تعالى: (وَما
أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ) إبراهيم:4.
- فلو لم يكن لوط النبي أخوهم من بينهم فعلا .. لكان ذلك مخالفا للآية حينئذ .. لأن الآية
تقول أن كل رسول كان يتكلم بلسان قومه .. فدل هذا على أن لوط أخوهم نسبا فعلا.
- قلت (خالد صاحب الرسالة): هذا اعتراض فيه نظر .. لأن معرفة لسان القوم لا تستوجب أن يكون
مولودا فيهم .. وذلك حال من يتحدثون الإنجليزية بطلاقة وهم عرب .. أما بالنسبة
للوط فلعل قرية سدوم كانت تتكلم بالكلدانية البابلية لأن الحدود بين قرية سدوم
بالأردن وبابل بالعراق قريبة من بعض لأنها أراضي متجاورة وإن كان يفصلها مسافة
ولكن الشاهد من الكلام أن البلدان متجاورة فقد تكون اللغة واحدة في المكانين حينئذ
.. أو فرق لهجات مثل الدول العربية ولكن اللغة واحدة .. أو قد عرف لغتهم معرفة
تامة نتيجة سكنه بجوارهم عند إبراهيم في الشام فترة طويلة وكان يمارس التجارة معهم
قبل أن يتم إرساله إليهم .. أو قد يكون الله أوحى إليه معرفة لغتهم فعرفها في نفسه
بكن فيكون دون تعليم بل تلقين من القدرة الإلهية .. والله أعلم.
#- وخلاصة القول:
1- أن لوط عليه السلام كان منهجه قائم على تحريض قومه على تقوى الله
.. ووجوب تقوى الله وطاعة رسول الله الذي هو لوط عليه السلام ..، وذلك حتى يتوقفوا
عن كفرهم ويتركوا المفاسد والفاحشة التي يفعلوها في قريتهم.
2- هذا المنهج من سيدنا لوط .. هو طريقة العلاج لكل من يريد الرجوع عن طريق
الشذوذ الجنسي أو المثلية الجنسية .. بأن يتقي الله ويتذكر لقاء الله وهو غاضب
عليه وأنه سيحاسبه على ذلك حسابا شديدا إن لم يتب عما يفعله .. ويتبع تعاليم
الأنبياء وفي زماننا يتبع النبي محمد صلى الله عليه وسلم في الأخلاق والإلتزام مع
الله .. لأنه خاتم النبيين وسيد المرسلين وقد أنزل عليه القرآن الذي هو كلام الله
الحق الذي لم يتغير ولم يتبدل تنزيل من حكيم عليم.
3- وأن لوط عليه السلام لم يكن من نسب قرية سدوم .. وإنما كان منسوبا
لهم لعشرته فيهم وكان يتكلم بلغتهم .. والتكلم بلغة قوم ليس دليلا ليكون نسيبا
منهم ومولودا فيهم..، فضلا عن أن لوط من بابل
العراق .. وقرية سدوم من الأردن ..!!
- والله أعلم.
****************
..:: س20: ما الذي أفاده قول النبي لوط لقومه (ألا تتقون) ؟ ::..
- قال تعالى: (قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ
لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ (161) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (162) فَاتَّقُوا اللَّهَ
وَأَطِيعُونِ (163) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا
عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ) الشعراء:162-164.
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- السياق القرآني السابق في دعوة النبي
لوط لقومه .. قد تكرر في سورة الشعراء عدة مرات بنفس الأسلوب وعموم الألفاظ .. مع اختلاف
اسم النبي .. فمرة مع نوح .. ومرة مع هود .. ومرة مع صالح .. وأخيرا مرة مع لوط ..
عليهم السلام جميعا.
- وحينما يبدأ السياق القرآني بقول الأنبياء لقومهم (ألا تتقون) .. فهذا استفهام يقصد منه شيء ويدل على شيء.
#- أولا: معنى قول لوط لقومه (ألا تتقون).
- قال الإمام إبراهيم بن عمر البقاعي رحمه الله
(المتوفى: 885 هـ) ..حين فسر قول نوح (ألا
تتقون) كما قالها لوط أيضا لقومه:
- (ألا تتقون): أي تكون لكم تقوى .. وهي خوف
يحملكم على أن تجعلوا بينكم وبين سخطه وقاية بطاعته بالتوحيد وترك الالتفات إلى
غيره. (تفسير نظم الدرر ج14
ص62).
- وفسرها بأسلوب آخر فقال رحمه الله: أي تخافون الله فتجعلوا بينكم
وبين سخطه وقاية. (تفسير
نظم الدرر ج14 ص80).
#- ثانيا: المقصد من الإستفهام بلفظ (ألا).
أ- يقصد منه التوبيخ والإنكار عليهم .. وذلك لبيان
امتناعهم عن قبول دعوة الحق .. وكأنه يقول لهم: ما الذي يمنعكم عن التقوى ؟
ب- ويقصد منه في نفس الوقت .. التحريض على تقوى الله .. وكأنه يقول لهم: عليكم
أن تتقوا الله .. وذلك حتى لا ينزل بكم العقاب الأليم جزاء كفركهم وفاحشتكم
ومنكركم الذي تفعلوه.
#- ومن أقوال العلماء فيما سبق بيانه:
أ- قال الإمام الطاهر بن عاشور رحمه الله (المتوفى:1393
هـ) .. في أحد رأيان ذكرهما حول لفظ (ألا):
- (ألا): فهو استفهام عن
انتفاء تقواهم .. مستعمل في الإنكار .. وهو يقتضي امتناعهم من الامتثال لدعوته. (التحرير والتنوير ج19 ص158).
ب- قال الإمام محمد أحمد مصطفى - أبو زهرة رحمه الله (المتوفى: 1394
هـ):
- وقوله: (أَلَا تَتَّقُونَ) (ألا) للتحريض والحث علي التقوى .. وما
أجدر كل منكر جبار .. أن يطالب بالتقوى .. واتخاذ وقاية لأنه يكون مغرورا .. وكل
من يتدلى بالغرور .. يطالب باتخاذ وقاية ليمتلئ بالتقوى ووراء التقوى الإيمان. (زهرة التفاسير ج10 ص5377).
#- ثالثا: دلالة أسلوب جملة (ألا تتقون).
1- قال الإمام
الطاهر بن عاشور رحمه الله (المتوفى:1393 هـ) عند تفسيره لقول نوح لقومه (ألا تتقون) كما قالها لوط لقومه:
- ويظهر أن قوله: (ألا تتقون) .. صدر بعد أن دعاهم من قبل
وكرر دعوتهم إذ رآهم مصرين على الكفر (التحرير
والتنوير ج19 ص158).
- إذن: من ملاحظة الإمام بن عاشور رحمه الله .. كذلك
يقال في قول لوط لقومه (ألا تتقون) .. يظهر
من وراء أسلوب قوله (ألا تتقون) .. أنه
كان قد سبق حوار متكرر بين لوط وبين قومه .. وإلا ما كان طالبهم بالتقوى .. لأنه
لابد أن يكون عرفهم بالله وأرشدهم إليه .. ولذلك قال لهم (ألا تتقون) وكأنه يقول لهم: عرفتكم إلى الله خالق
الوجود مرارا وتكرارا .. فلماذا لا تدخلون في وقاية أنفسكم من غضب الله فتؤمنون به
وتتوقفوا عما تفعلوه.
- ويدل على أن أسلوب (ألا تتقون)
هو متكرر من لوط إليهم .. هو حذف اسم الله من الآية الأولى .. وكأنهم يعرفون مسبقا
مقصد لوط بالمراد منهم أن يتقوه حينما قال لهم (ألا تتقون) .. أي تتقون خالق
الوجود الذي طالما حدثتكم عنه.
- ويدل على أن أسلوب (ألا تتقون)
هو متكرر من لوط إليهم .. هو ما جاء بعد آيات إذا قوم لوط إلى لوط: (قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ)
الشعراء:167..، فدل هذا على أن دعوة لوط لقومه كانت مستمرة دون انقطاع حتى أنهم سأموا منه وتوعدوه بطرده من القرية.
2- وكذلك أفهم من قول لوط لقومه (ألا تتقون) .. تنشيط ملكة العقل فيهم .. بأن على
العاقل أن يتخذ وقاية لنفسه مما قد يؤذيه ويضره .. وكأنه يقول لهم ألا تعقلون
فتتقون ما سيحدث لكم من أذى وضرر وعذاب ؟!! .. ولذلك اكتفى بلفظ التقوى لأن العاقل
يتخذ لنفسه وقاية مما قد يؤذيه.
3- وكذلك أفهم من قول
لوط لقومه (ألا تتقون) .. مدى اهتمام لوط
بقومه وعدم انقطاع رجاءه في قومه بالرغم من جحودهم وإنكارهم المستمر .. إلا انه
مستمر في دعوتهم دون يأس منه ولا ملل.. وهذا حال جميع الأنبياء الذين سبق ذكرهم قبله
في سورة الشعراء وقالوا بمثل قوله وهم (نوح وهود وصالح).
4- وكذلك أفهم من قول لوط لقومه (ألا تتقون) .. مدى انزعاج لوط مما يفعلونه من فواحش
وكفر في حق الله جل شأنه .. ولذلك يحاول أن يشعل فيهم يقظة الضمير بالخوف من
العذاب .. لعل أحد منهم يفيق ويستخدم عقله ويقول ماذا لو كان ما يخبرنا به لوط عن
ربه هو حق ..، ولكنهم منعوا العقل عن أن يفكر في تحذير لوط عليه السلام .. لأنهم لا
يريدون إلا الإستمرار على ما تهواه أنفسهم.
- والله أعلم.
*******************
..:: س21: ما الذي أفاده قول النبي لوط (إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ -
فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ) ؟ ::..
- قال تعالى: (قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ
لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ (161) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (162) فَاتَّقُوا اللَّهَ
وَأَطِيعُونِ (163) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا
عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ) الشعراء:162-164.
1- قال الإمام إبراهيم بن عمر البقاعي رحمه الله (المتوفى:885
هـ):
- (ألا تتقون) أي تخافون الله فتجعلوا بينكم وبين سخطه
وقاية.
- ولما كان مضمون هذا الدعاء لهم
والإنكار عليهم في عدم التقوى .. علل ذلك بقوله: (إِنِّي لَكُمْ) أي خاصة (رَسُولٌ أَمِينٌ) أي لا شيء من غش ولا خيانة عندي.
- ولذلك سبَّبَ عنه قوله: (فَاتَّقُوا اللَّهَ) أي لقدرته على إهلاك من يريد
وتعاليه في عظمته (وَأَطِيعُونِ) أي لأن طاعتي سبب نجاتكم ..
لأني لا آمركم إلا بما يرتضيه. ولا أنهاكم إلا عما يغضبه.
- ولما أثبت الداعي إلى طاعته
.. نفى الناهي عنها فقال: (وما أسئلكم
عليه): أي الدعاء إلى الله (من أجر): أي فتتهموني بسببه. (تفسير نظم الدرر في تناسب الآيات والسور ج14 ص80).
2- قال الإمام محمد أحمد مصطفى - أبو زهرة رحمه الله
(المتوفى:1394 هـ) عن تفسير مقولة نوح
لقومه (إني لكم رسول أمين) .. وهي نفس مقولة لوط
لقومه:
- أكد رسالته لهم بـ (إِنِّ) المؤكدة ..، وتقديم الجار والمجرور (لَكُمْ) أي لكم خاصة.
- ووصف نفسه بالأمانة .. والأمانة تقتضي ألا يكذب على
اللَّه .. فيدعى عليه الرسالة وهو لم
يرسله .. وتقتضي الأمانة فيما يخبرهم .. ومع الأمانة الرعاية والمحبة والإخلاص
لهم، والبر بهم.
- ولأنه رسولهم الذي أرسل إليهم .. طالبهم بتقوى اللَّه والطاعة
فقال: (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ) أي أطيعوني ..، لأن هنا ياء
المتكلم مقدرة في القول بدليل كسر النون المنبئ عنها.
- والفاء في قوله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ) لترتيب ما بعدها على ما قبلها
.. أي بسبب أن الرسول أمين لكم اتقوا اللَّه وأطيعون. (زهرة التفاسير ج10 ص5378- 5377 -
مختصرا).
3- قال الإمام الطاهر بن عاشور رحمه الله (المتوفى:1393
هـ) أثناء تفسيره لقول نوح مع قومه وهو نفس ما قاله لوط لقومه .. فمما ذكره:
- جملة: (إني لكم رسول أمين) تعليل للإنكار أو للتحضيض .. أي كيف تستمرون
على الشرك وقد نهيتكم عنه .. وأنا رسول لكم .. أمين عندكم.
- وتأكيده بحرف التأكيد .. مع عدم سبق
إنكارهم أمانته .. لأنه توقع حدوث الإنكار .. فاستدل عليهم بتجربة أمانته قبل
تبليغ الرسالة .. فإن الأمانة دليل على صدقه فيما بلغهم من رسالة الله.
- ويحتمل أن يراد به أمين من جانب الله
على الأمة التي أرسل إليها. (التحرير والتنوير ج19 ص158- مختصرا في كلامه).
4- قال الإمام محمد سيد طنطاوي رحمه الله (المتوفى:1431 هـ) أثناء تفسيره لقول نوح مع قومه وهو نفس ما
قاله لوط لقومه .. فمما ذكره:
- قال لهم ناصحا ومنذرا (أَلا تَتَّقُونَ) أي: ألا تتقون الله- تعالى- الذي
خلقكم ورزقكم، فتخلصوا له العبادة وتتركوا عبادة غيره.
- ثم علل نصحه لهم بقوله كما حكى القرآن
عنه: (إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ) آمركم بتقوى الله- تعالى- لأنى
رسول معروف بينكم بالأمانة وعدم الخيانة أو الغش أو المخادعة.
- وما دام أمرى كذلك: (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ). (التفسير الوسيط ج10 ص262 - مختصرا).
#- وخلاصة القول:
- أن قول لوط عليه السلام لقومه (ألا تتقون . إن لكم رسول أمين) أي إذا كنت أطالبكم بتقوى الله
.. فإنما ذلك لأني رسول الله إليكم .. وقد كنت أمينا فيكم وتعرفون ذلك عني .. ومن
هو معروف بالأمانة فلا يخون ولا يكذب .. وبالتالي لا يمكن أن أكذب على الخالق وأزعم
أني رسول منه بدون وجه حق .. ولا يمكن أن أكذب عليكم وقد كنت فيكم تعلمون حالي
معكم وهو الأمانة.
- وإذا كان هذا هو حالي قد عرفتموه بالأمانة .. فاتقوا الله وأطيعوني فيما
أرشدكم إليه .. وهو تقوى الله من خلال الإيمان به .. وترك الفاحشة التي تفعلوها
وما ترتكبونه من منكرات.
- والله أعلم.
******************
..:: س22: لماذا حذفت الياء من عموم
القرآن عند قول الأنبياء لقومهم (أطيعون) ومن ذلك قول النبي لوط لقومه (فَاتَّقُوا
اللَّهَ وَأَطِيعُونِ) ؟ ::..
(على
سبيل الإشارة)
- قال تعالى: (قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ
لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ (161) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (162) فَاتَّقُوا اللَّهَ
وَأَطِيعُونِ) الشعراء:162-163.
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- من الملاحظ أن كلمة قول لوط: (أطيعون) أتت بحذف حرف الياء من آخرها ..،
علما بأن كلمة (أطيعون) ورد في المصحف أحدى عشر مرة وجميعها بحذف الياء.
- وحاولت أن أجد الحكمة من وراء حذف الياء .. فوجدت آراء كلها تجتمع في أن سبب الحذف هو: " للتخفيف ..، ولتجميل الفاصلة القرآنية بين الآيات مع بقاء
الكسرة دليلاً على الياء المحذوفة".
- وما سبق فيه إشارة طيبة لسبب حذف الياء ..،
ولكني طمعت في مزيد من معرفة الحكمة وراء حذف الياء من كلمة (أطيعون) التي يذكرها الانبياء لقومهم
في عموم القرآن.
#- فاجتهدت في فهم ذلك من خلال سياق الآيات .. فخطر ببالي الآتي:
- أن حذف الياء من لفظ (أطيعون) .. كأن الله أراد أن يوضح لنا
أن هذه الطاعة ليست طاعة لذات النبي من نفسه كمطلب شخصي له .. لا .. فتم حذف الياء
ليظل أصل الطاعة هو لله وليس لغيره .. وكأن النبي يقول أطيعوا ما أرشدكم إليه ليس
طاعة لنفسي وإنما طاعة لربي .. ولذلك تم إسقاط ياء النفس عن الأنبياء في طلب
الطاعة من أقوامهم لبيان أن هذه الطاعة ليست طاعة لذات النبي وإنما طاعة لرب
النبي.
- ولذلك حينما قال لوط عليه السلام (أطيعون) .. تم حذف الياء لدلالة أن طلب لوط
أن يطيعوه إنما هي طاعة لربه في الأصل وليس طاعة عن رغبة يطلبها منهم لنفسه .. ويؤيد
ما ذهبت إليه الآية التي أتت بعدها وهو قول لوط: (وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ
أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ) .. والله أعلم.
#- دعني أهمس لك أخي الحبيب – فاقترب بقلب
وافهم:
- من تعلق قلبه بمولاه فقال (الله ربي) .. كان حاله نبوي: (اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ
وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) الشوري:10 .. ومن كان حاله نبوي فقد
فتح طريقا إلى السماء لقبول دعاءه لأنه أسقط حينئذ عنه ياء (نفسي - أسبابي) .. إذ
لو كان معتقدا في نفسه أو في الأسباب .. لقال كما قال قارون (أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي) القصص:78 ..، ولما كانت خطيئة
قارون أنه أثبت الياء لنفسه بقوله (عندي) .. ولم ينسبها لربه .. خسف الله
به وبماله الأرض (فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ
فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ
الْمُنْتَصِرِينَ) القصص:81.. والله أعلم.
#- فانتبه
وتأدب أخي الحبيب وأسقط ياء النفس وألِف
الكبر حتى يستقيم قلبك مع ربك .. واعلم:
- أن من أسقط ياء النفس وألِف الكِبر .. استقام قلبه مع ربه .. وتذوق في قلبه
معنى (ربي) و معنى (الله أكبر).
#- شرح:
أ- ياء النفس ما تنسبه لنفسك كما قال قارون: (أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي) القصص:78 ..، وتنسى أو تتجاهل فضل ربك.
ب- وألف الكبر إشارة للحرف الأول من كلمة (أنا)
.. فلا تكن كفرعون موسى (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (24) فَأَخَذَهُ
اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى) النازعات:24-25 ..، وتنسى أو
تتجاهل أن الله هو القاهر فوق عباده وهو القوي القدير جل جلاله.
#- وهذا آخر مما جال بخاطري أخي الحبيب وأحبب
مشاركتك به ..
- والله أعلم.
******************
..:: س23: ما الذي دل عليه قول النبي لوط (وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا
عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ) ؟ وما فائدة قوله (عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ) ؟ ::..
- قال تعالى: (قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ
لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ (161) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (162) فَاتَّقُوا اللَّهَ
وَأَطِيعُونِ (163) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا
عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ) الشعراء:162-164.
1- قال الإمام محمد أحمد مصطفى - أبو زهرة رحمه الله
(المتوفى:1394 هـ) عن تفسير مقولة نوح
لقومه (وما أسألكم عليه من أجر) .. وهي نفس مقولة
لوط لقومه:
#- (مِنْ) لاستغراق النفي .. أي لَا أسألكم على هذا التبليغ أي أجر مما
يتعلق بالدنيا .. لَا أسألكم جاها .. ولا رياسة .. ولا سلطانا .. ولا غاية .. ولا
مالا .. ولا أي عرض من أعراض الدنيا.
- (إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ
الْعَالَمِينَ) إن نافية .. أي ليس لي أجر إلا عند اللَّه
تعالى.
#- وعبَّر بـ (على): للإشارة إلى علو هذا الأجر وهو
يعلو عليكم .. ولا يمكن أن تتساموا إليه .. لأنه من رب العالمين الذي يدين له
العالمون أجمعون بالربوبية والطاعة والخضوع. (زهرة التفاسير ج10 ص5378).
2- قال الإمام الطاهر بن عاشور رحمه الله (المتوفى:1393
هـ) أثناء تفسيره لقول نوح مع قومه (وما أسألكم
عليه من أجر) وهو نفس ما قاله لوط لقومه .. فمما ذكره:
- جملة: (وما أسئلكم عليه
من أجر) عطف على جملة: (إني لكم رسول أمين) أي علمتم أني أمين لكم .. وتعلمون
أني لا أطلب من دعوتكم إلى الإيمان نفعا لنفسي.
- وضمير (عليه) عائد إلى معلوم من مقام الدعوة.
(التحرير والتنوير
ج19 ص158).
3- قال الإمام محمد سيد طنطاوي رحمه الله (المتوفى:1431 هـ) أثناء تفسيره لقول نوح مع قومه (وما أسألكم عليه من أجر) وهو نفس ما قاله لوط لقومه ..
فمما ذكره:
- (وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ) أي على هذا النصح ..، (مِنْ أَجْرٍ) دنيوي ..، (إِنْ أَجْرِيَ) فيما أدعوكم إليه (إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ) فهو الذي أرسلني إليكم .. وهو
الذي يتفضل بمنحى أجرى لا أنتم.
- ولقد بينت لكم حقيقة أمرى (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ). (التفسير الوسيط ج10 ص262).
4- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- أجد في قوله (وما
أسألكم عليه من أجر إن اجري إلا على رب العالمين) .. ردا على توراة اليهود والنصارى في اتهامهم
للوط بأنه كان إنسان غلبته ماديات الحياة.
- وقد سبق وذكرت كلامهم .. وذلك في الفصل الثاني من هذه الرسالة تحت
عنوان (س4: هل ذهب لوط من نفسه وعن رغبته الخاصة لقرية سدوم كما جاء في توراة
اليهود ؟).
- وكان مما قالوه عن لوط حين تفسيرهم لسفر التكوين من توراة اليهود: "محبة
الماديات طمست عينيه .. فجعلته يختار الغنى أكثر من الإقتراب من عمه إبرام قائد مسيرة الإيمان
.. فكان يمكنه أن يبتعد قليلًا حتى لا تحدث مخاصمات بين الرعاة .. وفى نفس الوقت
يظل على علاقة وثيقة به ليتتلمذ على يديه .. ولكنه فضَّل الماديات عن الحياة الروحية مع إبرام".
(انتهى النقل – وارجع للفصل
الثاني لقراءة ما ذكرناه كاملا في النقل عنهم).
#- وخلاصة القول:
1- أن النبي لوط عليه السلام .. قد أوضح في منهجه مع قومه أنه
لا يريد مقابل إرشادهم أي عطاء دنيوي منهم .. لا عطاء مادي ولا معنوي .. لأن أجره
على الله أن يؤديه إليه يوم القيامة بقدر كرمه وربوبيته التي أحب بها عباده
المخلصين له.
2- ما جاء في القرآن عن النبي لوط عليه السلام ينفي أنه كان شخص
مادي أو له علاقة بالماديات .. لا من قريب أو من بعيد .. بل كان زاهدا في ماديات
هذه القرية .. وهذا منهج جميع الأنبياء عليهم السلام وليس النبي لوط فقط.
#- ملحوظة مهمة:
-
يوجد عدة قصص للأنبياء في سورة الشعراء .. بدأت أن قال فيها كل نبي
لقومه (ألا تتقون) .. وكذلك كان منهجهم جميعا (ولا أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على الله رب العالمين)
– (فاتقوا الله وأطيعون) ..، وذلك دلالة على أن الله
الرب هو واحد .. ودينه واحد .. ويربط الأنبياء جميعهم رابطة واحدة وهي رابطة الدين
وشهادة أن لا إله إلا الله .. وتم تكرار هذه الآيات مع كل نبي
لتأكيد وترسيخ هذه العقيدة ليتيقن المؤمن أن منهج الانبياء واحد وهو الدعوة إلى توحيد
الله وترك الحرام.
- والله أعلم.
(الجزء الثامن)
:: الفصل الثامن :: عن منهج دعوة لوط لقومه عليه السلام ::
1- س19: ماذا كان منهج النبي لوط في دعوته قومه إلى طريق الله وترك
شذوذهم الجنسي ؟ وهل كان النبي لوط أخوهم بالنسب لأن الله قال (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسانِ قَوْمِهِ
لِيُبَيِّنَ لَهُمْ) ؟
#- (طريقة علاج الذي انحرف بالشذوذ
الجنسي).
2- س20: ما الذي أفاده قول
النبي لوط لقومه (ألا تتقون) ؟
#- أولا: معنى قول لوط لقومه (أَلَا تَتَّقُونَ).
#- ثانيا: المقصد من الإستفهام بلفظ (ألا).
#- ثالثا: دلالة أسلوب جملة (أَلَا تَتَّقُونَ).
3- س21: ما الذي أفاده قول النبي لوط (إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ) ؟
4- س22: لماذا حذفت
الياء من عموم القرآن عند قول الأنبياء لقومهم (أطيعون)
ومن ذلك قول لوط لقومه (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ) ؟
#- أسقط ياء النفس وألِف الكبر حتى يستقيم قلبك مع ربك .. (على سبيل
الإشارة)
5- س23: ما الذي دل عليه قول النبي لوط (وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ) ؟ وما فائدة قوله (عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ) ؟
*****************
:: الفصل الثامن
::
******************
..:: س19: ماذا كان منهج النبي لوط في
دعوته قومه إلى طريق الله وترك شذوذهم الجنسي ؟ وهل كان لوط أخوهم بالنسب لأن الله
قال (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسانِ
قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ) ؟ ::..
#- (طريقة علاج الذي انحرف بالشذوذ الجنسي).
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
1- كان سبب ذهاب لوط عليه السلام إلى قرية سدوم هو
أن الله قد أمره بذلك .. إذ قد أرسلة الله جل شأنه إلى هذه القرية .. كما قال
تعالى: (وَإِنَّ لُوطًا لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) الصافات:133.
2- وحينما بدأ لوط عليه السلام دعوته إلى قومه .. فقد
حكى لنا جل شأنه عن ذلك فقال: (قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ
لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ (161) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (162) فَاتَّقُوا
اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (163) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ
أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ) الشعراء:162-164.
#- فكان منهج لوط في دعوته قائم على توجيهين:
- الأول: تحريض قومه على تقوى الله .. أي يحرك فيهم غريزة الخوف من عواقب ما
يفعلونه .. لأن خالقهم لا يرضى بما يفعلوه.
- الثاني: طاعته كرسول من الله .. حتى يرشدهم إلى ما فيه الخير لهم لأنه
الواسطة بين الله وبينهم وهو من سيخبرهم بمراد الله منهم وكيف سيرتقي بنفوسهم عما
هم عليه .. لأن خالقهم هو أعلم بتغييرهم .. ولكن شرط أن يجعلوا عزيمتهم هي طلب
الله .. وذلك كما قال تعالى (إِنَّ
اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) الرعد:11.
- والتغيير للرجوع إلى الله يستوجب عزيمة .. والعزيمة هو
ثبات على فعل شيء مهما ضايقته الأسباب .. لأن المضايقة جزء من اختبار الإنسان
لبيان صدق عزيمته في التوجه إلى الله.
#- إذن: نفهم
شيء مهم جدا من منهج لوط عليه السلام في إرشاده لقومه .. أن هذا الفعل بالرغم من تعلق النفس به .. إلا أنه يمكن
للإنسان أن يتوقف عن هذه المعصية لو أراد ذلك .. لأن الله لا يكلف نفس إلا بما
تستطيع فعله أو تركه .. وأن ما يفعله قوم لوط ليس مرض عضال أو لا قدرة للإنسان على
منعه والتوقف عنه أو جين متمكن من تركيبة الإنسان كما يقول بعض الكذابين.
3- (طريقة علاج الذي انحرف بالشذوذ الجنسي):
- أجد في الآيات السابقة طريقة العلاج من هذه الشهوة
المذمومة من خلال منهج لوط عليه السلام .. أي أن منهج لوط في الإرشاد هو نفسه طريق
العلاج لكل مبتلى بابتلاء الشذوذ الجنسي أو المثلية الجنسية .. من خلال الآتي:
أ- اليقظة العقلية .. فبداية
طريقة العلاج من هذا الطمع النفسي لهذه الفاحشة .. هو تنشيط العقل بما يمكن أن
يفكر فيه وينتبه له .. فتقوم بتنشيط عقلك من خلال إحداث حالة يقظة بأنك ملاقي الله
يوم القيامة في أي لحظة .. فماذا ستقول له وأنت تعلم أن من يأتيه بهذه الفاحشة
يلقاه الله وهو غاضب عليه .. ومن يغضب الله عليه فالرحمة تكون بعيدة عنه لأنه لابد
أن يعاقب على ما فعله من عصيان بحبه لهذه الشهوة .. وهل هذه الشهوة تستحق أن تحرق
نفسك بنار جهنم .. وتحرم نفسك من جنة الله ؟!! فأين عقلك ؟!! إذن عليك بتقوى الله
أي تتجنب غضب الله عليك .. بالتوقف عما تفعله من عصيان وتطلب منه الغفران على ما
سبق فعله .. والله غفور رحيم.
ب- اتباع خاتم النبيين: هو الطريق الثاني للعلاج من خلال اتباع توجيهات وتعاليم سيدنا محمد
صلى الله عليه وسلم .. لأنه خاتم النبيين والمرسلين وهو النبي الوحيد الذي لازلت
لدينا تعاليمه ووجوب العمل بالقرآن الذي هو كلام الله الناطق في كل الأزمنة بما
فيه حياتك ومصلحتك .. فتتبع سيدنا محمد حتى تنال محبة الله وغفرانه إذ قال جل
شأنه: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي
يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
آل عمران:31 .. وفي اتباعك للنبي ستتعلم من النبي دعوات مهمة تعينك وتثبتك على
الطريق ومن ذلك .. كما جاء عَنْ عَبْدِ اللَّهِ
"بن مسعود" .. أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ
يَقُولُ: (اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ،
وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ) رواه البزار .. وصححه الهيثمي في مجمع الزوائد.
4- ونلاحظ من الآيات السابقة .. أن القرآن بدأ بتوضيح أن لوط عليه السلام (أخوهم) .. أي أخوهم في الوطن وليس أخوهم في النسب كما
سبق وأوضحنا ذلك .. ودل لفظ (أخوهم) على طول الفترة الزمنية التي قضاها لوط عليه
السلام في قومه يدعوهم .. إذ أن اكتساب لفظ الأخوة يتطلب زمنا حتى يصبح الشخص
وكأنه من أهل هذا الموطن الذي استقر فيه زمنا.
#- قال
الإمام إبراهيم بن عمر البقاعي رحمه الله (المتوفى:855 هـ):
- (قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ): أي في السكنى في البلد لا في
النسب لأنه ابن أخي إبراهيم عليه السلام، وهما من بلاد الشرق من بلاد بابل - وكأنه
عبر بالأخوة لاختياره لمجاورتهم، ومناسبتهم بمصاهرتهم، وإقامته بينهم في مدينتهم
مدة مديدة، وسنين عديدة، وإتيانه بالأولاد من نسائهم، مع موافقته لهم في أنه قروي.
(تفسير نظم الدرر ج14
ص80).
#- وكذلك قال
الإمام البقاعي عن قول قوم لوط إلى لوط: (لتكونن
من المخرجين): أي ممن أخرجناه من بلدنا على وجه فظيع تصير
مشهوراً به بينهم .. إشارة
إلى أنه غريب عندهم. (تفسير نظم الدرر ج14 ص82).
#- قال
الإمام الطاهر بن عاشور رحمه الله (المتوفى:1393 هـ):
- وجعل لوط أخا لقومه ولم يكن من نسبهم .. وإنما كان نزيلا فيهم .. إذ كان
قوم لوط من أهل فلسطين من الكنعانيين .. وكان لوط عبرانيا .. وهو ابن أخي إبراهيم
.. ولكنه لما استوطن بلادهم وعاشر فيهم وحالفهم وظاهرهم .. جعل أخا لهم.
- وقال تعالى في الآية الأخرى (وَإِخْوانُ لُوطٍ) ق:13 ..، وهذا من إطلاق الأخوة
على ملازمة الشيء وممارسته. (التحرير والتنوير ج19 ص178 - مختصرا).
5- ملحوظة: لوط عليه السلام لم يكن كنعانيا من الشام ..
وإنما كان كلدانيا من بابل بالعراق .. فلا يمكن أن يكون أخوهم نسبا .. وإن كان من
الممكن أن تكون اللغة قريبة جدا لتقارب المسافات بين الأردن والعراق .. ولكن لا
يمكن ان يكون اخا لهم في النسب .. وهذا ما انتبه له الإمام البقاعي وبن عاشور
رحمهما الله .. والله أعلم.
6- ملحوظة أخرى: قول بعض المفسرين أن لوطا
كان أخوهم بالنسب .. فهذا خطأ .. لأن لوطا بابليا وقريته كنعانيون من أهل الشام ..
ولو كان أخوهم لكان عاد إلى قومه ببابل حينئذ التي هاجر منها هو وإبراهيم كما
اخبرنا القرآن .. ولكن رجوعه لقريته لم يحدث .. ولم يثبت ان قوم إبراهيم ولوط كانوا
لواطيين بل وثنيين .. فكيف يصح القول أن لوطا كان أخا بالنسب في قريته التي ذهب
إليها ؟!! بل لا يصح ذلك .. بل هو أخا لهم بالمواطنة بينهم فترة من الزمن .. وقد
أوضح ذلك لفظ (إخوان لوط) في سورة ق:13.
#- وقد سبق مناقشة مسألة الأخوة .. في الفصل الثالث من الرسالة عند السؤال: (س6:
لماذا القرآن يحكي عن قرية سدوم بأنهم (قوم لوط)
أو (إخوان لوط) في حين أنهم ليسوا من قوم
لوط ولا هم إخوانه ؟).
7- قد يقول قائل .. قال تعالى: (وَما
أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ) إبراهيم:4.
- فلو لم يكن لوط النبي أخوهم من بينهم فعلا .. لكان ذلك مخالفا للآية حينئذ .. لأن الآية
تقول أن كل رسول كان يتكلم بلسان قومه .. فدل هذا على أن لوط أخوهم نسبا فعلا.
- قلت (خالد صاحب الرسالة): هذا اعتراض فيه نظر .. لأن معرفة لسان القوم لا تستوجب أن يكون
مولودا فيهم .. وذلك حال من يتحدثون الإنجليزية بطلاقة وهم عرب .. أما بالنسبة
للوط فلعل قرية سدوم كانت تتكلم بالكلدانية البابلية لأن الحدود بين قرية سدوم
بالأردن وبابل بالعراق قريبة من بعض لأنها أراضي متجاورة وإن كان يفصلها مسافة
ولكن الشاهد من الكلام أن البلدان متجاورة فقد تكون اللغة واحدة في المكانين حينئذ
.. أو فرق لهجات مثل الدول العربية ولكن اللغة واحدة .. أو قد عرف لغتهم معرفة
تامة نتيجة سكنه بجوارهم عند إبراهيم في الشام فترة طويلة وكان يمارس التجارة معهم
قبل أن يتم إرساله إليهم .. أو قد يكون الله أوحى إليه معرفة لغتهم فعرفها في نفسه
بكن فيكون دون تعليم بل تلقين من القدرة الإلهية .. والله أعلم.
#- وخلاصة القول:
1- أن لوط عليه السلام كان منهجه قائم على تحريض قومه على تقوى الله
.. ووجوب تقوى الله وطاعة رسول الله الذي هو لوط عليه السلام ..، وذلك حتى يتوقفوا
عن كفرهم ويتركوا المفاسد والفاحشة التي يفعلوها في قريتهم.
2- هذا المنهج من سيدنا لوط .. هو طريقة العلاج لكل من يريد الرجوع عن طريق الشذوذ الجنسي أو المثلية الجنسية .. بأن يتقي الله ويتذكر لقاء الله وهو غاضب عليه وأنه سيحاسبه على ذلك حسابا شديدا إن لم يتب عما يفعله .. ويتبع تعاليم الأنبياء وفي زماننا يتبع النبي محمد صلى الله عليه وسلم في الأخلاق والإلتزام مع الله .. لأنه خاتم النبيين وسيد المرسلين وقد أنزل عليه القرآن الذي هو كلام الله الحق الذي لم يتغير ولم يتبدل تنزيل من حكيم عليم.
3- وأن لوط عليه السلام لم يكن من نسب قرية سدوم .. وإنما كان منسوبا
لهم لعشرته فيهم وكان يتكلم بلغتهم .. والتكلم بلغة قوم ليس دليلا ليكون نسيبا
منهم ومولودا فيهم..، فضلا عن أن لوط من بابل
العراق .. وقرية سدوم من الأردن ..!!
- والله أعلم.
****************
..:: س20: ما الذي أفاده قول النبي لوط لقومه (ألا تتقون) ؟ ::..
- قال تعالى: (قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ
لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ (161) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (162) فَاتَّقُوا اللَّهَ
وَأَطِيعُونِ (163) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا
عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ) الشعراء:162-164.
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- السياق القرآني السابق في دعوة النبي
لوط لقومه .. قد تكرر في سورة الشعراء عدة مرات بنفس الأسلوب وعموم الألفاظ .. مع اختلاف
اسم النبي .. فمرة مع نوح .. ومرة مع هود .. ومرة مع صالح .. وأخيرا مرة مع لوط ..
عليهم السلام جميعا.
- وحينما يبدأ السياق القرآني بقول الأنبياء لقومهم (ألا تتقون) .. فهذا استفهام يقصد منه شيء ويدل على شيء.
#- أولا: معنى قول لوط لقومه (ألا تتقون).
- قال الإمام إبراهيم بن عمر البقاعي رحمه الله
(المتوفى: 885 هـ) ..حين فسر قول نوح (ألا
تتقون) كما قالها لوط أيضا لقومه:
- (ألا تتقون): أي تكون لكم تقوى .. وهي خوف
يحملكم على أن تجعلوا بينكم وبين سخطه وقاية بطاعته بالتوحيد وترك الالتفات إلى
غيره. (تفسير نظم الدرر ج14
ص62).
- وفسرها بأسلوب آخر فقال رحمه الله: أي تخافون الله فتجعلوا بينكم
وبين سخطه وقاية. (تفسير
نظم الدرر ج14 ص80).
#- ثانيا: المقصد من الإستفهام بلفظ (ألا).
أ- يقصد منه التوبيخ والإنكار عليهم .. وذلك لبيان
امتناعهم عن قبول دعوة الحق .. وكأنه يقول لهم: ما الذي يمنعكم عن التقوى ؟
ب- ويقصد منه في نفس الوقت .. التحريض على تقوى الله .. وكأنه يقول لهم: عليكم
أن تتقوا الله .. وذلك حتى لا ينزل بكم العقاب الأليم جزاء كفركهم وفاحشتكم
ومنكركم الذي تفعلوه.
#- ومن أقوال العلماء فيما سبق بيانه:
أ- قال الإمام الطاهر بن عاشور رحمه الله (المتوفى:1393
هـ) .. في أحد رأيان ذكرهما حول لفظ (ألا):
- (ألا): فهو استفهام عن
انتفاء تقواهم .. مستعمل في الإنكار .. وهو يقتضي امتناعهم من الامتثال لدعوته. (التحرير والتنوير ج19 ص158).
ب- قال الإمام محمد أحمد مصطفى - أبو زهرة رحمه الله (المتوفى: 1394
هـ):
- وقوله: (أَلَا تَتَّقُونَ) (ألا) للتحريض والحث علي التقوى .. وما
أجدر كل منكر جبار .. أن يطالب بالتقوى .. واتخاذ وقاية لأنه يكون مغرورا .. وكل
من يتدلى بالغرور .. يطالب باتخاذ وقاية ليمتلئ بالتقوى ووراء التقوى الإيمان. (زهرة التفاسير ج10 ص5377).
#- ثالثا: دلالة أسلوب جملة (ألا تتقون).
1- قال الإمام
الطاهر بن عاشور رحمه الله (المتوفى:1393 هـ) عند تفسيره لقول نوح لقومه (ألا تتقون) كما قالها لوط لقومه:
- ويظهر أن قوله: (ألا تتقون) .. صدر بعد أن دعاهم من قبل
وكرر دعوتهم إذ رآهم مصرين على الكفر (التحرير
والتنوير ج19 ص158).
- إذن: من ملاحظة الإمام بن عاشور رحمه الله .. كذلك
يقال في قول لوط لقومه (ألا تتقون) .. يظهر
من وراء أسلوب قوله (ألا تتقون) .. أنه
كان قد سبق حوار متكرر بين لوط وبين قومه .. وإلا ما كان طالبهم بالتقوى .. لأنه
لابد أن يكون عرفهم بالله وأرشدهم إليه .. ولذلك قال لهم (ألا تتقون) وكأنه يقول لهم: عرفتكم إلى الله خالق
الوجود مرارا وتكرارا .. فلماذا لا تدخلون في وقاية أنفسكم من غضب الله فتؤمنون به
وتتوقفوا عما تفعلوه.
- ويدل على أن أسلوب (ألا تتقون)
هو متكرر من لوط إليهم .. هو حذف اسم الله من الآية الأولى .. وكأنهم يعرفون مسبقا
مقصد لوط بالمراد منهم أن يتقوه حينما قال لهم (ألا تتقون) .. أي تتقون خالق
الوجود الذي طالما حدثتكم عنه.
- ويدل على أن أسلوب (ألا تتقون)
هو متكرر من لوط إليهم .. هو ما جاء بعد آيات إذا قوم لوط إلى لوط: (قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ)
الشعراء:167..، فدل هذا على أن دعوة لوط لقومه كانت مستمرة دون انقطاع حتى أنهم سأموا منه وتوعدوه بطرده من القرية.
2- وكذلك أفهم من قول لوط لقومه (ألا تتقون) .. تنشيط ملكة العقل فيهم .. بأن على
العاقل أن يتخذ وقاية لنفسه مما قد يؤذيه ويضره .. وكأنه يقول لهم ألا تعقلون
فتتقون ما سيحدث لكم من أذى وضرر وعذاب ؟!! .. ولذلك اكتفى بلفظ التقوى لأن العاقل
يتخذ لنفسه وقاية مما قد يؤذيه.
3- وكذلك أفهم من قول
لوط لقومه (ألا تتقون) .. مدى اهتمام لوط
بقومه وعدم انقطاع رجاءه في قومه بالرغم من جحودهم وإنكارهم المستمر .. إلا انه
مستمر في دعوتهم دون يأس منه ولا ملل.. وهذا حال جميع الأنبياء الذين سبق ذكرهم قبله
في سورة الشعراء وقالوا بمثل قوله وهم (نوح وهود وصالح).
4- وكذلك أفهم من قول لوط لقومه (ألا تتقون) .. مدى انزعاج لوط مما يفعلونه من فواحش
وكفر في حق الله جل شأنه .. ولذلك يحاول أن يشعل فيهم يقظة الضمير بالخوف من
العذاب .. لعل أحد منهم يفيق ويستخدم عقله ويقول ماذا لو كان ما يخبرنا به لوط عن
ربه هو حق ..، ولكنهم منعوا العقل عن أن يفكر في تحذير لوط عليه السلام .. لأنهم لا
يريدون إلا الإستمرار على ما تهواه أنفسهم.
- والله أعلم.
*******************
..:: س21: ما الذي أفاده قول النبي لوط (إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ - فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ) ؟ ::..
- قال تعالى: (قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ
لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ (161) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (162) فَاتَّقُوا اللَّهَ
وَأَطِيعُونِ (163) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا
عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ) الشعراء:162-164.
1- قال الإمام إبراهيم بن عمر البقاعي رحمه الله (المتوفى:885
هـ):
- (ألا تتقون) أي تخافون الله فتجعلوا بينكم وبين سخطه
وقاية.
- ولما كان مضمون هذا الدعاء لهم
والإنكار عليهم في عدم التقوى .. علل ذلك بقوله: (إِنِّي لَكُمْ) أي خاصة (رَسُولٌ أَمِينٌ) أي لا شيء من غش ولا خيانة عندي.
- ولذلك سبَّبَ عنه قوله: (فَاتَّقُوا اللَّهَ) أي لقدرته على إهلاك من يريد
وتعاليه في عظمته (وَأَطِيعُونِ) أي لأن طاعتي سبب نجاتكم ..
لأني لا آمركم إلا بما يرتضيه. ولا أنهاكم إلا عما يغضبه.
- ولما أثبت الداعي إلى طاعته
.. نفى الناهي عنها فقال: (وما أسئلكم
عليه): أي الدعاء إلى الله (من أجر): أي فتتهموني بسببه. (تفسير نظم الدرر في تناسب الآيات والسور ج14 ص80).
2- قال الإمام محمد أحمد مصطفى - أبو زهرة رحمه الله
(المتوفى:1394 هـ) عن تفسير مقولة نوح
لقومه (إني لكم رسول أمين) .. وهي نفس مقولة لوط
لقومه:
- أكد رسالته لهم بـ (إِنِّ) المؤكدة ..، وتقديم الجار والمجرور (لَكُمْ) أي لكم خاصة.
- ووصف نفسه بالأمانة .. والأمانة تقتضي ألا يكذب على
اللَّه .. فيدعى عليه الرسالة وهو لم
يرسله .. وتقتضي الأمانة فيما يخبرهم .. ومع الأمانة الرعاية والمحبة والإخلاص
لهم، والبر بهم.
- ولأنه رسولهم الذي أرسل إليهم .. طالبهم بتقوى اللَّه والطاعة
فقال: (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ) أي أطيعوني ..، لأن هنا ياء
المتكلم مقدرة في القول بدليل كسر النون المنبئ عنها.
- والفاء في قوله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ) لترتيب ما بعدها على ما قبلها
.. أي بسبب أن الرسول أمين لكم اتقوا اللَّه وأطيعون. (زهرة التفاسير ج10 ص5378- 5377 -
مختصرا).
3- قال الإمام الطاهر بن عاشور رحمه الله (المتوفى:1393
هـ) أثناء تفسيره لقول نوح مع قومه وهو نفس ما قاله لوط لقومه .. فمما ذكره:
- جملة: (إني لكم رسول أمين) تعليل للإنكار أو للتحضيض .. أي كيف تستمرون
على الشرك وقد نهيتكم عنه .. وأنا رسول لكم .. أمين عندكم.
- وتأكيده بحرف التأكيد .. مع عدم سبق
إنكارهم أمانته .. لأنه توقع حدوث الإنكار .. فاستدل عليهم بتجربة أمانته قبل
تبليغ الرسالة .. فإن الأمانة دليل على صدقه فيما بلغهم من رسالة الله.
- ويحتمل أن يراد به أمين من جانب الله
على الأمة التي أرسل إليها. (التحرير والتنوير ج19 ص158- مختصرا في كلامه).
4- قال الإمام محمد سيد طنطاوي رحمه الله (المتوفى:1431 هـ) أثناء تفسيره لقول نوح مع قومه وهو نفس ما
قاله لوط لقومه .. فمما ذكره:
- قال لهم ناصحا ومنذرا (أَلا تَتَّقُونَ) أي: ألا تتقون الله- تعالى- الذي
خلقكم ورزقكم، فتخلصوا له العبادة وتتركوا عبادة غيره.
- ثم علل نصحه لهم بقوله كما حكى القرآن
عنه: (إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ) آمركم بتقوى الله- تعالى- لأنى
رسول معروف بينكم بالأمانة وعدم الخيانة أو الغش أو المخادعة.
- وما دام أمرى كذلك: (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ). (التفسير الوسيط ج10 ص262 - مختصرا).
#- وخلاصة القول:
- أن قول لوط عليه السلام لقومه (ألا تتقون . إن لكم رسول أمين) أي إذا كنت أطالبكم بتقوى الله
.. فإنما ذلك لأني رسول الله إليكم .. وقد كنت أمينا فيكم وتعرفون ذلك عني .. ومن
هو معروف بالأمانة فلا يخون ولا يكذب .. وبالتالي لا يمكن أن أكذب على الخالق وأزعم
أني رسول منه بدون وجه حق .. ولا يمكن أن أكذب عليكم وقد كنت فيكم تعلمون حالي
معكم وهو الأمانة.
- وإذا كان هذا هو حالي قد عرفتموه بالأمانة .. فاتقوا الله وأطيعوني فيما
أرشدكم إليه .. وهو تقوى الله من خلال الإيمان به .. وترك الفاحشة التي تفعلوها
وما ترتكبونه من منكرات.
- والله أعلم.
******************
..:: س22: لماذا حذفت الياء من عموم القرآن عند قول الأنبياء لقومهم (أطيعون) ومن ذلك قول النبي لوط لقومه (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ) ؟ ::..
(على
سبيل الإشارة)
- قال تعالى: (قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ
لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ (161) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (162) فَاتَّقُوا اللَّهَ
وَأَطِيعُونِ) الشعراء:162-163.
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- من الملاحظ أن كلمة قول لوط: (أطيعون) أتت بحذف حرف الياء من آخرها ..،
علما بأن كلمة (أطيعون) ورد في المصحف أحدى عشر مرة وجميعها بحذف الياء.
- وحاولت أن أجد الحكمة من وراء حذف الياء .. فوجدت آراء كلها تجتمع في أن سبب الحذف هو: " للتخفيف ..، ولتجميل الفاصلة القرآنية بين الآيات مع بقاء
الكسرة دليلاً على الياء المحذوفة".
- وما سبق فيه إشارة طيبة لسبب حذف الياء ..،
ولكني طمعت في مزيد من معرفة الحكمة وراء حذف الياء من كلمة (أطيعون) التي يذكرها الانبياء لقومهم
في عموم القرآن.
#- فاجتهدت في فهم ذلك من خلال سياق الآيات .. فخطر ببالي الآتي:
- أن حذف الياء من لفظ (أطيعون) .. كأن الله أراد أن يوضح لنا
أن هذه الطاعة ليست طاعة لذات النبي من نفسه كمطلب شخصي له .. لا .. فتم حذف الياء
ليظل أصل الطاعة هو لله وليس لغيره .. وكأن النبي يقول أطيعوا ما أرشدكم إليه ليس
طاعة لنفسي وإنما طاعة لربي .. ولذلك تم إسقاط ياء النفس عن الأنبياء في طلب
الطاعة من أقوامهم لبيان أن هذه الطاعة ليست طاعة لذات النبي وإنما طاعة لرب
النبي.
- ولذلك حينما قال لوط عليه السلام (أطيعون) .. تم حذف الياء لدلالة أن طلب لوط
أن يطيعوه إنما هي طاعة لربه في الأصل وليس طاعة عن رغبة يطلبها منهم لنفسه .. ويؤيد
ما ذهبت إليه الآية التي أتت بعدها وهو قول لوط: (وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ
أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ) .. والله أعلم.
#- دعني أهمس لك أخي الحبيب – فاقترب بقلب
وافهم:
- من تعلق قلبه بمولاه فقال (الله ربي) .. كان حاله نبوي: (اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ
وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) الشوري:10 .. ومن كان حاله نبوي فقد
فتح طريقا إلى السماء لقبول دعاءه لأنه أسقط حينئذ عنه ياء (نفسي - أسبابي) .. إذ
لو كان معتقدا في نفسه أو في الأسباب .. لقال كما قال قارون (أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي) القصص:78 ..، ولما كانت خطيئة
قارون أنه أثبت الياء لنفسه بقوله (عندي) .. ولم ينسبها لربه .. خسف الله
به وبماله الأرض (فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ
فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ
الْمُنْتَصِرِينَ) القصص:81.. والله أعلم.
#- فانتبه
وتأدب أخي الحبيب وأسقط ياء النفس وألِف
الكبر حتى يستقيم قلبك مع ربك .. واعلم:
- أن من أسقط ياء النفس وألِف الكِبر .. استقام قلبه مع ربه .. وتذوق في قلبه
معنى (ربي) و معنى (الله أكبر).
#- شرح:
أ- ياء النفس ما تنسبه لنفسك كما قال قارون: (أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي) القصص:78 ..، وتنسى أو تتجاهل فضل ربك.
ب- وألف الكبر إشارة للحرف الأول من كلمة (أنا)
.. فلا تكن كفرعون موسى (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (24) فَأَخَذَهُ
اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى) النازعات:24-25 ..، وتنسى أو
تتجاهل أن الله هو القاهر فوق عباده وهو القوي القدير جل جلاله.
#- وهذا آخر مما جال بخاطري أخي الحبيب وأحبب
مشاركتك به ..
- والله أعلم.
******************
..:: س23: ما الذي دل عليه قول النبي لوط (وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ) ؟ وما فائدة قوله (عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ) ؟ ::..
- قال تعالى: (قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ
لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ (161) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (162) فَاتَّقُوا اللَّهَ
وَأَطِيعُونِ (163) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا
عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ) الشعراء:162-164.
1- قال الإمام محمد أحمد مصطفى - أبو زهرة رحمه الله
(المتوفى:1394 هـ) عن تفسير مقولة نوح
لقومه (وما أسألكم عليه من أجر) .. وهي نفس مقولة
لوط لقومه:
#- (مِنْ) لاستغراق النفي .. أي لَا أسألكم على هذا التبليغ أي أجر مما
يتعلق بالدنيا .. لَا أسألكم جاها .. ولا رياسة .. ولا سلطانا .. ولا غاية .. ولا
مالا .. ولا أي عرض من أعراض الدنيا.
- (إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ
الْعَالَمِينَ) إن نافية .. أي ليس لي أجر إلا عند اللَّه
تعالى.
#- وعبَّر بـ (على): للإشارة إلى علو هذا الأجر وهو
يعلو عليكم .. ولا يمكن أن تتساموا إليه .. لأنه من رب العالمين الذي يدين له
العالمون أجمعون بالربوبية والطاعة والخضوع. (زهرة التفاسير ج10 ص5378).
2- قال الإمام الطاهر بن عاشور رحمه الله (المتوفى:1393
هـ) أثناء تفسيره لقول نوح مع قومه (وما أسألكم
عليه من أجر) وهو نفس ما قاله لوط لقومه .. فمما ذكره:
- جملة: (وما أسئلكم عليه
من أجر) عطف على جملة: (إني لكم رسول أمين) أي علمتم أني أمين لكم .. وتعلمون
أني لا أطلب من دعوتكم إلى الإيمان نفعا لنفسي.
- وضمير (عليه) عائد إلى معلوم من مقام الدعوة.
(التحرير والتنوير
ج19 ص158).
3- قال الإمام محمد سيد طنطاوي رحمه الله (المتوفى:1431 هـ) أثناء تفسيره لقول نوح مع قومه (وما أسألكم عليه من أجر) وهو نفس ما قاله لوط لقومه ..
فمما ذكره:
- (وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ) أي على هذا النصح ..، (مِنْ أَجْرٍ) دنيوي ..، (إِنْ أَجْرِيَ) فيما أدعوكم إليه (إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ) فهو الذي أرسلني إليكم .. وهو
الذي يتفضل بمنحى أجرى لا أنتم.
- ولقد بينت لكم حقيقة أمرى (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ). (التفسير الوسيط ج10 ص262).
4- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- أجد في قوله (وما
أسألكم عليه من أجر إن اجري إلا على رب العالمين) .. ردا على توراة اليهود والنصارى في اتهامهم
للوط بأنه كان إنسان غلبته ماديات الحياة.
- وقد سبق وذكرت كلامهم .. وذلك في الفصل الثاني من هذه الرسالة تحت
عنوان (س4: هل ذهب لوط من نفسه وعن رغبته الخاصة لقرية سدوم كما جاء في توراة
اليهود ؟).
- وكان مما قالوه عن لوط حين تفسيرهم لسفر التكوين من توراة اليهود: "محبة
الماديات طمست عينيه .. فجعلته يختار الغنى أكثر من الإقتراب من عمه إبرام قائد مسيرة الإيمان
.. فكان يمكنه أن يبتعد قليلًا حتى لا تحدث مخاصمات بين الرعاة .. وفى نفس الوقت
يظل على علاقة وثيقة به ليتتلمذ على يديه .. ولكنه فضَّل الماديات عن الحياة الروحية مع إبرام".
(انتهى النقل – وارجع للفصل
الثاني لقراءة ما ذكرناه كاملا في النقل عنهم).
#- وخلاصة القول:
1- أن النبي لوط عليه السلام .. قد أوضح في منهجه مع قومه أنه
لا يريد مقابل إرشادهم أي عطاء دنيوي منهم .. لا عطاء مادي ولا معنوي .. لأن أجره
على الله أن يؤديه إليه يوم القيامة بقدر كرمه وربوبيته التي أحب بها عباده
المخلصين له.
2- ما جاء في القرآن عن النبي لوط عليه السلام ينفي أنه كان شخص
مادي أو له علاقة بالماديات .. لا من قريب أو من بعيد .. بل كان زاهدا في ماديات
هذه القرية .. وهذا منهج جميع الأنبياء عليهم السلام وليس النبي لوط فقط.
#- ملحوظة مهمة:
-
يوجد عدة قصص للأنبياء في سورة الشعراء .. بدأت أن قال فيها كل نبي
لقومه (ألا تتقون) .. وكذلك كان منهجهم جميعا (ولا أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على الله رب العالمين)
– (فاتقوا الله وأطيعون) ..، وذلك دلالة على أن الله
الرب هو واحد .. ودينه واحد .. ويربط الأنبياء جميعهم رابطة واحدة وهي رابطة الدين
وشهادة أن لا إله إلا الله .. وتم تكرار هذه الآيات مع كل نبي
لتأكيد وترسيخ هذه العقيدة ليتيقن المؤمن أن منهج الانبياء واحد وهو الدعوة إلى توحيد
الله وترك الحرام.
- والله أعلم.
%20%D9%81%D9%8A%20%D8%AC%D9%85%D9%8A%D8%B9%20%D8%A2%D9%8A%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86..png)
اللهم صلى على محمد وآل محمد 🌹
ردحذفاللهم ارزقني حبك وحب نبيك 🌸
يارب بالمصطفى بلغ مقاصدنا 🕊️
ليطمئن قلبي ❤️
ردحذفقاعدة عامة : كل ما يكون الانسان عنده رجاء في الله فقلبه سليم ..
الرجاء معناه القلب متعلق بالله في كل أحواله أعطى أو منع ..
العطاء والمنع لا يؤثر في علاقة الشخص مع الله ..
الانسان كل ما يعيش بنفسية صحيحة وقلب سليم وعقل رشيد
ينام وهو مرتاح ..
ولما يجي ابتلاء يستقلبه برضا وتسليم مع الدعاء والرجاء ..
#أ_خالد_أبوعوف
اللهم اكرمنا بالتقوى واحسن خاتمتنا
ردحذفواعزك الله استاذنا الفاضل في الدنيا والاخرة
آمين يارب العالمين
جزاك الله كل خير استاذنا الفاضل وأمدك بمدده و اعانك وفتح عليك بكل خير يارب
ردحذف-------------
(طريقة علاج الذي انحرف بالشذوذ الجنسي):
- تبعا لمنهج سيدنا لوط عليه السلام..
أن يتقي الله ويتذكر لقاء الله وهو غاضب عليه وأنه سيحاسبه على ذلك حسابا شديدا إن لم يتب عما يفعله .. ويتبع تعاليم الأنبياء وخاصة النبي محمد صلى الله عليه وسلم في الأخلاق والإلتزام مع الله
-----------
-من تعلق قلبه بمولاه فقال (الله ربي) .. كان حاله نبوي: (اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) الشوري:10 ..
- من كان حاله نبوي فقد فتح طريقا إلى السماء لقبول دعاءه لأنه أسقط حينئذ عنه ياء (نفسي - أسبابي)
⛔️- انتبه وتأدب أخي الحبيب وأسقط ياء النفس وألِف الكبر حتى يستقيم قلبك مع ربك .. واعلم:
✅- من أسقط ياء النفس وألِف الكِبر .. استقام قلبه مع ربه .. وتذوق في قلبه معنى (ربي) و معنى (الله أكبر).
-------------
اللهم صل على سيدنا محمد صلاة حب موصولة من القلب إلى القلب وعلى آله وسلم
لا يأتيك الرزق حين تقلق،
ردحذفولا حين تمكر، ولا حين تظنّ أن إرادتك وحدها كافية.
الرزق يأتي حين يكون الوقت قد حان، حين يلتقي سعيك مع حكمة الله التي لا تُدرك بالعقل وحده.
الرزق ليس ضيفًا تطرقه، ولا غنيمة تُنتزع بالقوة، بل هو نسمة ربّانية تأتي في الوقت الذي اختاره الله، لا تسبق ميعادها ولا تتأخر عنه.
القلق على الرزق دليل جهلنا بحكمة الحياة، ورغبتنا في استعجال ما لم يحن أوانه.
الله بلطفه يهيئ لك الأسباب في صمت، ويشقّ أمامك أبواب النجاة من حيث لا تتوقع.
تظنّ الطريق مسدودًا، فإذا به ينفتح على نور؛ وتظنّ أن الرزق غاب عنك، فإذا به يقبل عليك برفق كأنه يعرفك أكثر مما تعرف نفسك.
قد يتأخر الرزق، نعم، لكنه لا يضيع أبدًا. قد يأتيك من اتجاه لم تحسبه، ليذكّرك بأن واجبك هو السعي، وأن النتيجة بيد الله وحده.
وأن ما كُتب لك سيأتيك، في الوقت الذي اختاره الله، وبطريقة أجمل مما تمنّيت، لتعلمك أن الطمأنينة عبادة، وأن الثقة بالله رزق قبل الرزق نفسه.
الناس تتعجب:
ردحذفكيف يُقتل عمر… وهو العادل الذي هابتْهُ ملوك الأرض؟
كيف يُقتل عثمان… وهو الحييُّ الذي تستحي منه الملائكة؟
كيف يُقتل علي… وهو باب العلم، وفارس الحق، ولسان الحكمة؟
ويجيبهم التاريخ والقدر:
هكذا تكون خاتمة العظماء… دماءٌ زكية تروي شجرة الحق، وشهادةٌ تُعلي منزلتهم عند ربهم.
فما قُتلوا إلا لأنهم كانوا يجسدون الحق الذي لا يطيقه الباطل، وكانت دماؤهم ثمناً لعدلهم وحيائهم وعلمهم.
إن العظماء الثلاثة لم يُقتلوا لأنهم ضعفاء، ولا لأن دولتهم مختلة، ولا لأن الناس اختلفت على حقهم…
بل لأن الحقّ حين يتمثّل في رجل، يصبح هذا الرجل مرآةً تكشف القبح الكامن في القلوب التي لا تحتمل أن ترى نفسها بلا أقنعة.
عمر قُتل لأنه كان يمشي في الأرض بقوة الحق لا بقوة السيف…
وكان كل جبارٍ يراه فيرتعد، وكل مظلومٍ يراه فيطمئن.
وما أخاف الناس من عمر… بل أخاف الظلمَ من عمر.
والظلم إذا فزع، بطش.
وعثمان قُتل لأنه كان طاهرًا أكثر مما يحتمل الناس…
كان الحياء يسكن في قسمات وجهه، وكانت الرحمة تسيطر على قراراته، حتى قال البعض: "لينٌ"…
وما كان لينًا، بل كان فوق اللين: كان جميل القلب.
والقلوب السوداء لا تفهم الجمال… فتطعنه.
وعليّ قُتل لأنه كان أكبر من زمانه…
عقلٌ حادّ كالسيف، وروحٌ عالية كالسماء، وفهمٌ لا يطيقه قصار النظر.
فكان زمانه ضيقًا عليه، وكان الناس أصغر من أن يدركوا قامته،
فجاءته الطعنة من حيث لا يتوقع… من قلبٍ أعماه الجهل، وزيّنه الشيطان ببرقع القداسة.
وهنا المعجزة:
لم يمت واحدٌ منهم موتة العظماء في خيال الناس — فوق القصور، بين الذهب والحرير، في نعيم الدنيا…
بل ماتوا موتة الأنبياء والشهداء:
موتة الحقِّ حين يرفض أن ينحني.
دماؤهم لم تكن نهاية…
كانت بداية لدرسٍ يكتبه الله بيده:
أن طريق الحق محفوفٌ بالابتلاء،
وأن الحاكم لو كان نبيًّا في عدله، وملكًا في رحمته، وحكيمًا في علمه…
فإن هذا لا يعفيه من طعنات القلوب المريضة، ولا من خيانات الليل، ولا من أمواج الحقد المستترة.
فالحقّ ليس محبوبًا عند الجميع.
النور يوجع العيون التي ألفت الظلام،
والعدل يزعج المستفيدين من الفساد،
والطهر يرهق النفوس الملوّثة.
ولذلك قُتلوا…
لا لأن أمتهم كانت فاسدة، بل لأنهم كانوا أنوارًا عالية…
والنور دائمًا يُستهدف قبل أن يشرق الفجر.
ومع ذلك… بقيوا.
وبقي ذكرهم.
وبقي تاريخهم كالسيف اللامع، كلما حاولت يد أن تطفئ بريقه… ازداد لمعانًا.
إن العظماء لا يموتون حين تُزهق أرواحهم…
بل حين يتوقف أثرهم.
وأثر هؤلاء… ما زال هو الذي يُضيء طريق الأمة إلى اليوم.
#الدكتور
مصطفى محمود رحمه الله
--------------
--------------يتبع
نجلاء فتحي قالت ل أحمد زكي. .(أنت مش وحش)
ردحذفأنت بس بصيت على نفسك في المراية الغلط.. بص لي أنا..
أنا عمري ماهطلعك وحش.
"أختاروا مرايتكم صح"❤️⚘️
--------
سعات بتجيك المراية على شكل بوست ، رسالة....منشور ، شخص بيحبك ، حد بيشبهك
لقطة في فيلم
ركز مع رسايل ربنا وافتح قلبك
حتلاقي اجابة لسؤالك بطريقة ما
ربنا بيكلمك عن طريق الكون كله بس ركز لما تلاقي سؤال جواك تعبك ركز حتسمع اجابة
و القلب الحلو ربنا حيبعثله المراية صح في الوقت الصح من المكان والشخص الصح
طول ما قلبك ناوي الخير حيلاقي الخير
وطول ما قلبك ناوي الاصلاح حيلاقي صوت الحق بيرشده
وطول ما قلبك حلو حتلاقي لي يقلك انت مش وحش
قلوب ❤️ تحب الحياة وتزرع الأمل
ردحذفمهما تعددت خيارات الحياة اختر راحة بالك دائما ..
وابحث عن السلام الداخلي وعش حياتك برضا ..
ولا ترهق نفسك بهموما لن تستفيد منها شيئا ، غير أنها تفسد عليك متعة الحياة وتحريك شعور الأمل ..
وأعلم أن الحياة مستمرة سواء ضحكت أم بكيت ..
فهون على نفسك وأرح بالك وتصالح مع الحياة بتقبل ..
ولا تسمح لهمومك أو لأي شئ يأخذ منك بريق الأمل ..
اشرب قهوتك على مهل وأرح بالك فأنت تستحق الحياة وتستحق أن تبتسم ..
ففي مرحلة من عمرك ستعلم أن السكون أبلغ من النقاش ..
والتغاضي أجمل من العتاب والترفع أرقى من صغار الأفعال ..
ستصل لمرحلة أكثر ما يهمك هو أن تعيش بضمير مرتاح وتبحث عن الهدوء والسكينة وتبتعد عن القيل والقال ..
#حسين ــ العراقي
قلوب❤️ تحب الحياة وتزرع الأمل
حذفهناك علاقة مريحة جدا ليست حبا ولا حتى صداقة ..
تقدر أن تسميها النضج أو ملتقى الأرواح ..
علاقة راقية أساسها الثقة والأمان والاحترام المتبادل ..
راقية جدا تجاوزت العتاب وبددت مراحل الشك ..
وتعدت جمال الصداقة وجاذبية الحب .. علاقة كلها احترام ..
وشعور أرقى من أن يقتله الإهمال أو يحطمه الغياب أو يؤثر على استمرارها القرب أو بعد المسافات ..
هى ملتقى الروح المتشابه والبوح والنصح .. لا يعرف قيمتها إلا من عرفها ..
#حسين ــ العراقي
جزاك الله خيرا استاذ خالد
ردحذفوأمدك الله بمدد لا ينقطع أبدا
اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم