ج8: رسالة التوضيح والبيان في قصة هاروت وماروت وخاتم سليمان - من المقصود بالشياطين في قوله (واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان) - كيف يحدث التواصل بين الشياطين وبعض الناس - وما هي طرق التواصل الروحانية المختلفة بين الجن والإنس.

    بسم الله الرحمن الرحيم

 

رسالة التوضيح والبيان

في قصة هاروت وماروت وخاتم سليمان

وما تلته الشياطين في مملكة سليمان

مع التعريف بسحر التفريق الذي أثبته القرآن

 

 (الجزء الثامن)

#- فهرس:

:: الفصل السابع :: عن المقصود بالشياطين من قوله تعالى (واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان) – وكيف يتم التواصل بين الشياطين والناس ::

1- س21: من المقصود بالشياطين في قوله (واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان) ؟

@- الرأي الأول: هم شياطين الإنس ..

@- الرأي الثاني: هم شياطين الجن ..

@- عن رأي .. خاص بصاحب الرسالة ..

2- س22: كيف يحدث التواصل بين الشياطين وبعض الناس ؟ وما هي طرق التواصل الروحانية المختلفة بين الجن والإنس ؟

- أولا: ظنك بعدم إمكانية تلاوة الشياطين على الناس .. هو ظن خطأ.

- ثانيا: عن كيفية تواصل الشياطين مع الناس.

********************

:: الفصل السابع ::

********************

..:: س21: من المقصود بالشياطين في قوله (واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان) ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- اختلف العلماء في المقصود بالشياطين .. ولي رأي خاص أذكره بعد آراء العلماء .. وهما رأيان:

 

@- الرأي الأول: هم شياطين الإنس ..

- والمقصد هو: أن علماء اليهود الفاسدين بعد موت سليمان قاموا بتحريف قصة سليمان بعد موته ونسبوا له بالباطل ما نسبوه على ملكه.

#- ودليل أصحاب هذا الرأي بأن الشياطين هم شياطين الإنس – هو الآتي:

أ- لا مانع أن يكون المقصود بالشياطين هنا هم شياطين الإنس .. لأن الله وصف أهل الشر بكونهم شياطين .. كما في قوله تعالى (وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ) البقرة:14 ..، وكما في قوله: (شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ) الأنعام:112.

 

ب- وقوله (تَتْلُوا) .. يدل على أنها تلاوة من شياطين الإنس .. لأن تلاوة شياطين الجن لا يسمعها أحد.

 

ج- وقوله: (يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ) .. وتعليم الناس السحر يتطلب أن يكون المعلم من الإنس حتى يستطيع أن يعلمهم .. إذ لو كان المعلم من الجن فكيف سيعلم الناس وهم لا يرونه ولا يسمعونه ؟!!

 

د- لو كان المقصود بقوله (ولكن الشياطين كفروا) هم شياطين الجن .. فشياطين الجن لا تحتاج لوصفهم بكونهم (كفروا) لأن هذا معلوم عنهم .. وإنما حال الإنس المستخدمين للسحر قد يظن البعض أن ما يفعلوه من السحر هو عن علم حق وليس باطل .. فأثبت القرآن أنه علم باطل ولا يفعله إلا من كفر .. ولذلك جاء بلفظ (كفروا) لبيان حقيقة فعل هؤلاء السحرة الإنسيون وأن علمهم ليس علم الحق وإنما علم الباطل.

 

#- ملحوظة: راجع ما سبق من أدلة في تفسير أبو زهرة ، وتفسير القاسمي ، وتفسير الطاهر بن عاشور .. وغيرهم من تفاسير علمائنا رضي الله عنهم ..

 

#- ويكون المعنى التفسيري المقصود في الآية على القول الأول بأن الشياطين هم الإنس:

- واتبع اليهود المعاصرين للنبي صلى الله عليه وسلم .. ما كان يتلوه الشياطين من علمائهم الإنسيين الفاسدين بما كتبوه بأيديهم في فترة أو زمن ملك سليمان بعد وفاته مباشرة .. إذ قاموا بتزوير وتحريف قصة سليمان عليه السلام .. ونسبوا إليه افتراءات بالباطل أنه فعلها في فترة حكمه لمملكته .. مثل ما ذكروه في توراة اليهود ومكتوب حتى زماننا هذا .. من كون سليمان صنع الأصنام وأباح ممارسة طقوس الجنس والقتل أمام كل صنم حسب شعائره الخاصة وذلك مرضاة لزوجاته.

- والبعض قال أن سليمان استخدم السحر لتسخير الشياطين كما في بعض المخطوطات التي سبق وذكرناها مثل "سفر وصية سليمان - وسفر الرازيم".

 

@- الرأي الثاني: هم شياطين الجن ..

- والمقصد هو: أن شياطين الجن هم الذين زينوا في نفوس أسلافهم من علماء اليهود بهذه الإفتراءات التي نسبوها على ملكه.

 

#- ودليل أصحاب هذا الرأي في أن الشياطين هم شياطن الجن- هو الآتي:

أ- اعتمدوا على روايات منسوبة للصحابي بن عباس وبعض التابعين وكلها آثار لم تصح .. وحديث واحد منسوب للنبي وهو حديث باطل .. وملخص هذه الروايات سبق وذكرناها في فصل سابق

- وملخصها للتذكرة: أن الشياطين كتبوا السحر في كتب ودفنوها تحت كرسي العرش الخاص بسليمان .. ولما مات سليمان قالوا للناس أن سليمان كان يسخرنا بالسحر ودليل ذلك أن كتب السحر موجودة تحت كرسي العرش .. فلما ذهب الناس وجدوا الكتب .. واعتقدوا أن سليمان كان يمارس السحر فعلا.

 

#- والملاحظ في هذه الروايات القصصية كلها مرتبطة بالسحر فقط .. مع أن الآية لم تظهر أن اليهود اتهموا سليمان بالسحر ..!!

 

- وهذه القصص المنسوبة للصحابي بن عباس أو للتابعين .. هي أصل تفسير من قالوا أن المقصد بالشياطين في آية (واتبعوا ما تتلوا الشياطن) أنهم شياطين الجن وليسوا شياطين الإنس .. وذلك بسبب هذه القصص فقط ..!!

 

#- ويمكن الإستدلال لأصحاب هذا الرأي .. ردا على أدلة أصحاب الرأي الأول .. بالتالي:

أ- قوله تعالى: (شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ) الأنعام:112 ..، وقوله تعالى: (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (221) تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (222) يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ) الشعراء221-223. وهذا فيه دلالة بإمكانية تلقين بين شياطين الجن وشياطين الإنس .. إذ أن الشياطين تلقي إلى الكهنة ما يسمعون من غيبيات .. فلا مانع بحدوث إمكانية التلاوة من شياطين الجن على شياطين الإنس ..، ولا مانع من حدوث تعليم من شياطين الجن لشياطين الإنس ممن لهم خاصية استقبال منهم مثل الكهنة.

 

ب- أما عن وصف شياطين الجن بالكفر في الآية .. فهذا ليس من حيث معتقدهم .. وإنما من حيث تعليمهم السحر ونواياهم استخدامه في الواقع كشر للوقيعة بين الناس أو للخراب فيهم .. فاتى البيان القرآني لبيان أن مستخدم السحر هو كافر .. لأن أصل هذا العلم من الشياطين .. والشيطان يرجو للإنس الكفر ليكون مثله .. ومهما كان المبرر لتحسين مسمى السحر .. كما يقال سحر أبيض وسحر أسود .. فجميعه سحر وفاعله ساحر قد كفر..، (علما بأن مجرد التعليم لا يدل على الكفر وإنما الكفر يتم بالممارسة).. ولذلك ذكر في الآية أنهم يستخدمونه ليفرقون به بين المرء وزوجه ..

- فانتبه إلى أن المقصود هو ممارسة السحر وليس مجرد معرفته أو تعليمه.

 

#- ملحوظة: الردود على تصورات الرأي الأول هي محض تصور مني لما يمكن أن يتم التعقيب عليه من أصحاب الرأي الثاني على أصحاب الرأي الأول .. والله أعلم.

 

#- ويكون المعنى المقصود في الآية على الرأي الثاني القائل أن الشياطين هم الجن:

- واتبع اليهود المعاصرين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم .. ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان كما اتبع أسلافهم من قبل من قديم الزمن ..

- لأنهم صدقوا ما كتبه أسلافهم عن سليمان .. فتشابهت قلوبهم فكانوا مثلهم .. بعد ما جائهم نور القرآن بالحقيقة فجحدوه واستمروا على الباطل الذي كان عليه آبائهم وهو اتباع الشياطين فيما أخبروا به من أحداث كاذبه على فترة حكم سليمان.

 

- طبعا قد التزمت في التفسير بظاهر نص القرآن فقط .. وهو أن سليمان لم يكفر ولكن الشياطين هي التي كفرت ..، وحذفت من التفسير مسألة كتابة كتب السحر التي نسبوها لسليمان ودفنوها تحت كرسي عرشه .. لأن كلها روايات ملفقة من بنات أفكار من كتبوها .. بل الصحابي بن عباس والتابعين أحسبهم برآء منها .. وسيأتي بيان ذلك بالتفصيل الكامل إن شاء الله .

 

#- ثالثا: عن رأي خاص بي (خالد صاحب الرسالة):

- أظن أنه يمكن القول أن لفظ الشياطين يجمع شياطين الإنس والجن .. طالما اشترك كلاهما في هذا الإفتراء على سليمان عليه السلام .. إذ أن شياطين الإنس محتمل وسوسة الشياطين لهم بما يتلونه على ملك سليمان .. وصادف ذلك هوى في نفس بعض اليهود حتى استجابوا لهذه الوسوسة المتلوة في صدورهم .. فقاموا بكتابتها وتلاوتها على الناس من توراة موسى كما سبق وذكرنا في الفصل الثاني ونقلنا ما كتبوه في توراة اليهود عن سليمان وما كتبه البعض في مخطوطات مثل سفر وصية سليمان .. فصدق عليهم قوله: (شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ) الأنعام:112.

 

#- ولذلك أجد أن لفظ الشياطين في قوله (واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان) .. جامع لشياطين الإنس والجن معا .. وهم الذين اشتركوا في تلاوة الباطل على ملك سليمان .. ولذلك أتى القرآن بلفظ: (الشياطين) دون تخصيص المقصود بهم في الآية .. لنفهم أن المقصود هو كل من اشترك في جريمة الإفتراء على سليمان من شياطين الإنس والجن .. ولذلك ولم يقل الله: "تتلوا عليهم الشياطين" لا .. بل قال: (تتلوا الشياطين على ملك سليمان) حتى نعرف أن إرادة الشياطين من الإنس والجن اتحدت جبهتهم في الإفتراء على سليمان عليه السلام في فترة حكمه.

 

#- ويمكن القول ببساطة شديدة لرأيي الخاص: هو أن المقصد بشياطين الجن باعتبار التحريض .. والمقصد بشياطين الإنس باعتبار التنفيذ .. لأنهم هم من قاموا بتلاوة ما قيل على ملك سليمان ..

 

- هذا رأيي .. والله أعلم.

 

#- خلاصة القول:

1- المقصود بالشياطين في قوله (تتلوا الشياطين على ملك سليمان):

- إما شياطين الإنس ..

- أو شياطين الجن ..

- وعن ظني الخاص أن المقصود كلاهما ..

 

2- والذي يطمئن له قلبي: أن المقصود بالشياطين هو مشاركة شياطين الجن للإنس في تحريف قصة سليمان وإلقاء الباطل عليه في صورة مقدسة يتم تلاوتها كعقيدة مقدسة في نفوس الناس .. وهذا ما فعلوه اليهود بالظبط مع سليمان .. إذ أوجدوا نصوص كتبوها بأيديهم في توراتهم على ملك سليمان بهتانا عليه وافتراء بالباطل.. (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ) البقرة:79.

- والله أعلم.

 

***********************

 ..:: س22: كيف يحدث التواصل بين الشياطين وبعض الناس ؟ وما هي طرق التواصل الروحانية المختلفة بين الجن والإنس ؟ ::..

 

#- قد تتسائل من باب الفضول فتقول: لو افترضنا أن الشياطين المقصود بهم شياطين الجن فقط .. فكيف كانت تلاوتهم على اليهود .. والشياطين من المفترض أنهم عالم محجوب .. والتلاوة تتطلب حضور وتلقين وتفهيم وتعليم ؟!!

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- أولا: ظنك بعدم إمكانية تلاوة الشياطين على الناس .. هو ظن خطأ.

- فالذي يقول أن السحر هو تعليم من شخص ساحر إلى شخص ساحر .. لأنه يتطلب مقابلة وتلقين بالسماع لهذا العلم.

 

- فأقول له: ومن الذي قام بتعليم أول شخص في البشر هذا السحر ؟!! أكيد الشيطان.

- إذن: هناك شخص أول تعلم السحر على يد الشيطان .. وإذا كان هناك من تعلم السحر على يد الشيطان .. فلا مانع أن يتكرر هذا في كل زمان ومكان ..

- مش كده ولا إيه ؟!!

 

- ثانيا: عن كيفية تواصل الشياطين مع الناس.

- التلاوة الشيطانية لها مدلول في كلام الله .. ونذكر منها الآتي:

1- قال تعالى: (وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ) الأنعام121.

 

#- المعنى من تفسير المنتخب:

- إن العتاة المفسدين من إبليس وأعوانه ليوسوسون فى صدور من استولوا عليهم، ليجادلوكم بالباطل. وليجروكم إلى تحريم ما أحل الله. (انتهى النقل).

 

2- قال تعالى: (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (221) تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (222) يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ) الشعراء221-223.

 

#- جاء في تفسير المنتخب:

- قال المشركون: إن الشياطين تلقى السمع على محمد .. فرد القرآن عليهم: هل أخبركم على من تتنزل الشياطين وتلقى الوساوس؟!

- تتنزل على كل مرتكب لأقبح أنواع الكذب وأشنع الآثام .. وهم الكهنة الفجرة الذين بين طباعهم وطباع الشياطين تجانس ووفاق.

- يلقون أسماعهم إلى الشياطين .. فيتلقون منهم ظنوناً .. وأكثرهم كاذبون .. حيث يزيدون فى القول على ما تلقيه الشياطين. (انتهى النقل).

 

3- قال تعالى: (وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (97) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ) المؤمنون:97-98.

 

#- والمعنى من التفسير الميسر:

- وقل أيها النبي: رب أستجير بك من إغواء الشياطين المغرية على الباطل والفساد والصد عن الحق ووسوستها، وأستجير بك -يا رب- مِن حضورهم في شيء من أموري. (انتهى النقل).

 

@- قلت (خالد صاحب الرسالة): إذا كان التعوذ من مجرد حضور الشيطان روحاني في المكان أي حضور غير مرئي ولا مسموع وإنما من وراء حجاب .. وأنه في حضوره يهمز بوسوسة تحريض على فعل الباطل.

 

- إلا أنه أيضا لا مانع من الحضور الذاتي المادي للشيطان أيضا .. كما حدث مع الشيطان الذي أمسكه أبي هريرة وكان متجسدا في هيئة غير آدمية وهذا يظهر بوضوح في رواية النسائي .. وتكلم مع أبي هريرة .. وكذلك ما حدث مع عمار بن ياسر حينما صارع شيطانا.

 

- فلا مانع حينئذ .. من حضور الشيطان بهيئة مادية متكلمة .. أو حضوره في هيئة متخيلة في عين الرائي لوجود خاصية روحانية في ذلك الشخص الرائي .. حيث يستطيع الجن من خلال هذه الخاصية الروحانية في الإنسان أن يتواصل مع ذلك الشخص .. كما كان حال الكهنة وأشباههم في كل زمان ومكان .. والله أعلم.

 

#- إذن كيفية تواصل الشياطين في الآيات السابقة يكون من خلال ثلاث طرق:

- الأولى: بالإيحاء من خلال الوسوسة في صدورهم .. فيلقون وساوسهم في النفوس للإنتصار للباطل.

 

- الثاني: بالتلقين السماعي .. من خلال نزول الشياطين حضورا بين يدي من لديهم خاصية روحانية في استقبالهم وهم الكهنة في ذلك الوقت .. وفي زماننا يوصفون بكونهم روحانيين ..

- ملحوظة: ليس كل إنسان روحاني هو شيطاني .. وإنما هذا يتوقف على حاله .. وإن كان كثير منهم حاله شيطاني .. والله ينجي المؤمنين منهم.

- واعلم أن من حاله شيطاني ففيه ثلاث شهوات لازمه:

- الأولى: حب المدح .. وكلمة الأنا والنرجسية لا تفارقه.

- الثانية: حب الظهور والشهرة.

- الثالثة: حب المال والجنس.

 

- الثالث: هو الحضور المادي متشكلا بهيئة مادية متكلمه كما حدث مع الصحابي أبي هريرة..، وكما حدث مع عمار بن ياسر أيضا .. وغيرهم ..

 

@- واعلم أخي الحبيب أن الجن أو الشياطين يمكن أن تتواصل مع الإنسان بخمسة طرق "جمعا بين الآيات والأحاديث" أردت فقط التوسع لزيادة المفهوم عندك":

1- بحضور روحاني أي غيبي لا يراه الإنسان ولا يسمعه بإذنه .. وإنما في خاطره .. من خلال الوسوسة.

 

2- وقد يتواصلون بحضور روحاني غيبي لا يراه الإنسان .. ولكن يسمع وشوشتهم في أذنه كما حال أهل العرافة والكهانة.

 

3- وقد يتواصلون مع الإنسان بحضور روحاني ولكن بصورة مادية (أي مجرد صورة من صور الماديات) .. فيراهم الشخص بصورة متخيلة له بهيئة أشخاص آدمية (مجرد صورة ظاهره أمامه وليس حقيقة) أو بهيئات أخرى كالحيوانات .. وكلها صور روحانية متخيلة أمام الشخص وهو فقط من يراها .. ويكلموه من خلال هذه الصورة الروحانية التي لا يراها غيره في المكان الجالس فيه .. "بغض النظر عن احتمالية كونه متوهما" .. وإنما على افتراض صحة ما يراه فعلا وأن التواصل حقيقي.

 

@- وطبعا أنت تتذكر .. بما حدث مع النبي في أحد صلواته حينما اعترضه الشيطان.

 

#- ملحوظة هامة جدا: لو سمحت حاول أن تستوعب أنه حينما أتكلم عن مسائل تتعلق بأشخاص روحانيين يتواصل معهم العالم الروحاني .. فهذا معناه أني أتكلم عن أشخاص يمكن حدوث ذلك معهم فعلا وفي الواقع .. وليس كلامي يتعلق بنفوس متوهمة ذلك لرغبتها ان حلم حياتها تكون شخصية روحانية ولها علاقات مع العالم الروحاني .. فانتبه لو تكرمت وحاول تكون بصير في فهم كلامي.

 

4- وقد يتواصلون معه .. مناما في أحلامه بصورة متكررة .. سواء ككوابيس مزعجة .. أو بأحلام مضللة لعقائد فاسدة في عقل هذا الشخص مثل أن الشياطين يطعمونه السحر في المنام فيراهم يفعلونه ذلك به .. وأحيانا يخبرونه بأحداث سيئة أو مصائب ستحدث ليخبر بها الناس .. وهذا من باب تحزين الشيطان للإنسان .. (ولكن العجب أن البعض يعتبر هذا كرامة لكونه يعرف مصائب ستحدث) ..!! ولا أتكلم هنا عما قد يرى مناما مرة لحدث ما وقد حدث فعلا في الواقع .. وإنما اتكلم عمن يتكرر معه هذه المنامات .. فانتبه.

 

5- وقد يتواصلون مع الإنسان بهيئة مادية ملموسة في حالة تجسيدهم .. ويتكلمون معه بهيئة غير بشرية كاملة .. وفي هذه الحالة يكونوا من أضعف ما يمكن في الحياة ويمكن قتلهم بسهولة جدا .. وسبق توضيح كل هذا الكلام في رسالة (الملاك والجن والشيطان وإمكانية تجسيده في صورة إنسان).

#- ملحوظة: قوله (إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ) الأعراف:27..، فالآية تتكلم من حيث حالتهم الروحانية التي هم عليها في عالم الحجاب .. وليس من حيث إمكانية انتقالهم لحالة مادية.

 

#- خلاصة القول:

1- لا غرابة في أن يحدث تلقين من الشياطين لبعض الناس بأمور معينة .. لأن صور تواصل الشياطين أو الجن مع الناس متعددة .. وذلك لمن هم مؤهلين في أنفسهم لاستقبال هذا الحضور بسبب أن لديهم تفعيل لخاصية روحانية فيهم .. وكما أن هؤلاء يمكن ان يؤثر فيهم الشياطين فيمكن أن يؤثر فيهم المصلحين من العالم الروحاني .

 

2- ولكني في الحقيقة لا أميل إلى أن شياطين الجن .. هم من قاموا بتلاوة الباطل على ملك سليمان .. لأن لفظ التلاوة يتطلب تقديس ومهابة لما يقال .. وهذا هو ما فعله اليهود بما كتبت أيديهم وقالوا هذا من عند الله ليكسبوه مهابة وتعظيما في نفوس الناس .. ولا يخلو ذلك الفعل من وحي شياطين الجن إليهم وتحريضهم على هذا الفعل .. فاجتمعت شيطنة الإنس مع شيطنة الجن في نشر الباطل على ملك سليمان.

- والله أعلم.

 

#- ملحوظة:

- كتبت هذا السؤال: من أجل أن تستمتع بشيء من المعرفة في الأمور الروحانية وعلاقتها بالإنسان .. ولتفهم أنه يمكن التواصل والتلقين بين الشيطان والإنسان .. وإلا فكيف يكون الساحر هو ساحر إلا بتلقين من الشيطان .. ؟!!

 

- وأرجو أن تكون الصورة قد اتضحت .. والله ولي التوفيق. 

*****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .