ج11: قصة هاروت وماروت وخاتم سليمان - لماذا قال تعالى عن الشياطين أنهم كفروا في حين هم كفار فعلا - لماذا تم تقديم براءة سليمان عليه السلام من تهمة السحر - لماذا اليهود بعد وفاة سليمان عليه السلام نسبوا لسليمان الكفر والسحر - هل اتبع بعض الروحانيين المنتسبين للإسلام نفس منهجية اليهود من الكذب على سليمان عليه السلام.

       بسم الله الرحمن الرحيم

 

رسالة التوضيح والبيان

في قصة هاروت وماروت وخاتم سليمان

وما تلته الشياطين في مملكة سليمان

مع التعريف بسحر التفريق الذي أثبته القرآن

 

 (الجزء الحادي عشر)

#- فهرس:

:: الفصل العاشر :: عن مسائل متنوعة عن جزئية قوله تعالى (واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا) ::

1- س29: لماذا قال تعالى عن الشياطين أنهم كفروا في حين هم كفار فعلا وذلك في قوله تعالى (ولكن الشياطين كفروا) ؟

2- س30: لماذا تم تقديم براءة سليمان عليه السلام من تهمة السحر ؟

3- س31: لماذا اليهود بعد وفاة سليمان عليه السلام نسبوا لسليمان الكفر والسحر ؟

4- س32: هل اتبع بعض الروحانيين المنتسبين للإسلام نفس منهجية اليهود من الإفتراء بالباطل والكذب والبهتان على سليمان عليه السلام ؟

********************

:: الفصل العاشر ::

********************

..:: س29: لماذا قال تعالى عن الشياطين أنهم كفروا في حين هم كفار فعلا وذلك في قوله تعالى (ولكن الشياطين كفروا) ؟ ::..

 

- قال تعالى: (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ ...) البقرة:102.

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- جاء وصف الشياطين بالكفر في قوله تعالى (وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا) وذلك حسب ما أرى وأظن هو للآتي:

 

1- على الرأي القائل بأنهم "شياطين الإنس" .. وذلك أن كلمة كفروا هنا لبيان سبب شيطنتهم وهي فعل السحر .. أي تشيطنوا بالكفر من أجل أنهم يعلمون الناس السحر بقصد الضرر .. !!

 

- فكان لفظ (كفروا) الأولى به شياطين الإنس .. لأن حال الإنس المستخدمين للسحر قد يظن البعض أن ما يفعلوه من السحر هو عن علم حق وليس باطل .. فأثبت القرآن أنه علم باطل ولا يفعله إلا من كفر .. ولذلك جاء بلفظ (كفروا) لبيان حقيقة فعل هؤلاء السحرة الإنسيون وأن علمهم ليس علم الحق وإنما علم الباطل.

 

2- على الرأي القائل بأنهم "شياطين الجن" .. وذلك حتى تعلم أن هذا حال إضافي لكفرهم .. فإذا كانوا كفروا بالله .. إلا أنهم ازدادوا كفرا على كفر بتعليم السحر.

 

- ولكن قد يقول معترض: لو كان المقصد بالشياطين هم شياطين الجن .. لكان قال تعالى "ازدادوا كفرا" .. وليس (كفروا) .. فإن لفظ (كفروا) يدل على وجود حال إيماني مسبق تم هجره من أجل الكفر .. وهذا لا يكون إلا مع الإنس ..، لأن شيطان الجن هو كافر فعلا .. والله أعلم.

 

- ولكن يمكن الرد على كلام المعترض: أن كلمة (كفروا) تتعلق بمعتقد الشياطين وليس بتعليمهم السحر .. وتكون الآية توقفت عند (ولكن الشياطين كفروا) .. وما بعد ذلك خبر جديد في الآية عن اليهود يخبرنا به الحق وهو أن اليهود يعلمون الناس السحر .

 

3- وعن رأيي الخاص أن المقصد هو "شياطين الإنس والجن": فيكون وصف الكفر لازم لكلاهما كلا بحسب حاله .. فشياطين الجن كفروا كبيان لمعتقدهم بدلالة جحودهم لربهم وهذا معروف عنهم .. وشياطين الإنس كفروا بفعلهم السحر .. ويكون الآية تنتهي بخبرها عند قوله (ولكن الشياطين كفروا) .. وما بعدها هو حكاية مصيبة جديدة من مصائب اليهود وهي فعل السحر ..

- والله أعلم.

 

*********************

 ..:: س30: لماذا تم تقديم براءة سليمان عليه السلام من تهمة السحر ؟ ::..

 

- قال تعالى: (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ ...) البقرة:102.

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- كان من المفترض في السياق القرآني .. أن يقال: "واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان .. وقد كفرت الشياطين .. وما كفر سليمان".

 

#- ولكن القرآن قام بتقديم تبرئة سليمان عليه السلام .. فقال (وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا).

- وذلك لسبب وجيه وهو: أن تقديم إظهار البراءة .. مقدم على إظهار اثبات التهمة .. لتعجيل إظهار شرف البريء.

 

- فكان لابد من إظهار براءة سليمان عليه السلام وعصمته وطهارته مما نسبه إليه الشياطين وأتباعهم من اليهود افتراءا وكذبا عليه .. حيث قالوا أنه صنع الأصنام وأباح عبادتها .. وهذا كفر منسوب إليه في توراة اليهود .. وبعض اليهود في أزمنة مختلفة نسبوا لسليمان فعل السحر من حيث كونه كان يسخر الشياطين في إدارة شئون مملكته.

- والله أعلم.

 

*******************

 

..:: س31: لماذا اليهود بعد وفاة سليمان عليه السلام نسبوا لسليمان الكفر والسحر ؟ ::..

 

- قال تعالى: (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ ...) البقرة:102.

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- هذا السؤال .. مشابه لسؤال ذكرناه سابقا .. في الفصل السادس تحت عنوان: (س17: ما سبب تزوير وتحريف اليهود لقصة سليمان عليه السلام حتى افتروا عليه بالبهتان والباطل ؟).

 

- لكن المقصد هنا من السؤال توضيح نقطة معينة:

#- وهي: لماذا سليمان على وجه الخصوص وليس أي نبي آخر من أنبيائهم ؟

1- السبب بسيط .. وهو أن لما انقسمت مملكة إسرائيل إلى مملكتين (مملكة الشمال ومملكة الجنوب) .. فظهر أول انحراف حدث لليهود ببناء الأصنام وعبادتها كعبادة معترف بها للدولة مع ممارسة طقوس العرافة والسحر .. فكان ذلك في مملكة الشمال .. وبعد فترة من الزمن حدث نفس الإنحراف لمملكة الجنوب ..

 

2- ولما كان سليمان عليه السلام هو النبي الأقرب لهم زمنا والأعلى شأنا في القدرة في تاريخ بني إسرائيل .. فقد افتروا عليه ونسبوا له هذا البهتان من باب تقنين قانونية عبادة الأصنام والسحر عند اليهود .. وإذا كان سليمان فعل ذلك .. فلا حرج حينئذ على أن يفعل ذلك أي أحد.

 

3- بل وليستقيم الأمر لليهود على ذلك .. كتبوا بأيديهم ما كتبوه على ملك سليمان أي في زمن حكم سليمان افتروا عليه بأنه صنع الأصنام وأباح عبادتها مرضاة لزوجاته .. كما سبق وأوضحنا..، وذلك حتى لا يعاتبهم أحد على فعلهم الذي يفعلوه .. ويتكسبون من وراءه بمنتهى الأريحية لأن هذا البهتان على سليمان أصبح كتاب مقدس موصوف بكونه توراة اليهود.

 

4- ثم يقولون للناس: لو كان فعل سليمان من صناعة التماثيل وعبادتها وممارسة السحر هو كفر .. لكان عاقبه الله .. ولكن الله لم يعاقبه .. وهذا دليل كافي على أن عبادة الأصنام وممارسة السحر في تسخير الشياطين  لم يكن كفر بل هو مباح.

 

- فهذه هي حيلتهم التي استخدموها في زمن سليمان عليه السلام ليصبغوا فعلهم الشيطاني بصبغة شرعية .. بأن نسبوا عبادة الأصنام وبعضهم نسب له فعل السحر .. حتى لا يتهمهم أحد بأنهم مخالفون لأنبيائهم أو ملوكهم ..!!

 

#- إذن: الغرض من البهتان والإفتراء على سليمان دون غيره من أنبياء بني إسرائيل .. هو لكون سليمان الأقرب لهم .. وكان له قدرة في الملك لم تكن لأحد غيره من بني إسرائيل .. فكان ما سبق كافيا في التبرير لما فعله ملوك مملكة إسرائيل من انحرافات بصناعة الأصنام وعبادتها وخاصة ما يتعلق بالإنحراف الجنسي عيانا بيانا .. وكذلك تبريرا فيما استخدمه هؤلاءالملوك من السحر والتنجيم والعرافة وغير ذلك .. ولذلك نسبوا أفعالهم القبيحة جدا إلى نبي الله سليمان لتبرير ما كانوا يقعلون ..

- والله أعلم.

 

*********************

 

..:: س32: هل اتبع بعض الروحانيين المنتسبين للإسلام نفس منهجية اليهود من الإفتراء بالباطل والكذب والبهتان على سليمان عليه السلام ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- يوجد انحراف خطير وبهتان وشهادة زور ينشرها بعض الروحانيين المنتسبين للإسلام على سليمان عليه السلام ..

1- إذ أنه للأسف .. لازال يحدث ويتكرر مثل هذا المنهج اليهودي المنحرف الفاسد والمزور على سليمان عليه السلام .. وفي بعض البلدان العربية الإسلامية .. حيث تقوم بعض المطابع المشبوهة والمشوهة قلوب أصحابها بأكل الأموال بالباطل واتباع منهجية اليهود في الكذب على الله .. وعلى نبي الله سليمان .. فماذا يفعلون ؟

 

2- حيث يطبعون كتبا عن السحر .. وستجد اسم نبي الله سليمان متداول داخل هذه الكتب مثل كتاب "الخاتم السليماني والعلم الروحاني" .. وكأن هؤلاء الروحانيين يعرفون العلم السليماني .. ولذلك يستغفلون الناس فيذكر وراء ذلك مثلا: سحر جلب الحبيب" ، "سحر رد المطلقة" ، "سحر تيسير الرزق" .. وغير ذلك من أكاذيب ليسلبوا من الناس أموالهم .. وما شابه ذلك من كتب مكذوبة افتروها على الله وعلى نبي الله سليمان عليه السلام.

 

3- فوضعوا اسم سليمان على كتب السحر أو بداخلها .. وذلك لتحظى بالقبول وليصبغوا هذه الكتب السحرية بصبغة شرعية كما فعل اليهود تماما .. لوهم الناس بأن هذه الكتب حلال .. ومباح فعل ذلك السحر .. حتى يظن عوام المسلمين أن هذا ما كتبه سليمان عليه السلام فعلا .. وأن الله أوحى لهم بذلك .. ويقوموا بممارسة واستحضار الشياطين وتسخيرها وتسليطها على الناس.

 

4- فيعلمون الناس من هذه الكتب السحر وعبادة الشيطان .. ويزعمون أنهم لا يخطئون ..

 

5- ثم يقولون للناس: أن ما يفعلونه إنما هو من الأسرار اللدنية الإلهية .. لأنهم يفعلون فعل نبي من أنبياء الله وهو سليمان وذلك كان مما أوحاه له الله .. وهذه علوم لا يعرفها إلا الخواص فقط من الناس وقد اختصهم الله بذلك ..

 

- ولكن حقيقة كلامهم .. أن هذا كذب وافتراء على الله وعلى نبي الله سليمان عليه السلام .. وقد اختصهم الله فعلا ولكن بكونهم عبيد للشيطان فيخدمون الشيطان ويخدمهم الشيطان .. لأنهم خدامين الشيطان ..

 

6- هذه المخدرات الروحانية .. أي الكتب التي يطبعوها ويقوموا ببيعها للمؤمنين ليجعلوهم في متاهة عقلية وقلبية عن الإيمان بجعلهم في غفلة وضلال بهذه الأفكار الملوثة بعبادة الشيطان .. فما يكتبونه ويكسبونه من بيع هذه الكتب إنما يأكلون في بطونهم نارا .. حيث باعوا ما كذبوا به على الله وعلى نبي الله سليمان عليه السلام .. ونشروا هذا الفساد والضلال والكذب على الله وأنبياء الله .. ويكفينا فيهم قوله تعالى: (وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ) الزمر:60 ..، ويقول تعالى (إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ) النحل:105.

- والله أعلم. 

*****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .