بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة التوضيح والبيان
في قصة هاروت وماروت وخاتم سليمان
وما تلته الشياطين في مملكة سليمان
مع التعريف بسحر التفريق الذي أثبته القرآن
(الجزء الخامس)
#- فهرس:
:: الفصل الرابع :: عن
مفهوم ملك سليمان – وما هي حدود ملك سليمان وهل عاش سبعمائة سنة وستة أشهر ؟ ::
1- س10: ما هو ملك سليمان ؟
#-
أولا: قالوا عن المقصود بملك سليمان.
#-
ثانيا: دليل أن ملك سليمان المقصد به هو حكمه لمملكته.
2- س11: لماذا قال تعالى (على ملك سليمان) ولم يقل (في ملك سليمان) ؟
3- س12: هل ملك سليمان كل
الأرض وعاش لمدة سبعمائة عام ؟
#- أولا:
عن مسألة حكم سليمان لمدة
سبعمائة عام وترك علمه لأخاه.
#- ثانيا:
عن مسألة حكم سليمان لجميع
الأرض شرقها وغربها.
#- ثالثا: أخيرا معلومة
عن التابعي مجاهد بن جبر.
#- رابعا: حدود مملكة سليمان من توراة اليهود.
********************
:: الفصل الرابع ::
********************
..::
س10: ما هو ملك سليمان ؟ ::..
-
قال تعالى: (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى
مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا
...) البقرة:102..
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
-
قبل مناقشة الروايات الإسلامية عما قالته الشياطين على ملك سليمان .. فرأيت أن أقدم مقدمة بسيطة عن ملك سليمان
.. من المفهوم التفسيري ..
#-
أولا: قالوا
عن المقصود بملك سليمان:
1-
قيل المقصود بملك سليمان .. هو النبوة ..
-
ولكن هذا قول بعيد جدا .. لأن الملك مرتبط بالحكم .. ولكن النبوة مرتبطة
بالتوجيه والإرشاد إلى معرفة الله واتباع أوامره واجتناب نواهيه .
2-
وقيل المقصود بملك سليمان .. هو مملكة سيدنا سليمان التي بناها في أورشليم آنذاك ..
أي فلسطين الآن .. وقام فيها بتسخير الشياطين في البناء ..
-
وهذا هو الأرجح والصواب والموافق للفظ القرآني .. وعموما هذا ما عليه عموم علماء
التفسير .. والله أعلم .
#- ثانيا: دليل أن ملك سليمان المقصد به هو حكمه لمملكته:
1-
قال تعالى: (وَلَقَدْ
فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ (34)
قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ
(35) فَسَخَّرْنَا لَهُ
الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ (36) وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ
وَغَوَّاصٍ (37) وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (38) هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ
أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (39) وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ) ص:35-40.
#- والمعنى
من التفسير الميسر:
-
ولقد ابتلينا
سليمان وألقينا على كرسيه شق وَلَد
.. وُلِد له حين أقسم ليطوفنَّ
على نسائه .. وكلهن تأتي بفارس يجاهد في سبيل الله .. ولم يقل: إن شاء الله، فطاف عليهن
جميعًا .. فلم تحمل منهن إلا امرأة واحدة جاءت بشق ولد، ثم رجع سليمان إلى ربه وتاب.
- قال: رب اغفر لي ذنبي .. وأعطني ملكًا عظيمًا خاصًا لا يكون مثله لأحد من البشر بعدي .. إنك سبحانك كثير
الجود والعطاء.
-
فاستجبنا له .. وذللنا الريح تجري بأمره طيِّعة مع قوتها وشدتها حيث أراد.
-
وسخَّرنا له الشياطين يستعملهم في أعماله: فمنهم البناؤون والغوَّاصون في البحار ..
وآخرون .. وهم مردة الشياطين موثوقون في الأغلال.
-
هذا المُلْك العظيم والتسخير الخاص عطاؤنا لك يا سليمان .. فأعط مَن شئت أو
امنع مَن شئت، لا حساب عليك.
-
وإن لسليمان عندنا في الدار الآخرة لَقربةً وحسن مرجع. (انتهى النقل).
2-
ويقول تعالى: (وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى
الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ (81) وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ
عَمَلًا دُونَ ذَلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ) الأنبياء81-82.
#- والمعنى
من التفسير الميسر:
-
وسخَّرنا لسليمان الريح شديدة الهبوب تحمله ومَن معه .. تجري بأمره إلى أرض «بيت المقدس» بـ «الشام»
التي باركنا فيها بالخيرات الكثيرة .. وقد أحاط علمنا بجميع الأشياء.
-
وسخَّرنا لسليمان من الشياطين .. شياطين يستخدمهم فيما يَعْجِز عنه غيرهم .. فكانوا
يغوصون في البحر يستخرجون له اللآلئ والجواهر .. وكانوا يعملون كذلك في صناعة ما
يريده منهم .. لا يقدرون على الامتناع مما يريده منهم .. حفظهم الله له بقوته
وعزته سبحانه وتعالى. (انتهى النقل).
3-
ويقول تعالى: (وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا
شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ
بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ
(12) يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ
وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ) سبأ12-13.
- والمعنى من التفسير الميسر:
-
وسخَّرنا لسليمان الريح تجري من أول النهار إلى انتصافه مسيرة شهر .. ومن منتصف النهار إلى الليل مسيرة شهر بالسير
المعتاد، وأسلنا له النحاس كما يسيل الماء، يعمل به ما يشاء، وسخَّرنا له من الجن
من يعمل بين يديه بإذن ربه، ومن يعدل منهم عن أمرنا الذي أمرناه به من طاعة سليمان
نذقه من عذاب النار المستعرة.
-
يعمل الجن لسليمان ما يشاء من مساجد للعبادة .. وصور من نحاس وزجاج .. وقِصَاع كبيرة
كالأحواض التي يجتمع فيها الماء .. وقدور ثابتات لا تتحرك من أماكنها لعظمهن ..
وقلنا يا آل داود: اعملوا شكرًا لله على ما أعطاكم .. وذلك بطاعته وامتثال أمره ..
وقليل من عبادي من يشكر الله كثيرًا .. وكان داود وآله من القليل. (انتهى النقل).
4- ويقول تعالى: (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَاأَيُّهَا النَّاسُ
عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ
الْمُبِينُ (16) وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ
فَهُمْ يُوزَعُونَ) النمل16-17.
- والمعنى من التفسير الميسر:
-
وورث سليمان أباه داود في النبوة والعلم والملك .. وقال سليمان لقومه: يا أيها الناس عُلِّمنا
وفُهِّمنا كلام الطير .. وأُعطينا مِن كل شيء تدعو إليه الحاجة .. إن هذا الذي
أعطانا الله تعالى إياه لهو الفضل الواضح الذي يُمَيِّزنا على مَن سوانا.
-
وجُمِع لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير في مسيرة لهم .. فهم على
كثرتهم لم يكونوا مهمَلين .. بل كان على كل جنس من يَرُدُّ أولهم على آخرهم .. كي
يقفوا جميعًا منتظمين. (انتهى النقل).
#- خلاصة
القول أخي الحبيب:
- أن المقصد بملك سليمان هو حكم
سليمان لمملكته .. وكيف كان يدير حكمه لمملكته.
- والله
أعلم.
******************************
..:: س11: لماذا قال تعالى (على ملك سليمان) ولم يقل (في ملك سليمان) ؟ ::..
- لفظ (على) في قوله
(على ملك سليمان) .. يحمل غموض بسيط .. وحتى في بعض كتب التفسير
يقولون أن لفظ (على) بمعنى (في) .. أي في عهد أو زمن
مملكة سليمان .. فلماذا لم يقل (في) وقال لفظ (على) ؟!!
#- إليك بيان ذلك:
1-
الحقيقة أن لفظ (على) .. قد جاء ليوضح لك أن هناك بهتان تم إضافته
زورا قد قيل على ملك سليمان .. كأنهم افتروا أقاويل بالكذب على ملك سليمان .. لم
يحدث منها شيء .. لأن لفظ التلاوة لو جاء مع لفظ (على) فهو يختلف باختلاف القائل
بهذا الكلام إن كان حاله الصدق أم حاله الكذب .. فلو جاء أن شخص يتلوا على ناس بكلام
.. فينظر لحال هذا الشخص هل صادق أم كاذب .. فلو حاله الصدق فيكون تلاوتة صدق .. ولو
كاذب فتكون تلاوته كذب ..
-
ومن ذلك:
-
قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي
الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ) الجمعة:2.
-
فالرسول صادق فتكون تلاوته هي الصدق ..
-
أما قوله تعالى: (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا
الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ) البقرة:102.
-
فالشيطان كاذب فتكون تلاوته هي الكذب ..
2-
فقوله (على مُلْكِ سُلَيْمَانَ): يكون تقدير الكلام بأنهم اتبعوا (مَا تتلوا الشَّيَاطِينُ) من افْتِرَاءات تقولوها على عهد
أو فترة حكم سليمان عليه السلام .. من حيث طريقة تثبيت وإدارة ملك سليمان .. حيث قالت الشياطين أنه أقام ملكه من خلال قراءة عزائم السحر
على ملكه وبسبب هذه العزائم السحرية سخر الشياطين التي بنت له هذا الملك ..
فكان هذا السحر هو طريقة ووسيلة سليمان عليه السلام في إدارة وتثبيت ملكه.
- وهذا كلام
كذب على سليمان عليه السلام.
#- وما ذهبت إليه من الفهم .. وجدته في كلام الإمام الفخر الرازي رحمه الله
(المتوفى:606 هـ) إذ قال:
-
والأقرب أن يكون المراد (واتبعوا ما تتلوا الشياطين): افتراء على ملك سليمان لأنهم
كانوا يقرءون من كتب السحر ويقولون إن سليمان إنما وجد ذلك الملك بسبب هذا العلم،
فكانت تلاوتهم لتلك الكتب كالافتراء على ملك سليمان. (تفسير مفاتيح الغيب ج3 ص618).
#- وخلاصة
القول:
-
أن اجتماع لفظ التلاوة مع لفظ (على) مع قائلها (الشياطين) .. فهذا يساوي فهما أنها تلاوة بالباطل قيلت على
فترة زمنية عاش فيها سليمان عليه السلام .. أي قالوا عليه بعد موته أنه كان يحكم
بالسحر بدليل تسخيره الشياطين للعمل بين يديه.
-
والله أعلم.
***********************
..:: س12: هل ملك سليمان كل الأرض وعاش
لمدة سبعمائة عام ؟ ::..
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
-
اعلم أخي الحبيب أن من الخرافات التي قد تسمعها في قصة ملك سليمان .. هي أنه عاش سبعمائة عام .. وقد حكم الأرض
كلها .. وقد جاء ذلك في روايات مختلفة .. ولكن قبل سرد هذه الروايات.
-
هل جاء في القرآن أو في حديث عن النبي محمد صلى الله عليه
وسلم .. يذكر فيه مدة حكم سليمان أو حدود ملك سليمان ؟
- الجواب: لا
.. لم يحدث ذلك.
-
إذن: فمن أين أتى البعض بفترة حكم سليمان وأنه حكم الارض كلها
؟
-
أتى المفسرين بها .. من روايات بعضها منسوب لبعض الصحابة وبعضها منسوب لبعض
التابعين ..، ولارغم من أن هذه الروايات ليست حجة شرعية ولا دليل على شيء .. ولكن
هل صحت هذه الأقوال المنسوبة للصحابة والتابعين ؟!!
- تعالوا نشوف .. بيان وحقيقة هذه الروايات المملوءة بها كتب التفاسير..
#- أولا: عن مسألة حكم سليمان لمدة سبعمائة عام
وترك علمه لأخاه.
-
جاء في (أثر
باطل) .. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ جعفر بن محمد قَالَ: (أُعْطِيَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ مُلْكَ مَشَارِقِ الْأَرْضِ
وَمَغَارِبِهَا .. فَمَلَكَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ سَبْعمِائَةَ سَنَةٍ
وَسِتَّةَ أَشْهُرٍ .. مَلَكَ أَهْلَ الدُّنْيَا كُلَّهُمْ مِنَ الْجِنِّ
وَالْإِنْسِ وَالشَّيَاطِينِ وَالدَّوَابِّ وَالطَّيْرِ وَالسِّبَاعِ .. وَأُعْطِي
عِلْمَ كُلِّ شَيْءٍ .. وَمَنْطِقَ كُلِّ شَيْءٍ، وَفِي زَمَانِهِ صُنِعَتِ
الصَّنَائِعُ الْمُعْجِبَةُ الَّتِي مَا سَمِعَ بِهَا النَّاسُ .. وَسُخِّرَتْ
لَهُ .. فَلَمْ يَزَلْ مُدَبِّرًا بِأَمْرِ اللَّهِ وَنُورِهِ وَحِكْمَتِهِ ..
حَتَّى إِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَقْبِضَهُ أَوْحَى إِلَيْهِ أَنِ اسْتَوْدِعْ
عِلْمَ اللَّهِ وَحِكْمَتَهُ أَخَاهُ .. وَوَلَدَ دَاوُدَ وَكَانُوا أَرْبَعَ
مِائَةٍ وَثَمَانِينَ رَجُلًا بِلَا رِسَالَةٍ) رواه الحاكم .. وحكم عليه الإمام الذهبي بأنه حديث باطل في
تحقيق مستدرك الحاكم ..، وذكر أنها قصة منكرة في كتابه لسان الميزان ..
#- (قلت خالد صاحب الرسالة):
1-
من حيث السند: فيه (محمد بن جعفر بن محمد بن علي بن
الحسين بن علي بن أبي طالب) وهو ضعيف الحديث .. (راجع ميزان الإعتدال ترجمة 7311) ..، و (جعفر بن محمد) ليس من
التابعين وإنما قابل صغار التابعين ..، ويوجد انقطاع السند بين (جعفر بن محمد) وبين
من نقل عنه هذه المعلومات الغيبية .. إذ لم يذكر بنا المصدر الذي نقل منه هذه المعلومات
الغيبية.
2-
أما عن فساد المتن: فلا يخفى على بصير .. إذ من المعلوم أنه
لا يوجد نص نبوي عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول بهذا الكلام المذكور في الرواية
.. فلا سليمان ملك الأرض .. ولا عاش سبعمائة سنة وستة أشهر .. وآخر المتن فيه كلام
غير مفهوم .. فلا أعلم هل داود هذا هو أخو سليمان .. أم هذا خبر منفرد من الرواية
خاص بداود النبي .. !! وفي كل الأحوال لا يمكن لسليمان أن يستودع علم الله وحكمته
لأحد لأنها منحة ووهب من الله ولا قدرة لسليمان في أن يمنحها لأحد .. بل ولا يعقل
أن يكون لداود هذا المذكور في الرواية له أربع مائة وثمانين رجلا ..!!
-
فضلا عن أن ملك سليمان وسيادته .. كانت في حدود ما مكنه الله منه .. والتي يغلب على الظن أنها
أورشليم أو بيت المقدس أو فلسطين .. لأن القرآن لم يظهر لنا أين كان ملك سليمان ..
وإنما معرفة ملكه بأنه في فلسطين فهذا من خلال كتب توراة اليهود .. والله أعلم
بصحتها ..
#-
ثانيا: عن مسألة حكم سليمان
لجميع الأرض شرقها وغربها ..
- وذلك جاء من
خلال بعض الآثار المروية عن بعض الصحابة والتابعين .. ومن ذلك:
1-
ما جاء منسوبا للصحابة – (معاوية وبن
عباس وبن مسعود) ..
أ- (أثر صحابي – ضعيف) .. عن زَكَرِيَا
بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ
الْوَادِعِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ، يَقُولُ: (مَلَكَ الْأَرْضَ
أَرْبَعَةٌ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، وَذُو الْقَرْنَيْنِ، وَرَجُلٌ مِنْ أَهْلِ
حُلْوَانَ وَرَجُلٌ آخَرُ .. فَقِيلَ لَهُ: الْخَضِرُ؟ فَقَالَ: لَا) رواه
الحاكم .. (قلت خالد صاحب الرسالة): الأثر
ضعيف .. فيه تدليس أبي إسحاق السبيعي إذ لم
يصرح بالتحديث ..، وفيه أن سماع زكريا بن أبي زائدة كان بعد أن اختلط السبيعي..،
(عمرو بن عبد الله الوادعي – اسمه: أبو حية بن قيس الوادعي الخارفي الهمداني الكوفي)
وهو مجهول .. قد انفرد السبيعي بالرواية عنه ..، ولم أجد في مصادر أهل العلم أن
(الوادعي) سمع من معاوية بن ابي سفيان .. وإنما سمع من علي بن أبي طالب وعبد الله
بن مسعود .. فيكون قول الوادعي (سمعت) هو من اختلاط السبيعي في النقل عنه ..
وبالتالي فالأثر فيه انقطاع .. والله اعلم.
ب- (أثر صحابي – ضعيف) عَنْ ابن هاشم العبدي عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ
رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: (ملك مَا بين المشرق والمغرب أربعة: مؤمنان، وكافران، أما
الكافران فالفرخان وبختنصر) رواه أبو حاتم في تفسيره.. (قلت خالد صاحب الرسالة): السند ضعيف وكله منقطع لأنه معضل .. فسقط منه
أكثر من راويان بين بن هاشم العبدي (أظنه: عبد الله بن هاشم بن حيان العبدي) وبين
عباس .. إذ أنه لا يوجد سند بين العبدي وبن عباس.
#- ملحوظة: جاء في الكتب (أبي هاشم) وأظن الصواب هو (ابن هاشم). والله أعلم.
ج- (أثر صحابي – ضعيف) .. حدثني
موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط، عن السدي فِي خَبَرٍ
ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ وَعَنْ أَبِي مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ- وَعَنْ
مُرَّةَ الهمداني عن ابن مسعود- وعن ناس من أصحاب النبي: (إِنَّ أَوَّلَ مَلِكٍ مَلَكَ فِي الأَرْضِ شَرْقَهَا وغربها
نمرود بن كنعان ابن كُوشَ بْنِ سَامَ بْنِ نُوحٍ، وَكَانَتِ الْمُلُوكُ الَّذِينَ
مَلَكُوا الأَرْضَ كُلَّهَا أَرْبَعَةً: نَمْرُودُ، وَسُلَيْمَانُ بن داود، وذو
القرنين، وبختنصر: مُؤْمِنَانِ وَكَافِرَانِ) رواه الطبري في تاريخه..، وقال محقق كتاب تاريخ الطبري الشيخ محمد بن طاهر البرزنجي: ضعيف . (راجع صحيح وضعيف تاريخ
الطبري ج6 ص163).
#- (قلت خالد صاحب
الرسالة):
أ-
الأثر ضعيف .. وقد ضعفه الطبري بنفسه .. وذلك في حديث آخر
بنفس السند في تفسيره عند الآية رقم (19) من سورة
البقرة ثم قال: "ولست أعلمه صحيحًا، إذ كنت بإسناده مُرتابًا". (تفسير الطبري ج 1 ص 354).
ب-
وفي السند (موسى بن هارون الهمداني) .. وهو غير (موسى بن هارون الطوسي
نزيل بغداد) .. ووموسى الهمداني مجهول وليس له ترجمة في كتب التراجم.
#-
قال الشيخ أكرم الأثري: موسى بن هارون بن إسحاق، الهمداني، الكوفي،
من الحادية عشرة، لم أعرفه، ولم أجد له ترجمة، ولم يعرفه الشيخ شاكر قبلي، ولم ير
حاجة للبحث فيه من حيث " الجرح والتعديل "، كونه يروي كتابا معروفا عند
أهل الحديث، وإنما تكلم فيمن فوقه من رجال السند. (راجع معجم شيوخ الطبري ص 633).
#-
وقال: محقق تاريخ الطبري الشيخ محمد بن طاهر البرزنجي: "هذا إسناد لم يصححه الطبري
نفسه .. وشيخه لم نجد له ترجمة". (راجع صحيح وضعيف تاريخ الطبري ج 6 ص 51).
ج-
وفي السند (أسباط بن نصر الهمداني) .. هو صدوق يخطيء ولكن له غرائب
ولعل هذه الرواية من غرائبه .. وهو مجملا مختلف عليه بين التوثيق والضعف.
د-
وفيه (السدي – وهو إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة): وهو فيه ضعف والبعض جعله مقبول .. وقال عنه
أبو حاتم والطبري لا يحتج بحديثه .. (راجع تهذيب الكمال وتهذيب
التهذيب ج1 ص314) ..
هـ- والطريق من خلال (أبو صالح وهو باذان
مولى أم هانيء) عن بن عباس .. هو طريق ضعيف جدا لأن أبو صالح ضعيف جدا
ومتهم بالكذب .. ولوجود انقطاع بين أبي صالح وبن عباس لأن أبو صالح لم يسمع بن
عباس .. (راجع تهذيب
التهذيب ج1 ص417).
@-
وسواء طريق: "أبو صالح" أو طريق "أبو مالك" عن
بن عباس .. أو طريق "مرة
الهمداني" عن بن مسعود .. أو طريق جماعة من الصحابة .. فالجميع عن شيخ الطبري
وهو مجهول .. وعن إسماعيل السدي وهو لا حجة في مروياته.
- فكيف بعد كل ماسبق يصح الأثر .. ؟!!
#-
وأخيرا أقول: وحتى لو صح سند الأثر .. فتظل الرواية معلولة لأن بن عباس لم يصرح بمصدر
هذه المعلومة الغيبية .. ولو كان أخذها من النبي لكان صرح بذلك .. فانتبه.
2- ما جاء عن التابعين – (كل الروايات عن مجاهد التابعي):
أ-
(أثر
تابعي – ضعيف) .. عن عبد الله بن حامد، قال: أنا
محمد بن يعقوب، قال: نا الحسن بن علي بن عفان، قال: نا أبو أسامة، عن العلاء بن
عبد الكريم الأيامي، عن مجاهد قال: (ملك الأرض
أربعة: مؤمنان، وكافران، فأما المؤمنان: فسليمان بن داود عليهما السلام، وذو
القرنين عليه السلام، وأما الكافران: فنمروذ، وبُخْتُنَصّر) رواه الثعلبي في تفسيره الكشف والبيان.
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
-
في السند (عبد الله بن حامد الأصبهاني): يتم ذكره في الكتب بلا جرح ولا تعديل ويغلب
على الظن أنه صدوق .. والله أعلم.
-
وفي السند (أبو أسامة – وهو حماد بن أسامة): بالرغم من كونه ثقة إلا أنه دلس في الرواية
ولم يصرح بالتحديث أو السماع من (العلاء) .. ولم أجد في مشايخ أبو أسامه (العلاء)
.. ولم اجد في تلامذة العلاء (أبو أسامة) .. وهذا يؤكد أن أبو أسامة دلس في الرواية
.. والله أعلم.
@-
حتى لو صح السند حتى مجاهد .. فسيظل العلة الرئيسية قائمة في الرواية .. وهي وجود انقطاع
بين مجاهد ومصدر المعلومة الذي أخذ عنه مجاهد هذه المعلومة الغيبية.
#-
وفي (أثر تابعي
– ضعيف) بطريق آخر
للرواية السابقة .. عن أبي منصور محمَّد بن عبد الله
بن حمشاذ قال: أخبرنا أبو عبد الله محمَّد بن يوسف قال: حدثنا الحسن بن محمَّد ابن
جابر قال: حدثنا عبد الله بن هاشم، قال: حدثنا وكيع، عن العلاء بن عبد الكريم قال:
سمعت مجاهدًا يقول: (ملك الأرض أربعة: .... إلى آخر الرواية السابقة) رواه الثعلبي في تفسيره
الكشف والبيان.
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
-
(أَبُو منصور الحَمْشَاذي) هو مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن حمشاذ - المتوفى:386
هـ - وعاش (72) سنة – يعني كان ميلاده 312 هـ. (راجع تاريخ الإسلام للذهبي ج8 ص600 ترجمة 230) ..
- وليس في مشايخه شخص باسم (أبو عبد الله محمد بن يوسف) ..
-
(الحسن بن محمد بن جابر) – وهو أبو علي الحسن بن محمد بن جابر السعتري المعروف بحسن الوكيل – المتوفى: 320 هـ .. والمولود: 233 هـ ..، ولم يروي عنه إلا "أبو
بكر بن إسحاق الصبغي - وأبو علي الحافظ" (راجع الأنساب للسمعاني ج5 ص614) ..
- وليس
في تلامذته شخص باسم (أبو عبد الله محمد بن يوسف) ..
@- وبالتالي من هو (أبو عبد الله محمد بن يوسف) هذا
المجهول .. الذي ليس في مشايخ (أبو منصور حمشاذ) - وليس في تلامذة (الحسن بن محمد
بن جابر) ؟!!
#- ملحوظة هامة جدا: البعض أخطأ وظن أن (أبو عبد الله محمد بن يوسف) هو (أبو عبد الله
محمد بن يوسف بن واقد بن عثمان) وهذا مستحيل .. لأن (محمد بن يوسف بن واقد بن
عثمان – توفى:212 هـ) .. فكيف يكون تلميذه (أبو منصور حمشاذ المولود في: 314 هـ) حسب التواريخ التي ذكرها الذهبي وسبق كتابتها ؟!! يعني هو أتولد بعد شيخة بمائة عام تقريبا ..، بل
وكيف يكون شيخ (محمد بن يوسف بن واقد) هو (الحسن بن محمد بن جابر) إذا كان (الحسن)
هو مولود سنة (233 هـ) ؟!! يعني هو يكون توفى قبل ميلاد مقابلة بشيخه بعشرين عام
تقريبا .. فكيف قابله ؟!!
#- وتظل العلة الرئيسية قائمة في
الرواية: وهي وجود انقطاع بين مجاهد ومصدر المعلومة الذي أخذ عنه
مجاهد هذه المعلومة الغيبية.
ج- (أثر تابعي - مكذوب) .. عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: نا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا
آدَمُ بن أبي إياس، قَالَ: نا وَرْقَاءُ بن عمر، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: (لَمْ يَمْلِكِ الْأَرْضَ كُلَّهَا إِلَّا أَرْبَعَةٌ: مُؤْمِنَانِ، وَكَافِرَانِ ..
فَالْمُؤْمِنَانِ: سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، وَذُو الْقَرْنَيْنِ .. وَالْكَافِرَانِ:
نُمْرُوذُ بْنُ كُوشَ، وَبُخْتَنَصَّرُ) قيل في
كتاب مجموع فيه تفسير مجاهد.
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
-
الأثر مكذوب .. وفيه (عبد الرحمن بن الحسن الأسدي الهمذاني) وهو متهم
بالكذب .. (راجع تاريخ
الإسلام ج8 ص46 ترجمة57).
د- (أثر تابعي – ضغيف جدا) .. قال الطبري: حدثني المثنى، قال: حدثنا
أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال "في قوله" :( (أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ):
أَقْتُلُ مَنْ شِئْتُ وَأَسْتَحْيِي (أي وأبقي على قيد الحياة) مَنْ شِئْتَ .. (وأي وذلك بأن) أَدَعُهُ حَيًّا فَلَا
أَقْتُلُهُ .
-
وَقَالَ (أي مجاهد): مَلَكَ الْأَرْضَ مَشْرِقَهَا
وَمَغْرِبَهَا أَرْبَعَةُ نَفَرٍ مُؤْمِنَانِ وَكَافِرَانِ، فَالْمُؤْمِنَانِ:
سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، وَذُو الْقَرْنَيْنِ .. وَالْكَافِرَانِ: بُخْتَنَصَّرُ
وَنُمْرُودُ بْنُ كَنْعَانَ .. لَمْ يَمْلِكْهَا غَيْرُهُمْ) رواه الطبري في تفسيره.
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
-
وفي السند (المثنى بن إبراهيم الآملي): شيخ الطبري وهو مجهول تماما ولا
أثر له في كتب التراجم حسب ما بحثت .. وقال الشيخ أكرم بن زيادة الفالوجي الأثري
عن المثنى: ذكره الشيخ شاكر في تحقيقه «لتفسير الطبري» (1/ 176 / 186) وقال:
" شيخ الطبري. . . يروي عنه الطبري كثيرا في " التفسير " و "
التاريخ ".
#-
ثم قال الشيخ أيمن الأثري تعقيبا لما سبق: قلت لم أقف له على
ذكر في كتب الرجال والتراجم!!!!، ولم أقف له على رواية في كتب الحديث والتفسير
والفقه، إلا عند الطبري، وقد سألت عنه كثيرا من أهل العلم بالحديث والرجال، ولم
أجد من يعرفه!!!، رغم كثرة روايته وكثرة شيوخه الذين روى عنهم والذين تراوحت روايته
عنهم بين الرواية الواحدة، عن (إسحاق بن إسماعيل) وغيره، والمئات من الروايات،
(ثمان وثلاثون وثمانمائة) رواية عن (إسحاق بن الحجاج) وقد لاحظت الآتي: تفرد
الإمام الطبري بالرواية عنه رغم كثرة شيوخه الذين روى عنهم!! مما يدفعنا إلى الحكم
بجهالة عينه حتى يثبت لنا غير ذلك.. !! (انتهى النقل) ..، وله بحث في ذلك الموضوع يمكنك
الرجوع إليه في (معجم شيوخ
الطبري ص 433).
- وفي
السند (أبو حذيفة النهدى – موسى بن
مسعود) وهو ضعيف لا يحتج به .. (راجع تهذيب التهذيب ج10 ص371).
- والسند
فيه انقطاع بين (ابن أبي نجيح) وبين (مجاهد) .. لأن (عبد الله
بن أبي نجيح) لم يسمع التفسير من مجاهد .. قال ابن حبان : ابن أبى نجيح
نظير ابن جريج فى كتاب القاسم بن أبى بزة عن مجاهد فى "التفسير" ; رويا
عن مجاهد من غير سماع . (تهذيب
التهذيب ج6 ص54).
#- ملحوظة هامة جدا: أسانيد روايات التابعي مجاهد بن جبر .. لم
تصح ولن تصح .. لأنها مقطوعة السند عمن أخذ هذه المعلومة الغيبية .. فضلا عن أنها
مجرد رأي لا غير ذلك .. بل ورأي مردود .. وهذا يتبين من غرابة المتن نفسه .. ويظهر
ذلك في البند التالي.
#- أما عن متن الروايات السابقة جميعا:
1-
من الإستخفاف العقلي أن أظن أنه يمكن لأحد أن يكون حاكم للأرض كلها .. وركز في كلمة (كلها) لأن بعض الروايات قالت (الأرض
كلها) والبعض قال (ملك الأرض) دون تخصيص لجزء معين يعني الأرض كلها .. والرواية
تؤكد ذلك بمشرق الأرض ومغربها .. فكيف يمكن تصور ذلك لقدرة أي جيش في الوجود حتى
ولو في زماننا هذا ..!!
- لأنه ببساطة: من يحيط عليما بالأرض كلها .. ليستطيع أن
يحكم عليها كلها ؟!!
#-
أما قوله تعالى عن ذي القرنين: (إِنَّا
مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ) الكهف:83 ..، فهذا معناه تثبيت ملكه في الأرض .. وكان كلما غزا في الأرض أو
سعى فيها كان لا قاهر له لما معه من أسباب وهبه الله له ليؤيد له بها ملكه .. وليس
التمكين بمعنى أنه كان يستولى على الأرض شرقا وغربا ليحكم كوكب الأرض ..!!
2- لا أحد يعرف
من هو هذا النمرود .. حتى يقال أنه نمرود بن كنعان بن كوش ابن سام ابن نوح .. !!
-
فلا وجود لأي دليل يقول بذلك .. وكله مجرد ظنون .. بل ولا نعلم إن كان قال هذه الظنون أصحابها
أم لا .. يعني لا يوجد يقين حتى في نسبة هذه الأقوال أو الظنون لأصحابها .. لأن الأسانيد
واهية ومضطربة ولم يصح منها شيئا .. وحتى لو صح منها شيء فهي مجرد أقوال لا يعتمد
عليها لأنها ليست من قول النبي صلى الله عليه وسلم.
-
وبعدين النمرود هذا كيف يملك مشرق الأرض ومغربها .. إذا كانت الحياة حينئذ مجرد
قبائل بسيطة ..!!
2-
ستلاحظ تضارب الأقوال في الكافرين الذين حكموا الأرض .. إذ يظهر من خلال الروايات .. (النمرود – رجل من
حلوان – بختنصر – الفرخان) .. ولا أعلم من هذا الفرخان ..!!
3-
لا يوجد دليل واحد يقول: أن الأرض كلها قد ملكها مؤمنان ومشركان على فترات زمنية مختلفة تحت حكم واحد
.. بل كل أمبراطوريات الأرض كانت لها توسعات في حدود ما يستطيعون الوصول إليه .. وليس
فيما لا علم لهم به ..!!
-
حتى سليمان عليه السلام ما كان يعلم بما تفعله مملكة سبأ .. لولا أن أخبره طائر
الهدهد ..!!
4-
ولو تمكن الكافر من مشارق الأرض ومغاربها .. فهذا معناه انتهاء توحيد الله في الأرض .. وهذا
معناه قيام القيامة .. لأن القيامة لا تقوم إلا على شرار الناس .. فكيف وقد انتشر
الكفر في الأرض كلها مشرقها ومغربها ؟!! أيوجد بعد ذلك شر !!
-
ولكن قد يمكن الله للكافر الظالم في بعض الأرض .. فهذا ممكن .. ولكن
أن يقال في كل الأرض فهذا من اللامعقول تصوره .. والله أعلم.
#-
وذلك مثل ما حدث مع فرعون: إذ قال تعالى: (إِنَّ فِرْعَوْنَ
عَلَا فِي الْأَرْضِ) القصص:4 .. فظاهر
اللفظ (علا) قد يشمل تمكينه في الأرض عموما ..،
ولكن بعض العلماء خصصها بأرض مصر كما قال في يوسف: (وَكَذَلِكَ
مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ) يوسف:21 والمقصد منها أرض مصر حينئذ ..، والبعض خصصها
بعلوه في الإسراف .. ومهما كان التفسير .. فلا يمكن نتصور أن فرعون يمكن أن يكون
حكم الأرض كلها مشرقها ومغربها .. فهذا محال عقلا ..
#- ثالثا: معلومة عن التابعي مجاهد بن جبر:
- بالرغم من
سعة علم مجاهد بالتفسير ونحسبه كان من المتقين وقيل أنه توفى وهو ساجد .. إلا أن العلماء كانوا يتقون تفسيره في غرائب
وعجائب القصص الإسرائيلية والمعلومات التي لا مصدر لها.
#- قَالَ
أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ: (قُلْتُ لِلأَعْمَشِ: مَا
لَهُمْ يَتَّقُونَ تَفْسِيرَ مُجَاهِدٍ ؟ قَالَ: كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ
يَسْأَلُ أَهْلَ الْكِتَابِ) رواه بن سعد في الطبقات.
- والله
أعلم.
#- رابعا: حدود مملكة سليمان من
توراة اليهود.
- مسألة حدود مملكة سليمان هذه فيها بعض الغموض
بالنسبة لي .. وإن كان الظاهر هو حكم مقر مملكته كان أورشليم أو فلسطين.
-
وجاء في توراة اليهود أن حدود مملكة سليمان امتدت من العراق وسوريا
وفلسطين إلى سيناء في مصر .. وهذا يظهر من خلال نص سفر الملوك: (وكان سليمان متسلطًا على جميع الممالك من النهر (الفرات)
إلى أرض الفلسطينيين وإلى تخوم مصر... وكانوا يقدمون الهدايا ويخضعون لسليمان كل أيام
حياته) (سفر الملوك الاول -
الإصحاح الرابع – مقطع رقم21).
-
معنى (تخوم مصر): أي أطراف مصر الحدودية والمقصد
بها تحديد هو شيناء أو منطقتي رفح والعريش بسيناء ..
#-
والمعنى من تفسير الموسوعة الكنسية نقلا من موقع الأنبا تكلا:
- متسلطًا على جميع الممالك من النهر الكبير أي نهر الفرات إلى نهر مصر، والذي
يقع عند حدودها قرب العريش .. وهو نهر موسمى من مياه السيول في سيناء .. وليس النيل
.. وكانت الهدايا الإجبارية التي تعتبر كجزية مقدمة من الشعب سببًا في ازدياد موارد
الدولة بالإضافة إلى أن السخرة وفرت للدولة أموالًا كثيرة. (انتهى النقل).
- ما سبق .. لم يظهره القرآن ولا حتى التاريخ .. فضلا عن
أن توراة اليهود لا يتم الوثوق بها أصلا لما حدث فيها من تحريف كما أخبرنا القرآن
بذلك ..!!
-
وتوراة اليهود ما هي إلا مجموعة قصص تاريخية .. والتاريخ ليس قرآن حتى
تثق فيه .. !!
#- ملحوظة هامة : ومن هذا النص التوراتي السابق .. يجعلك تفهم
لماذا يحاول اليهود الإستيلاء على الشام (سوريا ولبنان وفلسطين) والعراق وسيناء ..
- والله من
ورائهم محيط .. فصبر جميل.
#- خلاصة
القول:
1-
مجهولية حدود مملكة سليمان .. فالله أعلم بما كانت.. فلا يوجد نص قرآني ولا حديث
نبوي ..يرشدنا إلى ذلك .. وكذلك لا يمكن الوثوق في توراة اليهود لما فيها من تحريف
كما أخبرنا القرآن .. ولا يمكن الوثوق كذلك فيما ذكرناه عن بعض الصحابة والتابعين
لأنها مصادر غير موثوق فيها ومطعون عليها فضلا عن أنه لا وجود لمصدر معلوماتهم.
2-
قد تسألني فتقول: ما فائدة تحقيق هذه الروايات التي هي مجرد رأي أو ظن - وقد
لا تكون بمسألة مهمة بالرسالة التي نكتبها عن ملك سليمان ؟
-
بالنسبة لك لو كنت متعلم أو دارس أصول دين .. هي مجرد قول أو رأي أو ظن .. ولكن البعض
حينما يقرأها فهو يتخذها معتقد لاعتقاده فيمن نسب إليه هذا القول بأنه شخص مقدس
ولا يخطأ .. وينقولون الكلام دون أي عقل أو مفهومية لما يقرأون أو ينقلون من كتب
أهل العلم .. وللأسف من يفعل ذلك هم بعض الدعاة .. !! ولكن لهم العذر فكيف يعلمون
الصواب من الخطأ إذا كانت هذه المصادر العلمية لم يتم تحقيقها ..!!
3- المشكلة الأصلية في سبب تحقيقي
لهذه الروايات .. هي تطهير التفسير القرآني مما علق به من خرافات وأراء
شاذة نحن في غنى عنها .. ولم يامرنا القرآن بالبحث فيها .. ولكن القرآن أعطانا فقط
ما نحن نحتاجة .. ولو كان أراد لنا المزيد لمنحنا هذا المزيد.
@-
ولو تأملت ستجدني لم أخرج عن الرسالة التي أكتب فيها .. إذ أن الروايات التي حققتها تكلمت عن ملك
سليمان .. وهذا أصل من الرسالة التي نكتب فيها.. فتأمل.
#- أخي
الحبيب:
-
ليست المشكلة أن يكون هناك من مكَّنه الله في بعض الأرض .. ولكن الحقيقة أن بعض الناس تنقل الكلام من
التفاسير وكأنها حقائق مسلمة .. في حين لا دليل على ما يقولون ..
#- ويتبقى عندي دائما السؤال المهم وهو:
-
لماذا يتم البحث في غيبيات أبهمها الله في قصص القرآن ولم يأمرنا بالبحث عنها ؟!!
-
لا أرى سوى أنه فضول مذموم .. وماذا كانت النتيجة ؟
- النتيجة: قد ترتب على ذلك الفضول المذموم في البحث في
غيبيات القرآن التي أبها .. ظهور خرافات تم دسها في كتب التفاسير .. قد ضللت كثير
من المؤمنين في زماننا هذا .. بل ضللت كثير من المفسرين وأثرت عليهم في توجيه
رأيهم التفسيري.
-
فما أجمل أن يكون التفسير القرآني مرتبطا بألفاظه فقط .. دون خرافات قصصية مصاحبة له .. إلا لو
كانت للتوعية والتحذير منها.
- هذا والله أعلم.
*****************
{ تَبَـٰرَكَ ٱلَّذِی بِیَدِهِ ٱلۡمُلۡكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرٌ }[سُورَةُ المُلۡكِ: ١]
ردحذفسبحان الله في ملكه
سبحان الله في عظمته
جزاك الله كل خير استاذنا الفاضل
امين يارب العالمين
السادة الأفاضل:
حذفتم اضافة الآتي للموضوع:
1- س11: لماذا قال تعالى (على ملك سليمان) ولم يقل (في ملك سليمان) ؟
2- وتم اضافة بند في س12: وهو جزئية: "رابعا: حدود مملكة سليمان من توراة اليهود."
====================
اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم
فما أجمل أن يكون التفسير القرآني مرتبطا بألفاظه فقط .. دون خرافات قصصية مصاحبة له .. إلا لو كانت للتوعية والتحذير منها.
ردحذفالأستاذ خالد ابو عوف
هذا جميل 👆 لمن لا خواطر له .. لا فضول له .. لا وسواس له .. لا رغبة له .. فالوقوف على الألفاظ فقط .. قد يُعطل منهجية مدونة الروحانيات في الإسلام كونها تُصحح الجانب الإيماني .. أى منهج التزكية .. أى تصحيح الخواطر الدنية .. والفضول الذى يقتل صاحبه .. والوسواس الذى يظنه من يظن أنه إلهام .. والرغبة أيا كان نوعها إلا رغبة واحدة .. يعرفها من يعرفها ..
لا اعترض على الجملة الجميلة "فما أجمل أن يكون التفسير القرآني مرتبطا بألفاظه فقط .. دون خرافات قصصية مصاحبة له .. إلا لو كانت للتوعية والتحذير منها." الأستاذ خالد ابو عوف
ولكن اعترض على كونه (صعب) وليس بالسهل في كل الأزمان .. ففتح الله لنا ابواب الخير بهذه المدونة المباركة .. إذ تحمل في طياتها الكثير والكثير من علوم التزكية للارتقاء للقلب السليم .. الذى أجرى مواضيعها على يديك بنيتك السليمة إذ أنك تحب الخير للغير .
وإن كان التفسير القرآني مرتبطا بألفاظه فقط .. كان فسره النبي .. ولكن هى فتنة .. ليرى الله وهو العليم بكل شيء.. من يتحقق ممن لا يتحقق .. وانت من المتحققين والله يزيدك من فضله.. فهذه (هبة).
ومن الممكن أن يعلمنا الله على يديك .. إذ من الممكن ان تخطئ بدون قصد .. وتدافع عن حديث قد تظنه صحيح في وقت ما .. ثم يهديك الله أنه ليس صحيحاً وذلك بعد علم ومثابرة ونية طيبة .. فنتعلم من ذلك كونك لم تمحو القديم وتكتفى بالجديد الصحيح .. بل تركت الاثنين وهذا أراه (إبراهيم فهيم) أنك ملكت زمام الرغبة فوجهتها إلى صاحبها .. وهذه (هبة) .. لا أعلمها ولكن هى خيرة .. وما اجمل من (حريص) (حريص) (حريص) عليكم .. بـ (المؤمنين رؤوف رحيم)
هذا والله اعلم
اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم