الروحانيات فى الإسلام: ج9: رسالة الإحسان خواطر قلبية حول معاني إيمانية وروحية - مصطلح ( الزهد ) - ما هو مفهوم الزهد أي زهد النفس - هل يوجد دليل في الشريعة على حال الزهد - ما هو زهد الأجساد – "زهد الظاهر" - ما هو زهد القلوب – "زهد الباطن" - ما الفرق بين الزهد بمعنى منع النفس عن شيء .. وبين الزهد بمعنى انقطاع النفس عن شيء - هل الزهد يمنعك عن الحركة في الحياة والسعي فيها بطموح - هل المقصود من الزهد هو الهيئة السيئة في الملبس والرديء من الطعام والشراب والسعي حافيا مع لبس المرقعات.

بحث في المدونة من خلال جوجل

الثلاثاء، 17 نوفمبر 2020

Textual description of firstImageUrl

ج9: رسالة الإحسان خواطر قلبية حول معاني إيمانية وروحية - مصطلح ( الزهد ) - ما هو مفهوم الزهد أي زهد النفس - هل يوجد دليل في الشريعة على حال الزهد - ما هو زهد الأجساد – "زهد الظاهر" - ما هو زهد القلوب – "زهد الباطن" - ما الفرق بين الزهد بمعنى منع النفس عن شيء .. وبين الزهد بمعنى انقطاع النفس عن شيء - هل الزهد يمنعك عن الحركة في الحياة والسعي فيها بطموح - هل المقصود من الزهد هو الهيئة السيئة في الملبس والرديء من الطعام والشراب والسعي حافيا مع لبس المرقعات.

  بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة الإحسان

مفاهيم وخواطر قلبية حول معاني إيمانية وروحية

 (الجزء التاسع)

* فهرس:

:: أولا: مصطلح ( الزهد ) – "زهد النفس" ::

1- س1: ما هو مفهوم الزهد ؟

2- س2: هل يوجد دليل في الشريعة على حال الزهد ؟

3- س3: هل المقصود من الزهد هو الهيئة السيئة في الملبس والرديء من الطعام والشراب والسعي حافيا مع لبس المرقعات ؟  

4- س4: ما هو زهد الأجساد – "زهد الظاهر" ؟

5- س5: ما هو زهد القلوب – "زهد الباطن" ؟

6- س6: ما الفرق بين الزهد بمعنى منع النفس عن شيء .. وبين الزهد بمعنى انقطاع النفس عن شيء ؟

7- س7: هل الزهد يمنعك عن الحركة في الحياة والسعي فيها بطموح ؟

*****************
(من الأمور التي تحدث نتيجة جذبة الذكر)
(الزهد)
***********************
:: مصطلح ( الزهد ) – "زهد النفس" ::
*******************

..:: س1: ما هو مفهوم الزهد .. ودليل ذلك من الشريعة ؟ ::..
 
- الزهد معناه الإمتناع عن الشيء وترك الحرص عليه ..
- وزهد النفس هو منع النفس من التعلق ظاهرا وباطنا بمباح يسبب لها نقص في المعاملة مع الله بالتقصير في واجبات العبادات والمعاملات .. أو يسبب لها حجاب أو فساد في علاقتها بالله بالبعد عن الحياة الإيمانية مع الله ..
 
- والزهد أخي الحبيب إنما يكون في المباحات .. والإمتناع عن المحرمات لا يسمى زهدا فيها .. وإنما يسمى تقوى لله .
 
- وقولي أنه منع النفس ليس بمعنى تحريم على النفس .. لا .. وإنما المنع هو تحجيم النفس عن فعل مباح لما قد يترتيب عليه من مفسدة في العلاقة مع الله .. كالذي ياكل ولكن ياكل كثيرا حتى يصيبه خمول وكسل وبالتالي قد يصرفه ذلك عن أداء الصلاة .. ولا يوجد تحريم للمباحات .. لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ . وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ) المائدة87-88 ..
 
****************************
..:: س2: هل يوجد دليل في الشريعة على حال الزهد ؟ ::..
 
- أولا: ومن أدلة الزهد في القرآن :
- قوله تعالى: (وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى) طه31 ..
- والمعنى: ولا تنظر إلى ما مَتَّعْنا به هؤلاء المشركين وأمثالهم من أنواع المتع ، فإنها زينة زائلة في هذه الحياة الدنيا، متعناهم بها; لنبتليهم بها، ورزق ربك وثوابه خير لك مما متعناهم به وأدوم .. حيث لا انقطاع له ولا نفاد.
- وهذا إرشاد للزهد فيما ليس من نصيبك وترك التعلق به .. واكتفى بما رزقك به الله .. ففيه الخير لك ..
- والآية وإن كانت للنبي توجيها إلا أنها لأمته في الحقيقة .. من باب الكلام لك أيها النبي ولكن المقصد منه أمتك المتبعة له ..
 
- ثانيا: وفي الحديث نجد النبي صلى الله عليه وسلم يرشدنا بعض الناس لطريق الزهد ..:
1- عن سهل بن سعد الساعدي قال (جاءَ رجل فقالَ يا رسولَ اللَّهِ دُلَّني على عملٍ إذا أنا عملتُه أحبَّني اللَّهُ وأحبَّني النَّاسُ .. قالَ ازهد في الدُّنيا يحبُّكَ اللَّهُ ..  وازهد فيما عندَ النَّاسِ يحبُّكَ النَّاسُ) صحيح بن ماجه ورواه أبو نعيم في الحلية .. قال بن حجر في المشكاة: حسن .. وذكره السيوطي في الجامع الصغير بأنه حسن ..، وذكره النووي في الاذكار بأن حسن ..، وقال الالباني في المشكاة: صحيح بمجموع طرقه..، وذكره في صحيح الجامع بأنه صحيح ..، وذكره في صحيح بن ماجه.
 
2- عن معاذ بن جبل قال: (أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لمَّا بعَث به إلى اليمنِ قال له إيَّاك والتَّنَعُّمَ فإنَّ عبادَ اللهِ ليسوا بالمُتَنَعِّمينَ) .. قال الهيثمي: رجاله ثقات ..، وذكره الألباني في الصحيحة.
- والحديث محمول على التنعم الذي قد يحيد بك إلى مفسدة في العلاقة مع الله .. حيث قد يجعل ذلك وسيلة لجذب أهل لمعاصي إليك والفتنة بهم والإختلاط معهم .. مما يترتب على ذلك مفسدة في إيمان الإنسان بسبب هذا الإختلاط .. ولذلك أرشد النبي معاذ إلى جانب الزهد حتى تظل النفس منكسرة لله ..
 
3- قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما ملأَ آدميٌّ وعاءً شرًّا من بطنٍ حسْبُ الآدميِّ لقيماتٌ يُقِمنَ صلبَهُ فإن غلبتِ الآدميَّ نفسُهُ فثُلُثٌ للطَّعامِ، وثلثٌ للشَّرابِ، وثلثٌ للنَّفَسِ) صحيح بن ماجة وصحيح بن حبان.
- قوله (لقيمات): أي يكفيه بعض اجزاء من الخبز ما يعطيه به القدرة على المعيشة .. ويفعل ذلك حتى لا يشبع .. فيصيبه حالة خمول وكسل .. فضلا عن أن هذا يجعل النفس محرومة من الحرص على ما تريد .. فيكون هذا زهدا أو تركا لمزيد من المباح ..
 
4- قال النبي صلى الله عليه وسلم: (البَذَاذَةُ مِنَ الإِيمانِ) صحيح أبي داود.
- قوله (البذاذة): أي الزهد المتواضُعَ في الهيئةِ والملبَسِ كفا للنفس عن التكبر والفخر .. وهو إرشاد لعدم المبالغة في التزين .
 
************************
 
..:: س3: هل المقصود من الزهد هو الهيئة السيئة في الملبس والرديء من الطعام والشراب والسعي حافيا مع لبس المرقعات ؟ ::.. 
- انتبه أخي الحبيب ..
- سجد من يصور لك حال الزهد على أنه ارتداء الملابس المقطعة أو المرقعة والسير حافيا مع أكل الرديء من الطعام .. وهكذا ..!!
- وهذا كلام باطل .. ولم يقل به الله ولا رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
- فكل الأحاديث التي تشير إلى الزهد في الطعام والشراب والملبس .. فإنما ذلك يقصد منه ترك المبالغة في الفعل .. ودليل ذلك:
1- قوله تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) الأعراف31.
 
2- قوله تعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا) الفرقان67.
 
- قوله (لم يقتروا): أي لا يضيقون فى النفقة .. في مأكل ولا ملبس ولا غيره من متطلبات الحياة .
 
3- ويشرح النبي صلى الله عليه وسلم أن النهي هو المبالغة في إظهار النعمة التي تميل بك إلى مفسدة .. فيقول: (كُلُوا وَاشْرَبُوا وَتَصَدَّقُوا فِي غَيْرِ سَرَفٍ وَلَا مَخِيلَةٍ .. إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ) رواه الحاكم وقال: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ .. ووافقه الذهبي وقال صحيح .. وذكره الألباني في صحيح بن ماجه.
 
- قوله (في غير سرف): وهو الإفراطُ ومُجاوَزةُ الحَدِّ فيما أرشدنا الله إليه من التوسط في كل شيء ..
- قوله (مَخِيلةٌ): وهي الزَّهْوُ والتَّكبُّرُ والإعجابُ بالفِعلِ أو النَّفسِ.. مما يجعله ينظر بنظر احتقار أو استصغار للآخرين.
 
4- قال صلى الله عليه وسلم (إِنَّكُمْ قَادِمُونَ عَلَى إِخْوَانِكُمْ فَأَحْسِنُوا لِبَاسَكُمْ، وَأَصْلِحُوا رِحَالَكُمْ، حَتَّى تَكُونُوا كَأَنَّكُمْ شَامَةٌ فِي النَّاسِ) رواه الحاكم وقال: هذا حديث صحيح الإسناد .. ووافقه الذهبي .. وقال بن مفلح : اسناده حسن .. وذكره السيوطي في الجامع الصغير بأنه صحيح .. وقال الأرنؤوط في تحقيق سنن أبي داود: اسناده محتمل للتحسين ..، وذكره الألباني في الضعيفة.
- وقوله (كأنكْم شامةٌ في الناسِ): والمراد كونوا في أصلح زي وأحسن هيئة حتى تظهروا (في الناس) فيرونكم بالتوقير والإكرام والاحترام كما تستملحون الشامة لئلا تحتقروا في أعين العوام والكفار فيزدريكم أهل الجهل والضلال فيندب تنظيف نحو الثوب والعمامة والبدن وتحسينها لكن بلا مبالغة ولا مباهاة ولا إعجاب . (شرحه الشوكاني في فيض القدير ج1 ص192).
 
5- وَعَنْ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ الضَّبْعِيِّ قَالَ: (أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلٌ سَيِّئُ الْهَيْئَةِ فَقَالَ: " أَلَكَ مَالٌ؟ " قَالَ: نَعَمْ مِنْ كُلِّ أَنْوَاعِ الْمَالِ. قَالَ: " فَلْيُرَ عَلَيْكَ، فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَهُ عَلَى عَبْدِهِ حَسَنًا، وَلَا يُحِبُّ الْبُؤْسَ وَلَا التَّبَؤُّسَ) رواه الطبراني .. وقال الهيثمي: رجاله ثقات .. وذكره الالباني في الصحيحة وقال : اسناده صحيح .
 
- وفي رواية بلفظ: (إن الله عز وجل إذا أنعم على عبد نعمة يحب أن يرى أثر النعمة عليه ، ويكره البؤس والتباؤس، ويبغض السائل الملحف، ويحب الحيي العفيف المتعفف) رواه البيهقي في الشعب .. وذكره الألباني في الصحيحة برقم1320.
 
- قوله (البؤس): أي لا يحب الله إظهارَ الذِّلَّةِ وفقر الحالِ للنَّاسِ .. طالما تستطيع أن تتجنب ذلك..!!
- قوله (التَّبؤُسَ - التباؤس): وهو تكرار إظهارُ الحاجةِ والفقر والشكوى .. لأنَّ ذلك يُؤدِّي إلى احتِقارِ النَّاسِ له، والسقوط من نظرهم .
- قوله (السائل الملحف): أي الذي يسأل الناس بإلحاح .
- قوله (الحيي) : أي الذي لديه حياء يمنعه من السؤال لأن نفسه عفيفة.
 
6- عَنْ أَبِي رَجَاءَ الْعُطَارِدِيِّ قَالَ: (خَرَجَ عَلَيْنَا عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، وَعَلَيْهِ مِطْرَفُ خَزٍّ لَمْ نَرَهُ عَلَيْهِ قَبِلُ وَلَا بَعْدُ .. فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (مَنْ أَنْعَمَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - عَلَيْهِ نِعْمَةً، فَإِنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعَمِهِ عَلَى عَبْدِهِ) رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ .. وقال الهيثمي: رِجَالُ أَحْمَدَ ثِقَاتٌ..
 
- قوله (مطرف خز): أي ثوب في طرفيه علمان .. أي عباءة مزخرفة بلونين على أطرافه .
 
- وفي رواية بلفظ: (إنَّ اللهَ إذا أنعم على عبدٍ نعمةً يحبُّ أن يرى أثَرَ نعمتِه على عبدِه) صحيح الترمذي
 
7-  وَعَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِيهِ قال: (أتَيْتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأنا أشعَثُ أغبَرُ، فقال: أما لكَ منَ المالِ ؟ فقُلْتُ: كلُّ المالِ قد آتاني اللهُ عزَّ وجلَّ، ثُم قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ اللهَ إذا أنعَمَ على عبدِه نِعمةً أحَبَّ أنْ تُرى عليه) رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ .. وقال الهيثمي: وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ .. وذكره الأرنؤوط في مشكل الآثار: بانه صحيح.
 
- قوله (أشعث أغبر): أي شعره غير سوى والتراب يعلو عليه.
 
8- عن مالك بن نضلة الجشمي قال: (أنَّه أتى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فرآه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أشعثَ أغبرَ في هيئةِ أعرابيٍّ فقال: ( ما لكَ مِن المالِ ؟ ) قال: مِن كلِّ المالِ قد آتاني اللهُ قال: ( إنَّ اللهَ إذا أنعَم على العبدِ نعمةً أحَبَّ أنْ تُرى به) رواه بن حبان .. وقال الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم.
 
9- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: (قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمِنَ الْكِبْرِ أَنْ أَلْبَسَ الْحُلَّةَ الْحَسَنَةَ؟ قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ") رواه الحاكم .
 
10- عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَن كانَ في قَلْبِهِ مِثْقالُ ذَرَّةٍ مِن كِبْرٍ قالَ رَجُلٌ: إنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أنْ يَكونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا ونَعْلُهُ حَسَنَةً، قالَ: إنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمالَ، الكِبْرُ بَطَرُ الحَقِّ، وغَمْطُ النَّاسِ) صحيح مسلم.
- قوله (بطر الحق): رفْضُ الحقِّ ودفعه ورده والإبتعاد عنه .
- قوله (غمط الناس): احتقارهم .
 
- وفي رواية بلفظ:  (لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ حَبَّةٌ مِنْ كِبْرٍ» فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ لَيُعْجِبُنِي أَنْ يَكُونَ ثَوْبِي جَدِيدًا، وَرَأْسِي دَهِينًا، وَشِرَاكُ نَعْلِي جَدِيدًا، قَالَ: وَذَكَرَ أَشْيَاءَ حَتَّى ذَكَرَ عِلَاقَةَ سَوْطِهِ، فَقَالَ: «ذَاكَ جَمَالٌ، وَاللَّهُ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ، وَلَكِنَّ الْكِبْرَ مَنْ بَطِرَ الْحَقَّ وَازْدَرَى النَّاسَ) رواه الحاكم وقال: هذا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ
 
* قصة لطيفة:
- يروى عن أحد العارفين وأحسبه الشيخ أبو الحسن الشاذلي .. وكان يسير في احدى الطرقات مرتديا ثوبا جميلا ومتعطرا .. فقابله أحد الاشخص ممن يجلسون على الطرقات بملابس مقطعة ورائحة غير طيبة وينتظر ما يجود به عليه الناس ..
- فأوقف هذا الشخص الشيخ أبو الحسن الشاذلي وقال له: هل هذا هو حال أهل الله .. وأنت الذي يقولو عنك أنك عارفا به ؟
- فقال له الشيخ : حالي يقول الحمد لله الذي رزقني من فضله .. وإنما حالك يقول أعطوني لله مما في أيديكم .. !! أليست اليد العليا خير من اليد السفلى ..؟!!
- فسكت الرجل ..!!
 
* انتبه لهذه الأحاديث التي يجادلك بها أهل الأهواء من المتمصوفة:
1- (حديث ضعيف جدا): روي فيه مرفوعا: (تَمَعْدَدُوا وَاخْشَوْشِنُوا وَامْشُوا حُفَاةً وَانْتَضِلُوا) رواه بن أبي شيبه والطبراني .. هذا إسناد ضعيف جدًا علته عبد الله بن سعيد المقبري فهو متروك.
 
2- (حديث موضوع مكذوب): روي فيه .. قال رتن: (كنتُ في زفاف فاطمة على عليٍّ في جماعة مِن الصحابة، وكان ثَمَّ مَن يغنِّي فطابت قلوبُنا ورَقَصنا، فلمّا كان الغد سألَنا رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- عن ليلتنا فأخبرناه فلم ينكر علينا ودعا لنا وقال:(اخْشَوْشِنُوا وَامْشُوا حُفَاةً تَرَوُا اللَّهَ جَهْرَةً) ذكره السيوطي في الزيادات على الموضوعات برقم 327 ..، وقَالَ الذَّهَبِيّ فِي الْمِيزَان: رتن الْهِنْدِيّ وَمَا أَدْرَاك مَا رتن؟ شيخ دجال بِلَا ريب ظهر بعد الستمائة فَادّعى الصُّحْبَة وَالصَّحَابَة لَا يكذبُون، وَهَذَا جريئ على الله وَرَسُوله . (راجع تنزيه الشريعة ج2 ص39) ..
 
3- (حديث صحيح) : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: (رُبَّ أَشْعَثَ، مَدْفُوعٍ بِالْأَبْوَابِ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لَأَبَرَّهُ) صحيح مسلم ..
- وفي رواية عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كَمْ مِنْ أَشْعَثَ أَغْبَرَ ذِي طِمْرَيْنِ لَا يَؤُبَّهُ لَهُ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ مِنْهُمُ الْبَرَاءُ بْنُ مَالِكٍ) صحيح الترمذي .. وذكره الأرنؤوط في تخريج سير أعلام النبلاء : بأنه صحيح.
 
- قوله (أشعث): أي شعره غير سوى لا يقوم بتسريحه .
- قوله (أغبر): أي يعلو على وجهه الغبار والعفره .
- قوله (ذي طمرين): الطِمر هو الثوب البالي الممزق ..
- قوله (لا يؤبه): أي لا يهتم به الناس ولا ينظرون إليه بسبب هيئته المنفرة .
- قوله (مدفوع بالأبواب): الناس لا تستقبله لهيئته المنفره .
 
* والحديث السابق يذكره أهل العلم في أبواب الفقر .. للفقير الذي هذا هو حاله .. ولا علاقة له بحال الزهد لأن الزهد حال يفعله الإنسان الذي يستطيع أن لا يزهد ..!! ولكن الفقر هو حال ملازم لمن لم يؤتى نصيبا من الدنيا ولا قدرة له على كسب المزيد في حاله .
 
- فضلا عن أن هذا الشخص المعترض بالحديث السابق .. كما أغقل أن الحديث يتعلق بالفقير .. فقد أغفل أن الأشعث الأغبر له أحوال تتعلق بالهيئة في كلام النبي صلى الله عليه وسلم ..
- مثل حديث عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِيهِ قال: (أتَيْتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأنا أشعَثُ أغبَرُ، فقال: أما لكَ منَ المالِ ؟ فقُلْتُ: كلُّ المالِ قد آتاني اللهُ عزَّ وجلَّ، ثُم قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ اللهَ إذا أنعَمَ على عبدِه نِعمةً أحَبَّ أنْ تُرى عليه) رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ .. وقال الهيثمي: وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ .. وذكره الأرنؤوط في مشكل الآثار: بانه صحيح.
- ومثل حديث عبد الله بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(أَيُّها النَّاسُ، إنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إلَّا طَيِّبًا، وإنَّ اللَّهَ أمَرَ المُؤْمِنِينَ بما أمَرَ به المُرْسَلِينَ، فقالَ: (يا أيُّها الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ واعْمَلُوا صالِحًا، إنِّي بما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) [المؤمنون:51] ، وقالَ: (يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ) [البقرة:172] .. ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أشْعَثَ أغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إلى السَّماءِ، يا رَبِّ، يا رَبِّ .. ومَطْعَمُهُ حَرامٌ، ومَشْرَبُهُ حَرامٌ، ومَلْبَسُهُ حَرامٌ، وغُذِيَ بالحَرامِ، فأنَّى يُسْتَجابُ لذلكَ؟) صحيح مسلم.
 
- نتيجة يما سبق .. أن الأشعث الأغبر هو هيئة شخص حدثت له إما نتيجة فقر له أو نتيجة سفر أو نتيجة إهمال في نفسه .. وسواء كان هذا او ذاك .. فلا علاقة له بالزهد .. لأن الزهد ليس من مواصفاته أن تكون أشعث أغبر .. فضلا عن أن الزهد هو حال أنت تصنعه بنفسك وليس حال مفروضا عليك ..!! ولو كان حالك أنك تستطيع أن تكون نظيفا جميلا .. وارتضيت أن تكون أشعث أغبر .. فأنت بذلك تكون خالفت كلام النبي صلى الله عليه وسلم واتبعت هوى نفسك وشيطانك بكل تأكيد ..!!
 
4- وآخر ما اعترض به المعترض على الزهد ذو الملابس المرقعة وان تسير حافيا ولك هيئة منفره .. استدل بحديث ليس عن قول النبي وإنما عن قول عمر بن الخطاب .. جاء في الرواية عن أَبَا عُثْمَانَ، يَقُولُ: (أَتَانَا كِتَابُ عُمَرَ وَنَحْنُ بِأَذْرَبِيجَانَ مَعَ عُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ: أَمَّا بَعْدُ، فَاتَّزِرُوا وَارْتَدُوا وَانْتَعِلُوا وَارْمُوا بِالْخِفَافِ وَاقْطَعُوا السَّرَاوِيلَاتِ، وَعَلَيْكُمْ بِلِبَاسِ أَبِيكُمْ إِسْمَاعِيلَ، وَإِيَّاكُمْ وَالتَّنَعُّمَ وَزِيَّ الْعَجَمِ، وَعَلَيْكُمْ بِالشَّمْسِ فَإِنَّهَا حَمَّامُ الْعَرَبِ، وَاخْشَوْشِنُوا وَاخْلَوْلِقُوا وَارْمُوا الْأَغْرَاضَ، وَانْزُوا نَزْوًا) رواه بن حبان .. وقال الأرنؤوط والألباني: صحيح .
- قوله (فاتزروا): لبس الإزار والمراد تغطية النصف الأسفل من الجسم .. إلى نصف الساق ..
- قوله (السراويل): هو الإزار اذي يطول إلى نهاية الساق ويمى بالبنطال ..
- قوله (ارموا الخفاف): جمع خُف .. أي الحذاء الذي يغطي كامل القدم .. ويكتفوا بالنعل الذي يحمي أسفل القدم وهو كالصندل حاليا ..
- قوله (عليكم بالشمس فإنها حمام العرب): أي يقصد الإعتياد على حر الشمس وقوتها .. لأن هذا من شيمة العرب التعود على حرها .. بحكم البيئة التي نشأوا فيها .
- قوله (اخشوشنوا): أي اعتادوا على الخشونة والمشقة في حال الحرب ..
- قوله (اخلولقوا): أي تهيئوا واستدعوا دائما لملاقاة العدو .
- قوله (ارموا الأغراض): تدربوا على الرمي بالسهام .
- قوله (انزوا): أي الوثب .. والمقصد به والله أعلم .. هو اعتياد المجهود الدائم بالجري وممارسة التمارين ..
 
- أولا: هذا الكلام خاص بجنود المعركة .. وليس خاص بعموم المسلمين .. فهذا رسالة للقادة والجنود .. وهي تدل بمعانيها على دوام الخشونة والإستعداد الدائم لملاقاة العدو .. ولا يستخدموا أي شيء فيه متعة تكسبهم ليونة وضعف مع مرور الوقت ..
 
- ثانيا: لفظة (اقطعوا السراويلات) وفي رواية بلفظ (ألقوا السراويلات) .. فهذا حتى لا يعتادوا التنعيم وهم في حالة حرب .. وليس المقصد منها أن يجعلوا في سراويلهم رقع .. كما فهم بليد العقل ..!!
 
- ثالثا: لو كان هذه وصية عمر لعموم المسلمين كما فهم بليد العقل .. لكان كلامه منكر مردود عليه .. لمخالفته كلام الله ورسوله .. حيث يقول تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) الأعراف31..، وقوله تعالى : (وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا) الفرقان67 .. ومعارض لكلام النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: (كُلُوا وَاشْرَبُوا وَتَصَدَّقُوا فِي غَيْرِ سَرَفٍ وَلَا مَخِيلَةٍ .. إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ) ..، ولقوله أيضا : (إِنَّكُمْ قَادِمُونَ عَلَى إِخْوَانِكُمْ فَأَحْسِنُوا لِبَاسَكُمْ، وَأَصْلِحُوا رِحَالَكُمْ، حَتَّى تَكُونُوا كَأَنَّكُمْ شَامَةٌ فِي النَّاسِ) ..!!
 
- فكلام الرواية المنقولة عن عمر بن الخطاب (هي للجيوش الإسلامية المرابطة للحرب في أرض المعركة) .. ولا علاقة له بالحياة العادية للإنسان المسلم ..!! ولا علاقة له بتقطيع الملابس ولا السير حافيا ..!! كما فهم بليد العقل ..!!
 
* خلاصة الكلام :
- لا تنخدع بمن يقول لك أن طريق الله هو لبس المرقعات والنوم في الطرقات .. وان تكون عفنا حافيا أشعث أغبر .. لا .. وراجع ماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لمن وجد حاله في هيئة سيئه وهو في فضل الله يعيش .. بل وكيف قال أن الله جميل يحب الجمال ويحب أن تظهر النعمة على العبد المؤمن إظهارا لفضل الله .. ولكن دون استكبارا على عبادا الله ولا احتقارا لهم .. 
 
* وإذا عرفت ما سبق .. فهذا أوان أن تتعرف على معنى الذهد بطريق لطيف مقبول شرعا وعقلا ..
 

 ***********************

..:: س4: ما هو زهد الأجساد – "زهد الظاهر" ؟ ::..
 
 - وزهد النفس له نوعين .. هناك زهد ظاهر وزهد باطن .. أو زهد الأجساد وزهد القلوب ..
 
* زهد الأجساد - "زهد الظاهر":

- هو وسيلة لتقويم النفس على الخضوع والطاعة لله .. من خلال مخالفة طباعها ومنعها عن الملذات والرفاهيات وتخالف ما تريده .. لقهر النفس على عدم الإستجابة لما تطلبه وترغب فيه .. فضلا عن أن ذلك يقلل من هياج الشهوة .. مما يعطي مساحة للقلب بأن يعمل مع الله .. لعدم انشغال النفس برغباتها الدنيوية .
 
- ويحدث زهد الأجساد بوسائل مثل الصيام .. الذي تمتنع عنه الأشياء التي تطلبها النفس .. فضلا عن إزعاجها بمنعها عما تريد طوال فترة زمنية معينة .. وهذا الصيام في ذاته تدريب لقهر النفس ومخالفتها على ما اعتادت عليه وتطلبه وتحبه في الوقت الذي ترغب فيه ..!! فجاء الصيام ليكسر هذه الرغبة ليكون في الوقت الذي يرغبه الله وليس في الوقت الذي ترغبه أنت .. فانتبه .
 
- إشارة ذوقية :
- ولعل سبب قول النبي في الحديث: (كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ، الحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إلى سَبْعمِئَة ضِعْفٍ، قالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: إلَّا الصَّوْمَ، فإنَّه لي وَأَنَا أَجْزِي به، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِن أَجْلِي) صحيح مسلم..
 
- فتأمل قول الله الذي أخبر به النبي: (الصَّوْمَ، فإنَّه لي وَأَنَا أَجْزِي به، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِن أَجْلِي) .. أي كسر نفسه وخالف طبعه من أجلى طاعة لي ومحبة لي  .. طالبا لي لا لحظوظ نفسه ولا ليرائى بعمله .. بل انكسر لي .. وسأكافئه بما منع به نفسه من أجلى .. بأن اغفر له وأرضى عنه .. والله أعلم.
 
****************************
 
..:: س5: ما هو زهد القلوب – "زهد الباطن" ؟ ::..
 
* زهد القلوب - "زهد الباطن":
- زهد القلوب هو منع القلب من الإلتفات إلى غير الله حتى تظل في حال سكينتك ووصلك بالله متعلقا به في حال القبض والبسط والمنع والعطاء والحزن والسعادة ..
 
- ويحدث ذلك الزهد من خلال الإرتقاء بعزم القلب في التوكل على الله والإخلاص له والرضا به والتوبة إليه واليقين فيه .. لترتقي إلى كرامة القلب المنيب أي الدائم بالرجوع إلى الله في كل أحوال الحياة التي يعيشها المؤمن .. ولذلك يقول تعالى (يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ . وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ . هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ . مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ . ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ . لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ) ق30-34 ..
 
ولا تنسى أن التوبة والتوكل والإخلاص والرضا واليقين .. هي صفات قلبية لها درجات .. وكل درجة ولها تأثير في القلب .. ويختلف في هذه الدرجات الصالحون .. يقول تعالى (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ . الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ . أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) المؤمنون 1-3 ..
 
- فكلهم في مقام الإيمان .. ولكن لكل مؤمن منهم درجة مختلفة عند الله .. وكذلك الحال في كل الصفات القلبية .. كل صفة هي مقام ينزلك الله فيه أي يدخلك فيه .. ولكن عليك ان تفهم أن هذا المقام له درجات كثيرة لا يعلمها إلا الله .. وكلما ارتقيت كلما تذوقت من كرامة هذا المقام أو هذه الصفة أكثر وأكثر ..
 
- ومثال آخر .. على أن كل مقام وله درجات .. كما قال تعالى أن الرسولية هو مقام إلهي لبعض العباد .. وداخل هذا المقام تختلف درجات الرسل .. يقول تعالى: (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ) البقرة253.
 
- يبقى كلما اجتهدت .. كلما رزقك الله من المدد الروحي لهذه الصفات في قلبك وأيدك بشيء منها أي صفات التوبة والتوكل والإخلاص والرضا واليقين والتي ينتج عنها صفة المحبة بالتبعية ..
 
- وبقدر عملك يكن مددك .. وبقدر إخلاصك يكن خلاصك .. وبقدر اليقين يكن التمكين .. وبقدر التوبة تكن المحبة .. وبقدر الرضا يكن الهدى .. والعاقبة للمتقين .
 
************************
 
..:: س6: ما الفرق بين الزهد بمعنى منع النفس عن شيء .. وبين الزهد بمعنى انقطاع النفس عن شيء ؟ ::..
 
- اعلم أخي الحبيب .. أن هناك فرقا كبيرا .. بين الزهد بمعنى المنع أي منع النفس عن شيء .. وبين الزهد بمعنى الإنقطاع .. أي إنقطاع النفس عن الشيء ..!!
 
1- فزهد المنع: هو قهر مؤقت للنفس عن بعض المباحات لتقويمها وتصحيح مسارها وخضوعها لمراد الله دائما .. وهذا منع مطلوب في الدين لتقويم النفس والمحافظة على الإيمان ..
 
2- وزهد الإنقطاع: هو دوام قهر النفس في الحياة عن المباحات .. وهذه رهابنية محرمة في الإسلام .
 
- أولا: المنع هو أمر مؤقت لتصحيح وتقويم النفس وتدريبها على فعل شيء معين يعينك على طاعة الله ..
-  ومن ذلك هو منع النفس بعض الحلال الذي لا حقوق فيه للغير (فمثلا لا تمنع حق الشهوة في العلاقة الزوجية) .. ولكن تمنع نفسك عن طعام معين يسبب لك مشكلة صحية تؤدي لكسلك عن العبادة .. فهذا أمر عليك أن تمنع نفسك عنه .. كما تمنع نفسك عن الطعام الذي يسبب لك ضررا في صحتك ..
- وقد روي عن أبي بكر الصديق رضي اللّه عنه أنه قال: كنا نترك سبعين باباً من الحلال مخافة باب واحد من الحرام.
- وأيضا قد تمنع نفسك عن الإختلاط بالناس والأنس بهم خوفا من الفتنة في الدين .. وهو ما يسمى بالعزلة ..
- جاء في العزلة .. عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: (قالَ رَجُلٌ: أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: مُؤْمِنٌ يُجَاهِدُ بنَفْسِهِ وَمَالِهِ في سَبيلِ اللهِ، قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ رَجُلٌ مُعْتَزِلٌ في شِعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ يَعْبُدُ رَبَّهُ وَيَدَعُ النَّاسَ مِن شَرِّهِ) صحيح مسلم .
– وفي رواية بدلا من يعبد ربه جاء فيها (يتقي الله) .
 
- عن معاذ بن جبل قال: (قلتُ يا رسولَ اللهِ ما النَّجاةُ قال أمسِكْ عليكَ لسانَكَ، وليسعْكَ بيتُك، وابكِ على خطيئتِكَ) صحيح الترمذي.
 
- قوله (ليسعك بيتك): أي ليسعك بيتك لعبادة ربك وحتى تعتزل الفتن .. أو يكون المقصد به هو الرضا بما قسمه الله لك من عطاء في بيتك .. والمقصد الثاني وهو الرضا .. معنى أراه بعيد جدا عن سياق الحديث .. والله أعلم .. !!
 
- ثانيا: ولكن الإنقطاع عن المباح .. هو حال دائم من أحوال الرهبانية الممنوعة في الإسلام ولا يقبلها الله وفيها تعمد عصيان لسنة النبي صلى الله عليه وسلم ..
- يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ . وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ) المائدة87-88.
 
1- قال بن كثير في تفسيره (ج3- ص169): قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: (نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي رَهْط مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالُوا: نَقْطَعُ مَذاكيرنا، وَنَتْرُكُ شَهَوَاتِ الدُّنْيَا، وَنَسِيحُ فِي الْأَرْضِ كَمَا يَفْعَلُ الرُّهْبَانُ. فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ، فَذَكَرَ لَهُمْ ذَلِكَ: فَقَالُوا: نَعَمْ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَنَامُ، وَأَنْكِحُ النِّسَاءَ، فَمَنْ أَخَذَ بسُنَّتِي فَهُوَ مِنِّي، وَمَنْ لَمْ يَأْخُذْ بِسُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي"). رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.وَرَوَى ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ العَوْفي، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوَ ذَلِكَ.(انتهى كلام بن كثير) .. وأشار أحمد شاكر إلى صحته عند تحقيقه لتفسير بن كثير ..
 
2- وذكر الطبري في تفسيره (ج10 / ص514 وما بعدها) .. روايات كثيرة رواها بسنده منها ..
 
أ- عن أبي عبد الرحمن قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: (لا آمرُكم أن تكونُوا قسِّيسين ورهبانًا) رواه الطبري في تفسيره وذكره بن أبي شيبه في مصنفه .
 
ب- عن أبي قلابة، قال: (أراد أناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن يرفُضُوا الدنيا، ويتركوا النساء، ويترهَّبوا، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فغَلَّظ فيهم المقالة، ثم قال: إنما هَلَك من كان قبلكم بالتشديد، شدَّدوا على أنفسهم فشدَّد الله عليهم، فأولئك بقايَاهم في الدِّيار والصوامع! اعبدُوا الله ولا تشركوا به شيئًا، وحجُّوا، واعتمروا، واستقيموا يَسْتَقِم لكم. قال: ونـزلت فيهم: " يا أيها الذين آمنوا لا تحرِّموا طيبات ما أحل الله لكم "، الآية) رواه الطبري في تفسيره ..
 
3- وأصل الروايات السابقة في الصحيح .. فقد جاء عن أنس بن مالك قال: (أَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلُوا أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ عَمَلِهِ فِي السِّرِّ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا آكُلُ اللَّحْمَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا أَنَامُ عَلَى فِرَاشٍ. فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَقُولُ أَحَدُهُمْ كَذَا وَكَذَا، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأَنَامُ وَأَقُومُ، وَآكُلُ اللَّحْمَ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي) صحيح البخاري ومسلم.
 
- ولذلك النبي منع الذين كانوا يريدون الإنقطاع عن شهوات حياتية .. لأن في ذلك منع لتحقيق سنة الله في الحياة وإبطالها ويؤدي إلى انطماس الدين والعلم الذي بهما قوام الحياة .. فضلا عن مخالفتهم لسنة النبي صلى الله عليه وسلم .
 
*******************
..:: س7: هل الزهد يمنعك عن الحركة في الحياة والسعي فيها بطموح ؟ ::..
 
* انتبه أخي الحبيب لملحوظة هامة في كلامنا عن الزهد:
 
1- الزهد لا يمنع حركة الحياة أبدا ولا الطموح فيها .. لأن الزهد أساسه منع النفس من التعلق ظاهرا وباطنا بمباح يسبب لها نقص في المعاملة مع الله من خلال الإهمال أو التقصير في واجبات العبادات والمعاملات .. أو يسبب لها حجاب أو فساد في علاقتها بالله بالبعد عن الحياة الإيمانية مع الله ..
 
- ومنع النفس ظاهرا وباطنا .. هو تدريب للإرتقاء بالنفس الإيمانية .. لتقويمها حتى تظل في حالة وصل بالله في كل أحوال حياتك .. سواء كنت في حالة سكينة أو اضطراب ..  في حالة سعادة أو حزن .. في حالة يسر أو عسر ..
 
2- فإذا وجد المؤمن أن الله قد أكرمه بتقويم نفسه على دوام الوصل بالله في كل أحواله ولم يعد تشغله الأغيار أي الموجودات ولم تعد تفتنه ولا تلفته عن الوصل بالله .. وملك زمام نفسه بترويضها على دوام الإستجابة لله ..
 
- فحينئذ هذا لم يعد يمنعه من أن ينتفع بأسباب الحياة المباحة كاملة طالما لا يترتب فساد أو نقص في المعاملة مع الله ..
 
- ومن ذلك تفهم لماذا تكون العزلة أو الخلوة عند أهل الله الطيبين .. وذلك لترويض النفس وتصحيح مسارها لتتوافق مع مراد الله .. فإذا تأدبت النفس .. عاد المؤمن لممارسة حياته بصورة طبيعية .. لأن النفس لم تعد تتملك منه بل هو من يحكمها بما أعطاه الله من سلطة عليها في الجزئية التي كانت تخالف فيها الله أو تسبب له نقص في العلاقة مع الله ..
 
- ختاما لمسألة الزهد :
- أذكرك أخي الحبيب بأن تعرف أن الزهد يكون في المباحات .. والإمتناع عن المحرمات لا يسمى زهدا فيها .. وإنما يسمى تقوى لله .
 
* وبهذا يكون ختام الكلام على مصطلح (الزهد) .. والحمد لله على ما يسره لي من الكتابة وأسأله القبول ..
 *****************
يتبع إن شاء الله تعالى
*****************
والله أعلم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم
هذه الرسالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .

هناك 29 تعليقًا:

  1. ما تقرب لي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه،
    ومازال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه
    فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به
    وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها
    وقدمه التي يمشي بها
    وإذا سألني لأعطينه وإذا استغفرني لأغفرن له
    وإذا استعاذني أعذته.
    فتح الباري 11.34041 حديث رقم 6502 وقد روى الحديث الإمام البخاري وأحمد بن حنبل والبيهقي ..

    جزاك الله عنا ما هو اهله استاذنا
    اللهم صل علي سيدنا محمد النبي الامي و علي اله و صحبه و سلم

    ردحذف
  2. اللهم أكرمنا بتقويم انفسنا على دوام الوصل بك

    بارك الله فيك استاذنا الفاضل
    امين يارب العالمين 🙏🙏

    ردحذف
  3. من موجبات المغفرة : أن نشارك في بناء المجتمع البشري، وأن نشارك في عمارة الكون؛ بعبادة الله وتزكية النفس .
    من موجبات المغفرة : أن تشارك في بناء مجتمعك ،وأن تصبر على بلاء الناس ،وأن تبني وأن تعمر لا أن تدمر.
    من موجبات المغفرة : أن تخلص ذلك لله رب العالمين إنما الأعمال بالنيات .
    من موجبات المغفرة : أن تطلبها وأن تلتمسها في الدعاء "اللهم اغفر لي ، اللهم اغفر لي ،اللهم اغفر لي"، وأن تلتمسها وأن تبحث عن الأزمان التي يستجيب الله فيها الدعاء ؛فالله يستجيب الدعاء عند فطر الصائم وفي دبر كل صلاة وفي السحر في ثلث الليل الأخير .
    وتبحث عن المكان الذي يستجيب فيه الدعاء وتلتمسه : كالكعبة عند النظر إليها أو عند باب الملتزم؛ لأنه قد اُلتزمَ فيه استجابة الدعاء، أو في حجر إسماعيل تحت الميزاب، أو عند مقام المصطفى ﷺ . أماكن مباركة طيبة طاهرة طهرها الله - سبحانه وتعالى - ظاهرًا وباطنًا وجعلها محل نظره سبحانه ولذلك فيها استجابة دعاء ولذلك يوصي النبي ﷺ السيدة عائشة ـ رضي الله تعالى عنها ـ إنها لو صادفت ليلة القدر ووافقتها فإنها تقول [اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة]، نسأل الله العفو، المغفرة، التجاوز، المسامحة، وهذا من جوامع الدعاء لأنه يشمل كل مقتضيات الاستغفار، { فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا}
    والمغفرة تستر الستر الجميل في الدنيا والآخرة، المغفرة تخفف الحساب، المغفرة توجب ظل الرحمن يوم لا ظل إلا ظله، [سبعة يظلهم في ظله يوم لا ظل إلا ظله]، عندما جمعوا الصفات هذه وجدوها نحو تسعين صفة في السُنة ؛جمعهم (الشيخ الزرقاني) في شرحه على (الموطأ)، تجدهم في الأحاديث يقولوا أنهم سبعة، ولكن لأن فضل الله واسع وجدناهم تسعين، ومنهم المستغفر المشتغل بالاستغفار ،إذًا فعليك أن تنتهز الفرصة أنك عبد لرب كريم رحيم بدأك فقال بسم الله الرحمن الرحيم.
    إذن المغفرة لها آثار في الدنيا من توسيع الأرزاق والستر ، ولها أثار في الآخرة تخفف عنك الحساب والعذاب ،وتجعلك في ظل الرحمن .
    أ.د. #علي_جمعة].
    ................
    اللهم صل على سيدنا محمد النبى الامى وعلى آله وسلم

    ردحذف
  4. اللهم ثبت قلوبنا ولا تكلنا لانفسنا طرفة عين وانت القادر على ذلك ولا حول ولاقوة إلابك ربي الكريم
    بارك الله فيكم استاذ خالد وبارك لك في عمرك وصحتك
    وصلى اللهم على سيدنا محمد النبي الامي وعلى اله وسلم حب

    ردحذف
  5. بارك الله فيك استاذنا الكريم
    هل من قصة واقعية وبشكل عملي عن الزهد؟
    قبل مرحلة الزهد وبعدها استشعارا لذوق الزهد!!!

    ردحذف
  6. اللهم صل على سيدنا محمد في الاولين وفي الاخرين

    ردحذف
  7. اللهم صلِّ وسلم وزد وبارك عليك ياسيدي يارسول الله
    جزاكم الله خيرا وبارك فيكم وزدكم من فضله

    ردحذف
  8. ماشاء الله لاقوة الا بالله
    ...................

    كانت عبارة :
    ( لو غاب عني رسول الله لحظة ماعدت نفسي من المؤمنين ) = كنت لاأفهمها .
    لكن أمبارح فهمتها بالموضوع رقم 8
    ربنا معك ياأستاذ خالد

    ردحذف
    الردود
    1. زادك الله فهما اخي مجد ونفعك بما فهمك ورزقك العمل به
      اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم

      حذف
  9. بارك الله فيك أستاذنا
    ********
    اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي و على آله و صحبه و سلم

    ردحذف
    الردود
    1. أستمر ياحسن بالقصة لكي نستفيد

      حذف
    2. إن شاء الله
      إنت بتموت و بتحب القصص اللي فيها الجن و الروحانيين و السحر
      أكشن هههههه
      تحياتي لك أخي مجد و للجميع

      حذف
    3. بأضم صوتي لصوت مجد .. كلنا منتظرين القصة

      حذف
  10. موضوع جميل ..شكرا لك معلمنا الفاضل .

    =====
    اللهم صلي على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم .

    ردحذف
  11. بمنتهى الأمانة الرسالة دي من أفضل الرسائل اللي قرأتها على المدونة و فيها تصحيح لمفاهيم كتير ساعات بيستخدمها المضللين للعب بأفكار الناس و معتقداتهم ..

    موضوع الزهد ده ملخبطني شوية يا ا.خالد .. و فكرني بموقف حصل من سنين .. هأحكيه الأول و بعدين أكتب إستفساري لو سمحت..


    كنت بأسمع دروس صوتية لشيخ معروف يميل للتصوف عنده علم كبير و ذائع الصيت و معروف بوسطيته و لا نزكي على الله أحداً .. و كان بيتكلم في موضوع الزهد و اتكلم إنه لم يتزوج إلى الآن و لن يتزوج لأنه حاسس إن الزواج و الإنجاب بيشغل القلب بأمور الدنيا و زحمتها و يخليه أضعف في العلاقة مع الله و مهما حاول الشخص لن يستطيع التوفيق بين الأمرين .. وقتها تلاميذه هاجوا و ماجوا و قالوا إزاي و دي رهبانية .. وهو رد عليهم بهدوء و قال إن ده مش مطلوب من كل الناس و كل واحد على حسب مقدرته ..

    بصراحة ده خلاني أفكر .. لو كل الناس عملت كدا كنوع من أنواع الإخلاص في العلاقة مع الله .. كانت أمة الإسلام خلصت من زمان لإمتناع الجميع عن الزواج عشان يركزوا في العبادة ..

    ١- إيه رأي حضرتك في موقف الشيخ ؟

    ٢- هل حضرتك تقدر تقربلي مفهوم الزهد ببعض الأمثلة لإن مازال موضوع الإمتناع عن المباح لم يستقم في ذهني.

    ٣- هل في السيرة النبوية قصص عن الزهد وردت عن الرسول صلى الله عليه و آله و سلم .. يكون امتنع فيها عن ما هو مباح أو وجه أحد الصحابة لذلك كنوع من تربية النفس؟ ولو فيه .. ممكن حضرتك تشير لها؟

    شكراً لحضرتك ..

    ردحذف
    الردود
    1. 1- الشيخ قال جملة بسيطة . "ده مش مطلوب من كل الناس" .. اعتقد يشير لحديث النبي صلى الله عليه وسلم : (يا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، ومَن لَمْ يَسْتَطِعْ فَعليه بالصَّوْمِ فإنَّه له وِجَاءٌ) صحيح البخاري ..
      - وقوله (الباءة): أي مؤنة الزواج أي القدرة على القيام بالتزاماته .

      - وبناءا على ذلك .. فهذا الشيخ هو أدرى بحاله من غيره ..!! وقد انصف بالرد ..!! وقد يكون مرتاح المادة وهناك أسباب مرضية تمنعه لا يريد الكشف عنها ..!! وقد يريد أن يقصد ان هذا يصرفه عن خلال الأولى وهو نشر الدعوة إلى الله .. وهو الاهم بالنسبة له . ولكن هذا حال ناقص لأنه ليس فعل النبي صلى الله عليه وسلم .. حيث كان يدعو لله وهو متزوج .. وعموم علماء الامة كذلك .. !!

      - فرأيي فيه .. أنه قد حكم على نفسه بشريعة .. وهي فقد القدرة على الزواج .. ومعه حجته ..!! وهذا راي صائب إن كان الامر كذلك .

      2- الإمتناع عن المباح الذي يحرك فيك شهوة تمنعك عن فعل طاعة .. مثل اكل الطعام بكثرة يؤدي لكسل يمنعك عن العبادة .. ومثل التلفاز ومتابعة المسلسلات فهذا يفسد عليكي بعض اوقات الصلاة .. وهناك من يترك كل شيء من اجل دينه ..
      بالرغم من أن اصل الاشياء السابقة هو أمور مباحة للشخص .. ولكن يترتب عليه مفسدة .. ولذلك الأولى تركه .. أو الزهد فيه ..
      فالزهد ليس تحريم الحلال ولا الإمتناع عن الطيبات .. وإنما ترك ما يترتب عليه مفسدة تمنعك عن اداء حق الله ..

      3- النبي صلى الله عليه وسلم كان حياته زهدا بدليل قوله تعالى (وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى) طه31 .. فلم يطمع إلى ما ليس في يده ولم ينظر إليه ولم يحرص عليه بل تركه ولم ينشغل به لأنه ليس من نصيبه ..
      - وهناك مصعب بن عمير الذي ترك كل شيء من اجل دينه وكان من أثرياء قومه .. فساوموه إما ان تبقى على الكفر وتحافظ على الثروة والمتعة وإما أن تترك كل شيء وتذهب لدينن محمد .. فترك كل شيء حتى ملابسه .. وهاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم .. وكان مصعب بن عمير يسمى "بفتى قريش المدلل" .. وفي الحديث (نظر النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم إلى مصعبِ بنِ عميرٍ مقبلًا وعليه إهابُ كبشٍ قد تنطَّقَ به , فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم : انظروا إلى هذا الرجلِ الذي نوَّرَ اللهُ قلبَه لقد رأيتُه بين أبويْهِ يغذوانِه بأطيبِ الطعامِ والشرابِ فدعاه حبُّ اللهِ ورسولِه إلى ما تروْنَ) قال العراقي اسناده حسن وضعفه الالباني ..
      - قوله (إهاب كبش تنطق به): أي جلد خروف مدبوغ يربط به وسطه يستر به جزءه الاسفل ..
      - وعموم الصحابة كانوا يتورعون من كثير من الحلال خوفا من ان يجذبهم لباب من الحرام ..!!

      * وختام الكلام في إرشاد الرسول عليه الصلاة والسلام:
      - عن سهل بن سعد الساعدي قال (جاءَ رجل فقالَ يا رسولَ اللَّهِ دُلَّني على عملٍ إذا أنا عملتُه أحبَّني اللَّهُ وأحبَّني النَّاسُ قالَ ازهد في الدُّنيا يحبُّكَ اللَّهُ وازهد فيما عندَ النَّاسِ يحبُّكَ النَّاسُ) صحيح بن ماجه ورواه أبو نعيم في الحلية .. قال بن حجر في المشكاة: حسن .. وذكره السيوطي في الجامع الصغير بأنه حسن ..، وذكره النووي في الاذكار بأن حسن ..، وقال الالباني في المشكاة: صحيح بمجموع طرقه..، وذكره في صحيح الجامع بأنه صحيح ،وذكره في صحيح بن ماجه.

      ************************
      ولو تأملنا تعريف الزهد الذي وضعته .. لوجدته دقيقا .. فهو ليس مجرد ترك المباح .. لا .. وإنما هو ترك للمباح الذي يترتب عليه نقصا في العلاقة مع الله أو مفسدة .. لو سعيت لتحصيله ..!!
      **************************************
      - والله أعلم
      ******************
      اللهم صل على سيدنا محمد النبي الامي وعلى آله وسلم

      حذف
    2. أشكرك يا انجي .. تم إضافة الادلة في متن الموضوع ..!!
      **************************
      اللهم صل على سيدنا محمد النبي الامي وعلى آله وسلم

      حذف
    3. الشكر و الفضل لله سبحانه و تعالى ثم لحضرتك يا ا.خالد على المواضيع الجميلة اللي بتنضف الصدأ عن القلوب و العقول ...

      كدا استقام المعنى في ذهني .. يعني يكون الزهد في أمور مباحة و لكن لها تأثير سلبي على علاقتي بربنا سبحانه و تعالى أو أمور مباحة و لكن هتخلي النفس كسولة في العلاقة مع الله .. مش في أي أمر مباح لمجرد تكدير النفس ..

      حذف
  12. وهذه زهرة أخرى من ذلك البستان الجميل.ما شاء الله. اللهم اجعلنا من المرحومين يارب يارب.
    جزاكم ربي خيرا على خير و فضلا على فضل..آمين يارب العالمين.

    ردحذف
  13. ما شاء الله ولا حول ولا قوة الا بالله الموضوع جميييييل جدااا
    جزاك الله خيرا
    الزهد صرف النفس عن الشهوه وترك مالا ينفع في الآخره وليس بتحريم الحلال ولا بترك الطيبات هو تجرد القلب والروح من حظوظ النفس .انما الفقيه الزاهد في الدنيا الراغب في الآخره
    ياابن آدم بع دنياك بآخرتك تربحهما جميعا ولا تبع آخرتك بدنياك فتخسرهما جميعا

    ردحذف
  14. جميل جميل جميل جدا جدا جدا
    الله يعلمك وتعلمنا
    الله يفهمك وتفهمنا
    اللهم صل على سيدنا محمد النبي الامي وعلي اله وسلم

    ردحذف
  15. السلام عليكم ممكن اسال عن عم
    عادل هندى مش من عادته يغيب عن التعليق
    على المدونه

    ردحذف
  16. نشاء الله زادك الله من علمه ونفعنا بك يا رب
    الاخ خالد لديا سؤال إن أمكن اذا حلف شخص على المصحف على أمر حتى لا يفعله وكان في لحظة غضب وكان الحلفان حتى يكون قيد له وبعدها الظروف تجبره على الرجوع في يمينه هل هناك كفارة لذاك كالتصدق بمبلغ مالي بارك الله فيك

    ردحذف
    الردود

    1. * نقلا عن دار الإفتاء المصرية :
      فتوى حلف اليمين ومخالفتها
      ********************************
      - اليمين المعقودة: وهي كل يمين لا تُعَدُّ لغوًا، ومن حلف يمينًا معقودة على أمر وحنث فيها، فكفارة يمينه: إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام.
      - قدر الكفارة بالوزن وقيمتها:
      كفارة اليمين إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، والإطعام يكون لكل مسكينٍ قدر صاع من غالب قوت أهل البلد -كالقمح أو الأرز مثلًا-؛ كما ذهب إلى ذلك الحنفية، ويقدر الصاع عندهم وزنًا بحوالي (3.25) كجم، ومن عسر عليه إخراج هذا القدر يجوز له إخراج مُدٍّ لكل مسكين من غالب قوت أهل البلد، وهذا هو مذهب الشافعية، والمد عندهم ربع صاع، وقدره (510) جم تقريبًا؛ لأن الصاع عندهم (2.04) كجم.
      - إخراج القيمة:
      يجوز إخراج الطعام نفسه، ويجوز إخراج قيمته للمستحق.
      - العاجز عن إخراج الكفارة: يصوم ثلاثة أيام.
      والله سبحانه وتعالى وأعلم.
      *****************************
      اللهم صل على سيدنا محمد النبي الامي وعلى آله وسلم

      حذف
  17. بارك الله فيك اخي خالد وحماك ورعاك وزادك من علمه لك مني خالص الدعاء والله اني أحبك في الله

    ردحذف
  18. عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((رُبَّ أشعث أغبر مدفوع بالأبواب، لو أقسم على الله لأبرَّه))؛ رواه مسلم

    لابره :أَبْرَهَ : أتى بالبُرْهان. أَبْرَهَ: أتى بالعجائب.

    بَرَرَةٍ﴿١٦ عبس﴾ أفعالهم طاهرة مطيعين
    بررة﴿١٦ عبس﴾ بررة: جمع بارّ و برّ حيث إنه أبلغ من " أبرار "

    ﴿كِرَامِۭ بَرَرَةࣲ﴾ [عبس ١٦]

    ﴿لَن تَنَالُوا۟ ٱلۡبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا۟ مِمَّا تُحِبُّونَۚ وَمَا تُنفِقُوا۟ مِن شَیۡءࣲ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِۦ عَلِیمࣱ﴾ [آل عمران ٩٢]

    #ياحق

    ردحذف
  19. اللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا محمد النبي الامي الحبيب العالي القدر العظيم الجاه وعلى آله وصحبه، منذ سنين وانا مظطرب في فهم هذه الجزئيه من التصوف ولم انتفع بكلام احدا مثل هاذ الكلام جزاك الله كل خير وزرقك رضاه ورزقنا حبك،اللهايجازيك كل خير❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤

    ردحذف
  20. ماشاء الله لا قوة الا بالله، جزاك الله خيرا يا استاذي الان فهمت معني الذهد اللي اقدر اطبقة في حياتي
    وقاعدة الزهد دي قاعدة زهبية

    اللهم صل علي سيدنا محمد النبي الامي وعلي اله وسلم

    ردحذف

ادارة الموقع - ا/ خالد ابوعوف