بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة المعجزات والأفضلية
بين النبي محمد وسائر الأنبياء
وعلو شأن النبي بالآيات القرآنية
(الفصل الثالث عشر)
#-
فهرس:
:: الفصل الثالث عشر :: ج2/ مسائل ختامية عن أفضلية الأنبياء وعلو
مقاماتهم ::
1- س22: ما هي الأحاديث التي قال
فيها النبي محمد بالنهى عن التفضيل بين الأنبياء والرسل ؟ (ومسائل مهمة جدا تتعلق بهذه الأحاديث).
#- أولا: الحديث الذي جاء فيه النهي عن المفاضلة بين
أي أحد وبين النبي"يونس بن متى" عليه السلام.
#- ثانيا: الحديث الذي جاء فيه النهي عن عدم مفاضلة
النبي محمد على النبي "موسى بن عمران" عليهما السلام.
#- ثالثا: الحديث الذي جاء فيه النهي عن التفضيل بين
الأنبياء عموما.
#- رابعا: إشكالية عن كيف يكون النبي محمد أول من تنشق
عنه الأرض يوم القيامة وكيف يكون موسى سبقه إلى العرش ؟
#- خامسا: وأخيرا قد تسألني أخي الحبيب فتقول: لماذا هذه المسائل الفرعية على هذه الأحاديث وكان يكفي ذكر أجزاء من الروايات التي فيها النهي عن المفاضلة بين الأنبياء والتي تخدم الرسالة التي أكتب فيها ؟
===============
:: الفصل الثالث
عشر ::
================
..::
س22: ما هي الأحاديث التي قال فيها
النبي محمد بالنهى عن التفضيل بين الأنبياء والرسل ؟ ::..
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- جاءت أحاديث نبوية صحيحة .. تشير إلى أن النبي قد نهى عن تفضيله على
الأنبياء .. وهذه هي الأحاديث ..
#- أولا: الحديث الذي جاء فيه النهي عن المفاضلة بين أي أحد وبين النبي"يونس
بن متى" عليه السلام.
أ- جاء في (حديث صحيح) .. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لاَ يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ
يَقُولَ: أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى) صحيح البخاري.
- وجاءت الرواية السابقة عن بن عباس بلفظ
(ما ينبغي لعبد .....) صحيح البخاري.
ب- جاء في (حديث صحيح) .. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لاَ يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: إِنِّي خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ
بن متى) صحيح البخاري.
ج- جاء في (حديث صحيح) .. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَن قال: أنا خَيْرٌ مِن يُونُسَ
بنِ مَتَّى، فقَدْ كَذَبَ) صحيح البخاري.
د- جاء في (حديث قدسي صحيح) .. عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ
- يَعْنِي اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: (لَا
يَنْبَغِي لِعَبْدٍ لِي (وفي رواية:لِعَبْدِي): أَنْ يَقُولَ: أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى
عَلَيْهِ السَّلَامُ) صحيح مسلم.
#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على الأحاديث السابقة في نهي
مفاضلة أحد عن يونس عليه السلام.
- ستلاحظ أن الروايات مرة أتت كحديث نبوي
ومرة أتت كحديث قدسي .. والحديث القدسي إلهام يلقيه الله في قلب النبي ويطلب منه
أن يخبره لأمته وينسبه للوحي .. والحديث النبوي فإن الله يترك للنبي حرية التكلم
فيه عما يراه صوابا ..، وقد تظن أنه يوجد إشكالية في الموضوع من حيث كونه مرة أتى
كحديث نبوي ومرة كحديث قدسي.
#- ولكن: كونه حديث نبوي أو حديث قدسي .. لا إشكالية
فيه .. إذ في الحالتين هذا كان وحي يبلغه النبي للناس .. وهو مما ألقي في صدره من
هواتف الحق سواء قال من الله أو من نطق به عن نفسه .. وقد يكون بعض الرواة انتبه
لكونه كان النبي يخبر أنه مما ألقي في صدره .. والبعض الآخر ظنه من كلام النبي
نفسه .. وقد يكون قيل هذا الكلام في مجلسين للتأكيد على أهمية هذا الأمر .. وهذا
ما أظنه .. والله أعلم.
#- ثانيا: الحديث الذي جاء فيه النهي عن عدم مفاضلة النبي محمد على النبي "موسى
بن عمران" عليهما السلام.
#- جاء في (حديث صحيح) .. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ، قَالَ: (اسْتَبَّ رَجُلاَنِ (أي حدث تطاول باللسان) .. رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِينَ وَرَجُلٌ مِنَ اليَهُودِ .. قَالَ المُسْلِمُ:
وَالَّذِي اصْطَفَى
مُحَمَّدًا عَلَى العَالَمِينَ .. فَقَالَ اليَهُودِيُّ: وَالَّذِي
اصْطَفَى مُوسَى عَلَى العَالَمِينَ .. فَرَفَعَ المُسْلِمُ يَدَهُ عِنْدَ ذَلِكَ
.. فَلَطَمَ وَجْهَ اليَهُودِيِّ، فَذَهَبَ اليَهُودِيُّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .. فَأَخْبَرَهُ بِمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ .. وَأَمْرِ
المُسْلِم.
- فَدَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ المُسْلِمَ، فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ، فَأَخْبَرَهُ.
- فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: لاَ تُخَيِّرُونِي
عَلَى مُوسَى .. فَإِنَّ
النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ .. فَأَصْعَقُ مَعَهُمْ .. فَأَكُونُ أَوَّلَ
مَنْ يُفِيقُ .. فَإِذَا مُوسَى بَاطِشٌ (أي متعلق بقوة) جَانِبَ العَرْشِ .. فَلاَ أَدْرِي
أَكَانَ فِيمَنْ صَعِقَ .. فَأَفَاقَ قَبْلِي .. أَوْ كَانَ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ "أي استثناه الله فلم
يصعق") صحيح البخاري ومسلم.. واللفظ للبخاري.
#- ثالثا: الحديث الذي جاء فيه النهي عن التفضيل بين الأنبياء عموما.
#- جاء في (حديث صحيح) .. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ قَالَ: (قَالَ:
بَيْنَمَا يَهُودِيٌّ يَعْرِضُ سِلْعَةً لَهُ (أي في السوق) أُعْطِيَ بِهَا شَيْئًا (أي
تم عرض سعر مقابل سلعته) كَرِهَهُ أَوْ لَمْ يَرْضَهُ .
-
قَالَ (أي اليهودي): لَا، وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى الْبَشَرِ.
-
قَالَ (أي أبو هريرة): فَسَمِعَهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَلَطَمَ وَجْهَهُ.
-
قَالَ (أي
الأنصاري): تَقُولُ:
وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى الْبَشَرِ وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا (أي يعيش بيننا) ؟
-
قَالَ فَذَهَبَ الْيَهُودِيُّ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
.. فَقَالَ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ إِنَّ لِي ذِمَّةً وَعَهْدًا (أي لي ذمة أي عهدًا عندكم أن لا يؤذوني أحد) ..، وَقَالَ:
فُلَانٌ لَطَمَ وَجْهِي.
-
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لِمَ لَطَمْتَ وَجْهَهُ ؟
-
قَالَ: قَالَ - يَا رَسُولَ اللهِ - وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى الْبَشَرِ
وَأَنْتَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا .
-
قَالَ (أي أبو
هريرة): فَغَضِبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى عُرِفَ الْغَضَبُ فِي وَجْهِهِ ..، ثُمَّ قَالَ: لَا تُفَضِّلُوا بَيْنَ أَنْبِيَاءِ
اللهِ ..، فَإِنَّهُ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَيَصْعَقُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ
وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللهُ ..، قَالَ: ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ أُخْرَى..،
فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ بُعِثَ ..، أَوْ فِي أَوَّلِ مَنْ بُعِثَ ..، فَإِذَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ
آخِذٌ بِالْعَرْشِ ..، فَلَا أَدْرِي أَحُوسِبَ بِصَعْقَتِهِ يَوْمَ الطُّورِ (أي حينما تجلى ربه للجبل) ..، أَوْ بُعِثَ قَبْلِي ..، وَلَا أَقُولُ: إِنَّ أَحَدًا
أَفْضَلُ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى عَلَيْهِ السَّلَامُ) صحيح مسلم والبخاري.. واللفظ
لمسلم.
#- وجاءت القصة بسياق آخر قريب مما سبق ولكن بصورة مختصرة:
- عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: (بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ جَاءَ يَهُودِيٌّ، فَقَالَ: يَا أَبَا القَاسِمِ
ضَرَبَ وَجْهِي رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِكَ، فَقَالَ: مَنْ؟ "، قَالَ: رَجُلٌ
مِنَ الأَنْصَارِ.
- قَالَ: ادْعُوهُ.
- فَقَالَ: أَضَرَبْتَهُ ؟
- قَالَ: سَمِعْتُهُ بِالسُّوقِ يَحْلِفُ:
وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى
عَلَى البَشَرِ .. قُلْتُ: أَيْ خَبِيثُ، عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أي أيها الخبيث أتعلوا بفضل موسى حتى على النبي محمد) .. فَأَخَذَتْنِي غَضْبَةٌ ضَرَبْتُ وَجْهَهُ ..
- فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: لاَ تُخَيِّرُوا
بَيْنَ الأَنْبِيَاءِ ..، فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ
..، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الأَرْضُ ..، فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى
آخِذٌ بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ العَرْشِ ..، فَلاَ أَدْرِي أَكَانَ فِيمَنْ
صَعِقَ ..، أَمْ حُوسِبَ بِصَعْقَةِ الأُولَى "أي لم يصعق بسبب ما حدث له في الدنيا
حينما تجلى ربه للجبل") صحيح البخاري ومسلم .. واللفظ للبخاري.
#- وفي رواية بلفظ آخر عَنْ أَبِي سَعِيدٍ
الْخُدْرِيِّ، قَالَ: (جَاءَ يَهُودِيٌّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ ضُرِبَ فِي وَجْهِهِ، فَقَالَ لَهُ:
ضَرَبَنِي رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِكَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لِمَ فَعَلْتَ؟ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ .. فَضَّلَ مُوسَى عَلَيْكَ ..
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تُفَضِّلُوا بَعْضَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَى
بَعْضٍ ...) رواه أحمد .. وقال محققو المسند: إسناده صحيح.
#- وفي رواية عن أبي سعيد الخدري بلفظ: (قَالَ: لِمَ لَطَمْتَ وَجْهَهُ .. قَالَ: يَا رَسُولَ
اللَّهِ، إِنِّي مَرَرْتُ بِاليَهُودِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: وَالَّذِي اصْطَفَى
مُوسَى عَلَى البَشَرِ .. قَالَ: قُلْتُ: وَعَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ .. قَالَ: فَأَخَذَتْنِي غَضْبَةٌ فَلَطَمْتُهُ .. قَالَ: لَا تُخَيِّرُونِي مِنْ بَيْنِ
الأَنْبِيَاءِ ...) صحيح البخاري.
- ومعنى (مررت باليهود) فهذا معناه أن هذه القصة حدثت في سوق من الأسواق
وفيه ركن خاص لليهود كانوا يبيعون فيها بضاعهم.
- ولفظ (لا تخيروني)
هو خطأ من أحد الرواة في هذا السند لأن هذا اللفظ شاذ عن باقي الروايات وأظن
الخطأ من شيخ البخاري محمد بن يوسف لأن له كما قال عن ابن حجر " ثقة فاضل .. يقال أخطأ فى شىء من حديث سفيان" ..، فقد يكون هذا من
أخطاءه والله أعلم ..، ولكن هذا الحديث بنفس الإسناد عن سفيان الثوري ولكن يروي عنه شيخ
البخاري أبو نعيم الفضل بن دكين أتى بلفظ (لاَ تُخَيِّرُوا بَيْنَ الأَنْبِيَاء) .. وأبو نعيم أوثق من محمد بن يوسف في
سفيان الثوري .. والله أعلم.
#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على الحديثين السابقين في نهي
المفاضلة بين النبي محمد وبين موسى ونهي المفاضلة بين الأنبياء.
#- أولا: على افتراض أن الحديثين الثاني والثالث هما قصة واحدة:
1- في الحديث الثاني الخاص بنهي المفاضلة مع موسى .. والحديث الثالث الخاص بنهي المفاضلة مع الأنبياء .. واجهتني
إشكالية .. حيث كنت أتعامل مع الحديثين على أنهما قصة واحدة .. خاصة وأن مفسرين الأحاديث
الظاهر عليهم أنهما يجعلونها قصة واحدة ولكنها رويت بأسلوب مختلف .. وهنا واجهتني
إشكاليتين لو ظننا أنهما قصة واحدة .. إذ يوجد فروق في سياق القصة.
أ- الإشكالية
الأولى: وهي أن حديث يقول أن اليهودي هو من بدأ الإشكالية
باستعلاءه على مسلم بأن الله اصطفى موسى على البشر .. فسمع ذلك أحد من الأنصار
وضرب اليهودي ..، ولكن في الحديث الثاني يظهر أن المسلم هو أول من بدأ الإستعلاء
على اليهودي مظهرا أن النبي محمد أفضل من العالمين ثم رد عليه اليهودي بأن موسى
أفضل من العالمين ..
- إذن: من الذي بدأ أولا ؟!!
- وهذا ما لم أجد أحد تكلم فيه ..!!
ب- الإشكالية
الثانية: لماذا قالت رواية (لا تخيروا
بين الأنبياء) ورواية أخرى قالت (لا تخيروني على
موسى) .. إذ الفارق كبير كما لا يخفى على أحد .. فالأول نهى عام والآخر نهي
خاص.
2- ثم تفكرت وقلت كيف يكون حل الإشكالين على افتراض أنهما قصة
واحدة ؟
- قلت لك:
أ- حل الإشكال الأول: في جعل الرواية التي بدايتها (استب رجلان) قيلت بالمعنى العام دون ترتيب أحداث ..
بخلاف رواية السوق التي بدايتها (دخل رجل يهودي على
النبي وهو جالس بين أصحابه) فهي التي تروى بترتيب الأحداث.
ب- وحل الإشكال الثاني: في أن أحد الرواة ذكر ما نساه الآخر .. فحديث
ذكر (لا تخيروا بين الأنبياء) وحديث ذكر (لا تخيروني على موسى) .. والله أعلم.
3- ثم قد تسألني
فتقول: وكيف
يمكن الجمع حينئذ بين الحديثين على أنهما قصة واحدة ؟
- أقول لك: لو افتراضنا أنهما قصة واحدة .. فيكون الجمع
بينهما هكذا حسب ما أظن:
#- جاء في ما معنى الحديث: (أن رجلين استبا في عهد النبي أحدهما
مسلم والآخر يهودي .. إذ مر المسلم في سوق يبيع فيه اليهود بضاعتهم .. فسمع
أحد اليهود منزعج لما رأى أحد يبخس حق ثمن بضاعته فاعترض وقال لا أبيع بهذا الثمن وحق
الذي اصطفى موسى على البشر .. فسمعه مسلم كان يمر بجواره ..
- فقال له المسلم: كيف تقول هذا في زمن النبي محمد وهو المصطفى
على العالمين .. فيا لك من خبيث إذ كيف تظن ذلك؟
- فكرر اليهودي قوله معاندا للمسلم ومستفزا له فقال: وحق موسى هو
الذي اصطفاه الله على العالمين ما قلته هو حق .. فهنا ضرب المسلم اليهودي على وجهه
..
- فذهب اليهودي يشكو ما حدث له للنبي محمد .. واستمع
النبي لما حدث من هذه المشاحنة بين الطرفين .. فغضب مما حدث ..
- فقال النبي: (لا تخيروا بين
الأنبياء) (ولا تخيروني على موسى) .. إذ
أنه حينما يتم صعق من في السموات والأرض .. وتأتي نفخة القيام من القبور .. فاكون
أول من تنشق عنه الأرض .. وأجد موسى محتميا بعرش الرحمن من الفزع .. ولعله يكون
ممن لم تصبه صاعقة الموت .. وارتقى به ربه عند العرش ليحميه من تلك الصعقة) والله
أعلم.
@- فما سبق
هو مجرد تصوري الخاص .. في الجمع بين الحديثين لو افترضنا أنهما قصة واحدة .. وجمعتهما
بأسلوب عام بسيط ولكن لا يخرج عن ألفاظ القصة المذكورة في الحديثين.
#- ثانيا: على افتراض أن الحديثين الثاني والثالث هما قصتين فعلا:
1- حاولت أن أنظر للحديث الثاني والثالث بنظرة أخرى ..
لظني أنهما قد يكونا قصتين وليس قصة واحدة بسبب اختلاف سياق الحديثين ..
- ثم انتبهت لجزئية في أحد الروايات .. وهي جزئية (غضب النبي) فهذه الجزئية أتت في قصة السوق فقط
.. ولم تأتي في القصة الأخرى التي بدايتها السباب بين المسلم واليهودي ..، ولكن
الغضب حدث من النبي في القصة التي حدثت في السوق والتي فيها انفعل المسلم على
اليهودي لما سمعه يقول بتفضيل موسى على جميع البشر..
2- وإليك ما أره في هذين الحديثين .. وإن كان جديدا ما ستقرأه أو مخالف لما هو
يقال عن أنهما قصة واحدة كما يظهر من كلام من قرأت لهم من العلماء .. ولكن
هذا مجرد اجتهاد في فهم النصوص والله ولي التوفيق .. فأقول:
أ- أرى أن القصة التي حدث فيها سباب بين المسلم واليهودي .. والتي قال فيها النبي (لا تخيروني على موسى) .. أعتقد أن هذه القصة كانت
أول واقعة حدثت من هذه النوعية الجدلية في زمن النبي صلى الله عليه وسلم .. ولذلك
لم يظهر الغضب من النبي .. ولعل النبي لم يكن قد أظهر النهي من المفاضلة بينه وبين
أحد من الأنبياء .. ولذلك لما كانت هذه أول مرة تحدث هذه الواقعة فالنبي أرشد جميع
الحاضرين فقال: (لا تخيروني على موسى) ..
ثم أشار لفضيلة ستحدث مع موسى في الآخرة لأن المجادلة كانت مع يهودي.
ب- ولكن القصة التي حدثت في السوق بين المسلم واليهودي .. فهي قد تكون قصة أخرى حدثت في وقت قريب من
القصة الأولى .. ولذلك لما تكررت نفس الشكوى بنفس الطريقة .. غضب النبي لأنه نهي عن فعل ذلك
في خصومة مع يهودي أيضا وقد حدثت من وقت قريب .. ولكن النبي راعى في هذا المسلم
أنه لم يبلغه ما قاله النبي أول مرة .. ولكن أراد النبي هذه المرة تعميم النهي بصورة
مطلقة بعدم المفاضلة بين الأنبياء .. فقال (لا تخيروا
على الأنبياء) أو (لا تفضلوا بين أنبياء
الله) .. بل وتوسع بصورة أكبر فأشار للنبي يونس على وجه الخصوص حتى لا
يتجرأ أحد عليه بانتقاص مقامه النبوي بسبب الخطأ الذي كان حدث منه.
ج- وقد تسألني
فتقول: كيف نفهم حينئذ تكرار فضيلة موسى في الحديثين
؟
- قلت لك: لعل النبي حينما تكرر هذا الموقف مرة أخرى ..
قال بتكرار فضيلة موسى مرة أخرى لمن لم يسمعها أول مرة .. أو لعل الرواة خلطوا بين القصتين فأضافوا
الجزء الأخير من الرواية في القصتين وهوجزئية فضيلة موسى في الآخرة .. والله أعلم.
#- رابعا: إشكالية عن كيف يكون النبي محمد أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة وكيف
يكون موسى سبقه إلى العرش ؟
1- قد تسأل
فتقول: من المعلوم أن النبي أول من تنشق عنه
الأرض فيخرج .. ولكن وجود موسى عند العرش حين خروج النبي .. فهذا معناه
أن موسى خرج قبل النبي .. فكيف نجمع بين هذا وذاك ؟!!
#- قلت
لك: لو انتبهت للرواية التي ذكرها الإمام مسلم
.. والتي جاء في آخرها ما هو لفظه: (قَالَ:
لَا تُفَضِّلُوا بَيْنَ أَنْبِيَاءِ
اللهِ ..، فَإِنَّهُ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَيَصْعَقُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ
وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللهُ ..، قَالَ: ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ أُخْرَى..،
فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ بُعِثَ ..، أَوْ فِي أَوَّلِ مَنْ بُعِثَ ..، فَإِذَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ
آخِذٌ بِالْعَرْشِ) صحيح مسلم.
- فانتبه لجزئية: (أو في أول من بعث) .. (أو) شك من الراوي ..
فمحتمل أن يكون قالها النبي .. فيكون النبي بهذا في زمرة أول من يبعثهم الله يوم
القيامة .. بذلك لا مانع أن يكون موسى خرج أولا ودعا ربه أن يحتمي بالعرش فزعا مما
رآه يحدث فأجابه الله ..
- أو لعل المقصد هو: أن النبي محمد أول من تنشق عنه
الأرض .. وحينما نظر النبي إلى العرش فإذا به يجد موسى محتميا به .. ولهذا المنطق
الكلام يصح .. ومثال ذلك: أن تدخل مكان أولا .. ثم يأتي ورائك أحد .. فتفاجأ أنه
صعد الدور الأعلى مسرعا بالرغم من أنك كنت متواجد قبله..، فكذلك الحال مع النبي
محمد هو أول ممن تنشق عنه الأرض .. ولكن في نفس الوقت تنشق الأرض عن باقي الأنبياء
والناس تباعا .. ثم حينما نظر النبي فجاة للعرش وجد موسى عنده وكأنه سبق لهناك
ليحتمي به.
-
فكانت الفضيلة لموسى في كونه سبق للعرش ليحتمي به .. هذا
رأيي والله أعلم.
#- أما من قال أن يوم القيامة له أربعة
نفخات .. منهما اثنين بعد الخروج من القبر فيحدث مرة أخرى نفخة صعق يترتب عليها
إغماء للجميع .. ثم نفخة إفاقة .. ونفخة الصعق هذه هي التي نجا منها موسى ..، وذلك
ليبرر المقصود من ألفاظ رواية الحديث .. وهذا أي محتمل ظنه .. ولكن لا دليل عليه من
ظاهر آيات القرآن .. وليس هذا ظاهر من الحديث الذي نتكلم عنه أيضا .. والله أعلم.
2- وقد تسأل فتقول: لو كان المقصود بالصعق هو نفخة الموت لجميع الخلائق يوم
القيامة .. فما علاقة هذا بموسى ومحمد إذا كان كلاهما موتى بالفعل ؟
- قلت لك: هذه النفخة تتعلق بانتهاء حياة كل
من له حياة إلا ما شاء الله .. ولما كانت النفوس المتبقية على ظاهر الأرض لها حياة
.. والتي في باطن الأرض لها حياة بأرواحها .. فالذي هو على ظاهر الأرض فقد مات
كليا .. والذي في عالم البرزخ توقفت حياته أيضا وهو عالم الأرواح .. ثم يتم النفخ
بجمع الاجساد مع الأرواح مرة أخرى .. قياما للقيامة . والله أعلم.
#- خامسا: وأخيرا قد تسألني أخي الحبيب فتقول: لماذا هذه المسائل الفرعية على هذه الأحاديث وكان يكفي ذكر
أجزاء من الروايات التي فيها النهي عن المفاضلة بين الأنبياء والتي تخدم الرسالة
التي أكتب فيها ؟
- قلت لك: خشيت عليك أن يستغلك أحد ممن يختبئون خلف
قناع القرآنيين .. فيشكك بهذه الروايات خاصة وأنها في البخاري ومسلم .. فلا تعرف أن
تجيبه وستشلل الوسواس بالشك من الأحاديث في صدرك .. خاصة وأن هذه المسائل لا وجود
لها في كتب أهل العلم .. إلا آخر مسألة وهي مسألة خروج النبي أولا أم موسى أولا ..
بل وأكرمني الله وأجبتك برأي آخر ما قرأته لأحد وإنما خطر على بالي فاستحسنته
وذكرته لك ليطمئن قلبك .. ويزاح أي شك من قلبك.
- فإن وجدت خيرا في ذلك فاحمد الله وصلي على
النبي وسلم عليه .. وإن وجدت خلاف ذلك فتجاهل ما كتبته وكأنك لم تقرأه..
والتمس لي العذر.
#- وخلاصة القول من وراء الاستدلال بأحاديث النهي عن
مفاضلة الأنبياء:
- يوجد أحاديث ظهر منها أن النبي صلى الله عليه وسلم قد نهي
فيها عن التفاضل بين الأنبياء .. ولكن يتبقى هنا سؤال:
- كيف النبي صلى الله عليه وسلم ينهى عن التفاضل بين الأنبياء في حين أثبت
القرآن ذلك التفاضل كما سبق وذكرنا ؟
- وكيف النبي صلى الله عليه وسلم ينهى عن التفاضل ثم
هو يثبت لنفسه الفضل عليهم فيقول: (أنا سيد ولد آدم ولا فخر) ؟
- وكيف النبي صلى الله عليه وسلم ينهى عن التفاضل بين
الأنبياء .. ثم نجد أكابر الصحابة (وسيأتي بيان ذلك) مثل بن عباس وأبي هريرة يعلون
بفضل النبي محمد على أولو العزم من الرسل ؟
- وكيف النبي صلى الله عليه وسلم ينهي عن التفاضل
بين الأنبياء .. ولا يوجد صحابي ولا تابعي ولا عالم من أهل السنة والجماعة ولا
شيعي .. إلا يقول يعلو شان النبي محمد صلى الله عليه وسلم على جميع الخلق ؟!!
- فهل كل هؤلاء .. من زمن النبي صلى الله عليه وسلم إلى زماننا
هذا وإلى يوم القيامة كلهم عصوا النبي في أمره ؟!!
- أم
يوجد فهم آخر للاحاديث التي نهى فيها النبي عن المفاضلة بين الأنبياء ؟!!
- هذا ما نبحثه .. في المسائل التالية إن شاء الله.
#- السادة الأفاضل:
ردحذف===========
- نظرا لضيق الوقت في متابعة التعليقات ..
- فلا أقوم بنشر أكثر من ثلاثة تعليقات في اليوم لأي فرد أو أقل .. وذلك حسب سعة الوقت والمتابعة.
- وهذا للمعلومية.
- تحياتي للجميع.
====================
اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم
اللهم انعم واكرم وأنفع وبارك 💐
حذفجزاك الله كل خير استاذنا الفاضل
آمين يارب العالمين
الله يعينك ويسدد رميك...
حذفويبارك فيك وفي وقتك يارب...
وأحسن أن أعلمتنا بهذا... وإن دل هذا على شيء إنما يدل على إحترامك لمتابعيك...
وشخصيا أفدتني دون أن أسأل وطبعا ما كنت لأسأل بسبب وعدي عدم الإلتفات...☺️😊
وإلا كنت أشك في عدم صلاحية تعليقاتي للنشر بالدرجة الأولى...
وبتعليقك هذا عرفت السبب وبالتالي وفرت علي البحث عن سبب كنت أظنه متعلق بتعليقاتي...
الله الموفق لكل خير للجميع...
💦💙💧💙💧💙💦
اللهم صل وسلم على سيدنا محمد النبي الأمي و آله...
جزاكم الله خيرا أستاذنا الحبيب
ردحذفربنا يمدك بمدده و يمتعك بالصحة
===============
#قطايف المدونة:
** لا تبحث عن شيء ليس وراءه نتيجة **
* لا تبحث عن شيء .. ليس وراءه:
- نتيجة مرجوة ..
- و لا فهم يكسبك حكمة ..
- و لا حتساعدك حتى تُرَقِيك إيمانيا ..
* إبحث دائما عن اللي يرتقي بك في:
- العلم ..
- المعرفة ..
- الحكمة ..
- العلاقة مع الله ..
== أما الغرائب .. فلا تسعى ليها و لا تبحث عنها .. لأنها لن تُوصِلك لأي حاجة ..
===========
تحياتي للجميع
==============
#اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي و على آله وسلم.
بارك الله فيك استاذ خالد
ردحذفربنا يتم عليك نعمه ظاهرا وباطنا .. امين
اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم
يمكن انا قليلة التعليقات لكن انا مستمتعة بقراءة كل ما ينشر بالمدونة
ردحذفكما اني ارى انا تعليقاتي لا تزيد من قيمة ما ينشر لكن كانت امنيتي في ان يبارك لي ربنا في الوقت وأكمل ما وعدت به أحد المتابعات للمدونة بتلخيص المواضيع التي يتم كتابتها من طرف حضرتك أستاذنا الفاضل في بضعة أسطر أشير فيها إلى الحكمة مما جاء في الموضوع باختصار ...
لكن للأسف حال دون ذلك مشاكل الدنيا ومسؤولياتي تجاه عائلتي وكذلك مرضي
لكن رغم هذا لم انقطع يوم عن القراءة بالمدونة وتبقى دائما هي ملجئى وصديقي الودود وكلماتها دواء لروحي وشفاء لقلبي
بارك الله لنا فيك أستاذنا وجعل كل حرف تخطه واستفاذ منه اي مار من هنا في ميزان حسناتك
==========
صلى الله وسلم على سيدنا وحبيبنا محمد واله وصحبه أجمعين