السبت، 6 سبتمبر 2025

Textual description of firstImageUrl

ج8: رسالة المعجزات والأفضلية بين النبي محمد وسائر الأنبياء -هل موسى النبي أفضل من النبي محمد لأنه كانت له معجزات مدهشة - مقارنات لطيفة ذكرها بعض العلماء العارفين بين النبي محمد وموسى - هل حال أمة موسى النبي أفضل من حال أمة النبي محمد لأن الله فضل بني إسرائيل على العالمين - الفرق بين قول النبي محمد: (إن الله معنا) وقول موسى النبي (إن معي ربي).

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة المعجزات والأفضلية

بين النبي محمد وسائر الأنبياء

وعلو شأن النبي بالآيات القرآنية

(الفصل الثامن)

مقارنة بين معجزات النبي محمد وموسى - معنى أن الله فضل بني إسرائيل على العالمين - الفرق بين قوله (إن الله معنا) وقوله (إن معي ربي).

#- فهرس:

:: الفصل الثامن :: ج2/ قيل أن موسى النبي هو وأمته أفضل كرامة من النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأمته ..!! ::

1- س12: هل موسى النبي أفضل من النبي محمد لأنه كانت له معجزات مدهشة كتحويل العصا لثعبان وإخراج يده بيضاء للناظرين وفلق البحر بعصاه وغير ذلك كثير ؟  

2- س13: هل حال أمة موسى النبي أفضل من حال أمة النبي محمد لأن الله فضل بني إسرائيل على العالمين ؟

- حقيقة لا يعرفها الكثيرين حول قول الله عن بني إسرائيل: (وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ) ..!!  

3- س14: من المقارنات اللطيفة بين النبي محمد وموسى عليهما السلام في القرآن ؟

#- أولا: مقارنات لطيفة ذكرها بعض العلماء العارفين بين النبي محمد وموسى.

#- ثانيا: ما جال بخاطري (خالد صاحب الرسالة) عن مقارنات بسيطة من القرآن والسيرة بين موسى النبي والنبي محمد.

@- الفرق بين قول النبي محمد: (إن الله معنا) وقول موسى النبي (إن معي ربي).

================

:: الفصل الثامن ::

================

..:: س12: هل موسى النبي أفضل من النبي محمد لأنه كانت له معجزات مدهشة كتحويل العصا لثعبان وإخراج يده بيضاء للناظرين وفلق البحر بعصاه وغير ذلك كثير ؟ ::..

 

- قيل: أن موسى عليه السلام هو أفضل من النبي محمد صلى الله عليه وسلم .. إذ أنه كان مؤيدا بمعجزة لم يحظى بمثلها النبي محمد صلى الله عليه وسلم .. مثل أنه كان كليم الله .. ومنحه الله عصا تتحول إلى ثعبان حقيقي .. وبها فلق البحر ليمر به بني إسرائيل .. وبها فلق الصخر فانفلق منه اثنا عشر عين يشرب منها الناس .. واخرج يده بيضاء للناظرين .. وأرسل الجراد على فرعون .. وغير ذلك من الآيات .. التي يظهر منها علو مقام موسى على النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

#- أولا: الفرق بين معجزة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وكل معجزات موسى النبي.

1- كل معجزات موسى عليه السلام من قلب العصا لحية أو شق البحر بالعصا أو تفجير عيون المياة بالعصا .. أو تحول يده لبيضاء .. والتظليل بالغمام .. وإرسال آيات العقاب على فرعون .. وإنزال المن والسلوى.

#- ولكن هنا سؤال:

- هل بقي من هذه المعجزات أي أثر في الوجود ؟ أم انتهت بانتهاء صاحب الخصوصية وهو النبي موسى ؟

- أكيد انتهت هذه الخصوصيات والمعجزات بموت موسى عليه السلام .. وبقيت فقط مجرد ذكرى للدلالة على القدرة الإلهية في الإنتصار لأنبياءه.

 

2- ولكن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قد أعطاه معجزة القرآن للتحدي مع الإنس والجن إلى يوم القيامة في أن يأتوا بسورة من مثله أو بآية .. فلم يأتوا بمثله ولن يأتوا.. وفي القرآن جماع كل معجزات الأنبياء ولكن بصور مختلفة ..

 

#- فمثلا معجزات موسى من القرآن تحدث بصور أخرى:

- فمعجزة القرآن تقلب القلوب الميتة عن الإيمان إلى قلوب حية بجمال الإيمان..، وقلب الباطل المذكور عن الأنبياء في كتب اليهود والنصاري ليثبت مكانه الحق ولو كره الكافرون.

- ومعجزة القرآن تشق قلوب الخلق بالإيمان حتى يمروا إلى شاطيء النجاة من إبليس الكفر.

- ومعجزة القرآن تفتح في القلوب عيونا من مياة الحكمة والأخلاق.

- ومعجزة القرآن تظلل على قلوب العباد بالرحمة والسكينة والطمأنينة.

- ومعجزة القرآن يتنزل من وراء قرائته ملائكة السماء بالسكينة والرحمة.

- ومعجزة القرآن في أن كل من يحاربه يهلكه بمختلف الطرق الممكن تصورها والغير ممكن تصورها .. ثم يبقى القرآن وهو المحارب له يفنى.

- ومعجزة القرآن تحولك أبيضا الظاهر والباطن مغسولا من ذنوبك طاهرا .. فيك نورا في ظاهرك وباطنك.

 

@- وبالتالي: فالقرآن معجزة حقا قد أتاها الله للنبي صلى الله عليه وسلم بلا نظير لها في جميع الأنبياء والرسل. 

 

#- وشتان: بين من كانت معجزته تأييدا لنبوته في زمنه وفيها تحديا فقط لأهل زمنه .. وبين من كانت معجزته تأييدا لنبوته وللتحدي مع كل الخلق في كل الأزمان ..

 

#- وشتان: بين من كانت معجزته فانية .. ومن كانت معجزته باقية ..

 

#- وشتان: بين من كانت معجزته خصوصية له هو فقط من ينتفع بها وينفعل له هو فقط .. وبين من كانت معجزته خصوصية له ولكل من آمن به وتنفعل بكرامة العطاء لكل من انفعل بها صادقا مخلصا في توجهه إلى ربه.

- فأين هذا من ذاك ؟!!

 

#- ملحوظة:

- كما قلت سابقا .. كان من الممكن أن أذكر قصص للنبي صلى الله عليه وسلم مشابهة لما يحدث مع بعض الأنبياء .. ولكن هذا ليس بصواب .. إذ أن المعجزات تقارن ببعضها وما يترتب عليها من نفع وجودي .. وليس مجرد ذكرى يتم حكايتها للناس.

 

#- فكنت مثلا ممكن أذكر لك ان من خصائص النبي أن الأشياء قد تنقلب عن حقيقتها لوصف آخر .. كما حدث مع الصحابي "عكاشة بن المحصن" في غزوة بدر حينما انكسر سيفه فأعطاه النبي جزع شجر صغيرة فتحول إلى سيف من الحديد فقاتل به .. وكذلك حدث مع سلمة بن أسلم بن حريش في بدر أيضا.

 

- وكذلك نبع الماء من بين أصابع النبي كما سبق وذكرنا هذا الأمر وقد سقى أكثر من خمسة عشر ألف صحابي ..، وإضاءت أصابعه بالنور في ليلة مظلمة، وتحويل عيدان الخشب إلى كشاف مضيء مع صحابته بالليل.

 

- وإذا كان موسى انشق له البحر آية لم يعد لها وجود .. فالنبي محمد صلى الله عليه وسلم قد انشق له القمر .. ولازال هذا آية موجودة قد أثبتها العلماء في زماننا هذا بأن القكر يوجد فيه شريط صخري يحيط بالقمر بأكمله وكأنه انشق نصفين وتم لحامه بمادة صخرية ليست من مكوناته تحيط به من منتصفه.

 

- وغير ذلك من خصائص نبوية عجيبة .. يمكن قرائتها في كتب دلائل النبوة لو كنت من محبي قراءة المعجزات والخصائص النبوية..، ولكن ستبقى في النهاية هي خصائص نبوية حدثت مع النبي في زمنه ومع صحابته ولم يكن لنا منها حظ في رؤية أو مشاهدة ذلك.

 

#- ولكن القرآن هو المعجزة الشامخة الباقية .. والحقيقة المستمرة في الوجود من بقايا كل الأنبياء والرسل .. والحقيقة الدالة على الله لأنها وحي الله.

- وكفى بالقرآن معجزة خالدة إلى يوم القيامة. 

 

#- ولمن يحب أن يجد مقارنات لمعجزات مادية بين معجزات النبي محمد ومعجزات موسى .. فيمكنه الذهاب إلى الكتاب التالي:

#- قارن ابن كثير بين معجزات النبي صلى الله عليه وسلم وبين الأنبياء في كتاب (معجزات النبي - صلى الله عليه وسلم – وهو مجتزأ من كتاب البداية والنهاية لابن كثير) - والجزء في كتاب المعجزات الخاص بالمقارنة بين المعجزات المادية لموسى والمعجزات المادية للنبي محمد تجده في كتاب المعجزات من صفحة 419 حتى صفحة 433..، وفي كتاب البداية والنهاية من ج9 ص345 حتى ص364).

 

#- وكذلك كتاب دلائل النبوة لأبي نعيم .. وكتاب دلائل النبوة للبيهقي .. وكتاب سبل الهدى والرشاد في هدي خير العباد.

 

- فستجد في المصادر السابقة .. ما لا حصر له من المعجزات المادية التي فعلها النبي صلى الله عليه وسلم مع الصحابة أو في الغزوات أو في العلاجات أو في كلام النباتات والحيوانات والجمادات مع النبي .. وكل ذلك بما لا يمكن حدوثه بقانون الأسباب وإنما بقدرة القدير جل شأنه .. وذلك تأييدا لنبيه وتثبيتا لمن معه من صحابته.

 

***********************

 

..:: س13: هل حال أمة موسى النبي أفضل من حال أمة النبي محمد لأن الله فضل بني إسرائيل على العالمين ؟ ::..

 

- قيل: أن أمة موسى أحسن حالا من أمة النبي محمد لأن الله فضلهم على العالمين .. وكانوا أكثر الأمم أنبياء بنص القرآن .. وما هذا كان لأمة محمد.

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

 1- بني إسرائل كانوا أكثر الأمم أنبياءا .. وهذا أمر لا نختلف فيه .. ولكن ماذا كانت نتيجة أحوالهم ؟

- أن وصفهم ربهم فقال: (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) الجمعة:5.

 

- وأمة النبي محمد أتاها نبي واحد وكانت نتيجة أحوالهم أن وصفهم ربهم فقال: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) آل عمران:110.

 

2- قال تعالى في أمة موسى: (وَلَقَدْ جَاءَكُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ) البقرة:92..، وقال جل شأنه: (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا) النساء:155 ..، وقال جل شأنه: (كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) المائدة:64.وقال جل شأنه: (مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ) النساء:60 ..، وقال جل شأنه: (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ) البقرة:102.

 

#- وقال في أمة النبي محمد صلى الله عليه وسلم: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) آل عمران:110..، وقال فيهم: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) الفتح:29..، وقال فيهم: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا) الأحزاب:23.

 

#- فشتان: بين من فضح الله أعمال أمته في مختلف الأزمان .. بأكل السحت وقتل الأنبياء .. وجعل من بعضهم القردة والخنازير .. وحكم عليهم باللعن والكفر وغضب عليهم إذ كفروا بالنبي الأمي .. وفعلوا السحر ونشروه بين الناس واتبعوا من ضلالهم ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان .. وبين من أكرم الله أمته وجعلهم خير أمة أخرجت للناس في كل الأزمان وإلى نهاية الزمان.

 

- فكيف تقارن بين أمة بعد أنبيائها موصوفة بالشر وأصبحت ملعونة .. وبين أمة بعد نبيها ظل الوصف فيها بالخيرية وأنها مرحومة ؟!!

 

3- وقال بعض من ضل .. بثبوت علوم مقام أمة موسى على أمة النبي محمد صلى الله عليه وسلم .. فذكر قوله تعالى: (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ) البقرة:47 .. فظن هذا الجاهل أن الفضل دائم .. !!

 

- ولم يعرف هذا الجاهل .. أن الله يمن عليهم وفي نفس الوقت يفضحهم بقوله (فضلتكم على العالمين) .. إذ أن التفضيل ليس فقط برسالة موسى ووجود الأنبياء فيهم ونجاتهم من فرعون .. لا .. بل بمعرفتهم بالنبي الأمي المذكور عندهم بوصفه هو وأمته بما لم يذكره أحد بهذا التفصيل .. فهذا كان من جملة الفضل عليهم.

 

#- ولذلك حتى تعرف أنهم يعرفون وقد فضلهم الله بهذه المعرفة .. فاقرأ الآتي:

- أنه لما عبد قوم موسى العجل وذهب موسى ومعه سبعين رجلا من صالحي اليهود وكلم ربه فناجاه طالبا للعفو والغفران .. فقال تعالى ردا على موسى: (قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (156) الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) الأعراف:56-57.

 

- فكان مما ذكره الله لموسى هو التذكير باتباع النبي الأمي وذكر له أوصافه .. ومن بعده عيسى قد ذكر أوصافه أيضا في الإنجيل.

 

#- إذن: قوله (وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ) إظهار منة الله عليهم بالمعرفة التي منها معرفتهم بالنبي الأمي .. فلما جحدوا النبي الأمي فقال عنهم رب العالمين: (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) الجمعة: 5.

 

#- فشتان: بين من كان وصفه وقت نزول القرآن إذا لم يؤمن به فهو كالحمار الذي يحمل أسفارا .. وبين من كان وصف أمته وقت نزول القرآن موصوفة برجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه وكانوا خير أمة للناس أبرارا ..

 

- فأين حال هذه الأمة من حال تلك الأمة ؟!!

- أفلا تعقلون أم في العقول غباء ؟!!

- والله أعلم.

 

******************

 

..:: س14: من المقارنات اللطيفة بين النبي محمد وموسى عليهما السلام في القرآن ؟ ::..

 

#- أولا: مقارنات لطيفة ذكرها بعض العلماء العارفين بين النبي محمد وموسى ..

1- قال الإمام أبو العباس القسطلاني رحمه الله (المتوفى: 923هـ) عن سبب دخول جبريل من سقف بين النبي على النبي ليلة الإسراء:

- فإن قيل: لم فرج سقف بيته- صلى الله عليه وسلم- ونزل منه الملك .. ولما لم يدخل عليه من الباب .. مع قوله تعالى: (وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها) ؟.

- أجيب: بأن الحكمة من ذلك أن الملك انصب من السماء إنصبابة واحدة .. ولم يعرج على شيء سواه .. مبالغة في المفاجأة ..، وتنبيها له على أن الطالب وقع على غير ميعاد ..كرامة له- صلى الله عليه وسلم-.

 

- وهذا بخلاف موسى عليه الصلاة والسلام .. فكانت كرامته بالمناجاة عن ميعاد واستعداد بخلاف نبينا صلى الله عليه وسلم فإنه حمل عنه ألم الانتظار..، كما حمل عنه ألم الاعتذار.

- ويؤخذ من هذا: أن مقام نبينا- صلى الله عليه وسلم- بالنسبة إلى مقام موسى- عليه السّلام- مقام المراد بالنسبة إلى مقام المريد. (المواهب اللَّدُنِّيَّة بالمِنَح المُحَمَّدِيَّة ج2 ص438).

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا لشرح بعض ما ذكره الإمام القسطلاني:

أ- يقصد الإمام القسطلاني بقوله (ألم الإنتظار): وهو الموعد الذي حدده له الله .. وهو ما جاء في قوله تعالى: (وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ) الأعراف:142.

 

ب- ويقصد بقوله (ألم الإعتذار): وهو طلب موسى رؤية الله ومنع الرؤية عنه ثم اعتذار موسى .. وذلك إشارة لقوله تعالى: (وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) الأعراف:143.

 

2- قال الإمام أبو القاسم القشيري رحمه الله (المتوفى:465 هـ) في سبب إتيان جبريل بغير موعد للإسراء بالنبي:

- سمعت الأستاذ أبا علي الدقاق قال: إن موسى عليه السلام لما كلمه الله بعد النبوة في المرة الثانية وعده ثلاثين ليلة .. ثم زاد عشرا .. فقال: (وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ) الأعراف:142 ..، فبلغ الميعاد أربعين ليلة ..، ونبينا صلى الله عليه وسلم أرسل إليه جبريل عليه السلام وأسري به في الوقت من غير وعد كان يترقبه ..

- وفرق ظاهر بين من تعلق قلبه بانتظار الميعاد إلى أن ينجز .. وبين من يصان قلبه عن الإنتظار والترقب .. (المعراج للقشيري ص77).

 

3- قال الإمام أبو القاسم القشيري رحمه الله (المتوفى:465 هـ):

- موسى عليه السلام .. لما أمر بحضور طور سيناء كُلِّف أن يحضره مشيا ..، ونبينا صلوات الله عليه وسلامه أُرسل إليه البراق .. وليس من حُمل راكبا كمن كُلِّف أن يحضر ماشيا . (المعراج للقشيري ص77).

 

4- قال الإمام أبو القاسم القشيري رحمه الله (المتوفى:465 هـ):

- موسى عليه السلام كُلِّم على الطور ..، ونوجي محمد على بساط النور .. فهذا نودي .. وهذا نوجي .. قال الله سبحانه وتعالى: (وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا) القصص:46..، وقال في صفة المصطفى: (فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى) النجم:10 .. (المعراج للقشيري ص78).

 

5- قال الإمام القشيري رحمه الله (المتوفى: 465هـ):

- ويقال أخبر عن موسى عليه السلام حين أكرمه بإسماعه كلامه من غير واسطة .. فقال: (وَلَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا) الأعراف:143 ..، وأخبر عن نبينا صلى الله عليه وسلم بأنه (أَسْرى بِعَبْدِهِ) ..

- وليس من جاء بنفسه كمن أسرى به ربّه .. (تفسير القشيري ج2 ص333-334).

 

6- وقال الإمام ابن كثير رحمه الله (المتوفى:774 هـ):

- الله تعالى كلم موسى وهو بطور سيناء .. وسأل الرؤية فمنعها .. وكلم محمدا صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء وهو بالملأ الأعلى حين رفع لمستوى سمع فيه صريف الأقلام .. وحصلت له الرؤية .. في قول طائفة كبيرة من علماء السلف والخلف. والله أعلم. (البداية والنهاية ج 6 ص 309).

 

#- ثانيا: ما جال بخاطري (خالد صاحب الرسالة) عن مقارنات بسيطة من القرآن والسيرة بين موسى النبي والنبي محمد.

- قلت (خالد صاحب الرسالة):

1- قال الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا) الطور:48 ..، فاكتفى النبي بتوجيه ربه (الصبر) ووعده (العناية) ..، ولكن موسى طلب من ربه أن يرسل معه أخوه هارون نبيا فأعطاه الله ذلك: (وَوَهَبْنَا لَهُ مِن رَّحْمَتِنَآ أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيّاً) مريم:53.

 

- فالنبي محمد اكتفى في مواجهة قومه بتأييد مولاه .. والنبي موسى طلب في مواجهة فرعون تأييدا بأخيه من مولاه..، فشتان بين هذا وذاك.

 

2- إذا كان موسى خر صعقا على الأرض أي مغشيا عليه لما تجلى ربه للجبل .. فسيدنا محمد قد تجلى الله عليه بنوره الذاتي فلم يصعق وثبت فيه وما زاغ البصر وما طغى وظل يتنقل في ذلك النور إلى مقام العرش .. وآنسه مولاه باللقاء ورآه بقلبه وأوحى إليه ربه ما أوحاه.

 

- فهذا موسى كان على ظهر الأرض ولم يحتمل النور الذي تجلى به ربه على الجبل ولم يقوى الجبل من نور مولاه .. وذلك محمد عند العرش لازال يتقلب في عوالم النور الإلهي فكان هو الجبل الثابت في حضرة مولاه .. فصلوا عليه وسلموا تسليما.. اللهم صل وسلم وبارك عليه.

 

3- موسى عليه السلام لما ناداه ربه .. فقيل له: (فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ) طه:12 ..، وحينما حضر النبي لأعلى السموات وآخر مكان في خلق الكون عند العرش .. فلم يأمره جل شأنه بخلع نعليه في ذلك المقام جينما تجلى عليه ربه بالنور ورآه النبي بفؤاده .. وكأن الله أراد إكرام نبيه محمد حتى آخر نعليه.

 

4- إذا كان مقام كل نبي ظهر من خلال تواجده في السماء المقدرة له كما ظهر ليلة المعراج .. وكان موسى مقامه في السماء السادسة .. فهذا هو أقصى ما بلغه مقامه بعد موته .. فما بالنا بمقام النبي صلى الله عليه وسلم وهو في حياته قد بلغ مقامه عند العرش يكلمه ربه في خلوة ليس فيها أحد .. فلا يكون حال النبي الآن إلا أن يكون مقامه الروحي الآن بعد انتقاله لجوار ربه هو أيضا فوق السماوات السبع في مقام الخصوصية عند العرش .. متجليا عليه ربه بنعيم أنوار الجمال والجلال كرامة من الله وفضلا .. والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم .. والله أعلم.

 

5- قال تعالى عن موسى وقومه حينما اقترب منهم فرعون وجنوده: (فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) الشعراء:61-62.

 

- وقال تعالى عن النبي محمد وأبو بكر الصديق حينما اقترب الكفار من غار ثور الذي كانا يختبئان فيه عند الهجرة: (إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) التوبة:40.

 

#- وهنا نلحظ الفرق بين قول النبي محمد: (إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا) وبين قول موسى: (إِنَّ مَعِيَ رَبِّي) .. فقد قدم النبي محمد صلى الله عليه وسلم معية الله على معيته .. خلافاً لقول سيدنا موسى .. وفي ذلك دلالة على علو مقام النبي محمد صلى الله عليه وسلم على مقام موسى عليه السلام .. كيف ذلك ؟

 

#- تابع معي في الآتي فأقول عن اجتهاد خاص بي:

 

أ- قال النبي محمد (الله معنا) فذكر اسم الله: دلالة على أنه في عناية كمالية من الله بدوام اللطف الإلهي عليه ولمن صاحبه.

- وقدم اسم الله على نفسه وصاحبه .. للدلالة على أنه إحاطة حاصلة في كل الأوقات دون طلب من النبي.

 

ب- وقال موسى (معي ربي) فذكر اسم الرب: دلالة على كونه طالب أن يحيطه الله ومن معه بعناية فيها النجاة من فوعون وجنوده ..

- وقدم نفسه على اسم ربه .. للدلالة على تعلق رجاءه بربه ..

- وحذف موسى قومه من هذا الرجاء .. لأن هذا الرجاء مفقود فيهم إذ ظنوا يقينا إنهم لمدركون من فرعون وجنوده ففقدوا يقينهم بربهم .. ولذلك لم يقل موسى (إن معنا ربي) .. لا .. بل قال: (إن معي ربي) .. لأن قومه لا يقين لهم حتى ذلك الوقت بربهم... "حتى أنهم عبدوا العجل بعد أن فلق موسى لهم البحر" .

 

#- فإذا علمت أخي الحبيب بما سبق .. فأقول لك:

- فرق بين من تعلق بالعناية الربانية موقنا بمعية التوفيق من ربه .. وبين من تعلقت به العناية الإلهية فمعية التوفيق ملازمة له بأمر من ربه.

 

#- فالأول في معية الربوبية راجيا العناية له ولمن معه إذ هي مطلوبة .. والثاني في معية الألوهية والعناية له ولمن معه إذ هي موهوبة.

 

- فشتان: بين من كانت عناية ربه له ولمن معه مطلوبة .. وبين من كانت عناية ربه له ولمن معه موهوبة.

 - هذا اجتهادي .. والله أعلم.

 

#- ملحوظة هامة:

- بعض العلماء قال وهو الشيخ عبد الرحمن الصفوري رحمه الله (المتوفى: 894هـ): النبي لما أحسن أدبه مع ربه حيث قال (إن الله معنا) فقدم اسم الله على اسمه .. عصم الله أمته من الشرك إلى يوم القيامة .. بخلاف قوم موسى فإنهم ارتدوا عن دينهم إلى عبادة العجل لأنه قدم اسمه على اسم الله تعالى حيث قال (كلا إن معي ربي).  (نزهة المجالس ومنتخب النفائس ج1 ص80).

 

- قلت (خالد صاحب الرسالة): وهذا كلام أظنه لا يصح وهو لم يوفق فيه .. لأن النبي موسى لم يسيء الأدب في شيء وتقديم المعية منه لم يكن سببا في عبادة أمته للعجل .. وإنما الله نسب عبادة العجل لأنفسهم هم من أرادوا أن يتخذوا عبادة العجل لهم عقيدة .. فانتظروا غياب موسى حتى أفسدوا ولذلك قال تعالى: (وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ) البقرة:51 .. والله أعلم.

 

#- وخلاصة القول:

- ما ذكرته لك هنا أخي الحبيب لأوضح لك أمر مهم .. أن القرآن نفسه قد علا بمقامات النبي محمد على مقامات الأنبياء من خلال ألفاظه وآياته .. فليس بالضرورة تجد آية كاملة فيها مقارنة .. وإنما لفظ واحد يحدث فارق كبير بين المقامات كما سبق وأوضحت لك.  

 

- فالقرآن الذي احتج منه البعض .. بمعجزات الأنبياء لعلو مقاماتهم على مقام النبي محمد .. هو نفسه القرآن من علا بمقام النبي على مقامات الأنبياء جميعا .. ولكن كيف لهؤلاء أن يروا علو مقام النبي صلى الله عليه وسلم على مقامات الأنبياء مجتمعين كلهم .. وقد امتلأت صدورهم بالغل والحقد والكراهية وعدم توقير النبي محمد صلى الله عليه وسلم ..؟!! إذ كيف يرى الأعمى ضوء الشمس ؟!

- ربنا يهديهم.

 

#- وبهذا يكون ختام الكلام على المقارنات بين النبي محمد صلى الله عليه وسلم وبين موسى عليه السلام .. وننتقل لفصل آخر مع معجزات نبي آخر إن شاء الله ونقارنها بمعجزة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.. والله ولي التوفيق. 

*****************
يتبع إن شاء الله تعالى
*****************
والله أعلم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم
هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .

هناك تعليق واحد:

  1. اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم

    جزء ممتع ..
    جزاك الله كل خير استاذنا الفاضل
    وامدك بأنوار القرآن في كل آن
    آمين يارب العالمين

    ردحذف

ادارة الموقع - ا/ خالد ابوعوف