بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة التوضيح والبيان
في قصة هاروت وماروت وخاتم سليمان
وما تلته الشياطين في مملكة سليمان
مع التعريف بسحر التفريق الذي أثبته القرآن
(الجزء الثالث عشر)
:: الفصل الثاني عشر :: مسائل عن مفهوم السحر وعلاقته بالشياطين واليهود ::
1- س35: ما هو مفهوم السحر الذي كانت الشياطين واليهود يعلمونه للناس ؟
#-
أولا: ما ذكره العلماء عن تعريف السحر.
#-
ثانيا: قلت (خالد
صاحب الرسالة) عن رأي خاص بمفهوم السحر حسب ظني.
2- س36: ما الأشياء التي توصف
بكونها سحرا على سبيل المجاز وليس الحقيقة ؟
3- س37: هل يكفر من يعلم السحر أو يتعلم السحر بدلالة قوله تعالى (الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر) ؟
#- أولا: آراء مجملة عما قاله العلماء في مسألة تعليم
السحر.
#- ثانيا: قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على بعض كلام
العلماء في مسألة تعلم السحر أو العلم بالسحر.
4- س38: لماذا الشياطين أو بعض
اليهود كفروا بتعليم السحر ولم يكفروا بتحريضهم على الزنا والقتل والجميع من كبائر
الذنوب ؟
5- س39: هل كل السحر فيه استعانة بالشيطان ؟
********************
:: الفصل الثاني عشر ::
********************
..:: س35: ما هو مفهوم السحر المؤذي
للإنسان في حياته بالضرر والذي علمته الشياطين لليهود ليعلموه للناس ؟ ::..
- قال تعالى:
(وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ
سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا
يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ ...) البقرة:102.
#- أولا: ما ذكره العلماء عن تعريف السحر.
1-
قال الإمام
الواحدي رحمه الله (المتوفى:468 هـ):
-
وسُمَّي السحرُ سحرًا .. لخفاء سببه.
-
ومنه: السِّحْر وهو الغِذَاء، كقول لبيد: "ونُسْحَرُ
بالطعام وبالشراب" .. وذلك أن حاله خفيّة في التنمية.
-
والسَّحَر: الرئة .. لأنها مما تخفى وليس مما يظهر.
-
وسَحَر الليل: قبل ظهور الصُبح.
-
وقال المحققون من أهل اللغة: معنى السحر: الإزالة وصرف الشيء عن وجهه ..
تقول العرب: ما سَحَرك عن كذا .. أي: ما صَرَفك عنه..، ومنه: قوله تعالى: {فَأَنَّى تُسْحَرُونَ} المؤمنون:89 ..، أي: تصرفون .
-
ويقال: سحره .. أي: أزاله عن البُغض إلى الحُبِ ..
وكأن السّاحر بما أرى الباطل في صورة الحق فقد سَحَر الشيء عن وجهه .. أي: صرفه. (التفسير البسيط ج3 ص193-194).
2-
قال الإمام
الفخر الرازي رحمه الله (المتوفى:606 هـ):
-
ذكر أهل اللغة: أنه في الأصل عبارة عما لطف وخفي سببه والسحر بالنصب هو
الغذاء لخفائه ولطف مجاريه . (مفاتيح الغيب ج3 ص619).
-
اعلم أن لفظ السحر في عرف الشرع: مختص بكل أمر يخفى سببه ويتخيل على غير
حقيقته ويجري مجرى التمويه والخداع، ومتى أطلق ولم يقيد أفاد ذم فاعله. قال تعالى:
(سَحَرُوا
أَعْيُنَ النَّاسِ) الأعراف:116 ..، يعني موهوا عليهم حتى ظنوا أن حبالهم
وعصيهم تسعى وقال تعالى: (يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها
تَسْعى) طه:66. (مفاتيح الغيب ج3 ص619).
3- قال الطاهر بن عاشور رحمه الله (المتوفى:1393 هـ) عن السحر:
-
أطلق على ما عُلم ظاهره .. وخفي سببه .. وهو التمويه
والتلبيس وتخييل غير الواقع واقعا. (التحرير والتنوير ج1 ص631).
#- ثانيا: قلت (خالد صاحب الرسالة) عن
رأي خاص بمفهوم السحر حسب ظني.
1-
المقصود من السحر في الآية .. هو كل فنون السحر بكل ما تحمله الكلمة من
معاني .. لأن الله قال: (يُعَلِّمُونَ النَّاسَ
السِّحْرَ) .. فكان لفظ (السحر) جامع كل ألوان السحر المحتمل تصورها في
الحياة .. !!
2- رأيي الخاص في مفهوم السحر:
- أحببت أن أذكر رأيي الخاص في مفهوم السحر من
وجهة نظري .. وأرجو من الله التوفيق:
#- السحر (من وجهة نظري): هو وسيلة خفية للتأثير على الإنسان بالضرر في
حياته بصورة غير مفهومة بقانون الأسباب .. وذلك بدون وجود أسباب لها تأثير على هذا
الإنسان .. سواء أسباب عضوية أو نفسية أو اجتماعية أو روحانية أو دينية
لها تأثير
على هذا الإنسان في ذلك الوقت الذي يتهم نفسه فيه بأنه حدث له سحرا.
أ-
معنى "عضوية": أي أن كافة التحاليل وأشعة التصوير الطبية
تظهر كل شيء سليم تماما في المكان الذي يظن الإنسان أن السحر تسبب في تلفه أو
التأثير عليه.
ب-
معنى "نفسية": أي أن هذا الإنسان لا يعيش ضغوط نفسية تؤثر
عليه في نفسيته بصورة قوية جدا .. لدرجة أنه لو ابتعد عن هذا الضغط النفسي المتكرر
يشعر بهدوء واطمئنان.
ج-
ومعنى "اجتماعية": أي معاملات الإنسان خارج بيته سواء في وظيفته
أو تجارته أو ماعاملته مع الناس عموما .. فلا يكون في وظيفته محاط بسلوك غير جيد
ممن حوله .. ولا أن هناك من يؤذيه بلسانه ويتنمر عليه بالسخرية منه والتحقير من
شانه .. ولا أن له مشاكل مع جهات حكومية ترتيب عليها مشاكل مادية في تجارته
كالتهرب الضريبي مثلا مما تسبب لحدوث خراب في تجارته .. أو ما شابه ذلك.
د-
ومعنى "روحانية": أي لا يوجد تأثير روحاني عليه منذ أن كان
صغيرا فيرى ويسمع ما لا يراه أو يسمعه الآخرون.
هـ-
ومعنى "دينية": أي أن ما يحدث له من ضرر قد يكون نتيجة ما
كسبت يداه في حق الخلق على وجه الخصوص مثل أكل الميراث .. والشهادة الزور ..
والظلم لمن حولك .. والفتنة بين الناس .. والغيبة التي يتم فيها الافتراء بالسوء
على الخلق .. وغير ذلك من سوكيات قد تسبب لك حجابا عن التوفيق في حياتك.
#- إذن: إذا تبين أن كل ما سبق طبيعي ولا إشكالية فيه .. وعلى افتراض لا يوجد أسباب مما سبق .. فيمكن
للعقل حينئذ أن يتصور أن هناك سبب خفي مؤثر .. وقد يكون سحرا أو حسدا.
#- ملحوظة هامة
جدا:
-
الحياة لا تخلو من مؤثرات على الإنسان .. ولكن لو انتبهت لتعريف السحر ستجد أنه محكوم
بتأثير لا إدراك لنا فيه بقانون الأسباب لمعرفة سببه .. ولكن على افتراض عدم وجود
تأثيرات أخرى في حياة الإنسان لها تأثير مباشر على نفسية هذا الإنسان بصورة مباشرة
وواضحة ومعلومة..، دون اختراع توهم بوجود كائنات غيبية أو تسليطات خارجية ليبرر
لنفسه حالة نفسية يعيشها في ذلك الوقت .. ولم يحترم اتباع أسباب الواقع .. وارتضى
بوهم الخيال.
- ما سبق هو اجتهادي في تعريف السحر .. والله أعلم.
#-
خلاصة القول:
-
أن مفهوم السحر مبني على تأثير خفي في حياة الإنسان يسبب له ضررا غير معلوم سببه .. بدون وجود أسباب لها تأثير على هذا الإنسان
تؤثر عليه سواء أسباب عضوية أو نفسية أو حياتية أو روحانية أو دينية.
- والله
أعلم.
*******************
..:: س36: ما الأشياء التي توصف بكونها
سحرا على سبيل المجاز وليس الحقيقة ؟ ::..
- قال تعالى:
(وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ
سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا
يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ ...)
البقرة:102.
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- بعض الكلام والأفعال في الحياة توصف بكونها سحر لخفاء تأثيرها
سواء على ظاهر الإنسان أو باطنه .. فمن ذلك:
1-
ما يؤثر بخفاء في ظاهر الإنسان:
-
مثل الغذاء الذي أن تأكله ولا ترى كيف يعمل تأثيره في الجسم حين
يكسبك نشاطا وقوة في الجسم .. ولذلك وصف أهل اللغة الغذاء بكونه سحر ..
-
ويوجد ما يؤثر على مداركه السمعية والبصرية .. مثل ما خفي سببه كخفية اليد في اخراج العصفورة
من قبعة الحاوي الذي يقال عنه ساحر مجازا ..
-
وقد يسمع الإنسان كأصوات توسوس له بأمور مغلوطة .. وقد يرى مشاهد غير حقيقية .. وهذه الأمور
لكونها مجهولة مصدر الفعل الذي يقوم بهذه الأفعال عقل الإنسان .. فكثير من الناس
تقول : سحر !!
#-
مع أن المسألة
قد تكون خلاف ذلك تماما .. إذ هذه الأصوات أو المشاهد الغير حقيقية تكون نتيجة
نتيجة خلل عضوي في العقل .. أو نتيجة ضغوط نفسية شديدة جدا مع كثرة التفكير فهذا
يجذب إليك الوسواس ويفعل معك ما سبق ..، أو قد يكون لديك الجزء الروحاني فيك هو
نشط بصورة كبيرة عن المعتاد .. وهذا قد يسبب له حضور شيطاني يؤثر على مدارك عقلك
فتسمع وترى غلط .. ولو كان الشخص لديه ألم نفسي أو طلب لشهرة وحب للتميز والظهور
وكان لديه تفعيل روحاني نشط .. فهذا الشخص سيكون في مشكلة فعلا ما لم يتعلم الإيمان
ليضبط أحواله النفسية.
- وكلامي السابق ليس معناه نفي
حدوث تأثير للسحر على قوى الإدراك العقلية فتتوهم أمورا لا وجود لها سواء سمعيا أو
بصريا .. ولكن معنى كلامي هو
أن تحترم عقلك وتكون صادق مع نفسك .. قبل أن تخترع لنفسك إصابة روحانية وتصفها
بأنها: سحر ..!!
2-
ومما يؤثر على باطن الإنسان ويوصف بالسحر .. هو الكلام الطيب واللين الذي يجد له تأثيرا
في النفوس .. سواء كان تفهيم موقف بصورة صحيحة لجبر خاطر أو كلام في خطابة أو كلام
في الشعر أو كلام مكتوب .. ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنَّ مِنَ البَيَانِ لَسِحْرًا) صحيح البخاري ..
والبيان هو فصاحة القول المؤثر في النفس.
- ووجه تشبيه البيان بالسحر .. بالرغم من أن السحر باطل .. هو أن التشبيه
المقصود به التأثير في النفس .. وليس المقصود به التشبيه في الفعل .. فانتبه.
#-
وأيضا قد يوصف الإعلام المرئي والمسموع حاليا بكونه ساحر .. لكونه يؤثر في النفوس
.. وغالبا تأثيره يكون تأثير فاسد وفيه تحريض .. مثلما يفعل السحر الشيطاني تماما
..
#- خلاصة القول:
-
أن لفظ السحر قد يتخذ كوسيلة للتشبيه بما يؤثر في النفس من أقوال
وأفعال .. سواء بتأثير إيجابي أو سلبي ..
- والله أعلم.
*******************
..:: س37: هل يكفر من يعلم السحر أو
يتعلم السحر بدلالة قوله تعالى (الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر) ؟ ::..
- قال تعالى:
(وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ
وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ
السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا
يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ
فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا
هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ...) البقرة:102.
- عند الآية السابق ذكرها .. تظهر مسألة فقهية بين العلماء .. وتكلموا
فيها كثيرا .. وأصل المسألة هو: هل تعليم السحر يجعل منك كافرا ؟
#- أولا: آراء مجملة عما قاله العلماء في مسألة تعليم السحر.
أ- فبعض العلماء قال: هو يكفر .. لقوله تعالى: (الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ) ..
فالشياطين كفروا لأنهم يعلمون الناس السحر.
ب- والبعض قال: هو لا يكفر إلا بممارسة السحر عن عزيمة في
نزول الضرر بالغير .. وإلا ما كان قال الله: (فَيَتَعَلَّمُونَ
مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ....) ..
فكان التعليم بقصد إيجاد وسيلة للضرر بالغير.. ولكن مجرد المعرفة دون عمل شيء أي
دون استخدام السحر فلا شيء فيه.
#- قال الإمام
الفخر الرازي رحمه الله:
-
في أن العلم بالسحر غير قبيح ولا محظور: اتفق المحققون على ذلك لأن العلم
لذاته شريف وأيضا لعموم قوله تعالى: (هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) الزمر:9 ..، ولأن السحر لو لم
يكن يعلم لما أمكن الفرق بينه وبين المعجز .. والعلم بكون المعجز معجزا واجب .. وما
يتوقف الواجب عليه فهو واجب .. فهذا يقتضي أن يكون تحصيل العلم بالسحر واجبا .. وما
يكون واجبا كيف يكون حراما وقبيحا. (التفسير
الكبير ج3 ص626).
#- قلت تعقيبا على كلام الإمام الفخر الرازي:
- لو لاحظنا كلامه .. قد يختلط على البعض مقصد كلامه .. فلا يتضح لهم مقصده .. هل يقصد طالب علم السحر كمعرفة
.. أم معلم السحر كممارسة .. أم كلاهما .. والغالب من ظاهر كلامه هو فقط معرفة ماهية
السحر أو كيف يتم طرق إبطال السحر لأنه جزء من علم السحر .. وليس مقصده من معرفة علم السحر هو
ممارسته في الواقع بقصد الضرر للغير أو الإنتفاع به للنفس .. وإلا يكون
كلامه مردودا عليه رحمه الله لو كان المقصد بتعليم السحر كممارسة .. إذ أن تعليم
السحر للممارسة ليس فيه رفعه عند الله .. وإنما إهانة في الدنيا وجهنم في الآخرة
.. فضلا عن أن تعليم السحر كممارسة حالهم حينئذ كحال اليهود الذين علموا الناس
السحر هم وشياطينهم .. فكيف يكون تعليمه واجب ؟!!
@- عموما مقصد الفخر الرازي: هو المعرفة بعلم السحر كمعرفة عامة لمفهوم
ماهية السحر أو طرق إبطاله .. دون ممارسته ..
- وأردت ذكر ذلك لأن البعض قد يظن من كلام الفخر الرازي أنه
يجيز تعليم السحر للممارسة .. لا .. هذا
كذب وباطل .. ولا يوجد مفسر أو فقيه واحد أعرف عنه أنه قال بهذا الكلام .. وإنما
جميع أقوال من أجاز "تعليم السحر أو العلم بالسحر" فهو من باب معرفته
كعلم ماذا يحدث فيه معرفة إبطاله .. دون ممارسته واستخدامه .. والله أعلم.
#- ثانيا: قلت (خالد
صاحب الرسالة) تعقيبا على بعض كلام العلماء في مسألة تعلم السحر أو العلم
بالسحر:
- قد لاحظت شيئا من قراءة كتب المفسرين رضي
الله عنهم .. وهذه الملاحظة قائمة على أن من يتكلم في هذه المسألة
يخلط بين مسألة المعلم للعلم وطالب العلم .. ويجعلهما وكأنهما مسألة واحدة تحت
مسمى "تعليم السحر يجوز أم لا يجوز ؟" .. ومن هنا يحدث الخلط في الرأي
بين يجوز ولا يجوز .. ولكن الحقيقة أنه يوجد خطأ في في تحديد لفظ (التعليم أو
العلم) الذي يترتب عليه "يجوز أم لا يجوز" .. من حيث المقصد به طالب
السحر كمعرفة فقط أم معرفة وممارسة .. ومن حيث معلم السحر ينشره للتعريف به بصورة
عامة للإحتراز منه أم ينشره للناس لممارسته ..
- فالقول في مسألة "تعليم السحر أو
العلم به" .. دون تحديد المقصد من وراء لفظ التعليم أو العلم .. فهذا
يجعل كل فرد يحكم من حيث ما يفهمه من لفظ العلم في عقله .. وهذا ما أظنه كان خطأ في
تحقيق الحكم في هذه المسألة .. وإليك
تحقيق ذلك .. فأقول وبالله التوفيق:
- كل علم وله معلم وطالب علم .. وكذلك السحر له معلم وله
طالب علم ..
#- أولا: معلم السحر الذي يقوم بتعليم الناس من خلال التلقين المرئي والسماعي
والكتابي أي من خلال كتب ينشرها.
- هنا يتم النظر في حال هذا المعلم للسحر .. هل يعلم منه باب إبطال السحر بما ليس فيه
مخالفة لأوامر الله ..، أم يعلم السحر فعله وإبطاله ..، أم يقوم بتعريف السحر
كمعرفة عامة به بطرقه وما يفعله السحر من طرق ووسائل لظهور تأثير سحرهم دون
التعريف بتفاصيل ذلك.
1- فلو كان معلم السحر .. قد تاب ويعلم فقط باب إبطال السحر بما ليس فيه مخالفة لأوامر
الله أي ليس فيه استعانة بشياطين .. فلا حرج في ذلك .. إذ قد يكون إبطال السحر
بوسائط كالأعشاب أو بأفعال قد تكون مستغربة ولا منطقية فيها لمن يفعلها مثل التبول
على حديد ساخن جدا لفك الربط .. فهذا لا علاقة له بالدين أصلا ليتم الحكم عليه
بكونه حلال أم حرام .. إذ أن من يقول بذلك فعليه أن يخبرنا ما الفرق بين التبول
على الرمال .. وبين التبول على خذف (قاعدة التواليت الحالية في زماننا) .. وبين التبول
على الرمال كما يفعل أهل البادية في الصحراء ..!!
- (وليتقي الله من يقولون بالتحريم فيما لا عقل لهم فيه
وليسألوا أهل العلم في ذلك .. وإلا فإنهم مسئولون عن ذلك التحريم).
2- ولو كان معلم السحر .. يقوم بتعليم معارف
عن السحر وطرق إبطال السحر .. فهنا يسأل ما المقصد من تعليم السحر وطرق إبطاله ؟!!
أ- فلو كان المقصد هو: التعليم بقصد التوعية من فعل السحر وأضراره ومخاطره
وأنه كفر .. وكيف يقوم السحرة بأفعالهم السحرية للإضرار بالناس .. وكذلك يقوم بنشر
طرق لإبطال السحر بما ليس فيه استعانة بالشياطين .. فهذا حينئذ ساحر تائب يوجه الناس للحق .. وسقط عنه
وصف الساحر وانتقل لوصف معلم الخير.
ب- ولو كان معلم السحر يقصد بتعلم السحر
وإبطاله .. فيذكر عزائم السحر كاملة أو بتفاصيلها وطريقة عملها ليظهر
أثرها في الواقع بالضرر للغير أو بالنفع للنفس .. فهذا
المعلم حينئذ عنده عزيمة الشر وهذا يوصف بكونه ساحر .. فهو يرشد الناس إلى فعل
الشر فعلا .. إذ ليس لديه عزيمة التوعية والإرشاد.
#- وهذا التعليم بهذه الصورة الكاملة .. فلا شك فيه أنه يتبع أسلوب الكفرة أو يحرض
على الكفر أو ينشر الكفر أو يزين الكفر .. وإلا فلماذا يقول أو يكتب السحر الذي
يعلم يقينا أنه لو استخدمه إنسان فهو يسلك مسلك أهل الكفر ويؤدي إلى ضرر جسيم سواء
بكونه يؤذي نفسه في علاقته بربه أو يؤذي غيره بالضرر ؟!!
#- ثانيا: طالب علم السحر الذي يسمع ويرى بالتلقين من معلم السحر أو يقرأ في كتب أهل
السحر.
- فهنا يتم سؤاله .. هل رغبته في معرفة علم السحر من باب
المعرفة العامة فقط .. أم طلبا للممارسة ؟
أ- فلو طالب علم السحر هو للمعرفة
فقط .. إما من باب الفضول فقط للتعرف على هذا العالم الغامض .. فهذا
أيضا مما لا إشكالية فيه ..
ب- وإن كان المعرفة الغرض منها .. هو إيجاد طرق لإبطال السحر من خلال معرفته
بطرق السحر .. فهذا مما لا إشكالية فيه كالطبيب الباحث عن علاج لمرض ما.
- فمعرفة طرق الشر والتي منها السحر ..
ليس معناها فعل الشر وإنما قد يكون لمعرفة كيفية إبطال هذا الشر .. وليس
لفعله .. وهذا ظاهر جدا من قصص الحياة التي نقرأها يوميا من طرق النصب والإحتيال
والسرقة وغير ذلك .. وأكثر من يتعلم طرق الشر يوميا هم رجال الشرطة والجيش .. وهذ
ليس ليفعلوه وإنما ليحاولوا منعه.. فافهم وكن بصير أخي الحبيب.
ج- ولكن لو كانت المعرفة للسحر .. قد صاحبها الشيطان فحرك الفضول في نفسه ليجرب
شيء في نفسه مما
قرأه أو عرفه .. فهذه معصية وعليه أن يستغفر ويتوب مما فعله .. ولا يقال عليه لفظ
ساحر لأن الساحر وصف يقال لممتهن مهنة السحر وليس لمن جرب مرة أو مرتين .. ما لم
يكن في تجربته هذه أصاب أحد الناس بضرر لأنه كان يقصد حدوث ذلك .. فحينئذ المشكلة
أصبحت أكبر من مجرد تجربة بمعصية إلى أذية إنسان.
د- وإن كانت المعرفة بقصد أن يكون
ساحر فعلا .. فهذا حاله مثل معلم السحر الذي يعلم عزائم السحر .. وكلاهما
اتبع باب الكفر بالله.
#- خلاصة القول:
- حينما تحكم على مسألة السحر .. فانتبه للتمييز بين من معلم السحر وطالب
معرفة السحر ..
أ-
فمعلم السحر .. لو ذكر السحر الذي يؤدي لضرر واستعانة بغير
الله قد منعها الله وحرمها مثل الإستعانة بالشياطين .. فهذا المعلم حينئذ حاله هو
حال أهل الكفر.
- وإن تاب هذا الساحر .. وكان يعلم ما هو نافع لصرف الناس عن السحر أو
يعلمهم طرق إبطاله .. فهذا سقط عنه وصف الساحر وأصبح معلما للخير.
ب- أما طالب العلم أو المعرفة بالسحر .. فهذا يتوقف على نيته في استقبال العلم .. هل
يتعلم للمعرفة الفضولية .. أم يتعلم ليكون ساحر له قدرات خاصة ؟!! فلو كان مجرد
فضول فلا إشكالية شرط إن وجد نفسه سيتأثر بما يعرفه فليتركه ويبتعد عنه فورا ..،
وإن كان يتعلم لممارسة السحر فهذا كان غرضه من الأساس أن يكون ساحر وليس فقط مجرد
معرفة بالسحر .. وحاله من حال أهل الكفر الموضوفين في قوله (يعلمون الناس السحر) إذ أن الطالب يصبح معلما بعد حين.
- والله أعلم.
*********************
..:: س38: لماذا الشياطين أو بعض اليهود
كفروا بتعليم السحر ولم يكفروا بتحريضهم على الزنا والقتل والجميع من كبائر الذنوب
؟ ::..
- قال تعالى:
(وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ
سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا
يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ ...)
البقرة:102.
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- ليست مشكلة في أن يتعلم شخص طرق الشر .. كما يتم تعلم طرق الشر في علم النفس لمعرفة
أحوال المرضى .. وكما يعرف طرق الشر ضباط الشرطة .. فمجرد التعليم ليس مشكلة وإنما
المشكلة تكمن في ممارسة هذا الشر .. فهنا يكون الحساب من رب العالمين.
-
ولكن قد يخطر على بالك كما خطر ببالي سؤال وهو: إذا كان السحر كبيرة من الكبائر .. والزنا والقتل
من كبائر الذنوب أيضا .. فلماذا فاعل
السحر موصوف بالكفر .. وفاعل الزنا والقتل موصوف بالعصيان ؟!!
- وإذا كان المحرض على السحر شيطان .. فالمحرض على الزنا والقتل
شيطان أيضا .. فلماذا إذن هذا كافر وذاك عاصي ؟!!
#-
وهذا سؤال جيد .. وإليك بيان ما
خفي عنك .. إذ أن كون مستخدم السحر هو كافر .. ليس لأنه استعان بشيطان فقط كما يتصور
البعض .. لا ..
- ولكن لأن الساحر
فعل أمرين:
-
الأول: لأنه يعبد الشيطان فعلا .. ويمارس طقوس فيها عبادة للشيطان .. مظهرا له
الولاء والطاعة وأهم فروض الولاء والطاعة ممارسة الزنا أو اللواط مع طالب السحر أو
طالب فك السحر "خاصة إن كانت امرأة" ..
-
فالزنا عند الساحر ليس معصية لأمر الله .. وإنما طاعة واجبة عليه للشيطان الذي جعله
إلها له ..
-
ومن آثام الساحر .. عليه تحقير وإهانة وتدنيس كل ما هو عليه اسم الله .. وشتم
مُنزِّل الكتب السماوية (أي شتم رب العالمين) ... لأنه جعل من الشيطان إلها له ..
ويناديه بأنه ربه وإلهه ومغيثه ومولاه وسيده.
-
الثاني: لأنه باستعانته بالشيطان قد أدخله عالم
المادة من خلف حجاب البرزخ الذي بين الإنس والجن .. ليؤذي إنسان لا قدرة له على دفعه .. فهتك
الساحر بذلك حرمات الله متحديا لله بشيطانه الذي يعبده .. معلنا لله بأنه لا يستطع
أن يمنعه عن فعل شيء لأن الشيطان حاميه .. وأنه والشيطان واحد في مواجهة من يصف
نفسه بأنه رب السموات والأرضين.
#-
وجملة (أدخله عالم المادة): لأن
الشيطان في عالم الحجاب عنا .. وهو من نفسه لا قدرة له على استخدام ملكاته
الروحانية الخاصة مع الإنسان إلا بالوسوسة وبقدر محدود جدا .. ولذلك الشيطان يحتاج
لمن يستحضره في عالم المادة لأذية الناس بقوة غيبية ولا يكون ذلك إلا بواسطة إنسي ..
ولذلك الشياطين يعلمون الناس السحر لأن الشياطين من نفسها لا تستطيع فعل السحر للإنسان
.. لأنهم في حجاب عنا وغير مسموح لهم بذلك.
#-
ولذلك كان الساحر هو الوسيط بين الشيطان وبين الناس .. فالساحر يستحضر الشيطان من عالم الحجاب ليؤثر
في عالم المادة ببعض من قدرات الشيطانية الروحانية بالتصريف في عالم المادة (الإنس)
بالأذى والضرر "وهذا أيضا محكوم بمراد الله وليس بمزاج الساحر ولا برغبة
الشيطان"..
#- وخلاصة القول:
-
أن سبب كفر الساحر .. ليس لأن السحر مجرد معصية فقط .. لا .. ولا لكونه
مستعينا بشيطان على أذية إنسان أو سرقة حقوق ليست من حقه .. لا .. وإنما لأن
الشيطان حتى يستجيب بتنفيذ عمل سحر لإنسان .. فلابد لهذا الإنسان أن يكفر بالله ويعبد
الشيطان ويقر له بالولاء والطاعة حتى يستجيب له الشيطان ..
-
والله أعلم.
*******************
..:: س39: هل كل السحر فيه استعانة بالشيطان ؟ ::..
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- تعقيبا على السؤال السابق مباشرة .. ولمزيد من التوضيح .. في مسألة استعانة
الساحر بالشيطان.
#- كل السحر فيه استعانة بالشيطان .. ولكنه ينقسم لقسمين:
- الأول: يكون الشطان هو الذي ينفذ تكليف السحر الذي
يطلبه الساحر.
- الثاني: يكون الشيطان معلما للسحر في كيفية حدوث هذا
السحر .. وتسليط الشيطان في تلك الحالة يكون مصحوبا بملكات روحانية إنسية .. وهذا
السحر هو الذي يتم على على أثر من آثار الإنسان على قطعة من ملابسه أو صورته أو ما
شابه ذلك .. ويكون التأثير فيه بعزيمة كلامية مؤثرة على قوى الإنسان.
- يعني في كل الأحوال .. يتم الإستعانة بالشيطان في السحر .. وفي كل
الأحوال يكون الشيطان معلما .. ولكن الفارق هو التأثير الشيطاني بصورة مباشر أم
بصورة غير مباشرة.
- وحتى تستطيع أن تفهم تأثير الكلمات على
قوى الإنسان .. فهذا مثل أن يجرحك أحد بكلمة فتؤثر في نفسيتك .. فيكون الفاعل في تأثير
السحر هنا ليس الشيطان وإنما الإنسان حتى لو كان للشيطان تدخل .. ولكن الحقيقة أن
نفسية الساحر من حقد وغل وكراهية هي المحرك للشيطان .. وتتحد قوى الشيطان مع قوى
الساحر من أجل التأثير على المقصود ضرره حتى يصيبه بضرر في مكان ما .. وهذا من أصعب
حالات السحر.
#- ملحوظة هامة:
- ليس الغرض من هذه الرسالة هو الكلام على
السحر بتوسع .. وهذا السؤال ليس من صميم الرسالة .. وإنما فقط أحببت أن أترك لك تعقيبا على
السؤال السابق الذي تكلمنا فيه على سبب كفر الساحر .. فأظهر لك أن ليس كل سحر فيه
تسليط شيطان بصورة مباشرة .. ولكن كل سحر والشيطان سببا في تعليمه للإنسان لكيفية فعله.
- ولذلك أردت أن أوسع لك مداركك في الفهم .. لتفهم أن المسألة أكبر مما قد تكون على علما
به مسبقا .. والمعرفة لا حدود لها.
- والله أعلم في كل ما سبق.
#- وننتقل إن شاء الله .. من الفصل القادم لجزء جديد من الآية وهو قوله تعالى: (وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ...) البقرة:102.. والله ولي التوفيق.
☀️☀️☀️☀️☀️☀️☀️☀️
ردحذفاستمتعت بقراءة الفصل ..
ربنا يزيدك فهم وعلم ونور وبيان ..
ويبدل حالك لأحسن حال يارب.
راق لي :
*" وَإِن يُرِدكَ بخيرٍ فلا رادَّ لِفضله."*
لا أحد يستطيع أن يردّ عنك خيرًا كتبه اللَّه لك..
ولا أحد يستطيع غلق عنك باب رحمته ولا رزقه ولا توفيقه عنك ..
لا تربكك تدابير البشر..مادام رب البشر معك ..
وما دُمت مُوقِن أنَّ الأمر كله بيد اللَّه وحده .. ففوض وسلم أمرك إليه والله لن يضيعك أبدا "
#- طمن_قلبك وثق بربك*
منقول
🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌤
بخصوص المقال وهو يتكلم عن السحر :
ردحذففأي إنسان ابتلاه الله لابد أن يعلم تمام العلم ويكن على يقين بهذه الآية التى تبعث الطمأنينة في النفس وهي ..
{وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ}
فلتعلم أيها الإنسان الذي تخاف من السحر أو من أي شئ في الوجود ..
أن ما أصابك لم يكن ليخطأك وأن الله هو النافع وهو الضار..
وهو القاهر فوق عباده ..
وهو على كل شيء قدير..
لذلك حينما تبتلى أرجع لمولاك..
وراجع ما فات من ذكريات فكله بما كسبت يداك فربك عادل وحكيم.. مستحيل أن يؤذيك أو يحملك ما لا تطيق فهو العليم والخبير بجميع الأمور صغيرها وكبيرها ويعلم مابك وما يضيق بك دون أن تقول ..
وتعلم أن تقول الحمد لله في عز البلاء وترضى بما كتب وقدر الله حتى يلطف بك ويصبرك على تحمل البلاء لأن لا حول ولا قوة إلا بالله..
وأعلم أن هذا هو قدر الله عليك وهو الذي سبب الأسباب فقط لا غير ..
لذا لا تشغل بالك بالبشر ولا بمن فعل ولا بمن عمل وليكن انشغالك هو كيف يرضى عنك الله ..
وأعلم أن حينما تكون مع الله سيتولاك ..
وسيلطف بك في أحلك وأشد الأوقات فلا عالم بحالك سواه وهو الأقرب إليك من أي إنسان..
ويحبك برغم تقصيرك معه..ويقربك برغم عيوبك وذنوبك .. ويفتح لك الأبواب في كل حين .. ويصطفيك من بين الجميع بابتلاء ظاهره محنة .. وباطنة رحمة ومنحة.. حتى تكون على مقربة منه وليسمع صوت أنينك بالدعاء وبصلاح الحال .. وحتى ينعم عليك بالعفو والغفران.. وحينما تلقاه تكون في منزلة الصابرين الذين صبروا على البلاء والآلام في حب وابتسام عالمين بأن الله لا يضيع أجر الصابرين فتسحق حينها أن تكون مع المحبين الصالحين ..
الله لا يبتلي إلا لحكمة..
لذلك لا تحزن على ما أصابك وكن مع الله في كل حال ..
ولا تلتفت لما يحصل أو يحدث ..
وليكن كل انشغالك بالله وليكن حالك التفويض والتسليم على الدوام ..
فربك هو المدبر وهو المعين وحينما يريد يقول للشئ كن فيكون ورزقك مكتوب فهو وحده الرزاق الكريم مالك السموات والأرضين الجواد ذو القوة المتين ..
وأعتاد الحال الذي أنت فيه وكن مع مولاك متأدب راض بما أجراه عليك من أقدار ..
فهو العالم بما يصلح لك وبما ينفعك وبما أنت تحتاجه في كل آن..
الله جميل .. مستحيل يعذبك هو يأدبك ويرقيك لمنازل المحبين ..
ولا تخاف من أي شئ مادام الله موجود .
ولن يصيبك إلا ما كتب الله لك ..
فدع عنك القلق والخوف..
وأعلم أنك مع الله القدير أكبر من أي شئ وهو خالق الوجود والعالم بالذي يخفي عليك ..
وهو الحافظ وهو الرحيم فمستحيل أن يؤذيك شئ مادمت في عناية الرحيم.. وحال قلبك دائما يقول أنا مع الله والله لن يضيعني ..
فاصبر على الابتلاء لتبشر بالعطاء ..
وكن مع مولاك ينجيك من كل الشرور والآفات ..
فهذا ابتلاء الإيمان لمن يقول أنا محب وصادق مع الله..
ليكشف حالك لنفسك هل أنت صادق وراض بالحال وبكل ما يأتي به مولاك وصابر بما يجري عليك من أقدار أم ستختار الشكوى والتذمر في كل الأوقات وتعيش في مسرحية أنا غلبان ولم أفعل شئ حتى يبتليني الله ..
فكان قبلك الأنبياء وهم أحب الناس إلى الله ورغم ذلك عانوا لسنوات .. وصبروا على البلاء والمعاناة لأن قلبهم مع الله .. وعندهم حسن ظن ويقين بالله بأنه أرحم بهم من أي إنسان ..
وأن كل ما يأتي به الله هو خير بكل تأكيد ..
فلا تحزن من ابتلاء وأعلم أن هذه الدنيا هي دار ابتلاء لم تصفو حتى للأنبياء وهم أشرف خلق الله ..
وأرض لأن الذي يرضى يراضيه الله ولو بعد أعوام ..
فهل جزاء الصبر إلا الجبر من ربك الحنان المنان..
وهل جزاء حسن الظن بالله إلا النصر من الله العزيز الجبار ..
فاطمن لقدر الله فيك وقل يارب دبر لي أمري فإني لا أحسن التدبير وأبشر بكل خير .
فما خاب من قال ياالله وأستعان به في كل الأحوال.
رب زدنا علما ..
ردحذفوجزاك الله عنا كل خير استاذنا الفاضل
آمين يارب العالمين