بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة التوضيح والبيان
في قصة هاروت وماروت وخاتم سليمان
وما تلته الشياطين في مملكة سليمان
مع التعريف بسحر التفريق الذي أثبته القرآن
(الجزء الرابع عشر)
#- فهرس:
:: الفصل الثالث عشر :: مسائل عن قوله تعالى (وَمَا أُنْزِلَ عَلَى
الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ) ::
1- س40: هل نزل الملكين هاروت وماروت بالسحر يعلماه للناس بدليل قوله تعالى (وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت) أم أن لفظ (ما) يفيد نفي حدوث ذلك ؟
2- س41: هل صح تفسير للصحابي بن عباس عند قوله (وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت) ؟
3- س42: ما الذي عليك أن تنتبه إليه في قوله (وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت) قبل الخوض في كلام المفسرين ؟
********************
:: الفصل الثالث عشر ::
********************
..:: س40:
هل نزل الملكين هاروت وماروت
بالسحر يعلماه للناس بدليل قوله تعالى (وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت) أم أن لفظ (ما) يفيد نفي حدوث ذلك ؟ ::..
- قال تعالى:
(وَاتَّبَعُوا
مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ
الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ
بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا
نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ
بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ
اللَّهِ ...) البقرة:102.
#- قلت (خالد
صاحب الرسالة)
- أولا: للتذكرة بما ذكرناه من تفسير ..
1- لو المقصد شياطين الإنس: فيكون المعنى كالتالي:
- "أي
واتبع اليهود في زمن النبي .. جماعة اليهود المتشيطنة نفوسهم في زمن سليمان الذين
نسبوا سليمان للكفر بأنه فعل أفعال أهل الكفر من بناء الأصنام وبعضهم قال أنه سخر
الشياطين بالسحر وغير ذلك .. وما كفر سليمان وحاشاه لأنه أواب .. ولكن هذه الطائفة
المتشيطنة نفوسهم هم الذين كفروا إذ يعلمون الناس السحر".
2-
لو المقصد شياطين الإنس والجن: فيكون
المعني كالتالي:
- "واتبع يهود زمن النبي ما
تتلوه شياطين الإنس والجن على ملك سليمان بالباطل من كونه كفر ببناء الأصنام
والسماح بعبادتها وغير ذلك مما نسبوه إليه من السحر .. وما كفر سليمان لأنه لم
يفعل ذلك بل هو نبي أواب .. ولكن هؤلاء الشياطين هم من كفروا وحقيقة كفرهم تظهر من
تعليمهم الناس السحر ليفسدوا عليهم دينهم"... إذ أن شياطين الجن يعلمون
شياطين الإنس من اليهود .. وشياطين الإنس من اليهود يعلمون عموم الناس السحر ..
والله أعلم.
@- ولو
لاحظت .. ففي التفسيرين .. الذين كانوا يعلمون الناس السحر هم اليهود ..
ولا يمكن أن يكون شياطين الجن .. إذ لا يمكن لو كان المقصد هم شياطين الجن أن يتم
ربط الآية ببعضها فيما بعد مع قوله (وَمَا أُنْزِلَ
عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ) .. وذلك لمن يقول
أن (ما) بمعنى "الذي" .. لأن
حينئذ يكن المعنى أن الملائكة قامت بتعليم الشياطين السحر .. لأن التفسير يكون
هكذا حينئذ: "الشياطين علمت الناس السحر وعلمتهم الذي أنزل على الملكين"
.. وهذا من الباطل الذي لا يمكن تصوره .. وقد سبق وشرحنا ذلك في الفصل السابق ..
- ولكن يمكن القول بأنهم شياطين الجن .. في حالة أن قوله (وما أنزل) بمعنى نفي نزول شيء على الملكين..، ولكن التفسير بمعنى
أن (ما) للنفي .. فيه اتهام لهذا التفسير .. وسيأتي بيانه في سؤال مستقل.
#- ثانيا: ما
المقصود بقوله (وما أنزل على الملكين) ؟
#- قال الإمام أبو جعفر الطبري رحمه الله (المتوفى:310 هـ):
-
قال أبو جعفر: اختلف أهل العلم في تأويل "ما" التي في قوله: (وما أنزل على الملكين)..
1-
فقال بعضهم: معناه
الجَحْد .. وهي بمعنى"لم". (تفسير الطبري ج2 ص419).
-
معنى (الجحد): أي النفي.
@- وبعد أن ذكر الإمام أبو جعفر الطبري بعض الآثار الدالة على الرأي السابق ..
قال:
-
فتأويل الآية - على هذا المعنى الذي ذكرناه عن ابن عباس
والربيع .. من توجيههما معنى قوله: (وما أنزل على الملكين) إلى: ولم ينزل على الملكين..، (واتبعوا الذي تتلوا الشياطين على
ملك سليمان) من السحر ..، (وما كفر سليمان) ..، ولا أنزل الله السحر على
الملكين .. ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر .. "ببابل، هاروت
وماروت".
-
فيكون حينئذ قوله: (ببابل هاروت وماروت) .. من المؤخر الذي معناه
التقديم.
#-
فإن قال لنا قائل: وكيف - وجه تقديم ذلك ؟
-
قيل: وجه تقديمه أن يقال: واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك
سليمان [من السحر] ، وما أنزل [الله السحر] على الملكين .. ولكن الشياطين كفروا
يعلمون الناس السحر ببابل .. هاروت وماروت ..
-
فيكون معنيا بـ "الملكين": جبريل وميكائيل. لأن سحرة
اليهود، فيما ذكر، كانت تزعم أن الله أنزل السحر على لسان جبريل وميكائيل إلى
سليمان بن داود .. فأكذبها الله بذلك .. وأخبر نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم أن
جبريل وميكائيل لم ينزلا بسحر قط .. وبرأ سليمان مما نحلوه من السحر .. فأخبرهم أن
السحر من عمل الشياطين .. وأنها تعلم الناس [ذلك] ببابل .. وأن اللذين يعلمانهم
ذلك رجلان: اسم أحدهما هاروت، واسم الآخر ماروت.
-
فيكون (هاروت وماروت) .. على هذا التأويل .. ترجمة
على"الناس" وردا عليهم. (تفسير الطبري ج2 ص419-420).
-
ومعنى كلمة (ترجمة على "الناس"): أي بدل من كلمة "الناس".
2- الرأي الثاني: قال الإمام أبو جعفر الطبري:
-
وقال آخرون: بل تأويل (ما) التي في قوله: (وما أنزل على الملكين) - "الذي". (تفسير الطبري ج2 ص420).
@- وبعد أن ذكر الإمام أبو جعفر الطبري بعض الآثار الدالة على الرأي السابق ..
قال:
-
أولا: قال أبو جعفر: فمعنى الآية على تأويل هذا القول
الذي ذكرنا عمن ذكرناه عنه: واتبعت اليهود الذي تلت الشياطين في ملك سليمان الذي
أنزل على الملكين ببابل وهاروت وماروت. وهما ملكان من ملائكة الله، سنذكر ما روي
من الأخبار في شأنهما إن شاء الله تعالى.
-
ثانيا: قال أبو جعفر: إن قال لنا قائل: وهل يجوز أن ينزل الله السحر، أم هل يجوز لملائكته أن تعلمه
الناس؟
-
قلنا له: إن الله عز وجل قد أنزل الخير والشر كله .. وبين جميع
ذلك لعباده .. فأوحاه إلى رسله .. وأمرهم بتعليم خلقه وتعريفهم ما يحل لهم مما
يحرم عليهم ..، وذلك كالزنا والسرقة وسائر المعاصي التي عرفهموها .. ونهاهم عن
ركوبها .. فالسحر أحد تلك المعاصي التي أخبرهم بها .. ونهاهم عن العمل بها.
-
وليس في العلم بالسحر إثم
.. كما لا إثم في العلم بصنعة الخمر ونحت
الأصنام والطنابير والملاعب ..، وإنما الإثم في عمله وتسويته ..، وكذلك لا إثم في
العلم بالسحر .. وإنما الإثم في العمل به .. وأن يضر به .. من لا يحل ضره به.
-
فليس في إنزال الله إياه على الملكين .. ولا في تعليم الملكين من علماه
من الناس .. إثم .. إذ كان تعليمهما من علماه ذلك .. بإذن الله لهما بتعليمه ..
بعد أن يخبراه بأنهما فتنة .. وينهاه عن السحر والعمل به والكفر .. وإنما الإثم
على من يتعلمه منهما .. ويعمل به .. إذ كان الله تعالى ذكره قد نهاه عن تعلمه
والعمل به.
-
ولو كان الله أباح لبني آدم أن يتعلموا ذلك .. لم يكن من تعلمه حرجا .. كما لم يكونا حرجين لعلمهما به .. إذ كان علمهما بذلك عن
تنزيل الله إليهما. (تفسير الطبري ج2 ص422-423 – مع التصرف بوضع كلمات (أولا
– ثانيا) بين الفقرات للإنتباه والفهم).
#- قلت (خالد صاحب الرسالة) .. تعقيبا على بعض كلام للإمام الطبري:
-
قول الإمام: (وإنما الإثم في العمل به .. وأن يضر به .. من لا يحل
ضره به) .. فالمفهوم من كلامه أن الآثم فعلا هو من يرتكب السحر ويضر
من لا يحل ضره به .
-
ولكن هل معنى ذلك: أن من يستخدم السحر ويضر به من يحل ضره فهو
غير آثم ؟!
-
أعتقد أن الإمام الطبري: يقصد فقط الإشارة أن الذي يعمل بالسحر
هو الآثم لأنه غالبا يت استخدام السحر للضرر بمن لا يحل ضره .. وليس بمعنى أنه من
يحل ضره فيجوز عمل السحر له .. والله أعلم بمقصد الإمام .. ولكن لزم التنويه على
ذلك.
#- الرأي الثالث: قال الإمام أبو جعفر الطبري:
-
وقال آخرون: معنى (ما) بمعنى "الذي" .. وهي عطف على (ما) الأولى ..، غير أن الأولى في
معنى السحر .. والآخرة في معنى التفريق بين المرء وزوجه.
-
فتأويل الآية على هذا القول: واتبعوا السحر الذي تتلو الشياطين في ملك
سليمان .. والتفريق الذي بين المرء وزوجه الذي أنزل على الملكين ببابل هاروت
وماروت. (تفسير
الطبري ج2 ص423).
#-
قال الإمام الفخر
الرازي رحمه الله (المتوفى:606 هـ):
-
في قوله: (وما أنزل فيه) وجهان:
- الأول: أنه بمعنى الذي ...
-
ثم هؤلاء اختلفوا فيه على ثلاثة أقوال:
-
الأول: أنه عطف على (السحر) أي يعلمون الناس السحر
ويعلمونهم ما أنزل على الملكين أيضا.
-
وثانيها: أنه عطف على قوله: (ما تتلوا الشياطين) أي واتبعوا ما تتلوا الشياطين
افتراء على ملك سليمان وما أنزل على الملكين لأن السحر منه ما هو كفر وهو الذي
تلته الشياطين، ومنه ما تأثيره في التفريق بين المرء وزوجه وهو الذي أنزل على
الملكين فكأنه تعالى أخبر عن اليهود أنهم اتبعوا كلا الأمرين ولم يقتصروا على
أحدهما.
-
وثالثها: أن موضعه جر عطفا على (ملك سليمان) وتقديره ما تتلوا الشياطين
افتراء على ملك سليمان وعلى ما أنزل على الملكين .. وهو اختيار أبي مسلم رحمه الله.
(تفسير مفاتيح الغيب ج3 ص629).
#- ثم بعد كلام قال الإمام الفخر الرازي الرأي الثاني:
- الوجه الثاني: أن يكون (ما) بمعنى الجحد ويكون معطوفا على
قوله تعالى: (وما كفر سليمان) .. كأنه قال: لم يكفر سليمان ولم ينزل على الملكين
سحر لأن السحرة كانت تضيف السحر إلى سليمان وتزعم أنه مما أنزل على الملكين ببابل
هاروت وماروت .. فردَّ الله عليهم في القولين قوله: (وما يعلمان من أحد) جَحد أيضا .. أي لا يعلمان أحدا
بل ينهيان عنه أشد النهي.
-
أما قوله تعالى: (حتى يقولا إنما نحن فتنة) أي ابتلاء وامتحان فلا تكفر ..
وهو كقولك ما أمرت فلانا بكذا حتى قلت له إن
فعلت كذا نالك كذا .. أي ما أمرت به بل حذرته عنه. (تفسير مفاتيح الغيب ج3 ص630-631).
@- قال
الإمام أبو العباس المعروف بالسمين الحلبي رحمه الله (المتوفى: 756هـ):
-
قوله: (وَمَآ أُنْزِلَ) .. فيه أربعة أقوال:
-
أظهرها: (ما) موصولة بمعنى الذي محلها النصب
عطفا على (السِّحْر) .. والتقدير: يعلمون الناس السحر والمنزل
على الملكين.
-
الثاني: أنها موصولة أيضا ومحلها النصب لكن عطفا على (مَا تَتْلُواْ الشياطين) والتقدير: واتبعوا ما تتلوا الشياطين
وما أنزل على الملكين وعلى هذا فما بينهما اعتراض .. ولا حاجة إلى القول بأن في
الكلام تقديما وتأخيرا.
-
الثالث: أن محلها الجر عطفا على (مُلْكِ سليمان) .. افتراء على ملك سليمان وافتراء
على ما أنزل على الملكين. وقال أبو البقاء: تقديره: "وعلى عهد الذي
أنزل".
-
الرابع: أنَّ (ما) حرفُ نفيٍ .. والجملة معطوفة على الجملة
المنفية قبلها، وهي (وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ) ، والمعنى: وما أنزل على
الملكين إباحة السحر. (الدر المصون
ج2 ص31).
#- وخلاصة القول:
- أن كلمة (ما) من قوله تعالى (وما أنزل
على الملكين ببابل هاروت وماروت) .. لها رأيان في التفسير:
1-
الأول: أن (ما) بمعنى الذي .. ولها ثلاث معان:
أ-
ويكون (وما أنزل)
.. معطوفة على (ما) الأولى المذكورة
في (واتبعوا ما تتلوا الشياطين) .. ويكون
المعنى: اتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان واتبعوا الذي أنزل على الملكين.
ب-
أو يكون (وما أنزل) ..
معطوفة على السحر وهي المذكورة في (يعلمون الناس
السحر) .. ويكون المعنى: أي
يعلمون الناس السحر والذي أنزل على الملكين.
ج-
أو يكون (وما أنزل)
.. معطوفة على (ملك سليمان) .. فيكون المعنى: واتبعوا ما تتلوا الشياطن
افتراءا على ملك سليمان وافتراءا على الذي أنزل على الملكين.
2-
الثاني: أن يكون (وما أنزل) بمعنى النفى .. أي ولم ينزل على الملكين هاروت وماروت أي سحر
في مدينة بابل كما زعموا.
#-
ولا نختار الآن ما هو الرأي الأقرب للصواب .. إلا بمعرفة سبب اختيار أصحاب كلا
الرأيين لرأيهما ومناقشتهما .. وإنما هنا فقط أحببت أن أوضح لك أن العلماء أختلفوا
في قوله (وما أنزل) على رأيين.
-
والله أعلم.
**********************
..:: س41: هل صح تفسير للصحابي بن عباس عند قوله (وما أنزل على الملكين ببابل
هاروت وماروت) ؟ ::..
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
-
أتت عن الصحابي عبد الله بن عباس .. تحمل تفسيرين خلاف بعضهما البعض .. وذلك عند قوله
تعالى (وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت)
.. وإليك بيان ذلك:
1-
التفسير الأول: أن لفظ (ما أنزل)
بمعنى نفي النزول على الملكين.
#-
(أثر
ضعيف جدا) .. عن محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال،
حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: (قَوْلُهُ: (وَمَا أَنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ
هَارُوتَ وَمَارُوتَ) البقرة:102 - فَإِنَّهُ يَقُولُ: لَمْ يُنْزِلِ اللَّهُ السِّحْرَ) رواه الطبري في تفسيره، وابن
أبي حاتم في تفسيره .. (قلت خالد صحب الرسالة): الأثر ضعيف جدا .. وفيه (عطيه العوفي) وابنه (الحسن بن عطية العوفي)
و (محمد بن الحسن بن عطية) و (الحسين بن الحسن بن عطية العوفي) وهو عم سعد بن محمد
العوفي .. جميعهم ضعفاء ما عدا (سعد بن محمد ) متروك الحديث .. وهذا السند يسمى بسند العوفيين .. ومنتشر بكثرة في التفاسير .. فإذا رأيت
هذا السند فاعرف مباشرة أنه سند ضعيف جدا .. ، وقال الإمام أحمد شاكر رحمه الله في
تخريج تفسير الطبري ج1 ص 263: هذا الإسناد من أكثر الأسانيد دورانا في تفسير
الطبري، وهو إسناد مسلسل بالضعفاء من أسرة واحدة، إن صح هذا التعبير .. وهو معروف
عند العلماء بـ "تفسير العوفي". (انتهى النقل).
2-
التفسير الثاني: أن لفظ (ما أنزل)
بمعنى "الذي" أنزل على الملكين.
#-
(أثر
ضعيف جدا) .. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى .. قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ
بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ
أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: (قَوْلُهُ: (وَمَا أُنْزِلَ عَلَى
الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ) البقرة: 102.. قَالَ: التَّفْرِيقُ
بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ) رواه الطبري في تفسيره، وابن
أبي حاتم في تفسيره .. (قلت خالد صاحب الرسالة):
الأثر ضعيف جدا .. فيه شيخ الإمام الطبري واسمه (المثنى بن إبراهيم
الآملي الأُبُلي) وهو مجهول الحال ..، (عبد الله بن صالح - كاتب الليث بن سعد) وهو
ضعيف الحديث .. و(علي بن أبي طلحة) ضعيف الحديث .. ولم يسمع من بن عباس .. وكان يرسل عنه .. قال عنه أحمد بن حنبل: روى
التفسير عن ابن عباس ولم يره .. ، وقال أبو أحمد الحاكم: ليس ممن يعتمد على تفسيره
الذي يروى عن معاوية بن صالح عنه .. وقال أبو حاتم عن دحيم أن علي بن أبي طلحة لم يسمع التفسير من بن عباس.(راجع تاريخ الإسلام ترجمة برقم
313 ج 3 ص 932 - وراجع
تهذيب الكمال
ترجمة رقم 4090).
#- وخلاصة القول:
-
أن الصحابي بن عباس: لا قال التفسير الأول .. ولا قال التفسير الثاني .. لأن أسانيد هذه الروايات المنقولة عنه تالفة
جدا ..، فضلا عن أنه لا يعقل أن يقول تفسيرين عكس بعضهما .. خاصة وأن الروايات
تنسب له القول وكأنه رأيه هو وليس من جملة آراء كان يحكيها ..!!
#- ملحوظة: لم أجد تفسير منسوب لصحابي آخر في تفسير هذه
الجزئية من الآية ..، كما أنه لسنا في حاجة لذكر أو نقل ما قاله بعض التابعين .. لأنها
مجرد آراء تفسيرية لا تخرج عن الرأيان السابق ذكرهما إما (ما) بمعنى التفي او
بمعنى (الذي) .. وهذا سننذكره في تفسير كلام العلماء عموما في الفصل القادم إن شاء
الله .
********************
..:: س42: ما الذي عليك أن تنتبه إليه في
قوله (وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت) قبل الخوض في كلام المفسرين
؟ ::..
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
-
قبل أن نخوض في كلام المفسرين أو مناقشة آرائهم حول قوله تعالى (وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت) .. فانتبه
للآتي:
#- أولا: من حيث مصدر التفسير:
1- أنه لا يوجد تفسير للنبي صلى الله عليه وسلم في هذه الجزئية من الآية.
2- أنه لا يوجد تفسير لصحابي قد بلغنا بسند صحيح لهذه الجزئية من الآية.
3- كل ما سنذكره إنما هو اجتهاد مفسرين وعلماء في اللغة.
#- ثانيا: من حيث جزئية (وما أنزل على
الملكين ببابل هاروت وماروت).
1- أن الآية لم
تذكر ما هو الذي أنزل على الملكين ..، وإنما باعتبار ما قيل بعد ذلك وهو قوله
تعالى (فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه)
.. فكان الفهم أن الذي أنزل على الملكين هو لونا من السحر.
2-
الآية أوضحت أنهما مَلَكين (بفتح اللام) .. وقد جاء في قراءة شاذة (ملِكَين) بكسر اللام
.. أي رجلين من الملوك صنعوا ذلك.
3-
الآية لم تذكر لماذا بابل ؟ ولماذا أتت باسم هذا المكان في الآية وكان
يمكن الإستغناء عن ذكره ؟
#-
فإذا انتهبت لما سبق .. فهذا أوان معرفة كلام السادة المفسرين من حيث تفسيرهم
لتلك الجزئية .. ومناقشة كل تفسير .. والله ولي التوفيق.
استمتعت بقراءة هذا الجزء بالرغم اني في البداية كدت اخرج من الصفحة ههههههه .. لكن استعذت من شيطان ال ( أفف زهقت مش فاهمة ) .. فركزت وتابعت حتى الخلاصة .. ومتشوقة للجزء القادم في اقرب وقت ان شاء الله حتى نلحق نربط الكلام ببعضه .. وماأدراكم بالذاكرة ههههه ..
ردحذفاللهم أعذنا من شر النسيان وارزقنا قوة الذاكرة ونور الحفظ والفهم والاستيعاب والعلم النافع في الدين والدنيا والآخرة .. آمين يارب العالمين
وجزاك الله عنا كل خير استاذنا الفاضل
واثابك على تعبك ومجهودك هذا الذي لا يعلم قدره وحقه الا الله وحده .. فنسأله سبحانه ان يكرمك من فضله الواسع ورحمته التي وسعت كل شيء .. آمين يارب العالمين
جزاك الله خيرا كثيرا استاذ خالد
ردحذفاللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم