بحث في المدونة من خلال جوجل

الاثنين، 30 يونيو 2025

Textual description of firstImageUrl

ج17: قصة هاروت وماروت وخاتم سليمان - هل الملائكة معصومة من العصيان والخطأ - هل الملائكة لا تفكر ولا تختار كالآلات المبرمجة.

         بسم الله الرحمن الرحيم

 

رسالة التوضيح والبيان

في قصة هاروت وماروت وخاتم سليمان

وما تلته الشياطين في مملكة سليمان

مع التعريف بسحر التفريق الذي أثبته القرآن

 

 (الجزء السابع عشر)

هل الملائكة معصومة من العصيان والخطأ – هل الملائكة لا تفكر ولا اختيار لها كالآلات المبرمجة

#- فهرس:

:: الفصل السادس عشر :: الملائكة معصومة من العصيان والخطأ - الملائكة لها اختيار وتفكر عن التقوي الموجودة فيها ::

1- س53: ما هي عقيدة المسلمين في عصمة الملائكة من حيث كونهم يجوز عليهم العصيان والخطأ أم لا يجوز ؟

#- القول بعصمة الملائكة.

#- مناقشة بعض من قال بعدم عصمة الملائكة سواء مرسلة إم غير مرسلة.

2- س54: هل الملائكة لا تفكر ولا تختار كالآلات المبرمجة ؟

  ********************

:: الفصل السادس عشر ::

********************

..:: س53: ما هي عقيدة المسلمين في عصمة الملائكة من حيث كونهم يجوز عليهم العصيان والخطأ أم لا يجوز ؟ ::..


#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- قبل ن أبدأ .. في عرض الآراء التفسيرية بتوسع ومناقشتها في قوله تعالى (وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ) .. فأحببت أن أوضح عقيدة المسلمين في الملائكة .. لتعرف لماذا حدث خلاف بين العلماء في تفسير قوله (وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ) .. إذ أنكر بعض العلماء الآتي من وجهة نظرهم:

1- أنكروا نزول الملائكة لتعليم الناس .. وإنما هم ينزلون إما للتواصل مع الأنبياء أو ينزلون بالعذاب أو بالموت بأمر من ربهم.

 

2-  أنكروا أن ينزل على الملائكة السحر ليعلموه بين الناس .. لأن ذلك مخالف لمعتقد القرآن في الملائكة من وجهة نظرهم .. وبالتالي لم يقبلوا التفسير الذي يقول بنزول السحر على الملائكة وتعليمه للناس .. وطبعا أنكروا كعامة العلماء قصة هاروت وماروت وكوكب الزهرة التي كان يتم تداولها في كتب بعض العلماء.

 

- ولذلك أحببت أن أذكر هذا السؤال .. عن عقيدة المسلمين في الملائكة لتتفهم لماذا حدث خلاف بين المفسرين وجعل بعضهم (ما) هي نافية .. في قوله تعالى: (وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ) .. أي لم ينزل شيء على الملائكة.

- وعموما إليك بيان المسألة: 

====================

#- قال الإمام علاء الدين الخازن رحمه الله (المتوفى: 741 هـ):

 

@- (في القول بعصمة الملائكة):

- أجمع المسلمون على أن الملائكة معصومون فضلا ..

#- واتفق أئمة المسلمين على أن حكم الرسل من الملائكة .. حكم النبيين .. سواء في العصمة في باب البلاغ عن الله عز وجل .. وفي كل شيء ثبتت فيه عصمة الأنبياء فكذلك الملائكة .. وأنهم مع الأنبياء في التبليغ إليهم .. كالأنبياء مع أممهم.

 

#- ثم اختلفوا في غير المرسلين من الملائكة:

1- فذهب طائفة من المحققين .. وجميع المعتزلة إلى عصمة جميع الملائكة عن جميع الذنوب والمعاصي .. واحتجوا على ذلك بوجوه سمعية وعقلية ..

 

2- وذهب طائفة إلى أن غير المرسلين من الملائكة غير معصومين .. واحتجوا على ذلك بوجوه سمعية وعقلية .. منها قصة هاروت وماروت عن علي ..، وما نقله أهل الأخبار والسير..، ونقله ابن جرير الطبري في تفسيره عن جماعة من الصحابة والتابعين..، فنقل قصة هاروت وماروت بألفاظ متقاربة عن علي بن أبي طالب وابن مسعود وكعب الأحبار والسدي والربيع ومجاهد.

 

- وأجاب من ذهب إلى عصمة جميع الملائكة عن قصة هاروت وماروت .. بأن ما نقله المفسرون وأهل الأخبار في ذلك .. لم يصح عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم منه شيء .. وهذه الأخبار إنما أخذت من اليهود .. وقد علم افتراؤهم على الملائكة والأنبياء.

 

- وقد ذكر الله عز وجل في هذه الآيات، افتراء اليهود على سليمان أولا .. ثم عطف على ذلك قصة هاروت وماروت ثانيا.

- قالوا: ومعنى الآية .. وما كفر سليمان يعني بالسحر الذي افتعله عليه الشياطين .. واتبعتهم في ذلك اليهود .. فأخبر عن افترائهم وكذبهم. (تفسير الخازن ج1 ص66).

- معنى قوله (الملائكة معصومون فضلا): أي بفضل من الله منعهم من العصيان.

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) .. تعقيبا على بعض مما ذكره الإمام الخازن:

1- الذين قالوا بعدم عصمة الملائكة الغير مرسلة .. لم يكن أمامهم سوى الإستدلال .. بقصة سقوط إبليس .. وقصة الملكين هاروت وماروت .. فقط.

 

2- وقصة هاروت وماروت .. وحكايتهم مع المرأة التي زنوا بها وشربوا معها الخمر وقتلا رجلا .. هي قصة ملفقة بالباطل للنبي صلى الله عليه وسلم .. وهذا سنعلمه فيما بعد .. وباعتراف من قاموا برواية القصة نفسها ..، وأما عن قصة إبليس فهو أبعد ما يكون من أن يكون من الملائكة .. وإن كان يمكن القول أنه من فرع منهم (أي جنس خفي مثلهم) ولكنه مخلوق من نار .. والملائكة مخلوقة من نور.. إذ قال النبي صلى الله عليه وسلم: (خُلِقَت المَلائِكَةُ مِن نُور .. وَخُلِقَ الجَانُ مِن مارِجٍ مِن نَار (اللهب المختلط بسواد النار) .. وَخُلِقَ آَدَمُ مِمَّا وُصِفَ لَكًم) صحيح مسلم.

 

- وبالتالي يعود السؤال إلى من قالوا بعدم عصمة الملائكة الغير مرسلة .. فيقال لهم: من هم هؤلاء الملائكة الغير مرسلة التي ثبتت عليها عدم العصمة ؟!!

 

2- تخصيص الملائكة كونها مرسلة وغير مرسلة .. هو شيء أجده مخالف للقرآن أصلا .. إذ قال جل شأنه: (الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ) فاطر:1.

 

- إذن: الملائكة كلها مرسلة لأهل الأرض .. ولكن كل ملاك وله وظيفة خاصة به فمنهم أصحاب الرسالات .. ومنهم المدبرين لأمر الله في الوجود في السموات والأرض .. وغير ذلك ..

- وطالما الملائكة الذين على الأرض هم مرسلون .. فكيف لا يكونوا معصومون ؟!!

 

3- أما العجب كل العجب .. ممن قالوا بعدم عصمة بعض الملائكة .. إذ أن هذا يدفعنا للقول .. بأن الملائكة المدبرة للكون بأمر من الله .. يمكنها العصيان ومخالفة أمر الله .. وهذا يستحيل ولا يمكن تصوره وإلا كانوا يمكن أن نظن أنه يمكن عصيان الله في تدبير أمور الكون ويخالفون الله .. وهذا مناقض ومعارض للقرآن.

 

- ويعود السؤال مرة أخرى .. في أي وهم توهمه هؤلاء الذي قالوا بعدم عصمة الملائكة الغير مرسلة .. إذا كان جميع الملائكة مرسلة طالما يؤدون أوامر الله في الكون ؟!!

================

 #- ذكر الإمام جلال الدين السيوطي رحمه الله (المتوفى: 911هـ) في رسالته الحبائك في أخبار الملائك :

 

#- وقال الصفوى الأرموى في رسالته: "الملائكة معصومون":

- والدليل عليه من وجه:

- أحدها: قوله تعالى في وصفهم: (وَيفعَلُونَ ما يُؤمَرون) .. وقوله تعالى: (وَهُم بأِمرِهِ يَعمَلُون) الأنبياء: 27 .. وهما يتناولان فعل المأمورات وترك المنهيات .. لأن النهي أمر بالترك .. ولأنه سيق في معرض التمدح .. وهو إنما يحصل بمجموعها.

 

- وثانيها: قوله تعالى: (يُسَبِحونَ اللَيلَ وَالنَّهارَ لاَ يَفتَرونَ) الأنبياء: 20 .. وهو يفيد المبالغة التامة في الإشتغال بالعبادة وهو يفيد المطلوب ..

 

- وثالثها: الملائكة رسل الله لقوله تعالى (جَاعِلُ المِلائِكَةِ رُسُلاً) فاطر: 1 .. والرسل معصومون لأنه تعالى قال في تعظيمهمك (اللَهُ أَعلَمُ حَيثُ يَجعَلٌ رِسالَتَهُ) الأنعام: 124 وهو يفيد المبالغة التامة في التعظيم .. فيكونون أتقى الناس ..

 

#- احتجَّ المخالف بقصة هاروت وماروت .. وبقصة إبليس مع آدم .. وباعتراضهم على الله تعالى في خلق آدم بقولهم: (أتَجعَلُ فِيها مَن يُفسِدُ فِيها) البقرة: 30 .

 

- وجوابه على سبيل الإجمال: أن جميع ما ذكرتم محتمل احتمالا بعيدا وقريبا وعلى التقديرين لا يعارض ما دل على عصمتهم من الصرائح والظواهر.

 

- وقال القرافي: ومن اعتقد في هاروت وماروت أنهما بأرض الهند يعذبان على خطيئتهما مع الزهرة فهو كافر .. بل هم رسل الله وخاصته يجب تعظيمهم وتوقيرهم تنزيههم عن كل ما يخل بعظيم قدرهم .. ومن لم يفعل ذلك وجب إراقة دمه.

 

- وقال البلقيني في منهج الأصوليين: العصمة واجبة لصفة النبوة والملائكية وجائزة لغيرهما .. ومن وجبت له العصمة فلا يقع منه كبيرة ولا صغيرة ولذلك نعتقد عصمة الملائكة المرسلين منهم وغير المرسلين .. قال الله تعالى: (لا يَعصونَ اللَهَ ما أَمَرَهُم وَيَفعَلونَ ما يُؤمَرونَ) .. والايات في هذه المعنى كثيرة .. وإبليس لم يكن من الملائكة وإنما كان من الجن ففسق عن أمر ربه .. وأما هاروت وماروت فلم يصح فيهما خبر. انتهى. (الحبائك في أخبار الملائك ص253-254).

 

=====================

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) .. في مناقشة بعض من قال بعدم عصمة الملائكة سواء مرسلة إم غير مرسلة:

 

- بخلاف ما ذكرته من تعقيبات على ما ذكره الإمام الخازن .. فأضيف الآتي:

 

#- أولا: كيف نتصور عدم عصمة الملائكة والقرآن يشهد لهم بذلك ؟

أ- قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) التحريم:6.

 

ب- قال تعالى: (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ (26) لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (27) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (28) وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ) الأنبياء:26-29.

 

ج- قال تعالى: (وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ (19) يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ) الأنبياء:19-20.

 

#- معنى (يستسحرون): أي لا يتعبون ولا يملون من العبادة.

 

د- قال تعالى: (وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ (164) وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (165) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ) الصافات:164-166.

- معنى (الصافون - المسبحون): أي المتراصون في مقام العبودية لله.. وحالنا هو دوام التسبيح لله.

 

#- ثانيا: مناقشات مع الذين قالوا بعدم عصمة الأنبياء:

1- المناقشة الأولى: قال البعض ممن يقول بعدم عصمة الملائكة من الآيات السابقة .. وأنها مختصة بالملائكة من الرسل ..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة): هذا كلام باطل ولا يعقل .. ولا يقول به ظاهر الألفاظ القرآنية .. بل مطلقة على العموم .. ومن يقول بالتخصيص فليأت بالدليل .. وإلا فكلامه باطل وتأليف على القرآن بما لم يقل به.

 

2- المناقشة الثانية: قال البعض ممن يقول بعدم عصمة الملائكة من الآيات السابقة .. لأنها تدل على أن الملائكة ممدوحة بأنها لا تفعل الشر ولا تعصي الله .. وهذا معناه أنها تستطيع أن تفعل الشر وإلا ما كان الله مدحهم على فعل الخير .. فتبين من وراء ذلك إمكانية فعلهم للشر والمعصية.

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة): هذا كلام غريب جدا من أن يقوله عالم .. بل تصور عقلي قاصر .. إذا أن ما يقال على الملائكة الذين يسمونهم ملائكة غير مرسلة .. فهو يقال أيضا على الملائكة المرسلة .. وبالتالي فلا مانع أن من يكون حدث انحراف وتحريف في الوحي طالما عدم العصمة موجود في النفس الملائكية حسب زعمهم ..!!

 

- بل الأغرب أن لا ينتبه العالم .. للفرق بين الإمكانية وبين الفعل نفسه .. فالنبي بإمكانية أن يكفر من حيث اختياره .. ولكنه معصوم من الكفر .. وبإمكان السماء أن تسقط على الأرض .. ولكن الله يمسكها من حدوث ذلك.

 

- ففرق بين الإمكانية وبين الحتمة .. أي حتمية الفعل .. ولا يقال بتحقيق الإمكانية إلا لو ظهر الفعل فعلا في الوجود .. وطالما لم يظهر من الملائكة فعلا في الوجود بالشر أو بعصيان الله .. فيكون ما يقال هو مجرد هرطقة فارغة بعدم عصمة الملائكة ..!!

 

- وهذا هو السبب .. في تعلق بعض العلماء بقصة هاروت وماروت وكوكب الزهرة وقصة سقوط إبليس .. لثبوت عدم عصمة بعض الملائكة .. لأنه لابد من وجود ظهور فعلي منهم بالعصيان .. للحكم عليهم بإمكانية حدوث ذلك منهم .. وإلا يكون كلامهم باطل.

 

- ولكن فعلا دليلهم باطل .. لأنه لا وجه للمقارنة بين إبليس والملائكة .. وهاروت وماروت لم يشربا الخمر ولم يزنيا ولم يقتلا كما قالت الروايات التي يستدلون بها.. والتي تم نقلها من الإسرائيليات.

 

3- المناقشة الثالثة: استدلوا بعض من قال بعدم عصمة بعض الملائكة .. بقوله تعالى: (وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ) الأنبياء:29.

- فقالوا: أن الله تعالى توعدهم لو قال أحد منهم أنه إله من دون الله .. وإذا الملائكة لا يمكن صدور منها عصيان ما كان الله توعدهم .. إذ لا يتصور الوعيد لمن لا قدرة له على الذنب ؟!!

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة): وما قالوه هو باطل شرعا وعقلا .. ليه ؟

1- كلامهم باطل شرعا في تفسير هذه الآية: لأن إذا كان المنطق هو جعل التعليق اللغوي هو ما يكون محتمل حدوثه فقط .. فعلى هذا المنطق يمكن لله أن يكن له ولد ويمكن وجود إلهين ..، ويمكن للأنبياء أن يقولوا للناس أعبدوني ويمكن للأنبياء أن يفتروا على الله الكذب ..، ويمكن أن يشركوا بالله .. ليه قلنا كده ؟

 

@- لأنه يقال حينئذ بنفس منطقهم يقال:

- قال تعالى: (قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ) الزخرف:81 ..، وقال تعالى: (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا) الأنبياء:22

 

- وقال تعالى: ﴿مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ ٱللَّهُ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْحُكْمَ وَٱلنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِن دُونِ ٱللَّهِ﴾ آل عمران: 79 ..، وقال تعالى: (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ) الحاقة:44-46..، وقال تعالى: (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) الزمر:65.

 

- إذن: على المنطق الذي تكلم به هؤلاء لإثبات عدم عصمة الملائكة .. فيقال على الآيات السابقة عن الله والأنبياء .. أنه يمكن أن يكون لله ولدا .. ويمكن أن يكون معه آلهة .. ويمكن للأنبياء أن يدعوا الألوهية .. أو يفتروا على الله الباطل .. أو يشركوا بالله ..

- وهذا ما لا يتصوره عقل أو يقبله قلب مؤمن أصلا ..!!

 

#- ولكن حينما قال تعالى: (وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ) يقصد به "وعلى افتراض أن قال أحد منهم كذا .. فهذا سنفعل به كذا" ..

- وهذه الافتراضية أو ما يسمى بالتعليق اللغوي "وهو أسلوب شرطي يفيد الحدوث والمنع حسب سياق الكلام" .. ويتطلب نص قطعي الدلالة أو قصة صحيحة لتأييد عدم عصمة الأنبياء .. وليس من خلال قصص باطلة عن هاروت وماروت أو تلفيق مسألة أن إبليس كان الملائكة .. لأنه لا يمكن أن يكون من الملائكة وذلك لكونه مخلوق من نار والملائكة من نور .. ولذلك لما كان الملائكة في عموم القرآن معصومين .. فلا حجة لتأويل هذه الآية بإمكانية عصيانهم .. لأن هذا التأويل باطل جدا ..

 

#- قال الإمام إبراهيم بن عمر البقاعي رحمه الله (المتوفى: 885هـ):

- وهو على سبيل الفرض والتمثيل في الملائكة من إحاطة علمه بأنه لا يكون .. وما ذاك إلا لقصد تفظيع أمر الشرك وتعظيم شأن التوحيد. (نظم الدرر ج12 ص410).

 

#- وقال الإمام محمد الأمين الشنقيطي (المتوفى : 1393هـ):

- والمعنى: أنهم مع كرامتهم على الله .. لو ادَّعى أحد منهم أن له الحق في صرف شيء من حقوق الله الخاصة به إليه .. لكان مشركا .. وكان جزاؤه جهنم.  

 

- ومعلوم: أن التعليق يصح فيما لا يمكن ولا يقع .. فقوله: (قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ) الزخرف:81 الآيه ..،  وقوله: (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا) الأنبياء:22 ..، والمراد بذلك تعظيم أمر الشرك.

 

- وهذا الفرض والتقدير الذي ذكره "جلا وعلا "هنا في شأن الملائكة .. ذكره أيضا في شأن الرسل .. على الجميع صلوات الله وسلامه .. قال تعالى: (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) الزمر:65. (أضواء البيان ج4 ص139).

 

2- أما كون ما قالوه هو باطل عقلا:

- فلآن ما قالوه عن هذه الآية بعدم عصمة الملائكة أو بعضهم .. فهذا لا يعقل .. لأن فيه اتهام للملائكة الرسل للأنبياء بالوحي السماوي .. والآية ليس فيها تخصيص لوظيفة ملاك دون ملاك آخر .. حتى يدَّعي ويزعم أحد انه ليس المقصود الملائكة أصحاب الرسالات .. لا .. لا يوجد تخصيص في الآية .. ولذلك القول بأن هذه الآية دليل على عدم عصمة الملائكة .. إنما ذلك هو اتهام لملائكة الوحي بإمكانهم تغيير أو تبديل الوحي وتحريفه .. وبهذا تسقط النبوات وتسقط الكتب السماوية كلها .. وهذا كلام لا يقول به إلا الملاحدة والكفار ..!!


#- وخلاصة القول:

1- أن الملائكة عند عامة علماء المسلمين .. معصومين من الخطأ ..لخاصية النور المخلوقين منها والتي حفظتهم من الإنحراف أو الزيع ككرامة من الله وفضلا عليهم.

#- قال القاضي عياض رحمه الله (المتوفى: 544 هـ):

- والصواب: عصمة جميعهم .. وتنزيه نصابهم (أي منصبهم) الرفيع .. عن جميع ما يحط من رتبتهم ومنزلتهم عن جليل مقدارهم. (الشفا بتعريف حقوق المصطفي ج2 ص398وجملة (أي منصبهم) من أضافتي لفهم معنى الكلمة).

 

2- ومن يقول بعدم عصمة بعض الملائكة فلا دليل معه على الإطلاق في إثبات شيء.

 

@- وسبب هذه اللخبطة: هو القصة المزورة عن هاروت وماروت وارتكابهما الزنيا مع امراة وشربهما الخمر وقتلهما رجل .. فظن البعض أن بعض الملائكة يجوز عليهم العصيان بسبب هذه القصة لأنهم اعتقدوا أنها رواية عن النبي .. ولذلك اضطروا لقول عدم عصمة كل الملائكة .. ثم أتى من بعدهم من أخذ يأتي بالآيات ليدافع عن هذا الرأي .. وأخذ يبرر من الآيات إمكانية عدم عصمة الملائكة لينتصر لرأيه فقط ..!!

- والله أعلم. 

*******************

..:: س54: هل الملائكة لا تفكر ولا تختار كالآلات المبرمجة ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- يظن البعض .. أن الملائكة لا تفكر وليس لها اختيار .. وكأنها آلات مبرمجة .. وذلك لأنهم فهموا أن معنى العصمة من العصيان هو كونهم لا اختيار لهم ولا تفكر .. وهذا تصور وكلام خطأ جدا .. ليه ؟

 

- لأن الملائكة جنس عاقل .. ولكنه جنس ملهم فقط بالتقوى لأنه جنس مخلوق من نور .. ولا يوجد فيه إلهام بالفجور .. ولذلك هم لا يعصون الله أبدا .. ولا يوجد مكان في عقلهم لهذه الفكرة أصلا.

 

#- إذن: اختيارات الملائكة في حدود التقوي بين الفاضل والأفضل .. والحسن والأحسن .. كما هو حال الأنبياء .. ولهم تفكير ومناقشات عن الحق والخير والأفضل والأحسن ورغبة في المعرفة والإستبيان .. كما سألوا ربهم عن الحكمة في خلق آدم وسيصدر منه الخلل لأنه ليس مخلوق من نور مثلهم .. بل من طبيعة أرضية.

 - والله أعلم. 

*****************
يتبع إن شاء الله تعالى
*****************
والله أعلم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم
هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .

هناك 3 تعليقات:

  1. وقل رب زدني علما 🌸

    ردحذف
  2. أما قولي في ردّ الملائكة على الله بأن آدم سيفسد في الأرض،
    فلأنه سبحانه خلقه من:

    > ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ﴾ [الحجر: ٢٨]

    ولهذا السبب، اعترضت الملائكة، لأن الجن خُلق من قبل من مارج من نار، فأفسد في الأرض،
    فاعتبروا بحكم خَلقه ومنشئه أن الإنسان – بما أنه مخلوق من طين مسنون – سيفسد أكثر من الجن،
    لأنه يتميز بالصلصال،من حما مسنون
    فالملائكة لم تكن تحتقر آدم من حيث خلقته،
    بل كانت تنبّه إلى أن قيمته وقدرته على الفعل الفساد أكثر خطرًا.
    عكس إبليس، الذي استكبر وحقّر آدم من جهة أصله الطيني.

    فلما جاء جواب الله بالكلام، بل بالفعل،
    حين نطق آدم بعلم الأسماء الذي علّمه الله،
    وكان النطق نورًا ظهرت به حكمة الخلق،
    عندها أدركت الملائكة أن هذا الكائن ليس مجرد مركّب من طين،
    بل يحمل سرًّا نورانيًا أقوى من النار…نورا جديدا يتجلى في عظمه الله في خلقه
    فسجدت طاعة لله وتصديقًا لوعده.

    > الله أعلى وأعلم.
    اللهم اغفر لمريم جهلها سوء ادبها لو كانت من ظالين 🤍 ادخلها برحمتك في عبادك الصادقين

    ردحذف
  3. ماشاء الله .. مناقشة في محلها
    وحتما عقيدتنا ان الملائكة معصومون عن فعل الشر وعن مخالفة الامر .. عليهم السلام
    جزاك الله كل خير استاذنا الفاضل
    آمين يارب العالمين

    ردحذف

ادارة الموقع - ا/ خالد ابوعوف