ج4: قصة الإسراء والمعراج علما وحكمة - هل يوجد من القرآن ما يشير لحادثة الإسراء والمعراج - تفسير التسبيح في قوله (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ) وإشارات المفسرين فيها - لماذا قال تعالى (سبحان الذي أسرى) ولم يقل (سبحان مَن أسرى) ولم يقل (سبحان الله الساري) - لماذا اختفى اسم الله واسم النبي في قوله (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ) - إشارة إلى حضرة أو مقام الخصوصية.

  بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

قصة الإسراء والمعراج علما وحكمة 

(الفصل الرابع)

#- فهرس:

:: الفصل الرابع :: عن الآيات التي تكلمت عن قصة الإسراء – تفسير بعض ألفاظ آية الإسراء – والتعريف بمقام الخصوصية ::  

1- س8: هل يوجد من القرآن ما يشير لحادثة الإسراء والمعراج ؟

2- س9: ما هو تفسير التسبيح في قوله (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ) وإشارات المفسرين فيها ؟

3- س10: لماذا قال تعالى (سبحان الذي أسرى) ولم يقل (سبحان مَن أسرى) ولم يقل (سبحان الله الساري) ؟

4- س11: لماذا اختفى اسم الله واسم النبي في قوله (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ) ؟

- (إشارة إلى حضرة أو مقام الخصوصية)

*******************

:: الفصل الرابع ::

*******************

..:: س8: هل يوجد من القرآن ما يشير لحادثة الإسراء والمعراج ؟ ::..

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- من الآيات الدالة على حدوث كرامة الإسراء وتشير لكرامة المعراج .. هو ما جاء في الآتي:

1- في قوله تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) الإسراء:1.

 

- بعض العلماء على أن الآية السابقة تشير بوضوح إلى حادثة الإسراء ..، وبعض العلماء أشار إلى أن قوله (لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا) هو إشارة للمعراج .. فتكون الآية جمعت بين الإسراء والمعراج – وهذا ما أميل إليه عن نفسي كصاحب الرسالة .. فلا تكون الآية تشير حينئذ للإسراء فقط .. ولهذا تفصيل أذكره في تفسير الآية السابقة حسب ما وجدته جميلا من التفاسير حول الآية .. إن شاء الله .

 

2- وقوله تعالى: (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (12) وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17) لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى) النجم:1-18 .

 

- والعلماء على أن آيات سورة النجم .. تتعلق بمعراج النبي صلى الله عليه وسلم أو تتعلق بما حدث في حادثة المعراج .. سواء من قال أن المعراج بالروح أو بالجسد .. وللآيات تفسير نذكره في سؤال منفرد إن شاء الله ..

 

#- خلاصة القول:

- يوجد في القرآن تخصيص لحادثة الإسراء والمعراج .. سواء بالتصريح بالإسراء في أول سورة الإسراء  أو بالتلميح أي بالإشارة للمعراج لبعض أحداثها كما في سورة النجم ومنتصف سورة الإسراء ..

 

- وخلال الأسئلة القادمة نشرح إن شاء الله كلام الله .. قبل أن نبدأ في ذكر الأحاديث التي أشارت لقصة الإسراء والمعراج .. حيث فضلت أن أختص كلام الله بمزيد عناية من التحقيق .. ففي ذلك جمال وراحة ونسيم جميل ستجده من كلام المفسرين .. إن شاء الله .. خاصة وأن آيات الله لم تسلم من طعن المنكرين لحادثة الإسراء والمعراج ..!!

 

**************************

 

..:: س9: ما هو تفسير التسبيح في قوله (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ) وإشارات المفسرين فيها ؟ ::..

 #- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- قال تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) الإسراء:1.

 

- أولا: تفسير إجمالي للآية من التفسير الميسر:

- يمجِّد الله نفسه ويعظم شأنه، لقدرته على ما لا يقدر عليه أحد سواه، لا إله غيره، ولا رب سواه .. فهو الذي أسرى بعبده محمد صلى الله عليه وسلم زمنًا من الليل بجسده وروحه .. يقظة لا منامًا .. من المسجد الحرام بـ «مكة» إلى المسجد الأقصى بـ «بيت المقدس» .. الذي بارك الله حوله في الزروع والثمار وغير ذلك .. وجعله محلا لكثير من الأنبياء؛ ليشاهد عجائب قدرة الله وأدلة وحدانيته. إن الله سبحانه وتعالى هو السميع لجميع الأصوات، البصير بكل مُبْصَر، فيعطي كُلا ما يستحقه في الدنيا والآخرة. (انتهى النقل).

 

#- ثانيا: الكلام على تفسير لفظ (سبحان) والإشارة فيه ..

1- من أقوال الإمام الشعراوي رحمه الله (المتوفى:1419 هـ):

أ- (سبحان) مصدر للتسبيح .. يدل على أن تنزيه الله ثابت له سبحانه قبل أن يخلق مَنْ ينزهه . (تفسير الشعراوي ج17 ص10290).

 

ب- يقول تعالى في استهلال سورة الإسراء: (سُبْحَانَ الذي أسرى بِعَبْدِهِ) الإسراء:1 .. لأن العملية مخالفة لمنطق القوانين، فقال: نزّه فعل الله عن أفعالك. (تفسير الشعراوي ج15 ص9450).

 

ج- لأن المسألة عجيبة وفوق إدراك العقل .. فقد جاء بالمصدر (سبحان) الدالّ على التنزيه المطلَق لله .. كأنه تعالى يُحذّر الذين يُحكِّمون عقولهم .. ولا يُحكِّمون قدرة الله الذي خلقهم بقانون الزمان والمكان والبُعْد والمسافة .. فكُلٌّ فعل يتناسب قوةً وقدرةً مع فاعله. (تفسير الشعراوي ج15 ص9082).

 

د- استهل الحق سبحانه هذه السورة بقوله (سُبْحَانَ) .. لأنها تتحدث عن حدث عظيم خارق للعادة.(تفسير الشعراوي ج13 ص8309).

هـ- ثم قال الشيخ الشعراوي تتمة كلامه عن لفظ (سبحان) في آية الإسراء:

- ومن معاني (سُبْحَان) أي: أتعجب من قدرة الله.

- إذن: كلمة (سُبْحَان): جاءت هنا لتشير إلى أنَّ ما بعدها أمرٌ خارج عن نطاق قدرات البشر، فإذا ما سمعتَه إياك أنْ تعترضَ أو تقول: كيف يحدث هذا ؟

- بل نزِّه الله أن يُشابه فِعْلُه فِعْلَ البشر فإن قال لك: إنه أسرى بنبيه محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َمن مكة إلى بيتَ المقدس في ليلة، مع أنهم يضربون إليها أكباد الإبل شهراً .. فإياك أن تنكر.

- فربك لم يقُلْ: "سَرَى محمد" .. بل "أُسْرِي به".

- فالفعل ليس لمحمد ولكنه لله .. وما دام الفعل لله فلا تُخضعْه لمقاييس الزمن لديك، ففِعْل الله ليس علاجاً ومزاولة كفعل البشر. (تفسير الشعراوي ج13 ص8310).

 

2- قال الإمام الطاهر بن عاشور رحمه الله (المتوفى : 1393هـ):

- الافتتاح بكلمة التسبيح من دون سبق كلام مُتَضَمِّنٍ ما يجب تنزيه الله عنه .. يُؤْذِنُ بأن خبرا عجيبا يستقبله السامعون دالا على عظيم القدرة من المتكلم ورفيع منزلة المتحدث عنه. (التحرير والتنوير ج15 ص9).

 

3- قال الإمام محمد بن أحمد بن مصطفى المعروف بأبي زهرة رحمه الله (المتوفى: 1394هـ):

- وصدرت الآية أو السورة بالتسبيح وتتزيه اللَّه تعالى عن كل عيب .. لأنه سيكون فيها إسراء ومعراج .. واتجاه إلى اللَّه واستشراف بالملأ الأعلى .. فكان لَا بد من الابتداء بما يدل على التنزيه عن التجسيم والأغراض التي لَا تليق بذاته الكريمة . (زهرة التفاسير ج8 ص4318).

 

4- قال الدكتور وهبه الزحيلي رحمه الله (المتوفى:1436 هـ):

- (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى) .. براعة استهلال لأنه لما كان الإسراء أمرا خارقا للعادة، بدأ السورة بما يشير إلى كمال القدرة وتنزهه تعالى عن صفات النقص. (التفسير المنير ج15 ص9).

5- قال الشيخ محمد الأمين الهرري رحمه الله (المتوفى:1441 هـ) .. عن بيان سبب التسبيح في قوله (سبحان الذي أسرى بعبده) فمن ذلك:

- التعجيب المستفاد من قوله: (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ) .. لأن فيه معنى التعجب، فكأنه قال: تعجبوا أو اعجبوا من قدرة الله تعالى على هذا الأمر العجيب. (حدائق الروح والريحان ج16 ص51).

#- خلاصة القول:

- أن الله قد بدأ السورة بالتسبيح لذاته .. حتى يكون هذا هو معتقدك وإيمانك فيه جل شأنه .. لأنك ستسمع منه خبر عجيب ومخالف لقانون الأسباب.. فلا تشك في قدرته وسبحه لأن له القدرة الكاملة لأنه القدير جل شأنه .. وكذلك حينما تسمع أن النبي وصل إلى ارتقاء بعد الطبقات السماوية العلوية .. حيث تلقى من ربه وحيا دون واسطة .. فلا تظن أن الله يحيط به مكان أو جهة وسبِّحهُ عن ذلك أي نَزِّهُّه عن ذلك التصور في عقلك .. بل هو خالق المكان والجهة .. والمخلوق لا يحيط بالخالق .. بل هو المحيط بكل شيء ولا يحيط به شيء .. وأقصى ما يمكن قوله هو أن الله أوحى إلى نبيه ما أوحى في مشهد لا نعلم كيف كان ذلك .. ونقول الله أعلم بما كان بينه وبين نبيه .

#- ملحوظة: كلمة التسبيح معناها التبعيد ويقصد به التنزيه .. والتنزيه معناه أي ابعاد النقص عن الله بصرف عنه كل ما لا يليق به جل شأنه .. بخلاف التقديس الذي معناه إثبات الكمال كله لله بما يليق به جل شأنه ..

- والله أعلم.

 **************************

 ..:: س10: لماذا قال تعالى (سبحان الذي أسرى) ولم يقل (سبحان مَن أسرى) ولم يقل (سبحان الله الساري) ؟ ::..

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- قال تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) الإسراء:1.

 

- وهنا قد تسأل فتقول: لماذا لم يظهر الله اسم الذات مثلا فيقول (سبحان الله الساري بعبده) .. أو لماذا لم يقل (سبحان من أسرى) .. واكتفى فقط بلفظ (الذي) ؟!!

@- أولا: فيما يتعلق بكونه لم يذكر لفظ (الله) بدلا من لفظ (الذي) ..

#- قال الإمام الطاهر بن عاشور رحمه الله (المتوفى : 1393هـ):

- التعبير عن الذات العلية بطريق الموصول دون الاسم العلم .. للتنبيه على ما تفيده صلة الموصول من الإيماء إلى وجه هذا التعجيب والتنويه وسببه .. وهو ذلك الحادث العظيم والعناية الكبرى. ويفيد أن حديث الإسراء أمر فشا بين القوم، فقد آمن به المسلمون وأكبره المشركون.

- وفي ذلك إدماج لرفعة قدر محمد صلى الله عليه وسلم وإثبات أنه رسول من الله .. وأنه أوتي من دلائل صدق دعوته ما لا قبل لهم بإنكاره .. فقد كان إسراؤه إطلاعا له على غائب من الأرض، وهو أفضل مكان بعد المسجد الحرام. (التحرير والتنوير ج15 ص10-11).

@- ثانيا: فيما يتعلق بكونه لم يذكر لفظ (من) بدلا من (الذي) ..

#- قال الدكتور محمد الهلال في تفسيره:

- (الَّذِى): اسم موصول (معرفة) يختص بالمفرد المذكر .. يفيد التّعظيم .. أي: الله سبحانه ..، ولم يقل: "سبحان من أسرى". (من) : عامة تشمل المفرد، والجمع، ونكرة. (تفسير القرآن الثري الجامع في الإعجاز البياني واللغوي والعلمي ج5 ص142).

 

#- خلاصة القول .. وبأسلوب أبسط من كلام العلماء السابقين لشرح كلامهم:

1- قال الله (سبحان الذي أسرى بعبده) ولم يقل (سبحان الله الساري بعبده) .. أي أتى بالإسم الموصول (الذي) بدلا من اسم (الله) .. لأن المقصد هو الدلالة على عجيب وعظيم شأن الحدث الذي يظهره الله في كلامه بعد لفظ (الذي) لما في هذا اللفظ من التنبيه على علو شأن ما يأتي بعده في وصف مدح الأحداث والأشخاص .. كما مدح الفرزدق زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم وعليهم السلام .. فقال فيه : (هَذا الّذي تَعرِفُ البَطْحاءُ وَطْأتَهُ ... وَالبَيْتُ يعْرِفُهُ وَالحِلُّ وَالحَرَمُ) .. والبطحاء هي أرض مكة كلها..، ووطأته معناها كل مكان يسير فيها بقدمه وكأن الأماكن تشهد له من كثرة تردده عليها ..، وبيت الله الكعبة وكل أماكن الحل هي التي تكون على أطراف مكة بدون إحرام حينما يأتي من المدينة لأنه مديني وليس مكي .. فكل أهل مكة يعرفوه .. والحرم يقصد بها وقت الحج هو معلوم لكل أهل مكة حينما ياتي لشدة تواصله واستمراره على العبادة كل سنة .

- فالغرض إذن من ثبوت الإسم الموصول (الذي) .. كان هو الإشارة لعلو شأن هذا الحدث والتنبيه على سبب حدوثه وهو أن الله أراد لنبيه أن يريه من آيات ربه الكبرى.

2- ولم يقل (سبحان مَن أسرى) .. لأن لفظ (الذي) هو اسم موصول يأتي للإشارة إلى ما هو معروف دون أي التباس حين الإشارة إليه وهو يختص بالمفرد المذكر .. والإشارة به موضع التكريم للدلالة على تعظيم هذا المعروف المشار إليه بلفظ (الذي) .. والمعروف تحديدا والمختص بالكلام عليه في الآية هو الإسراء بعبده .

- والله أعلم .

****************************

 ..:: س11: لماذا اختفى اسم الله واسم النبي في قوله (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ) ؟ ::..

(إشارة إلى حضرة أو مقام الخصوصية)

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- لعل الله أخفى اسمه وكذلك اخفى اسم نبيه في الآية .. للدلالة وإشارة على أنه سيكون بينهما اجتماع خاص في حضرة الخصوصية حيث لا حيث ولا أين ولا جهة ولا مكان .. فيوحي إلى عبده ما يوحي .

 

@- ولما كان الاسم يتعلق بتجلى شهودي في الوجود أي هو اسم ظهر به لخلقه في الوجود .. ولكن في حضرة أو معية أو مقام الخصوصية فتختفي الأسماء ولا يعلم حقيقة الله في هذا المقام إلا "هو" .. ولذلك لم يظهر اسم الله في الآية للدلالة على مقام الخصوصية الذي سيحضره سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

@- ولما كان لا يحل لأحد دخول هذا المقام أو هذه الحضرة .. إلا لمن كملت عبوديته ظاهرا وباطنا في عالم الظاهر فلم يعد يرى ولا يسمع ولا ينطق ولا يفعل أي فعل إلا حقا .. فمحى نفسه ولم يعد يرى سوى ربه .. أي قهر هوى نفسه بمراد مولاه فيه .. فقد اختصه مولاه بجذبه لهذا المقام مصحوبا بوصف العبودية حتى يسقط عنه كل اسم ورتبة وأبقى له فقط ما يشار به إليه من حيث كمال مقامه حتى فنى عن نفسه فجذبه مولاه للقاءه في مقام خاص لم يصل إليه غير النبي صلى الله عليه وسلم.

- والله أعلم .

 

#- إشارة وخاطر:

- لا يخفى على بصير .. أنه طالما دخل في هذه الحضرة أو هذا المقام سيدنا النبي .. فقد يكون له فيها اسم وصفي خلاف ما نعرفه .. لأنها حضرة أو معية أو مقام الخصوصية .. وإذا كان رأى مولاه نور .. فهذا تجلي خاص للنبي .. فما ظنك بحال النبي آنذاك في هذا المقام إلا أنه كان نور .. فصلوا عليه وسلموا تسليما على من جائنا نورا ونزل على قلبه كتاب مبين من ربه .. إذ قال تعالى: (قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ) المائدة:15.

#- ملحوظة هامة:  كلمة "حضرة" ليس معناها تواجد في مكان .. وإنما كلمة حضرة تأتي حسب المعنى المراد منها .. والمقصد منها هنا في كلامي بمعنى مقام أو معية أو شرف أو مكانة .. (لزم التنبيه حتى لا يذهب عقلك إلى أنها حضرة مكان) لا يا أخي الحبيب بل (حضرة مكانة وشرف ومقام خصوصية) .. 

- ونكمل إن شاء الله تفسير باقي الآية في الفصل القادم .. والله ولي التوفيق.

*****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .