ج14 - 15: خاتمة رسالة معنى (النبي الأمي) - قالوا حديث أبو هريرة يدل على خصوصية العلم - هل الصحابة لهم علم خاص - يصبغون الكشف الروحاني بالصبغة الدينية ليجعلوه حقا - فرق بين خصوصية العطاء وبين العلم الديني .

بسم الله الرحمن الرحيم

(الجزء الرابع عشر- الخامس عشر)

:: رسالة ::

:: حقيقة معنى ( النبي الأمي ) ::

في اللغة والحديث والقرآن العربي

وفي قلب كل عالم تقي .. وعارف ولي

* فهرس :

..:: الفصل السابع والعشرون ::..

1- التوهم الثالث : قالوا حديث أبو هريرة يدل على خصوصية العلم ؟

2- هل الصحابة لهم علم خاص ؟

3- يصبغون الكشف الروحاني بالصبغة الدينية ليجعلوه حقا ؟

4- فرق بين خصوصية العطاء وبين العلم الديني ؟

5- الصحابي الذي لم تحرقه النار مثل ابراهيم عليه السلام ؟

6- الصحابيان الذي ظهرت لهما مصابيح تضيء لهما الطريق في ظلمة الليل ؟

..:: الفصل الثامن والعشرون ::..

7- التوهم الرابع : هل الرسول له تصريف في بواطن المكلفين ؟

* الجزء الخامس عشر :

..:: الفصل التاسع والعشرون ::.. عودا على بدء ..

1- مناقشة حديث ( كلنا نبي أمي ) .. سندا ومتنا ؟

2- مناقشة ما توهمه الشيخ الألباني في متن الحديث ؟

3- المناقشة الثانية لما أنكره الألباني في المتن ؟

..:: الفصل الثلاثون ::..

4- اللهم إن هذا منكر ؟

5- لماذا الشيخ الألباني انال من أهل العلم بأوصاف لا تليق ؟

6- لماذا الشيخ الألباني يستبيح لنفسه ما ينكره على الغير ؟

..:: خاتمة الرسالة ::..

7- رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين ؟

************************

اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي ..

الآخذ بحُجُزِنا من نار الوعيد إلى صراط العزيز الحميد ..

وعلى آله وسلم .

**************************

* السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. نستكمل مع بعض .. رسالة حقيقة معنى "النبي الأمي" ..

* في هذا الجزء نتوقف نستكمل التوهمات النفسية التي قد تطرأ على فهم بعض النصوص .. أو قد يتصورها البعض توهما منه أنه على صواب .. ويبني عليها عقيدة حتى لو خالفت نصوص الشرع ..!! 

* ولا يخفى أن في هذا الجزء وسابقه تلميحا لبعض المسائل التي يعتبرها البعض من التصوف .. وهي ليست من التصوف في شيء .. كما سأوضح لك .. وإنما هي محض أوهام كشفية .. لمن يزعم شيئا مخالف لنصوص الشرع ..!!

* ولا أنكر المشاهدات الروحية أو المكاشفات القلبية  .. وإنما أنكر أن يأت شخص بكلام يخالف النصوص الدينية ويكذب ويقول أنها حقيقة غيبية ..!!

لأن الحقائق الدينية تثبت بحق .. ولا يوجد حقيقة دينية إلا ومثبتة في الكتاب والسنة .. فكيف يزعم أحد حقيقة دينية مخالفة للنصوص أو لا وجود لها في الدين أصلا ويجعل منها عقيدة .. !!

فإذا كان هذا هو الحق .. فما هو الباطل ؟!!

أفلا تعقلون ؟

* ويغنينا عن هذا كله حتى نفهم ما سبب اختلاف هؤلاء ما نجده في قول النبي ( قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك ، من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ ) وفي رواية (المَحَجَّة البيضاء) ..

والمحجة البيضاء كناية عن طريق النور .. والمقصود به صراط الله المستقيم الذي مرشدكم إليه دائما هو كتاب الله وسنتي .. كما قال :(إني تاركٌ فيكم ما لن تضلوا إن اعتصمتم به، كتابَ اللهِ، وسنتِي) ..

* "ليلها كنهارها" أي لا يعتري هذا الطريق شبهات ولا شكوك لأنه نور واضح لمن يسلكه .. بدليل قوله تعالى ( وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) الأنعام153

* ثم وضح النبي أن من يزوغ أي ينحرف عن طريقته فقد ضل واتبع هوى نفسه .. ولذلك وصفه بالهلاك ..

* ثم حذر النبي من أن هناك اختلاف سيحدث .. فالتزم بما عرفت صحيحا من كلام النبي وفعله وفعل صحابته .. فأمسكوا عليها جيدا والزموها حتى لا تتوهوا في هذه الخلافات التي ستحدث !!

والله أعلم بمراد نبيه .

* نبدأ بسم الله ..

توكلت على الله ..

***************************************

..:: الفصل السابع والعشرون ::..

********************************

(التوهم الثالث – وله أربعة أسئلة)

..:: قالوا حديث أبو هريرة يدل على خصوصية العلم ::..

* جاء في البخاري عن أبي هريرة أنه قال : ( حفِظتُ عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ جِرابينِ : أمَّا أحدُهما فبثَثتُه فيكُم ، وأمَّا الآخرُ فلو بثثتُه لقَطعتُم هذا الحُلقومَ ) وفي رواية (وعائين) بدلا من جرابين ..

* وعلى هذا الحديث بنى البعض أحلامه الخاصة .. في إمكانية وجود علوم خاصة حيث تلقى بعض الصحابة علوم خاصة ولم يكن مصرح لهم بنشرها للناس ..!! وهذا دليل على خصوصية العلم الذي لا يعلمه إلا القليل ..!! فليس لأحد أن يطعن في العلم الروحاني أو الغيبي لمجرد أنه لا يعرفه ..!!

ولا يمنع أن يختص الله بعض عباده بالعلم الخاص كرامة لهم ..!!

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

* أما عن قولهم : وجود علوم خاصة حيث تلقى بعض الصحابة علوم خاصة ولم يكن مصرح لهم بنشرها للناس ؟

1- لو كان أبو هريرة كتم علما لكان من الملعونين لقوله تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ . إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَـئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) البقرة 159-160 ..

2- أما عن مفهوم الحديث .. فأذكر لك من كلام الإمام القسطلاني رحمه الله (المتوفى: 923هـ) .. حيث قال :

* وأراد بالوعاء الأوّل ما حفظه من الأحاديث ..

* وبالثاني ما كتمه من أخبار الفتن وأشراط الساعة وما أخبر به الرسول عليه الصلاة والسلام من فساد الدين على يدي أغيلمة من سفهاء قريش .. وقد كان أبو هريرة يقول: لو شئت أن أسميهم بأسمائهم أو المراد الأحاديث التي فيها تبيين أسماء أمراء الجور وأحوالهم وذمهم ، وقد كان أبو هريرة يكني عن بعض ذلك ولا يصرّح خوفًا على نفسه منهم ، كقوله: أعوذ بالله من رأس الستين وإمارة الصبيان يشير إلى خلافة يزيد بن معاوية لأنها كانت سنة ستين من الهجرة ، واستجاب الله تعالى دعاء أبي هريرة فمات قبلها بسنة .

* أو المراد به علم الأسرار المصون عن الأغيار المختص بالعلماء بالله من أهل العرفان والمشاهدات والاتقان التي هي نتيجة علم الشرائع والعمل بما جاء به الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والوقوف عند ما حدّه وهذا لا يظفر به إلا الغوّاصون في بحر المجاهدات، ولا يسعد به إلا المصطفون بأنوار المشاهدات .. !!

* لكن في كون هذا هو المراد نظر .. من حيث إنه لو كان كذلك لما وسع أبا هريرة كتمانه مع ذكره من الآية الدالّة على ذم كتمان العلم لا سيما هذا الشأن الذي هو لبّ ثمرة العلم وأيضًا فإنه نفى بثّه على العموم من غير تخصيص ، فكيف يستدل به لذلك ؟

وأبو هريرة لم يكشف مستوره فيما أعلم ، فمن أين علم أن الذي كتمه هو هذا ..؟! فمن ادّعى ذلك فعليه البيان ..!

فقد ظهر أن الاستدلال بذلك لطريق القوم فيه ما فيه .. على أنهم في غنية عن الاستدلال إذ الشريعة ناطقة بأدلتهم ..

ومن تصفح الأخبار وتتبع الآثار مع التأمّل والاستنارة بنور الله ظهر له ما قلته والله يهدينا إلى سواء السبيل .

شرح القسطلاني على البخاري ج1 ص212 .. وراجع ما قاله الإمام بن بطال (المتوفى: 449هـ) في شرح البخاري ج1 ص195

* وقال الشيخ بدر الدين العيني رحمه الله (المتوفى: 855هـ) بعد أن ذكر الشروحات التي ذكرناها سابقا .. ثم فقال :

وَقَالَت المتصوفة : المُرَاد بِالْأولِ : علم الْأَحْكَام والأخلاق.

وَبِالثَّانِي: علم الْأَسْرَار، المصون عَن الأغيار، الْمُخْتَص بالعلماء بِاللَّه من أهل الْعرْفَان.

وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُم : الْعلم الْمكنون والسر المصون علمنَا ، وَهُوَ نتيجة الْخدمَة وَثَمَرَة الْحِكْمَة ، لَا يظفر بهَا إلاَّ الغواصون فِي بحار المجاهدات ، وَلَا يسْعد بهَا إلاَّ المصطفون بأنوار المجاهدات والمشاهدات ، إِذْ هِيَ أسرار متمكنة فِي الْقُلُوب لَا تظهر إلاَّ بالرياضة وأنوار لامعة فِي الغيوب لَا تنكشف إلاَّ للأنفس المرتاضة .

قلت (أي الشيخ بدر الدين العيني) : نعم مَا قَالَ .. لَكِن بِشَرْط أَن لَا تَدْفَعهُ الْقَوَاعِد الإسلامية وَلَا تنفيه القوانين الإيمانية إِذْ مَا بعد الْحق إلاَّ الضلال .

عمدة القاري في شرح البخاري ج2 ص185

* قلت (خالد صاحب الرسالة) :

والمتأمل في كلام الإمام القسطلاني .. ستجده يرد الاتجاه الذي يزعم أن العلم الذي كتمه أبو هريرة هو علم خاص لا تعلمه الأمة .. وقد دلل على فساد ذلك .. وإن كان لم ينكر وجود خصوصية عطاء من ثمرة العمل بالكتاب والسنة .. كالمكاشفات الروحية أو القلبية .. ولكن ليس هذا الحديث محل للاستدلال عليها .. !!

* والإمام بدر الدين العيني لم يعترض على وجود علم خاص وطبعا لم يعترض على خصوصية العطاء .. إلا أنه قد وضع له قيدا وهو أن يتوافق هذا العلم مع الدين وليس مخالفا أو معارض لقواعد الدين الأصولية الخمسة "أركان الإسلام" أو الإيمانية الستة "أركان الإيمان" .. أو يبيح حراما أو يحرم حلال .. !!

* وكلاهما قد أصاب من الحق كثيرا وإن اختلفا .. رحمهما الله .

*******************************

(2)

..:: هل الصحابة لهم علم خاص ؟ ::..

* نستكمل مناقشة ما قالوه في التوهم الثالث ..

2- قولهم : أن الصحابة لهم علم خاص ولم يصرح لهم أن يقولوها .. ؟

* قلت (خالد صاحب الرسالة) .. (راجع ما ذكرته لك في الشبهة الأولى) .. وراجع ما قاله الإمام القسطلاني .. وأضيف إليك الآتي :

أن ما ذكروه كلام غير صحيح لعدة أسباب ؟

الأول :- لأنه لم يرد عنهم ذلك .. وحديث أبو هريرة ليس دليل في ذلك كما أوضحنا .

الثاني :- لو كان الصحابة معهم علم خاص ولم يصرح لهم بنشره .. فكيف أتي إلى من يزعمون أن معهم علم النبي الذي أعطاه للصحابة .. ؟!!

فالمستدل بكلام أبو هريرة لم ينتبه إلى أن أبو هريرة لم ينشر هذا العلم بدليل قوله : (وأمَّا الآخرُ فلو بثثتُه لقَطعتُم هذا الحُلقومَ) .. يبقى منين جاءكم هذا العلم ..!!

الثالث :- وهل هذا العلم ديني أم نتيجة فعل ديني .. ؟

* فلو كان علم ديني فكيف يكتمه الصحابة أو النبي عن أمته وإلا كانوا ملعونين بنص القرآن ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ . إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَـئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) البقرة 159-160 ..

* ولو كان نتيجة عن اتباع الرسول وعمل بالقرآن وتزكية النفس .. فهذه تسمى كرامات مترتبة على الإتباع .. ولن يكون هذا العلم حينئذ مخالف لشريعة ولا لعقيدة .. ولن يكون وسيلة للإتهام والطعن فيه ..!!

إلا لو كان علم فاسد ومنحرف وضال .. !!

مش كده ولا إيه ؟!!

*****************************

(3)

..:: يصبغون الكشف الروحاني بالصبغة الدينية ليجعلوه حقا ::..

3- قالوا : فليس لأحد أن يطعن في العلم الروحاني أو الغيبي الذي نكتبه لمجرد أنه لا يعرفه ..!!

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

هذا كلام من يريد أن يستبيح أفعاله ويصبغها بصبغة الشرع تزويرا في الدين .. وإلا لو كان صادقا لاستدل على ما يقول به من الدين .. وإلا فهو في ضلال مبين بلا ريب .. !!

فحاله مثل حال الذي يكتب في علم السحر .. ويقول أنه من العلوم الشريفة ..!!

* وهل هناك محلا للطعن في علم شريف لا يخالف شريعة ولا عقيدة ..؟!! فهذا غير معقول ..!!

وهل هناك حقيقة روحية تعارض حقيقة شرعية أو عقائدية .. ؟ فهذا غير معقول أيضا ..!!

إلا لو كانت عن انحراف وضلال ؟!!

* فليس الغرض هو اتهام علم الإنسان .. ولكن طالما هذا الإنسان قد صبغ علمه الروحاني أو الكشفي  بالصبغة الدينية فليأت بالدليل على صدق كلامه بما لا شك فيه ولا اتهام وليس بمخالف لعقيدة دينية أو أحكام دينية ..!!

فإذا لم يأت بالدليل الصادق على دعواه .. فهو كاذب بلا ريب ..!!

*********************************

(4)

..:: فرق بين خصوصية العطاء .. وبين العلم الديني ؟ ::..

4- قالوا : ولا يمنع أن يختص الله بعض عباده بالعلم الخاص كرامة لهم ..!!

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

ونحن لا ننكر ذلك على أن يختص الله بعض عباده بخصوصية العطاء في أي شيء سواء في العلم أو المال أو الصحة أو العقل الإدراكي ..

وهذه الخصوصية تسمى بالكرامة .. !!

أما عن الكرامة الدينية وهي تكون في ما لا يخالف شريعة ولا يتعارض مع عقيدة .. مثل التفقه في الدين أو تزكية النفس .. !!

وهناك كرامة أو خصوصية عطاء هي ثمرة العمل بالكتاب والحكمة وتزكية النفس .. ودليل ذلك :

الأول : ما رواه البخاري عن أنس بن مالك ( أن رجلين من أصحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، خرجا من عند النبيِّ صلى الله عليه وسلم في ليلةٍ مظلمةٍ ، ومَعَهُما مثلُ المصباحين ، يُضيئانِ بين أيديهِما ، فلما افترقا، صار مع كلِّ واحدٍ منهما واحدٌ ، حتى أَتَى أهلَه ) .. فهذين الرجلين وهما عبَّادُ بنُ بِشرٍ وأُسيْدُ بْن حُضيرٍ .. خرجا من عند النبي والنور يتقدمهما وكأن معهما مصباحين ولم يكن معهما مصدر إضاءة .. وإنما هي إضاءة ربانية كرامة لهم من الله ..

* انتبه وتأمَّل : أن الإضاة لم تظهر لأنهم قرأوا قرآن حتى يظهر الضوء ..!! بل الضوء ظهر لصفاء قلوبهم وطهارة سريرتهم .. فقد ظهر ما في باطنهم على ظاهرهم ..!!

فتأمل وافهم أن النور الرباني يأتي من صدق توجه القلوب لمولاها .. مهما كانت ظروفهم ..!!

الثاني : مثل أحد أكابر التابعين أبو مسلم الخولاني رحمه الله :

وهو أبو مسلم عبد الله بن ثوب الخولاني من أكابر التابعين وزاهد عصره .. أسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ودخل المدينة في خلافة الصديق.

وكان من أهل اليمن ..

وقد ظهر فيها حينئذ الأسود العنسي وهو دجال كذاب يدعي النبوة ، فبعث إلى أبي مسلم فأوقد ناراً عظيمة وألقاه فيها فلم تضره .. !!

فقيل للأسود إن لم تنف هذا عنك أفسد عليك من اتبعك فأمره بالرحيل ..

فقدم المدينة فلما عرفه عمر .. عانقه وبكى ، ثم ذهب به حتى أجلسه فيما بينه وبين الصديق فقال: الحمد لله الذي لم يمتني حتى أراني في أمة محمد صلى الله عليه وسلم من صنع به كما صُنع بإبراهيم الخليل .

راجع سير أعلام النبلاء للحافظ الذهبي ج4 ص9

* فنحن لا نعترض على خصوصية العطاء أو الكرامة .. بل وأثبتها لكم كحقيقة شرعية موجودة .. ولكن أن يأتي شخص ويخترع علم ديني ويقول أنه أخذه من الغيب سواء من الكشف الروحاني أو من الجن .. ويقول أنه من العلم الذي علمه النبي لصحابته .. فهو بالتأكيد إنسان كاذب بلا ريب .. إذا لم يأت ببينة أو برهان على صدق كلامه ..!!

فما بالنا لو كان هذا العلم يخالف عقيدة أو شريعة ..!! فهذا يكون إنسان ضلالي بلا ريب ..!!

* وخلاصة القول .. بأن من يأت بمعلومة كشفية .. ويزعم أنها من الدين دون دليل من الكتاب والسنة .. فهو من مخابيل المتمصوفة بلا ريب الذين تلاعب بهم الجن والشياطين ..!!

وحاشا أهل الحق من الصوفية أن يكونوا أمثالهم ..!!

******************************

..:: الفصل الثامن والعشرون ::..

********************************

(التوهم الرابع)

..:: هل الرسول له تصريف في بواطن المكلفين ؟ ::..

*  قال الفخر الرازي رحمه الله :

وَاعْلَمْ أَنَّ الرَّسُولَ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي بَوَاطِنِ الْمُكَلَّفِينَ ، وَبِتَقْدِيرِ أَنْ تَحْصُلَ لَهُ هَذِهِ الْقُدْرَةُ لَكِنَّهُ لَا يَتَصَرَّفُ فِيهَا وَإِلَّا لَكَانَ ذَلِكَ الزَّكَاءُ حَاصِلًا فِيهِمْ عَلَى سَبِيلِ الْجَبْرِ لَا عَلَى سَبِيلِ الِاخْتِيَارِ ..!!

التفسير الكبير ج4 ص59

*  قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

1- ولو كان له القدرة على التصرف في بواطنهم .. فلماذا لم يتصرف في قلب عمه أبو لهب !! أو تصرف في قلوب العرب من بداية الدعوة بدلا من العداء مع المشركين والهجرة والمقاتلة .. !!

مش كده ولا إيه ؟

2- الآية التالية ترشدك إلى أن كل شيء بإذن الله ولا تصريف للرسول بإخراج أحد من الظلمات إلى النور إلا بإذن إلهي .. ودليل ذلك : ( كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ) إبراهيم1 .

يبقى من يقل أن المشايخ لهم القدرة على تحويل قلوب المريدين وتغييرها من الشمال لليمين .. فهذا فعلا يكون إنسان مدعي باطلا .. ومغير لكلام الله ..

3- وفرق بين أن يقال أن الشيخ دعا لفلان ليتغير حاله فاستجاب الله فيه الدعاء .. وبين أن ننسب للمشايخ ما هو لله حيث يقول تعالى : ( إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ ) الرعد11 ..

فالذي يزعم لشيخه تغيير القلوب .. فهو يزعم له رد قضاء الله أيضا .. !! وهذا هو عين الباطل تماما .. بل القرآن يكذبه فيما ادعاه وزعمه ..!!

*********************************

(الجزء الخامس عشر)

*****************************

***********************************

اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي ..

الطاهر الزكي الأمين .. المبعوث رحمة للعالمين ..

وعلى آله وسلم .

**************************

..:: الفصل التاسع والعشرون ::..

********************************

* مناقشة حديث ( كلنا نبي أمي ) .. سندا ومتنا ؟

* مناقشة ما توهمه الشيخ الألباني في متن الحديث ؟

* المناقشة الثانية لما أنكره الألباني في المتن ؟

ستجد المناقشات في متن الرسالة حينما يتم رفعها على المدونة

 ***********************************

*************************************

..:: الفصل الثلاثون ::..

*********************************

..:: اللهم إن هذا منكر ..!! ::..

:: لماذا الشيخ الألباني نال من أهل العلم بأوصاف لا تليق ؟ ::

* في حديث بن حبان الذي فيه (كلنا نبي أمي) .. حينما تتبعت كلام الشيخ الألباني .. حتى وجدت زهولا في آخر تحقيقه للحديث ..!!

ومن الذي يطعن فيه ؟

الشيخ الجليل شعيب الأرنؤوط .. بالإشارة الواضحة !!

* ثم اتهم بعده مجموعة مجتهدين .. طالما يصفهم في سلسلته الضعيفة بالجهالة وبأبشع من ذلك ..!!

ولا أدري لما هذا الشحن الفظيع الذي وجدته في كتابة الألباني عليهم ..!!

حتى ساقني الفضول وتتبعت كلامه من باحث الكمبيوتر على هؤلاء بالذات .. حتى أصابني الذهول من هول ما وجدته !! .. حيث وجدته يشنع عليهم ويحمل عليهم حتى نال منهم ما نال .. حتى جرحهم بسوء الأدب ساخرا منهم ومنتقصا من اجتهادهم ، واستباحتهم بأوصاف لا تليق بمجتهدين أبدا .. حتى وصل الوصف لتشبيههم بالشاة !!

* ولذلك كان رد الحديث لثلاثة أسباب :

الأول : توضيح أن الحديث حسن فعلا .. وأن الألباني قد جانبه الصواب فيما ذهب إليه .. (ما لم يكن كان آخر عهده ان قام بتحسينه كما في تعليقاته على صحيح بن حبان ) ..

الثاني : لرد غيبة عالم جليل احترمه جدا وله مكانة كبيرة في العالم الإسلامي .. وهو الشيخ شعيب الأرنؤوط .. لأنه قام بتحقير اجتهاد الشيخ شعيب بلفظ فيه إهانة بالغة لاجتهاده .. وذكر عن اجتهاده قولا منكرا لا يليق أن يقال في عالم مثله رحمه الله .. فقال عنه اجتهاده مشيرا إلى من يقصده من المشايخ تحديدا (وهو الشيخ شعيب) .. حيث قال : (إن من تفاهة التحقيق أن المعلق على "الإحسان" (14/401 - طبعة المؤسسة)) ..

* ثم بعد كلام .. قال الألباني : (وهو يشير إلى حديث الشفاعة الطويل ، وليس فيه شيء مما في هذا الحديث المنكر المذكور هنا إلا كلمات قليلة ، فيا لها من غفلة ، ما تَصْدُر إلا من مبتدئ في هذا العلم) .. !!

* فهل هذا أسلوب يقال لعالم جليل مثل الشيخ شعيب الأرنؤوط رحمه الله .. الذي هو محقق طبعة الرسالة ..!!

الثالث : أنه نال من ثلاثة مجتهدين (مقلدين) .. وحقر منهم واصفا إياهم بالمبتدئين في العلم وحالهم كحال الشيخ الذي اعتمدوا قوله (شعيب الأرنؤوط) .. فقال عنهم الالباني : ( فيا لها من غفلة ، ما تَصْدُر إلا من مبتدئ في هذا العلم ؛ كالمعلقين الثلاثة على طبعتهم المزوقة لكتاب "الترغيب" للمنذري ! ولذلك حسّنوه تقليداً منهم للمعقب المشار إليه.)  ..!!

* بل ووجدته يصفهم مرارا وتكرارا بالجهل في كتابه السلسلة الصحيحة والضعيفة حيث دائم الوصف لهم بالجهلة الثلاثة ..!! راجع (الصحيحة 7/1379 ، 7/1382 ) وراجع ( الضعيفة 11/279 ، 12/836 ، 14/897 ، 14/922 ، 14/928 ، 14/965 ) ..

حتى وصل به الوصف فيهم فقال (إن جهلهم له قرون) 14/965 ..

* وما يكتبه عنهم في سلسلته من النيل منهم بطريقة مؤذية للقاريء جدا .. حتى يدفعك أن تقول أن كاتب هذه السلسلة في نفسه شيء ناحية هؤلاء .. ولذلك حمل عليهم بهذا الأسلوب الغير لائق أبدا ..!!

* لماذا الشيخ الألباني يستبيح لنفسه ما ينكره على الغير ؟

الغريب أن الشيخ الألباني يستبيح الغفلة لنفسه ويبررها .. فيقول في سلسلته الضعيف عند كلامه على حديث (وَلَوْ يَعْلَمُ هَذَا الْمُتَخَلِّفُ عَنِ الصَّلاةِ) .. وكان قد صححه ثم عاد وضعفه ..

فيقول الألباني : ( وقد كنت غفلت عن هذه المخالفة يوم ألفت كتابي " صحيح الترغيب " منذ نحو عشرين سنة) ..

إلى أن قال الألباني : ( ولكن لحكمة أرادها الله كانت الغفلة، وتبعني عليها بعض المعلقين المشتغلين بهذا العلم، الذين يستفيدون من تخريجاتي . وتحقيقاتي ) ..

إلى أن قال الألباني : ( وأما المعلقون الثلاثة على " الترغيب " في طبعتهم الجديدة فهم لجهلهم أتبع لي من ظلِّي ! ولغيري أيضاً ! فهم كالشاة العائرة ؛ فقد قلدوني في التحسين المشار إليه في حديث جابر )

راجع السلسلة الضعيفة ج14 ص496

* التعليق على مجمل ما سبق :

فلا أدري .. كيف يصف الألباني المجتهدين بهذا السوء ..!!

1- ألم يكن يكفي الألباني أن يقول مثلا ( وقد توهم البعض بالخطأ كذا وكذا) .. أو ( أن البعض قد جانبه الصواب فقال كذا ولكن الصواب كذا) .. !!

لأنه يتحدث عن مجتهدين وليس عن جهلاء ..!!

2- لا يخفى ما استباحه لنفسه من غفلة .. في حين أنكره على الآخرين محقرا لهم غفلتهم واصفا لها كما يقول (فيا لها من غفلة ، ما تَصْدُر إلا من مبتدئ في هذا العلم) .. !!

3- ولا يخفى أن اتهامه للثلاثة الذين طالما نال منهم في سلسلته ووصفهم ب (الجهلاء الثلاثة) .. لو كانوا مقلدين له ثقة فيه .. أو اعترافا منهم بعلمه .. فهل يكون جزائهم التحقير من شأنهم ووصفهم بما لا يليق .. !!

فهذا يدل على شيء ما في نفسية الألباني حينئذ تجاه هؤلاء ..!!  

حتى وصفهم بأوصاف منكرة .. حتى وصفهم ب (الجهلاء الثلاثة) .. ومرة أخرى أن ( جهلهم له قرون ) ومرة أخرى (كالشاة العائرة) !! .. 

فهل هذه أوصاف تليق بمجتهدين ..؟ فماذا سيقول في الضلالية المنحرفين ؟!!

4- حتى أن جودة طباعة تحقيق هؤلاء الثلاثة لكتاب الترغيب والترهيب .. لم تسلم من تعليق الشيخ عليها ..!!

فمرة يقول (طبعتهم المزوقة) كما في الضعيفة ، ومرة يقول (طبعتهم المبرقشة) 12/836 ..!!

أمر عجيب من الشيخ الألباني ..!!

فما علاقة هذا بالتحقيق العلمي ؟!!

* وكما قلت .. لعل الألباني رحمه الله كان يحمل في نفسه شيئا لهؤلاء الذين نال منهم .. !! 

* خاتمة المناقشة :

والآن بعدما ظهر أن الألباني كان مخطأ في تخريج الحديث (ولعله تدارك ذلك وحسنه في آخر حياته كما ذكرت ذلك في بداية المناقشة) .. وقد تبين أن محققي الحديث الذين حسنوه كانوا على حق ..

* ويتبقى السؤال .. وهو : لماذا طعن الألباني في هؤلاء المجتهدين في العلم منتقصا من قدرهم العلمي بأسلوب لا يليق .. حتى نال منهم ما نال .. وبأوصاف لا تليق بهؤلاء المجتهدين ..!!

* اللهم إن ما كتبه الشيخ الألباني في حق هؤلاء هو كلام منكر حقا ..!!

* ولما وجدت ما قاله الألباني في هؤلاء الأفاضل المجتهدين من قول قبيح وسوء أدب بالغ في حقهم ولم أجد من أنصفهم في حقهم ..!!

فأحببت أن أرد غيبة هؤلاء الأفاضل .. خاصة وأن منهم في رحمة الله كالشيخ شعيب الأرنؤوط .. ولا أعلم حال الثلاثة الذين طالما وصفهم الألباني بوصف (الجهلاء الثلاثة) .. !!

* وأحببت أن أحذرك أن تسلك مسلك الألباني مع هؤلاء الأفاضل ..!!

واتقي الله فيما تكتب وفيما تنطق لأنك مسئول عنه ..!!

وإياك أن يحرك الغضب قلمك .. فيتحول إلى غل حتى تنال من المجتهدين في أي مجال من مجالات الحياة .. إلا لو رأيت منهم منكرا فهذا شيء آخر .. ولكن اجعل غضبك لله وليس لنفسك ..!!

* وأحببت أن أوضح لك مدى توهم الألباني فيما ذهب إليه من إنكاره لمتن الحديث .. حيث أنه قد ذهب إلى ما لا يقبله عقل .. وحسب أن ما يقوله يتفق مع العقل .. وفي الحقيقة ما وصل إليه لا علاقة له بالعقل بأي صلة ..!!

* بل وغفل عن أحاديث لم ينتبه إليها كالتي في الطبراني .. ولعل ذلك كان حجابا له من الله لاتهامه لهؤلاء الأفاضل .. حتى يتبين أنهم على حق وهو كان على باطل .. ويرتد الأمر عليه ..!!

* لا أخفي عنكم .. أنه قد أصابني الذهول مما قرأته للألباني في طعنه لهؤلاء .. !!

خاصة المجتهدين الذين يسميهم (بالجهلاء الثلاثة) محققي كتاب الترغيب والترهيب .. ويذكرهم بطريقة سيئة جدا في أماكن مختلفة من سلسلته .. مع تلميحه لطباعة نسختهم الفاخرة وكأنه يستنكرها عليهم ..!! ولا أدري لماذا ..؟

فهل لهذا علاقة بالعلم أيضا ..؟!!

* غفر الله لجميع المسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات .. آمين .

**********************************

..:: ختام الرسالة ::..

*******************************

:: ( رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين ) ::

* كتبته راجيا عفو ربي .. وهدية لسيدنا مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم .. راجيا من الله قبولها وأن يرزقني مددها في الدارين .. آمين يا رب العالمين .

* اللهم خذني مني إليك .. وعرفني بك عليك .. وقربني إليك قربا لا مرد بعده أبدا يا ألله .. وارزقني لذة الإضطرار وشوق الأفتقار وحبك وحب سيد الأخيار .. سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم .. حتى تقبضني إليك وأنت راض عني فأسمع منك (يا أيتها النفس المطمئنة . ارجعي إلى ربك راضية مرضية . فادخلي في عبادي وادخلي جنتي) .. آمين يارب العالمين ..

* إلهي أسألك لكل من سلك طريق النبي الأمي .. أن تغمسه في بحار الإفتقار .. حتى يثبت في ميادين الكمال المبين من سر كمال قولك (إياك نعبد وإياك نستعين) .. فيكن لك من الأوابين المخبتين الراغبين الراجين الموصولين بحبلك غير منقطعين .. آمين يارب العالمين .. آمين يارب العالمين .. آمين يارب العالمين ..

* اللهم اغفر لأبي وأمي وأخوتي وأصحابي وأحبابي وكل من سألني الدعاء وكل من سلك معي طريقا إلى الله .. ولكل المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات .. آمين يارب العالمين .

* وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وسلم .

********************************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذا الموضوع مصدره - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات ..