الأحد، 28 ديسمبر 2025

Textual description of firstImageUrl

ج13: قصة نبي الله لوط مع قومه الشواذ جنسيا بالمثلية - حكمة وسبب وسر إنكار النبي لوط على قومه مرة بلفظ (أتأتون الذكران) ومرة بلفظ (لتأتون الرجال) - لماذا قال النبي لوط (أتأتون الذكران) ولم يقل (أتأتون الذكور) - هل كلمة (ذكرانا) تفسيرها مخنثين كما افترى البعض في تفسير قوله تعالى (يزوجهم ذكرانا وإناثا) من سورة الشورى - الفرق بين المخنث والخنثى - والمقصود بحديث النبي عن المتشبهين والمخنثين والمترجلات.

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

قصة نبي الله لوط عليه السلام

مع قومه الشواذ جنسيا بالمثلية

اللُّواطِيُّون والسُّحَاقيَّات

(الجزء الثالث عشر)

الفرق بين معنى ذكور وذكران - لماذا قال النبي لوط أتاتون الذكران ولم يقل الذكور - تفسير قوله (يزوجهم ذكرانا وإناثا) - الفرق بين المخنث والخنثى والمتشبهين.

  

#- فهرس:

:: الفصل الثالث عشر :: عن حكمة وسر إنكار النبي لوط على قومه مرة بلفظ (أتأتون الذكران) ومرة بلفظ (لتأتون الرجال) – عن تفسير قوله (يزوجهم ذكرانا وإناثا) – عن تفسير المخنث والخنثى والمتشبهين بالرجال والنساء ::

1- س35: ما حكمة وسبب وسر إنكار النبي لوط على قومه مرة بلفظ (أتأتون الذكران) ومرة بلفظ (لتأتون الرجال) ؟

#- دلالة الفرق بين لفظي (الذكران والرجال) في إنكار النبي لوط على قومه.

2- س36: لماذا قال النبي لوط (أتأتون الذكران) ولم يقل "أتأتون الذكور" ؟

3- س37: هل كلمة (ذكرانا) تفسيرها مخنثين كما افترى البعض في تفسير قوله تعالى (يزوجهم ذكرانا وإناثا) من سورة الشورى ؟

#- أولا: جاء لفظ "ذكران" مرتين في القرآن فقط ..

#- ثانيا: رأي منحرف جدا يقول أن لفظ "ذكران" بمعنى مخنثين.

#- ملحوظة هامةالفرق بين المخنث والخنثى - والمقصود بحديث النبي عن المتشبهين والمخنثين والمترجلات.

*****************

:: الفصل الثالث عشر ::

******************

 

..:: س35: ما حكمة وسبب وسر ودلالة إنكار النبي لوط على قومه مرة بلفظ (أتأتون الذكران) ومرة بلفظ (لتأتون الرجال) ؟ ::..

 

- قال تعالى (كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ (160) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ (161) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (162) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (163) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (164) أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ) الشعراء: 160-165.

 

- قال تعالى: (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (80) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ) الأعراف: 80-81.

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- الذي أظنه من حكمة ودلالة الفرق بين إنكار النبي لوط على قومه مرة بلفظ (أتأتون الذكران) ومرة بلفظ (لتأتون الرجال) هو ما يتبين في التحقيق التالي:

1- كأن سائل قد سأل: ما المقصود من لفظ الذكران الذين نكحهم قوم لوط .. لأن لفظ الذكران هو لفظ عام ويشمل كل ذكر من الإنسان والحيوان ..؟!!

- فكان الجواب على ذلك في آيات أخرى .. وهو أن المقصود بهؤلاء الذكران هم الرجال .. أي من بني آدم.

 

2- فلفظ (الذكران) كشف لنا عن أمرين:

- الأول: أن التعريف بالألف واللام للفظ (الذكران) يشمل إحاطة وشمولية فئات عمرية مختلفة من الذكور .. أي يأتون الفعل مع مختلف الأعمار من جماعة الذكور.

 

- والثاني: أن الألف والنون للفظ (الذكران) دل على كمال الذكورة فيمن يأتونهم قوم لوط أي ليسوا بمخنثين .. أي أن الذكران هم المتحققين بالذكورية التامة.

 

- ولكن لما ظهر في الآيات الأخرى لفظ (الرجال) فقد خرج بذلك فئة الأطفال والمخنثين من جماعة الذكران .. فتبين من وراء ذلك أن قوم لوط لم يكونوا يجامعون الأطفال الذكور ولا المخنثين .. بل يفعلون اللواط بمن تحققوا فيهم أوصاف الذكورية التامة وبلغوا القدرة على الجماع فقط .. وكأنهم كما كانوا يفعلون بالغير يطلب من الغير أن يُفعل بهم أيضا .. ولا يُفعل بهم إلا من له القدرة على الجماع ..!!

 

3- لفظ (الرجال) كشف لنا عن ثلاثة أمور:

- الأول: الألف واللام في لفظ (الرجال) كشف لنا عن شمولية فعلهم اللواط مع جماعة الذكور الرجال فقط .. أي المتحقق فيهم وصف الرجل .. أي من يقال عنه هذا رجل..، والرجل في اللغة ممن اشتد عوده وبلغ .. وهو ما يكون تقريبا عند عمر الثانية عشر أو بعدها بقليل .. وذلك حسب توصيف أهل اللغة للرجل أنه العاقل البالغ.

 

- يعني جماعة قوم لوط .. كانوا متخصصين في فعل الفاحشة مع مكتملي الذكورة وهم الرجال من بني آدم الذين يظهر عليهم معالم الفحولة .. ممن لهم القدرة على انتصاب عضوهم الذكري ويستطيعون الجماع وافراغ المَنىِّ منهم .. بداية من عمر اثنى عشر عاما تقريبا وهو سن البلوع للذكور إلى ما بعد الخمسين والستين وما بعد ذلك.

 

- الثاني: لفظ (الرجال) نفهم منه أن قوم لوط لم يفعلوا فعلهم بجميع الذكور وإنما نجا من فعلهم هم ثلاثة جماعات: (جماعة الصبيان أو الغلمان من الذكور ما قبل عمر البلوغ أي تقريبا قبل عمر اثنى عشر عاما) ، (جماعة المخنثين من الذكور – حتى ولو شكلهم رجلا) ، (جماعة الذكور من الحيوانات).

 

- الثالث: لفظ (الرجال) يطلق على الإنس والجن .. ولما كان الجن عالم غيبي لا نراه فضلا عن أن لفظ الإتيان يستحيل حدوثه مع عالم غيبي .. لأن لفظ الإتيان مرتبط بجسد مادي .. فكان المقصد هم الذكور من عالم الإنس فقط وليس غيرهم .. فهم يأتون الذكور والذكور يأتونهم.

 

4- وتبين لنا من لفظ (الذكران) ولفظ (الرجال) ..

- أن لفظ (الذكران) كشف لنا النوع الذي يمارسون معه الفاحشة وهم جماعة الذكور وليس غيرهم .. وكشف لنا أنهم من بلغ مبلغ الفحولة ..، ولفظ (الرجال) كشف لنا الجنس أي يأتون جنس (بني آدم) ليس الحيوانات .. وكشف لنا لفظ الرجال عن الفئة العمرية التي يهواها قوم لوط وهم (من سن البلوغ إلى ما فوق ذلك) .. فهذه الفئة العمرية من بني آدم هي التي تخصص قوم لوط في إتيانهم أي نكاحهم أي جماعهم أي ركوبهم أي إدخال عضوهم الذكري في أدبارهم أي يدخلون عضوهم الذكري في فتحة الخراء فيهم .. وذلك لممارسة المثلية الجنسية معهم أو الشذوذ الجنسي معهم أو اللواط فيهم.

 

#- ملحوظة هامة:

- حينما تجد في كلام بعض العلماء أن الرجل لفظ يقال للذكر منذ ولادته .. فهذا باعتبار نوعه كذكر .. وليس باعتبار فئته العمرية .. لأن العرب خصصوا الفئات العمرية بأسماء مثل الصبي والغلام والفتى والكهل والشيخ .. والرجل لفظ جامع للفئات العمرية لمن بلغ منهم سن الإحتلام فما فوق .. إلا لو كان يقصد بلفظ الرجل هو النوع أي تحديد كونه ذكر فقط .. وذلك كما في أحكام الميراث فيقصد بالرجل هو الذكر .. وأظن وصف القرآن الذكر المولود بالرجل باعتبار مهمته في الحياة وهي القدرة على تحمل المسئولية .. والله أعلم.

 

#- ومن أقوال العلماء في لفظ (الرجل) .. قال الإمام جمال الدين ابن منظور رحمه الله (المتوفى: 711هـ):

- الرَّجُل: معروف الذكر من نوع الإنسان خلاف المرأة .. وقيل: إنما يكون رجلا فوق الغلام وذلك إذا احتلم وشب .. وقيل: هو رجل ساعة تلده أمه إلى ما بعد ذلك. (لسان العرب ج11 ص265).

 

#- وخلاصة القول:

1- أن لفظ (الذكران) أتى لبيان النوع الذي كان يحلو لقوم لوط نكاحهم .. وهو ممارسة المثلية الجنسية مع جماعة الذكور .. أي تلييط ذكور مع ذكور ..، وكشف لنا اللفظ أن هؤلاء الذكور قد بلغوا مبلغ القوة في ذكورتهم وليس فيهم شبهة خنوثة أبدا.  

 

2- وأتى لفظ (الرجال) لبيان أنهم يأتون الفاحشة مع ذكور بلغوا مبلغ الرجال من بني آدم وليس يأتون الحيوانات الذكور الحيوانات .. وكشف لنا لفظ الرجال عن الفئة العمرية التي يهواها قوم لوط وهم (من سن البلوغ إلى ما فوق ذلك) .. فهذه الفئة العمرية من بني آدم هي التي تخصص قوم لوط في إتيانهم أي نكاحهم أي جماعهم أي ركوبهم أي إدخال عضوهم الذكري في أدبارهم أي يدخلون عضوهم الذكري في فتحة الخراء فيهم .. وذلك لممارسة المثلية الجنسية معهم أو الشذوذ الجنسي معهم أو اللواط فيهم.

 

- إذن: النبي لوط عليه السلام .. قد أتى بلفظ (الرجال) .. ليوضح أن هؤلاء (الذكران) ليسوا من الغلمان الصغيرة .. وإنما هو خاص بما يطبق عليه لفظ الرجل .. والرجل هو لفظ يقال للذكر البالغ العاقل .. أي من بعد عمر الثانية عشر تقريبا فما فوق ذلك .. وذلك حسب ما يقوله أهل اللغة في توصيف كلمة رجل.

 

#- ملحوظة هامة أخي الحبيب:

- ما سبق من تحقيق القول في لفظي (الذكران) و (الرجال) .. إنما هو كان اجتهاد مني في فهم الألفاظ القرآنية .. وسبب تواجدها في السياق القرآني بهذه الألفاظ .. إذ لم أجد ما ذكرته في كتب التفسير عن حكمة وسبب إتيان النبي لوط مرة بلفظ (الذكران) ومرة بلفظ (الرجال) في سياق قصة النبي لوط .. ولذلك اجتهدت في بيان ذلك ... والله أعلم بالصواب.

 

- في الفصل القادم إن شاء الله .. أذكر كلام السادة العلماء في تفسير قوله تعالى: (أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ) .. مع تفسيرات أخرى لهم مع آيات أخرى .. ولكن تبقى لي مسألة مهمة قد حيرتني فترة .. ولم أجد إجابة مقنعة يطمئن لها القلب .. فاجتهدت في هذه المسألة أيضا بما أظنه محلا للقبول إن شاء الله .. وهي مسألة الفرق بين (الذكران) و (الذكور) .. وستكون على سؤالين .. بأسلوبين مختلفين .. والله ولي التوفيق.

 

******************

..:: س36: لماذا قال النبي لوط (أتأتون الذكران) ولم يقل "أتأتون الذكور" ؟ ::..

 

- قال تعالى حاكيا على لسان النبي لوط: (أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ (165) وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ) الشعراء: 165-166.

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- جاء على لسان النبي لوط لفظ (الذكران) ولم يقل "الذكور" .. فلماذا ؟

- لو تأملنا الألفاظ .. نشعر منها بالآتي:

1- لفظ "ذكور": هو جمع تكسير .. واللفظ يلهمك بأنه يشير للكثرة العددية ..

- مثلما تقول: كلمة (بحور أو طيور أو جسور) .. فهذه كلها ألفاظ تدل على الكثرة العددية لشيء معين .. ولكن دون أن تكسب هذا النوع وصفا معينا يميزه بخلاف ظاهر اللفظ..، فمثلا لفظ ذكور تفهم منه أنهم لا خنوثة فيهم ببداهة العقل .. ولفظ بحور تفهم منه أنه منطقة مائية مالحة وليس ماء عذب كالأنهار .. ولفظ طيور تفهم منه أنهم ليسوا زواحف .. وهكذا.  

 

2- ولكن لفظ "ذكران": هو جمع تكسير .. واللفظ يلهمك لفظ يشير إلى كثرة في العدد مع قوة في هذه الذكورة .. وهذه القوة في الذكورة لها دلالتين .. الدلالة الأولى على قوة النوع من حيث كونه ذكرا لا شبهة خنوثة فيه .. والدلالة الثانية تشمل أيضا الإشارة لقوة في فحولة هذا الذكر أي اشتد عوده وبلغ حد القدرة على الجماع.

- فجمع التكسير هنا بزيادة الألف والنون أكسب هذا الإسم وصفا عدديا وقوة إضافية في الوصف.

 

- مثلما تقول: كلمة (فرسان - جمع فارس) فاللفظ يفيد العدد ويدل على القوة لمن يمتلك هذا الوصف ..، بخلاف كلمة (فوارس - جمع فارس) فهي كلمة تفيد العدد ولا تفيد وجود القوة لهؤلاء الموصوفين بهذا الوصف ..، ومثل كلمة (بُلدان – جمع بلد) تفيد العدد ولها دلالة على قوة هذه البلاد في المعرفة والتقدم .. بخلاف لو قلت كلمة (بلاد - جمع بلد) تدل على كثرة البلاد ولكنها لا تدل على تطورها وتقدمها إذ قد يكون في هذه البلاد ما هم أبعد ما يكون عن التقدم والعلم .. وهكذا. 

 

#- ملحوظة: جمع التكسير .. هو ما دلَّ على الجمع ويكسر بناء الكلمة .. مثل كلمة رجل جمعها رجال .. فظهر حرف الألف وتسبب في كسر جسم الكلمة من المنتصف ..، ومثلا: فارس جمعها فرسان أو فوارس .. دخلت حروف في منتصف الكلمة وكسرت جسم الكلمة من المنتصف .. أي أن جمع التكسير لا يجمع مثل جمع المذكر السالم بإضافة الواو في آخره ..، فمثلا: لا يقال جمع رجل هو "رجلون"  فهذا خطأ ..، ومثلا: لا يقال جمع فارس هو "فارسون" فهذا خطأ.

- وجمع التكسير له صور مختلفة .. ولكن اكتفيت فقط بما ذكرته ويتفق مع الكلمات التي نتكلم عنها.

 

#- فإذا علمت ما سبق أخي الحبيب فأجد الآتي في فهم كلمة "الذكران والذكور":

1- لفظ "الذكران": في حد ذاته لفظ يدل على الكثرة العددية مع قوة في هذه الذكورة .. أي اكتملت فيهم معالم الذكورة .. والألف والنون في لفظ "ذكران" يدل على كمال هذه الذكورية فيه أي لا شبهة أنوثة فيه .. وتدل أيضا على اكتمال الفحولة فيهم أي من فئة الرجال وليس الأطفال.

 

- بخلاف لفظ "ذكور": فهو لفظ يوحي بكثرة العدد من هذا النوع دون تخصيص ميزة معينة له سوى أنه لا خنوثة فيه .. ولكن يشمل كافة أطوار الذكور العمرية .. من أول كونه جنين مولود إلى مرحلة كونه عجوز.

 

2- ولكن لما كان قوم لوط قد تخصصوا في فعل الفحشاء مع فئة عمرية معينة من الذكور .. فلم يقل النبي لوط عنهم أنهم يأتون الذكور .. وذلك حتى لا نفهم أنهم يأتون كل الفئات العمرية من الذكور من الأطفال دون سن البلوغ  إلى العجوز .. لا .. بل أتى بلفظ ذكران لنفهم أنهم كانوا يهتمون بفئة عمرية معينة وهم الذكور الذين تخطوا سن البلوغ وتحقق فيهم وصف الرجل .. أي من اكتملت فيهم مظاهر الفحولة وله عضو ينتصب ويستطيع أن يجامع به.

- والله أعلم.

 

#- ملحوظة هامة:

- وجدت على الإنترنت رأيا قيل فيه: أن لفظ "ذكران" يفيد القلة .. ولفظ (ذكور) يفيد الكثرة.

 

#- (قلت خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على هذا الرأي: هذا الرأي وإن لم أجد عليه دليل في اللغة أو عند اهل التفسير .. إلا أن صاحب الرأي لعله قد استنبطه من ندرة استخدام القرآن للفظ (ذكران) مقابل كثرة استخدام القرآن للفظ (الذكور) .. وهو استنباط جيد حينئذ ورأي محتمل صحته ولكن في قصة النبي لوط دون آية الشورى ..

- ففي قصة النبي لوط وحسب هذا الرأي يمكن القول: أن لفظ الذكران يفيد تخصيص جماع قوم لوط لفئة معينة من الذكور .. وليس كل الذكور .. وهذا ممكن ان يؤيده لفظ (الرجال) ..

- ولكن في تفسير آية سورة الشورى: (وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا) فلا يستقيم مسألة الكثرة والقلة مع هذه الآية .. لأنه لا معنى مفهوم للذكران حينئذ .. إذ يقال لماذا خصصهم القرآن بهذا اللفظ وكان قبلها قد ذكر لفظ (الذكور) ؟!.

- والله أعلم.

 

*******************

 

..:: س37: هل كلمة (ذكرانا) تفسيرها مخنثين كما افترى البعض في تفسير قوله تعالى (يزوجهم ذكرانا وإناثا) من سورة الشورى ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- بالرغم من أن هذا السؤال ليس من صميم هذه الرسالة .. ولا علاقة له بقصة النبي لوط عليه السلام .. ولكن هذا السؤال أردت كتابته لوجود لفظ "ذكران" .. وهو نفس اللفظ الذي أتى في قصة النبي لوط عليه السلام ولكن بدون الألف واللام أي "ذكرانا" وليس "الذكران" ..

- وسأذكر لك أخي الحبيب .. ما أريد قوله عن آية سورة الشورى .. وذلك حسب اجتهادي في الفهم .. إذ لم أجد في كتب التفسير المتاحة عندي من سأل فقال: "لماذا قال الله كلمة "ذكرانا" في الآية ولم يقل "ذكورا" مثل اللفظ السابق في نفس الآية (وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا) .. فلماذا غير من لفظ الذكور للفظ ذكران ؟!!".

 

- وإليك أخي الحبيب هذا التحقيق .. والله ولي التوفيق.

 

#- أولا: جاء لفظ "ذكران" مرتين في القرآن فقط ..

- مرة في قصة النبي لوط عليه السلام وسبق وتكلمنا عن ذلك ..، ومرة في سورة الشورى عند قوله تعالى: (يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ) الشورى:49-50.

 

- والتزويج بمعنى: جمع النوعين .. أي أن الله يرزق الوالدين ذكر وأنثى.

- وكلمة ذكر: يتم جمعها على ذكور وذكران.

 

#- وهنا تسآئلت وقلت: "لماذا غير الله في أسلوب الكلام من كلمة ذكور إلى كلمة ذكران في آية الشورى ؟!" .. فلم أجد إجابة لهذا السؤال فيما توافر عندي من كتب التفاسير واللغة .. ثم أخذت أفكر في المسألة .. حتى جال بخاطري هذا الفهم الذي أذكره لك .. وأقوله في الآتي .. وانتبه جيدا:

 

1- لما كان وصف الذكور غالب على ألفاظ القرآن .. ولفظ الذكران أتى مرتين فقط .. فهذا يدل على إشارة معينة تتعلق بوصف طبيعة الذكور .. أراد القرآن أن ننتبه إليها .. وهي حل إشكالية معينة قد يظنها الإنسان في أحد حالات حمل المرأة.

 

2- ولما كان من تفاسير بعض أهل العلم لقوله: (يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا) بمعنى التوأم من ذكر وأنثى في بطن واحدة ..، وفي تفاسير أخرى أن التزويج يحتمل أيضا الجمع بين النوعين ولكن ليس بالضرورة في نفس البطن الواحدة .. أي يرزقهم ذكر ثم أنثى أو العكس.

 

3- وبناء على ما سبق .. فأقول وبالله التوفيق: أن كلمة (ذكرانا) أتت لفض إشكالية في نفس الإنسان قد يتوهمها فيظن أن التوأم الذكر لو أتى مع الأنثى في بطن واحدة .. قد يتوهم أو يظن شخصا ما أنه سيأخذ من صفاتها شيئا .. ولذلك أثبت لفظ الذكورية هنا بالألف والنون للدلالة على أن من يتم ولادتهم مع الإناث في بطن واحدة هم ذكران أي كاملي الذكورة ولا يختلط عليهم من الأنوثة شيئا .. فلا تتوهم أن القدرة الإلهية تعجز عن الفصل بين هذا وذاك .. بل لكل واحد منهما خصائصه كما هي.

 

- ولذلك مسألة التزويج (أي الجمع أو الإقتران) بين الذكران والإناث في الآية .. مهما كان تفسيرها سواء بمعنى الذي يجمع الله له التوأم ذكر وأنثى في بطن واحدة .. أو يجمعهم الله له على فترات مختلفة فمرة ذكر ومرة أنثى .. فالأصل المقصود به من الآية .. هو أن الله أرادك أن تفهم أن في حالة الجمع بين ذكر وأنثى في بطن واحدة .. فإن ذكورة الجنين لا تتأثر بأنوثة الجنين الآخر .. فأتى بلفظ الذكران للدلالة على حالة التوأم وإن لم يأتي توأم فالذكورة متحققة أصلا بموجب اللفظ السابق في الآية وهو (وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ) .. والله أعلم. 

 

- وهذا هو ما كان جال بخاطري لمعرفة سبب تحويل القرآن في آية سورة الشورى من لفظ الذكور إلى ذكران .. والله أعلم بالصواب.

 

#- تبقى أن أقول لك أخي الحبيب .. أمرين:

- الأول: أن كلمة الإناث والذكور والذكران .. تأتي بصيغة الجمع .. لأن هذا باعتبار التكرار في الولادة .. وليس باعتبار المرة والواحدة .. لأن العرب أو البشرية عموما في سابق الأزمنة كانوا يحبون الإنجاب بكثرة لأنهم يعتبرون ذلك عزوة وقوة. 

 

- الثاني: عن سبب تقديم وهب الإناث على الذكور فذلك للإهتمام برعايتهن والإحسان إليهن لضعفهن .. وجعل لفظ (الذكور) بالتعريف للدلالة على قدرتهم على حماية ورعاية أنفسهم وحماية ورعاية غيرهم بما فضلهم الله به على الإناث .. (أما ما يتم ذكره في بعض كتب التفسير) من أن الأنثى ابتلاء وأن الله يواسي من يبتليه بالإناث فلذلك قدمهن على الذكور .. وأن لفظ الذكور يدل على العطاء الأحسن من الله بخلاف النساء .. فهذا كلام فاسد جدا وتفسير ذكوري غريب بل وقبيح ولا علاقة له بالآية .. ولا يليق أن يقول به عالم .. والله أعلم. 

 

#- ثانيا: رأي منحرف جدا يقول أن لفظ (ذكران) بمعنى مخنثين.

 - هذا ليس رأي تفسيري أي لا وجود له في كتب التفاسير .. وإنما وجدت على الإنترنت البعض يقول أن لفظ (ذكران) في آية الشورى معناه المخنثين .. وهذا من قوله تعالى: (يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ) الشورى:49-50.

 

- وهذا الرأي المنحرف .. يقوم بنشره على الإنترنت بعض من لم يتقي الله في كتاب الله .. ويفسر القرآن بهواه ..، وسبب قولي أنه تفسير بالهوى ومنحرف وفيه شبهة كذب .. وذلك لأربعة أسباب:

- الأول: لأن هذا مخالف للحقيقة القرآنية .. إذ أن قصة سيدنا لوط كشفت أن الذكران هم رجال .. أي كاملي الذكورة وبالغين .. فالقرآن حكم لفظ الذكران بأنهم كاملي الرجولة .. ومخالفة ذلك يعتبر كذب على القرآن.. لأنه على تفسير كلمة الذكران بالمخنثين فهذا معناه أن قوم لوط كانوا يأتون المخنثين .. وهذا كذب بكل تأكيد .. بل الحقيقة خلاف ذلك.

 

- الثاني: مخالف للغة العربية .. إذ لم يقل أحد من علماء اللغة أن لفظ "ذكران" يقصد به المخنثين .. بل "ذكران" جمع ذكر مثله مثل الذكور أي كاملي الذكورة لا شبهة خنوثة فيه.

 

- الثالث: لا وجود لهذا المعنى في كتب التفاسير .. لم أجد في أي تفسير مما هو متاح عندي أن قال أحد بأن لفظ "ذكران" هو بمعنى ذكور مخنثين.

 

- الرابع: القول بأن لفظ "ذكران": بمعنى مخنثين .. فهذا يثبت جهل لم يصل إليه أحد .. لأنه يقال حينئذ وأين الخنثى الأنثى في الآية ..؟!! أم أن الذكران فقط هم من يحدث لهم التخنيث ؟!! وهذا حينئذ جهل آخر لم يسبق إليه .. ليه بقول جهل ؟ لأنه يوجد خنثى ذكر ويوجد خنثى أنثى ..!!

 

- وكأن قائل هذا الرأي ظن أن مسألة التخنيث تتعلق بالذكورة والأنوثة حال الولادة .. في حين هي تتعلق في الأساس بمسألة البلوغ في الغالب .. فيقال هذا خنثى ذكر وخنثى أنثى .. بل ويوجد خنثى مُشكِل .. والخنثى الذكر هو الذي يجتمع فيه من صفات وهيئة الذكورة أكثر من الأنوثة .. وعكسه الخنثى الأنثى .. والخنثى المُشكِل هو الذي فيه إشكالية بالعجز عن تحديده ذكرا أم أنثى .. وفي زماننا يمكن حل إشكالية الخنثى المُشكِل لمن يسكن المدن المتقدمة طبيا .. لأن الطب يمكن أن يحسم المسألة بالصفات الجينية والمركبة في تكوين هذا الشخص بأنه يغلب عليه الذكورة أم الأنوثة.  

 

#- ملحوظة هامة – الفرق بين المخنث والخنثى والمقصود بحديث النبي عن المتشبهين والمخنثين والمترجلات:

- الخنثى غير المخنث الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: (لَعَنَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المُخَنَّثِينَ مِنَ الرِّجَالِ، والمُتَرَجِّلَاتِ مِنَ النِّسَاءِ) ..، وفي لفظ آخر: (لَعَنَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بالنِّسَاءِ، والمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بالرِّجَالِ) وكلا الحديثين في صحيح البخاري.

 

- فالمخنث هي الحديث: هو الذي يتخنث بإرادته ورغبته فيتشبه بأشكال وسلوكيات النساء وهو كامل الذكورة فهذا مخنث عليه من الله لعنة لرغبته في تغيير شكل خلقته .. وعكسه يسمى رَجِلة (بفتح الراء وكسر الجيم) أي التي تتشبه بالرجال شكلا وسلوكا بإرادتها ورغبتها وهي كاملة الأنوثة فهذه مسترجلة عليها من الله لعنة .. وهم المتحولون شكلا وسلوكا في زماننا هذا باختيارهم ورغبتهم في ذلك .. إذ قد اتبعوا الشيطان في ذلك كما أخبرنا الله حكاية عن فعل الشيطان حين قال: (وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا) النساء:119.

 

- وكذلك وصف المتشبهين .. فالتشبه هو تغيير معالم الشكل والصوت والملبس حتى إذا رأيته ظننته رجل وهي في الحقيقة امرأة .. أو إذا رأيتها امرأة وهي في الحقيقة رجل ..!! فهؤلاء هم المتشبهون وهم المتحولون في زماننا تحويلا بالشكل والمظهر والهيئة والصوت وليس متحولون بعملية جراحية .. فانتبه..

 

#- خلاصة القول أخي الحبيب:

1- أن كلمة (ذكرانا) أتت في آية سورة الشوري لتخدم مسألة قد يتوهمها البعض وهي أن توأم الذكور مع الإناث قد يؤثر على خصائص الذكورة في شيء .. فأراد الله ان يطمئن من يتوهم ذلك فذكر لفظ "ذكران" لبيان كما الذكورة في هذا المولود فليطمئن.

 

2- من قال أن كلمة "ذكران" هي تعني ذكور مخنثين .. فهذا قول منكر ومنحرف جدا لمخالفة ظاهر القرآن واللغة العربية .. إذ قد تعمد مخالفة الحقيقة القرآنية في قصة النبي لوط .. وقال بما لا وجود له في لغة العرب من قريب أو من بعيد.. ولم أجده في كلام أهل العلم.

- هذا والله أعلم.

*****************
يتبع إن شاء الله تعالى
*****************
والله أعلم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم
هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .

هناك 3 تعليقات:

  1. ماشاء الله ..
    طالما وصلنا للحكمة فتلك اكبر نعمة
    ربي يزيدك منها استاذنا الفاضل
    ويعزك ويكرمك دنيا وآخرة
    آمين يارب العالمين

    ردحذف
  2. جميل جدا التحليل والفهم الدقيق
    في الفرق بين الذكران والذكور

    جزاك الله خيرا استاذ خالد
    اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم

    ردحذف
  3. رب يجازيك على قدر تعبك يعطيك ويرزقك زرقا حسنا

    هذه الرسالة ان شاء الله ستكون مرجع علمي صحيح لدراسه سلوكيات النفس البشرية

    اللهم آدم علينا انوار مدونه العلم واحفظها من الزوال يا حق

    ردحذف

ادارة الموقع - ا/ خالد ابوعوف