بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة
قصة نبي الله لوط عليه السلام
مع قومه الشواذ جنسيا بالمثلية
اللُّواطِيُّون والسُّحَاقيَّات
(الجزء الحادي عشر)
#- فهرس:
:: الفصل الحادي عشر :: عن كيفية ترتيب أحداث السور القرآنية التي ظهر فيها حوار النبي لوط مع
قومه ::
1- س31: ما هي
السور القرآنية التي أتى فيها حوار وتوجيه النبي لوط لقومه الذين كانوا يفعلون
الفاحشة ؟ وكيف يمكن ترتيب الأحداث فيها ؟
#- أولا: سورة الشعراء .. هي أول أحداث قصة النبي لوط مع قومه.
#- ثانيا: سورة الأعراف .. فيها ما دار من حوار ثاني للنبي لوط مع قومه.
#- ثالثا: سورة النمل .. فيها ما دار من حوار ثالث للنبي لوط مع قومه.
#- رابعا: سورة العنكبوت .. هي آخر حوار للنبي لوط مع قومه.
*****************
:: الفصل الحادي عشر ::
******************
..:: س31: ما هي السور القرآنية التي أتى
فيها حوار وتوجيه النبي لوط لقومه الذين كانوا يفعلون الفاحشة ؟ وكيف يمكن ترتيب الأحداث
فيها ؟ ::..
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- قصة النبي لوط عليه السلام
بالرغم من قلة آياتها .. إلا أن فيها آيات متشابهات في دعوة النبي لوط لقومه .. وآيات
متشابهات في نزول العذاب على قوم لوط .. ومتشابهات الآيات أي يشبه بعضها البعض مع
اختلاف بعض الألفاظ أو الحروف المذكورة في آية عن الآخرى .. والتدبر فيها يحتاج
تركيز لنفهم المقصود من مراد الله .. إذ أن تكرار الآيات بصورة مشابهة مع اختلاف
بعض الألفاظ أو الحروف .. إنما هو ليكسب القصة معنى جديدا لفهم القصة .. وكأن الله
يريدك أن ترى مشهد جديدا من القصة أو يفهمك فهم معين لجزئية معينة من القصة.
- وإذا نظرنا لقصة النبي لوط عليه
السلام في دعوته لقومه .. سنجدها أتت في أربع سور من القرآن وهي (الأعراف والنمل
والعنكبوت والشعراء) .. بخلاف العذاب الذي تم الإشارة إليه في أكثر من سبع سور ..
ولكن هنا فقط نتكلم عن دعوة النبي لوط لقومه وحواره معهم.
- وقد اجتهدت في ترتيب أحداث هذه الحوارات التي
أتت في السور الأربعة وهي (الأعراف والنمل والعنكبوت والشعراء) .. وستكون ألفاظ
الآيات هي المرشد لي في تحديد ما هو سابق ولاحق في ترتيب الأحداث.
- وهذا الترتيب سيفيد في فهم التفسير .. لأنه ترتيب لأحداث القصة وما يمكن أن يكون
حدث فيها بصورة تفهمك تسلسل الأحداث.
- وحينما أتحدث عن ترتيب دعوة
النبي لوط لقومه .. فهذا لا علاقة له بترتيب نزول السور القرآنية .. لأن
ترتيب السور القرآنية لا علاقة له بترتيب أحداث قصص الأنبياء إلا فقط في قصة النبي
صلى الله عليه وسلم .. لأنها كانت أحداث موافقه لنزول القرآن فهنا يتم الإنتباه
لترتيب النزول لمعرفة الأحداث والأحكام الشريعة.
#- وهذه هي السور الأربعة التي أظهرت حوار النبي لوط مع قومه حسب ترتيب النزول وهي (الأعراف – النمل – الشعراء –
العنكبوت):
1- قال تعالى: (وَلُوطًا إِذْ
قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ
(80) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ
الرِّجَالَ شَهْوَةً
مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (81) وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا
أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (82)
فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ) الأعراف: 80-83.
2- قال تعالى: (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ
وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (54) أَئِنَّكُمْ
لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً
مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (55) فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ
قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ
(56) فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ
الْغَابِرِينَ (57) وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ) النمل:54-58.
3- قال تعالى (كَذَّبَتْ
قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ (160) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا
تَتَّقُونَ (161) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (162) فَاتَّقُوا اللَّهَ
وَأَطِيعُونِ (163) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا
عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (164) أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ
(165) وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ (166) قَالُوا
لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَالُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ (167) قَالَ
إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ (168) رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا
يَعْمَلُونَ (169) فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (170) إِلَّا عَجُوزًا
فِي الْغَابِرِينَ (171) ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ) الشعراء:
160-172.
4- قال تعالى: (وَلُوطًا إِذْ قَالَ
لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ
مِنَ الْعَالَمِينَ (28) أَئِنَّكُمْ
لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي
نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَمَا
كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ
كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (29) قَالَ
رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ
الْمُفْسِدِينَ) العنكبوت:28-30.
#- فإذا علمت ما سبق أخي
الحبيب .. فإليك ما أظنه في ترتيب أحداث حوار دعوة النبي لوط عليه
السلام لقومه ومناقشته معهم .. وذلك حسب سياق ألفاظ القصة وليس حسب ترتيب النزول
.. وبالله التوفيق.
#- أولا: سورة الشعراء .. هي أول أحداث
قصة النبي لوط مع قومه.
- قال تعالى (كَذَّبَتْ
قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ (160) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا
تَتَّقُونَ (161) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (162) فَاتَّقُوا اللَّهَ
وَأَطِيعُونِ (163) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا
عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (164) أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ
(165) وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ (166) قَالُوا
لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ (167) قَالَ
إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ (168) رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا
يَعْمَلُونَ (169) فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (170) إِلَّا عَجُوزًا
فِي الْغَابِرِينَ (171) ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ) الشعراء:
160-172.
#- هذا المشهد من قصة النبي لوط
.. يرشد إلى بداية ما حدث في قصة النبي لوط مع قومه .. وهذا لأسباب:
أ- أن النبي لوط أكتسب صفة الأخوة بينهم (قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ) .. وهذا يدل على أنه كان باقيا فيهم فترة زمنية
طويلة .. ولعله كان متواجدا بينهم قبل ظهور هذه الفاحشة فيهم وجاءت إليه النبوة
وهو في وسط هؤلاء القوم.. أي لم يذهب إليهم نبيا مرسلا من الله من البداية بل أن
النبوة حدثت له أثناء تواجده بينهم.
- ويؤكد ما ذهبت إليه: أنه لو كان ذهب إليهم وهم على العصيان
والفحشاء لكانوا فعلوا به ما يفعلوه بالغرباء الذين ياتون إليهم من الرجال..، وإن
كان لفظ الأخوة يكشف لنا أنه كان قائما فيهم فترة زمنية طويلة حتى اكتسب وصف أنه أخوهم
ولم يكن منهم أصلا كما سبق وأوضحنا ذلك.
- وهذه هي السورة الوحيدة التي أظهرت لفظ الأخوة في محاورة لوط مع قومه
وذلك من قوله (أخوهم لوط) .. فدل ذلك على أن هذه كانت البداية .. وكأن
الله يخبرنا أن لوط حينما تم تبليغه بالنبوة ليكون رسولا لقومه فقد حدث ذلك بعد
بقاءه فترة زمنية معاشرا لهم وساكن بينهم.
ب- قول النبي لوط (إني لكم رسول أمين)
تكشف لنا حقيقة أخرى لبداية القصة وهي أن لوط عليه السلام .. ذهب إليهم وهم
يعرفونه .. لأن كلمة (أمين) تعني
أنه كان مشهورا بينهم بهذه الصفة لأن صفة الأمانة لا تظهر بالكلام وإنما بالممارسة
وتجربة حال هذا الشخص بين الناس حتى اشتهر بهذه الصفة بينهم .. وبالتالي فهو بدأ
بدعوتهم بكونه رسولا إليهم ثم ذكرهم بأنه لطالما كان أمينا فيهم .. ومن كان أمينا
مع الناس فلا يخون الناس في كونه رسولا من الله ..
- وتعريف الأنبياء بأنفسهم لقومهم .. إنما يكون دائما في بداية دعوتهم إلى
طريق الله.
ج- طمأنة لوط لهم بأنه لا يأخذ أجر على ما يفعله (وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ) .. وذلك لمحو شبهة سوء الظن من أنفسهم .. إذ
لعله أتى يفعل ذلك طلبا لمال أو لسلطة دينية .. وهذا القول من النبي لوط لا يقال
إلا في بداية دعوة .. لأنه يعرف عن نفسه أو يقدم نفسه لقومه ولكن هذه المرة ليس
كلوط المواطن معهم وإنما لوط الرسول من الله إليهم.
د- أسلوب التوجيه للنبي لوط مع قومه .. بدأ بأسلوب استفهامي فيه إنكار ولكن بصورة
مخففة عما قيل في باقي السور فقال لهم (أَتَأْتُونَ
الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ) .. فهو استفهام منه بصيغة
إنكار لهم ولكن بأسلوب مهذب فيه حكمة كأنه قال لهم: أتفعلون هذا الفعل يا قوم وهذا لا
يليق بكم فعله .. إذ لا يليق بمكتملي الرجولة أن يفعلون ذلك بمثلهم.
هـ- قولهم (لَئِنْ لَمْ
تَنْتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ) .. هذا كان تحذيرا منهم للوط بأن يتوقف عن
نهيهم عما يفعلوه وإلا سيطردوه خارج قريتهم .. وهذا دليل على أنه لم يكن منهم .. وكأنهم
يقولون له باللهجة المصرية: "عاوز تقعد بينا فاقعد وأنت ساكت وما توجعش
دماغنا".
و- رد فعل النبي لوط كان (قَالَ إِنِّي
لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ) أي أكد على رفضه لعملهم هذا بأنه مبغض
له بغضا شديدا ومنكرا له إنكارا .. وهذا يدل على أنها كانت أول جولة حوار له معهم
.. إذ أنه اكتفى بإثبات حاله أمام ما يفعلوه حتى لا يظنوا أنه موافق لما يفعلوه ..
حتى يعلموا أن كل مرة سياتيهم سيكون منكرا لهم ما يفعلوه.
ز- قوله (رَبِّ نَجِّنِي
وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ) أي رب نجني وأهلي
مما يعمل هؤلاء من المنكرات التي يقومون بفعلها .. فلا تصيبنا بهذا
البلاء الذي أصابهم .. وكأن النبي لوط عليه السلام يقول: اللهم لا تفتنا بما
يفعلوه .. واكتب لنا النجاه من فعلهم فلا نفعله ولا يُفعل بنا .. واكتب لنا النجاة
من غضبك بسبب ما يفعلوه من هذه الفاحشة.
- ولم يدعو عليهم لوط عليه
السلام كما فعل في سورة العنكبوت .. وإنما اكتفى بالدعاء إلى
الله بالنجاة له ولأهل بيته من هذا الفعل الحقير الذي يفعله هؤلاء .. بل وشمل نفسه
في الدعاء بالرغم من كونه نبيا مرسلا .. وذلك حتى تعلم أنه لا يوجد أحد كبير على نزول
البلاء به إلا من اعتصم بربه .. وقال يا رب أدخلني في عنايتك ومعيتك حتى لا أعصيك
ونجني من القوم الظالمين.
======
#- ثانيا: سورة الأعراف .. فيها ما دار من حوار
ثاني للنبي لوط مع قومه.
- قال تعالى: (وَلُوطًا إِذْ
قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ
(80) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ
الرِّجَالَ شَهْوَةً
مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (81) وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ
مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (82) فَأَنْجَيْنَاهُ
وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ) الأعراف: 80-83.
#- في هذا الجزء من الحوار بين
النبي لوط وقومه .. فأحسبه من أواسط الحوارات التي تمت بين لوط وقومه .. وأظن
أن هذه الآيات تأتي في الترتيب الثاني لقصة النبي لوط مع قومه .. وإليك الأسباب:
أ- في هذه السورة بدأ النبي لوط بالتوضيح أكثر لهم في حقيقة ما
يفعلوه .. وذلك بإعلان أن فعلهم هذا هو الفاحشة بعينها (أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ) وهي التي لا ورائها
فاحشة في العلاقات الجسدية..، وأن فعلهم هذا لم يسبقهم إليه أحد (مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ).
ب- ثم حكي لهم النبي لوط ما يفعلونه بقوله (إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ) وهو خبر يفيد
إقرار فعلهم في الواقع .. وأكده بحرف إن و حرف اللام .. ليفيد التقرير بتحقيق هذا
الفعل منهم .. وأنه ليس مجرد كلام يظنه بل واقع موجود.
- وكأن النبي لوط يقول لهم في اندهاش منهم: أنتم تفعلون هذا الجماع بالرجال وتتركون جماع
النساء الأطيب لكم .. أين عقولكم يا قوم ؟!! ولكن أنتم قوم محبون لما أسرفتم فيه حتى
لم يعد لكم شيئا من الضمير يجعلكم تلومون فيه أنفسكم على فعلكم.
ج- قوله (مسرفون) .. يدل على أنه بدأت الشهوة تتمكن منهم ويزيدون
فيها .. وكأنها لم تكن تمكنت منهم من قبل .. وهذا اللفظ أتى لبيان بداية استحسانهم
لهذه الشهوة .. وانجذاب الناس إلى هذا الفعل .. وانتشار الفاحشة في القرية .. وكأنه
أصبح لهذه الفاحشة قانون يحميها.
د- قول الله عن رد فعل قوم
لوط: (وَمَا كَانَ جَوَابَ
قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ) .. حرف
الواو يدل على ترتيب الأحداث ولكن مع التراخي في رد فعل القوم .. وكأن خبر اعتراض
لوط بدأ ينتشر في القرية وظهر الخبر في صورة أن هناك من يعترض على نكاح الرجال للرجال.
- وكأن القرآن يظهر رد فعل قرية
لوط على مجرد رأي .. ولعل أكثر الناس لم يعرف من هو صاحب هذا
الرأي .. وحدث استطلاع للآراء دون ذكر صاحب الرأي .. ولذلك قال الناس (أخرجوهم) لعدم معرفتهم بمن صاحب هذا الرأي أو من هم
القائلين بذلك .. وقولهم (من قريتكم) كأنهم
قالوا: أكيد أصحاب هذا الرأي هم ناس لا ينتمون إلينا وإلا كانوا ارتضوا بما نفعله.
د- ولعلهم جميعهم قد علموا أن صاحب الرأي هو لوط .. فطالبوا بخروجه وأهله من القرية .. ولم يصرحوا
باسمه لبقاء احتمالية رجوعه عما يفعله .. لأن لوط كان فيهم هو رجل حكيم وذو علم
ومكانة .. وكأن اعتراضهم هذا كان تحذير منهم له .. فذكروا اعتراضهم وكأن صاحب هذا
الرأي مجهولا لهم لم يريدوا التجريح في شخصه وإنما في رأيه .. وكأنهم يقولون: المعترض على أحوالنا اطردوه خارج قريتنا.
#- إذن: ما أحسبه في آيات سورة الأعراف .. أنه قد بدأ انتشار تحذير لوط لقومه بصورة قوية
من خلال انتشار الخبر .. ومن هنا بدأ الإعتراض المجتمعي على من يخالفهم في فعلهم
الفاحشة .. وأتى رفضهم على مجرد الرأي .. بغض النظر عمن قال بهذا الرأي.. ولم
يريدوا التجريح في الشخص نفسه وإنما اكتفوا بالتجريح في مجرد الرأي.
======
#- ثالثا: سورة النمل .. فيها ما دار من حوار
ثالث للنبي لوط مع قومه.
- قال تعالى: (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ
وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (54) أَئِنَّكُمْ
لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً
مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (55) فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ
قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ
(56) فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ
الْغَابِرِينَ (57) وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ) النمل:54-58.
#- في هذا الجزء من الحوار بين
النبي لوط وقومه .. فأحسبه من أواسط الحوارات التي تمت بين لوط وقومه .. وأظن
أن هذه الآيات تأتي في الترتيب الثالث لقصة النبي لوط مع قومه .. وإليك الأسباب:
أ- ازدياد حالة الإندهاش من النبي لوط لما يفعلوه حتى
قال منكرا لهم: (أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ
تُبْصِرُونَ) ؟!! أي وأنتم عراة وعلى الملأ وفي وضح النهار ..!!
- وكأن النبي لوط يرد على إنكارهم لتوجيهه لهم بالتوقف عن
مضايقتهم .. ورغبتهم في طرده .. فقال لهم مستفزا فيهم حيائهم عسى أن يتحرك ضميرهم فقال:
(وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ) وكأنه يقول لهم:
أتعقلون ما تفعلونه بأنفسكم وغيركم .. بل أين ذهب حيائكم ..؟!!
ب- ارتفاع مستوى الإنكار من النبي لوط لقومه فقال: (أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ) فهذه المرة لم يكن
يحكي ما يفعلون .. وإنما وضع الحوار في صورة استفهام يفيد الإنكار الشديد فأتى بألف
الإستفهام (أإنكم) .. بخلاف في سورة الأعراف قال(إنكم) على سبيل الخبر والحكاية.
ج – قوله (فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ) حرف الفاء يدل على التعقيب السريع .. وكأن
أهل القرية انفعلوا بقوة هذه المرة بسبب اتهام النبي لوط لهم بأنهم يفعلون أفعال
الجهلاء أو أنهم يجهلون ما سيحدث بهم من العذاب وسيكونوا من أصحاب الجحيم إن لم
ينتهوا عما يفعلوه.
د- قول النبي لوط لقومه (بَلْ
أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ) ولم يقل جاهلون .. بل اتهم فعلهم بأنه من أفعال الجهلاء ..، أو
قالها بمعنى: أنتم تجهلون حقيقة ما سيحدث لكم إن لم تتوقفوا عن فعل تلك الفاحشة ..
وتؤمنون بالله وتطيعوه.
هـ- ولما وصف النبي لوط أفعالهم بفعل الجهلاء .. هنا أظهروا اسم لوط إنكارا عليه .. وذلك للدلالة
على أن هؤلاء المتبعين للوط عليهم الرحيل من القرية فورا فقالوا: (أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ) .. وكأنهم
قد بلغ بهم الأمر من لوط أنهم لم يطيقوه هو ومن يؤمن به.
======
#- رابعا: سورة العنكبوت .. هي آخر
حوار للنبي لوط مع قومه.
- قال تعالى: (وَلُوطًا إِذْ قَالَ
لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ
مِنَ الْعَالَمِينَ (28) أَئِنَّكُمْ
لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي
نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَمَا
كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ
كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (29) قَالَ
رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ
الْمُفْسِدِينَ) العنكبوت:28-30.
#- نجد أن الآيات في سورة
العنكبوت .. تشير إلى أن هذا كان آخر حوار بين النبي لوط وقومه ..
وبيان ذلك في الآتي:
أ- قول النبي لوط لقومه (لَتَأْتُونَ
الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ) قد
جمع لهم ما قاله سابقا لتأكيد حقيقة أن ما فعلوه هو الفاحشة بعينها ولم يسبقهم لها
أحد .. مهما هددوه من الإخراج من القرية كما حدث في سورة النمل فهو لن يتراجع عن
موقفه .. ثم زاد على ذلك فقال لهم: (لَتَأْتُونَ
الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ) ..
ونلاحظ أن الإتهام قد زاد بصورة ملفتة للنظر وكأن النبي لوط في إنكاره عليهم ما
يفعلوه .. فهو يريد إثبات التهم عليهم التي يفعلوها التي زادت مع مرور الوقت .. ويظهر
من الحوار أن النبي لوط قد بلغ به الأمر من الضيق والخنقة مما يفعلوه مبلغا شديدا ..
إذ الفجور قد تطور لما يستحيل السيطرة عليه.
ب- وقوله (فَمَا) حرف الفاء يدل على السرعة في الجواب على النبي
لوط بقولهم (ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ)
.. وكأنهم يقولون له: قد مللنا منك يا لوط ومن كثرة توجيهاتك لنا .. وهذا آخر حوار
لك معنا .. فإن (كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) فاظهر
علامة صدقك (ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ) فائتنا
بهذا العذاب الذي تزعمه.. ولا تأتينا المرة القادمة إلا بهذا العذاب .. ولا كلام
لك معنا بعد الآن ولن نسمح به.
ج- وفي هذه السورة وهي سورة
العنكبوت .. قال لوط لأول مرة (قَالَ رَبِّ
انْصُرْنِي) .. وكانت هذه أول مرة يظهر فيها الدعاء بالنصر من الله من
لوط.. وهذا معناه أنه تيقن أنه لا فائدة من دعوتهم إذ قد تمكن الشر والفساد في
نفوسهم حتى أصبح طبع فيهم ..، فضلا عن أنه لا يوجد نبي يدعو على قومه إلا بإذن من
الله .. وهذا معناه أن النبي لوط قد أتاه الإذن بطلب تأييد دعوة الحق على فعل
الباطل.
- ونفهم مما سبق: أن الآيات التي أتت في سورة العنكبوت .. كانت
هي ختام المناقشات وما كان فيه من توجيه النبي لوط إلى قومه .. والذي ترتب عليه
أن تجنبهم .. وانتظر أمر الله فيما سيكون التوجيه له بعد ذلك.
=======
#- وخلاصة القول أخي الحبيب:
1- أن الذي أظنه من ترتيب
أحداث الجزء الأول من قصة النبي لوط في حواره مع قومه .. وذلك من خلال أربعة سور قرآنية هي التي ظهر
فيها هذا الحوار .. فأجد أن ترتيب هذا الحوارات بدأت من سورة الشعراء ثم سورة الأعراف
ثم سورة النمل ثم سورة العنكبوت وهي آخر الحوارات بين لوط وقومه في دعوتهم ..
2- كل ما سبق في هذا الفصل .. إنما هو محض اجتهاد مني في ترتيب أحداث سياق حكاية
حوار النبي لوط مع قومه .. مع الإشارة لبعض المفردات التي تؤكد ما ذهبت إليه .. وهذا
يساعد في فهم الجزء الأول من القصة .. وهو مواجهة النبي لوط مع قومه وما دار بينهم
من حوارت.. وأرجو من الله أن أكون وفقت في ذلك.
- فما ذكرته من ترتيب أحداث
قصة النبي لوط في حواره مع قومه .. سيكشف لنا الإنفعالات المختلفة بين النبي لوط وقومه ..
وكيف أظهرها القرآن بصورة عجيبة جدا في ألفاظ قليلة .. وكيف أظهرت المحاورات بين
لوط وقومه فيها عزيمة النبي لوط وأيضا انفعالاته .. وكذلك انفعالات قومه ناحيته وما
كانوا سيفعلونه به.
- فالسياق القرآني يعلو بأداء تشويقي عجيب جدا .. ويعلو الشغف بداخلك
في معرفة ما حدث كلما انكشف لك معنى جديد في الآية .. ؟!! وكل هذا من خلال الرجوع
للسور الأربعة التي تكلمت عن حوار النبي لوط مع قومه وهي مجرد بضع آيات.
- ويفيدنا ترتيب الأحداث في فصول قادمة من الرسالة إن شاء الله .. في معرفة
كلمات ظهرت في الآيات ودلالتها .. مثل الفرق بين (الذكران)
و (الرجال) ..، ودلالة قوله (ما سبقكم بها من أحد) .. والفرق بين اتهامات النبي
لوط لقومه (عادون) (مسرفون)
(تجهلون) ودلالة هذه الألفاظ .. التي تكشف جوانب
مختلفة حدثت في القصة .. وأرجو من الله التوفيق في تحقيق ذلك .. والله ولي
التوفيق.
#- ملحوظة: سبب الإجتهاد فيما سبق .. هو أن ما بين يدي
من مصادر علمية لم أجد فيه مطلبي بالصورة التي كتبتها .. خاصة وأن كتب التفسير تهتم
بتفسير الآيات بأماكن تواجدها في كل سورة.
- والله أعلم.
(الجزء الحادي عشر)
:: الفصل الحادي عشر :: عن كيفية ترتيب أحداث السور القرآنية التي ظهر فيها حوار النبي لوط مع
قومه ::
1- س31: ما هي
السور القرآنية التي أتى فيها حوار وتوجيه النبي لوط لقومه الذين كانوا يفعلون
الفاحشة ؟ وكيف يمكن ترتيب الأحداث فيها ؟
#- أولا: سورة الشعراء .. هي أول أحداث قصة النبي لوط مع قومه.
#- ثانيا: سورة الأعراف .. فيها ما دار من حوار ثاني للنبي لوط مع قومه.
#- ثالثا: سورة النمل .. فيها ما دار من حوار ثالث للنبي لوط مع قومه.
#- رابعا: سورة العنكبوت .. هي آخر حوار للنبي لوط مع قومه.
*****************
:: الفصل الحادي عشر ::
******************
..:: س31: ما هي السور القرآنية التي أتى
فيها حوار وتوجيه النبي لوط لقومه الذين كانوا يفعلون الفاحشة ؟ وكيف يمكن ترتيب الأحداث
فيها ؟ ::..
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- قصة النبي لوط عليه السلام
بالرغم من قلة آياتها .. إلا أن فيها آيات متشابهات في دعوة النبي لوط لقومه .. وآيات
متشابهات في نزول العذاب على قوم لوط .. ومتشابهات الآيات أي يشبه بعضها البعض مع
اختلاف بعض الألفاظ أو الحروف المذكورة في آية عن الآخرى .. والتدبر فيها يحتاج
تركيز لنفهم المقصود من مراد الله .. إذ أن تكرار الآيات بصورة مشابهة مع اختلاف
بعض الألفاظ أو الحروف .. إنما هو ليكسب القصة معنى جديدا لفهم القصة .. وكأن الله
يريدك أن ترى مشهد جديدا من القصة أو يفهمك فهم معين لجزئية معينة من القصة.
- وإذا نظرنا لقصة النبي لوط عليه
السلام في دعوته لقومه .. سنجدها أتت في أربع سور من القرآن وهي (الأعراف والنمل
والعنكبوت والشعراء) .. بخلاف العذاب الذي تم الإشارة إليه في أكثر من سبع سور ..
ولكن هنا فقط نتكلم عن دعوة النبي لوط لقومه وحواره معهم.
- وقد اجتهدت في ترتيب أحداث هذه الحوارات التي
أتت في السور الأربعة وهي (الأعراف والنمل والعنكبوت والشعراء) .. وستكون ألفاظ
الآيات هي المرشد لي في تحديد ما هو سابق ولاحق في ترتيب الأحداث.
- وهذا الترتيب سيفيد في فهم التفسير .. لأنه ترتيب لأحداث القصة وما يمكن أن يكون
حدث فيها بصورة تفهمك تسلسل الأحداث.
- وحينما أتحدث عن ترتيب دعوة
النبي لوط لقومه .. فهذا لا علاقة له بترتيب نزول السور القرآنية .. لأن
ترتيب السور القرآنية لا علاقة له بترتيب أحداث قصص الأنبياء إلا فقط في قصة النبي
صلى الله عليه وسلم .. لأنها كانت أحداث موافقه لنزول القرآن فهنا يتم الإنتباه
لترتيب النزول لمعرفة الأحداث والأحكام الشريعة.
#- وهذه هي السور الأربعة التي أظهرت حوار النبي لوط مع قومه حسب ترتيب النزول وهي (الأعراف – النمل – الشعراء –
العنكبوت):
1- قال تعالى: (وَلُوطًا إِذْ
قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ
(80) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ
الرِّجَالَ شَهْوَةً
مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (81) وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا
أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (82)
فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ) الأعراف: 80-83.
2- قال تعالى: (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ
وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (54) أَئِنَّكُمْ
لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً
مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (55) فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ
قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ
(56) فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ
الْغَابِرِينَ (57) وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ) النمل:54-58.
3- قال تعالى (كَذَّبَتْ
قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ (160) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا
تَتَّقُونَ (161) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (162) فَاتَّقُوا اللَّهَ
وَأَطِيعُونِ (163) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا
عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (164) أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ
(165) وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ (166) قَالُوا
لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَالُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ (167) قَالَ
إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ (168) رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا
يَعْمَلُونَ (169) فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (170) إِلَّا عَجُوزًا
فِي الْغَابِرِينَ (171) ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ) الشعراء:
160-172.
4- قال تعالى: (وَلُوطًا إِذْ قَالَ
لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ
مِنَ الْعَالَمِينَ (28) أَئِنَّكُمْ
لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي
نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَمَا
كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ
كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (29) قَالَ
رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ
الْمُفْسِدِينَ) العنكبوت:28-30.
#- فإذا علمت ما سبق أخي
الحبيب .. فإليك ما أظنه في ترتيب أحداث حوار دعوة النبي لوط عليه
السلام لقومه ومناقشته معهم .. وذلك حسب سياق ألفاظ القصة وليس حسب ترتيب النزول
.. وبالله التوفيق.
#- أولا: سورة الشعراء .. هي أول أحداث
قصة النبي لوط مع قومه.
- قال تعالى (كَذَّبَتْ
قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ (160) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا
تَتَّقُونَ (161) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (162) فَاتَّقُوا اللَّهَ
وَأَطِيعُونِ (163) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا
عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (164) أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ
(165) وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ (166) قَالُوا
لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ (167) قَالَ
إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ (168) رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا
يَعْمَلُونَ (169) فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (170) إِلَّا عَجُوزًا
فِي الْغَابِرِينَ (171) ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ) الشعراء:
160-172.
#- هذا المشهد من قصة النبي لوط
.. يرشد إلى بداية ما حدث في قصة النبي لوط مع قومه .. وهذا لأسباب:
أ- أن النبي لوط أكتسب صفة الأخوة بينهم (قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ) .. وهذا يدل على أنه كان باقيا فيهم فترة زمنية
طويلة .. ولعله كان متواجدا بينهم قبل ظهور هذه الفاحشة فيهم وجاءت إليه النبوة
وهو في وسط هؤلاء القوم.. أي لم يذهب إليهم نبيا مرسلا من الله من البداية بل أن
النبوة حدثت له أثناء تواجده بينهم.
- ويؤكد ما ذهبت إليه: أنه لو كان ذهب إليهم وهم على العصيان
والفحشاء لكانوا فعلوا به ما يفعلوه بالغرباء الذين ياتون إليهم من الرجال..، وإن
كان لفظ الأخوة يكشف لنا أنه كان قائما فيهم فترة زمنية طويلة حتى اكتسب وصف أنه أخوهم
ولم يكن منهم أصلا كما سبق وأوضحنا ذلك.
- وهذه هي السورة الوحيدة التي أظهرت لفظ الأخوة في محاورة لوط مع قومه
وذلك من قوله (أخوهم لوط) .. فدل ذلك على أن هذه كانت البداية .. وكأن
الله يخبرنا أن لوط حينما تم تبليغه بالنبوة ليكون رسولا لقومه فقد حدث ذلك بعد
بقاءه فترة زمنية معاشرا لهم وساكن بينهم.
ب- قول النبي لوط (إني لكم رسول أمين)
تكشف لنا حقيقة أخرى لبداية القصة وهي أن لوط عليه السلام .. ذهب إليهم وهم
يعرفونه .. لأن كلمة (أمين) تعني
أنه كان مشهورا بينهم بهذه الصفة لأن صفة الأمانة لا تظهر بالكلام وإنما بالممارسة
وتجربة حال هذا الشخص بين الناس حتى اشتهر بهذه الصفة بينهم .. وبالتالي فهو بدأ
بدعوتهم بكونه رسولا إليهم ثم ذكرهم بأنه لطالما كان أمينا فيهم .. ومن كان أمينا
مع الناس فلا يخون الناس في كونه رسولا من الله ..
- وتعريف الأنبياء بأنفسهم لقومهم .. إنما يكون دائما في بداية دعوتهم إلى
طريق الله.
ج- طمأنة لوط لهم بأنه لا يأخذ أجر على ما يفعله (وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ) .. وذلك لمحو شبهة سوء الظن من أنفسهم .. إذ
لعله أتى يفعل ذلك طلبا لمال أو لسلطة دينية .. وهذا القول من النبي لوط لا يقال
إلا في بداية دعوة .. لأنه يعرف عن نفسه أو يقدم نفسه لقومه ولكن هذه المرة ليس
كلوط المواطن معهم وإنما لوط الرسول من الله إليهم.
د- أسلوب التوجيه للنبي لوط مع قومه .. بدأ بأسلوب استفهامي فيه إنكار ولكن بصورة
مخففة عما قيل في باقي السور فقال لهم (أَتَأْتُونَ
الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ) .. فهو استفهام منه بصيغة
إنكار لهم ولكن بأسلوب مهذب فيه حكمة كأنه قال لهم: أتفعلون هذا الفعل يا قوم وهذا لا
يليق بكم فعله .. إذ لا يليق بمكتملي الرجولة أن يفعلون ذلك بمثلهم.
هـ- قولهم (لَئِنْ لَمْ
تَنْتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ) .. هذا كان تحذيرا منهم للوط بأن يتوقف عن
نهيهم عما يفعلوه وإلا سيطردوه خارج قريتهم .. وهذا دليل على أنه لم يكن منهم .. وكأنهم
يقولون له باللهجة المصرية: "عاوز تقعد بينا فاقعد وأنت ساكت وما توجعش
دماغنا".
و- رد فعل النبي لوط كان (قَالَ إِنِّي
لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ) أي أكد على رفضه لعملهم هذا بأنه مبغض
له بغضا شديدا ومنكرا له إنكارا .. وهذا يدل على أنها كانت أول جولة حوار له معهم
.. إذ أنه اكتفى بإثبات حاله أمام ما يفعلوه حتى لا يظنوا أنه موافق لما يفعلوه ..
حتى يعلموا أن كل مرة سياتيهم سيكون منكرا لهم ما يفعلوه.
ز- قوله (رَبِّ نَجِّنِي
وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ) أي رب نجني وأهلي
مما يعمل هؤلاء من المنكرات التي يقومون بفعلها .. فلا تصيبنا بهذا
البلاء الذي أصابهم .. وكأن النبي لوط عليه السلام يقول: اللهم لا تفتنا بما
يفعلوه .. واكتب لنا النجاه من فعلهم فلا نفعله ولا يُفعل بنا .. واكتب لنا النجاة
من غضبك بسبب ما يفعلوه من هذه الفاحشة.
- ولم يدعو عليهم لوط عليه
السلام كما فعل في سورة العنكبوت .. وإنما اكتفى بالدعاء إلى
الله بالنجاة له ولأهل بيته من هذا الفعل الحقير الذي يفعله هؤلاء .. بل وشمل نفسه
في الدعاء بالرغم من كونه نبيا مرسلا .. وذلك حتى تعلم أنه لا يوجد أحد كبير على نزول
البلاء به إلا من اعتصم بربه .. وقال يا رب أدخلني في عنايتك ومعيتك حتى لا أعصيك
ونجني من القوم الظالمين.
======
#- ثانيا: سورة الأعراف .. فيها ما دار من حوار
ثاني للنبي لوط مع قومه.
- قال تعالى: (وَلُوطًا إِذْ
قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ
(80) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ
الرِّجَالَ شَهْوَةً
مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (81) وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ
مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (82) فَأَنْجَيْنَاهُ
وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ) الأعراف: 80-83.
#- في هذا الجزء من الحوار بين
النبي لوط وقومه .. فأحسبه من أواسط الحوارات التي تمت بين لوط وقومه .. وأظن
أن هذه الآيات تأتي في الترتيب الثاني لقصة النبي لوط مع قومه .. وإليك الأسباب:
أ- في هذه السورة بدأ النبي لوط بالتوضيح أكثر لهم في حقيقة ما
يفعلوه .. وذلك بإعلان أن فعلهم هذا هو الفاحشة بعينها (أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ) وهي التي لا ورائها
فاحشة في العلاقات الجسدية..، وأن فعلهم هذا لم يسبقهم إليه أحد (مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ).
ب- ثم حكي لهم النبي لوط ما يفعلونه بقوله (إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ) وهو خبر يفيد
إقرار فعلهم في الواقع .. وأكده بحرف إن و حرف اللام .. ليفيد التقرير بتحقيق هذا
الفعل منهم .. وأنه ليس مجرد كلام يظنه بل واقع موجود.
- وكأن النبي لوط يقول لهم في اندهاش منهم: أنتم تفعلون هذا الجماع بالرجال وتتركون جماع
النساء الأطيب لكم .. أين عقولكم يا قوم ؟!! ولكن أنتم قوم محبون لما أسرفتم فيه حتى
لم يعد لكم شيئا من الضمير يجعلكم تلومون فيه أنفسكم على فعلكم.
ج- قوله (مسرفون) .. يدل على أنه بدأت الشهوة تتمكن منهم ويزيدون
فيها .. وكأنها لم تكن تمكنت منهم من قبل .. وهذا اللفظ أتى لبيان بداية استحسانهم
لهذه الشهوة .. وانجذاب الناس إلى هذا الفعل .. وانتشار الفاحشة في القرية .. وكأنه
أصبح لهذه الفاحشة قانون يحميها.
د- قول الله عن رد فعل قوم
لوط: (وَمَا كَانَ جَوَابَ
قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ) .. حرف
الواو يدل على ترتيب الأحداث ولكن مع التراخي في رد فعل القوم .. وكأن خبر اعتراض
لوط بدأ ينتشر في القرية وظهر الخبر في صورة أن هناك من يعترض على نكاح الرجال للرجال.
- وكأن القرآن يظهر رد فعل قرية
لوط على مجرد رأي .. ولعل أكثر الناس لم يعرف من هو صاحب هذا
الرأي .. وحدث استطلاع للآراء دون ذكر صاحب الرأي .. ولذلك قال الناس (أخرجوهم) لعدم معرفتهم بمن صاحب هذا الرأي أو من هم
القائلين بذلك .. وقولهم (من قريتكم) كأنهم
قالوا: أكيد أصحاب هذا الرأي هم ناس لا ينتمون إلينا وإلا كانوا ارتضوا بما نفعله.
د- ولعلهم جميعهم قد علموا أن صاحب الرأي هو لوط .. فطالبوا بخروجه وأهله من القرية .. ولم يصرحوا
باسمه لبقاء احتمالية رجوعه عما يفعله .. لأن لوط كان فيهم هو رجل حكيم وذو علم
ومكانة .. وكأن اعتراضهم هذا كان تحذير منهم له .. فذكروا اعتراضهم وكأن صاحب هذا
الرأي مجهولا لهم لم يريدوا التجريح في شخصه وإنما في رأيه .. وكأنهم يقولون: المعترض على أحوالنا اطردوه خارج قريتنا.
#- إذن: ما أحسبه في آيات سورة الأعراف .. أنه قد بدأ انتشار تحذير لوط لقومه بصورة قوية
من خلال انتشار الخبر .. ومن هنا بدأ الإعتراض المجتمعي على من يخالفهم في فعلهم
الفاحشة .. وأتى رفضهم على مجرد الرأي .. بغض النظر عمن قال بهذا الرأي.. ولم
يريدوا التجريح في الشخص نفسه وإنما اكتفوا بالتجريح في مجرد الرأي.
======
#- ثالثا: سورة النمل .. فيها ما دار من حوار
ثالث للنبي لوط مع قومه.
- قال تعالى: (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ
وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (54) أَئِنَّكُمْ
لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً
مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (55) فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ
قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ
(56) فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ
الْغَابِرِينَ (57) وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ) النمل:54-58.
#- في هذا الجزء من الحوار بين
النبي لوط وقومه .. فأحسبه من أواسط الحوارات التي تمت بين لوط وقومه .. وأظن
أن هذه الآيات تأتي في الترتيب الثالث لقصة النبي لوط مع قومه .. وإليك الأسباب:
أ- ازدياد حالة الإندهاش من النبي لوط لما يفعلوه حتى
قال منكرا لهم: (أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ
تُبْصِرُونَ) ؟!! أي وأنتم عراة وعلى الملأ وفي وضح النهار ..!!
- وكأن النبي لوط يرد على إنكارهم لتوجيهه لهم بالتوقف عن
مضايقتهم .. ورغبتهم في طرده .. فقال لهم مستفزا فيهم حيائهم عسى أن يتحرك ضميرهم فقال:
(وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ) وكأنه يقول لهم:
أتعقلون ما تفعلونه بأنفسكم وغيركم .. بل أين ذهب حيائكم ..؟!!
ب- ارتفاع مستوى الإنكار من النبي لوط لقومه فقال: (أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ) فهذه المرة لم يكن
يحكي ما يفعلون .. وإنما وضع الحوار في صورة استفهام يفيد الإنكار الشديد فأتى بألف
الإستفهام (أإنكم) .. بخلاف في سورة الأعراف قال(إنكم) على سبيل الخبر والحكاية.
ج – قوله (فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ) حرف الفاء يدل على التعقيب السريع .. وكأن
أهل القرية انفعلوا بقوة هذه المرة بسبب اتهام النبي لوط لهم بأنهم يفعلون أفعال
الجهلاء أو أنهم يجهلون ما سيحدث بهم من العذاب وسيكونوا من أصحاب الجحيم إن لم
ينتهوا عما يفعلوه.
د- قول النبي لوط لقومه (بَلْ
أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ) ولم يقل جاهلون .. بل اتهم فعلهم بأنه من أفعال الجهلاء ..، أو
قالها بمعنى: أنتم تجهلون حقيقة ما سيحدث لكم إن لم تتوقفوا عن فعل تلك الفاحشة ..
وتؤمنون بالله وتطيعوه.
هـ- ولما وصف النبي لوط أفعالهم بفعل الجهلاء .. هنا أظهروا اسم لوط إنكارا عليه .. وذلك للدلالة
على أن هؤلاء المتبعين للوط عليهم الرحيل من القرية فورا فقالوا: (أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ) .. وكأنهم
قد بلغ بهم الأمر من لوط أنهم لم يطيقوه هو ومن يؤمن به.
======
#- رابعا: سورة العنكبوت .. هي آخر
حوار للنبي لوط مع قومه.
- قال تعالى: (وَلُوطًا إِذْ قَالَ
لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ
مِنَ الْعَالَمِينَ (28) أَئِنَّكُمْ
لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي
نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَمَا
كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ
كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (29) قَالَ
رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ
الْمُفْسِدِينَ) العنكبوت:28-30.
#- نجد أن الآيات في سورة
العنكبوت .. تشير إلى أن هذا كان آخر حوار بين النبي لوط وقومه ..
وبيان ذلك في الآتي:
أ- قول النبي لوط لقومه (لَتَأْتُونَ
الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ) قد
جمع لهم ما قاله سابقا لتأكيد حقيقة أن ما فعلوه هو الفاحشة بعينها ولم يسبقهم لها
أحد .. مهما هددوه من الإخراج من القرية كما حدث في سورة النمل فهو لن يتراجع عن
موقفه .. ثم زاد على ذلك فقال لهم: (لَتَأْتُونَ
الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ) ..
ونلاحظ أن الإتهام قد زاد بصورة ملفتة للنظر وكأن النبي لوط في إنكاره عليهم ما
يفعلوه .. فهو يريد إثبات التهم عليهم التي يفعلوها التي زادت مع مرور الوقت .. ويظهر
من الحوار أن النبي لوط قد بلغ به الأمر من الضيق والخنقة مما يفعلوه مبلغا شديدا ..
إذ الفجور قد تطور لما يستحيل السيطرة عليه.
ب- وقوله (فَمَا) حرف الفاء يدل على السرعة في الجواب على النبي
لوط بقولهم (ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ)
.. وكأنهم يقولون له: قد مللنا منك يا لوط ومن كثرة توجيهاتك لنا .. وهذا آخر حوار
لك معنا .. فإن (كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) فاظهر
علامة صدقك (ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ) فائتنا
بهذا العذاب الذي تزعمه.. ولا تأتينا المرة القادمة إلا بهذا العذاب .. ولا كلام
لك معنا بعد الآن ولن نسمح به.
ج- وفي هذه السورة وهي سورة
العنكبوت .. قال لوط لأول مرة (قَالَ رَبِّ
انْصُرْنِي) .. وكانت هذه أول مرة يظهر فيها الدعاء بالنصر من الله من
لوط.. وهذا معناه أنه تيقن أنه لا فائدة من دعوتهم إذ قد تمكن الشر والفساد في
نفوسهم حتى أصبح طبع فيهم ..، فضلا عن أنه لا يوجد نبي يدعو على قومه إلا بإذن من
الله .. وهذا معناه أن النبي لوط قد أتاه الإذن بطلب تأييد دعوة الحق على فعل
الباطل.
- ونفهم مما سبق: أن الآيات التي أتت في سورة العنكبوت .. كانت
هي ختام المناقشات وما كان فيه من توجيه النبي لوط إلى قومه .. والذي ترتب عليه
أن تجنبهم .. وانتظر أمر الله فيما سيكون التوجيه له بعد ذلك.
=======
#- وخلاصة القول أخي الحبيب:
1- أن الذي أظنه من ترتيب
أحداث الجزء الأول من قصة النبي لوط في حواره مع قومه .. وذلك من خلال أربعة سور قرآنية هي التي ظهر
فيها هذا الحوار .. فأجد أن ترتيب هذا الحوارات بدأت من سورة الشعراء ثم سورة الأعراف
ثم سورة النمل ثم سورة العنكبوت وهي آخر الحوارات بين لوط وقومه في دعوتهم ..
2- كل ما سبق في هذا الفصل .. إنما هو محض اجتهاد مني في ترتيب أحداث سياق حكاية
حوار النبي لوط مع قومه .. مع الإشارة لبعض المفردات التي تؤكد ما ذهبت إليه .. وهذا
يساعد في فهم الجزء الأول من القصة .. وهو مواجهة النبي لوط مع قومه وما دار بينهم
من حوارت.. وأرجو من الله أن أكون وفقت في ذلك.
- فما ذكرته من ترتيب أحداث
قصة النبي لوط في حواره مع قومه .. سيكشف لنا الإنفعالات المختلفة بين النبي لوط وقومه ..
وكيف أظهرها القرآن بصورة عجيبة جدا في ألفاظ قليلة .. وكيف أظهرت المحاورات بين
لوط وقومه فيها عزيمة النبي لوط وأيضا انفعالاته .. وكذلك انفعالات قومه ناحيته وما
كانوا سيفعلونه به.
- فالسياق القرآني يعلو بأداء تشويقي عجيب جدا .. ويعلو الشغف بداخلك
في معرفة ما حدث كلما انكشف لك معنى جديد في الآية .. ؟!! وكل هذا من خلال الرجوع
للسور الأربعة التي تكلمت عن حوار النبي لوط مع قومه وهي مجرد بضع آيات.
- ويفيدنا ترتيب الأحداث في فصول قادمة من الرسالة إن شاء الله .. في معرفة
كلمات ظهرت في الآيات ودلالتها .. مثل الفرق بين (الذكران)
و (الرجال) ..، ودلالة قوله (ما سبقكم بها من أحد) .. والفرق بين اتهامات النبي
لوط لقومه (عادون) (مسرفون)
(تجهلون) ودلالة هذه الألفاظ .. التي تكشف جوانب
مختلفة حدثت في القصة .. وأرجو من الله التوفيق في تحقيق ذلك .. والله ولي
التوفيق.
#- ملحوظة: سبب الإجتهاد فيما سبق .. هو أن ما بين يدي
من مصادر علمية لم أجد فيه مطلبي بالصورة التي كتبتها .. خاصة وأن كتب التفسير تهتم
بتفسير الآيات بأماكن تواجدها في كل سورة.
- والله أعلم.

اللهم صلى على محمد وآل محمد 🌹
ردحذفاللهم ارزقني حبك وحب نبيك 🌸
يارب بالمصطفى بلغ مصاقدنا 🕊️
قلوب ❤️ تحب الحياة وتزرع الأمل ..
ردحذف😊دور على الحاجات البسيطة اللي بتخلي خدودك دي تتحرك ..
اللي بتلاقي نفسك بتبتسم معاها واعملها ..
ما تنتظرش الشئ الكبيييير اللي لازم يحصل عشان يغير حياتك لأ..
😊دور على أبسط الأشياء وأسهلها اللي هي ممكن تخليك تبتسم وتكسبك راحة نفسية ..
ما تخليش الأحزان تكسرك وتهزمك وتدخلك في حالة يأس ..
سواء الأحزان سواء الآلام النفسية سواء الأشخاص المؤذيين .. كلها من اختبارات الحياة لنا شئنا أم أبينا .. ولازم نتعامل معاها ..
أحسن الأمور اللي خليتني اتعامل معاها طول عمري كنت بقول الحمد لله وخير إن شاء الله..
لأن مفيش بديل تاني أنت تقدر تستخدمه في مواجهة هذه الأمور..
😊مش قدامك غير أنك تبتسم للقدر ابتسامة رائعة وتقول ماض في حكمك عدل في قضائك .. ده مفهوم الإبتسامة ..
لما كان بيحصل معي مشاكل كنت برفع وشي للسما وابتسم واقوله أكيد انت تقصد تضحكني .. أكيد أنت تقصد تضحكني من المشكلة والمصيبة اللي أنا فيها ..
كنت بخد الأمور بضحك يعني وجوايا بقول ماضي في حكمك عدل في قضاؤك ..
😊بخد الأمور بحاول اعديها بابتسامة حتى ولو أنا مش في وضع يؤهلني أن أبتسم ..
😊 لكن كنت بسرق الإبتسامة بالعافية بأنتزعها من نفسي عشان مخليش الحزن يكسرني أو الألم يكسرني ..
لأ .. هضحك وابتسم وهحاول أخلي وشي يعرف للابتسامة طريق بأي طريقة من الطرق ..
لازم ألاقي طريق مأستسلمش به للحزن ولا للألم النفسي وأسيب ربنا يدبر ..
أ / خالد أبو عوف
ماشاء الله ..
ردحذفاستمتعت كثيرااا بهذا الجزء
وتأثرت في ذات الوقت بسيدنا لوط عليه السلام واشفقت عليه .. وتذكرت سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم وصدق لما سئل عن اشد الناس بلاء قال الانبياء .. عليهم منا جميعا الصلاة والسلام .
اجتهاد موفق وترتيب راااائع لأحداث القصة ..
اعطى للقصة روح جديدة ..
وازددت شوقااااا للقادم ..
امدك الله بمدده استاذنا الفاضل
آمين ياارب العالمين
بوركت استاذ خالد
ردحذفإن شاء الله موفق في هذا الترتيب
مما وجدت له أثر في الفهم العميق
شكراً جزيلاً استاذ خالد
اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم
ما الفرق بين (البصر) و(النظر)؟ ولماذا أُمرنا بغضّ البصر لا غضّ النظر؟
ردحذفقال الله تعالى:
﴿وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ﴾
تُظهر لنا هذه الآية العظيمة أن هناك فرقًا دقيقًا لكنه عميق بين الكلمتين:
النظر: هو رؤية سطحية، تلتقط الصورة دون وعي أو تفكير… مجرد مرور العين على الشيء.
البصر: رؤية أعمق وأشمل، تمتزج فيها العين بالعقل، ويصاحبها تركيز وإدراك وفهم.
ولهذا جاء الأمر الإلهي بـ غضّ البصر، لأن الخطر لا يكمن في مجرد النظر، بل في البصر حين يتحول إلى وعي وتأمل يحرّك القلب والفكر.
فليس كل من نظر رأى… وليس كل من رأى أدرك.
البصر مسؤولية، لأنه بوابة القلب والعقل معًا.
منقول
جزاك الله كل خير ورزقك السعادة في الدارين وربنا يوفق حضرتك لما يحب ويرضى يارب العالمين ويبدل حالك لأحسن حال ويكرمك بما لا يخطر على بال بحق أنه حنان منان ذو الجلال والإكرام يارب العالمين.
ردحذفراق لي ..
المواقف بتعلمنا ان مش كل الديون فلوس ... فيه ديون جدعنة ومواقف حلوة وكلمة طيبة..
حد وقف في ضهرك في أزمة كبيرة …حد سندك وقت ضعفك … حد نصحك نصيحة مخلصة وانت لايص .. حد دلك على سكة اخرها خير كبير لك … حد شجعك تكمل وانت قربت تستسلم … حد طمنك وانت مرعوب وفي قمة قلقك
دي كلها ديون … ديون معنوية كبيرة اوي … اوعى تنساها ولو مردتهاش لصاحبها …. ردها لاقرب حد محتاجها
(وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ.)
صدق الله العظيم
منقول
اللهم صل على سيدنا محمد سيد المرسلين وإمام المتقين وخاتم النبيين إمام الخير وقائد الخير ورسول الرحمه وعلى آله وسلم.
🟧(لا يكن هَمُّكَ عدد الأذكار وقرائة الأوراد فالأجدر والأحرى بِكَ أن تكون همتك وهدفك حضور قلبك مع المذكور فالعدد مكتوب وحضورك مَحْسُوب وفنَائِك بِحُبِهِ والشوق إليه هو المطلوب)
ردحذف📗مولانا إبن عجيبة
منقول
اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم.
ولما رأيت الأمر لله وحده. وأن رسول الله خير الخلائق
ردحذفتوسلت في أمري وتفريج كربتي. بأكرم مخلوق لأكرم خالق
اللهم آمين يارب العالمين
حذفالمرٱة يصيبها الغبار... وعلينا أن نهتم بإزالته كل مرة... لكي تجعل شمس الحقيقة تنكشف من جديد...
ردحذفلذلك طولبنا بتجديد النية باستمرار... حتى لا يترك للنفس مجال للظهور....
الناس تسعى للعالمية ..!! لأنهم لا يعلموا اللذة التي يتذوقها الأخفياء...
والله أعلم...
💦💙💧💙💧💙💦
اللهم صل وسلم على سيدنا محمد النبي الأمي و آله...
من_احب_الله_رأى_كل_شىء_جميل
ردحذف▪"وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا"..
▪وعد صادق من رب العالمين ﷻ.. وعد يفيض رحمة وكرمًا من الله لكل عبدٍ يسعى للتقوى.. بأن يُهيئ له طريقًا للخلاص من الشدائد مهما بدت مستحيلة..
▪فالتقوى منهج حياة.. يملأ القلب بالرضا والثقة في حكمة الله ﷻ.. ولذلك يأتي بعدها "وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ"
▪ليؤكد أن التوكل ليس مجرد شعور.. وإحساس.. بل هو عبادة قلبية تجعله يتخلص من عبء التعلق بالأسباب.. ويرى أن الله ﷻ هو المحرك والمسبب لكل شيء.. والمدبر لكل ما يحدث في هذا الكون..
▪هذا اليقين يمنح القلب السكينة.. ويجعله يواجه الحياة بثبات وثقة.. لأنه يعلم أن الله كافيه.. وأن أمره كله بيد الله الحكيم..
منقول
صباح الثقة واليقين بأن كل ما يأتي به الله جميل لأنه رب العالمين المدبر الحكيم 😍🥰❤️🌹
🕊✍....تذكير من وصايا # أ_خالد_أبوعوف
ردحذف🍀- قول يارب ، إوعى تسيب كلمة يارب ..
🍀- يارب حبل ممدود ليك في كل الأوقات ..
🍀- مهما كنت عاصي أو بعيد أو ضعيف .. قول يارب
🍀- يارب المدد الموصول إللي عمره ما بيتقطع ..
🍀-حتعدي عليك فتن ومشاكل ومصاعب خلي دايما طرف الحبل معاك يارب ..
🍀- اوعى تنسى أو تنتكس مهما حصل خلي عندك حسن ظن بالله وقول يارب ..
🍀- طول ما إنت بتقول يارب اعرف إنك في حالة أنس مع الله ..