بحث في المدونة من خلال جوجل

الخميس، 31 يوليو 2025

Textual description of firstImageUrl

ج28: قصة هاروت وماروت - معنى قوله (فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه).- ما الذي أفاده حرف (الواو) من قوله (وما أنزل على الملكين) - ما المقصود من قوله تعالى (وما يعلمان من أحد حتى يقولا) - المقصود من قوله (إنما نحن فتنة فلا تكفر).

بسم الله الرحمن الرحيم

 

رسالة التوضيح والبيان

في قصة هاروت وماروت وخاتم سليمان

وما تلته الشياطين في مملكة سليمان

والتعريف بالتفريق الذي أثبته القرآن

 

 (الجزء الثامن والعشرون)

ما هو سحر التفرقة - والمقصود بفوله يفرقون به بين المرء وزوجه

#- فهرس:

:: الفصل السابع والعشرون :: شرح لقوله تعالى: (وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ) ::

1- س78: ما الذي أفاده حرف (الواو) من قوله (وما أنزل على الملكين) ؟

2- س79: ما المقصود من قوله تعالى (وما يعلمان من أحد حتى يقولا) ؟

- أولا: المقصد من التعبير بقوله (وما يعلمان من أحد).

- ثانيا: ما فائدة (من) من قوله (وما يعلمان من أحد).

- ثالثا: قلت (خالد صاحب الرسالة) قد دلت الآية على التلقين المباشر.

3- س80: ما المقصود من قوله (إنما نحن فتنة فلا تكفر) ؟

4- س81: معنى قوله (فيتعلمون منهما ) من قوله (فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه) ؟

- أولا: المقصد من لفظ (فيتعلمون) هو أحد أمور.

- ثانيا: والمقصد من لفظ (منهما) في قوله (فيتعلمون منهما).

5- س82: معنى قوله (ما يفرقون به بين المرء وزوجه) ؟

#- أولا: مفهوم التفرقة بين المرء وزوجه عند العلماء ..

#- ثانيا: المقصد من قوله (به) من قوله :(يفرقون به بين المرء وزوجه):

#- ثالثا: المقصد من لفظ (المرء) و (زوجه) في الآية.

#- رابعا: المعنى العام للآية وسبب تخصيص ذكر هذا النوع من السحر.

================

:: الفصل السابع والعشرون ::

================

..:: س78: ما الذي أفاده حرف (الواو) من قوله (وما أنزل على الملكين) ؟ ::..


- قال تعالى: (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) البقرة:102.

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- حرف العطف (الواو) في قوله (وما أنزل): إما أنه يعود على كلمة (السحر) من قوله (يعلمون الناس السحر) ..، أو العطف يعود على كلمة (تتلوا) من قوله (واتبعوا ما تتلو الشياطين).

 

1- فلو كان العطف على كلمة السحر .. فيكون المقصد من العطف حينئذ أحد أمرين:

- الأول: إما أنه لتغاير الإعتبار .. فيكون علما خلاف السحر .. أو فرعا من السحر سواء أقل في التأثير أو أكبر منه في التأثير.

- الثاني: وإما أنه للتنبيه على أصل منشأ السحر .. وأنه كان مما أنزل على الملكين.

 

2- ولو كان العطف على كلمة تتلوا .. فيكون المعنى حينئذ هو أنهم اتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما أنزل على الملكين .. فيكون المقصد حينئذ هو توضيح جريمتين فعلهما اليهود .. وهي جريمة تكفيرهم لسليمان .. وجريمة أتباعهم ما أنزل على الملكين ببابل في التفريق بين الزوجين..

 

#- قال الإمام البيضاوي رحمه الله (المتوفى: 685هـ):

- (وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ):

- عطف على (السحر) والمراد بهما واحد .. والعطف لتغاير الاعتبار ..، أو المراد به نوع أقوى منه ..، أو على (ما تتلو). (تفسير البيضاوي ج1 ص97).

 

*******************

 

..:: س79: ما المقصود من قوله تعالى (وما يعلمان من أحد حتى يقولا) ؟ ::..


- أولا: المقصد من التعبير بقوله (وما يعلمان من أحد حتى يقولا).

1- قال الطاهر بن عاشور رحمه الله (المتوفى:1393 هـ):

- وقوله: (وما يعلمان من أحد): جملة حالية من (هاروت وماروت) ..

- و (ما) نافية .. والتعبير بالمضارع لحكاية الحال .. إشارة إلى أن قولهما لمتعلمي السحر إنما نحن فتنة .. قول مقارن لوقت التعليم لا متأخر عنه. (التحرير والتنوير ج1 ص643).

 

2- وجاء في التفسير الوسيط لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر:

- وقد دلت الآية على: أن تعلم السحر كله غير محظور .. وإنما المحظور منه ما يؤَدى بصاحبه إلى الكفر .. باعتقاد فاعلية الشيطان، والكواكب، وألوهيتها، أَو السجود لها أو لصنم أو غير ذلك مما ينافى الإيمان.

- فالمقصود من قوله (فَلاَ تكْفُرْ): أي لا تكفر بما يخالف شروط الإيمان من قول أو عمل أَو اعتقاد. (التفسير الوسيط لمجمع البحوث الأزهري – ج1 ص157).

 

- ثانيا: ما فائدة (من) من قوله (وما يعلمان من أحد):

#- قال الإمام بن عادي الحنبلي رحمه الله (المتوفى:775 هـ):

- و (من) زائدة لتأكيد الاستغراق لا للاستغراق .. لأن (أحداً) يفيده ...، بخلاف: "ما جاء من رجل" فإنها زائدة للاستغراق. (تفسير اللباب في علوم الكتاب ج2 ص343).

 

- ثالثا: قلت (خالد صاحب الرسالة) قد دلت الآية على التلقين المباشر.

#- دلت الآية على وجود تلقين مباشر بين الملكين وبين من أخذ عنهما العلم .. بدلالة قوله (وما يعلمان من أحد) فدل التخصيص على أن كل شخص يتعلم من الملكين يقوما بتحذيره مباشرة وجها لوجه قبل تلقينه .. ويحذرانه بأنهما فتنة فلا تكفر يا هذا.

- وسبب توضيح هذه الجزئية .. هو أن اليهود محتمل يكون نزل فيهما هذين الملكين وتعلموا منهما مباشرة .. لأن هذين الملكين لا يعرف قصتهما إلا اليهود .. ولا يمكن أن يكون علم الملكين إليهما بواسطة .. وإلا فما هي الواسطة ..!!

 

#- وكذلك دل قوله (وما يعلمان من أحد) على أن ما قام بتعليمه الملكين إنما هو علم له ضوابط وأسباب معينة لو تعلمها إنسان لوصل إلى مبتغاه .. والله أعلم.


******************

..:: س80: ما المقصود من قوله (إنما نحن فتنة فلا تكفر) ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- الذي عليه جمهور المفسرين .. أن المقصد أنهما كان محلا للفتنة فيما يعرفان من العلم .. وجاء لفظ (الفتنة) بالمصدر للدلالة على تحقق الفتنة منهما لمن سيتعلم منهما ولم يتبع نصيحتهما التي هي (فلا تكفر) .. وهذا الكفر لا يكون إلا بالعمل بما يعلماه .. وليس لمجرد العلم وإلا كان الملكين كافرين لمعرفتهما بهذا العلم .. !!

 

- ثم كان من حالهما قبل تعليم العلم لأي أحد .. فهما يحذرانه أن سبب وجودهما هو اختبار وامتحان للمطيع والعاصي .. فمن ابتعد ولم يتعلم أو تعلم ما معهما من العلم ولا يعمل به بما يؤدي للكفر .. فهو على خير .. ومن تعلم وعمل به معتقدا في تأثير هذا العلم بذاته في التفرقة فقد كفر .. وليس له نصيب من رحمة الله في الآخرة ..  

 

- والذي عليه غالب جمهور المفسرين .. أن ما نزل على الملكين على اختلافهم بين كونهما ملكين أو شخصين) .. إلا أنهم يتفقون أنه نوعا من السحر.

 

- والبعض من المفسرين .. قال أن الفتنة هي النهي عن السحر والإلتزام بطاعة الله ومنهجه .. وظهور فتنتهما من خلال الكشف عن الباطل الذي كانوا يعيشون فيه..

 

#- قال الإمام الواحدي رحمه الله (المتوفى:468 هـ) فيما ذكره من آراء:

- (إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ) أي: محنة من الله نُخبرك أنَّ عملَ السحر كفر بالله، وننهاك عنه، فإن أطعتنا في ترك العمل بالسحر نجوتَ، وإن عصيتنا في ذلك هلكتَ. (التفسير البسيط ج3 ص201).

 

 #- قال الإمام الماوردي رحمه الله (المتوفى: 450 هـ):

- وفي قوله (فَلا تَكْفُرْ) وجهان:

- أحدهما: فلا تكفر بالسحر.

- والثاني: فلا تكفر بتكذيبك لنهي الله عن السحر. (الحاوي الكبير ج13 ص93).

 

@- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- سبق التعقيب على هذه الآراء في فصول سابقة .. وباختصار أقول:

أ- لو كان ما أنزل به على الملكين هو سحرا .. فقد اتفق فعلهما مع فعل الشياطين .. ودخل الشك في كل النبوات .. !! فضلا عن أن الآية لم تذكر أن الذي نزل على الملكين هو سحرا ..!!

- وأكيد لو هما ملكين ويقدمان سحرا فليس فيه استعانة بالشياطين .. وطالما ليس فيه استعانة بالشياطين .. فهذا ليس كفر .. وإنما قد يكون لونا آخر من مشابه للسحر من حيث اللفظ وليس من حيث الفعل .. والكفر معناه حينئذ هو كفر بالنعمة وليس كفر بالمنعم جل جلاله .. (وهذا سأوضحه في فصل منفصل لوحده حينما أذكر رأيي في تفسير الآية).

 

ب- ولو كان فتنة الملكين هي نهيهما عن فعل السحر .. فما وجه الفتنة حينئذ ؟!! إذ أن النص القرآني يظهر أن ما كان معهما فيه فتنة لمن سيتعلمه بدليل أن البعض منهم تعلم ما يفرق به بين المرء وزوجه .. وهذا لا وجود له في تعاليم الدين .. وإنما من خلال سحر شيطاني .. أو من خلال الكيد الإنساني (النميمية والوقيعة) .. أو من خلال العلم المادي الإنساني بطرق خبيثة مثل استخدام السموم والمخدرات .

 

@- وعموما لي رأي خاص في التفسير .. سيتم ذكره قريبا إن شاء الله .. والله ولي التوفيق.

 

**********************

 

..:: س81: معنى قوله (فيتعلمون منهما ) من قوله (فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه) ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- أولا: المقصد من لفظ (فيتعلمون) هو أحد أمور.

أ- إما الناس .. يتعلمون من الملكين .. وهم المقصودين في الآية السابقة (وما يعلمان من أحد) فلفظ (أحد) يعود على مجموع من طلبوا التعليم فأصبحوا جمعا (يتعلمون) ..

- قلت خالد صاحب الرسالة: "وهذا يوحي بنزول الملكين في زمن غير زمن اليهود – وهنا يقال كيف عرف اليهود علم الملكين حينئذ ؟".

ب- وإما هم اليهود .. فيتعلمون اليهود من سحر الشياطين والملكين.

ج- وإما الشياطين .. أي يتعلمون مما كان أنزل على الملكين فيعلمونه للناس والذين منهم اليهود.

 

#- قال الإمام الطاهر بن عاشور رحمه الله (المتوفى:1392 هـ):

- والضمير في (فيتعلمون) راجع ل (أحد) .. الواقع في حيز النفي مدخولا لمن الاستغراقية في قوله تعالى: (وما يعلمان من أحد) فإنه بمعنى كل أحد .. فصار مدلوله جمعا. (التحرير والتنوير ج1 ص644).

 

#- قال الإمام أبو جعفر الطبري رحمه الله (المتوفى:310 هـ):

- قال أبو جعفر: وقوله جل ثناؤه: (فيتعلمون منهما) ، خبر مبتدأ عن المتعلمين من الملكين ما أنزل عليهما .. وليس بجواب لقوله: (وما يعلمان من أحد) ، بل هو خبر مستأنف .. ولذلك رفع فقيل:"فيتعلمون"..

- فمعنى الكلام إذًا: وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة .. فيأبون قبول ذلك منهما .. فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه.

 

#- وقد قيل: إن قوله: (فيتعلمون) ، خبر عن اليهود .. معطوف على قوله: (ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت(فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه) . وجعلوا ذلك من المؤخر الذي معناه التقديم. (تفسير الطبري ج2 ص445).

 

#- وقال الإمام عبد القاهر الجرجاني رحمه الله (المتوفى:471 هـ):

- عند قوله: (وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين):

- وظاهر الآية: يقتضي أن الشياطين كانوا يعلِّمون الناس نوعين من السحر: ما هو من تلقاء أنفسهم .. وما أخذوه من (هَارُوتَ وَمَارُوتَ). (درج الدرر في تفسير الآيات والسور ج1 ص251).

 

#- ثم قال الإمام الجرجاني عند قوله: (فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه):

- ويحتمل: أن يكون الفعل في قوله: (فَيَتَعَلَّمُونَ) للشياطين فيكون معطوفًا على قوله: (يُعَلِّمُونَ) .. وتعليمهم السحر كاستراقِهِمُ السمعَ أو نحوه.ويحتمل أن يكون الفعل للاثنين فيكون معطوفًا على مضمر وتقديره: فيأتون فيعلّمان فيتعلَّمون. (درج الدرر في تفسير الآيات والسور ج1 ص252-253).

 

- ثانيا: والمقصد من لفظ (منهما) في قوله (فيتعلمون منهما):

#- قال الإمام أبو الحسن الماوردي رحمه الله (المتوفى:450 هـ):

- (فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ) .. في المراد بقوله (منهما) ثلاثة أوجه:

- أحدها: يعني من هاروت وماروت.

- والثاني: من السحر والكفر.

- والثالث: من الشيطان والملكين .. فيتعلمون من الشياطين السحر، ومن الملكين ما يفرقون به بين المرء وزوجه. (تفسير النكت والعيون ج1 ص168).

 

#- لعل الإمام الماوردي يقصد بلفظ (السحر والكفر): أنه يعود على الفتنة، وعلى الكفر المفهوم من قوله: (فلا تكفر).. والله أعلم.

 

3- وقد دل قوله (فيتعلمون منهما): على التلقين المباشر كما سبق وأوضحنا ..

 

*********************

 

..:: س82: معنى قوله (ما يفرقون به بين المرء وزوجه) من قوله (فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه) ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- المعنى: فيتعلم الناس من الملكين علما يتم استخدامه في التفرقة بين المرء وزوجه .. أي التفرقة بين الزوجين لخراب البيوت.

 

- وهنا ثلاث معان .. تتعلق بلفظ (يفرقون) ولفظ (به) ولفظ (زوجه).

 

#- أولا: مفهوم التفرقة بين المرء وزوجه عند العلماء ..

- هو نشر البغضاء أي كثرة المشاكل والكراهية (بدون أسباب منطقية) حتى الوصول للطلاق أو الربط عن القدرة على الجماع في العلاقة بين الزوجين .. هذا محصل ما تم كتباته في كتب التفسير .. والوسيط عندهم هو السحر .. وقد وجدت أحد التفاسير جمع هذين الرأيان بكلمتين فقط:


#- قال الإمام عبد القاهر الجرجاني رحمه الله (المتوفى:471 هـ):

- (ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ): البغضاء والتّأخيذ. (درج الدرر في تفسير الآيات والسور ج1 ص253).


- معنى (التأخيذ): معناه سحر الربط أو الثقاف .. والمقصد به منع القدرة على الجماع بين الطرفين..، فلا المرأة يمكن الدخول إليها لوجود مثل سدد عائق من جماع الرجل معها ..، ولا الرجل يستطيع أن ينتصب عضوه وقت رغبته في الجماع ..، وقد يحدث الربط لكلاهما أو لأحدهما.

 

#- وقال الإمام الواحدي رحمه الله (المتوفى:468 هـ):

- وقوله تعالى: (مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ): وهو أن يُؤَخَّذَ كل واحد منهما عن صاحبه .. ويبغَّضَ كلُّ واحد إلى الآخر. (التفسير البسيط ج3 ص208).

 

#- وقال الإمام الطاهر بن عاشور رحمه الله (المتوفى:1393 هـ):

- وهذا التفريق يكون: إما باستعمال مفسدات لعقل أحد الزوجين حتى يبغض زوجه .. وإما بإلقاء الحيل والتمويهات والنميمة حتى يفرق بينهما. (التحرير والتنوير ج1 ص644).

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة): وقد يكون مفهوم التفرقة قد تكون أوسع من ذلك .. إذ قد تكون التفرقة كما قال العلماء بالبغضاء والتأخيذ من خلال السحر .. وقد تكون بسبب القتل .. أو بالخيانة .. أو بالجنون والهلوسة .. والوسيط في ذلك هو العلم بخصائص الأشياء الطبيعية .. وسيأتي توضيح ذلك بالتفصيل في فصل خاص إن شاء الله .


#- ثانيا: المقصد من قوله (به) من قوله :(يفرقون به بين المرء وزوجه):

- غالب العلماء قال هو السحر .. وبعض العلماء قال: هو السحر وما أنزل على الملكين .. والحقيقة أن الإختلاف قريب .. لأن من قالوا هو السحر لأنهم جعلوا من تعليم الشياطين وهو السحر وكذلك تعليم الملكين هو السحر .. فكان التعليمين واحد وهو السحر ..، ولكن البعض جعل تعليم الشياطين للسحر مختلف عن تعليم الملكين حتى لو كان نوع آخر قريب من السحر ولكنه مخالف لتعليم الشياطين ..، والبعض جعله تعليم الملكين يتعلق بما فيه تفرقه بين المرء وزوجه فقط ..، وغير ذلك مما سبق وناقشناه في فصول سابقه ..

 

- ولكن المقصد هنا .. أن لفظ (به) من قوله (يفرقون به بين المرء وزوجه) .. يحتمل أنه استخدام علم الشياطين في السحر مع علم الملكين في التفرقة.


#- وقال الإمام عبد القاهر الجرجاني رحمه الله (المتوفى:471 هـ):

- والهاء في (بِهِ): كنايةٌ عن السحر، وعما يفرقون به. (درج الدرر في تفسير الآيات والسور ج1 ص254).


#- ثالثا: المقصد من لفظ (المرء) و (زوجه) في الآية.

- إذا كان عموم العلماء على أن لفظ (المرء) يشار به للزوج .. ولفظ (زوجه) يقصد بها زوجة الرجل .. إلا أن بعض العلماء أعطى مساحة لغوية أوسع لكلمة (المرء) وكلمة (زوجه) فجعل منها أنها تحتمل كل قريب من الشخص ..

- لأن لفظ (المرء) يشمل الذكر والأنثى أي بمعنى شخص أو إنسان .. ولفظ الزوج يعني اثنين وهو عكس كلمة فرد.


#- قال الإمام ابن حيان الأندلسي رحمه الله (المتوفى: 745 هـ):

- (وزوجه): ظاهره أنه يريد به امرأة الرجل.

- وقيل "الزوج" هنا: الأقارب والإخوان، وهم الصنف الملائم للإنسان، ومنه (مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) الحج:5 ..، (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ) الصافات:22. (تفسير البحر المحيط ج1 ص532).


#- جاء في التفسير الوسيط لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر:

- ويتسع الشر إذا أريد بالمرءِ وزوجه: الإنسان ومن يزاوجة ويقارنه .. فينضم إلى الإنسان وزوجته .. كل قرينين بينهما أُلفة .. كالأخوين والشريكين والصالحين .. ومن هذا المعنى..، قوله: (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ) الصافات:22. (التفسير الوسيط – مجمع البحوث الإسلامية ج1 ص157).


@- والحقيقة أن هذا الرأي عجبني جدا .. خاصة وكنت تفكرت فيه مسبقا وهذا ما كنت أحسبه وأظنه وكنت ساذكره عن رأي خاص .. ولكن سعدت جدا لما وجدت بعض العلماء ذكره .. خاصة وأن هذا الوجه من التفسير يظهر لماذا لم يقل الله مثلا: "يفرقون بين المرأة وزوجها" .. بل قال: (المرء وزوجه) .. للدلالة على التفرقة بين أي قريبين من بعضهما مهما كان جنسهما سواء كانا ذكور أو إناث أو كلاهما .. فيكونا أخوين أو شريكين أو قريبين مهما كانت قرابتهم بشرط أن يكون بينهما مودة وألفة وعلاقة قوية.. وإلا فلماذا يفرقون بينهما ؟!!


#- رابعا: المعنى العام للآية وسبب تخصيص ذكر هذا النوع من السحر.

- قال الإمام محمد سيد طنطاوي رحمه الله (المتوفى:1431):

- (فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ): أى فيتعلم بعض الناس من الملكين ما يحصل به الفراق بين المرء وزوجه.

- فالجملة الكريمة تفريع عما دل عليه قوله تعالى قبل ذلك: (وَما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ) لأنه يقتضى أن التعليم حاصل، وأن بعض المتعلمين قد استعملوه في التفريق بين الزوجين.

- وخصص سبحانه هذا اللون من السحر بالنص عليه .. للتنبيه على شدة فساده. وعلى شناعة ذنب من يقوم به. لأنه تسبب عنه التفريق بين الزوجين اللذين جمعت بينهما أواصر المودة والرحمة.

- والضمير في قوله تعالى: (فَيَتَعَلَّمُونَ) راجع لأحد .. وصح عود ضمير الجمع عليه مع أنه مفرد .. لوقوعه في سياق النفي .. والنكرة إذا وردت بعد نفى كانت في معنى أفراد كثيرة .. فصح أن يعود ضمير الجمع إليه كذلك. (التفسير الوسيط لطنطاوي ج1 ص229).


*****************
يتبع إن شاء الله تعالى
*****************
والله أعلم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم
هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .

هناك 11 تعليقًا:

  1. ماشاء الله ..
    فصل جميل وما احتواه من تدقيق لغوي
    ربي يزيدك علم ويزيدنا فهم
    في انتظار القادم يارب قريب 🤲

    ردحذف
  2. جزاك الله كل خير استاذنا الفاضل وأمدك بمدده وفتح عليك بكل خير
    اول ما قرأت موضوع ضحكت لانني جاىني سؤال في نفسي عن ما كتبته سبحان الله
    وخطر ايضا ببالي شيئان
    أتى ذكر الملكين هاروت وماروت بعد ذكر سيدنا سليمان هل يعني انهما ظهرا بعده
    وما مال له قلبي ان ما كانا يعلمناه لم يكن سحرا بمعنى سحر لا اعرف ربنا علم الحرف وهذه العلوم في حقيقتها خير ولكن لو قلبت نية استعمالا قلبت شر
    والله اعلم بمراده
    امدك الله بكل خير
    اللهم صل على سيدنا محمد صلاة حب موصولة من القلب إلى القلب وعلى آله وسلم

    ردحذف
  3. حفظكم الله ورعاكم ومنتظرين رأيكم بشكل كامل في فصل لوحده إن شاء الله

    ردحذف
  4. الشهوة الخفية
    ﻣﻦ ﻋﺠﺎﺋﺐ ﻣﺎ ﺭﻭﻯ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴﻴﺮ ﻋﻦ شيخ اسمه "ﺃﺣﻤﺪَ ﺑﻦِ ﻣﺴﻜﻴﻦ" ﺃﺣﺪِ ﻋﻠﻤﺎﺀِ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺍﻟﻬﺠﺮﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺼﺮﺓ ، ﻗﺎﻝ رحمه الله :

    ﺍﻣﺘُﺤِﻨﺖ ﺑﺎﻟﻔﻘﺮ عام مائتان وتسعة عشر ، ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻦ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﺷﻲﺀ ، ﻭﻟﻲ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﻭﻃﻔﻠﻬﺎ ، ﻭﻗﺪ ﻃﻮﻳﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺟﻮﻉ ﻳﺨﺴِﻒ ﺑﺎﻟﺠَﻮﻑِ ﺧﺴﻔًﺎ ، ﻓَﺠَﻤﻌْﺖُ ﻧﻴّﺘﻲ ﻋﻠﻰ ﺑﻴﻊ ﺍﻟﺪﺍﺭ ﻭﺍﻟﺘﺤﻮّﻝ ﻋﻨﻬﺎ ، ﻓﺨﺮﺟﺖ ﺃﺗﺴﺒﺐ ﻟﺒﻴﻌﻬﺎ ﻓﻠﻘﻴﻨﻲ "ﺃﺑﻮ ﻧﺼﺮ" ؛ ﻓﺄﺧﺒﺮﺗﻪ ﺑﻨﻴﺘﻲ ﻟﺒﻴﻊ ﺍﻟﺪﺍﺭ ؛ ﻓﺪﻓﻊ ﺇﻟﻲ ﺭُﻗﺎﻗﺘﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺒﺰ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺣﻠﻮﻯ ، ﻭﻗﺎﻝ ﺃﻃﻌﻤﻬﺎ ﺃﻫﻠﻚ.

    ﻭﻣﻀﻴﺖ ﺇﻟﻰ ﺩﺍﺭﻱ ؛ ﻓﻠﻤَّﺎ ﻛﻨﺖُ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻟﻘﻴﺘﻨﻲ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﻣﻌﻬﺎ ﺻﺒﻲ ، ﻓﻨﻈَﺮَﺕْ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺮُّﻗﺎﻗﺘﻴﻦ ﻭﻗﺎﻟﺖ : ﻳﺎ ﺳﻴﺪﻱ ، ﻫﺬﺍ ﻃﻔﻞ ﻳﺘﻴﻢ ﺟﺎﺋﻊ ، ﻭﻻ‌ ﺻﺒﺮ ﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﻮﻉ ، ﻓﺄﻃﻌﻤﻪ ﺷﻴﺌًﺎ ﻳﺮﺣﻤﻚ ﺍﻟﻠﻪ ، ﻭﻧﻈﺮ ﺇﻟﻲّ ﺍﻟﻄﻔﻞُ ﻧﻈﺮﺓ ﻻ‌ ﺃﻧﺴﺎﻫﺎ ، ﻭﺧُﻴِّﻞ ﺇﻟﻲّ ﺣﻴﻨﺌﺬ ﺃﻥ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻧﺰﻟﺖ ﺇﻟﻰ ﺍﻷ‌ﺭﺽِ ﺗﻌﺮﺽ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣَﻦ ﻳُﺸﺒِﻊ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﻭﺃﻣﻪ ؛ ﻓﺪﻓﻌﺖ ﻣﺎ ﻓﻲ ﻳﺪﻱ ﻟﻠﻤﺮﺃﺓ ، ﻭﻗﻠﺖ ﻟﻬﺎ : ﺧﺬﻱ ﻭﺃﻃﻌﻤﻲ ﺍﺑﻨﻚ ، ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﺃﻣﻠﻚ ﺑﻴﻀﺎﺀ ﻭﻻ‌ ﺻﻔﺮﺍﺀ ، ﻭﺇﻥ ﻓﻲ ﺩﺍﺭﻱ ﻟﻤَﻦ ﻫﻮ ﺃﺣﻮﺝ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ، ﻓﺪﻣﻌﺖ ﻋﻴﻨﺎﻫﺎ ، ﻭﺃﺷﺮﻕ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺼﺒﻲ.

    ﻭﻣﺸﻴﺖ ﻭﺃﻧﺎ ﻣﻬﻤﻮﻡ ، ﻭﺟﻠﺴﺖ ﺇﻟﻰ ﺣﺎﺋﻂ ﺃﻓﻜﺮ ﻓﻲ ﺑﻴﻊ ﺍﻟﺪﺍﺭ ، ﻭﺇﺫ ﺃﻧﺎ ﻛﺬﻟﻚ ؛ ﺇﺫ ﻣﺮَّ ﺃﺑﻮ ﻧﺼﺮ ، ﻭﻛﺄﻧﻪ ﻳﻄﻴﺮ ﻓﺮﺣًﺎ ، ﻓﻘﺎﻝ : ﻳﺎ ﺃﺑﺎ ﻣُﺤَﻤَّﺪ ، ﻣﺎ ﻳُﺠﻠﺴﻚ ﻫﺎ ﻫﻨﺎ ، ﻭﻓﻲ ﺩﺍﺭﻙ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻭﺍﻟﻐﻨﻰ؟! ﻗﻠﺖ : ﺳﺒﺤﺎﻥ الله ، ﻭﻣﻦ ﺃﻳﻦ ﻳﺎ ﺃﺑﺎ ﻧﺼﺮ؟! ﻗﺎﻝ : ﺟﺎﺀ ﺭﺟﻞ مِن ﺧُﺮﺍﺳﺎﻥ ﻳﺴﺄﻝ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻦ ﺃﺑﻴﻚ ﺃﻭ ﺃﺣﺪٍ ﻣِﻦ ﺃﻫﻠﻪ ، ﻭﻣﻌﻪ ﺃﺛﻘﺎﻝٌ ﻭﺃﺣﻤﺎﻝٌ ﻣِﻦَ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻭﺍﻷ‌ﻣﻮﺍﻝ ، ﻓﻘﻠﺖ : ﻣﺎ ﺧﺒﺮﻩ؟!

    ﻗﺎﻝ : ﺇﻧﻪ ﺗﺎﺟﺮ ﻣِﻦَ ﺍﻟﺒﺼﺮﺓ ، ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﺃﺑﻮﻙ ﺃﻭﺩَﻋﻪ ﻣﺎلًا ﻣِﻦ ﺛﻼ‌ﺛﻴﻦ ﺳﻨﺔ ﻓﺄﻓﻠﺲ ﻭﺍﻧﻜﺴﺮ ﺍﻟﻤﺎﻝ ، ﺛﻢ ﺗﺮﻙ ﺍﻟﺒﺼﺮﺓ ﺇﻟﻰ ﺧُﺮﺍﺳﺎﻥ ، ﻓﺼﻠﺢ ﺃﻣﺮﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ ﻫﻨﺎﻙ ، ﻭﺃﻳﺴَﺮ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻤﺤﻨﺔ ، ﻭﺃﻗﺒﻞ ﺑﺎﻟﺜﺮﺍﺀ ﻭﺍﻟﻐِﻨﻰ ، ﻓﻌﺎﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﺼﺮﺓ ﻭﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻳﺘﺤﻠّﻞ ، ﻓﺠﺎﺀﻙ ﺑﺎﻟﻤﺎﻝ ﻭﻋﻠﻴﻪ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﺑﺤﻪ ﻓﻲ ﺛﻼ‌ﺛﻴﻦ ﺳﻨﺔ.

    ﻳﻘﻮﻝ الشيخ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺴﻜﻴﻦ : ﺣﻤﺪﺕُ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺷﻜﺮﺗﻪ ، ﻭﺑﺤﺜﺖ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺍﻟﻤﺤﺘﺎﺟﺔ ﻭﺍﺑﻨﻬﺎ ، ﻓﻜﻔﻴﺘﻬﻤﺎ ﻭﺃﺟﺮَﻳﺖُ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ﺭِﺯﻗًﺎ ، ﺛﻢ ﺍﺗّﺠﺮﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﻝ ، ﻭﺟﻌﻠﺖ ﺃﺭﺑﻪ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻭﺍﻟﺼﻨﻴﻌﺔ ﻭﺍﻹ‌ﺣﺴﺎﻥ ﻭﻫﻮ ﻣﻘﺒﻞ ﻳﺰﺩﺍﺩ ﻭﻻ‌ ﻳﻨﻘﺺ ، ﻭﻛﺄﻧﻲ ﻗﺪ ﺃعجبتني ﻧﻔﺴﻲ ، ﻭﺳﺮَّﻧﻲ ﺃﻧﻲ ﻗﺪ مُلأَﺕْ ﺳِﺠِﻼ‌ﺕُ ﺍﻟﻤﻼ‌ﺋﻜﺔِ ﺑﺤﺴﻨﺎﺗﻲ ، ﻭﺭﺟﻮﺕ ﺃﻥ ﺃﻛﻮﻥ ﻗﺪ ﻛُﺘِﺒﺖُ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ ، ﻓﻨﻤﺖُ ﻟﻴﻠﺔً ؛ ﻓﺮﺃﻳﺘُﻨﻲ ﻓﻲ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ، ﻭﺍﻟﺨﻠﻖ ﻳﻤﻮﺝ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ، ﻭﺭﺃﻳﺖ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻗﺪ ﻭُﺳِّﻌَﺖْ ﺃﺑﺪﺍﻧُﻬﻢ ، ﻓﻬﻢ ﻳﺤﻤﻠﻮﻥ ﺃﻭﺯﺍﺭﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﻮﺭﻫﻢ ﻣﺨﻠﻮﻗﺔ ﻣُﺠﺴَّﻤﺔ ، ﺣﺘﻰ ﻟﻜﺄﻥ ﺍﻟﻔﺎﺳﻖ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮﻩ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻛﻠﻬﺎ ﻣﺨﺰﻳﺎﺕ ، ﺛﻢ ﻭﺿﻌﺖ ﺍﻟﻤﻮﺍﺯﻳﻦ ، ﻭﺟﻲﺀ ﺑﻲ ﻟﻮﺯﻥ ﺃﻋﻤﺎﻟﻲ ، ﻓﺠُﻌِﻠﺖ ﺳﻴﺌﺎﺗﻲ ﻓﻲ ﻛِﻔﺔ ، ﻭﺃﻟﻘَِﻴﺖ ﺳِﺠﻼ‌ﺕُ ﺣﺴﻨﺎﺗﻲ ﻓﻲ ﺍﻷ‌ﺧﺮﻯ ، ﻓﻄﺎﺷﺖ ﺍﻟﺴﺠﻼ‌ﺕ ، ﻭﺭﺟﺤﺖ ﺍﻟﺴﻴﺌﺎﺕ ، ﺛﻢ ﺟﻌﻠﻮﺍ ﻳﻠﻘﻮﻥ ﺍﻟﺤﺴﻨﺔ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺤﺴﻨﺔ ﻣﻤﺎ ﻛﻨﺖ ﺃﺻﻨﻌﻪ ، ﻓﺈﺫﺍ ﺗﺤﺖ ﻛﻞ ﺣﺴﻨﺔٍ "ﺷﻬﻮﺓٌ ﺧﻔﻴﺔٌ" ﻣِﻦ ﺷﻬﻮﺍﺕ ﺍﻟﻨﻔﺲ : ﻛﺎﻟﺮﻳﺎﺀ ،ِ ﻭﺍﻟﻐﺮﻭﺭِ ، ﻭﺣﺐِ ﺍﻟﻤَﺤْﻤﺪﺓ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ، ﻓﻠﻢ ﻳﺴﻠﻢُ ﻟﻲ ﺷﻲﺀ ، ﻭﻫﻠﻜﺖُ ﻋﻦ ﺣﺠﺘﻲ ، ﻭﺳﻤﻌﺖُ ﺻﻮﺗًﺎ : ﺃﻟﻢ ﻳﺒﻖ ﻟﻪ ﺷﻲﺀ ؟

    ﻓﻘﻴﻞ : بقي ﻫﺬﺍ ، ﻭأنا ﺃﻧﻈﺮ ﻷ‌ﺭﻯ ﻣﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻘﻲ ، ﻓﺈﺫﺍ ﺍﻟﺮُّﻗﺎﻗﺘﺎﻥ ﺍﻟﻠﺘﺎﻥ ﺃﺣﺴﻨﺖ ﺑﻬﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﻭﺍﺑﻨﻬﺎ ، ﻓﺄﻳﻘﻨﺖ ﺃﻧﻲ ﻫﺎﻟﻚ ، ﻓﻠﻘﺪ ﻛﻨﺖ ﺃُﺣﺴِﻦُ بمئةِ ﺩﻳﻨﺎﺭٍ ﺿﺮﺑﺔً ﻭﺍﺣﺪﺓ ، ﻓﻤﺎ ﺃﻏﻨَﺖْ ﻋﻨﻲ ، ﻓﺎﻧﺨﺬﻟﺖ ﺍﻧﺨﺬﺍلًا ﺷﺪﻳﺪًﺍ ، ﻓﻮُﺿِﻌَﺖ ﺍﻟﺮﻗﺎﻗﺘﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻴﺰﺍﻥ ، ﻓﺈﺫﺍ ﺑﻜﻔﺔ ﺍﻟﺤﺴﻨﺎﺕ ﺗﻨﺰﻝ قليلًا ﻭﺭﺟﺤﺖ ﺑﻌﺾَ ﺍﻟﺮﺟﺤﺎﻥ ، ثم ﻭُﺿﻌﺖ ﺩﻣﻮﻉ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺍﻟﻤﺴﻜﻴﻨﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺑﻜﺖ ﻣﻦ ﺃﺛﺮ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻬﺎ ، ﻭﻣﻦ ﺇﻳﺜﺎﺭﻱ ﺇﻳﺎﻫﺎ ﻭﺍﺑﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻠﻲ ، ﻭﺇﺫﺍ ﺑﺎﻟﻜﻔﺔ ﺗﺮﺟُﺢ ، ﻭﻻ‌ ﺗﺰﺍﻝ ﺗﺮﺟُﺢ ﺣﺘﻰ ﺳﻤﻌﺖ ﺻﻮﺗًﺎ ﻳﻘﻮﻝ : "ﻗﺪ ﻧﺠﺎ .. قد نجا".

    - عَنْ أبي هُريْرَةَ رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّه ﷺ يَقُولُ : قَالَ اللَّه تعَالى : أنَا أَغْنى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّركِ ، مَنْ عَملَ عَمَلًا أشْركَ فيهِ معي غيري تَركْتُهُ وشِرْكَهُ. (رواه مسلم).

    - مصدر : وحي القلم مصطفى صادق الرافعي

    ردحذف
    الردود
    1. وظني انه حتى لو لم يتصدق الرجل بتلك الرقاقتان من الخبز .. لجعل الله له نجاة من حيث لا يحتسب .. لأنه
      الرحمن الرحيم
      وبإذنه تعالى كلنا لناجون برحمته
      هذا ظني بربي ..
      حتى لو لم تكن لنا حسنة واحدة ..
      فرحمته وسعت كل شيء ..
      وهو الغني عن اعمالنا وعن دعائنا ..
      لكن حياؤنا يأبى إلا ان نعمل ..
      مجتهدين فيما امر .. لأنه رب يعبد
      قبله منا ام لم يقبله ..
      لكنه ربنا .. خلقنا لا ليعذبنا ..
      سمى نفسه الرحمن الرحيم ..
      وهو المحسن المؤمن ..
      وهو الحنّان المنّان ..
      وليّ المؤمنين .. وإنّا من المؤمنين ..
      فما ظنكم برب العالمين .....
      والحمد لله رب العالمين

      مما علمتني اياه سورة الفاتحة .
      والله اعلم

      #قطرة_ندى

      حذف
  5. ‏من بقي له في التدبير رمق، أُوكل إلى الحيلة والتعب، ومن خرج عن نفسه بالكلية، تولاه الحق بالعناية واللطف والسبب. فلا تنظر ما في يدك، بل انظر من أين يجيء إليك، ولا تبقَ لك اختيارًا، يُحجبك عن من له القدرة والأختيار فكل ما اخترته لنفسك تلف، وكل ما سلّمته لله عز وجل ربح وكسب.
    منقول

    ردحذف
  6. إنجي=
    الشكر والفضل لله سبحانه و تعالى ثم لحضرتك يا أ.خالد على المواضيع الجميلة التي بتنظف الصدأ عن القلوب والعقول...

    أم ياسين=

    الزهد= صرف النفس عن الشهوة وترك ما لا ينفع في الٱخرة وليس تحريم الحلال ولا بترك الطيبات....

    الزهد= هو تجرد القلب والروح من حظوظ النفس..
    إنما الفقيه= الزاهد في الدنيا الراغب في الٱخرة...

    ( رسالة الإحسان ج9)

    💦💙💧💙💧💙💦

    اللهم صل وسلم على سيدنا محمد النبي الأمي و آله...

    ردحذف
  7. شكرا جزيلا استاذ خالد
    اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم

    ردحذف
  8. 🕊✍....عطر الجنة 🕊:
    قصة وعبرة:

    في حديقة كبيرة مليئة بالأشجار والأزهار
    هبت عاصفة قوية تسببت في اقتلاع بعض
    الأغصان وفصلها عن أشجارها ونقلها لمكان بعيد
    كان هناك غصن صغير من بين تلك الأغصان
    حملته الرياح كانت تنقله من مكان إلى مكان
    عاش مرميًا لا يرى كل ما مر به أحد
    إما داسه أو ركله بقصد أو دون قصد
    عاش وجع، ضرب، وبرد شتاء وحر صيف
    حتى ظن أنه خلق بلا قيمة
    فقط ليعذب أو يهان
    في أحد الأيام مر بالحديقة حكيم جليل
    يسمع همس الأشجار والأحجار والرياح
    سمع همسا حزينا من غصن صغير ألم مصاحب لحنين ورجاء
    نظر إليه بحزن أليم
    اقترب منه، انحنى إليه، لمس أطرافه بلطف
    سمع أنينه الخافت... شعر ببكاء روحه
    أمسكه وقال له بصوت رقيق:

    "لا تحزن لم تعد مرميا بعد الآن"

    أخذه إلى بيته، وضعه في مكتبته
    حيث تصطف الكتب، أين تسكن الحكمة والصمت
    شعر الغصن لأول مرة بعد مدة بالأمان
    وبعد فترة مد الحكيم يده إليه
    أخذه وغسله من الطين وجففه من البلل
    كان الغصن في منتهى السعادة
    لكن فجأة همس له الحكيم:

    "لا تحزن ستتألم قليلا لكن سينتهي قريبا"

    شعر الغصن بالخيبة والصدمة

    "ألم من جديد؟"

    أخرج الحكيم سكينا صغيرا
    ليس كسكين الجزار، بل سكين نحات محترف
    شرع في نحته شيئا فشيئا
    خلصه من القشرة القاسية البالية المهترئة
    وأخذ يشكله شيئا فشيئا
    كان الغصن يعتصر ألما، وروحه تصرخ:

    "لم تفعل بي هذا؟"

    الحكيم مبتسم، غير مبال، يكمل ما بدأه
    لكن هذه المرة ألم الغصن لم يكن كما كان
    كان مع الألم شيء جديد لم يعتده

    لم يسحق بالأقدام... بل تشكيلا بسكين
    لم يكن كسرا.... بل كان كشفا للب مستور
    كل شق في الغصن كان يمزق وهما:

    وهم أنه خلق ليداس
    وهم أنه لا يصلح لشيء
    وهم أنه منسي لا يرى
    وهم أنه منبوذ من كل شيء
    وهم أن قيمته في رؤية الناس له، لا في ما أودعه الله فيه

    بعد أن أكمل الحكيم نحته على شكل قلم جميل
    شق شقًا رقيقًا بمنتصفه، وقال له:
    من هنا سيولد صوتك.... من هذا الجرح ستتكلم
    غمس رأسه في محبرته العتيقة
    لم يكن حبرها من سوق،
    بل من قطرات التجربة ودموع العارفين
    بينما الحبر يتسلل إلى القلم
    شعر القلم بنور خفي، روح بعثت فيه من جديد
    وخط به الحكيم أول سطر:

    "ليس كل سقوط إهانة.... بعض السقوط بداية خلق جديد"

    لم يعد الغصن غصنا مرميا يتوجع
    غدا قلما ينزف فهما من شدة الألم
    وأصبح القلم رفيق الحكيم
    يخطّ به أجمل العبارات والحكم
    في ليلة هادئة، سأله القلم:

    "لم اخترتني من بين كل الأغصان؟"

    قال الحكيم:
    "لأنك رغم الألم لم تفقد الأمل
    الذين يتألمون يكتبون أعمق وأصدق
    أحيانًا تأتي الحقيقة على شكل
    سكين مغروس في الوعي
    لا تقطع الجسد، بل تمزق الوهم
    تتركك تنزف فهماً، لا دماً"

    بعض الجروح ليست عقوبة...بل شق لإدخال النور
    يد الحكمة لا تلتقط إلا من يحمل في داخله قابلية للتغير
    وما ينحت بسكين الألم.....يكتب به نور الفهم

    قال القلم للحكيم:

    "يا من التقطتني غصنا مكسورا، وانتشلتني من هامش النسيان... وكهف الأحزان
    يا من رأيت في ما لم أره في نفسي، وأعدت في روح المعنى حين جفت معاني الحياة

    يا من علمني الكتابة... لا بالحرف، بل بالوجع النبيل، والألم الهادئ، والفهم العميق.

    شكري لك لا يكتب، بل ينقش في روحي ويصعد للسماء
    يذوب في نسك الحبر، ويظهر في كل خط أكتبه بين يديك

    إن كنت أخط حرفا...
    فلست أخط سوى صدى حكمتك،
    وبصمة صبرك،
    وظل يدك التي لم تتركني مرميا حين مر الجميع دون التفات

    لقد كنت لي حكيما، وصانعا، وراسم معنى لوجودي.
    وإن كان الجرح هو ما جعلني أتكلم،
    فأنت من منح الجرح نبل الكلام."
    دمت معلمي وصاحب فضل ودام مني بإذن الله الوفاء
    -------------
    اللهم صل على سيدنا محمد صلاة حب موصولة من القلب إلى القلب وعلى آله وسلم

    ردحذف
  9. جزاكم الله خيرا استاذنا
    اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم

    ردحذف
  10. إش ها الأدعية يا نزار من أين تأتي بها؟!!
    ربنا مطوعلك اللغة تطويعا عجيبا...
    ما شاء الله...
    🤲 ربنا يزيدك ويباركلك فيما أعطاك حتى تتحفنا بما نعجز الإتيان به...

    قال نزار=
    1_ نفع الله بكم خلقه المسترشدين...
    _ لقد نفعني دون أن يعلم وهاهو لا زال يفعل وهو يعلم...
    _ استرشدت به وأنا صامتة... وهاهو يرشدني جهرا..

    2_ كتبكم إماما يهدي بكم سبحانه إليه من ينيب...
    _ وأي إمام إن صح ما أعلم... ومن سينيب إلى الله بفضله؟ لو كنتم تعلمون...!!

    3_ بارك الله في علمكم فلا يمحى...
    _ ٱمين.. ٱمين

    4_ ورزقكم من أصلابكم المادية والروحية من يحملون لواء علمكم وينشرونه بين الخلق أجمعين..!!
    _ يارب أكون وكل أهل المدونة من أصلابه الروحانية ...
    ٱمين ٱمين ٱمين يارب العالمين..

    أذهلتني بهذه العبارة يا نزار... لم أسمع بها من قبل... ههههه
    ولعلك من صلب الطاهر بن عاشور روحيا...
    (ج14 رسالة الإحسان)

    💦💙💧💙💧💙💦

    اللهم صل وسلم على سيدنا محمد النبي الأمي و آله...

    ردحذف

ادارة الموقع - ا/ خالد ابوعوف