ج20: قصة هاروت وماروت وخاتم سليمان - ماذا قال رواة الحديث وعامة علماء المسلمين في الحديث المنسوب للنبي أنه حكي قصة هاروت وماروت.

بسم الله الرحمن الرحيم

 

رسالة التوضيح والبيان

في قصة هاروت وماروت وخاتم سليمان

وما تلته الشياطين في مملكة سليمان

والتعريف بالتفريق الذي أثبته القرآن

 

 (الجزء العشرون)

 

#- فهرس:

:: الفصل التاسع عشر :: رأي علماء الحديث وعامة علماء المسلمين الذين أنكروا الحديث المنسوب للنبي في قصة هاروت وماروت أنه حكى قصة الملكين اللذين أشركا وشربا الخمر ومارسا الزنا وقتلا صبيا !! ::

1- س60: ماذا قال رواة الحديث وعامة علماء المسلمين في الحديث المنسوب للنبي أنه حكي قصة هاروت وماروت ؟

#- أولا: ما قاله رواة الحديث الذين رووا حديث النبي في قصة هاروت وماروت:

#- ثانيا: أقدم التفسيرات ممن يروون الأحاديث.. وأقدم رواية منسوبة للنبي.

#- ثالثا: أقوال أهل العلم في تحقيق هذه الروايات المنسوبة للنبي.

 ********************

:: الفصل التاسع عشر ::

********************

..:: س60: ماذا قال رواة الحديث وعامة علماء المسلمين في الحديث المنسوب للنبي في أنه حكي قصة هاروت وماروت ؟ ::..

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

@- قبل أن أذكر لك آراء أهل العلم في الرواية المنسوبة للنبي .. فعليك أن تعرف أخي الحبيب أن غالب من رووا هذا الحديث وأولهم الإمام أحمد أول من روى هذا الحديث .. هم أنفسهم من قالوا بعدم صحته للنبي صلى الله عليه وسلم .. بل الذي قاله هو كعب الأحبار .. وقد أخطأ الرواة الذين رووا عنهم هذه الأحاديث في رفعهم هذا الحديث للنبي صلى الله عليه وسلم ..

- ولكن العجب كل العجب فيمن قال بصحة الحديث للنبي وتعامى وتجاهل عما قاله رواة الحديث أنفسهم ..!!

 

@- عموما إليك ما قاله رواة الحديث ..، وكلام أهل العلم من بعدهم ..

 ================

 #- أولا: ما قاله رواة الحديث الذين رووا حديث النبي في قصة هاروت وماروت:

- هذه تعليقات الذين كتبوا الروايات المنسوبة للنبي في حكايته لقصة هاروت وماروت .. ودونوها في كتبهم ..

- يعني علماء الحديث الذين كتبوا ونشروا الحديث المنسوب للنبي .. قد وضعوا تعليقا على هذا الحديث بالذات .. فماذا قالوا ؟

 

1- الإمام أحمد بن حنبل (المتوفى: 241هـ):

- قد نقل الإمام الخلَّال عن الإمام أحمد بن حنبل أنه قال: "هذا منكر .. إنما يروى عن كعب الأحبار". (المنتخب من العلل ص295).

 

2- الإمام أبو بكر البزار (المتوفى: 292 هـ):

- في مسنده تعقيبا على رواية "موسى بن جبير عن نافع عن بن عمر عن النبي" .. فقال البزار تعقيبا: "وهذا الحديث رواه غير موسى بن جبير عن نافع عن ابن عمر موقوفا ..، وموسى بن جبير ليس به بأس .. وإنما أتى رفع هذا الحديث عندي من زهير بن محمد لأنه لم يكن بالحافظ". (مسند البزار حديث رقم 5996).

 

@- (قلت خالد صاحب الرسالة): يعني الإمام أبو بكر البزار بيقولك: أن الحديث ده أصله موقوف على كلام عبد الله بن عمر وليس من كلام النبي .. وسبب لخبطة هذا السند الذي قال أن النبي قال هذه الرواية هو راوي في هذا السند وهو "زعير بن محمد" وهو الذي أخطأ لسوء حفظه.

 

3- الإمام ابن أبي حاتم (المتوفى:327 هـ):

- وقد نقل عن أبيه أنه قال: "هذا حديث منكر". (العلل ج2 ص69).

 

4- الإمام أبو نعيم الأصبهاني (المتوفى: 430هـ):

- بعد أن ذكر حديث عبد الله بن عمر عن كعب الأحبار الذي ذكرناه في الفصل السابق .. فقال تعقيبا: غريب من حديث سالم عن ابن عمر مرفوعا. (حلية الأولياء ج8 ص248).

 

@- (قلت خالد صاحب الرسالة): وقوله (غريب - مرفوعا): أي الحديث الذي تم ذكره مرفوعا للنبي أي نسبته للنبي هو حديث غير صحيح .. لأن الصحيح هو نسبته لكعب الأحبار .. فالغرابة هنا تعني الضعف لمن نسبه للنبي.

 

5- قال الإمام أبو بكر البيهقي (المتوفى: 458هـ):

- عند الحديث رقم 161 من شعب الإيمان عند رواية ابن عبد عن كعب الأحبار .. ذكر تعقيبا في آخره: " رويناه من وجه آخر عن مجاهد عن ابن عمر موقوفا عليه .. وهو أصح". (شعب الإيمان حديث رقم 161).

- وقال في حديث آخر عند رواية ابن عبد عن كعب الأحبار .. ذكر تعقيبا في آخره: هذا أشبه أن يكون محفوظا. (شعب الإيمان حديث رقم 162).

 

@- (قلت خالد صاحب الرسالة): قوله (أشبه أن يكون محفوظ): أي أن هذا هو المتعارف عليه عند علماء الحديث أن هذه الرواية منسوب كلامها لكعب الأحبار وليس للنبي من طريق عبد الله بن عمر.

 =================

 #- ثانيا: أقدم التفسيرات للقرآن ممن يروون الأحاديث.

#- نلاحظ الآتي في أقدم مصادر التفسير بالرواية:

1- عبد الرزاق الصنعاني (المتوفى:211 هـ): روى هذه القصة في تفسيره عن عبد الله بن عمر عن كعب الأحبار .. في (أثر صحيح) ..، ولم يذكر نهائيا أي علاقة للنبي بهذه القصة.

2- سعيد بن منصور (المتوفى:227 هـ) .. حكى هذه القصة مرة عن التابعي مجاهد بن جبر .. ومرة عن الصحابي عبد الله بن عمر ..، ولم يذكر نهائيا أي علاقة للنبي بهذه القصة.

 

@- وهذين المصدرين من أقدم مصادر التفسير بالرواية .. ولم يذكرا أن النبي قال بقصة هاروت وماروت ..!!

 

#- وأظن أن أول ظهور لقصة هاروت وماروت منسوبة للنبي .. كانت في مسند الإمام احمد بن حنبل (المتوفى:241 هـ) .. إذ لم أجد قبله أحد قد نسب هذه الرواية للنبي من خلال مشايخ إسناده غيره ..  والله أعلم.

==================

 #- ثالثا: أقوال أهل العلم في تحقيق هذه الروايات المنسوبة للنبي.

 

#- إليك أخي الحبيب .. جملة من كلام علماء المسلمين من مختلف المذاهب والأزمنة .. وهم يحطمون أسطورة وخرافة أن يكون النبي قال قصة هاروت وماروت .. فاغتنم ما جمعته لك من كلام أهل العلم .. لأنه من نفيس العلم .. والله ولي التوفيق. 

1- جاء في كتاب علل الدارقطني (المتوفى: 385هـ): " وسُئل "أي تم سؤال الإمام الدارقطني" .. عن حديث نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أن آدم لما أهبطه الله إلى الأرض قالت الملائكة: أي رب: أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء) .. قالوا: ربنا، نحن أطوع لك من بني آدم، قال الله للملائكة: هلموا ملكين ...) فذكر قصة هاروت وماروت.

- فقال: اختلف فيه على نافع:

- فرواه موسى بن جبير .. عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

- وخالفه موسى بن عقبة .. فرواه عن نافع، عن ابن عمر، عن كعب الأحبار، من رواية الثوري، عن موسى بن عقبة.

- وقال إبراهيم بن طهمان: عن موسى بن عقبة، عن سالم، عن أبيه، عن كعب. (علل الدارقطني رقم 2792 ج12 ص366).

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة): وما سبق معناه ببساطة .. أن الحديث المنسوب للنبي فيه علة تمنع من قبوله .. إذ فيه اضطراب في إسناده يمنع رفعه للنبي إذ أن الراوي الثقة وهو (موسى بن عقبة) قد أوقف الرواية على قول عبد الله بن عمر .. ولم يرفعها للنبي كما فعل (موسى بن جبير) المجهول حاله .. ولا مقارنة له بحفظ (موسى بن عقبة).. لأن (موسى بن عقبة) هو الثقة هنا في الرواية والمعتمد عليه لكونه حافظ ثقة.. فالحديث يقينا هو موقوف على كلام كعب الأحبار.

 

2- قال المؤرخ المطهر بن طاهر المقدسي رحمه الله (المتوفى:355 هـ) في قصة هاروت وماروت:

- وأهل النظر لا يثبتون كثيرا من هذه القصّة .. منها أمر الزهرة لأنها من الكواكب الخنس التي جعلها الله قطبا وقواماً للعالم ..، ومنها ركوب الملائكة مثل هذه الفواحش مع ما وصفهم الله به من طول العبادة وابتغاء الزلفة ..، ثم هم ليسوا بذوي أجسام شهوانية مجوفة فيجوز عليهم مثل هذا.

- وقد قال قوم أنهم أعطوا الشهوة وجعل لهم مذاكير .. ومنها تعليمهم الناس السحر وهم في العذاب ..، والأولى بمن تلك حالته طلب التوبة والمخلص ..، ولا توبة للمذنب ما لم يقلع .. فإن كان هاروت وماروت ملكين كما يزعمون فإنهما أنزلا ليبينا للناس وجوه السحر ويحذراهم وبيل عاقبته .. لا غير.

- وكان الحسن يقرأ (وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ) 2: 102 بكسر اللام .. ويقال علجان ببابل.

 

- وأما الزهرة فإن كان من أمرها شيء .. فإنها أفتن بها أناس يعبدونها كما افتتنوا بالشمس والقمر وكوكب الشعري وقد روينا عن الربيع بن أنس أنه قال في هذه القصة كانت امرأة حسنها في النساء كحسن الزهرة مع أنه ليس في كتاب الله شيء من هذا ..

- وبمثل هذه الأخبار ينظرون الملحدون إلى فساد القلوب والله المستعان. (البدء والتاريخ ج3 ص15).

 

3- الإمام بن حزم الاندلسي رحمه الله (المتوفى: 456 هـ):

- بعد أن أوضح الإمام بن حزم عدم عصيان الملائكة بنصوص من القرآن .. مثل قوله تعالى: (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ (26) لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (27) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (28) وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ) الأنبياء:26-29 ..، ومثل قوله : (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (49) يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) النحل:49-50 ..

@- ثم انتقل بن حزم للنتيجة التي أرادها من وراء ذلك فقال:

- قَالَ أَبُو مُحَمَّد (أي بن حزم الأندلسي): وهذا مُبْطل ظن من ظن أَن هاروت وماروت .. كنا ملكين فعصا بشرب الخمر والزنا والقتل..!!

 

- وَقد أعاذ الله عز وجل الملائكة من مثل هذه الصفة .. بما ذكرنا آنفا أنهم لا يعصون الله ويفعلون ما يؤمرون ..، وبإخباره تعالى أنهم لا يسأمون ولا يفترون ولا يستحسرون عن طاعته عز وجل .. فوجب يقينا أنه لا في الملائكة البتَّة عاص لا بعمد ولا بخطأ ولا بنسيان .. وقال عز وجل: (جَاعل الْمَلَائِكَة رسلًا أولي أَجْنِحَة مثنى وَثَلَاث وَربَاع) فاطر:1 ..، فكل الملائكة رسل الله عز وجل بنص القرآن .. والرسل معصومون. (الفصل في الملل والنحل ج3 ص145).

 

#- ثم ذكر بن حزم بعد كلام له فقال:

- وما قال عز وجل قط .. أن هاروت وماروت علما سحرا ولا كفرا .. ولا أنهما عصيا ..

- وإنما ذكر ذلك في خرافة موضوعة .. لا تصح من طريق الإسناد أصلا ولا هي أيضا مع ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وإنما هي موقوفة على من قال من دونه عليه السلام .. فسقط التعلق بها .. وصح ما قلناه .. والحمد لله رب العالمين. (الفصل في الملل والنحل ج3 ص146).

 

#- وقال بن حزم في مكان آخر من كتابه:

- إن قوما نسبوا إلى الله تعالى .. ما لم يأت به قط أثر يجب أن يشتغل به .. وإنما هو كذب مفترى .. من أنه تعالى أنزل إلى الأرض ملكين .. وهما هاروت وماروت .. وأنهما عصيا الله تعالى وشربا الخمر وحكما بالزور وقتلا النفس وزنيا وعلما زانية اسم الله الأعظم فطارت به إلى السماء فمسخت كوكبا وهي الزهرة وأنهما عذبا في غار ببابل وأنهما يعلمان الناس السحر ... (الفصل في الملل والنحل ج4 ص26).

 

4- قال الإمام القاضي عياض (المتوفى:544 هـ):

- قصة هاروت وماروت وما ذكر فيها أهل الأخبار ونقلة المفسرين ..، وما روي عن علي وابن عباس في خبرهما وابتلائهما .. فاعلم أكرمك الله أن هذه الأخبار لم يرو منها شئ لا سقيم ولا صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وليس هو شيئا يؤخذ بقياس .. والذي منه في القرآن اختلف المفسرون في معناه ..

- وهذه الأخبار من كتب اليهود وافترائهم .. كما نصه الله أول الآيات من افترائهم بذلك على سليمان وتكفيرهم إياه .. وقد انطوت القصة على شِنَع عظيمة. (الشفا بتعريف حقوق المصطفى ج2 ص175- مختصرا).

 

@- (قلت خالد صاحب الرسالة): يقصد بقوله (وقد انطوت القصة على شِنَع عظيمة): أي القصة تحتوي على فظائع لا يصدقها مؤمن ولا عاقل لديه علم بما قاله القرآن في حق الملائكة .. إذ لا يمكن اعتقاد أنهما أشركا بالله وزنيا وشربا الخمر وخانا أمانة الله بتعريف الإسم الأعظم لمن زنيا بها ..!!

 

5- قال الإمام أبو بكر بن العربي رحمه الله (المتوفى: 543 هـ):

- قال القاضي (أي القاض عياض): وإنما سقنا هذا الخبر .. لأن العلماء رووه ودونوه .. فخشينا أن يقع لمن يضل به.

- وتحقيق القول فيه: أنه لم يصح سنده .. (أحكام القرآن ج1 ص46).

 

6- قال الإمام بن الجوزي رحمه الله (المتوفى:597 هـ):

- وفي الحديث أن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (لعن الزهرة .. وقال: إنها فتنت ملَكين) .. إلا أن هذه الأشياء بعيدة عن الصحة. (تفسير زاد المسير ج1 ص95-96).

 

7- قال الإمام الفخر الرازي رحمه الله (المتوفى:606 هـ):

- بعد أن ذكر قصة هاروت وماروت .. وتحول المرأة التي إلى كوكب الزهرة .. فقال:

- واعلم أن هذه الرواية فاسدة مردودة - غير مقبولة .. لأنه ليس في كتاب الله ما يدل على ذلك .. بل فيه ما يبطلها من وجوه.

- الأول: ما تقدم من الدلائل الدالة على عصمة الملائكة عن كل المعاصي.

- وثانيها: أن قولهم إنهما خيرا بين عذاب الدنيا وبين عذاب الآخرة فاسد .. بل كان الأولى أن يخيرا بين التوبة والعذاب .. لأن الله تعالى خيَّر بينهما من أشرك به طول عمره .. فكيف يبخل عليهما بذلك ؟

- وثالثها: أن من أعجب الأمور قولهم: إنهما يعلمان السحر في حال كونهما معذبين ويدعوان إليه وهما يعاقبان. (تفسير الفخر الرازي ج3 ص631).

 

@- (قلت خالد صاحب الرسالة): لعل مقصد الرازي بقوله (خيَّر بينهما من أشرك به طول عمره): يقصد به المشركين والمنافقين كما قال تعالى: (فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ) التوبة:74 .. والله أعلم.

 

@- والجزء الأخير الذي تعجب مه الرازي .. يشير فيه إلى قصة منسوبة بالباطل للسيدة عائشة .. وهو ما جاء في رواية: (فِي قِصَّةٍ ذَكَرَتْهَا عَنِ امْرَأَةٍ، قَدِمَتِ الْمَدِينَةَ .. فَذَكَرَتْ أَنَّهَا صَارَتْ فِي الْعِرَاقِ بِبَابِلَ .. فَأَتَتْ بِهَا هَارُوتَ وَمَارُوتَ فَتَعَلَّمَتْ مِنْهُمَا السِّحْرَ .. ) رواه الطبري.

- يعني رووا عن السيدة عائشة .. أنها حكت قصة لواحدة زارتها .. وحكت لها بأنها قابلت هاروت وماروت وتعلمت منهما السحر وهما يعذبان في باطن الأرض ...!!

- بقى ده كلام عقلاء يا ناس ..!

 

8- قال الإمام القرطبي رحمه الله (المتوفى: 671 هـ) .. بعد أن ذكر قصص هاروت وماروت وعلاقتهما بالزهرة:

- قلنا: هذا كله ضعيف وبعيد عن ابن عمر وغيره .. لا يصح منه شي .. فإنه قول تدفعه الأصول في الملائكة الذين هم أمناء الله على وحيه، وسفراؤه إلى رسله: (لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) التحريم:6 ..، (بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ (26) لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ) الأنبياء:26-27 ..، (يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ) الأنبياء:20. (تفسير القرطبي ج2 ص52).

 

@- (قلت خالد صاحب الرسالة): الإمام القرطبي هنا .. ينفي حتى صدور هذه القصة ولو عن صحابي وليس النبي صلى الله عليه وسلم .. فهو يرفض حتى نسبتها للصحابة.

 

9- ونقل الإمام السيوطي في كتابه الحبائك .. من كلام الإمام صفي الدين الأرموى (المتوفي:715 هـ) في رسالته "الملائكة معصومون".. ومما ذكره:

- وقال القرافي: ومن اعتقد في هاروت وماروت أنهما بأرض الهند يعذبان على خطيئتهما مع الزهرة فهو كافر .. بل هم رسل الله وخاصته يجب تعظيمهم وتوقيرهم تنزيههم عن كل ما يخل بعظيم قدرهم .. ومن لم يفعل ذلك وجب إراقة دمه.

 

- وقال البلقيني في منهج الأصوليين: العصمة واجبة لصفة النبوة والملائكية وجائزة لغيرهما .. ومن وجبت له العصمة فلا يقع منه كبيرة ولا صغيرة ولذلك نعتقد عصمة الملائكة المرسلين منهم وغير المرسلين .. قال الله تعالى: (لا يَعصِونَ اللَهَ ما أَمَرَهُم وَيَفعَلونَ ما يُؤمَرونَ) .. والايات في هذه المعنى كثيرة .. وإبليس لم يكن من الملائكة وإنما كان من الجن ففسق عن أمر ربه .. وأما هاروت وماروت فلم يصح فيهما خبر. انتهى. (الحبائك في أخبار الملائك ص253-254).

 

@- (قلت خالد صاحب الرسالة): أعتقد أن التكفير غلو .. وغير صحيح .. إذ قد يعتقد الشخص ما قرأه وهو لا يعلم حقيقته .. فهو لا كافر ولا عاصي .. وإنما مخطيء .. ولا يوجد مؤمن يتعمد التجريح في الملائكة أو اتهامهم بالباطل طالما هو يعلم أنه باطل.

- ولكن من كفر أو أعلن عداوته للملائكة أو واحداً منهم يعدُّ كافرا .. بدلالة قوله تعالى: (مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ) البقرة98.. والله أعلم.

 

10- قال الإمام أبو حيان الأندلسي رحمه الله (المتوفى: 745 هـ):

- وقد ذكر المفسرون في قراءة من قرأ: الملكين بفتح اللام، قصصا كثيرا .. تتضمن:

- أن الملائكة تعجبت من بني آدم في مخالفتهم ما أمر الله به .. وأن الله تعالى بكَّتهم .. بأن قال لهم: اختاروا ملكين للهبوط إلى الأرض .. فاختاروا هاروت وماروت .. وركب فيهما الشهوة .. فحكما بين الناس .. وافتتنا بامرأة .. تسمى بالعربية الزهرة .. وبالفارسية ميذخت .. فطلباها وامتنعت .. إلا أن يعبدا صنما .. ويشربا الخمر ويقتلا .. فخافا على أمرهما .. فعلماها ما تصعد به إلى السماء وما تنزل به .. فصعدت ونسيت ما تنزل به .. فمسخت. وأنهما تشفعا بإدريس إلى الله تعالى .. فخيرهما في عذاب الدنيا والآخرة، فاختارا عذاب الدنيا، فهما ببابل يعذبان. وذكروا في كيفية عذابهما اختلافا.

 

#- وهذا كله لا يصح منه شيء. والملائكة معصومون: (لا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون) التحريم:6 ..، (لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون . يسبحون الليل والنهار لا يفترون) الأنبياء:21-22 ..

- ولا يصح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يلعن الزهرة .. ولا ابن عمر. (البحر المحيط ج1 ص527-528).

 

11- قال الإمام بن كثير رحمه الله (المتوفى:774 هـ):

- وأما ما يذكره كثير من المفسرين في قصة هاروت وماروت .. من أن الزهرة كانت امرأة فراوداها على نفسها .. فأبت .. إلا أن يعلماها الاسم الأعظم .. فعلماها .. فقالته فرفعت كوكبا إلى السماء .. فهذا أظنه من وضع الإسرائيليين .. وإن كان قد أخرجه كعب الأحبار .. وتلقاه عنه طائفة من السلف .. فذكروه على سبيل الحكاية والتحديث عن بني إسرائيل. (البداية والنهاية ج1 ص39).

 

#- وقال بن كثير في تفسيره:

- وقد روى فى قصة هاروت وماروت .. عن جماعة من التابعين، كمجاهد والسدى والحسن البصري وقتادة وابى العالية والربيع بن أنس ومقاتل بن حيان وغيرهم .. وقصها خلق من المفسرين من المتقدمين والمتأخرين.

 

- وحاصلها راجع فى تفصيلها الى اخبار بنى إسرائيل .. إذ ليس فيها حديث مرفوع صحيح متصل الاسناد الى الصادق المصدوق المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى .. وظاهر سياق القرآن .. إجمال القصة من غير بسط ولا إطناب .. فنحن نؤمن بما ورد فى القرآن على ما أراده الله تعالى .. والله أعلم بحقيقة الحال . (تفسير بن كثير ج1 ص246).

 

#- وقال بن كثير رحمه الله: بعد أن ذكر الروايات المنسوبة للنبي .. فذكر رواية وهي ما مختصره:

- "عن موسى بن عقبة حدثني سالم أنه سمع عبد الله يحدث عن كعب الأحبار" فذكره .. فهذا أصح وأثبت إلى عبد الله بن عمر .. من الإسنادين المتقدمين .. وسالم أثبت في أبيه من مولاه نافع .. فدار الحديث ورجع إلى نقل كعب الأحبار عن كتب بني إسرائيل .. والله أعلم. (تفسير بن كثير ج1 ص241).

 

@- (قلت خالد صاحب الرسالة): ويقصد الإمام بن كثير .. أن الرواية التي قالها سالم وهو ابن عبد الله بن عمر .. وسمعها من أبه عبد الله بن عمر والذي هو سمعها من كعب الأحبار .. هي الرواية الصحيحة وليس ما جاء من طريق نافع مولى عبد الله بن عمر والمنسوبة للنبي صلى الله عليه وسلم .. لأن سالم بن عبد الله أثبت وأقوى في العلم عن أبيه، من نافع خادم بن عبد الله ..

- وقيل ليحي بن معين: سالم أعلم بابن عمر أو نافع ؟ قال: يقولون: إن نافعا لم يحدث حَتَّى مات سَالِم. (تهذيب الكمال ج10 ص152).

- وقال عن أبو جعفر الطحاوي عن "سالم": أثبت من نافع وأحفظ . (شرح معاني الآثار عند حديث 2220).

 

12- قال الإمام محمد بن عرفه التونسي رحمه الله (المتوفى: 803 هـ):

- قال ابن عطية: روي أنهما (ملكان) اختصمت إليهما إمرأة .. وحكى القصة .. وضعفه ابن عطية من جهة السند.

- قال ابن عرفة: بل هو ضعيف من جهة الاستدلال .. فإنه قد قام الدّليل على عصمة الملائكة.

- ولا يقال: إنهما كانا معصومين .. ثم انتفت العصمة عنهما حينئذ .. فإنّ ذلك إنما هو فيمن يتّصف بالحفظ لا بالعصمة .. فيصح أن يحفظ تارة دون تارة .. أما العصمة فلا تزول عمن ثبتت له أبدا.

- (وقد) كان الشيوخ يخطئون ابن عطية في هذا الموضوع .. لأجل (ذكره) هذه الحكاية.

- ونقل بعضهم عن القرافي: أن (مالكا) أنكر ذلك في حق هاروت وماروت. (تفسير بن عرفه ج1 ص386).

13- قال الإمام السخاوي رحمه الله ( المتوفى: 902 هـ) – عن حديث نافع عن ابن عمر مرفوعًا:

- ولا يصح في المرفوع من هذا كله شيء .. وقال البيهقي في الشعب وتبعه المنذري في الترغيب والترهيب في هذا وقد قيل: وإن الصحيح وقفه على كعب. (الأجوبة المرضية فيما سئل السخاوي عنه من الأحاديث النبوية ج3 ص918). 

14- قال الإمام الألوسي رحمه الله (المتوفى:1270 هـ):

- ونصَّ الشهاب العراقي .. على أن من اعتقد في هاروت وماروت أنهما ملكان يعذبان على خطيئتهما مع الزهرة فهو كافر بالله تعالى العظيم .. فإن الملائكة معصومون (لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ) التحريم:6 ..، (لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ. يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ) الأنبياء:19-20.

- والزهرة كانت يوم خلق الله تعالى السماوات والأرض ..

- والقول بأنها تمثلت لهما فكان ما كان ورُدَّت إلى مكانها .. غير معقول ولا مقبول. (تفسير الألوسي ج1 ص340).

 

15- قال الإمام إبراهيم البيجوري رحمه الله (المتوفى:1276 هـ):

- وما نقل في قصة هاروت وماروت .. مما يذكره المؤرخون لم يصح فيه شيء من الأخبار، بل هو من افتراء اليهود وكذبهم، وتبعهم المؤرخون في ذكر ذلك. (حاشية الإمام البيجوري على جوهرة التوحيد ص222).

 

16- قال الإمام القاسمي رحمه الله (المتوفى:1332 هـ):

- وهذه القصة من اختلاق اليهود وتقولاتهم .. ولم يقل بها القرآن قط. (تفسير القاسمي ج1 ص366).

 

17- قال الإمام أحمد شاكر رحمه الله (المتوفى:1377 هـ):

- وهذه الأخبار في قصة هاروت وماروت .. وقصة الزهرة .. وأنها كانت امرأة فمسخت كوكبا - أخبار أعلَّها أهل العلم بالحديث.

- وقد جاء هذا المعنى في حديث مرفوع .. ورواه أحمد في المسند: 6178 .. من طريق موسى بن جبير، عن نافع، عن ابن عمر .. وقد فصلت القول في تعليله في شرح المسند .. ونقلت قول ابن كثير في (التفسير 1: 255):"وأقرب ما يكون في هذا أنه من رواية عبد الله بن عمر عن كعب الأحبار .. لا عن النبي صلى الله عليه وسلم". (تحقيق أحمد شاكر على تفسير الطبري عند الحديث رقم 1688).

 

#- وقد رد الإمام أحمد شاكر رحمه الله على ما زعمه الحافظ بن حجر العسقلاني في تصحيحه لحديث قصة هاروت وماروت .. وذلك في تعليقه على المسند ج5 ص416 حديث رقم 6178 فقال:

- أمَّا هذا الذي جزم به الحافظ بصحة وقوع هذه القصة صحة قريبة من القطع لكثرة طرقها وقوة مخارج أكثرها .. فلا .. فإنها كلها طرق معلولة أو واهية إلى مخالفتها الواضحة للعقل .. لا من جهة عصمة الملائكة القطعية فقط .. بل من ناحية أن الكوكب الذي نراه صغيراً في عين الناظر قد يكون حجمه أضعاف حجم الكرة الأرضية بالآلاف المؤلفة من الأضعاف .. فأنَّى يكون جسم المرأة الصغير إلى هذه الأجرام الفلكية الهائلة ..!! (انتهى النقل).

  

18- الإمام أحمد بن عبد الرحمن البنا الساعاتي (المتوفى: 1378 هـ) .. بعد أن نقل كلام ابن كثير أنه من الاسرائيليات .. ثم ذكر تعقيبا بعده فقال:

- (قال العلَّامة) السيد محمد رشيد رضا في تعليقه على هذه القصة قال: هذا هو الحق  وجميع تلك الروايات من خرافات اليهود التي كانوا يغشون بها المسلمين .. واذا كان بعض الصحابة قد صدق بعضها فلا عجب اذا اكثر التابعون القول فيها وشوه المفسرون كتبهم بها ..!!  

- قال: ومن المحقق أن هذه القصة لم تذكر في كتب اليهود المقدسة فإن لم تكن وضعت في زمن روايتها فهي من الكتب الخرافية ..

- ورحم الله ابن كثير الذي بين لنا ان الحكاية خرافة اسرائيلية وان الحديث المرفوع لا يثبت. اهـ. والله أعلم. (نقلا من شرح بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني على مسند الإمام احمد ج18 ص70-73).

 

#- يقصد بقوله (هذا هو الحق): كان تعقيبا على كلام بن كثير الذي قال فيه أن هذه القصة من الإسرائيليات.

- ملحوظة: لم أجد هذا الكلام في تفسير رشيد رضا .. ولعل الإمام أحمد البنا أخذ المعلومة من الإمام رشيد رضا تلقينا منه في أحد دروسه .. لأنه من أهل عصره وبلده وكلاهما أزهري مصري .. والله أعلم.

 

19- قال الإمام الطاهر بن عاشور رحمه الله (المتوفى:1393 هـ):

- ولأهل القصص هنا قصة خرافية .. من موضوعات اليهود في خرافاتهم الحديثة .. اعتاد بعض المفسرين ذكرها منهم ابن عطية والبيضاوي وأشار المحققون مثل البيضاوي والفخر وابن كثير والقرطبي وابن عرفة إلى كذبها وأنها من مرويات كعب الأحبار.

- وقد وهم فيها بعض المتساهلين في الحديث .. فنسبوا روايتها عن النبي صلى الله عليه وسلم .. أو عن بعض الصحابة بأسانيد واهية. (تفسير التحرير والتنوير ج1 ص643)

 

20- قال الإمام محمد أبو شهبه رحمه الله (المتوفى: 1403 هـ):

- ومن الموضوعات قصة "هاروت وماروت" .. وأنهما كانا ملكين نزلا إلى الأرض فهويا امرأة تسمى "الزهرة" .. واقترفا معها الإثم .. أما هي فمسخت الكوكب المعروف باسمها وأما هما فخيرا بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة فاختارا عذاب الدنيا.

- والمحققون من العلماء على أنها لا أصل لها .. وإنما هي من الإسرائيليات المكذوبة ألصقت بالإسلام زورا قصد الإساءة إليه. (الوسيط في علوم ومصطلح الحديث ص350).

 

#- وقال رحمه الله في كتابه الإسرائيليات بعد أن ذكر قصة هاروت وماروت:

- وكل هذا من خرفات بني إسرائيل .. وأكاذيبهم التي لا يشهد لها عقل .. ولا نقل .. ولا شرع .. ولم يقف بعض رواة هذا القصص الباطل عند روايته عن بعض الصحابة والتابعين ولكنهم أوغلوا باب الإثم .. والتجني الفاضح .. فألصقوا هذا الزور إلى النبي صلى الله عليه وسلم ورفعوه إليه. (الاسرائيليات والموضوعات ص161).

 

21- قال الشيخ الأرنؤوط (المتوفي:1438 هـ) .. في تخريج الحديث المنسوب للنبي في قصة هاروت وماروت – في صحيح بن حبان:

#- إسناده ضعيف.

- موسى بن جبير ذكره المؤلف "أي بن حبان" في "الثقات" .. وقال: يخطىء ويخالف .. وقال ابن القطان لا يُعرف حاله .. وقال الحافظ في التقريب: مستور..

- وزهير بن محمد - وهو التميمي- في حفظه شيء .. وله أغاليط .

- والصحيح أن هذا من قول كعب الأحبار نقله عن كتب بني إسرائيل. (تحقيق الشيخ شعيب الأرنؤوط على صحيح بن حبان ج14 ص64-65 حديث رقم 6186 – وللأرنؤوط تحقيق طويل لهذه الرواية واكتفيت فقط بما نقلته).

 

22- قال محققو مسند الإمام أحمد بن حنبل في الحديث المنسوب للنبي في قصة هاروت وماروت .. " وكان رئيس لجنة التحقيق شعيب الأرنؤوط":

#- إسناده ضعيف ومتنه باطل.

- موسى بن جبير - وهو الأنصاري المدني الحذاء-: ذكره ابن حبان في"الثقات"7/451 .. وقال: يخطىء ويخالف .. وقال ابن القطان: لا يُعرف حاله .. وقال الحافظ في "التقريب": مستور.

- وزهير بن محمد - وهو أبو المنذر الخراساني المروزي الخرقي- ذكره أبو زرعة في أسامي الضعفاء .. وقال أبو حاتم: محله الصدق وفي حفظه سوء .. واختلف قول ابن معين فيه .. فوثقه مرة وضعفه أخرى .. وضعفه النسائي .. وذكره ابن حبان في"الثقات"، وقال: يخطىء ويخالف .. وقال الدارمي: له أغاليط كثيرة .. وقال الساجي: صدوق منكر الحديث .. وذكره العقيلي وابن الجوزي والذهبي في جملة الضعفاء .. وبقية رجاله ثقات.

- والصحيح أن هذا الحديث لا تصح نسبته إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإنما هو من قصص كعب الأحبار، نقله عن كتب بني إسرائيل.

#- إلى أن قال محققو المسند في ختام بحثهم: ومهما كثرت الطرق الواردة في هذه الرواية، فإنها كلها ضعيفة، فلا تقوى بمجموعها في مثل هذا المطلب. (تحقيق محققو مسند احمد ج10 ص318 عند الحديث رقم 6178 – ولهم تحقيق طويل جدا لهذه الرواية ارجع له من يريد المزيد).

 

23- قال الشيخ الألباني رحمه الله (المتوفى:1420 هـ) – عن الحديث المنسوب للنبي في قصة هاروت وماروت:

- باطل مرفوعا.

- قلت: والموقوف صحيح.

 

- قلت: وقد استنكره جماعة من الأئمة المتقدمين .. فقد روى حنبل الحديث من طريق أحمد ثم قال: قال أبو عبد الله (يعني الإمام أحمد) : هذا منكر، وإنما يروى عن كعب، ذكره في " منتخب ابن قدامة " (11 / 213) ، وقال ابن أبي حاتم في " العلل " (2 / 69 - 70) : سألت أبي عن هذا الحديث ؟ فقال: هذا حديث منكر.

- قلت: ومما يؤيد بطلان رفع الحديث من طريق ابن عمر أن سعيد بن جبير ومجاهدا روياه عن ابن عمر موقوفا عليه. (سلسلة الأحاديث الضعيفة ج1 ص318 حديث رقم 170 – مختصر جدا في كلام الشيخ الألباني – مكتفيا بالأجزاء التي تخدم البحث)

 

#- (قلت خالد صاحب الرسالة): ومقصد الشيخ الألباني بقوله (والموقوف صحيح) أي أن القصة موقوفة أي منسوبة لكعب الأحبار .. ولكن من يقل أن النبي قالها فهذا باطل.. والله أعلم.

 

====================

 #- وخلاصة القول في الآراء كلها سواء الذين رووا الأحاديث أو عامة العلماء:

 

- كلامهم واحد .. وهو أن الروايات المنسوبة للنبي صلى الله عليه وسلم .. هي روايات غير صحيحة .. وأخطأ الرواة في نسبتها للنبي صلى الله عليه وسلم .. لأن من هو أوثق من هؤلاء الرواة قد أثبتوا أن هذه الرواية موقوفة على كلام التابعي كعب الأحبار الذي كان يهوديا فأسلم .. ومنه دخلت هذه القصة بين المسلمين.. والله أعلم.

 

#- ملحوظة: بخلاف ما ذكره السادة العلماء ونقلته عنهم هنا .. فقد سبق وذكرت سبب بطلان متن الرواية المنسوبة للنبي صلى الله عليه وسلم .. وذلك في الفصل الثامن عشر تحت عنوان: (س57: ما الحديث المنسوب بالباطل للنبي محمد في قصة هاروت وماروت ؟) – تحت عنوان فرعي: (ثانيا: نقد متن هذه الروايات المنسوبة للنبي في قصة هاروت وماروت).

*****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .