ج13: مسائل محتلفة عن زواج النبي - معنى قوله (وامرأة مؤمنة وهبت نفسها للنبي) - هل تزوج النبي من السيدة صفية لمجرد أنها أعجبته - هل النبي محمد كان يتزوج كثيرا من النساء كما يشاء حتى كانت زوجاته تتألم نفسيا وتتوجع وهو لا يبالي.

   بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

قصص غير صحيحة قيلت عن النبي مع المرأة الأجنبية

تحقيق قصة زواج النبي من صفية بنت حيي بن أخطب

وتحقيق آية (وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ)

(الفصل  الثالث عشر - والأخير)

#- فهرس:

:: الفصل الثالث عشر والأخير :: مسائل متفرقة عن زواج النبي – قصة زواجه من السيدة صفية - معنى آية (وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ) - وأثر مكذوب على ابن عباس جاء فيه أن النبي كان يتزوج كثيرا ما يشاء حتى كان زوجاته يتألمون نفسيا ويتوجعون بشدة ..!! ::

1- س31: ما معنى قوله تعالى (وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ) ؟

@- هل تزوج النبي أحد من النسوة اللاتي وهبن أنفسهن له ؟

 

2- س32: هل تزوج النبي من السيدة صفية لمجرد أنها أعجبته بعد أن وهبها للصحابي دِحية الكلبي ؟

@- أولا: ما سبب شراء النبي للسيدة صفية من الصحابي واعتقائها ثم الزواج منها ؟

@- ثانيا: هل يعيب النبي أن تعجبه امرأة جميلة فيتزوجها ؟

@- ثالثا: هل النبي صلى الله عليه وسلم وهب السيدة صفية للصحابي ثم استرد هبته من الصحابي بعد ذلك ؟

@- رابعا: هل تزوج النبي السيدة صفية بدون رضاها ؟

 

3- س34: هل كان النبي يتزوج ما شاء من النساء وكان نساؤه يشعرن بضيق شديد جدا وألم نفسي موجع بسبب فعل النبي ؟

4- ختام الرسالة – والحمد لله رب العالمين.

 **********************

 :: الفصل الثالث عشر - والأخير ::

**********************

 

..:: س31: ما معنى قوله تعالى (وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ) ؟ ::..

 

#- قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) الأحزاب: 50.

 

#- أولا: البعض يظن من قوله (وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ) أن المرأة كانت تأتي النبي وتقول له أنا ملكك .. فكان النبي يأخذها ويستمتع بها ثم يتركها ..!!

 

- والحقيقة أن هذا تصور خاطيء ولا وجود له أصلا في النص القرآني .. ليه ؟

- لأن الوهب المقصد به في الآية هي أن توهب له حقها من الصداق أو المهر .. فتطلب من النبي أن يتزوجها بدون مهر أي هي متنازلة عن مهرها .. ولذلك قالت الآية: (إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا) أي لو أراد أن يتزوجها.. وأن هذا الوهب خصوصية نبوية وليست لأي أحد .. فلابد لصحة عقد الزواج أن يتم مهر المرأة بأي مقابل تقبل به المرأة.

 

#- ثانيا: هل تزوج النبي أحد من النسوة اللاتي وهبن أنفسهن له ؟

- لا .. لم يتزوج النبي أي امرأة بغير مهر .. وبالتالي لم يتزوج أي امرأة من اللاتي وهبن أنفسهن له ليتزوجهن بدون مهر.

 

- وكل ما قيل وكتب في كتب التراث من حدوث ذلك فهو باطل ولم يحدث .. وقيل أن السيدة ميمونة بنت الحارث زوجته .. ولكن هذا كلام لم يصح عليه دليل سوى آثر رواه الطبري في تفسيره عن قتادة عن ابن عباس وهو أثر لا يصح لتدليس قتادة وعدم سماعه من ابن عباس ..!!

 

- وفي العموم .. لم يصح أي رواية تكلمت أو جاء فيها عن أي امرأة وهبت نفسها للنبي وقبل النبي أن يتزوجها .. لا .. لم يحدث أن قبل النبي أي امرأة وهبت نفسها له.

 

- وكل ما يقال في بعض كتب السير .. من أن النبي تزوج امراة وهبت نفسها له .. فهو باطل لم يحدث .. والله أعلم.

 

@- واعلم أخي الحبيب:

- كان الغرض من ذكر هذه الآية (وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ) في هذه الرسالة .. هو إزالة أي لبس أو غموض قد يكون محتمل في نفسية البعض .. إذ لا أستبعد أن يكون البعض ظن من هذه الآية أن النساء كن يوهبن أنفسهن للنبي ليستمتع بهن ثم يتركهن .. وكأنه كان يقضي بهن وقت الليل فقط ..!! لا .. بل التي كانت تهب للنبي التنازل عن مهرها فقد كان ليتزوج بها .. من باب التنازل عن حقها مقابل أن يرضى أن يتزوج بها ..

- والله أعلم.

 

************************

 

..:: س32: هل تزوج النبي من السيدة صفية لمجرد أنها أعجبته بعد أن وهبها للصحابي دِحية الكلبي ؟ ::..

 

- بعد غزوة خيبر وانتصار المسلمين .. وتم جمع الغنائم .. وكان في السبي (الأسرى) منهم رجال وأولاد ونساء .. وجاء عن ذلك قصة ..

 

أ- جاء في (حديث صحيح) .. فجاء عن أنس بن مالك قال: (فَجَاءَ دِحْيَةُ الكَلْبِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عنْه، فَقالَ: يا نَبِيَّ اللَّهِ، أعْطِنِي جَارِيَةً مِنَ السَّبْيِ .. قالَ: اذْهَبْ فَخُذْ جَارِيَةً .. فأخَذَ صَفِيَّةَ بنْتَ حُيَيٍّ .. فَجَاءَ رَجُلٌ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقالَ: يا نَبِيَّ اللَّهِ، أعْطَيْتَ دِحْيَةَ صَفِيَّةَ بنْتَ حُيَيٍّ سَيِّدَةَ قُرَيْظَةَ والنَّضِيرِ .. لا تَصْلُحُ إلَّا لَكَ .. قالَ: ادْعُوهُ بهَا فَجَاءَ بهَا .. فَلَمَّا نَظَرَ إلَيْهَا النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: خُذْ جَارِيَةً مِنَ السَّبْيِ غَيْرَهَا .. قالَ: فأعْتَقَهَا النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وتَزَوَّجَهَا .... إلى آخر الرواية) صحيح البخاري ومسلم.

 

ب- وجاء في رواية:  أَنَسٌ قَالَ: (صَارَتْ صَفِيَّةُ لِدِحْيَةَ فِي مَقْسَمِهِ، وَجَعَلُوا يَمْدَحُونَهَا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: وَيَقُولُونَ: مَا رَأَيْنَا فِي السَّبْيِ مِثْلَهَا .. قَالَ: فَبَعَثَ إِلَى دِحْيَةَ .. فَأَعْطَاهُ بِهَا مَا أَرَادَ) رواه مسلم.

 

ج- وجاء في رواية: (وَوَقَعَتْ فِي سَهْمِ دِحْيَةَ جَارِيَةٌ جَمِيلَةٌ .. فَاشْتَرَاهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعَةِ أَرْؤُسٍ "أي من الإماء اللاتي كن من نصيب النبي في هذا الأسر" ) رواه مسلم.

 

#- ملحوظة: الرواية (ب ، ج) هذه الرواية مروية بالمعنى تصرفا من بعض الرواة .. رواها مختصرة بالمعنى عن أنس بن مالك .. بخلاف الرواية الأولى .. فانتبه.

 

د- وفي رواية بلفظ: عَنْ أَنَسٍ .. ومما جاء في الحديث: ( .... فَقَسَمَ الْغَنَائِمَ فَوَقَعَتْ صَفِيَّةُ فِي سَهْمِ دِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ .. فَقِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّهُ قَدْ وَقَعَتْ جَارِيَةٌ جَمِيلَةٌ فِي سَهْمِ دِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ .. فَاشْتَرَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعَةِ أَرْؤُسٍ , فَبَعَثَ بِهَا إِلَى أُمِّ سُلَيْمٍ تُصْلِحُهَا .. قَالَ: وَلَا أَعْلَمُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: وَتَعْتَدُّ عِنْدَهَا ....) رواه ابن أبي شيبه في مصنفه. (بسند صحيح).

 

- وعِدَّة الإماء .. يكون بنزول الحيض بعد السبي فتكون انتهت عدتها .. أو لو كانت حامل بنزول الحمل.. والله أعلم.

 

هـ- وجاء في رواية فيها ضعف ويشهد لها الروايات السابقة .. عن علي بن عاصم عن حميد الطويل عَنْ أَنَسٍ قَالَ: (لَمَّا أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ.

- قَالَ لَهَا: هَلْ لَكِ فِيَّ؟ "أي هل لك في رغبة بالزواج مني" ..

- قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ لَقَدْ كُنْتُ أَتَمَنَّى ذَلِكَ فِي الشِّرْكِ .. فَكَيْفَ إِذْ أَمْكَنَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُ فِي الْإِسْلَامِ ؟

- قَالَ: فَأَعْتَقَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَزَوَّجَهَا ... إلى آخر الرواية) رواه أبو القاسم تمام في فوائده برقم 1701.. (قلت خالد صاحب الرسالة): الحديث فيه ضعف .. إذ في سند الحديث (علي بن عاصم): فيه ضعف .. قال عنه بن حجر صدوق يخطيء ..، والبخاري قال فيه أنهم كانوا يتكلمون فيه ، ووثقه العجلي .. والمفيد من الكلام أنه مختلف عليه وإن كان الغالب هو أنه يخطيء أحيانا في روايته للحديث ..، وفي سند الحديث أيضا (حميد الطويل) قد دلس في الرواية عن أنس ولم يصرح بالسماع منه.

 

#- السيدة صفية بن أخطب .. كانت تجمع بين ثلاثة أمور:

1- كانت من سلالة بيت النبوّة من ولد هارون عليه السلام.

2- وكانت سيدة في بيت رؤساء قومهم .. فأبوها سيد قريظة .. وكان زوجها ابن سيد بني النضير قتل عنها وهو عروس.

3- وكانت جميلة.

 

#- والآن بعد ما سبق .. نسأل بعض الأسئلة:

@- أولا: ما سبب شراء النبي للسيدة صفية من الصحابي واعتقائها ثم الزواج منها ؟

- أجد في ذلك ثلاثة أسباب .. منهما سببين رئيسيين وسبب فرعي فمن ذلك:

 

أ- السبب الرئيسي الأول: أن النبي لاحظ حدوث فتنة ستظهر بين المسلمين لو أخذ دحية الكلبي السيدة صفية من غنائم قسمته .. وكأن كل واحد سيقول ولماذا هو من أخذها ؟!! وهذا يظهر بوضوح من رواية البخاري ومسلم من ألفاظ (فجاء رجل) وهذا يعطيك انطباع بان البعض وجد في نفسه شيئا من عدم العدالة في القسمة ... ثم قول الرجل: (أعْطَيْتَ دِحْيَةَ صَفِيَّةَ بنْتَ حُيَيٍّ سَيِّدَةَ قُرَيْظَةَ والنَّضِيرِ .. لا تَصْلُحُ إلَّا لَكَ) .. وكأن الرجل أراد أن يقول للنبي هذه القسمة ستتسبب في إشكالية .. ولكنه كان مؤدبا وقال للنبي: (لا تَصْلُحُ إلَّا لَكَ).

 

- فأراد النبي أن يغلق هذا الباب تماما .. حتى لا يكون سبب فتنة للمسلمين.. فاشتراها من دِحية الكلبي مقابل سبعة من الإماء ممن كن في حصة النبي من السبي.

 

- ولو انتبهت فستجد أن النبي اتخذ القرار باستدعاء دِحية وصفية معا .. ليتبين الأمر .. ثم فهم لماذا ستحدث فتنة وذلك لمكانة صفية وجمالها..

 

ب- السبب الرئيسي الثاني: لاحظ النبي صلى الله عليه وسلم علو شرف ومكانة السيدة صفية إذ هي من نسل هارون عليه السلام .. فأراد أن يعتقها ويكرمها لكرامة أجدادها .. فكما كانت من نسل الأنبياء فالأليق بها أن تكون في بيت نبوة .. فمثلها لا يكون من العبيد.

 

ج- أما السبب الفرعي: فهو كونها جميلة .. فازدادت جمالا على جمال النسب النبوي الذي كان فيها ..

 

#- ولكن السببين الأوليين هما السبب في شرائها .. دفعا للفتنة .. ومثلها لا يكون محلا للعبودية بل للتكريم.

 

@- ثانيا: هل يعيب النبي أن تعجبه امرأة جميلة فيتزوجها ؟

- جاء في ألفاظ الروايات السابقة: (وَجَعَلُوا يَمْدَحُونَهَا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ، (وَوَقَعَتْ فِي سَهْمِ دِحْيَةَ جَارِيَةٌ جَمِيلَةٌ) ...

أ- أولا: هذه من ألفاظ الرواة وتصرفاتهم في قول الرواية بالمعنى عن أنس بن مالك .. لأن الرواية الأصلية هي ما ذكره البخاري ومسلم .. وجاء فيها أن رجل أتى للنبي وأخبره أن صفية لا تصلح إلا له .. وهذا فقط هذا ما قيل ..

- أما ما جاء في باقي الروايات .. فهو من زيادات الرواة حسبهم فهمهم وحفظهم ..، لأنه كيف يقال (جعلوا يمدحونها) في حين أن الذي مدحها للنبي هو رجل واحد ..؟!!

 

- فانتبه لما ذكرته لك .. لتميز بين الرواية الأصلية والرواية بالمعنى المختصر.. وحتى لا تظن أن الدافع عند النبي لشراء صفية هو مجرد أنها كانت جميلة فقط .. لا .. بل كان يوجد أسباب أخرى تكشفها الروايات مع بعضها البعض.

 

ب- من ناحية أخرى لا يوجد مانع من أن يعجب النبي بامرأة فيتزوجها ..  إذ قال تعالى: (لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ) الأحزاب:52 .. فمجرد الإعجاب بالشيء لا إشكالية فيه لأنه دليل القبول النفسي.

 

#- انتبه: هذا بخلاف ما تكلمنا عنه في أول الرسالة عن الروايات التي تكلمت عن مرور امرأة بالنبي فأعجبته حتى وقعت شهوة النساء في قلبه .. فهذا لا يليق بالنبي أن نظن فيه انفعال الشهوة فيه من مجرد إعجاب بنظرة .. إلا لو لم تكن مجرد نظرة إعجاب ..!! وقد ناقشنا هذه المسالة في محلها من هذه الرسالة .. ولا داعي لتكرارها.

 

@- ثالثا: هل أخذ النبي صلى الله عليه وسلم السيدة صفية بعد أن وهبها للصحابي دِحية الكلبي ؟

- لا .. أنت فاهم خطأ .. فالنبي لم يوهبها له أصلا حتى يسترد هبته منه .. وإنما أشار إليه أن يأخذ جارية كنصيب له من جواري السبي .. فلما أخذها .. ولاحظ ظهور الفتنة ستبدأ تظهر بكونه لماذا هو من أخذ صفية وهي الاعلى منزلة وشرف ومكانة وجمالا بين السبايا .. فطلب النبي من دِحية شرائها منه وقبل ذلك مقابل سبعة من الإماء .. ووافق النبي.

 

@- رابعا: هل تزوج النبي السيدة صفية بدون رضاها ؟

- لا .. أنت فاهم خطأ .. لأنه بعد أن اشتراها النبي من الصحابي .. فالنبي استأذنها لو كانت لها رغبة في إمكانية الزواج به .. وقبلت بالنبي ورحبت بذلك .. وقالت بما معناه أنها كانت ترجو ذلك حين كانت على اليهودية .. فكيف لا تقبل به وهو نبي الله وخاتم النبيين.. فأعتقها النبي وتزوجها.

 

#- واعلم أخي الحبيب:

- أن سبب ذكري لهذه القصة وروايتها .. بسبب ما قد يخطر على بالك من ألفاظ في بعض الروايات يسبب لك إشكالية .. خاصة ما جاء في رواية مسلم بلفظ (وَجَعَلُوا يَمْدَحُونَهَا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .. وَيَقُولُونَ: مَا رَأَيْنَا فِي السَّبْيِ مِثْلَهَا .. قَالَ: فَبَعَثَ إِلَى دِحْيَةَ .. فَأَعْطَاهُ بِهَا مَا أَرَادَ) فتظن أن سبب زواج النبي من صفية هو إعجابه بجمالها .. في حين أن هذه رواية مختصرة ومروية بالمعنى عن فهم أحد الرواة .. لأن الرواية الأصلية تكشف لنا أن الذي ذكر حال صفية للنبي هو رجل واحد وذكر للنبي أن مثلها لا يليق إلا بك .. وكأنه أراد أن يقول له: لوأد الفتنة عليك أن تفعل ذلك يا رسول الله.

 

- هذا اجتهادي فيما سبق .. والله أعلم.

 

***************************

..:: س33: هل كان النبي يتزوج ما شاء من النساء وكان نساؤه يشعرن بضيق شديد جدا وألم نفسي موجع بسبب فعل النبي ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- من الخرافات التي تجدها في بعض كتب التفسير .. قولا منسوبا لابن عباس قال فيه: "كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يتزوج من أى النساء شاء، وكان يشق ذلك على نسائه" ..!!

 

#- فلما بحثت عن ذلك الأثر .. وجدته في الآتي:

- جاء في (أثر ضعيف جدا – ومتن منكر جدا – وغالبا هو متن مكذوب على ابن عباس) .. عن مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: (قَوْلُهُ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ} [الأحزاب: 50] . . إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، قَالَ: " حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ مَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ النِّسَاءِ؛ وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ يَنْكِحُ فِي أَيِّ النِّسَاءِ شَاءَ، لَمْ يُحَرِّمْ ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَكَانَ نِسَاؤُهُ يَجِدْنَ مِنْ ذَلِكَ وَجْدًا شَدِيدًا (أي ألما نفسيا شديدا) أَنْ يَنْكِحَ فِي أَيِّ النَّاسِ أَحَبَّ) رواه الطبري في تفسيره.

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

1- أثر ضعيف جدا ومتن منكر جدا .. وغالبا المتن ملفق لابن عباس أو مكذوب عليه.

- والذي يدل على كذب هذه الرواية المنقولة عن ابن عباس .. هو أن أزواج النبي معروفين .. أحدى عشر امرأة .. مات اثنتين في حياته النبي وهما السيدة خديجة والشيدة زينب بنت خزيمة .. ومات النبي عن تسعة نساء ..

 

2- وهذا السند ضعيف جدا .. إذ فيه (عطيه العوفي) وابنه (الحسن بن عطية العوفي) و (محمد بن الحسن بن عطية) و (الحسين بن الحسن بن عطية العوفي) وهو عم سعد بن محمد العوفي .. جميعهم ضعفاء .. وهذا يسمى بسند العوفيين .. ومنتشر بكثرة في التفاسير .. فإذا رأيت هذا السند فاعرف مباشرة أنه سند ضعيف جدا.

 

#- وقال الإمام أحمد شاكر رحمه الله في تخريج تفسير الطبري: "هذا الإسناد من أكثر الأسانيد دورانا في تفسير الطبري، وهو إسناد مسلسل بالضعفاء من أسرة واحدة إن صح هذا التعبير - وهو معروف عند العلماء بتفسير العوفي". (انتهى النقل).

 

@- واعلم أخي الحبيب:

- كان الغرض من ذكر هذه الرواية المنسوبة لابن عباس .. في هذه الرسالة .. حتى لا تقع في يد أحد .. ويظن فعلا صحة ما جاء فيها .. ويعتقد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان فعلا يتزوج من أي النساء شاء في أي وقت وأي مكان كما يحلو له وكانه كان متفرغا فقط للزواج ..!! ثم أكذوبة أن أزواجه كن يتألمن ويتوجعن من وراء ذلك .. لا .. فهذا كله كذب في كذب .. وإنما كانت غيرة نساء فهذا أقصى ما في الأمر إن حدث.

- والله أعلم.

 

@- وختاما لهذه الرسالة أخي الحبيب:

- أصل هنا لختام الرسالة التي تكلمت فيها عن ثلاث قصص قيلت في حق النبي صلى الله عليه وسلم .. وهي قصص قيلت في إعجاب النبي بالنساء المصحوب بتحريك الشهوة فيه .. علما بأنه لا مانع من حدوث الإعجاب بامرأة من حيث المظهر .. إذ قال تعالى: (لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ) الأحزاب:52.

 

- ولكن أن يتخطى حدود الإعجاب ما صورته الروايات الباطلة .. من تحريك الشهوة في قلب النبي حتى يقوم من بين أصحابه فيخلو بزوجته ثم يعود فيخبرهم بما فعله .. أو يرجو في نفسه الطمع في زوجة زيد الذي كان ابنه بالتبني .. وما شابه ذلك من الوساخات التي تم ذكرها في روايات ما بين مكذوبة وضعيفة جدا وضعيفة ومجهولة .. فهذا ما لا يقبله مؤمن ولا يصح تصديقه في حق النبي صلى الله عليه وسلم .. والنبي بريء من هذه الروايات المدسوسة عليه والملفقة له ..

 

@- وهذا آخر ما أردت كتابته في هذه الرسالة .. والحمد لله رب العالمين.

 

********************

 

:: ختام " رسالة قصص غير صحيحة عن إعجاب النبي بالمرأة الأجنبية – وتحقيق قصة زواجه من زينب بنت جحش – وقصة زواجة من صفية بنت حيي بن أخطب – وتحقيق مسألة مَن وهبت نفسها للنبي " ::

 

- الحمد لله رب العالمين .. على ما أمدني به من العزيمة والقوة والعقل في الرد على ما سخرني فيه وأعانني عليه بمدد منه .. وأسأله القبول .. وأسأله الرضا عني وأن يغفر لي ويرحمني ويعفو عني .. وأن يرزقني القلب السليم ودوام معيته حتى يقبضني إليه وهو راض عني .. فاللهم أرزقني القلب السليم ودوام معيتك يا رب العالمين يا أرحم الراحمين.

 

- اللهم اغفر لوالدي وارحمهما واعفو عنهما واجعلهما نورا .. واغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات ..  في كل زمان ومكان .. آمين يا رب العالمين . 

 

اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم

اللهم عفوك ورضاك

وأسألك القبول

ولا حول ولا قوة إلا بالله

 

- وكان ختام "رسالة رسالة قصص غير صحيحة عن إعجاب النبي بالمرأة الأجنبية – وتحقيق قصة زواجه من زينب بنت جحش – وقصة زواجة من صفية بنت حيي بن أخطب – وتحقيق مسألة من وهبت نفسها للنبي" .. وذلك بتاريخ 7/مايو/2025 .. وقد تم بداية رفعها على مدونة الروحانيات في الإسلام بتاريخ 18/إبريل/2025 .. والحمد لله على ما أكرمني به من كتابة .. ولا حول ولا قوة إلا بالله ..

****************************

 

- ( سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ . وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ .  وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) الصافات 180-182 ..

- سبحان الله وبحمده – سبحانك اللهم وبحمدك – أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك .. والحمد لله رب العالمين .

- اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وأبلغه مني السلام .. السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته.

وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته .. والحمد لله رب العالمين

اللهم كما أعنتني .. فتقبل مني يا أرحم الراحمين

آمين يارب العالمين 

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .