ج5: رسالة التعريف بالحقائق والضوابط والأصول الإيمانية - الأصل الثاني هو دوام التوبة مع الإعتراف بالذنب - ما هي عبادة الإعتراف بالذنب والندم عليه - حضرة القدوس لا يدخلها عبيد النفوس - من هو المؤمن القديس والعبد الرباني - معنى طهورية النفس وضرورتها - معنى اسم الله القدوس - الفرق بين التسبيح والتقديس - معنى (سبوح قدوس) - ما علاقة الندم بالإعتراف بالذنب والفرق بينهما - ما الذي تفعله بك الذنوب ؟ من تسليط شيطان وخراب الحال إلى الهلاك - لماذا الإعتراف بالذنوب مهم - ما هو معنى الإعتراف بالذنب في آية (اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ) - هل كان الإعتراف بالذنب هو فعل النبي - هل أرشد سيدنا محمد أحدا ليعترف بذنوبه - هل اعترف أحدا من الأنبياء بأخطاءه أو ذنوبه - قلوب مؤمنة تتوسل بالإعتراف - الكافر يعترف بذنوبه - اعترافات يوم القيامة من الأنبياء - لماذا بعد كل هذا لا نعترف بذنوبنا هل هو كبر في النفوس؟

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة التعريف بالحقائق والضوابط الإيمانية

لطالب القرب من الحضرة الإلهية

طريقة ومنهج أهل الإيمان في العلاقة مع الله

(أساسيات واجبة  - وضوابط لازمة – وأصول ثابتة  - وتنبيهات هامة)

(الجزء الخامس)

2- أصول إيمانية هامة عليك أن تعرفها أثناء سلوك منهج اهل الإيمان -

* فهرس :

::الجزء الخامس:: أصول إيمانية هامة عليك أن تعرفها أثناء سلوك منهج أهل الإيمان ::الأصل الثاني (دوام التوبة مع الإعتراف بالذنب) ..

:: الفصل الأول :: مفهوم عبادة الإعتراف بالذنب .

1- ما هي عبادة الإعتراف بالذنب والندم عليه ؟

2- حضرة القدوس لا يدخلها عبيد النفوس ؟

3- من هو المؤمن القديس والعبد الرباني ؟

4- معنى طهورية النفس وضرورتها ؟

5- معنى اسم الله القدوس ؟

6- الفرق بين التسبيح والتقديس ؟

7- معنى (سبوح قدوس) ؟

8- ما علاقة الندم بالإعتراف بالذنب والفرق بينهما ؟

9- ما هو معنى الذنب ؟

10-  ما الذي تفعله بك الذنوب ؟ من تسليط شيطان وخراب الحال إلى الهلاك ..

11- إذا أردت الإغتراف فعليك بالإعتراف ؟ 

12- ما المانع أن تعترف بذنبك وتقصيرك في حق الله ؟

13- لماذا الإعتراف بالذنوب مهم ؟ 

14- هل الإعتراف يكون بالذنوب فقط ؟ 

15- سيأتي لك الشيطان وقت اعترافك ويقول لك: عيب ألا تستحي ؟ 

16- هل أقرَّ الله في القرآن عبادة الإعتراف وقبلها ؟ 

17- ما هو معنى الإعتراف بالذنب في آية (اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ) ؟ 

18- الإعتراف بالذنب هل يعتبر توبة أم لا ؟ 

:: الفصل الثاني :: في محراب الإعتراف .

19- في محراب الإعتراف مع النبي صلى الله عليه وسلم ؟

20- هل كان الإعتراف بالذنب هو فعل النبي صلى الله عليه وسلم ؟

21- لماذا كان يستغفر صلى الله عليه وسلم وهو المغفور له ؟

22- هل أرشد سيدنا محمد أحدا ليعترف بذنوبه ؟ 

23- هل اعترف أحدا من الأنبياء بأخطاءه أو ذنوبه ؟

24- قلوب مؤمنة تتوسل بالإعتراف وقلوب عاصية تجهر بالإعتراف؟

25- حتى الكافر يعترف ؟

26- الإعترافات يوم القيامة من العصاة ومن الأنبياء ؟

27- في محراب القهر الإلهي .. ولا حول ولا قوة إلا بالله ؟ 

28- لماذا لا نعترف بذنوبنا.. ما هذا الكبر الذي في نفوسنا ؟ 

29- ما المطلوب منك إيمانيا في سلوك لطريق الإيمان ؟ 

*************************

(هذا الجزء طويل جدا ولكنه مهم جدا جدا)

:: وقد تم تقسيمه على فصلين ::

************************

(الجزء الخامس)

( أصول عليك أن تعرفها أثناء سلوك منهجنا )

***********************************

(الأصل الثاني)

(اعترف بذنبك منكسرا بقلبك وإن لم تعصي لأنها عبودية)

( عليك بدوام التوبة مع الإعتراف بالذنب)

********************************

:: الفصل الأول ::

..:: مفهوم عبادة الإعتراف بالذنب ::..

***********************************

-  هذا الفصل بعضه منقول من موضوع (التشريفات الإلهية للأمة المحمدية .. بين طهارة الإعتراف وكرامة الإغتراف) للأستاذ خالد أبوعوف ..

******************************

..:: ما هي عبادة الإعتراف بالذنب والندم عليه ؟ ::..

- من عجيب الناس وغرائبهم .. أنك تقابل بعض من يزعم أنه مؤمن وملتزم ويحب أن يقال له داعية وشيخ .. وتتكلم معه عن عبادة الإعتراف .. ثم يتهمك أنك أتيت بعبادة جديدة .. ولذلك أنت إنسان تأتي ببدعة بل وقد ضللت الطريق .. حيث أن كتبه الموجوده عنده لم تتكلم في ذلك .. ومشايخه لم يخبروه بذلك .. !! وبالرغم من كونه حافظ للقرآن والأحاديث .. وإنما حفظها لا ليحفظها بالإيمان الصادق ، وإنما ليتعالم على خلق الله ، حتى طمس الله بصيرته وأعمى قلبه عن إدراك الحق الذي هو يعلمه ويحفظ حروفه .. ولكن الله أعماه وأضله على علم ..!!

- بل وتزداد عجبا حينما تتكلم عن عبادة الإعتراف .. ويتهمك البعض الآخر بأنك تتبع المنهج المسيحي في الغفران .. وأن هذه عبادة لا وجود له في دين المسلمين ..!!

- أحببت أن أذكر لك هذا أخي الحبيب .. حتى تعلم إلى أي مدى تجد من يزعم نفسه شيخ وداعية .. ما هو إلا جاهل ضال .. مطموس البصيرة .. لأنه ارتضى أن يزكي نفسه على الله ،ويتعالم على خلق الله ،ويعجب برأيه ،ويحتقر من خالفه ويسخر منه .. فحجب الله عنه حكمته ومعرفته .. وأبقى له حفظ الحروف في عقله ليكون ذلك حجة عليه وشاهد أنه لم يعمل بما علم ..!!

- أخي الحبيب .. اعلم انك ستقابل من هذه النفوس الكثير .. التي هي بمثابة عوائق ستحاول إعاقتك في طريق الإيمان .. لأن الشيطان يسلط هذه النفوس عليك في محاولة منه لإبعادك عن طريق الإيمان الصادق .. فاحذر جماعة الظلام التي قد اتخذت من عبودية النفس والهوى منهجا لها ..!!

- أخي الحبيب .. السالك لطريق الإيمان طلبا لله .. فأنت مريد الحق .. أي طالب الحق سبحانه وتعالى .. وطالب الحق لا يصح أن يدخل في حضرة الحق وهو ملطخ بالباطل .. ولذلك عليك دائما أن تعترف بذنبك وتجدد هذا الاعتراف لأن الإعتراف بالذنب هو عبودية لله تعالى .. فهذا ليس مجرد اعتراف .. وإنما عبادة أن تفعلها لترضي بها الله وتطهر بها نفسك ..

****************************

..:: حضرة القدوس لا يدخلها عبيد النفوس ::..

- وكما نعلم أن حضرة القدوس لا يدخلها عبيد النفوس .. أي أن لا يصح لك الإحساس بمجالسة الجناب الإلهي وأنت تعبد نفسك وتطلب شهواتها بطريقة تحجبك عن مولاك ..

- ومعنى اسم الله القدوس: أي الطاهر في ذاته وصفاته وأفعاله .. بلا نقص ولا عيب .. أي تثبت له الكمال المطلق في كل شيء .. فطلبك لمجالسة القدوس سبحانه .. يتطلب منك أن يكون فيك شيء من القدوسية النفسية .. أي طهورية النفس من قلب وعقل ..

- ولذلك يوصف المؤمن الصادق بالقديس أو العبد الرباني .. ومعناه هو الذي يقدس ربه بالتمجيد والتعظيم وإثبات الكمال لله ، ويطهر نفسه من الشهوات والرغبات لتطويع نفسه لمراد ربه ..

- والعبد الرباني : لا يتطهر بعزيمة نفسه وإنما بمدد من ربه .. وذلك هو يظل مداوما بالدعاء والإنكسار بين يدي مولاه سبحانه .. طالبا من مولاه أن يوفقه إلى هذا الطهر القلبي والعقلي الذي يستحق به مجالسة القدوس سبحانه وتعالى .. ولذلك أوصى النبي صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل فقال له (أوصيك يا معاذُ لا تَدَعَنَّ في دُبُرِ كلِّ صلاةٍ تقول: اللهمَّ أعِنِّي على ذكرِك وشكرِك وحسنِ عبادتِك) صحيح أبي داوود .

- والعبد الرباني : الذي تعلم العلم الإلهي وجاهد نفسه ليتفق فعله وقوله مع مراد الحق حتى بات معلما للحكمة الربانية ومرشدا إليها .. فيرشد الناس لتعظيم الله والإيمان به .. قال تعالى (كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ) آل عمران79 ..

- وكلما قدست مولاك وأثبت له كل كمال .. وقدست نفسك لتستجيب لمراد الله .. كلما وجدت الإحسان بالإحسان .. وستجد من تجليات اسم الله القدوس عليك .. فيقدسك من خطاياك ويصطفيك بالمعية والكرامات .. وإلا فلا تقديس لك لو ظللت على عصيانك لله .. يقول صلى الله عليه وسلم .. (كيفَ يقدِّسُ اللَّهُ أمَّةً لا يؤخَذُ لضَعيفِهِم من شديدِهِم) صحيح بن ماجه .. !!

- والفرق بين التقديس والتسبيح لله .. أن التقديس إثبات كل كمال لله .. ولكن التسبيح هو سلب كل نقص عن الله .. وهذا هو فعل الملائكة (نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ) البقرة30 ..

- ومعنى قول النبي "سبوح قدوس رب الملائكة والروح" : أي أنت بعيد تماما يارب عن كل نقص وعيب .. وطاهر في ذاتك بالكمال المطلق .. والله أعلم .

- فالتسبيح هو سلب عن الله كل نقص .. والتقديس هو إثبات لله كل كمال .. كأنك تقول مثلا (أنت لست ظالم يارب .. أنت العادل يارب) ..

- وكان من لطائف علمائنا السابقين .. أنه كان من دعاء علمائنا لسلفهم حيث ذكرهم لأسمائهم أو كتابتها أن يقولوا قال فلان :"قدس الله روحه" .. أي طهر الله نفسه من أي ذنب فعله .. ليستحق معية الله وجواره بلا حساب ولا سابقة عذاب كرامة له من الله ..

*************************

..:: معنى طهورية النفس وضرورتها ::..

- فإذا علمت ما سبق أن طهورية العبودية هي أمر مهم .. وهذه العبودية تستوجب طهورية النفس .. وهذه النفس تستوجب مجاهدة .. وهذه المجاهدة تستوجب عزيمة .. وهذه العزيمة تستوجب مدد من الله .. وهذا المدد يستوجب إنكسار وافتقار إلى الله ليمنحه لك .. فكان لازم عليك أن تؤمن أنه الأول والآخر والظاهر والباطن .. وعليك دائما الأخذ منه سبحانه في أول حركاتك وآخرها .. وفي ظاهرك وباطنك .. وكل ذلك يكون ببركة "بسم الله" .. حتى تستحق المدد والمعونة من الله ..

- واقصد بطهورية النفس .. طهورية القلب والعقل .. لأنها مدارك النفس في استقبال الإيمان وأحداث الحياة .. فعليك حينئذ أن تحافظ على طهوريتك مع الله .. وذلك بطهورية نفسك .. والتي أول خطواتها تكون بدوام الإعتراف طول عمرك بالتقصير وأنك مذنب .. ثم تجتهد في التوبة للإبتعاد عن المعصية بأقصى جهد .. ثم تجدد إيمانك بالعمل الصالح مع مولاك .. إلى يوم أن تلقاه ..

*************************

..:: لا تحزن إن غلبتك نفسك وعدت للمعصية ::..

- لا تحزن إن غلبتك نفسك وعدت للمعصية .. فإن حدث .. فاغلب نفسك بإيمانك أنه غفور رحيم وجدد إيمانك مرة أخرى بالندم والإعتراف والتوبة والعمل الصالح .. ولا تقطع هذه الدائرة أبدا .. كلما غلبت نفسك فاغلبها بان الله غفور رحيم واعمل صالحا وقل يارب وقف مجددا في رحاب مولاك .. (وسيأتيك تنبيه بخصوص هذا الموضوع بالذات في جزء التنبيهات فأمسك فيه بكلتا يديك واحرص عليه) .. وكلما عصيت فارجع إليه .. حفظك الله من كل سوء ومكروه ومعصيه .. آمين .

**********************

..:: هل هناك علاقة بين الندم والإعتراف بالذنب ؟ ::..

- ونظرا لأن عبادة الإعتراف بالذنب غالبا غير موجودة في الكتب .. لأن اهتمام من يكتبون في الدين يكون عن التوبة بصفة عامة .. ولكن التوبة هي الفعل الثاني للتخلص من الذنب .. وليس الفعل الأول .. الذي هو الندم والإعتراف بالذنب..!!

- وحينما قال النبي (الندم توبة) صحيح بن ماجه .. فهو يشير إلى فعل الإنسان بإنكسار في نفسه معترفا بأنه فعل ما فيه خطيئة .. فهل أنت ندمت معترفا بذنبك أمام مولاك .. أم أنك تستكبر عن الإعتراف بذنبك وكأن تتهم الله بين نفسك وتقول لله : أنت من فعلت بي ذلك ؟!! .. وإلا فلماذا لا تندم معترفا بذنبك وتقصيرك أمامه ..؟!!

- فأريدك أن تعرف هذه العبادة التي طالما استخدمها رسول الله صلى الله عليه وسلم .. والأنبياء والمرسلين .. والأولياء والصادقين .. في كل زمان ومكان .. لأنها عبادة تبطل الكبر الإبليسي في النفس .. وتدل على أنك إنسان سوي الفطرة وصادق الإيمان وغير متهم لربك بأنه ظالم .. !!

- فتعال معي نتعرف أكثر على عبادة الندم والإعتراف .. من خلال القرآن الكريم .. وفعل النبي صلى الله عليه وسلم .. وأفعال الأنبياء والمرسلين .. وكل من سلك طريق الإيمان برب العالمين .. وستدرك أنه قد فاتك الكثير من العلم الذي كان عليك ان تؤمن به وتعمل به ..!!

- واعلم أن الندم والإعتراف: هو مقدمة التوبة لأنها تكون عن فعل ماض قد حدث فعلا ..

- ومعنى الندم: هو انكسار يحدث في النفس نتيجة ارتكاب معصية لله في (العبادات أو المعاملات ) ..

- ومعنى الإعتراف: هو انفعال عن الشعور بالندم ..

- وكلاهما وجهان لعملة واحدة .. لتحقيق أول خطوات التوبة ..

- واعلم أن التوبة : هو مجاهدة النفس في منعها عن المعصية بأقصى جهد .. وهي تكون لمنع النفس عن تكرار ارتكاب المعصية في الوقت الحاضر والمستقبل ..

*******************************

..:: ما هو معنى الذنب ؟ ::..

 

- الذنب هو نتاج لمعصية متكررة سواء كانت صغيرة أو كبيرة ويترتب عليه العقاب .. وأصل كلمة "الذَّنْب" .. قيل أنها مشتقة من كلمة " الذَّنَب " وهو الذيل .. ولذلك يطلق على الأتباع كلمة أذناب .. فيقال : هذا الرجل ذنَب لفلان : أي تابع له .. ، وذنب الكلب هو ذيله ..

- فالذَّنَب يطلق على ما هو تابع للشيء .. ومنه جاء لفظ الذنب لأنه تابع للإنسان ملازم له حتى يتوب منه ..

- وأجد في المعنى اللغوي لكلمة الذنَب (الذيل) إشارات لطيفة تتعلق بكلمة الذنب (المعصية):

1- قد يكون تسمى الذنب ذنبا .. لأنه يترتب عليه متابعة فاعله (مرتكب الذنب) لينزل به العقوبة المستحقة له .. فكأن العقوبة أصبحت تابعة للإنسان نتيجة ما فعله من ذنب .. وهذه العقوبة قد تكون في تسليط شيطان عليك ..

- يقول تعالى  (وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ) الزخرف36 .. فالغافل عن مولاه جعل له بسبب غفلته تابع له كالذيل مقترنا به له .. فهو تسبب في وجود ذلك الشيطان الذي أصبح قرين له .. وملازم لأحواله .. وكل ذلك بسبب ذنوبه التابعة له .. فلو قطع أذيال الذنوب عنه بالتوبة والرجوع إلى الله فسيجد كرامة الله التي في قوله تعالى : (إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً) الفرقان70 .

2- وقد يكون لفظ الذنب فيه إشارة ليفهمك أنك لا ترى ذنوبك وقد تغفل عنها .. ولكن ليس معنى ذلك عدم ملازمتها لك .. لأنها تتبعك أينما ذهبت .. ولا تنفصل عنك بل متصلة بك ..  فعليك أن تتحرر منها .. ولا يكون ذلك إلا بالتوبه والرجوع إلى الله ..

3- وقد يكون إشارة لك لتعلو بهمتك مع الله .. حتى لا تكون متشبها كالذي له ذيل .. ففي الكلمة إهانة نفسية للإنسان .. فيعمل جاهدا ليتحرر من هذا الوصف .. كونه مذنبا ..

- والله أعلم .

**************************

..:: ما الذي تفعله بك الذنوب ؟ ::..

- الذنوب هي مشكلة كبرى في حياة الإنسان .. وهي بوابة الشيطان التي يعبر منها إليك ويجعل منك فريسته .. لأنك ابتعدت عن منهج الله بالخوض في أعراض الناس وهجر تعاليم الدين بإشباع رغبات النفس بطرق غير شرعية ..

1- فالذنوب تسبب لك تسليطات روحانية شيطانية .. يقول تعالى:(وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ) الزخرف36

2- واستمرارك على الذنوب يسبب لك حجاب عظيم بينك وبين الله تعالى وقت الدعاء .. حيث أنها تقف حائلا ومانعا من إجابة دعوتك .. يقول صلى الله عليه وسلم : (أَيُّها النَّاسُ، إنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إلَّا طَيِّبًا، وإنَّ اللَّهَ أمَرَ المُؤْمِنِينَ بما أمَرَ به المُرْسَلِينَ، فقالَ: (يا أيُّها الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ واعْمَلُوا صالِحًا، إنِّي بما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ)[المؤمنون:51] وقالَ: (يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ)[البقرة:172] .. ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أشْعَثَ أغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إلى السَّماءِ، يا رَبِّ، يا رَبِّ، ومَطْعَمُهُ حَرامٌ، ومَشْرَبُهُ حَرامٌ، ومَلْبَسُهُ حَرامٌ، وغُذِيَ بالحَرامِ، فأنَّى يُسْتَجابُ لذلكَ؟) صحيح مسلم .

3- والذنوب سبب في هلاك الأمم وعذابهم ..

- (أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاء عَلَيْهِم مِّدْرَاراً وَجَعَلْنَا الأَنْهَارَ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ) الأنعام6

- (وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم ..) نوح18

- (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَونَ وَكُلٌّ كَانُواْ ظَالِمِينَ) الأنفال54

3- والذنوب تفسد عليك حياتك وتحرمك من الرزق سواء في المال أو الصحة أو الزواج أو صلاح الحال .. وتؤدي إلى ما يسميه الناس بالخراب والمصائب .. واقرأ قوله تعالى (ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ) الأنفال53 .. أي إذا أنعم الله على قوم نعمة لم يسلبها منهم حتى يغيِّروا حالهم الطيبة إلى حال سيئة .. ولذلك الذنوب قد تؤدي إلى سلب النعم من الإنسان .. فلا تستخف بها ..

- ويقول تعالى عن أصحاب الجنة الذين عقدوا العزم على منع الصدقة عن الفقراء: (فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ . فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ) القلم19-20 .. أي أرسل عليها جند من جنده .. حتى جعل أرضهم لا زرع فيها ولا ثمرة كأنها ليل مظلم أو أرسل عليها صاعقة فأصبحت محترقة  ..

- ويقول تعالى (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) الروم41 .

- ويقول تعالى:(وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ) الشورى30 ..

- ويقول تعالى:(فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ) المائدة49

- يقول صلى الله عليه وسلم : (إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه) رواه أحمد وبن حبان وبن ماجه والحاكم .. وقال الحاكم : حديث صحيح الإسناد .. وصححه بن حبان .. وصححه الحافظ السيوطي في الصغير .. والمنذري في الترغيب .. وبن مفلح في الآداب الشرعية وقال: رواته كلهم ثقات .. وحسنه بن حجر في المشكاة .. وقال الشيخ حسين أسد في موارد الظمآن: إسناده جيد .. (وقال الأرنؤوط والألباني: حديث ضعيف) ..

- واختلاف تقييم الحديث بسبب راوي في سند الحديث وهو "عبد الله بن أبي الجعد" .. فالبعض وثقه كابن حبان .. والبعض ضعفه .. والله أعلم ..

- وفي رواية النسائي في الرقائق بلفظ (بخطيئة يعملها) ذكرها البوصيري في مصباح الزجاجة حديث رقم 33 .. وقال : وسألت شيخنا أبا الفضل العراقي رحمه الله عن هذا الحديث فقال: هذا حديث حسن .

* انتبه : هناك أحاديث غير صحيحة .. يذكرها البعض للدلالة على مخالفتها للحديث السابق .. قلت أذكرها لكم للمعرفة والحيطة ..!!

- (الرزق يأتي العبد في أي مسيرة سار لا تقوى متق بزائده، ولا فجور فاجر بناقصه) رواه بن حبان في المجروحين .. وقال الذهبي في العلل : في إسناده ظلمات .. وقال الألباني ضعيف جدا .

- (إن الرزق لا تنقصه المعصية ولا تزيده الحسنة) رواه الطبراني وقال الألباني حديث موضوع ..

* الخلاصة لما سبق :

- خد بالك من أن الذنوب ممكن تسبب لك مشكلة في الحياة .. وأنت مش واخد بالك وقاعد تدور على العفريت اللي عملك السحر .!!

- فأفق من غيبوبة الغيبيات التي تعيش فيها .. واجتهد في تصحيح إيمانك مع الله ومعاملاتك واعتصم بالله واجعله حسبك ووكيلك .. ولا تنسى عبادة الندم والإعتراف بالذنوب .. فهي أمر مهم جدا لنكون أهلا لرحمة الله ..

**************************

..:: إذا أردت الإغتراف فعليك بالإعتراف ؟ ::..

- الندم بإنكسار النفس بالذلة بين يدي الله والإعتراف بأنك مذنب .. هو شيء يبعث في النفس الراحة لمن ذاق هذا الحال وعاش به .. وكأن كان على قلبه هم وذهب عنه ..

- ومن لا يعترف بنقصه وغلبه هواه .. فهو لا يغترف من كرامة وفضل مولاه ..

- وفرق بين من وقف في مقام الذل معترفا بذنبه وفقره .. وبين من وقف في مقام النفس طالبا حظوظ نفسه ..

- ولا تطلب الغفران قولا بلا عمل .. فتكون كالذي أراد أجرا بلا عمل .. وهيهات أن يحدث ذلك .. ذلك يقول تعالى:(مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً) الفرقان70 ..

- فاجعل طلب الغفران منك مصحوبا بصدق التوجه إلى الله في العبادة والمعاملة مع خلقه .. وبدون ذلك فأنت لم تستغفر .. أي لم تطلب المغفرة من الله فعلا .. لأن الغفران يأتي مع الإمتناع عن المعصية والإيمان الصادق في طلب الله والعمل الصالح لترضيه تعالى .. وإنما قولك الإستغفار فقط بدون سعي إلى الله ومجاهدة نفس ابتغاء وجه الله .. فأنت تحاول أن تأخذ من فضل الله دون تعب وجهد منك .. بل اكتفيت أن تستغفر قولا بلا عمل .. فيا لك من بليد خاسر مغرور ..!!

****************************

..:: ما المانع أن تعترف بذنبك وتقصيرك في حق الله ؟ ::..

- هل تجد مانع في نفسك أن تعترف بذنوبك أمام الله .. ؟!!

- فإذا وجدت الأمر ثقيلا على نفسك في الإعتراف بندم .. فاعلم أن النفس فيها كبرا إبليسيا عليك أن تتخلص منه .. وقد يكون في النفس جانب مظلم يقول لك: كيف تعترف وهو من حكم عليك بهذه المعصية من الأزل ..؟!! .. ولكن قل الإستغفار وخلاص ..!!

- فلو شعرت بما سبق .. فاعلم أن النفس لها دخل في هذا الأمر فعلا .. بل وجعلت لها من الشيطان حارس على ما اعتقدته من الباطل في حق الله .. حتى أصبح يزين لها أن ما تفعله هو صواب ..!!

- وإذا لم تشعر بالندم والإنفعال بالإعتراف .. فناجي ربك بقلبك .. وقل له : يارب عبدك هذا قلبه قاسي على الندم والإعتراف وغير قادر .. إلا بمعونة منك ومدد .. فأغثني بلذة العبودية منك يا صمد .. لأكون لك عبدا كما تحب وترضى يا من هو الله أحد ..

- وكرر مناجاتك لله بأي صيغة تخطر على قلبك أو عقلك .. وناجي ربنا بداخلك في نفسك .. وقل له : يارب مش قادر ساعدني .. يارب مش عارف أرشدني .. يارب خد بإيدي وعلمني .. يارب يارب يارب يارب يارب يارب ..

- فاجتهد أخي الحبيب .. ولا تتوقف عن السعي إلى الله حتى لو وجدت لسانك متحجرا .. فستجد قلبك عاملا لو أردت الله .. وافعل كما أرشدتك سابقا ..

- وكرر الطلب .. وكرر الطلب .. وكرر الطلب .. ولا تيأس .. كل ساعة وكل صباحا ومساءا .. وكل يوم .. فسيفتح لك الباب وستجد شمعة الإيمان تبدأ للعودة في قلبك شيئا فشيئا .. حتى تكون نورا يحيط بالقلب ..!!

- انتبه: وإياك أن تخبر أحد بحالك مع الله حتى لا تنطفيء شمعة إيمانك ..!! فانتبه لهذا الأمر جيدا .. فانت لا تعرف من أين ستاتيك رياح الحسد التي قد تطفيء شمعة إيمانك في قلبك ..

- ودائما كن في رحاب معية قوله تعالى:(إياك نعبد وإياك نستعين) .. حتى تسلم في الدنيا ويوم الدين .. وحاشاه سبحانه أن يرد عبدا قال من داخله يارب .. بصدق توجه ورجاء ..!!

***********************

..:: لماذا الإعتراف بالذنوب مهم ؟ ::..

1- لأنها مطلب إلهي .. ولأنها سنة نبوية .. ولأنها فعل الأنبياء كما أخبرنا القرآن بذلك .. وسيأتيك الدليل على ذلك بعد قليل ..

2- ولأنها دليل على اعترافك بذل عبوديتك أمام عز ألوهيته ..

3- ولأنها دليل على إسقاط الكبر من نفسك .. ورغبتك في تغيير نفسك لسلوك طريق الإيمان الصحيح ..

**********************

..:: هل الإعتراف يكون بالذنوب فقط ؟ ::..

الإعتراف يكون بأشياء ..

بالذنوب  - وبالشكر – والفقر إلى الله

* على الإنسان المؤمن الصادق الإعتراف بالذنوب التي ارتكبتها في حق الله سواء كانت أخطاء في العبادات أو المعاملات .. طالبا بذلك الغفران من الله تعالى حتى يمحو ظلمات نفسك .. فيصبح باطنك أي قلبك وعقلك .. مهيأ لقبول أنوار الحق من جديد .. فتنصدع جنبات القلب والعقل بنور الإيمان ..

* وهناك اعتراف بالحمد  (اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ) سبأ13 .. وكان فعل النبي صلى الله عليه وسلم لاثبات شكره لله من خلال العمل .. ففي الحديث عن المغيرة بن شعبة قال (قَامَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حتَّى تَوَرَّمَتْ قَدَمَاهُ، فقِيلَ له: غَفَرَ اللَّهُ لكَ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وما تَأَخَّرَ، قالَ: أفلا أكُونُ عَبْدًا شَكُورًا) صحيح البخاري .. والقيام في الحديث المقصود به قيام صلاة الليل ..

* وهناك أيضا الإعتراف بالفقر إلى الله لإظهار العبودية الصادقة لله رب العالمين .. والفقر هو دوام الإحتياج إلى الله .. في ظاهرك وباطنك وأولك وآخرك .. لأنه لا ملجأ ولا منجا منه إلا إليه .. لأنه المحيط بكل شيء وهو على كل شيء قدير .. وهو المدبر الحكيم .. قيوم السموات والأرض جل جلاله .. يقول تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) فاطر15 ..

* ولكننا هنا في رسالتنا هذه نتكلم عن عبادة الإعتراف بالذنب على وجه الخصوص ..

- وقد سبق وتكلمنا عن الحوقلة أي (لا حول ولا قوة إلا بالله) في أول هذه الرسالة تحت عنوان الحقيقة الثالثة .. وأيضا تكلمنا عنها بمعنى بسيط أثناء شرح حديث (إذا سألت فاسأل الله وإذا ستعنت فاستعن بالله) .. وبالإجمال فإن قائل الحوقلة لا يكون إلا معترفا بالفقر إلى الله في باطنه "أي قلبه" ، وفي ظاهرة "أي يعتقد أن الله يمده من قوته ليستطيع أن يسعى في الحياة" .. وإلا فلن يصح منه توكل على الله ..!!

- وعبادة الشكر .. مفهومة ومعلومة .. وهي تكون بعمل الصالحات لله كثيرا في (العبادات والمعاملات) .. اعترافا بفضل الله عليك ..

***********************

..:: سيأتي لك الشيطان وقت اعترافك بالذنب ويقول لك: عيب ألا تستحي ؟ ::..

** اعلم اخي الحبيب .. حينما تقول معترفا لربك : يارب عصيتك وقد فعلت كذا وكذا وكذا فاغفر لي .. واغفر لي ما لا أعلمه وأنت تعلمه ..

- فيأتيك الشيطان قائلا لك: إيه اللي هتقوله لربنا ده ؟ هذا الإله العظيم ستقول له ذنوبك هكذا .. وتقول له يارب : فعلت كذا وكذا .. عيب ألا تستحي ؟

- فإياك أن تلتفت لمثل هذا الكلام الشيطاني .. وواصل اعترافك وتوسلك لله ..

* وإذا أردت أن تجيب على شيطانك فقل له : وأين كان حيائي منه حين عصيته وكان يراني ؟ أحينما أعود إلى مناجاته أستحي منه ؟ أفلا تعقلون ؟

** فهل أنت ستعترف الآن ؟

- صدقني ستجد راحة في صدرك وبردا وسلاما حينما تعترف .. وكأن هموما ثقيلة قد ذهبت عنك .. سواء اعترفت بذنوبك بين يدي مولاك .. أو اعترفت بعجزك وفقرك إلى مولاك .. او اعترفت بفضل مولاك عليك بشكرك له .

****************************

..:: هل أقرَّ الله في القرآن طريقة الإعتراف وقبلها ؟ ::..

- نعم .. لقد أقر الله طريقة الإعتراف وجعلها منهج عبادة مقبولة من عبادة المخطئين الصادقين في توبتهم .. ولكن أين نجد ذلك ؟

- قال تعالى : (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) التوبة 102 .

* قال الطاهر بن عاشور رحمه الله (المتوفى : 1393هـ):

- أَيْ وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ ، وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ آخَرُونَ أَذْنَبُوا بِالتَّخَلُّفِ فَاعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ بالتقصير .

- فَقَوله: إِيجَازٌ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ أَذْنَبُوا وَاعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ وَلَمْ يَكُونُوا مُنَافِقِينَ لِأَنَّ التَّعْبِيرَ بِالذُّنُوبِ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ يَقْتَضِي أَنَّهَا أَعْمَالٌ سَيِّئَةٌ فِي حَالَةِ الْإِيمَانِ ، وَكَذَلِكَ التَّعْبِيرُ عَنِ ارْتِكَابِ الذُّنُوبِ بِخَلْطِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ بِالسَّيِّئِ .

- وَكَانَ مِنْ هَؤُلَاءِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ الْجَدُّ بْنُ قَيْسٍ ، وَكَرْدَمٌ ، وَأَرْسُ بْنُ ثَعْلَبَةَ ، وَوَدِيعَةُ بْنُ حِزَامٍ ، وَمِرْدَاسٌ ، وَأَبُو قَيْسٍ ، وَأَبُو لُبَابَةَ .. فِي عَشَرَةِ نَفَرٍ اعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فِي التَّخَلُّفِ عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ وَتَابُوا إِلَى اللَّهِ وَرَبَطُوا أَنْفُسَهُمْ فِي سَوَارِي الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ أَيَّامًا حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي تَوْبَةِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ .

تفسير التحرير والتنوير ج11 ص21 .. باختصار

 * قال الشيخ طنطاوي رحمه الله (المتوفى:1431هـ):

- ويوجد معكم أيها المؤمنون قوم آخرون من صفاتهم أنهم اعترفوا بذنوبهم أي أقروا بها ولم ينكروها .

- وقوله: (خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً) أي خلطوا عملهم الصالح وهو جهادهم في سبيل الله قبل غزوة تبوك ، بعمل سيئ وهو تخلفهم عن الخروج إلى هذه الغزوة .

- وقوله : (عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) أي عسى الله تعالى : أن يقبل توبتهم ، ويغسل حوبتهم ، ويتجاوز عن خطاياهم .

- وعَبَّر - سبحانه - بعسى للإشعار بأن ما يفعله تعالى ليس إلا على سبيل التفضل منه ، حتى لا يتكل الشخص ، بل يكون على خوف وحذر .

-وقد قالوا : إن كلمة عسى متى صدرت عن الله تعالى - فهي متحققة الوقوع ، لأنها صادرة من كريم ، والله تعالى أكرم من أن يُطَمِّع أحدا في شيء لا يعطيه إياه .

- وقوله : (إن الله غفور رحيم) ، تعليل لرجاء قبول توبتهم ، إذ معناه ، إن الله تعالى كثير المغفرة للتائبين ، واسع الرحمة للمحسنين .

تفسير الوسيط لطنطاوي ج6 ص395

******************************

..:: ما هو معنى الإعتراف بالذنب في آية (اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ) ؟ ::..

* قال الإمام الفخر الرازي رحمه الله  (المتوفى: 606هـ):

- قَوْلُهُ : ( اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ ) قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ : الِاعْتِرَافُ عِبَارَةٌ عَنِ الْإِقْرَارِ بِالشَّيْءِ عَنْ مَعْرِفَةٍ ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُمْ أَقَرُّوا بِذَنْبِهِمْ ، وَفِيهِ دَقِيقَةٌ ، كَأَنَّهُ قِيلَ لَمْ يَعْتَذِرُوا عَنْ تَخَلُّفِهِمْ بِالْأَعْذَارِ الْبَاطِلَةِ كَغَيْرِهِمْ ، وَلَكِنِ اعْتَرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِأَنَّهُمْ بِئْسَمَا فَعَلُوا وَأَظْهَرُوا النَّدَامَةَ وَذَمُّوا أَنْفُسَهُمْ عَلَى ذَلِكَ التَّخَلُّفِ .

تفسير مفاتيح الغيب للفخر الرازي ج16 ص132

* قال الطاهر بن عاشور رحمه الله (المتوفى : 1393هـ):

- وَالِاعْتِرَافُ : افْتِعَالٌ مِنْ عَرَفَ . وَهُوَ لِلْمُبَالَغَةِ فِي الْمَعْرِفَةِ ، وَلِذَلِكَ صَارَ بِمَعْنَى الْإِقْرَارِ بِالشَّيْءِ وَتَرْكِ إِنْكَارِهِ ، فَالِاعْتِرَافُ بِالذَّنْبِ كِنَايَةٌ عَنِ التَّوْبَةِ مِنْهُ ، لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالذَّنْبِ الْفَائِتِ إِنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ النَّدَمِ وَالْعَزْمِ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ إِلَيْهِ ، وَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْإِقْلَاعُ الَّذِي هُوَ مِنْ أَرْكَانِ التَّوْبَةِ لِأَنَّهُ ذَنْبٌ مَضَى ، وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَزْمُ عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ .

- وَخَلْطُهُمُ الْعَمَل الصَّالح والسيّء هُوَ خَلْطُهُمْ حَسَنَاتِ أَعْمَالِهِمْ بِسَيِّئَاتِ التَّخَلُّفِ عَنِ الْغَزْوِ وَعَدَمِ الْإِنْفَاقِ عَلَى الْجَيْشِ .

تفسير التحرير والتنوير ج11 ص21 .. باختصار

**************************

..:: الإعتراف بالذنب هل يعتبر توبة أم لا ؟ ::..

* قال الإمام الفخر الرازي رحمه الله  (المتوفى: 606هـ):

- فَإِنْ قِيلَ: الِاعْتِرَافُ بِالذَّنْبِ هَلْ يَكُونُ تَوْبَةً أَمْ لَا ؟

- قُلْنَا: مُجَرَّدُ الِاعْتِرَافِ بِالذَّنْبِ لَا يَكُونُ تَوْبَةً ، فَأَمَّا إِذَا اقْتَرَنَ بِهِ النَّدَمُ عَلَى الْمَاضِي ، وَالْعَزْمُ عَلَى تَرْكِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ ، وَكَانَ هَذَا النَّدَمُ وَالتَّوْبَةُ لِأَجْلِ كَوْنِهِ مَنْهِيًّا عَنْهُ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ تَعَالَى ، كَانَ هَذَا الْمَجْمُوعُ تَوْبَةً .. إِلَّا أَنَّهُ دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ هَؤُلَاءِ قَدْ تَابُوا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ وَالْمُفَسِّرُونَ قَالُوا: إِنَّ عَسَى مِنَ اللَّهِ يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ.

- وَقَوْلُهُ: ( وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ ) دَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الِاعْتِرَافَ حَصَلَ فِي الْمَاضِي ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الِاعْتِرَافَ مَا كَانَ نَفْسَ التَّوْبَةِ ، بَلْ كَانَ مُقَدِّمَةً لِلتَّوْبَةِ ، وَأَنَّ التَّوْبَةَ إِنَّمَا تَحْصُلُ بَعْدَهَا .

تفسير مفاتيح الغيب للرازي ج16 ص131 -133 .. باختصار

* قال الشيخ الشعرواي رحمه الله (المتوفى: 1418هـ):

- واختلف العلماء : هل هذا الاعتراف يعتبر توبة أم لا ؟

- نقول : إن الحق سبحانه وتعالى حينما قال : (اعترفوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً) ثم قوله: ( عَسَى الله أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) أي: رجاء أن يتوب عليهم ، وهذه مقدمات توبة وليست توبة .. فإن صاحبها الندم على ما مضى، والإصرار على عدم العودة في المستقبل .. فيُنظر هل هذا كان منه مخافة أن يُفضح أم موافقة لمنهج الله ؟

- إن كان الأمر موافقة لمنهج الله فتكون التوبة مرجوَّة لهم .

- ( عَسَى الله أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ) ، فهذا رجاء أن يتوب الله عليهم .

- أما توبة العبد فمسألة تقتضي الندم على ما فات ، والرجوع إلى منهج الله ، والعزم ألا يغضب الله في المستقبل .

- أما توبة الله فهي تضم أنواع التوبة .. فتشريع الله للتوبة رحمة بمن ارتكب الذنب ، ورحمة بالناس الذين وقع عليهم السلوك الذي استوجب التوبة .

- فإن تُبْتُ : فقبول التوبة رحمة ثانية .

- فالتوبة ثلاث مراحل : تشريع للتوبة، ثم توبة واقعة ، فقبول للتوبة ..

تفسير الشعراوي باختصار .. ج9 ص5458- 5462

******************************

:: الفصل الثاني ::

..:: في محراب الإعتراف أمام الله ::..

******************************

- هذا الفصل بعضه منقول من موضوع (في محراب الإعتراف أمام رب العالمين) للأستاذ خالد أبوعوف 

******************************

..:: في محراب الإعتراف مع النبي صلى الله عليه وسلم ::..

- هل كان الإعتراف بالذنب هو فعل النبي صلى الله عليه وسلم ؟ -

- نعم .. فأين نجد دليل ذلك ؟

- أولا من القرآن:

- في توجيه القرآن للنبي لهذا الفعل : يقوله تعالى : (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ) غافر55 .

- ثانيا من الأحاديث:

1- في الحديث الذي نعلمه كلنا .. والمسمى بدعاء سيد الإستغفار : قال صلى الله عليه وسلم : (سَيِّدُ الاسْتِغْفارِ أنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ أنْتَ رَبِّي لَا إله إلاَّ أنْتَ ، خَلَقْتَنِي وَأَنا عَبْدُكَ وَأَنا عَلى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ ، أعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ ، أبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ ، وأبُوءُ بِذَنْبِي فاغْفِرْ لِي فإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلاَّ أَنْتَ .

قَالَ: ومنْ قالَها مِنَ النَّهارِ مُوقناً بِها فَماتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أنْ يُمْسِيَ فَهُوَ منْ أهْلِ الجَنَّةِ، ومَنْ قالَها مِنَ اللَّيْلِ وَهْوَ مُوقِنٌ بِها فَماتَ قَبْلَ أنْ يُصْبِحَ فَهُوَ مِنْ أهْلِ الجَنَّةِ) صحيح البخاري .

- وفي رواية بلفظ (وأبُوءُ لكَ بنعمتكَ عليّ وأعترفُ بذنوبِي فاغفرْ لي ذنوبي إنه لا يغفرُ الذنوبَ إلا أنتَ) صحيح الترمذي .

* من معاني دعاء النبي صلى الله عليه وسلم :

- معنى (أبوء لك بنعمتك عليَّ): أي أعترف لك بكل ما أنعمت به علي  .

- ومعنى (وأبوء بذنبي) : أي أعترف بذنبي ما علمت منه وما لم أعلم ..

- ومعنى (فاغفر لي ، فإنه لا يغفر الذنوب إلاّ أنت) :  أي فإن ذنوبي لا يملك العفو عنها سواك فأنت الغفور الرحيم ..

* فتأمل دعاء النبي جيدا .. وقد قال (أبوء بذنبي) قبل أن يقول (فاغفر لي) .. وكيف أن له يقين أن الله غفور .. ولذلك توسل إليه طالبا للغفران قائلا : (فاغفر لي) .. !!

2- عن أبي هريرة عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:(إِنَّ أَوْفَقَ الدُّعَاءِ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ: اللهُمَّ أَنْتَ رَبِّي، وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي، يَا رَبِّ، فَاغْفِرْ لِي ذَنْبِي، إِنَّكَ أَنْتَ رَبِّي، إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ) رواه أحمد .. وقال الأرنؤوط في تخريج المسند:  إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عمرو بن عاصم، وهو ثقة.

- ومعنى (أوفق) : أي من أصلح الدعوات وأنسبها عبودية لله ..

3- ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقف في الصلاة .. وبعد تكبيرة الأحرام وقبل قراءة الفاتحة .. يقول دعاء وهو: (وَجَّهْتُ وَجْهي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ حَنِيفًا، وَما أَنَا مِنَ المُشْرِكِينَ، إنَّ صَلَاتِي، وَنُسُكِي، وَمَحْيَايَ، وَمَمَاتي لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، لا شَرِيكَ له، وَبِذلكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ المُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ أَنْتَ المَلِكُ لا إلَهَ إلَّا أَنْتَ أَنْتَ رَبِّي، وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَاعْتَرَفْتُ بذَنْبِي، فَاغْفِرْ لي ذُنُوبِي جَمِيعًا، إنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ، وَاهْدِنِي لأَحْسَنِ الأخْلَاقِ لا يَهْدِي لأَحْسَنِهَا إلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إلَّا أَنْتَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ في يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ ليسَ إلَيْكَ، أَنَا بكَ وإلَيْكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إلَيْكَ) صحيح مسلم .

* أحببت ان أذكر لكم من الأحاديث السابقة .. لفظ "الاعتراف" صريح من فم الرسول .. فإن الرسول وهو واقف يصلي بين يدي ربه لم يستكبر أن يقول (واعترفت بذنبي) .. وهو الذي غفر الله له ما تقدم وما تأخر من ذنبه ..!!

- فلماذا بعض الناس يستكبر عن الإعتراف بذنوبه لرب العالمين ..!!

فهل هم يرون أنفسهم أفضل من الرسول ..!!

4- عن أبي الأزهر الأنماري قال: (أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا أخذ مضجعه يقول: "بسم الله وضعت جنبي اللهم أغفر ذنبي واخسأ شيطاني وفك رِهَانِي وثقل ميزاني واجعلني في الندى الأعلى" ) صحيح أبي داوود . 

- معنى (اخسأ) : أي اطرد عني الشيطان وادفعه ذليلا حسيرا لا ينال مني ..

- معنى (فك رهاني) : أي خلصني من كل حق في رقبتي نحو المخلوق او الخالق حتى يستقيم حالي بين يديك ..

- معنى (الندي الأعلى) : أي اجعلني في مجلس الملائكة المقربين بين يديك ..

- والمؤمن حينما يدعو بهذا الدعاء .. فهو بذلك يطلب من مولاه أن يطهر ظاهره وباطنه حتى يكون أهلا لمجالسة الملأ الأعلى المقربين .. أي ليكون أهلا لهذه المكانة ..

- والله أعلم ..

5- عن السيدة عائشة قالت: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُكْثِرُ مِن قَوْلِ: سُبْحَانَ اللهِ وبِحَمْدِهِ أسْتَغْفِرُ اللَّهَ وأَتُوبُ إلَيْهِ .. قالَتْ: فَقُلتُ يا رَسولَ اللهِ، أرَاكَ تُكْثِرُ مِن قَوْلِ: سُبْحَانَ اللهِ وبِحَمْدِهِ أسْتَغْفِرُ اللَّهَ وأَتُوبُ إلَيْهِ؟ فَقالَ: خَبَّرَنِي رَبِّي أنِّي سَأَرَى عَلَامَةً في أُمَّتِي، فَإِذَا رَأَيْتُهَا أكْثَرْتُ مِن قَوْلِ: سُبْحَانَ اللهِ وبِحَمْدِهِ أسْتَغْفِرُ اللَّهَ وأَتُوبُ إلَيْهِ، فقَدْ رَأَيْتُهَا {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ والْفَتْحُ} [النصر:1]، فَتْحُ مَكَّةَ، {وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ في دِينِ اللهِ أفْوَاجًا، فَسَبِّحْ بحَمْدِ رَبِّكَ واسْتَغْفِرْهُ إنَّه كانَ تَوَّابًا} [النصر:2-3].) صحيح مسلم

- سابعا: جاء في الحديث : (يا أيها الناسُ: توبوا إلى اللهِ ، واستغفروهُ ، فإنّي أتوبُ إلى اللهِ وأستغفرهُ في كلِّ يومٍ مئةَ مرّةٍ) رواه أحمد .. وقال الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم .

- فإذا كان النبي يتوب ويستغفر كل يوم مائة مرة .. فلماذا لا نفعل ؟!!

6- عن أبي موسى الأشعري قال كان النبي يدعو فيقول : ( اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي وَجَهْلِي وَإِسْرَافِي فِي أَمْرِي ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي جِدِّي وَهَزْلِي وَخَطَئِي وَعَمْدِي وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدِي ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي ، أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) صحيح مسلم .

* معنى (المقدم المؤخر) : الذي تغفر ما تقدم من الذنوب وما تأخر من الذنوب (ما كان ماضيا وما هو آتيا) .. فأنت مالك الغفران وحدك لأنك الغفور ..

* فتأمل دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة .. وهو يتضرع إلى الله معترفا بخطاياه (وهو المغفور له ما تقدم وما تأخر من ذنبه) .. ويقوم بالتفصيل لهذه الخطايا لمولاه .. ويعترف ظنا منه أنه مخطيء فيما اعترف به (وحاشاه) .. وذلك من باب الأدب في العبودية مع الله ..

* لقد دعا صلى الله عليه وسلم بذلك الدعاء من باب التضرع والتوسل إلى الله .. والإنكسار بين يديه بذل العبودية وفاء لحق الربوبية ..!! وتعليما لنا أنه مهما بلغ العبد من مراتب الإيمان فعليه بدوام الإعتراف بذنوبه وأخطاءه بين يدي مولاه .. لأنه لا يعلم في أي شيء كانت خطيئته لأننا مخلوق ناقص مهما بلغنا من كمال في الإيمان .. !! 

* فأدب العبودية يستوجب التذلل وفاء لحق الربوبية .. دائما أبدا ..

- فأين نحن من رسول الله صلى الله عليه وسلم ..!! 

**************************

..:: لماذا كان يستغفر صلى الله عليه وسلم وهو المغفور له ؟::..

* أولا : أدبا مع الله .. وشكرا لنعمة الغفران التي أنعم بها عليه .

* ثانيا : استجابة لله حينما قال له : ( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ ) محمد19 ..

- والله أعلم .

***************************

..:: هل أرشد سيدنا محمد أحدا ليعترف بذنوبه ؟ ::..

- نعم لقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم زوجته السيدة عائشة لعبادة الإعتراف .. فأين نجد هذا ؟

- في حادثة الإفك .. التي تم فيها اتهام السيدة عائشة زورا وبهتان .. وقبل أن ينزل الوحي على النبي ويشرح له حقيقة ما حصل في حادثة الإفك ..  تأمل ما قاله النبي للسيدة عائشة رضى الله عنها: (أمَّا بعدُ فقد بلَغني يا عائشةُ عنكِ كذا وكذا .. فإنْ كُنْتِ بريئةً فسيُبرِّئُكِ اللهُ .. وإنْ كُنْتِ ألمَمْتِ بذنبٍ فاستغفِري اللهَ وتوبي فإنَّ العبدَ إذا اعترَف بالذَّنبِ ثمَّ تاب .. تاب اللهُ عليه) صحيح البخاري .

- فتأمل قوله صلى الله عليه وسلم : (فإنَّ العبدَ إذا اعترَف بالذَّنبِ ثمَّ تاب .. تاب اللهُ عليه)

- اعتراف ثم توبة ..

- هذه روائع نبوية في الإرشاد .. فانتبهوا أيها السادة !!

******************************

..:: في محراب الإعتراف مع الأنبياء ::..

..:: هل اعترف أحدا من الأنبياء بأخطاءه أو ذنوبه ؟ ::..

- نعم لقد وجدنا الكثيرين من الأنبياء والمرسلين اعترفوا بذنوبهم .. أين نجد ذلك ؟

1- سيدنا آدم عليه السلام وحواء:(قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) الأعراف23 .

2- سيدنا إبراهيم عليه السلام:(وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ) الشعراء82 .

3- سيدنا يونُس عليه السلام:(وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) الأنبياء87 .

4- سيدنا داوود عليه السلام:(قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنْ الْخُلَطَاء لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ) ص24 .

5- سيدنا سليمان عليه السلام:(وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنَابَ) ص34 .

6- سيدنا موسى عليه السلام:(قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) سورة القصص

**************************

..:: قلوب مؤمنة تتوسل بالإعتراف ::..

..:: قلوب عاصية تجهر بالإعتراف لمولاها عسى أن يقبلهم برحمته ::..

.. حتى الكافر يعترف !!..

* الأدلة من القرآن :

1- المؤمنون يعترفون: (إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ) المؤمنون109 .

- فكن من فريق المؤمنين وتذلل في حضرة مولاك .. واعترف بتقصيرك ليغفر لك ذنوبك ويطهرك ..

2- المخطئون يعترفون: (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) التوبة 102 .

3- بلقيس ملكة سبأ تعترف بشركِها وتُعلِن إسلامها: (قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) النمل44 .

4- حتى الكافر يعترف بخطيئته أملا أن ينجو من عقاب الله .. واقرأ قوله تعالى : (قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ) غافر11 .

* والأدلة في الحديث :

1- الرجل يذنب ويعترف بذنبه .. وكلما أذنب وقف ليعترف بذنبه فيغفر له الله .. فلماذا لا نفعل ونعترف بذنوبنا ؟!!

* ففي البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم .. ( إنَّ عبدًا أصاب ذنبًا ، وربما قال : أذنب ذنبًا ، فقال : ربِّ أذنبتُ ، وربما قال : أصبتُ ، فاغفِرْ لي ، فقال ربُّه : أَعَلِمَ عبدي أنَّ له ربًّا يغفر الذنبَ ويأخذ به ؟ غفرتُ لعبدي ، ثم مكث ما شاء اللهُ ثم أصاب ذنبًا ، أو أذنب ذنبًا ، فقال : ربِّ أذنبتُ - أو أصبتُ - آخر فاغفِرْه ؟ فقال : أَعَلِمَ عبدي أنَّ له ربًّا يغفر الذنبَ ويأخذ به ؟ غفرتُ لعبدي ، ثم مكث ما شاء اللهُ ، ثم أذنب ذنبًا ، وربما قال : أصاب ذنبًا ، قال : قال : ربِّ أصبتُ - أو قال : أذنبتُ - آخرَ فاغفِرْه لي ، فقال : أعَلِمَ عبدي أنَّ له ربًّا يغفر الذَّنبَ ويأخذُ به ؟ غفرتُ لعبدي ، ثلاثًا ، فليعملْ ما شاء) صحيح البخاري .

* وفي رواية أخرى في صحيح بن حبان (أنَّ رجُلًا أذنَب ذنبًا فقال : أيْ ربِّ أذنَبْتُ ذنبًا - أو قال : عمِلْتُ عمَلًا - فاغفِرْ لي فقال تبارَك وتعالى : عبدي عمِل ذنبًا فعلِم أنَّ له ربًّا يغفِرُ الذَّنبَ ويأخُذُ به قد غفَرْتُ لعبدي ثمَّ أذنَب ذنبًا آخَرَ - أو قال : عمِل ذنبًا آخَرَ - قال : ربِّ إنِّي عمِلْتُ ذنبًا فاغفِرْ لي فقال تبارَك وتعالى : علِم عبدي أنَّ له ربًّا يغفِرُ الذَّنبَ ويأخُذُ به قد غفَرْتُ لعبدي ثمَّ عمِل ذنبًا آخَرَ أو أذنَب ذنبًا آخَرَ فقال : ربِّ إنِّي عمِلْتُ ذنبًا فاغفِرْ لي فقال اللهُ تبارَك وتعالى : علِم عبدي أنَّ له ربًّا يغفِرُ الذَّنبَ ويأخُذُ به .. أُشهِدُكم أنِّي قد غفَرْتُ لعبدي .. فلْيعمَلْ ما شاء) صحيح بن حبان .

- وتأمل ختام جمال الحديث (أُشهِدُكم أنِّي قد غفَرْتُ لعبدي .. فلْيعمَلْ ما شاء) ..

- فمتى سنعترف أيها السادة بذنوبنا لله ؟!!

*******************************

..:: الإعترافات يوم القيامة ::..

..:: في محراب القهر الإلهي .. ولا حول ولا قوة إلا بالله ::..

1- الكافر يعترف لينجو من الهلاك .. واقرأ قوله تعالى: (قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ) غافر11 .

2- الكافر يعترف وقت لا ينفع الإعتراف .. واقرأ قوله تعالى:  (فَاعْتَرَفُوا بِذَنبِهِمْ فَسُحْقاً لِّأَصْحَابِ السَّعِيرِ) الملك11 .

3- اعتراف الأنبياء بذنوبهم يوم القيامة .. يطلب الناس في الآخرة من الأنبياء أن يدعون الله ليبدأ الحساب .. فيذهبون لكل نبي وكل نبي يعتذر لأنه يرى نفسه مخطأ في حق الله .. ويقولوا للناس اذهبوا لمحمد .. فيقول رسول الله : أنا لها .. أنا لها ..

**************************

..:: متى سنعترف ؟ ::..

..:: لماذا لا نعترف .. ؟! ما هذا الكبر الذي في نفوسنا ؟ ::..

- أنظر للكافر وهو يعترف .. قال تعالى حاكيا عنهم : (قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ) غافر11

* شرح من التفسير الميسر :

- قال الكافرون : ربنا أمتَّنا مرتين : حين كنا في بطون أمهاتنا نُطَفًا قبل نفخ الروح ، وحين انقضى أجلُنا في الحياة الدنيا ، وأحييتنا مرتين : في دار الدنيا ، يوم وُلِدْنا ، ويوم بُعِثنا من قبورنا ، فنحن الآن نُقِرُّ بأخطائنا السابقة، فهل لنا من طريق نخرج به من النار ، وتعيدنا به إلى الدنيا ، لنعمل بطاعتك ؟ ولكن هيهات أن ينفعهم هذا الإعتراف .

* من اعتقد في نفسه أنه على خير فهو ضال مغرور .. لأنه كمن يقول أنه اتخذ عند الله عهدا بقبول عمله .. ؟

- فهل هذا كلام عقلاء ..؟!!

- فيجب أن تخلو النفس من الكبر ومن رؤية الأعمال والإعتقاد في أنك على خير .. والعُجب بعملك .. وإلا فما الفرق بينك وبين من غلبته النفس الأمارة بالسوء .. ؟!!

*****************************

..:: ما المطلوب منك إيمانيا في سلوكك لطريق الإيمان ؟ ::..

- هو أن تكون عبدا .. معترفا بتقصيرك في حق الله دائما بصدق توجه ويكون قلبك مقرا بذلك .. وتطلب منه العفو والغفران والمحبة والرضوان .. لأن هذا من حقوق الإيمان لله .. فالإيمان يستوجب عليك أن تعترف بذنوبك ..

- فكن مع المؤمنين الصادقين وادعوا بدعائهم دائما: (رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ) آل عمران193 .

****************************

* وبهذا يكون ختام الأصل الثاني في منهجنا وهو ديمومية الإعتراف بالتقصير في حق الله مهما بلغت من العبادة .. إتباعا لرسول الله صلى الله عليه وسلم .

* وإذا عرفت الحقائق الإيمانية والضوابط والأصول .. تبقى لك أن تبصر أهم التنبيهات التي قد تواجهك أثناء عبادتك وذكرك مع الله ..

*****************************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذا الموضوع مصدره - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات ..