بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة
هل تسلط الشيطان على النبي محمد وأثر عليه أو تمكن منه
بالمرض أو بالنسيان أو بالإنتحار أو بالتخريف في الوحي
(الفصل الرابع)
#- فهرس:
:: الفصل الرابع :: لماذا يستحيل أن يؤثر الشيطان في النبي بالنسيان - والحكمة من عدم
مجالسة المستهزئين بالقرآن وأصحاب الفتن ::
1- س9: هل الشيطان يمكن أن يؤثر في النبي بالنسيان
بدلالة قوله (وإما ينسينك الشيطان) كما قال بعض العلماء ؟
- (لماذا يستحيل أن يؤثر الشيطان في النبي محمد
بالنسيان ؟)
2- س10: كيف رأيت تفسير قوله (وإما ينسينك الشيطان) عن اجتهاد خاص بي (خالد صاحب الرسالة) ؟
#- الأول: باعتبار أن الشيطان في الآية قد يكون به الشيطان
الإنسي الذي يحاوره.
#- الثاني: باعتبار أن قوله (ينسينك)
على سبيل محاولة الشيطان أن ينسي النبي.
3- س11: لماذا كان الخطاب للنبي في
قوله (وإما ينسينك الشيطان) طالما المقصود به أمته ؟
4- س12: ما الحكمة المستنبطة من قوله (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) ؟
****************
:: الفصل
الرابع ::
****************
..:: س9: هل الشيطان يمكن أن يؤثر في النبي بالنسيان بدلالة قوله (وإما ينسينك الشيطان) كما قال بعض
العلماء ؟ ::..
#- قال تعالى: (وَإِذَا
رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى
يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا
تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) الأنعام:68.
@- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- سبق وذكرت .. أنه لا يمكن قبول تفسير بعض العلماء بأنه يمكن للشيطان أن يؤثر في النبي فينسيه
أمر من أوامر ربه .. وهذا الرأي هو الذي عليه كثير من العلماء .. وهو ما أميل إليه .. إذا
لا يمكن تصور حدوث إمكانية تأثير من الشيطان بوسوسته في نفس النبي لا في الوحي ولا
غير الوحي ..، وذلك لأسباب كثيرة منها:
1- المعلوم من القرآن .. أن الشيطان يتسلط على قوم الأنبياء من
خلال وسوسته في نفوس من يعرض عليهم النبي دعوته فيؤثر فيهم .. وليس يؤثر في نفس
النبي .. إذ قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ
قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ
فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ
اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ
وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52) لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً
لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ
الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ) الحج52-53.
- والتمني هنا يقصد به: قبول الإيمان .. فالنبي يدعو الناس للإيمان .. إلا أن
الشيطان يتدخل بالوسوسة في نفوس الناس ويشككهم في النبي ودعوته .. ليفسد على النبي
محاولة جذبهم للإيمان.
- إذن: الشيطان يؤثر في نفسية الناس .. وليس في
نفسية النبي ..!!
2- المعلوم من القرآن .. أن الشيطان ليس له سلطان على عموم عباد الله
الصالحين .. فإذا كان هذا هو حال عباد الله الصالحين .. فكيف يؤثر الشيطان على حال
الأنبياء والمرسلين حتى يقال أنه يمكن أن ينسيهم أمر من اوامر الله وهم سادة
الصلاح وأولياء الله المخلصين ؟!!
- إذ قال جل شأنه عن تبرئة الشيطان لنفسه أمام من اغواهم في
الدنيا: (وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ
إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي)
إبراهيم:22.
- وقال تعال: (إِنَّ
عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ)
الحجر:42.
- فكيف يقال أن الشيطان يمكن أن يؤثر في الأنبياء
والمرسلين بأي حال من الأحوال .. إذا كان معنى التأثير هو ثبوت سلطان التمكين على
هذا النبي أو الرسول ؟!!
3- لو ظننا أن الشيطان يمكن أن
يوسوس للنبي فينسيه أمر من أوامر ربه .. فهذا معناه أن أصبح للشيطان سلطان تمكين على النبي
صلى الله عليه وسلم .. لأن النبي أطاعه في وسوسته ..، أو نظن في النبي الغفلة عن
الله ولذلك تسلط عليه الشيطان فأثر فيه ..!!
#- وكلا الأمرين محال في حق النبي
تصديقه أو حتى تصوره .. إذ أن لو قلنا بتأثير الشيطان بوسوسته في باطن النبي ..
فهذا مطعن في النبوة عموما .. إذ لو كان الله جعل للشيطان سلطان بالتأثير في نفسية
النبي حتى انقاد لوسوسته حتى ولو كانت وسوسة في الخير ليشغله عن أمر إلهي آخر بفعل
ما هو خلاف الأولى كما ظن البعض .. فهذا معناه أن الشيطان قد أثر فعلا في نفسية
النبي حتى استجاب له .. فما يدرينا بما كان فعل الشيطان مع النبي في باقي أحواله ؟!!
#- وكذلك يستحيل الظن في النبي أنه كان من الغافلين فتسلط
عليه الشيطان بسبب غفلته .. فهذا يجعل بعض المؤمنين يشك ويتسائل فيقول: أين وعد
الله مع صفوة خلقه حينما قال: (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ
لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ) الحجر:42.!!
4- كيف يمكن للنبي أن ينسى أمر
ربه إذا كان الله قال له: (سَنُقْرِئُكَ
فَلَا تَنْسَى) الأعلى:4 .. أي سنقرئك أيها النبي قراءة للقرآن لا
تنساها أبدا .. "وهذا وعد من الله لنبيه" .. وإذا كان الأمر كذلك ..
فكيف يقال أن الشيطان يمكن أن يؤثر على النبي فينسيه أمرا من أوامر ربه ؟!!
5- الظن بأن الشيطان بمكن أن يوسوس
للنبي فينسيه أمر من أوامر ربه .. فهذا معناه أن هذا جائز أن ينسيه الشيطان أي شيء .. طالما
اعطيتم له القدرة في التأثير على القوى العقلية للنبي بنسيان أمر إلهي .. فما يدرينا
أن يكون قد أنساه أمورا أخرى من عقل النبي ؟!!
6- الظن بأنه يمكن للشيطان أن يوسوس
للنبي فينسيه .. فهذا معناه أن النبي لم يكن يعلم استدراج الشيطان له .. وهذا معناه أنه لا يميز بين
الإلهام والوسواس .. فكيف يكون نبي مؤيد من الله ؟!!
7- الظن بأنه يمكن للشيطان أن يوسوس
للنبي فينسيه .. فهذا معناه أن الشيطان قهر عزيمة النبي في نفسه حتى أنساه ذكر ربه وما
أمره به .. ولا يمكن أن نتصور في نبي أن عزيمته مع ربه أضعف من عزيمة الشيطان في
نفسه .. حتى نسى ذكر ربه واستجاب للشيطان في وسوسته ..!!
8- الظن بأنه يمكن للشيطان أن يوسوس للنبي فينسيه .. فهذا معارض لحديث النبي الذي قال فيه عن
قرينه من الجن (الشيطان): (أن
الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير) صحيح مسلم ..!!
- فكيف لا يأمر (يرشد) النبي إلا بخير ..
وكيف يوسوس في نفسه ويؤثر عليه يقال أنه يمكن أن ينسيه ؟!!
9- الظن بأنه يمكن للشيطان أن يوسوس للنبي فينسيه .. فهذا معارض لحديث النبي الذي جاء فيه أن
النبي صلى الله عليه وسلم قد نزع من صدره حظ الشيطان .. ويجعلنا نتهم هذا الحديث بأنه
حديث مكذوب على النبي وهو في صحيح مسلم بسند صحيح .. وإلا فكيف يكون منزوع عنه حظ
الشيطان .. ويقال أن الشيطان يمكن ان يؤثر فيه بالوسوسة حتى ينسيه أمر من أوامر
الله ؟!!
- كيف نعقل ذلك ؟!!
10- الظن بأنه يمكن للشيطان أن يوسوس للنبي فينسيه .. فهذا معناه أن الشيطان قهر النبي في قواه
العقلية بالنسيان حتى جعله يفعل خلاف ما أمره به الله ..
- وهذا شيء ... لا يعقله عقل
ولا يصدقه قلب مؤمن ..!!
11- الظن بأنه يمكن للشيطان أن يوسوس للنبي فينسيه .. فكيف نؤمن حينئذ بأن النبي تنام عينه ولا
ينام قلبه لأنه في معية ربه .. ؟!!
- لأنه يقال حينئذ .. إذا كان النبي وهو في حال النوم يبيت في معية
ربه ذاكرا له .. أيكون في حال اليقظة الشيطان ينسيه ذكر ربه ؟!!
- بقى ده
كلام يا ناس يا عقلاء ؟!!
12- الظن بأنه يمكن للشيطان أن يوسوس للنبي فينسيه .. فمن قال من العلماء بإمكانية ذلك .. فنقول
له: كيف تقول بنفي إمكانية تأثير الوسواس في نفس النبي باتفاق العلماء .. ثم تقول بإمكانية تأثيره عليه حتى
يمكن أن ينسيه أمر من اوامر ربه ؟!!
- كيف أنت تعقل ذلك ؟!!
13- الظن بأنه يمكن للشيطان
أن يوسوس للنبي فينسيه .. ثم يبرر
البعض بأن هذا إن كان في المباحات فلا حرج فيه .. مثل إمكانية ذهاب النبي لدعوة
الكفار فهذا أمر مباح .. وليس فيه معصية
لله .. وإن كان سيترتب عليه نسيان أمر إلهي .. !!
- ونقول: هل كان النبي يعلم بأن هذا وسواس أم لا حتى
قلتم أنه يمكن ان ينسيه أمر من أوامر ربه ؟!!
- فإن قلتم أنه يعلم أنه وسواس: فلماذا يتبعه النبي ولم يستعذ منه وهو يعلم
أنه وسواس ؟!!
- وإن قلتم أنه لا يعلم أنه
وسواس: فكيف لا يعرف أنه وسواس وهو القائل أن الله أعانني عليه فأسلم ؟!!
- ما لكم كيف تحكمون يا سادة ؟!!
#- خلاصة القول فيما سبق:
1- أن الشيطان ما كان له سلطان
على النبي أبدا .. ولم يؤثر فيه بوسوسته مطلقا .. وإذا كان يمكن أن يوسوس
له .. ولكنه لا يمكن أن يؤثر فيه بوسوسته أي لا يستجيب لهذه الوسوسة .. كما أن
الشيطان قد يظهر للأنبياء ولكنه لا يستطيع أن يسيطر على قواه التخيلية لأنهم
يعلمون أنه شيطان .. بل الأنبياء هم من يستطيعون التأثير على الشيطان فيحكمون على
صورته فيطردونه .. وليس الشيطان هو من يحكم فيهم بأفعاله .. !!
2- ولا حجة في قوله تعالى: (وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ) .. لمن زعم بإمكانية أن الشيطان قد
ينجح في استدراج النبي حتى ينسيه أمر ربه الذي هو عدم مجالسة المستهزين بالدين.
#- وإنما لهذه الآية توجيه آخر .. وقد سبق وذكرناه في الرأي الثاني
الذي تكلم فيه العلماء وكان من ذلك ان الخطاب للنبي في ظاهره وحقيقته هو لأمته ..
أو أن الخطاب هو للمؤمن بصورة عامة .. وراجع آراء العلماء في الفصل السابق ..
وسأذكر لي ما جال بخاطري في السؤال القادم إن شاء الله عن تفسير جزئية (وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ).
3- ومن عجيب بعض من يحلو لهم
نقل هذا التفسير الغريب .. لو قيل لرجل دين أن الشيطان هو سبب نسيانه في أمر ما من
أمور الدين .. لصرخ وهاج وماج وتحول لتنين يخرج نارا من فمه يحرق من اتهمه
بذلك ..!! ولكنه يقبل في نفسه
أن يتجرأ على النبي ويصف ذلك في النبي بأن الشيطان يمكن أن يتسلط عليه فينسيه أمر
من أوامر ربه ..!!
- عجبا لهذه النفوس .. يقبلون في نبيهم ما لا يقبلونه في أنفسهم ..
بل ويجعلون منه عقيدة ...!!
**********************
..:: س10: كيف رأيت تفسير قوله (وإما ينسينك الشيطان) عن اجتهاد خاص بي (خالد صاحب
الرسالة) ؟ ::..
@- قلت (خالد صاحب الرسالة):
#- خطر
على بالي توجيهان في تفسير قوله تعالى: (إما ينسينك
الشيطان):
- الأول: باعتبار أن الشيطان في الآية قد
يكون به الشيطان الإنسي الذي يحاوره ..
1- لما كان مقصود الآية هو الإعراض عن بالمستهزئ بكلام الله الذي
يكون حاله هو حال الشياطين في تلك اللحظة .. فيكون من شياطين الإنس .. كما قال
تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ
عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ) الأنعام:112.
2- فالمقصود بالشيطان في الآية
هنا هو المستهزيء من الإنس بكلام الله .. ويكون قوله (وإما
ينسينك الشيطان) أي وإن حدث على سبيل الإفتراض فانشغلت بأولوية تبليغ
الدعوة أملا في أن يؤمن أحد ممن يجادلك ورجاء إيمانهم .. فانشغلت بما كنت مأمورا
به وهو تبليغ الدعوة عما هو أولى لك في ذلك الموقف وهو الإعراض عنهم لما ظهر منهم
من السخرية والإستهزاء .. ثم تنبهت لأمرنا لك بوجوب الإعراض عمن حالهم هو
الإستهزاء والسخرية .. فلا تعود بعد ذلك لهذا الفعل مرة أخرى وتستمر في جلوسك مع
القوم الذين حالهم شيطاني بعد ذلك.
3- وعلى هذا التفسير .. فلا وجود للشيطان وهو إبليس أو أحد أعوانه من الجن ..
وهو الممتنع تأثير وسوسته على النبي .. بل ويظهر أن النسيان هنا حدث كطبيعة إنسانية
بسبب الإنشغال والإندماج في محاورة القوم كمحاولة لهدايتهم وتليين قلوبهم وذلك طمعا
في إيمانهم.
4- ونسبة النسيان للشيطان حينئذ معناه
.. أن شيطان الإنس قد يكون سببا في انشغال النبي عما هو
أولى طالما حال هذا الإنسي هو الإستهزاء والسخرية بالدين.
5- وإذا كان التوجيه "على
افتراض أنه للنبي" أن النسيان ممكن حدوثه للنبي نتيجة هذه المجالسة مع
ممن يتكلم بلسان الشيطان .. فمن باب أولى أن غير النبي عليه أن لا يجالس
هؤلاء القوم .. طالما حالهم هو السخرية والإستهزاء حتى ينتهوا عما يفعلون .. فإن
انتهوا فلا مانع من محاورتهم حتى ولو في أمور الدنيا.
6- إذن: الإرشاد في الآية فيه دليل على إمكانية حدوث نسيان للنبي عما هو أولى ..
وذلك لو انشغل النبي بمحاورة المستهزيء الذي حاله من حال الشيطان أو يتكلم بلسان
الشيطان.
- وفي ذلك دلالة على أن مجالسة
هؤلاء المستهزئين هي مجالس يحضرها الشيطان وعلى المؤمن أن لا يتعرض أبدا
لمن هذا حالهم.
@- يعني خلاصة ما سبق: هو أن المقصود بالشيطان هو شيطان الإنس وليس
شيطان الجن ..وهذا هو الأليق بالآية .. لأنها تتكلم عن مجالسة الإنس وليس الجن .. !!
والله أعلم.
- الثاني: باعتبار أن قوله (ينسينك) على سبيل محاولة الشيطان أن ينسي النبي ..
1- لفظ (ينسينك): يعطيك ملمح أن الشيطان يجتهد في محاولة تنسية
النبي أمر ربه .. وإلا لو كان يستطيع فعل الإنساء لكان قال تعالى: (أنساك) .. فلفظ الفعل المضارع مع النون المشددة .. يعطيك
شدة مجاهدة الشيطان للنبي في تلك اللحظة الجالس فيها النبي مع هؤلاء القوم .. في
محاولة من الشيطان للتأثير على النبي ليشغله عما هو أولى وهو الإعراض عن هؤلاء
القوم ويستمر في مجادلتهم.
2- ويكون التفسير هو: وعلى افتراض أن استشعرت بمحاولة الشيطان معك
في أن يشغلك بمحاورة هؤلاء المستهزئين ويحاول استدراجك لهذه المحاورة حتى يجاهدنك بوسوسته
لك في مجالستهم مزينا لك إمكانية إيمانهم حتى تنشغل بمحادثتهم عن أمر ربك الذي هو
وجوب الإعراض عن المستهزئين .. فلو استشعرت بمجاهدة الشيطان لك في تلك اللحظة وتذكرت
أمر الله بوجوب الإعراض عمن حالهم السخرية .. فقم من مقامك فورا .. (فلا تقعد بعد الذكرى) فلا تجالسهم بعد جذب انتباهك وتذكرك لأمر ربك بوجوب الإعراض عمن حالهم الخوض في كلام الله بالسخرية
والإستهزاء لأنهم ظالمين.
3- ويمكن تلخيص الرأي الأخير
فنقول: (إما ينسينك) أي يجاهدنك في محاولة منه لتحقيق النسيان فيك لأمر ربك .. وكنت
منتبها لما أمرك الله به من الإعراض عنهم .. فلا تقعد معهم بعد ما انتبهت له من
التذكرة بالله لأمر الله بوجوب الإعراض عنهم حينما وجدت منهم ما وجدت من .. وابتعد
عنهم.
4- ومثال ما سبق في قوله تعالى: (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ
سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200) إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ
تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ
مُبْصِرُونَ) الاعراف:200-201.
- فالشيطان يحاول أن يحدث نزغا في النبي .. وحينما يشعر بذلك فهو يستعذ بالله .. والنزغ
هو وسوسة بحدوث انفعال داخلي في النفس لإحداث وقيعة مع آخرين.. أو هي مجرد بداية
تحريك الوسوسة في النفس.
5- وهذا الرأي الأخير الذي ذكرته .. لا مانع فيه من محاولة تأثير الشيطان على
النبي .. إلا أنه لا يؤثر فيه فعلا .. بل محاولة .. وهذا غير ممتنع حدوثه للأنبياء
والرسل من باب تسليط الشيطان .. ولكن النبي لا يستجيب لوسوسته لأنه لا سلطان له
على النبي .. بأي حال من الأحوال.
- وأظنه رأي محتملا في تفسير
الآية .. ويطمئن له قلبي .. وليس فيه إمكانية إحداث نسيان فعلي ..
وإنما هي محاولة من الشيطان للنبي لنسيان أمر الله دون أن يؤثر فيه فعلا.
@- أخي الحبيب:
- ما ذكرته من الرأي الأول أو
الثاني .. إنما هو مجرد رأي خاص بي قد ظهر من خلال تفكر كثيرا في كلام العلماء وفي
الآية نفسها .. فإن وفقت في ذلك فمن الله .. وإن لم أوفق فأرجو من الله أن يجبر
عدم التوفيق بصدق الإجتهاد والتحقيق .. وهو أعلم بمن اتقى.
- والله أعلم بمراده وتفسير كلامه.
**********************
..:: س11: لماذا كان الخطاب للنبي في
قوله (وإما ينسينك الشيطان) طالما المقصود به أمته ؟ ::..
#- قال تعالى: (وَإِذَا
رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى
يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا
تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) الأنعام:68.
- مما قد يخطر ببالك فتقول: لو افترض رأي كثير من العلماء ممن مالوا لرأي
أن الآية تتكلم عن أمة النبي وليس عن النبي .. بدلالة قوله: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا
سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا
مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي
جَهَنَّمَ جَمِيعًا) النساء:140..، أي قد نزل عليكم في القرآن إذا سمعتم
استهزاء من البعض بآيات الله فلا تجالسوا هؤلاء المستهزئين .. وإنكم إن لم تفعلوا وسمعتم استهزاءهم كنتم مثلهم فى الاستهزاء بالقرآن .. وإن
العاقبة وخيمة على الكافرين والمنافقين .. فإن الله جامعهم جميعاً فى النار يوم القيامة.
@- فلماذا كان الخطاب في آية سورة الأنعام (وإما ينسينك الشيطان) .. ظاهر اللفظ وكاف الخطاب
يشير إلى النبي ؟ وآية الأنعام كاملة هي: (وَإِذَا
رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى
يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا
تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) الأنعام:68.
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
-
الجواب ببساطة:
1- لتعلم أن النبي صلى الله
عليه وسلم إذا كان محذورا من مجالسة من هؤلاء حالهم وهو المستهزئين بالقرآن .. فمن
باب أولى من هم دون النبي وهم أمته .. لا يفعلوا ذلك.
2- إذا كان في مجالسة هؤلاء المستهزئين .. هو مجلس يحضره الشيطان .. وفي حال حضوره ولو
على افتراض كان النبي جالس فالشيطان يجاهد النبي محاولا أن يصرفه عن أمر ربه من
خلال إشغاله بفعل آخر وهو دعوة الكافر للإيمان محاولا أن ينسيه أمر ربه بوجوب
الإبتعاد عن المستهزئين وعدم مجالستهم .. إلا أن النبي يعرف بذلك فينصرف .. ولكن
أنت كمؤمن قد لا تقوى على مجاهدة الشيطان في نفسك وقد تخضع له وتستمر على بقائك مع
هؤلاء محاولا معهم .. فتكون عصيت ما أمرك الله به من عدم مجالسة هؤلاء المستهزئين.
- فإذا كان هذا مجلس سوء يحضره الشيطان
.. وإذا كان حال الشيطان مع النبي هو محاولة التأثير عليه .. فمن أنت يا مؤمن
مقارنة بالنبي لتقوى على البقاء صامدا أمام الشيطان في مجلس مثل هذا..؟!ّ
- والله أعلم.
**********************
..:: س12: ما الحكمة المستنبطة من قوله (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ
يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ
غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى
مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) ؟ ::..
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
1- لا تجالس المستهزئين
بالقرآن ولا أصحاب الشبهات .. لأن مجلسهم هو مجلس يحضره الشيطان ليؤثر عليك بشبهاتهم التي
سيلقون بها في نفسك ولا تستطيع الرد عليهم .. فيصيبك وسواس قد يتمكن منك ولا
يفارقك .. فلا تقترب من هؤلاء من أساسه.
- وإذا كان هذا مجلس سوء يحضره الشيطان
.. وإذا كان حال الشيطان مع النبي في مجلس مثل هذا لو حضره النبي فهو سيحاول التأثير
على النبي "بالرغم من أنه ليس له سلطان تأثير على النبي" .. فمن أنت يا
مؤمن مقارنة بالنبي لتقوى على البقاء صامدا أمام الشيطان في مجلس مثل هذا..؟!ّ
- فاحذر من المجازفة بالبقاء
مع هؤلاء .. واهرب منهم كهروبك من الطاعون .. فأنت لا تأمن ما سيلقى
أمامك من شبهات قد تكون سببا في انقلاب حالك وضياع إيمانك وسببا في إلحادك .. ولا
تنسى أن هذا في الأصل هو أمر من رب العالمين بعدم مجالسة هؤلاء .
- ويندرج تحت هؤلاء المستهزئين
أصحاب الفتن الدينية من يسعون بالطعن في الدين ونشر الفتنة بين المسلمين
لتشكيكهم في دينهم وعلمائهم وما شابه ذلك .. فلا تجالسهم حتى لا تفتن بهم..، ولا
تدخل على قنزاتهم على اليوتيوب أو أي برامج مرئية أو مسموعة أو مكتوبة على
الإنترنت .. لأنك غير مؤهل لمواجهة هؤلاء .. وإذا أبصرت في زماننا هذا كم الذين
انحرفوا من اتصالهم بهؤلاء وكانوا أهل معرفة في الدين.
2- قال الإمام محمد سيد طنطاوي رحمه الله: استدل بهذه الآية على أن الناسي
غير مكلف، وأنه إذا ذكر عاد إليه التكليف فيعفى عما ارتكبه حال نسيانه ففي الحديث
الشريف: (إن الله رفع عن أمتى الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) رواه الطبراني عن ثوبان مرفوعا
وإسناده صحيح. (التفسير الوسيط ج5 ص99).
#- وبهذا يكون الختام على آية (وإما ينسنك الشيطان) من حيث العلم .. إلا أنه توجد مسألة لابد من
الكلام عنها وهي تتعلق بهذه الآية .. ولا علاقة لها بكلام العلماء عنها .. وإنما
لها علاقة بكلام السفهاء عنها .. والله ولي التوفيق.
اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم
ردحذفللهم لا تفتنا في عطاياك .. وارزقنا رضااك
وجوزيت كل خير استاذنا الفاضل
ربي يتتم عليك نعمه الظاهرة والباطنة
آمين يارب العالمين
اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلي آله وسلم
ردحذفبارك الله فيك استاذنا الفاضل .. وجعله في ميزان حسناتك . آمين
نزار =
ردحذفالبحث في المدونة هو الكنز العظيم لمن طلب طريق الحق وهي الزاد الكافي لمن طلب علاج القلب الشافي ...
( القرار الثالث للمدونة)
==========
هذا كلام حق!!... حين تقرأ في المدونة فأنت في مأمن... إذا عثرت على ما لم نفهمه يمكن تسأل وتنال مرادك بيسر شديد...
فالمدونة حية وليست مثل الكتب المنصوح قراءتها... فأصحابها غادروا وحتى إذا قرأت لهم .. من يضمن لك أن فهمك يطابق مراد الكاتب من الشرح وليس مجرد تأويل؟!!
وهاك مثال على ما أردت قوله...
وأنت تقرأ في تعليقات نفس الموضوع قال سيدي خالد ناصحا لسائل رأى رؤية ولم يفهم إن كانت كشفا أم عطاء فأجابه بأنه عطاء رباني ثم قال وبعيدا عن الرؤية فأنا أنصحك " لا تحمي ظهر من سلب عنه اللطف"
فكيف يعرف أن من يكلمه مسلوب اللطف؟...
💦💙💧💙💧💙💦
اللهم صل وسلم على سيدنا محمد النبي الأمي و آله...
جزاك الله كل خير استاذنا الفاضل وأمدك بمدده وفتح عليك بكل خير
ردحذف----------------
أهم النقاط التي جاءت في الموضوع:
🌹- الشيطان لا سلطان له على النبي أبداً، لا في قلبه ولا في قواه، بل النبي هو من يتغلب عليه ويعرفه ويطرده.
🌹- لا حجة في الآية: (وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ) لمن قال إن الشيطان ينجح في إيقاع النبي في النسيان لأمر إلهي، بل لها توجيه آخر ذكره العلماء، كأن الخطاب للأمة.
🌹- عجيب أمر من لا يرضى أن يُقال إن الشيطان أنساه شيئًا، ثم يرضى أن يُقال ذلك عن النبي! يقبلون في النبي ما لا يقبلونه في أنفسهم، ويجعلون ذلك عقيدة!
🌹-المقصود بالشيطان في الآية هنا هو المستهزيء من الإنس بكلام الله .. ويكون قوله (وإما ينسينك الشيطان) أي وإن حدث على سبيل الإفتراض فانشغلت بأولوية تبليغ الدعوة أملا في أن يؤمن أحد ممن يجادلك ورجاء إيمانهم
فانشغلت بما كنت مأمورا به وهو تبليغ الدعوة عما هو أولى لك في ذلك الموقف وهو الإعراض عنهم لما ظهر منهم من السخرية والإستهزاء .
🌹-الإرشاد في الآية فيه دليل على إمكانية حدوث نسيان للنبي عما هو أولى .. وذلك لو انشغل النبي بمحاورة المستهزيء الذي حاله من حال الشيطان أو يتكلم بلسان الشيطان.
🌹- وفي ذلك دلالة على أن مجالسة هؤلاء المستهزئين هي مجالس يحضرها الشيطان وعلى المؤمن أن لا يتعرض أبدا لمن هذا حالهم
الأستاذ خالد أبوعوف
----------
اللهم صل على سيدنا محمد صلاة حب موصولة من القلب إلى القلب وعلى آله وسلم