الروحانيات فى الإسلام: ج2: رسالة النفحات في مفهوم الحديث النبوي عن نسيان حفظ القرآن والتغني بالآيات - من هم أهل القرأن وخاصته - ما هي أحوال الناس مع القرآن - هل يكفي حفظ القرآن أم قرائته مع العمل به - ما هي بعض آراء العلماء في العمل بالقرآن .

بحث في المدونة من خلال جوجل

الجمعة، 22 مايو 2020

Textual description of firstImageUrl

ج2: رسالة النفحات في مفهوم الحديث النبوي عن نسيان حفظ القرآن والتغني بالآيات - من هم أهل القرأن وخاصته - ما هي أحوال الناس مع القرآن - هل يكفي حفظ القرآن أم قرائته مع العمل به - ما هي بعض آراء العلماء في العمل بالقرآن .

بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة النفحات
في مفهوم الحديث النبوي
عن نسيان حفظ القرآن والتغني بالآيات
(مع التعريف بأهل القرآن وبعض من خسروا أجر عبادتهم عند الله)

(الجزء الثاني)

* فهرس:
:: الفصل الثاني :: من مواصفات أهل القرآن وخاصته ::
1- س8: من هم أهل القرأن وخاصته ؟
2- س9: ما هي أحوال الناس مع القرآن ؟
3- س10: هل يكفي حفظ القرآن أم قرائته مع العمل به ؟
4- س11: ما هي بعض آراء العلماء في العمل بالقرآن ؟

*******************************
..:: الفصل الثاني ::..
:: من مواصفات أهل القرآن وخاصته ::
**************************
..:: س8: من هم أهل القرأن وخاصته ؟ ::..

- صديقي المؤمن .. اعلم أن القرآن له كرامة خاصة لمن له علاقة به .. أي مديم على قرائته وعاملا به .. حيث جاء عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنَ النَّاسِ " قَالَ: قِيلَ: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: " أَهْلُ الْقُرْآنِ هُمْ أَهْلُ اللهِ، وَخَاصَّتُهُ) رواه أحمد .. وقال الأرنؤوط: إسناده حسن .. وذكره الألباني في صحيح الترغيب بأنه صحيح .. وذكره في صحيح بن ماجه .

- قال الإمام نور الدين السندي رحمه الله (المتوفى: 1138هـ):
- معنى (أهلين) : بِكَسْرِ اللَّامِ جَمْعُ (أَهْلٍ) .. جُمِعَ بِالْيَاءِ وَالنُّونِ لِكَوْنِهِ مَنْصُوبًا عَلَى أَنَّهُ اسْمُ إِنَّ كَمَا يُجْمَعُ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ إِذَا كَانَ مَرْفُوعًا .. وَإِنَّمَا يُجْمَعُ تَنْبِيهًا عَلَى كَثْرَتِهِمْ .
- قَوْلُهُ (هُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ) أَيْ حَفَظَةُ الْقُرْآنِ يُقْرَأُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ الْعَامِلُونَ بِهِ .
- قَوْلُهُ (أَهْلُ اللَّهِ) بِتَقْدِيرِ أَنَّهُمْ أَهْلُ اللَّهِ أَيْ أَوْلِيَاؤُهُ الْمُخْتَصُّونَ بِهِ اخْتِصَاصَ أَهْلِ الْإِنْسَانِ بِهِ
حاشية السندي على شرح بن ماجة ج1 ص93.

* قلت (خالد صاحب الرسالة):
- أهل القرآن هم كل مؤمن اعتني بكتاب الله وخدمه قدر استطاعته .. سواء بحفظه أو بقرائته أو بتعلمه وتعليمه أو بتفسيره وشرح معانيه أو بطباعته ونشره .. أو غير ذلك من خدمات يفعلها المؤمن للعناية بالقرآن ابتغاء مرضاة الله .. (وهذا رأيي) والله أعلم .

- وأهم شرط لتكون من أهل القرآن هو العمل به .. لأنه دليل الصدق في المعاملة مع الله .

- وإذا كان أهل الله هم أهل القرآن وخاصته .. فيكونوا أدق أوصافهم هم أهل المحبة لاتباعهم النبي وهم أهل طاعة الله ورسوله .. يقول تعالى: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ . قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ) آل عمران 31-32 .. فيكونوا من أهل معية الله .. ويكونوا هم الموصوفين بالتقوى والإحسان .. كما يقول تعالى (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) النحل 128 ..

- فإذا كان الذين تعلقوا بالقرآن قراءة وعملا وتفسيرا وحفظا .. هم أهل القرآن .. (والمؤمنون درجات في ذلك) .. فعلينا أن نعرف أحوال الناس مع القرآن كما أخبرنا صلى الله عليه وسلم .

****************************

..:: س9: ما هي أحوال الناس مع القرآن ؟ ::..

- جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَثَلُ المُؤْمِنِ الذي يَقْرَأُ القُرْآنَ، مَثَلُ الأُتْرُجَّةِ، رِيحُها طَيِّبٌ وطَعْمُها طَيِّبٌ، ومَثَلُ المُؤْمِنِ الذي لا يَقْرَأُ القُرْآنَ مَثَلُ التَّمْرَةِ، لا رِيحَ لها وطَعْمُها حُلْوٌ، ومَثَلُ المُنافِقِ الذي يَقْرَأُ القُرْآنَ، مَثَلُ الرَّيْحانَةِ، رِيحُها طَيِّبٌ وطَعْمُها مُرٌّ، ومَثَلُ المُنافِقِ الذي لا يَقْرَأُ القُرْآنَ، كَمَثَلِ الحَنْظَلَةِ، ليسَ لها رِيحٌ وطَعْمُها مُرٌّ. في حَديثِ هَمَّامٍ بَدَلَ المُنافِقِ، الفاجِرِ) صحيح مسلم.

- وفي رواية بلفظ (الْمُؤْمِنُ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، وَيَعْمَلُ بِهِ كَالأُتْرُجَّةِ، طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَرِيحُهَا طَيِّبٌ، وَالْمُؤْمِنُ الَّذِي لاَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، وَيَعْمَلُ بِهِ كَالتَّمْرَةِ طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَلاَ رِيحَ لَهَا. وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَالرَّيْحَانَةِ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ. وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي لاَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَالْحَنْظَلَةِ طَعْمُهَا مُرٌّ، أَوْ خَبِيثٌ وَرِيحُهَا مُرٌّ) صحيح البخاري.

- (الأترجة): هي ثمرة من الفاكهة لها طعم طيب وريحه طيبة من فصيلة الموالح كالليمون والبرتقال واليوسفي .. والله أعلم .
- (الحنظل): نبات أرضي زاحف طعمه مر .

* قلت (خالد صاحب الرسالة):
- وانتبه في الحديث للآتي:
1- وهو أنه يتكلم عن القاريء للقرآن سواء كان حفظا بظهر الغيب أو من المصحف ..

2- أن الغرض من قراءة المؤمن للقرآن من التعبد به هو اتباع ما جاء فيه والعمل به .. وإلا فكيف يكون متعبدا فقط دون عمل به (فيكون حاله كحال المنافق) .. !! ويكفيك لفظ رواية البخاري (ويعمل به) لتفهم مقصد النبي صلى الله عليه وسلم من القراءة.

3- أنك قد لا تكون قاريء للقرآن مداوما عليه .. ولكنك تعمل بما فيه من حسن أخلاق في المعاملات وعمل الطاعات وابتعاد عن المحرمات .. فهذا يثبت فيك الإيمان إلا أنك تقل عن الذي يديم على قرائته ويعمل به .. فالفارق هنا هو دوام القراءة .

4- ننتبه إلى أن الإيمان الصادق ثبت للعمل بالقرآن .. وليس لمجرد القراءة .. بدليل أنه أتي بوصف المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كثيرا ولكنه يعمل بما فيه .

5- وجاء بالفعل المضارع (يقرأ) للدلالة على استمراية هذا الفعل .. وليس مجرد أنه يقرأ كلما تيسر له مزاجه ..!! وصيغة المضارع تجعلك تفهم أن المؤمن القاريء العامل بالقرآن قلبه متعلق بالقرآن تعلق الروح بالجسد .. والله أعلم .

6- وجاء بالفعل المضارع في كلمة (يعمل) للدلالة على ديمومية العمل بالقرآن وكأنه يتتبع مراد الله ليفعله .. حتى أصبح الحكم الإلهي (افعل ولا تفعل) .. مستحضره في قلبه في كل نواحي حياته .. لتعلق القلب بالرغبة الصادقة في مرضاة الله تعالى .

- والله أعلم في كل ما سبق ..

- فإذا علمت ما سبق .. فإليك بعض من كلام علماؤنا غفر الله لهم .. موضحا ذلك ببعض الأسئلة ..

1- ما هو المفهوم العام للحديث ؟
-  قال الإمام المُظْهِري رحمه الله (المتوفى: 727 هـ):
- (الأُتْرجَّةُ): طعمها طيب وريحها طيب ..
- فالمؤمنُ الذي يقرأ القرآن هكذا من حيثُ إن الإيمانَ في قلبه ثابتٌ طيب الباطن، ومن حيث إنـه يقرأُ القرآن، ويستريحُ الناسُ بصوته، ويَجِدون الثوابَ بالاستماع إليه، ويتعلمون القرْآنَ منه مثلُ رائحة الأترجة يستريح الناس برائحتها.
- والمؤمنُ الذي لا يقرأُ القرآن طيبٌ باطنُهُ وذاتُهُ بالإيمان، ولكن لا يستريحُ الناسُ بقراءته القرآنَ، وهو كالتمرِ، طعمُهُ حلوٌ، وليس له رائحةٌ يستريحُ الناسُ بها من البُعدِ.
- ومثل المنافق الذي لا يقرأُ القرآنَ كمثل الحنظلة؛ لأن باطنَهُ خبيثٌ بكتمانه الكفرَ، ولا يحصل من ظاهره خيرٌ لأحد.
- والمنافقُ الذي يحصل منه راحةٌ إلى الناس باستماعهم القرآن منه كمثل رائحةِ الريحانةِ، ولكنَّ باطنَهُ خبيثٌ بكتمان الكفر، كطعم الريحانة.
المفاتيح في شرح المصابيح ج3 ص67

2- لماذا جاءت رواية البخاري بلفظ (ريحها مر) والمرارة محلها الطعم وليس الشم ؟
- قال الإمام القسطلاني رحمه الله (المتوفى: 923هـ):
- واستشكل من حيث إن المرارة من أوصاف الطعوم فكيف يوصف بها الريح ؟
-  وأجيب: بأن ريحها لما كان كطعمها استعير له وصف المرارة. وقال الكرماني: المقصود منهما واحد وهو بيان عدم النفع لا له ولا لغيره. اهـ.

- وفي الحديث فضيلة قارئ القرآن، وأن المقصود من التلاوة العمل كما دل عليه زيادة (ويعمل به) وهي زيادة مفسرة للمراد من الرواية التي لم يقل فيها ويعمل به.
إرشاد الساري لصحيح البخاري ج 7 ص487

3- ما المعاني التي أشار إليها الحديث ؟
- قال الإمام التوربشتي رحمه الله (المتوفى: 661 هـ):
- إن الشارع - صلى الله عليه وسلم - أشار في ضرب هذا المثل إلى معان لا يهتدي إليها إلا من أُيَّد بالتوفيق .
1- فمنها: أنه ضرب المثل بما تنبته الأرض ويخرجه الشجر للمشابهة التي بينها وبين الأعمال فإنها من ثمرات النفوس [والمثل هنا وإن] ضرب للمؤمن نفسه فإن العبرة فيه بالعمل الذي يصدر عنه، لأن الأعمال هي الكاشفة عن حقيقة الحال.

2- ومنها: أنه ضرب مثل المؤمن بالأترجة والتمرة وهما مما يخرجه الشجر، وضرب مثل المنافق بما تنبته الأرض؛ تنبيها على علو شأن المؤمن وارتفاع عمله ودوام ذلك وبقائه ما لم تيبس الشجرة وتوقيفًا على ضَعة شأن المنافق وإحباط عمله وقلة جدواه وسقوط منزلته.

3- ومنها: أن الأشجار المثمرة لا تخلو عمن يغرسها فيسقيها ويُصلح أودَها ويربّها وكذلك المؤمن يقيض له من يؤديَّه ويعلمه ويهديه ويلم شعثه ويسّومه ولا كذلك الحنظلة المهملة المتروكة بالعراء أذلّ من نقع الفلا والمنافق الذي وكل إلى شيطانه وطبعه وهواه.
الميسر في شرح مصابيح السنة ج2 ص489 .. مع التصرف بوضع ترقيم للفوائد فقط .

*****************************

..:: س10: هل يكفي حفظ القرآن أم قرائته مع العمل به ؟ ::..

* قلت (خالد صاحب الرسالة):
- قد تظن أن السؤال متكرر عن سابقه .. ولكن الغرض من هذا السؤال هو توضيح نقطة كثيرا ما تغيب عن كثيرا من المؤمنين .. وهي ديمومية قراءة القرآن والعمل به .. حيث أنني وجدت كما هو ملاحظ أن هناك توجيه أو تحريض لحفظ القرآن .. وهذا أمر جيد .. لقول النبي صلى الله عليه وسلم (مَثَلُ الذي يَقْرَأُ القُرْآنَ، وهو حافِظٌ له مع السَّفَرَةِ الكِرامِ البَرَرَةِ ، ومَثَلُ الذي يَقْرَأُ، وهو يَتَعاهَدُهُ، وهو عليه شَدِيدٌ فَلَهُ أجْرانِ) صحيح البخاري .
- وفي رواية بلفظ (الْماهِرُ بالقُرْآنِ مع السَّفَرَةِ الكِرامِ البَرَرَةِ، والذي يَقْرَأُ القُرْآنَ ويَتَتَعْتَعُ فِيهِ، وهو عليه شاقٌّ، له أجْرانِ. [وفي رواية]: والذي يَقْرَأُ وهو يَشْتَدُّ عليه له أجْرانِ) صحيح مسلم .

- معنى (يتعاهده): أي شاق عليه في حفظه ويتفلت منه لصعوبته عليه .. فله أجر التعب وأجر القرآءة ..
- معنى (يتتعتع فيه): يتعثر في القراءة وكأن لسانه لا يستطيع نطق الكلام إلا بصعوبة لأنه ضعيف في القراءة لقلة حظه فيها أو لسبب عضوي في لسانه يجعله يتعثر في الكلام .. ولذلك يجد مشقة في قرائته .. ولكنه يجاهد ويحاول ابتغاء مرضاة الله .

- معنى (وهو حافِظٌ له مع السَّفَرَةِ الكِرامِ البَرَرَةِ) : أي متقن في حفظه فهو مع درجة الملائكة الحافظة للقرآن .. من حيث إتقان الحفظ وليس من حيث مكانة الملائكة ..!!  فهو كالسالك مسلك الملائكة .. والله أعلم .

- ولكن لا نجد من الدعاة توجيه وتحريض وتشجيع لقراءة القرآن والعمل به وتطبيقه ..!!  وكأن بعض الدعاة ظنوا أن أهل القرآن هم من يحفظون القرآن فقط دون غيره ..!! ولم يقل النبي صلى الله عليه وسلم بذلك الكلام ؟!! حيث أن اهل القرآن هو وصف يشمل كل من يخدم القرآن بإخلاص توجه إلى الله .. وليس بالحفظ فقط كما سبق وأوضحنا ذلك ..!!

- ولذلك تجد بعض المؤمنين لا يستشعرون بثمرة القرآن الإيمانية أو نورانية القرآن في قلبه .. ولا يجد تذوق لمعانيه .. لأنه اكتفى بالحفظ دون الفهم فضلا عن قلة العمل بما فيه .. !!

- حتى أنك تجد أن من يستخدم القرآن في الرقية .. لا يستجيب القرآن بكرامته الخاصة معهم .. لأنهم لم يتأدبوا مع القرآن .. حيث لم يتعبدوا بالقرآن وإنما اتخذوه وسيلة استشفائية وكأنه كبسولات دوائية ..!! وللأسف لم يتبعوا تعليماته من حيث أنه وسيلة تعبد أي وسيلة تقرب إلى الله .. وبالتالي يتبع ذلك عمل بما فيه .. !!

- ولكنهم اكتفوا بقرائته بأفواههم (وكأنهم يفعلون كالمنافق الذي أشار إليه الحديث الذي يقرأ دون عمل) ..!! ثم يريدون أن تظهر لهم كرامة القرآن بدون عمل بالقرآن في ظاهرهم وباطنهم ..!! فكيف سيحدث لهم كرامة قرآنية خاصة بمجرد القراءة فقط .. ؟!!

- ولكن يكفي أن لهم كرامة الأجر في الآخرة حيث أن لهم بقراءة كل حرف عشر حسنات كما قال صلى الله عليه وسلم (مَن قرأَ حرفًا من كتابِ اللَّهِ فلَهُ بِهِ حسنةٌ ، والحسنةُ بعشرِ أمثالِها ، لا أقولُ آلم حرفٌ ، ولَكِن ألِفٌ حرفٌ وميمٌ حرفٌ) صحيح الترمذي ..

* ودليل قراءة القرآن مع العمل به :
1- قوله تعالى : (قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ . يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) المائدة16 .

- أي أن الله يهدي بالقرآن من اتبع ما فيه مرضاة الله وذلك بالإيمان الصادق .. فيرزقه سبل السلام في ظاهره وباطنه .. ويخرجه من ظلمات العقل والقلب والنفس .. ويوفقه للثبات على طريق الحق والنور ..

- وصيغة الفعل المضارع (يَهْدِي) و (يُخْرِجُهُمْ) و (يَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) .. تدل على استمرارية العطاء معهم طالما هم ثابتون على اتباع ما فيه مرضاة الله .. فسيستمر هذا العطاء مستمر معهم .. والله أعلم .

2- النبي كان يعمل بالقرآن في الحياة .. بدليل قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) الزخرف52.

- وسُئِلَتْ عائِشةُ عن خُلُقِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالَتْ: (كان خُلُقُه القُرآنَ) رواه أحمد .. وقال الأرنؤوط : صحيح .. وذكره الألباني في صحيح الأدب المفرد .


3- قال النبي صلى الله عليه وسلم : (الْمُؤْمِنُ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، وَيَعْمَلُ بِهِ كَالأُتْرُجَّةِ، طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَرِيحُهَا طَيِّبٌ، وَالْمُؤْمِنُ الَّذِي لاَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، وَيَعْمَلُ بِهِ كَالتَّمْرَةِ طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَلاَ رِيحَ لَهَا. وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَالرَّيْحَانَةِ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ. وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي لاَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَالْحَنْظَلَةِ طَعْمُهَا مُرٌّ، أَوْ خَبِيثٌ وَرِيحُهَا مُرٌّ) صحيح البخاري.

4- قال النبي صلى الله عليه وسلم: )يُؤْتَى بالقُرْآنِ يَومَ القِيامَةِ وأَهْلِهِ الَّذِينَ كانُوا يَعْمَلُونَ به .. تَقْدُمُهُ سُورَةُ البَقَرَةِ، وآلُ عِمْرانَ، وضَرَبَ لهما رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ثَلاثَةَ أمْثالٍ ما نَسِيتُهُنَّ بَعْدُ، قالَ: كَأنَّهُما غَمامَتانِ، أوْ ظُلَّتانِ سَوْداوانِ بيْنَهُما شَرْقٌ، أوْ كَأنَّهُما حِزْقانِ مِن طَيْرٍ صَوافَّ، تُحاجَّانِ عن صاحِبِهِما) صحيح مسلم ..

- معنى (سوداوان): المقصد كثافة تواجدهم كأنهم غمامة فوق الشخص .
- ومعنى كلمة (شرق) : أي نور وضياء . كأنه ضوء الشروق ..
- ومعنى كلمة (حزقان) : أي جماعتان ..
- ومعنى (صواف): جَمْعُ صَافَّةٍ وَهِيَ الْجَمَاعَةُ الْوَاقِفَةُ عَلَى الصَّفِّ أَوِ الْبَاسِطَاتُ أَجْنِحَتُهَا مُتَّصِلًا بَعْضُهَا بِبَعْضٍ .
- ومعنى (تحاجان) : أي تدافعان وتشفعان عن قارئهما العامل بما فيهما من عبادات ومعاملات ..

5- يقول صلى الله عليه وسلم: (ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه فيما بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده) صحيح مسلم.

6- يقول صلى الله عليه وسلم: (اقرؤوا القرآنَ واعملوا به ، و لا تَجْفُوا عنه ، و لا تغْلوا فيه ، و لا تأْكلوا به ، و لا تسْتَكثروا به) رواه أبي عاصم في آحاد والمثاني برقم 1862 – وذكر الحديث الألباني في صحيح الجامع برقم 1168 ..
- معنى (لا تجفوا عنه) : من الجفاء والمقصود البعد عنه .
- معنى (لا تغلو فيه): من الغلو وهو التجاوز عن الحد .. والمقصود به لا تتأولوه بباطل فتخرجوه عن حقيقة لفظه ومعناه.

- معنى (ولا تأكلوا به): أي باطلا .. فتقرأوه رياءا وسمعة فيمدحكم الناس عليه فتأكلون من وراءه .. أو تتعلموه وتتبعوا ما تشابه منه وتبيحوا الحرام ..!!

- معنى (ولا تستكثروا به) أي في العبادة .. وتتركوا غيره من العبادات ..
- والله أعلم بمراد نبيه ..

7- يقول صلى الله عليه وسلم: (تعلَّموا القرآنَ فإنَّه يأتي يومَ القيامةِ شافعًا لأصحابِه .. وعليكم بالزَّهْراوَيْنِ: البقرةِ وآلِ عِمرانَ فإنَّهما تأتيانِ يومَ القيامةِ كأنَّهما غمامتانِ أو كأنَّهما غَيَايَتانِ أو فِرْقانِ مِن طيرٍ تُحاجَّانِ عن أصحابِهما وعليكم بسورةِ البقرةِ فإنَّ أخْذَها بركةٌ وتَرْكَها حسرةٌ ولا يستطيعُها البَطَلةُ) صحيح بن حبان.. وقال الأرنؤوط: حديث صحيح رجاله ثقات .

- وتعلم القرآن ليس مخصوصة بالحفظ فقط .. بل تحمل معنى تعليم قرائته وحفظه وتفسيره وتدبره وغير ذلك ..

8- يقول صلى الله عليه وسلم: (اقْرَؤُوا القُرْآنَ فإنَّه يَأْتي يَومَ القِيامَةِ شَفِيعًا لأَصْحابِهِ .. اقْرَؤُوا الزَّهْراوَيْنِ البَقَرَةَ، وسُورَةَ آلِ عِمْرانَ، فإنَّهُما تَأْتِيانِ يَومَ القِيامَةِ كَأنَّهُما غَمامَتانِ، أوْ كَأنَّهُما غَيايَتانِ، أوْ كَأنَّهُما فِرْقانِ مِن طَيْرٍ صَوافَّ، تُحاجَّانِ عن أصْحابِهِما، اقْرَؤُوا سُورَةَ البَقَرَةِ، فإنَّ أخْذَها بَرَكَةٌ، وتَرْكَها حَسْرَةٌ، ولا تَسْتَطِيعُها البَطَلَةُ) صحيح مسلم.

- والقراءة ليست مخصوصة بالحفظ فقط .. بل تحمل معنى القراءة بالحفظ غيبا وتحمل القراءة من كتاب القرآن .. أي تلاوته بأي وسيلة ممكنة .

* ومن شرح بعض ألفاظ الحديث السابق :
* قال الإمام نور الدين الملا الهروي القاري (المتوفى: 1014هـ):
- (فَإِنَّ أَخْذَهَا) أَيِ الْمُوَاظَبَةُ عَلَى تِلَاوَتِهَا وَالتَّدَبُّرِ فِي مَعَانِيهَا وَالْعَمَلِ بِمَا فِيهَا.
- (بَرَكَةٌ) ، أَيْ مَنْفَعَةٌ عَظِيمَةٌ .
- (وَتَرْكَهَا) بِالنَّصْبِ وَيَجُوزُ الرَّفْعُ، أَيْ تَرْكُهَا وَأَمْثَالُهَا .
- (حَسْرَةً) ، أَيْ نَدَامَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، كَمَا وَرَدَ: " «لَيْسَ يَتَحَسَّرُ أَهْلُ الْجَنَّةِ إِلَّا عَلَى سَاعَةٍ مَرَّتْ بِهِمْ وَلَمْ يَذْكُرُوا اللَّهَ فِيهَا» " (وَلَا يَسْتَطِيعُهَا) بِالتَّأْنِيثِ وَالتَّذْكِيرِ، أَيْ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَحْصِيلِهَا .
- (الْبَطَلَةُ) ، أَيْ أَصْحَابُ الْبَطَالَةِ وَالْكَسَالَةِ لِطُولِهَا .
- وَقِيلَ: أَيِ السَّحَرَةُ لِأَنَّ مَا يَأْتُونَ بِهِ بَاطِلٌ، سَمَّاهُمْ بِاسْمِ فِعْلِهِمُ الْبَاطِلِ، أَيْ لَا يُؤَهَّلُونَ لِذَلِكَ أَوْ لَا يُوَفَّقُونَ لَهُ .
- وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: مَعْنَاهُ لَا تَقْدِرُ عَلَى إِبْطَالِهَا أَوْ عَلَى صَاحِبِهَا السَّحَرَةُ لِقَوْلِهِ - تَعَالَى - فِيهَا {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} البقرة102.
مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ج4 ص1461

* وقال الإمام شهاب الدين التُّورِبِشْتِي (المتوفى: 661 هـ):
قوله: (ولا تستطيعها البطلة) قد ورد في متن الحديث وهو قول القائل أي: السَحرة وقوله: (لا يستطيعها) أي لا يؤهلون لذلك ولا يوفقون له وأراد بالأخذ من قوله (فإن أخذها بركة): المواظبة على تلاوتها والعمل بها والمصابرة على ما تستدعى إليه من مساورة النفوس ومخالفة الهوى والله أعلم.
الميسر في شرح مصابيح السنة ج2 ص493

* قال الإمام المناوي رحمه الله (المتوفى: 1031هـ):
- (ولا تستطيعها البطلة) بفتح الباء والطاء: السحرة: تسمية لهم باسم فعلهم لأن ما يأتون به باطل وإنما لم يقدروا على قراءتها لزيغهم عن الحق وانهماكهم في الباطل. وقيل البطالة أهل البطالة الذين لم يؤهلوا لذلك ولم يوفقوا له أي لا يستطيعون قراءة ألفاظها وتدبر معانيها لبطالتهم وكسلهم أو المراد سحرة البيان من قوله إن من البيان لسحرا أي أنهم لا يستطيعونها من حيث التحدي فأتوا بسورة من مثله
 فيض القدير شرح الجامع الصغير ج2 ص63

9- وقال النبي صلى الله عليه وسلم (من قرأَ القرآنَ وتعلَّمه وعملَ به؛ أُلبسَ والداه يومَ القيامةِ تاجاً من نورٍ، ضوؤه مثلُ ضوءِ الشمسِ، ويكسى والداه حُلّتان لا تقوم لهما الدنيا، فيقولان: بمَ كُسينا هذا؟ فيقال: بأخذِ ولدكما القرآنَ) رواه الحاكم .. وقال الألباني حسن لغيره .. وقد حسنه بشاهد عند الطبراني .. والشاهد عند الطبراني ضعيف أيضا ..!!

- ولا أدري لماذا الشيخ الألباني ظل على تضعيف حديث أبي داوود .. لأنه كان على الأقل جعله حسنا لغيره وجعل حديث الطبراني له شاهد كما فعل مع حديث الحاكم .. وهذا هو الحديث المقصود عند أبي داوود .. وهو (من قرأ القرآنَ وعمِل بما فيه أُلبِسَ والداهُ تاجًا يومَ القيامةِ ضوؤهُ أحسنُ من ضوءِ الشمسِ في بيوتِ الدنيا لو كانت فيكم فما ظنُّكم بالذي عملَ بهذا) رواه أبي داوود ..

- ولعل الشيخ الألباني نسى أن يجعله في جملة ما تم تعديل حكمه عليه في بعض الأحاديث .. والله أعلم ..، ولكن الحق أن يقال عن حديث أبي داوود أنه حسن لغيره .. والله أعلم .

- معنى (فما ظنكم بالذي عمل بهذا): أي إذا كان هذا جزاء والداه فما ظنكم بمن قرأ وعمل بما فيه .

10- عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: (يُمَثَّلُ الْقُرْآنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلًا، فَيُؤْتَى بِالرَّجُلِ قَدْ حَمَلَهُ فَخَالَفَ أَمْرَهُ، فَيَتَمَثَّلُ خَصْمًا لَهُ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ حَمَّلْتَهُ إِيَّايَ فَشَرُّ حَامِلٍ تَعَدَّى حُدُودِي، وَضَيَّعَ فَرَائِضِي، وَرَكِبَ مَعْصِيَتِي، وَتَرَكَ طَاعَتِي، فَمَا يَزَالُ يَقْذِفُ عَلَيْهِ بِالْحُجَجِ حَتَّى يُقَالَ: فَشَأْنُكَ بِهِ فَيَأْخُذُ بِيَدِهِ، فَمَا يُرْسِلُهُ حَتَّى يَكُبَّهُ عَلَى مَنْخِرِهِ فِي النَّارِ، وَيُؤْتَى بِرَجُلٍ صَالِحٍ قَدْ كَانَ حَمَلَهُ، وَحَفِظَ أَمْرَهُ، فَيَتَمَثَّلُ خَصْمًا لَهُ دُونَهُ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ حَمَّلْتَهُ إِيَّايَ فَخَيْرُ حَامِلٍ، حَفِظَ حُدُودِي، وَعَمِلَ بِفَرَائِضِي، وَاجْتَنَبَ مَعْصِيَتِي، وَاتَّبَعَ طَاعَتِي، فَمَا يَزَالُ يَقْذِفُ لَهُ بِالْحُجَجِ حَتَّى يُقَالَ: شَأْنُكَ بِهِ، فَيَأْخُذُ بِيَدِهِ فَمَا يُرْسِلُهُ حَتَّى يُلْبِسَهُ حُلَّةَ الْإِسْتَبْرَقِ، وَيَعْقِدَ عَلَيْهِ تَاجَ الْمُلْكِ، وَيَسْقِيَهُ كَأْسَ الْخَمْرِ ) رواه بن أبي شيبه .. وذكره بن حجر في المطالب العالية وقال: إسناده حسن .. وكذلك قال البوصيري في الإتحاف بأن اسناده حسن . وقال الهيثمي: فيه إسحاق وهو ثقة ولكنه مدلس وبقية رجاله ثقات .. وقال الألباني في اقتضاء العلم: إسناده ضعيف.

- معنى (استبرق): هو نسيج حرير ثقيل مثل العباية المصنوعة من الحرير الثقيل ..

- معنى (ويَعقدَ عليهِ تاجَ الملكِ): قد يقصد به أنه من أهل الله وخاصته .. أو يقصد به أن له شفاعة عند غيره كرامة من الله وفضلا – أو كلاهما .. (وهذا تفسير اجتهادي مني حيث لم أجد لها الحديث تفسير فيما توافر عندي من مراجع) . والله أعلم -  

- معنى (يسقيه كأس الخمر): وهو من خمر الجنة فيها لذة وليس فيها سكر وذهاب عقل .. وليس من خمر أهل الدنيا ..!! يقول تعالى: (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ ) محمد15.

- معنى (غير آسن): أي غير متغيرة الطعم ولا اللون ولا الرائحة مهما طالت فترة ركودها وتوقفها وعدم حركتها ..

11- وقال الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : (لقد عِشنا برهةً مِن الدهرِ وأَحدُنا يُؤتى الإيمانَ قبلَ القرآنِ، وتنزلُ السورةُ على محمدٍ صلى الله عليه وسلم فنتعلَّمُ حلالَها وحرامَها وآمِرَها وزاجِرَها وما يَنبغي أَن نقفَ عندَه مِنها كما تتعلَّمونَ أنتُم القرآنَ اليومَ .. ثم لقد رأيتُ اليومَ رجالاً يُؤتى أحدُهم القرآنَ قبلَ الإيمانِ ، فيقرأُ ما بينَ فاتحتِهِ إلى خاتمتِهِ ما يَدري ما آمِرُه ولا زاجِرُه، ولا ما يَنبغي له أنْ يقفَ عندَه ، ينثُرُه نثرَ الدَّقلِ) رواه الحاكم وقال: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَا أَعْرِفُ لَهُ عِلَّةً وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ .. ، ورواه بن منده في الإيمان قال : هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ عَلَى رَسْمِ مُسْلِمٍ وَالْجَمَاعَةِ إِلَّا الْبُخَارِيَّ .

- معنى (برهة): أي مدة من الزمان .

- معنى (الدَّقلِ) : هو التمر الرديء .. ونثره هو إلقاءه مرة واحده .. والمقصود هو قراءة القرآن بسرعة دون تدبير فيه ..!!

- والمراد من (تعليم الإيمان قبل القرآن): هو قبول التعاليم الإلهية في القلب برضا وحب ..

- ويمكنك أن تفسر قول الصحابي من خلال كلام النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال عن الإيمان :(أنْ تُؤْمِنَ باللَّهِ، ومَلائِكَتِهِ، وكُتُبِهِ، ورُسُلِهِ، والْيَومِ الآخِرِ، وتُؤْمِنَ بالقَدَرِ خَيْرِهِ وشَرِّهِ) صحيح مسلم ..
- فتفهم قول الصحابي من خلال كلام النبي صلى الله عليه وسلم فتقول: أن تعليم الإيمان من خلال ما سبق في الحديث .. وهو التحقق بيقين من الله من خلال تعليم أسماء الله وأفعاله "الإيمان بالله" .. والتحقيق بيقين من خلال الرضا بمراد الله فينا وهو يكون بتعليم "الإيمان بالقدر" .. وتحقيق الإيمان بالعالم الغيبي بما لا حاجة لدليل عليه إلا قول رسول الله بذلك  ويكون بتعليم "الإيمان بالملائكة والجن والكتب السماية" .. حتى إذا قرأ المؤمن القرآن كان له استجابة لما يقرأه في نفسه .. دون ضيق أو حرج أو ملل .. ولذلك كانوا يزدادوا إيمانا كلما نزلت عليهم آيه .. لأن العلم الإيماني موجود في قلوبهم ..

- وخلاصة كل ما سبق .. هو أن تفهم أن الأصل في القرآن هو قرائته مع العمل به .. وليس حفظه فقط ..!!

***************************
::س11: ما هي بعض آراء العلماء في العمل بالقرآن ؟ ::

 1- قال حذيفة بن اليمان رحمه الله – وهو صحابي – :
- تعلمنا الإيمان قبل أن نتعلم القرآن وسيأتي قوم في آخر الزمان يتعلمون القرآن قبل الإيمان ، ولا خلاف بين العلماء في تأويل قول الله عز وجل (يَتْلُونَهُۥ حَقَّ تِلاوَتِهِ) أي يعملون به حق عمله ويتبعونه حق اتباعه .
التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد ج14 ص131

2- عَنِ عبد الله ابْنِ مَسْعُودٍ رحمه الله – صحابي- قَالَ:
- (كَانَ الرَّجُلُ مِنَّا إِذَا تَعَلَّمَ عَشْرَ آيَاتٍ ، لَمْ يُجَاوِزْهُنَّ حَتَّى يَعْرِفَ مَعَانِيَهُنَّ وَالْعَمَلَ بِهِنَّ) رواه الطبري في تفسيره .. وقال الأرنؤوط في تخريج سير أعلام النبلاء: رجاله ثقات .

3- وقال أبو عبد الرحمن السلمي رحمه الله - من التابعين - :
- حدثنا الذين كانوا يُقرِئوننا القرآن ، كعثمان بن عفان ، وعبد الله بن مسعود ، وغيرهما : أنهم كانوا إذا تعلَّموا من النَّبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل ، قالوا : " فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعاً ".
 نقلا من فتاوى بن تيمية ج15 ص108

4- قال الإمام القرطبي رحمه الله (المتوفى:671هـ) : قال علماؤنا رحمة الله عليهم : حملة القرآن وقراؤه هم العالمون بأحكامه وبحلاله وحرامه والعاملون بما فيه. وقال مالك : قد يقرأ القرآن من لا خير فيه ..
التذكرة للقرطبي ج1 ص962

5- قال الشيخ ابن تيمية رحمه الله (المتوفى:728هـ) :
- وَالْمَطْلُوبُ مِنْ الْقُرْآنِ هُوَ فَهْمُ مَعَانِيهِ ، وَالْعَمَلُ بِهِ ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ هَذِهِ هِمَّةَ حَافِظِهِ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ .
* وقال في موضع آخر من نفس الكتاب:
(وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ قَدْ حَفِظَ الْقُرْآنَ ، أَوْ بَعْضَهُ ، وَهُوَ لَا يَفْهَمُ مَعَانِيه فَتَعَلُّمُهُ لِمَا يَفْهَمُهُ مِنْ مَعَانِي الْقُرْآنِ أَفْضَلُ مِنْ تِلَاوَةِ مَا لَا يَفْهَمُ مَعَانِيَهُ)
الفتاوى الكبرى لابن تيمية ج2 ص235

***********************
يتبع إن شاء الله تعالى
*****************
والله أعلم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم
هذه الرسالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .

هناك 16 تعليقًا:

  1. ماشاء الله لاقوة إلا بالله
    يارب نورنا بالقرآن الكريم

    ردحذف
  2. رأس المال الوهمي :
    في قرية صغيرة.. وفقيرة.. الجميع غارق في الديون، ويعيش على الاقتراض.
    فجأةً يأتي رجل سائح غنيُّ إلى المدينة و يدخل الفندق ويضع 100 $ دولار على كاونتر الاستقبال، ويذهب لتفقد الغرف في الطابق العلوي من أجل اختيار غرفة مناسبة.
    - في هذه الأثناء يستغل مالك الفندق الفرصة ويأخذ المائة دولار ويذهب مسرعًا للجزار ليدفع دينه.
    - الجزار يفرح بهذه الدولارات ويسرع بها لتاجر الماشية ليدفع باقي مستحقاته عليه.
    - تاجر الماشية بدوره يأخذ المائة دولار ويذهب بها إلى تاجر العلف لتسديد دينه .
    - تاجر العلف يذهب لسائق الشاحنه الذي احضر العلف من بلده بعيده لتسديد ما عليه من مستحقات متأخرة
    - سائق الشاحنه يركض مسرعاً لفندق المدينة
    والذي يستاجر منه غرفه بالدين عند حضوره لتسليم العلف ليرتاح من عناء السفر ويعطي لمالك الفندق المائة دولار لتسديد ديونه.
    - مالك الفندق يعود ويضع المائة دولار مرة أخرى مكانها على الكاونتر قبل نزول السائح الثري من جولته التفقدية.
    ينزل السائح والذي لم يعجبه مستوى الغرف ويقرر أخذ المائة دولار ويرحل عن المدينة !!!
    ولا أحد من سكان المدينة كسب أي شيء إلا انهم سددوا جميع ديونهم.
    هكذا تدير الولايات المتحدة الأمريكية اقتصاديات العالم.

    ردحذف
  3. تبارك الذي بيده الملك علي جهدكم الكبير يا الشيخ

    ردحذف
  4. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف
  5. 🍁🌿🌷☘️
    مَرَّ الإمام الحلاج 💙
    برفقة رهطٍ من مُريديه ببعض المساكين ....
    المصابين بمرض الجذام وهم يتناولون الغداء فدعوه ليأكل معهم جلس الإمام الحلاج.. فأكل عدة لُقيمات وقام فقالوا له يا إمام : نرى أن أصحابك يخشوننا ولم يتذوقوا طعامنا .... فأجابهم الإمام الحلاج إن أصحابي اليوم 🍁صائِمون ....وهم ينتظرونالآذان وحين استانف الإمام الحلاج مع مُريديه المَسير قالوا ...لماذا كسرت صيامك ياسيدي وتناولت معهم الطعام ؟؟؟ قال لهم نعم:
    (((نحنُ قومٌ نكسر بالطعام الصيام ولا نتجرأ على كسرِ قَلبِ أحدٍ من الأنام)))

    ☝️ما عُبِدَ الله في الأرض🌏 بأحبِ من جَبرِ الخوَاطِر.🌿
    💐🌲🌹🌱

    ردحذف
  6. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف
  7. مرت عشرات السنين ونحن نسمع أجدادنا وأباءنا إن نقص شيء من ممانحتاجه في الأعياد يرددون على مسامعنا تلك العبارة التي تقول (العيد عيد العافية)

    ونحن نقابل هذه العبارة بسخرية و استهزاء وعدم استشعار بحجم النعمة
    هانحن اليوم استشعرناها وعرفنا قدرها واعترفنا بها

    اللهم من علينا بالصحة والعافية واصرف عنا الأوبئة والأمراض وسيء الاسقام

    العيد عيد العافية
    لم تأتي من فراغ

    🌹🌹🌹🌹🌹🌹 خواتم مباركة🌹 🌹وعيدكم مبارك مقدما

    ردحذف
  8. ماشاء الله تبارك الله ..جزاك الله خيرا وانار الله بصيرتك وعلمك من علمه المكنون ...اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وسلم

    ردحذف
  9. الله يكتب لك كل خطوة سعادة، وكل نظرة عبادة وكل بسمة شهادة وكلّ رزق زيادة. يا استاذ خالد ابو عوف. وعيد مبارك عليكم

    ردحذف
  10. من أراد الصّراط المستقيم فعليه بالقرآن، فإنّ الله لمّا ذكره في سورة الفاتحة افتتح سورة البقرة بقوله: ألم*ذلك الكتاب لا ريب فيه هدىً للمتقين، فالصراط المستقيم هو هذا الكتاب، فلنقبل عليه. عيد مبارك علي جميع الاخوات العزيزات في هذه المدونه

    ردحذف
  11. ولك بالمثل وزيادة اختنا الفاضلة ام كلثوم 🌹

    واسمحي لي وبمناسبة تفسيرك للصراط المستقيم بالقرآن الكريم ان اقدم لك هذه الرسالة الجميلة الممتعة :
    رسالة التحقيق / الصراط المستقيم

    والتي تحتوي مختلف آراء العلماء في تفسير " الصراط المستقيم " .. ومضاف اليهم اجتهاد استاذنا الفاضل مع كلام جميييل جدااا ربما لم تقرأيه من قبل .. مع معاني واشارات لطيفة للصراط المستقيم .. لتكون هديتي لك في ايام العيد فتزيدك محبة وتعلقا بكلام الله العزيز .. صب الله على قلبك بركاته وانواره .. ودمت في خير وسعادة 🎩🌹

    ملاحظة : الرابط المرفق هو جزء من عدة اجزاء من "رسالة التحقيق" (في الفرق بين السبيل والصراط) والطريق ) تجدينها في قسم رسائل الطريق الى الله .

    ردحذف
  12. اللهم إجعل القرءان ربيع قلوبنا ونورا يضئ نفوسنا وأرزقنا العمل به فى كل أفعالنا ويسر لنا يا كريم تلاوته آناء الليل وأطراف النهار.
    *عيد فطر مبارك* عليك سيدى وعلى اهل المدونه جميعا بالخير واليمن والبركات والسلامه من كل داء آمين آمين يارب العالمين
    اللهم صل على سيدنا محمد صلاه تطرد بها عنا الداء..
    وترزقنا بها كرامه الشفاء..وعلى آله وسلم

    ردحذف
  13. الحمد لله على السلامة الأخت الفاضلة السيدة وسيلة
    ربنا معكم

    ردحذف
  14. جزاك الله خيرا اخي ومعلمي .. 👍🏻🌹

    -تذكرت حين توقفت عن الحفظ بالطريقة التي فيها ورد قرءان كثير ..كنت قد وصلت لقرابة ١٠ أجزاء يوميا مراجعة او تلاوة في الصلاوات او غيرها ..
    حين توقف كل شيء ، وفقني الله لسماع بعض محاضرات أحد الشيوخ الداعين للعمل وتدبر القرءان ..بل إن الله وفقني لتكرار سماعها حتى استوعب ماذا يريد الله مني وماذا يحب في علاقتي بكتاب الله..
    قال الشيخ حديث ( اول من تُسعر بهم النار ) وركز حينها على رجل تعلم القرءان وعلمه .. وظل يشرح ويسهب في شرح تلك الجزئية حتى يقتنع الحفظة أن تعبك في الحفظ والمراجعة دون التدبر والعمل قد يؤدي بك لغضب الله ثم نار جهنم ..لأنك أيها المرابط علي حفظك تضيع حقوق من حولك ، والقرءان جاء ليعلمك كيف تؤدي الحقوق وكيف تتعلم الخير وكيف تعلِّم الخير للناس ، ولم تكن آيات الله لتتعب في حفظ ومراجعة ثم تهمل برك بوالديك بحجة انك تحفظ وتكرر ..او تهمل تواصل وصلة رحم مع عائلتك او تضيع حقوق من تعول من زوج وابناء بحجة انك تجلس طوال الوقت تتعهد كتاب الله حفظا ومراجعة ..هذا كان حالي بالظبط ( حال الخاسرين) ..!!

    -ذكر الشيخ أن سيدنا عمر بن الخطاب حفظ البقرة في عشر سنوات وبعدها ذبح جزور لأن الله وفقه لحفظها ..وتساءل الشيخ : تُرى ، هل كان صعب على سيدنا عمر بن الخطاب أن يحفظ البقرة في اسبوع او شهر از عدة اشهر ..وهم اهل الشعر واللغة العربية ..إذن لماذا ظل ١٠ سنوات يحفظها !!؟؟
    عصف أذهاننا بسؤاله ..وترك للناس مساحة ليفكروا ويجيبوا ..قال أن هؤلاء كانوا يأخذوا ال ١٠ آيات يفهموها ويتعلموها ويطبقوها ويعملون بها ثم ينتقلوا لعشر أخرى.

    الحمد لله الذي اخرجنا من ظلمات الجهل والغرور إلى نور الفهم عن مراد الله في كتابه .
    اللهم ثبتنا واغفر لنا ما مضى وتولنا فيما هو آت ولا تكلنا إلى انفسنا طرفة عين ولا اقل من ذلك .

    =================
    اللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا حتى ترضى سبحانك.

    ردحذف
  15. ما شاء الله ..
    جمييل جداا يا أستاذ خالد
    واجمل ما فيه ( المراد من تعليم الايمان قبل القرآن )
    فتح الله عليك فتحا ينور العقول والقلوب والارواح
    آمين يااارب العالمين

    ردحذف
  16. ماشاء الله جعلها الله في ميزان حسناتك استاذي الفاضل

    ردحذف

ادارة الموقع - ا/ خالد ابوعوف