ج19: رسالة التعريف بتحذيرات واختبارات طريق الإيمان - ما منعه الله عنك حتى لا تلتفت أنت إليه ولا تنشغل به - لا تلتفت إلى ما أعطاه الله لغيرك - ما هو مفهوم الحجاب ومن هو المحجوب - هناك فرق بين الطمع وبين الرجاء - ألا يحق أن نطلب الرؤيا الصالحة - ما هي الرؤيا الصالحة المبشرة – ما هو الدعاء الذي تدعو به لرؤية رؤيا صالحة - كن مع الله ولا تنشغل بغيره حتى لا يسلبك مقام الذاكرين - لا تنشغل بخيال ولا فلاشات بيضاء ولا أنوار ولا ببخور ولا بعطور - كيف نعرف هل هذه الأمور الغريبة هي حق أم باطل - لماذا يسلط الله علينا هذا الإختبار - كيف تعرف أنت صادق في عبادتك لله بإخلاص أم غير صادق.

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة التعريف بالحقائق والضوابط الإيمانية

لطالب القرب من الحضرة الإلهية

طريقة ومنهج أهل الإيمان في العلاقة مع الله

(أساسيات واجبة  - وضوابط لازمة – وأصول ثابتة  - وتنبيهات هامة)

(الجزء التاسع عشر)

6- تحذيرات عليك أن تعرفها وأنت تطلب طريق الإيمان -

* فهرس :

::الجزء التاسع عشر:: محاذير عليك أن تنتبه لها أثناء الذكر حتى لا تسقط نفسيا في طريق الإيمان ..

* الفصل الرابع ::

1- (التحذير السابع والعشرون): ما منعه الله عنك حتى لا تلتفت أنت إليه وتنشغل به - لا تلتفت إلى ما أعطاه الله لغيرك ؟

2- ما هو مفهوم الحجاب ومن هو المحجوب - هناك فرق بين الطمع وبين الرجاء ؟

3- ألا يحق أن نطلب الرؤيا الصالحة - ما هي الرؤيا الصالحة المبشرة – ما هو الدعاء الذي تدعو به لرؤية رؤيا صالحة؟

4- (التحذير الثامن والعشرون): كن مع الله ولا تنشغل بغيره حتى لا يسلبك مقام الذاكرين ؟

5- لا تنشغل بخيال ولا فلاشات بيضاء ولا أنوار ولا ببخور ولا بعطور ؟

6- هل ما سبق من خيالات وفلاشات وأنوار .. كلها فاسدة ؟

 7- كيف نتعامل مع رؤية هذه الأمور الغريبة سواء حق أم باطل؟ 

8- كيف نعرف هل هذه الأمور الغريبة هي حق أم باطل ؟ 

9- هل هناك أعراض تصاحب الشخص الذي يلازمه شيء من عالم الباطل ؟

10- ما الذي سيكسبه الشيطان من وراء عالم الخيال ؟ 

11- لماذا يسلط الله علينا هذا الإختبار (الخيالات) ؟

12- ماذا لو اختبرنا أنفسنا وظلت الأمور ثابته لم تتغير ؟

13- كيف تعرف أنت صادق في عبادتك لله بإخلاص أم غير صادق ؟

***************************

(الجزء السادس من تقسيم الرسالة)

:: الفصل الرابع ::

تابع محاذير مع الذكر – لا تلتفت

********************************

(التحذير السابع والعشرين – لا تلتفت)

(ما منعه الله عنك حتى لا تلتفت أنت إليه ولا تنشغل به)

..:: لا تلتفت إلى ما أعطاه الله لغيرك ::..

- أخي الحبيب ..

- يأتيك الشيطان قائلا: انظر إلى هؤلاء مثل فلان وفلان يرون رؤيات .. ولكن أنت لا ترى شيء .. فهذا دليل على حجابك وعدم قبولك عند الله ..؟!!

- الرد على تضليل الشيطان :

أولا:- ما هو الحجاب أخي الحبيب ؟

1- الحجاب هو الحاجز الذي يمنع عنك الوصل بالله (عبادة ومعاملة) .. ولذلك يقول تعالى (أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) الأنعام122 ..

- فالمحجوب: هو الذي قسى قلبه حتى أصبحت الغفلة حجاب بينه وبين الله .. أو انسان تم دعوته للإيمان ولم يريد أن يؤمن .. أو إنسان كفر بعد إيمان .. فهذا هو المحجوب عن الله ..

- ولذلك أخي الحبيب .. لو كنت محجوبا عن الله ما كان جعلك تذكره وتتعبد إليه ..!! وبهذا يتم هدم شبهة الشيطان من أساسها ..

- مع التوضيح أن "المحجوب" هو المحجوب عن الله .. وليس كما يخدعكم البعض بأن "المحجوب" هو الذي لا يرى الغيبيات ..!! فانتبه لما قلته لك حتى لا تنخدع فتضل ..!!

- ولذلك لا نثق إلا في غيب الوحي فقط .. أي ما جائنا عن الوحي بطريق صحيح (القرآن أو حديث صحيح) .. وما عدا ذلك فلا يلزمنا بشيء حتى ولو اجتمع عليه الأولياء في حال مشاهداتهم الروحية طالما لا دليل عليه من القرآن والحديث الصحيح ..!!

2- ولكن دعني أخي الحبيب أن أوضح لك أمرا .. وهو أن معنى الشيطان قال لك ما قاله سابقا حتى أثر فيك قوله .. فهذا دليل على أنه وجد في نفسك أنك تذكر الله وتتخذ من العبادة وسيلة للبحث عن الكرامة والرؤيا وليس تعبدا لله .. أو كانت نيتك عبادة صادقة ثم بدأت نفسك تنحرف قليلا وتتجه لتجعل من العبادة وسيلة لتظهر الكرامة عليك حتى يقال عنك أنك صاحب كرامة ..!!

- ولذلك بدأت تهتز نفسيا ويؤثر فيك كلامه وتنظر بعين الإعتراض على ما أنت فيه .. وتنظر بعين الغيرة على ما منحه الله لغيرك .. وتتسائل لماذا لا ترى مثلهم ..!! فانقلب حالك إلى حال السخط ..!!

- ولكن لو كنت مريد لله بحق .. فلا يشغلك أن ترى رؤيا أو لا ترى .. لأنك كمؤمن من المفترض فيك أنك مؤمن أن الرؤيا مثل أي عطاء  هي من رزق من الله .. !!

- وإليك مزيد من التفصيل ..

ثانيا:- ما هي الرؤيا الصالحة المبشرة ؟

1- هي كرامة ربانية أي عطاء ربوبية أي رزق من الله لبعض خلقه وله وقت معلوم .. وقد يراها المؤمن أو الملحد أو أصحاب العقائد والملل الأخرى .. !!

- فلا علاقة بكثرة العبادة أو بكثرة الذكر في رؤيتك للمرائي .. لأن عطاء الربوبية هو من رزق الله الذي يمنحه لمن يشاء كيفما شاء في الوقت الذي يشاء .

2- والرؤيا المبشرة الصالحة هي رسالة روحية تمنحك خبر فيه خير لك .. ولكن قد تراها أنت وقد يراها لك غيرك .. هكذا علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال (لَمْ يَبْقَ مِنَ النُّبُوَّةِ إلَّا المُبَشِّراتُ قالوا: وما المُبَشِّراتُ؟ قالَ: الرُّؤْيا الصَّالِحَةُ) صحيح البخاري.

* ملحوظة: الرؤيا ليست فقط للمبشرات .. فقد تكون للتحذير من شيء ما "كرؤيا فرعون" أو لتعلم شيء ما .. وإنما كلمة المبشرات تغليبا على من يرى الرؤيا .. أي أن الغالب على الرائي هو أن يرى ما فيه خير ..

3- فإذا علمت ما سبق يا أخي الحبيب ..

- فافهم أن الرؤيا رزق يمنحه الله للمؤمن وغير المؤمن .. مثله مثل كل عطاءات الحياة .. حيث قد يمنحك الله العلم والمال والذرية .. وهذه أمور لا علاقة لها بالإيمان والكفر ..

- فيتبين لك أن عدم رؤيتك للمرائي ليس معناه أنك محجوب عن الله .. وإنما هو رزق لم يأذن به الله لك لحكمة هو يعلمها .. مثل إرادته أن تعبده بلا أن تنتظر عطاء منه أو إرادته في أن تجتهد بمزيد من العبادة .. أو لأنه يعلم أنك لو رأيت فقد يكون هذا سبب في تراجعك في العبادة .. أو غير ذلك من الأمور التي يعلمها الله ولا نعلمها ..

- ولكن ما أردتك أن تفهمه هو أن الرؤيا ليست علامة على الإيمان الصادق .. وليست مؤشر على أنك قريب من الله .. وليست غاية يسعى لها المؤمن .. لأنها غيب والله أعلم بصحته .. وإنما الغاية هي مرضاة الله كما طلب منا في عالم الواقع .. والكرامة الحقيقية فعلا هي أن تثبت على الإستقامة ودوام العمل مع الله حتى ولو كان قليل .

* ثالثا:- عليك أخي الحبيب أن تتأدب مع الله ولا تنظر لعطاء الله لغيرك .. ولا تنشغل به .. ولا تتطلع إليه .. لأن ذلك طمع فيما لا مطمع فيه .. وتذكر وصية النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال (كُنْ وَرِعًا تَكُنْ من أَعْبَدِ الناسِ ، وارْضَ بما قسم اللهُ لكَ تَكُن من أَغْنَى الناسِ ، وأَحِبَّ للمسلمينَ والمؤمنينَ ما تُحِبُّ لنفسِكَ وأهلِ بيتِكَ ، واكْرَهْ لهم ما تَكْرَهُ لنفسِكَ وأهلِ بيتِكَ تَكُنْ مؤمنًا ، وجاوِرْ مَن جاوَرْتَ بإحسانٍ تَكُنْ مُسْلِمًا) صحيح الترمذي .. وقد ذكره الألباني في الصحيحة بأنه حسن لشواهده ..

 

- فارضى برزق الله لك .. مهما كان قليلا واقنع به .. ولا تنظر لرزق غيرك .. فلعل غيرك مفتون بما يفعل .. أو أن الله فتح له باب هو في حاجة إليه أكثر منك .. ولكن أنت فتح عليك برزق آخر تتقرب به إليه .. فالله أعلم بما يصلح به عباده ..

- واعلم أن الله لو منعك عطاء .. فمنعه لك فيه حكمه .. ولعل منعه لك هو عين العطاء .. ولعل منعه عنك حتى لا تلتفت أنت إليه وتنشغل به .. فالتزم الأدب بالرضى .. مع الاستغفار بالقلب‎‎ ..!!

* واعلم أن كل باب يفتحه الله لك ويكون سببا لك في ذكره فلا تقطعه .. وهذه هي بشرى وكرامة الله للمؤمن .. والرؤية الواقعية التي لا شك فيها .. وهو أن تتبدل أحوالك للعمل مع الله .. فيفتح لك بابا تعمل فيه بالإخلاص بين يدي الله .. أو مجاهدة نفس .. أو دفع سوء عن أحد .. أو قضاء حاجته .. أو ابتسامة في وجوه الخلق .. أو دفع مال لأحد لمساعدته .. أو ذكر باللسان .. أو عبادة بالليل ... أو غير ذلك كثير .. من أفعال (العبادات والمعاملات) التي تكون نيتك من ورائها ابتغاء مرضاة الله .

- فلا تنظر إلى ما أكرم الله به غيرك يا مريد .. بل اهتم بما أنعم به عليك حتى يديم نعمته عليك ويمدك بالمزيد .. فافهم .

- واعلم اخي الحبيب .. أن انشغالك بما في يد غيرك هو دليل إهانة .. لأن حالك يقول أنك معترض على ما وهبه الله لغيرك .. بل وساخط على ما أنت عليه من عطاء ربك لك .. فانتبه من طمع نفسك .. واحمد الله على ما أنت فيه .. حتى لا تخرج من دائرة الكرامة إلى دائرة الإهانة فيسلبك حال الذكر والعبادة ولذة الإيمان .. وذلك من أجل عطاءات لم يمنحها الله لك بل منحها لغيرك .. فطمعت فيها ..!!

- فانتبه حتى لا تسلب ما أنت فيه من كرامة الذكر والعمل مع الله .. ولا تمد عينيك إلى ما متع الله به غيرك حتى لا تمتليء غيرة وحسدا ثم اعتراضا وسخطا .. واهتم بما أنعم به عليك واشكره حتى يزيدك من فضل كرمه ..

* وقد تتسائل أخي الحبيب فتقول:

- ألا يحق أن نطلب الرؤيا الصالحة ؟

- أقول لك : وما المانع أن تسأل الله من فضله .. وإنما هذا التحذير الذي ذكرته لك لمن يطمع فيما يراه عند الآخرين ويقول لماذا لا أرى مثلما يرون .. حتى يفسد حاله ويمرض قلبه سخطا على مراد الله فيه ..!!

- هناك فرق بين الطمع وبين الرجاء ..

- فالطمع هو تعلق القلب بالشيء حتى يغلب على فكرة فيصبح شهوة في النفس بلا ضوابط إيمانية بالقناعة والرضا بالمقسوم ..

- أما الرجاء فهو سؤال الله من فضله مع تفويض الأمر لله والرضا بما يقضي به ..

- ولذلك كانت السيدة عائشة إذا أرادت النوم قالت: ("اللهُمَّ إنِّي أسألُكَ رُؤيا صالِحَةً صادِقَةً غيرَ كاذِبَةٍ نافِعة غيرَ ضارَّةٍ" .. وكانَت إذا قالَت هذا عرَفوا أنَّها غَير متكلِّمَةٍ حتَّى تستيقظَ مِن اللَّيلِ) رواه بن حجر في نتائج الأفكار وقال: موقوف صحيح الإسناد.

- ما هو الدعاء الذي تدعو به لرؤية رؤيا صالحة؟

- هو دعاء السيدة عائشة السابق .. "اللهُمَّ إنِّي أسألُكَ رُؤيا صالِحَةً صادِقَةً غيرَ كاذِبَةٍ نافِعة غيرَ ضارَّةٍ" .

 

***************************

(التحذير الثامن والعشرون - لاتلتفت)

..:: كن مع الله ولا تنشغل بغيره حتى لا يسلبك مقام الذاكرين ::..

(لا تنشغل بخيال ولا فلاشات بيضاء ولا أنوار ولا ببخور ولا بعطور)

- أخي الحبيب ..

- أحيانا بعد فترة قصيرة من الذكر قد تظهر لك خيالات .. مثل شيئا تحرك أمامك فجأة ولا تراه .. أو تراه مثل طائر يطير في الغرفة ثم يختفي .. أو قد تظهر لك مثل فلاشات بيضاء كنقاط بيضاء تظهر مثل الكشاف الذي يضيء ويطفيء .. أو قد يجد الغرفة تضيء أو السبحة تضيء أو السجادة تضيء .. أو يتم كتابة أسماء الله على الحائط بالنور .. أو يتم كتابة آية الكرسي على الحائط بالنور .. أو تشم رائحة عطور أو بخور  .. أو قد تجد مذاق طعام أو شراب حلو في فمك .. أو قد ترتفع من على السجادة وأنت تذكر .. أو ما شابه ذلك ..

- وكما قلت لك أخي الحبيب .. لا ننكر العطاءات الربانية لأي مخلوق مؤمن أو غير مؤمن .. والبعض يظن أن ما رآه سابقا .. هو نوع من الكرامة ..!! وهذا خطأ لأن الكرامة مع الله هي الإستقامة يصاحبها دوام الحال بالإستقامة مع الله .. ولذلك كانت بيعة النبي صلى الله عليه وسلم مع المؤمنين على السمع والطاعة واجتناب ما لا يرضي الله وعمل ما يرضي الله .. ولم تكن البيعة على رؤية الغيبيات .. !!

- ونقصد بالغيبيات هنا هو عالم الخيال والمثال .. ولا نقصد به علم الغيب ..

*******************************

..:: ولكن هنا سؤال: هل ما سبق من خيالات وفلاشات وأنوار .. كلها فاسدة ؟ ::..

- قد تتسائل أخي الحبيب .. هل كل المشاهد الغيبية أو التخيلية فاسدة ؟!!

- الجواب :

- لا .. ولكن نواياك هي التي تفسدها .. أو أنت من بدايتك كنت فاسد النوايا ..

1- فقد يكون بدايتها حق ولكن أنت من تجعلها باطل .. بعد أن كنت تطلب الله ..!!

2- وقد تكون بدايتها باطل لأنك طلبت الجن لتستمتع بهم .. أو الجن عرضوا عليك إغوائهم وأنت وافقت على ذلك وطمعت فيه وتستمر عليه ..!!

******************************

..:: كيف نتعامل مع رؤية هذه الأمور الغريبة سواء حق أم باطل ؟ ::..

- أخي الحبيب ..

أسلم طريقة للتعامل مع هذه الأمور الغريبة التى تراها ولا يراها غيرك اثناء الذكر أو غيره .. هو طريقة التجاهل .. فما هي طريقة التجاهل ؟

- طريقة التجاهل .. وهي الطريقة الأسلم والأحوط .. وذلك بأن تتجاهل هذا الأمر الذي رأيته أو شممته أو سمعته أو تذوقته .. ولا تلتفت إليه .. وكأنه لم يحدث شيء .. وتكرر في داخلك (اللهم أنت مقصودي ورضاك مطلوبي) .. لأنك لا تأمن الفتنة فينقلب الأمر عليك بالحسرة والندامة .. وهذه الأمور غالبا تحدث للفتنة أي للإختبار وصدق إيمانك في توجهك إلى الله .. !!

***********************

..:: كيف نعرف هل هذه الأمور الغريبة هي حق أم باطل ؟ ::..

- قد تتسائل أخي الحبيب .. من باب الفضول .. فتقول : كيف نميز أو نعرف الحق من الباطل ؟

- الجواب:

- طريقة الإختبار .. وهو أن تختبر ما يحدث معك .. وهو أن تستعيذ بالله مما رأيت أو ترى .. فتقول قوله تعالى (وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً) الإسراء81.. ثم تكرر كثيرا حوالي واحد وعشرين مرة (إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً) .. بعزيمة وقوة تعلق بالله أن يكشف لك الحق .. أو تقول (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) ..

- فإن بدأت الأنوار تختفي وتظهر بعد أن كانت ثابته .. أو أن الخيال الذي تراه بدأت صورته تتكسر أمامك فيختفي ويظهر .. أو عموما الشيء الذي كان يحدث لك بدأت عليه ملامح التغيير .. فاعلم أنه فتنة جائت إليك للإضلال واختبار صدق إيمانك أو أن الشيطان أراد أن يتلاعب بك ..!!

**********************************

..:: هل هناك أعراض تصاحب الشخص الذي يلازمه شيء من عالم الباطل ؟ ::..

- قد تتسائل أخي الحبيب .. هل غير طريقة الإختبار السابقة .. تظهر أعراض تصاحب الشخص الذي يلازمه شيء من عالم الباطل .. أي عالم الجن الفاسد والشيطاني ..؟!

- الجواب:

- غالبا يكون الشخص الذي يلازمه شيء غير طيب وفاسد (شيطاني) .. ويمنحه مكاشفات أو رؤية خيالات أو وشوشة سماع أو غير ذلك من أمور لا يشعر بها غيره .. قد يصاحبه أعراض .. مثل:

1- العصبية الزائدة التي تزيد يوما بعد يوم .. ويشعر كأن هناك شيء يضغط على رأسه كأن هناك ارتفاع دائم في ضغط الدم .

2- يشعر وكأن هناك ثقل على أكتافه وبدأ يغلبه الكسل والخمول .

3- ويبدأ في إهمال العبادة تدريجيا .. أو يفقد الإحساس بالعبادة .

  

4- كلما شعر بالغضب (خاصة لو امرأة) من أي شخص أو ضايقه أحد .. فإنه يجد مشكلة تحدث لهذا الشخص سريعا جدا .

5- لو كان الشخص متزوجا .. فالزوج لو كان مصاب بالمس الذي يفتح له عالم الخيال .. سيجد المشاكل في تزايد مع أهل بيته وكأن المنزل ينخرب .. والزوجة لو كانت مصابه بالمس فقد يؤدي هذا إلى النفور الدائم منه وهجر الفراش وسيزيد الامر بشدة وقوة معها من عمر الثامنة والعشرون ويزداد قوة في منتصف الثلاثينيات في محالة لطلاقها .. ثم يبدأ الأمر في التراجع بعد عمر الخمسين .. وقد شرحنا في رسائل سابقة سبب ذلك ..

* لكن إن كنت في حالة سكينة وطمأنينة وتؤدي حقوقك الزوجية ولا تهتم بالروحانيات وكأنها أمور عادية في حياتك لا تزيدك في علاقتك بالله شيئا لو وجدتها أو تنقص من علاقتك مع الله لو فقدتها .. فاعلم أنك على خير .. والله أعلم .

* واعلم أن الأحوال الروحانية الطيبة تأتي بأحوال طيبة في النفس وفي عبادتك وعلى من حولك ..!!

****************************

..:: ما الذي سيكسبه الشيطان من وراء عالم الخيال ؟ ::..

- قد تتسائل أخي الحبيب .. ما الذي سيكسبه الشيطان من وراء التلاعب بك في عالم الخيال ؟

- الجواب:

- هناك ثلاث مكاسب من وراء ذلك:

1- تحريك الفضول عندك للبحث عن العالم الغيبي مثل الكشف الروحاني .. والإسقاط النجمي وقانون الجذب وما شابه ذلك ..

2- يفقدك عبوديتك لله من أجل حظوظ نفسك ..

3- التواصل من خلالك لنشر ضلالاته إلى الآخرين .

* وإليك تفصيل ما سبق :

- فالمشاهد الغيبية التي تراها .. الغرض منها هو فتنتك بصور تخيليه يريدك أن تنشغل بها .. وتقول ما هذا؟ ويا ترى يشير إلى إيه؟ وهكذا حتى يشغلك عن الذكر .. لجذبك للعالم الروحاني وتطميعك فيه وتحريض الفضول عندك للبحث عنه حتى تتواصل مع ضلالية روحانيين هم أعوان للشيطان فيدمروك روحانيا ونفسيا ..!!

- فيوهموك أنك في كرامة وأن هذه أنوار ربانية .. وجعلوا لأيات الله وأسماءه خدام سيخدموك .. حتى أصبحت تنشغل وتطمع بالوهم .. وأصبحت تركز على رؤيتك للفلاشات أو ما تسمعه أو تشمه أو تتذوقه أو ما يجعلك تنتقل روحانيا ..

- وأصبحت عبادتك من أجل شهوة الخصوصية النفسية (للتميز عن الناس) وليس من أجل الله .. بعد أن كانت عبادتك خالصة لله .. فأصبحت تتعبد لله طلبا لما هو خالصا لوجهك أنت وتبتغي من وراءه مرضاة نفسك أنت .. ثم تأتي في الآخرة ولا تجد شيء من أذكارك .. لأنك لم تطلب العبادة لذاتها وإنما طلبتها لمنفعة ومرضاة نفسك بأوهام غيبية أضعت عمرك ورائها .. وفي الحقيقة أنت في خسران مبين ..!!

- ومن المكاسب الهامة للشيطان .. هو أنك ستكون من أعوانه كوسيلة تواصل رائعة للشيطان لنشر أفكاره وضلالاته الروحانية .. حيث يجعل منك نموذجا ليحتذي بك الآخرين ويفتنوا بك طلبا للكشف ومعرفة الأخبار وفتح الآثار وما شابه لك .. وتظل دائرة طلب الكشف الشيطاني مفتوحة ومستمرة لدوام التواصل بين الشيطان والإنسان ليفسد عليهم حالهم مع الله بتطميعهم في الروحانيات .. التي هي غالبا شيطانيات ..!!

* الخلاصة .. هي أن الأعمال بالنيات .. ولأن على قدر النوايا تمنح العطايا .. فالذي كان يطلب الله بصدق سيجد ثبات من الله بحق على الإيمان ولن ينخدع .. ومن كان مريدا لنفسه فقد طلب نفسه ولا يلومن إلا نفسه ..!!

- وتكلمنا في فصول سابقة .. عن الفرق بين من يتعبد ويسأل الله من فضله وبين من يسأل الله من فضله ويتصنع العبادة .. فالأول طلب الله والثاني طلب نفسه ..!!

*********************************

..:: ولماذا يسلط الله علينا هذا الإختبار (الخيالات) ؟ ::..

- قد تتسائل أخي الحبيب .. وتقول لماذا يسلط الله علينا هذا الإختبار (الخيالات) مع الذكر أو العبادة عموما ؟

- الجواب:

- أريدك أن تعرف أن هذه الأمور تحدث مع الذاكرين كثيرا لله .. لأن الذكر أسرع وسيلة لتطهير القلب .. ولذلك يبدأ يحدث لك نوع من الإحساس بأمور غيبية .. وأعلى درجات الإحساس هي الإيمان بيقين أن الله يحبك ويحيطك برحمته وحنانيته ومنته وفضله مهما نزل بك من ابتلاء ..

* أما عن سبب الفتنة والإختبار:

- حتى تكون شاهدا على نفسك هل أنت طلبته بصدق إيمان .. أم طلبته لحظوظ نفسك .. !! فالصادق سيظل مع الله سواء أعطاه أو منعه .. أو قبضه أو بسطه .. أو نفعه أو ضره .. لأنه يعبد الله لله وينتظر كرامة الله له في الآخرة كما وعده سبحانه .. ولا يعبد الله عبادة منفعة أو عبادة حرف ..!! 

- والإختبار بالفتنة يندرج تحت قوله تعالى (أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ . وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) العنكبوت2-3.

********************************

..:: ماذا لو اختبرنا أنفسنا وظلت الغيبيات ثابته لم تتغير ؟ ::..

- قد تتسائل أخي الحبيب .. وتقول ماذا لو اختبرنا المشهد الغيبي الذي يحدث معنا وظلت صورته أو حاله على ما هو عليه .. ولم تتغير كما ذكرنا سابقا ..؟!!

- في هذه الحالة ننظر لهذا المشهد الغيبي .. فقد يكون هذا نوع من العطاء لتثبيتك مثل أن ترى نور بسيط لتشجيعك على الذكر .. أو قد ترى الكعبة .. أو ترى مشاهد في السماء .. ولكن أنت كمؤمن لا تنشغل بذلك .. ودائما تكرر بما معناه (اللهم إن كان خيرا فلك الحمد .. وإن كان شرا فاصرفه وثبتني بالحق) ..

- وكل فترة لازم تختبر ما يحدث لك .. لأنك لا تأمن الفتنة في أي وقت ..!!

******************************

..:: كيف تعرف أنت صادق في عبادتك لله بإخلاص أم غير صادق ؟ ::..

- قد تتسائل أخي الحبيب .. وتقول هل هناك طريقة لتظهر صدق التوجه إلى الله أم أنه يوجد خلل إيماني ؟

- الجواب:

- ببساطة .. تستطيع معرفة ذلك بطريقين :

- الأول: اسأل نفسك حين فعل أي عمل مع الله .. وقل لنفسك: ماذا تقصد من وراء هذا العمل ؟ فإن كان تعبدا أي تقربا لله محبة فيه أو طاعة له خوفا من ناره وطمعا في جنته .. فأنت على خير .. وإن كان قصدك من وراء العبادة هو مدح الناس لك أو السخط على الله لو لم يستجب لك .. فاعلم أنك في خلل إيماني عميق ..!!

- الثاني: ينكشف صدقك مع الله لو عبدته راضيا بقضاءه وقدره .. مؤمنا بيقين أنه المانع المعطي – النافع الضار – القابض الباسط .. فتكون مع الله في كل الأحوال غير ملتفتا لعطاء أو لمنع .. بل منتبها مع الله في مراده منك حين المنع وحين العطاء .. فترجوه في المنع وتسأله اللطف .. وتحمده في العطاء وتسأله مزيدا من فضله بما لا يفسدك .. لأنه الكريم .. والكريم هو الذي يعطيك بالقدر الذي لا يطغيك .. فافهم .!!

**********************************

(التحذير التاسع والعشرون – لا تلتفت)

..:: لا تنخدع بالكشف حتى لا تنخلع من عبوديتك ويمنع الله عنك اللطف ::..

- أخي الحبيب ..

1- قد يأتيك الشيطان أو أحد أعوانه من عالم الإنس .. ويخدعك بأنه لديك القدرة على الكشف وأن معك خدمة روحانية وتريد التواصل معك وأنه يستطيع أن يساعدك في ذلك .. وهذا لأنك إنسان طيب ويريد أن يساعدك لوجه الله ..!!

2- ثم يزيدك تطميعا .. ويقول لك: سيكون لديك القدرة في الكشف على الكنوز .. وهذا كرامة من الله لك لأنك صبرت وأطعت الله وذكرت الله كثيرا ..!!

3- ثم يرى في نفسك طمعا أكبر وهو شهوة الظهور .. فيقول لك: سيكون لديك القدرة على فك الأسحار عن المسلمين وتفك الكرب عنهم وهذا جهاد في سبيل الله .. !!

- وإليك الرد على تضليل الشيطان ..

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذا الموضوع مصدره - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات ..