ج2: رسالة التوضيح والبيان في قصة هاروت وماروت وخاتم سليمان - التعريف بأحاديث الإسرائيليات - الفرق بين الحديث المرفوع والموقوف والمقطوع والحديث الصحيح والضعيف وما هو سند ومتن الحديث - حقيقة الروايات القصصية المروية عن الصحابي عبد الله بن عباس في كتب التفاسير التراثية.

 بسم الله الرحمن الرحيم

 

رسالة التوضيح والبيان

في قصة هاروت وماروت وخاتم سليمان

وما تلته الشياطين في مملكة سليمان

مع التعريف بسحر التفريق الذي أثبته القرآن

 

 (الجزء الثاني)

* فهرس:

:: الفصل الأول :: تعريفات ومفاهيم عليك أن تنتبه لها قبل قرائتك في هذه الرسالة ::

1- س1: ما هي أحاديث الإسرائيليات ومتى يتم تصديقها أو تكذيبها والحكم ببطلانها ؟

2- س2: ما الفرق بين الحديث المرفوع والموقوف والمقطوع والحديث الصحيح والضعيف وما هو سند ومتن الحديث ؟

3- س3: كيف نتعامل مع الذين يطعنون في الأحاديث النبوية مستغلين الروايات التي قيلت حول آية (واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان) ؟

4- س4: ما الذي عليك أن تفهمه عن الروايات القصصية المروية عن الصحابي عبد الله بن عباس في كتب التفاسير التراثية ؟

5- س5: لماذا عليك أن تحترس وتحذر من أي قصص مكتوبة في كتب التفسير لم يذكر القرآن تفاصيل عنها ؟

***********************

:: الفصل الأول ::

:: تعريفات عامة حول الرسالة ::

************************

..:: س1: ما هي أحاديث الإسرائيليات ومتى يتم تصديقها أو تكذيبها والحكم ببطلانها ؟ ::..

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- ذكرت في مقدمة الرسالة عن أحاديث الإسرائيليات .. وهنا أردت أو أوضح لك ما المقصود منها لتكون على معرفة بها .. وما المقصود منها.. وذلك من خلال أسئلة بسيطة جدا يتضح من ورائها المقصد من هذه الأحاديث.. وإليك بيان ذلك:

 

1- ما هي أحاديث الإسرائيليات ؟

أ- الإسرائيليات ما هي إلا أخبار وروايات منقولة عن اليهود الذين أسلموا .. ولذلك تم تسمية هذه الروايات بالإسرائليات .. لأنها منقولة عن حكايات منقولة ومتوارثة في كتب اليهود قد قيلت عن بني إسرائيل.

- ولكن ما يصل إلينا من أخبار بني إسرائيل عن النبي صلى الله عليه وسلم .. ويكون حديث صحيح .. فهذا لا يوصف بكونه أحاديث اسرائيليات .. وإنما يقال عنه حديث نبوي ..

 

ب- إذن: وصف الأحاديث بالإسرائيليات .. هو وصف يتعلق بما نقله علماء المسلمين من الأحاديث أو الروايات أو الأخبار عن علماء اليهود الذي أسلموا .. حينما كانوا يسألونهم من باب الفضول عما كان مذكور في توراتهم عن قصة تم ذكرها في القرآن بصورة مبهمة التفاصيل .. فيريدوا أن يزدادوا من تفاصيل هذه القصة التي ذكرها القرآن مبهمة التفاصيل.

 

ج- وليت بعض علماء المسلمين الذين فعلوا ذلك .. ما كان فعلوا ذلك .. إذ بسبب نقلهم لهذه الاسرائيليات .. دخلت الخرافات والأكاذيب حول بعض قصص القرآن .. إذ فتحوا باب شر وفتنة حذرهم منه النبي صلى الله عليه وسلم .. ولازال المسلمين يعانون من أخبار هذه الإسرائيليات حتى يومنا هذا ..!!

 

2- ما حكم قبول أحاديث الإسرائليات ؟

- حكم هذه الإسرائيليات أنها أخبار وقصص وحكايات لا تصدق ولا تكذب .. فيما ليس له ذكر عنه في القرآن .. وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا تُصَدِّقُوا أهْلَ الكِتَابِ ولا تُكَذِّبُوهُمْ) صحيح البخاري.

 

- وأصل هذا الحديث السابق جاء عن أبي هريرة قال: (كانَ أهْلُ الكِتَابِ يَقْرَؤُونَ التَّوْرَاةَ بالعِبْرَانِيَّةِ، ويُفَسِّرُونَهَا بالعَرَبِيَّةِ لأهْلِ الإسْلَامِ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لا تُصَدِّقُوا أهْلَ الكِتَابِ ولا تُكَذِّبُوهُمْ وقُولوا: {آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة: 136]) صحيح البخاري.

 

- ولكن انتبه فإن هذا الحكم النبوي السابق .. إذا كانت هذه الإسرائيليات ليس فيها ما يخالف الشريعة الإسلامية .. فإذا كانت هذه المرويات تعارض الوحي الإسلامي فيتم تكذيبها وإنكارها وتوضيح ذلك للمسلمين ..

 

#- فقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تُصَدِّقُوا أهْلَ الكِتَابِ ولا تُكَذِّبُوهُمْ) صحيح البخاري .. فهذا معناه بكل وضوح .. أن النبي صلى الله عليه وسلم يتكلم عن أخبار لا علم لنا بها في ديننا .. وليس لها موافقه في الدين ولا مخالفة .. وإلا لو كانت مطابقة في ديننا .. فكيف لا نصدقها ؟!! ، ولو كان مخالفة لديننا فكيف لا نكذبها ؟!!

- مش كده ولا إيه يا عقلاء الناس ؟!!

 

- إذن: ببداهة العقل .. فالحديث النبوي المقصد منه هو عدم تصديق أو تكذيب ما يتم روايته عن بني إسرائيل وليس فيه مخالفة للوحي الإسلامي (القرآن وما صح من حديث النبي صلى الله عليه وسلم).

 

- وبكل تأكيد .. يشمل أيضا .. ما لا يخالف العقل العلمي الثابت اتفاقا بين البشر "كاتفاقهم على وجود الجاذبية الأرضية وظاهرة المد والجزر وأن أنثى البشر هي التي تحمل وتلد" وغير ذلك .. 

 

#- وبناء على ما سبق: لا يصح لأحد أن يستدل بالحديث القائل (لا تُصَدِّقُوا أهْلَ الكِتَابِ ولا تُكَذِّبُوهُمْ) على جواز النقل من أهل الكتاب بصورة مطلقة .. لا .. هذا كلام باطل على إطلاقه .. وإنما هو مخصص فقط بما لا علم لنا فيه ولا مخالفة فيه لديننا. فافهم يا مؤمن كلام النبي وكن بصير.

 

#- أما إن كانت هذه القصص أو الأخبار لا تعارض الوحي الإسلامي .. فلا مانع من رواياتها لو كانت تحمل هذه القصص عبرة وعظة ومعنى له تأثير طيب في النفس .. ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم قال: (حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ) صحيح البخاري.

 

- ومعنى قوله (ولا حرج): أي لا إثم عليكم في روايتها والتحديث بها .. في حالة إذا كانت تحمل عبرة وعظة ومعنى إيماني له أثر طيب في النفس .. ولم تكن مخالفة للوحي الإسلامي (القرآن وصحيح أحاديث النبي).

 

#- ملحوظة هامة جدا: تم مناقشة أحاديث الإسرائيليات بتفصيل بديع جدا .. مع توضيح كلام النبي صلى الله عليه وسلم ومقصده من الإسرائيليات .. وذلك ببيان دقيق جدا في رسالتي (قصة أيوب عليه السلام بين الحقيقة القرآنية وخرافات في بعض الكتب التفسيرية) وذلك في الفصل العاشر هناك .. فارجع إليها لو أحببت.

 *********************

..:: س2: ما الفرق بين الحديث المرفوع والموقوف والمقطوع والحديث الصحيح والضعيف وما هو سند ومتن الحديث ؟ ::..

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- أحيانا أخي الحبيب تجد في كتب أهل العلم ألفاظ عن بعض الأحاديث .. وتكون محتار في فهمها .. ويختلط عليك الأمر وتظن أن كل ما هو مكتوب في صورة حديث مكتوب عن فلان عن علان .. فتظن أنه حديث نبوي .. ولكن هذا خطأ .. ولذلك سأترك لك تعريف بسيط ببعض المصطلحات للروايات التي يتم ذكرها في الكتب الدينية لتستطيع التمييز بين ما هو حديث نبوي وحديث غير نبوي ..

 

1- حديث مرفوع: حينما تجد في كلام أهل العلم يكتبون أن هذا حديث مرفوع .. أي قال النبي صلى الله عليه وسلم .. أي أن الحديث مرفوع لفظه إلى النبي صلى الله عليه وسلم .. ومعنى مرفوع أي منسوب لفظ هذا الحديث للنبي من خلال نقله إلينا خلال بعض الثقات من الرواة الذين حفظوه سماعا عن تابعين ثقات سمعوه من صحابة النبي الذين سمعوه من النبي صلى الله عليه وسلم.

 

2- حديث موقوف أو (أثر) : ولكن لو كتب أهل العلم هذا حديث موقوف .. أي قاله صحابي .. أي أن الكلام توقف لفظه عند الصحابي وهذا قوله هو أي قول الصحابي .. وأحيانا هذا الحديث الموقوف يسمى (أثر) أي من بقايا كلام صحابي .. ويقال جاء في الأثر أو في الآثار ..

 

3- حديث مقطوع أو (أثر) أو (خبر): ولو كتب أهل العلم هذا حديث مقطوع .. أي قاله تابعي .. وقد انقطع الكلام عليه ولم يتبين لنا من أي صحابي نقل عنه مصدر معلوماته كما في أحاديث الإسرائيليات ..

- أو قد يكون الكلام انقطع عليه .. لأن هذا رأي التابعي واجتهاده الخاص لو في مسألة شرعية مثلا ..

 

- والمراد من لفظ "التابعي" .. هو المسلم الذي لم يقابل النبي صلى الله عليه وسلم .. ولكنه قابل صحابي وأخذ عنه علما .. وسمي تابعي .. لأنه متبع لما كان عليه الصحابة والنبي صلى الله عليه وسلم .. والله أعلم .

 

#- ملحوظة: بعض العلماء يجعل الحديث الموقوف والمقطوع نوع واحد ويسميه حديث موقوف .. ولكن يقول موقوف صحابي أو موقوف تابعي .. أي أن الكلام توقف عند قول الصحابي فلان أو التابعي فلان ..، والبعض قد يقول جاء في الأثر أو الخبر عن فلان .. ويكون فلان هذا من التابعين ..

 

4- سند الحديث: هو الجزء الذي قال فيه (عن فلان عن علان عن التابعي عن الصحابي عن النبي) .. فهذه العنعنة هي التي تسمى بالسند..، ويجب أن يكون (فلان أو علان) أهل ثقة ومقبول عند العلماء ليكون حديثه مقبول أو حسن أو صحيح..، ويكون الحديث متصل بين السند بمعنى أن يكون "فلان قابل علان هذا الذي نقل عنه هذا الحديث".

 

#- ملحوظة هامة: حينما تجد في كتاب عن حكم حديث فيقول: "هذا حديث رواة سنده كلهم ثقات" .. فهذا ليس معناه أن هذا الحديث صحيح فعلا .. لأن بالرغم من كون السند رجاله كلهم ثقات .. ولكن قد يكون السند فيه انقطاع أو يكون أحد الرواة الثقات مدلسين .. أو قد يكون السند كله صحيح ولكن المتن قد يكون غير صحيح لمخالفته القرآن أو مخالف لحديث نبوي آخر صحيح أو قد يكون المتن مخالف لواقع علمي مؤكد.

  

5- متن الحديث: هو الجزء الذي يقال بعد لفظ (قال: .......).. أي عن النبي قال: (الأعمال بالنيات) صحيح البخاري .. فقوله: (الأعمال بالنيات) هو المسمى بالمتن..، وهذا المتن يوصف بكونه صحيحا إن كان ليس فيه مخالفة لنص قرآني، وليس فيه مخالفة لحديث نبوي صحيح، وليس فيه مخالفة للعلم المقطوع به يقينا كوجود الجاذبية الأرضية والأرض كوكب كروي الشكل وما شابه ذلك.

 

6- حديث صحيح أو حسن: فهذا يكون بمجموع السند والمتن معا ..، فيكون حديث صحيح لو صح السند وصح المتن معا ..

 

7- حديث ضعيف: فهذا يكون إما لوجود ضعف في أحد رواة السند .. أو فساد في متن الحديث لمخالفته القرآن أو لمخالفته حديث نبوي صحيح أو لمخالفته لعلم مقطوع بصحته يقينا .. أو يكون كلا من السند والمتن فيه خلل فهذا يكون حديث باطل ..

 

#- وخلاصة القول أخي الحبيب:

- ما سبق كان مجرد بعض المفاهيم البسيطة .. التي قد تحتاجها في هذه الرسالة .. بل وفي أي كتاب ديني قد تقرأه في حياتك .. وما سبق من مفاهيم إنما هي لتوعيتك حتى تستطيع التمييز بين ما هو حديث نبوي أو غير نبوي .. من خلال قائل هذا الحديث .. هل قاله النبي أم غير النبي ..

 

- فحينما تجد حديث عن صحابي .. يتكلم فيه بكلام لم ينسب هذا الكلام للنبي .. فهذا ليس حديث نبوي .. بل قد تكون اجتهاد صحابي.

 

- وحينما تجد حديث عن تابعي كلاما منسوبا إليه .. فهذا مجرد كلام منسوب لهذا التابعي سواء كان اجتهاد خاص به أو قصة بلغته من مصدر مجهول لم يظهره لنا ..

 

- وهذه الأحاديث المروية عن التابعي والصحابي .. يتم عرضها على الشريعة هل تتوافق معها أم لا .. لأنها ليست عن وحي إلهي .. فلا هي تشريع قرآني ولا كلام نبوي .. أي مجرد كلام أو رأي يحتمل الصواب ويحتمل الخطأ .. فانتبه ..

 

- وفي العموم .. لا حجة في مرويات الصحابي أو التابعي .. طالما خالفت القرآن وصحيح الحديث النبوي .. حتى ولو كان أسانيد هذه الروايات المنقولة عنهم صحيحة وتدل على أنها أقوالهم فعلا .. لأنها تبقى مجرد آراء تحتمل الصواب والخطأ.

 

- ولكن يقبل من مرويات عن الصحابي والتابعي .. ما كان فيه اجتهاد في مسألة شرعية .. وذلك كاجتهاد عنه نسترشد به .. وليس كشرع إلهي ملزمون به ..، إلا ما كان محل إجماع من الصحابة على مسألة معينة (وهذا نادرا) .. فهنا يتم قبول الحكم ظنا في أنهم جميعا علموا ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم.

 

- وقلت ظنا (لا يقينا) .. لأنه لم يأت خبر يدل على علمهم من النبي صلى الله عليه وسلم .. وإلا كان قالوا أن هذا منقول عن النبي صلى الله عليه وسلم .. ولكن إنما هذا يكون عن اجتهاد اتفقوا عليه وارتضوا به.. وهذا في حد ذاته اجتهاد حجة إذ لا تجتمع الأمة على باطل.

- والله أعلم .

 

********************

 ..:: س3: كيف نتعامل مع الذين يطعنون في الأحاديث النبوية مستغلين الروايات التي قيلت حول آية (واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان) ؟ ::..

 - أخي الحبيب .. أريدك أن تنتبه لشيء مهم .. وهو أنك ستجد بعض النفوس الغير أمينة في نقل العلم .. والتي تذكر المرويات والأحاديث حول هذه الآية (واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان) .. وتتخذ من هذه الأحاديث الغير نبوية وسيلة للتحريض والطعن على الحديث النبوي الصحيح .. كيف ذلك ؟

 

- يقولون لك جاءت الأحاديث .. بأن هناك قصة حدثت مع الشيطان في عهد سليمان حيث جمعوا كتب للسحر .. ووضعوها أسفل كرسي سليمان ثم أظهروها للناس ..!! ثم يسخرون وينكرون مثل هذه الروايات .. ويريدون أن يردوا علم الحديث كله ..!!

 

- ولكن انتبه:

- قولهم جاء في الأحاديث .. هو قول غير صحيح .. لأنه يريد أن يجعلك تظن أنها أحاديث نبوية .. !! ولو كان أمينا في نقل العلم لقال جاء في روايات عن بعض الصحابة والتابعين وقد نقلوها عن اليهود الذين أسلموا .. ثم يوضح أن هذه الروايات لم يقل بها النبي صلى الله عليه وسلم .. ولا علاقة لها بالدين الإسلامي أصلا ولا دليل عليها وإنما هي نقلا عن بعض اليهود الذين أسلموا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم .. ..!!

 

- فانتبه أخي الحبيب .. !!

- حينما يقول لك أحد: أنه قد جاء في الأحاديث ..

- فقل لهذا الشخص: ماذا تقصد بالأحاديث ؟ هل كلام نبوي صحيح أم تقصد به أقاويل صحابة عن اجتهادهم الشخصي .. أم تقصد به مرويات لبعض الصحابة والتابعين لبعض قصص الإسرائيليات .. أم تقصد به مرويات عن قصص لبعض الصحابة قد حصلت معهم، .. أم تقصد ماذا ؟!!

 

- وذلك لأن بعض المخادعين في زماننا .. والذين يرمون الحديث الشريف بالباطل .. يتخذون من الألفاظ وسيلة يتلاعبون بها في عقول المسلمين مستغلين قلة معرفتهم .. فيأتون بقصص وحكايات ومرويات .. ويقولون لك جاء في الأحاديث .. ويسكت .. دون توضيح لحقيقة هذه الأحاديث .. حتى تتوهم أنت أنها أحاديث نبوية ..!!

 

- ثم يبدأ في الطعن في كل ما هو موصوف بأنه حديث .. حتى يجعلك تظن أنها أحاديث نبوية .. ولكنها في الحقيقة هي ليست أحاديث نبوية .. ولم يقل بها النبي صلى الله عليه وسلم ..

 

- بل والبعض ينقل أحاديث نبوية ضعيفة أو مكذوبة على النبي .. ويقول لك: كيف نقبل هذه الأحاديث .. !!

 

- ولذلك لو ذكر لك أحد من الناس .. أي حديث نبوي وأخذ يطعن فيه .. فقل له: أن يعرفك من الذي روى الحديث (البخاري أم مسلم أم الترمذي أو غيرهم) .. وما درجة هذا الحديث (هل هو صحيح أم ضعيف) .. وهل يوجد خلاف عليه من حيث الصحة والضعف ؟!! وما هي أقوال العلماء في هذا الحديث من حيث القبول والرفض ؟!!

 

- فإن تبين لك صدق ما قيل لك عن الحديث .. وأنه حديث نبوي فعلا .. وتم روايته بسند صحيح ومتن صحيح .. وظل الحديث غامضا في عقلك أن تفهمه .. فارجع لكلام أهل العلم واسألهم .. فلعل في الحديث كلام خفي عنك ليس ظاهرا لك .. فيقوم أهل العلم بتوضيحه لك .. ولكن لا تتبع مرتزقة اليوتيوب وجهلاء الفيسبوك الذين يريدون منك أن تكذَّب الحديث النبوي الصحيح لهوى وغرض في أنفسهم .. ومن ذلك إسقاط فريضة الخمس صلوات وإنكار وجحود مقدار الزكاة وغير ذلك مما هو ليس مذكور في القرآن .. ولا مجال لمناقشته هنا في هذه الرسالة .. وإن كان تم مناقشة ذلك بالتفصيل في أحد رسائلي بالتفصيل وهي (رسالة الحق والنور في موجز علم تدوين الحديث الشريف وتبرئة البخاري ممن شهد عليه بالزور) .. فارجع إليها لمعرفة ما الذي يريده البعض من تكذيب وإسقاط حجة الحديث النبوي الصحيح .. فانتبه يا مؤمن.

 ********************

 

..:: س4: ما الذي عليك أن تفهمه عن الروايات القصصية المروية عن الصحابي عبد الله بن عباس في كتب التفاسير التراثية ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

#- عليك أن تنتبه للآتي قبل أن تبدأ قراءة الروايات المتعلقة بتفسير قوله تعالى: (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ ...) :

1- اعلم أخي الحبيب .. لن تجد صحابي تم تلفيق روايات قصصية له بالكذب عليه مثل الصحابي عبد الله بن عباس .. ولذلك حينما تجد قصة منسوبة لابن عباس .. فكن في حذر شديد جدا من هذه القصة .. لأنها غالبا قد تكون مكذوبة عليه رضي الله عنه.

 

#- ولعل السبب في كثرة نسبة الاسرائيليات إلى ابن عباس .. هو لأن النبي كان قد دعا لابن عباس بأن يفقهه الله في الدين ويعلمه التأويل "التفسير" .. إضافة إلى أنه عم النبي صلى الله عليه وسلم .. فيكون نسبة هذا القصص لابن عباس تكسبها صبغة دينية موثوقة ومقبولة عند المجتمع المسلم أكثر من غيره.

 

2- الروايات التي سأذكرها في هذه الرسالة أكثرها مروي عن ابن عباس .. وهي روايات تمت نسبتها للصحابي عبد الله بن عباس .. ومحتمل أن يكون قالها .. ولكن قوله لهذه القصة قد يكون ذكرها أمام من يجالسه من باب أنه بلغه هذه القصة مما يقوله الناس أو سمعه من بعض مسلمي أهل الكتاب .. ولكن بعض الرواة نقلوا كلامه كأنها حقيقة دينية طالما قالها بن عباس ..!!

 

3- انتبه إلى أن بعض التابعين الذين سننقل عنهم في هذه الرسالة .. بعضهم من تلامذة الصحابي عبد الله بن عباس .. مثل سعيد بن جبير، ومجاهد بن جبر، وإسماعيل بن عبد الرحمن السدي، وشهر بن حوشب، ووهب بن منبه، والحسن البصري .. وغيرهم.

 

4- الحقيقة التي يجب أن يعرفها كل مسلم .. هو أن بن عباس ينكر الأخذ من أهل الكتاب .. فكيف يصدق كلامهم حتى ينشره بين الناس ؟!!

 

@- ودليل ذلك: هو قول بن عباس رضي الله عنه إذ يقول: (يَا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ، كيفَ تَسْأَلُونَ أهْلَ الكِتَابِ عن شيءٍ، وكِتَابُكُمُ الذي أنْزَلَ اللَّهُ علَى نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أحْدَثُ الأخْبَارِ باللَّهِ (أي قريب النزول إليكم)، مَحْضًا لَمْ يُشَبْ (أي لم يتغير بتحريف ولا تبديل) .. وقدْ حَدَّثَكُمُ اللَّهُ: أنَّ أهْلَ الكِتَابِ قدْ بَدَّلُوا مِن كُتُبِ اللَّهِ وغَيَّرُوا، فَكَتَبُوا بأَيْدِيهِمُ الكُتُبَ .. قالوا: هو مِن عِندِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بذلكَ ثَمَنًا قَلِيلًا .. أوَلَا يَنْهَاكُمْ ما جَاءَكُمْ مِنَ العِلْمِ عن مَسْأَلَتِهِمْ ؟ فلا واللَّهِ .. ما رَأَيْنَا رَجُلًا منهمْ يَسْأَلُكُمْ عَنِ الذي أُنْزِلَ علَيْكُم) صحيح البخاري .

 

#- فكيف نعقل بعد ما سبق أن ينقل بن عباس روايات مخالفة للقرآن والعقل .. مثل الروايات التي سنذكرها عن ملك سليمان وقصة هاروت وماروت وخاتم سليمان .. !!

 

#- عموما انتبه أخي الحبيب لما ذكرته لك سابقا .. وأن الصحيح عن ابن عباس ظهر من كلامه بمنتهى الوضوح النهي عن الاخذ من كتب أهل الكتاب .. فكيف ينهى عن ذلك ويفعله هو ؟!!

 

 #- وإنما أقصى ما أظنه .. هو ما ذكرته لك من أن لو صح عن ابن عباس قوله لأي قصص اسرائيلية فهذا على سبيل ما سمعه متناقلا بين ألسنة العلماء أو سمعه من مسلمي أهل الكتاب فذكره .. وليس لكونه يعتقده أو لكونه صحيحا .. وإنما من باب وقيل كذا .. ولكن المتلقي عن ابن عباس ظن أو توهم أن ابن عباس يعتقد ذلك طالما ذكره.

- والله أعلم.

 

***************************

..:: س5: لماذا عليك أن تحترس وتحذر من أي قصص مكتوبة في كتب التفسير لم يذكر القرآن تفاصيل عنها ؟ ::..

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- من المسائل التي يجب عليك كمؤمن أن تنتبه لها .. وذلك حينما تقرأ في أي تفسير خاصة من التفاسير القديمة أو حينما تقرأ في أي كتاب يتكلم عن قصص الأنبياء .. هو أن تنتبه لما يتم ذكره من قصص تتعلق بالأنبياء ولم يذكرها القرآن .. فهنا لازم تسأل: من أين أتوا بأجزاء هذه القصة إذا كانت لم يذكرها القرآن ؟!!

 

- والجواب: أن غالب ما يتم ذكره من القصص والحكايات عن الأنبياء في كتب التفاسير القديمة .. إنما كانوا يأتون بها إما سماعا من أهل الكتاب الذين أسلموا ككعب الأخبار .. أو من خلال قرائتهم في كتب أهل الكتاب كتوراة اليهود .. أو ما دونه اليهود من حكايتهم عن الأنبياء .. وكان المحرك في سماع أهل الكتاب الذين أسلموا أو في قراءة كتبهم .. هو بسبب فضول عندهم في معرفة التفاصيل التي أبهمها القرآن ولم يذكرها ..

 

- وهذه التفاصيل التي ذكروها غالبا فيها مخالفة صريحة للقرآن .. ولا يجوز التحدث بها .. ولا يجوز استباحة نقلها بحديث النبي: (حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلاَ حَرَجَ) .. لأن هذا مرتبط بما ليس فيه مخالفة للقرآن.

 

#- فإذا انتبهت لما سبق .. فلا تنسى أخي الحبيب ما ذكره القرآن عن توراة اليهود .. فمن ذلك:

أ- قال تعالى: (وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ) المائدة:13.

 

ب- وقال تعالى: (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ) البقرة:79.

 

ج- وقال تعالى: (إِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) آل عمران:78.

 

@- ولذلك نجد أن  الصحابي عبد الله بن عباس .. منع الأخذ عن أهل الكتاب .. ولذلك قال:

(يَا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ، كيفَ تَسْأَلُونَ أهْلَ الكِتَابِ عن شيءٍ .. وكِتَابُكُمُ الذي أنْزَلَ اللَّهُ علَى نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أحْدَثُ الأخْبَارِ باللَّهِ (أي قريب النزول إليكم) .. مَحْضًا لَمْ يُشَبْ (أي لم يتغير بتحريف ولا تبديل) .. وقدْ حَدَّثَكُمُ اللَّهُ: أنَّ أهْلَ الكِتَابِ قدْ بَدَّلُوا مِن كُتُبِ اللَّهِ وغَيَّرُوا .. فَكَتَبُوا بأَيْدِيهِمُ الكُتُبَ .. قالوا: هو مِن عِندِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بذلكَ ثَمَنًا قَلِيلًا .. أوَلَا يَنْهَاكُمْ ما جَاءَكُمْ مِنَ العِلْمِ عن مَسْأَلَتِهِمْ ؟ فلا واللَّهِ .. ما رَأَيْنَا رَجُلًا منهمْ يَسْأَلُكُمْ عَنِ الذي أُنْزِلَ علَيْكُم) صحيح البخاري .

 

#- وخلاصة القول:

1- أحذر من القصص التي تجدها مكتوبة في أي كتاب إسلامي .. ويتم نسبة هذه القصة لآية من آيات الله .. وخاصة قصص الأنبياء .. إذ أنك إذا وجدت تفاصيل لا وجود لها في آيات القرآن .. فتوقف عن الأخذ بهذه التفاصيل حتى يتبين لك صحة هذه التفاصيل .. وعليك أن تنزه القرآن عما فيه مخالفة لكلامه.

 

2- لا تبحث عن التفاصيل المبهمة في قصص القرآن .. إذ أن الله لو أراد أن يعرفك بها لكان ذكرها لك .. إلا أن هذا الإبهام أثار الفضول عند البعض وأفسدوا جمال آيات القرآن بما نقلوه من القصص المحرفة .. دون التعقيب عليها بأن ما نقوله هو ضلال ومخالف للقرآن ..!!

 

#- فإذا علمت ما سبق أخي الحبيب في هذا الفصل .. فهذا أوان البدأ في رسالتنا وهي بخصوص قوله تعالى: (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ ...) البقرة:102..

 

- وأول البحث في الآية .. سيكون من خلال ما ذكرته توراة اليهود عن سليمان عليه السلام .. لنفهم ما الذي تلته الشياطين على ملك سليمان .. ولماذا قال تعالى: (وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ) .. والله ولي التوفيق.

 

 *****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .