الروحانيات فى الإسلام: ج3: رسالة خطف الجن للإنسان بين الحقيقة والخرافة والبُطلان - هل خطف الجن رجل في زمن عمر بن الخطاب - قصة الرجل الذي خطفه الجن في زمن عمر بن الخطاب - ما الذي يعيب نص الروايات التي تكلمت عن خطف الجن لرجل في زمن عمر بن الخطاب.

بحث في المدونة من خلال جوجل

الجمعة، 30 ديسمبر 2022

Textual description of firstImageUrl

ج3: رسالة خطف الجن للإنسان بين الحقيقة والخرافة والبُطلان - هل خطف الجن رجل في زمن عمر بن الخطاب - قصة الرجل الذي خطفه الجن في زمن عمر بن الخطاب - ما الذي يعيب نص الروايات التي تكلمت عن خطف الجن لرجل في زمن عمر بن الخطاب.

   بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

خطف الجن للإنسان

بين الحقيقة والخرافة والبُطلان

(الفصل الثالث)

#- فهرس:
:: الفصل الثالث :: عن حقيقة ذكر مسألة خطف الجن للإنسان فيما قيل في زمن الصحابة ::
1- س7: هل خَطَفَ الجن رجل في زمن عمر بن الخطاب ؟
- (قصة الرجل الذي خطفه الجن في زمن عمر بن الخطاب)
2- س8: ما الذي يعيب نص الروايات التي تكلمت عن خطف الجن لرجل في زمن عمر بن الخطاب ؟
**********************
:: الفصل الثالث ::
:: عن حقيقة ذكر مسألة خطف الجن للإنسان فيما قيل في زمن الصحابة ::
************************
..:: س7: هل خطف الجن رجل في زمن عمر بن الخطاب ؟ ::..
 
(قصة الرجل الذي خطفه الجن في زمن عمر بن الخطاب)
 
- من القصص المشهورة التي تجدها أخي الحبيب وتتكلم عن مسألة خطف الجن .. هي قصة الرجل الذي خطفه الجن في زمن عمر بن الخطاب .. وسأحاول سرد الروايات التي استطعت جمعها .. وأناقشها سندا .. ثم أناقشها متنا جملة واحدة بعد ذلك ..
 
#- قصة الرجل الذي خطفه الجن في زمن عمر بن الخطاب..
1- رواية ضعيفة عن مجاهد (التابعي):
- عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ يُونُسَ بْنِ خَبَّابٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ الفَقِيدِ الَّذِي فُقِدَ قَالَ: (دَخَلْتُ الشِّعْبَ فَاسْتَهوَتْنِي الْجِنُّ .. فَمَكَثَتِ امْرَأَتِي أَرْبَعَ سِنِينَ، ثُمَّ أَتَتْ عُمَرَ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَتَرَبَّصَ أَرْبَعَ سِنِينَ مِنْ حِينِ رَفَعَتْ أَمْرَهَا إِلَيْهِ، ثُمَّ دَعَا وَلِيَّهُ فَطَلَّقَ .. وَأَمْرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا قَالَ: ثُمَّ جِئْتُ بَعْدَمَا تَزَوَّجَتْ فَخَيَّرَنِي عُمَرُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الصَّدَاقِ الَّذِي أَصْدَقْتُ) رواه عبد الرزاق في المصنف..
 
- قلت (خالد صاحب الرسالة): الحديث ضعيف .. لأن فيه انقطاع بين مجاهد ومن أخذ عنه هذه القصة .. فضلا عن عدم بمعرفتنا وجهالتنا بحال من أخذ عنه هذه القصة ..!!
 
- ومعنى (استهوته الجن): ليس معناه الخطف .. وإنما معناه التضليل .. أو التلاعب بعقله نتيجة خبل حدث به بسبب مس من الجن أصابه .
- والعرب تقول وصف " استهوته الشياطين" .. لمن مسه الشيطان في عقله وسبب له خبل وأصبح تائها في الأرض لا يعقل ما يفعل ..
- وراجع ما قلنا في السؤال رقم (4) من الفصل الأول تحت عنوان (هل في قوله تعالى (كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ) دلالة على إمكانية خطف الجن للإنس ؟
 
2- رواية ضعيفة عن يحي بن جعدة (التابعي):
- عن ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ: (أَنَّ رَجُلًا اسْتَهُوَتْهُ الْجِنُّ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ، فَأَتَتِ امْرَأَتُهُ عُمَرَ، فَأَمَرَهَا «أَنْ تَرَبَّصَ أَرْبَعَ سِنِينَ، ثُمَّ أَمَرَ وَلِيَّهُ بَعْدَ أَرْبَعِ سِنِينَ أَنْ يُطَلِّقَهَا، ثُمَّ أَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ، فَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا تَزَوَّجَتْ، فَإِنْ جَاءَ زَوْجُهَا خُيِّرَ بَيْنَ امْرَأَتِهِ وَالصَّدَاقِ») رواه بن أبي شيبة في المصنف.
 
- وفي رواية بلفظ :عن سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ: (أَنَّ رَجُلًا انْتَسَفَتْهُ الْجِنُّ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَلَبِثَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَلْبَثَ، ثُمَّ إِنَّ امْرَأَتَهُ أَتَتْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَرَبَّصَ أَرْبَعَ سِنِينَ، فَلَمَّا لَمْ يَجِئْ أَمَرَ وَلِيَّهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا، ثُمَّ أَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ، فَإِذَا انْقِضَتْ عِدَّتُهَا وَجَاءَ زَوْجُهَا خُيِّرَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الصَّدَاقِ) رواه سعيد بن منصور في سننه.
 
- ومعنى (انتسفت الجن): أي اقتلعته من مكانه والمقصد به اختطافه.
 
- قلت (خالد صاحب الرسالة): والحديث ضعيف .. بالرغم من صحته موصولا حتى التابعي "يحيى بن جعدة" .. إلا أن السند منقطع .. لأن "يحيى بن جعدة" لم يقابل عمر بن الخطاب ..
 
3- رواية ضعيفة عن عبيد بن عمير:
- عن عبد الله بن احمد قال حدثني أبي، قال: حدثنا يحيى بن سعيد القطان، قال: حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان قال: حدثني عطاء، عن عُبيد بن عمير: (أن رجلا فقد فِي عهد عمر فَأَتَت امْرَأَته عمر فَقَالَت: أن زَوجي فقد .. فَقَالَ اذهبي فتربصي أرْبَعْ سِنِين .. فَفعلت .. ثمَّ جَاءَت .. فَقَالَ اعْتدي اربعة اشهر وَعشرا .. فَفعلت ثمَّ جَاءَت .. فَدَعَا ولي الْمَفْقُود فَقَالَ طلق فَطلق .. فَقَالَ اعْتدي ثَلَاثَة قُرُوء .. فَفعلت ثمَّ جَاءَت .. فَقَالَ اذهبي فتزوجي من شِئْت .. ثمَّ جَاءَ زَوجهَا بعد ذَلِك .. فَقَالَ لَهُ عمر وَيحك أيْنَ كنت ؟ فَقَالَ يَا أمير الْمُؤمنِينَ استهوتني الشَّيَاطِين فَذَهَبُوا بِي مَا أدري أيْنَ أنا من أرْض الله .. فَكنت فيهم يستعبدوني حَتَّى غزاهم مِنْهُم مُسلمُونَ فَكنت فِيمَا أصابوا من غنائمهم .. قَالُوا أَنْت رجل من الْإِنْس وَهَؤُلَاء من الْجِنّ فَمَا شَأْنك فيهم فَأَخْبَرتهمْ خبري .. قَالُوا فَأَي أرْض الله أحب إليك أن تصبح .. قلت بِالْمَدِينَةِ هِيَ أرضي .. فأصبحت وأنا أنْظُر إلى الْحرَّة .. فخيره عمر بَين امْرَأَته وَبَين الصَدَاق .. قَالَ لَا حَاجَة لي فِيهَا .. قد حبلت من زَوجهَا فَأمر لَهُ بِالصَّدَاقِ) رواه عبد الله بن أحمد عن أبيه في مسائله عن أبيه برقم1274.
 
- قلت (خالد صاحب الرسالة): الحديث ضعيف .. بالرغم من صحته موصولا حتى التابعي "عبيد بن عمير" .. إلا أن السند منقطع .. لأن "عبيد بن عمير" لم يقابل عمر بن الخطاب .. !!
 
#- ملحوظة مهمة جدا:
- علق الشيخ الألباني على هذا الحديث في إرواء الغليل ج6 ص151 : بأنه صحيح.
- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على تصحيح الألباني: بل هو حديث غير صحيح وإن كان موصولا برجال لا غبار عليهم حتى التابعي "عبيد بن عمير" .. ولكن رواية "عبيد بن عمير" عن عمر بن الخطاب منقطعة في هذه الرواية .. لأنه أرسلها حيث لم يصرح فيها بما يدل على سماع هذه القصة من عمر .. والله أعلم .
 
4- (روايات ضعيفة) .. عبد الرحمن بن أبي ليلى (التابعي):
أ- في رواية بسند: عن عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، نا سَعِيدُ "بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ" ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى: (أَنَّ رَجُلًا مِنْ قَوْمِهِ مِنَ الْأَنْصَارِ خَرَجَ يُصَلِّي مَعَ قَوْمِهِ الْعِشَاءَ فَسَبَتْهُ الْجِنُّ .. فَفُقِدَ .. فَانْطَلَقَتِ امْرَأَتُهُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ .. فَقَصَّتْ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ فَسَأَلَ عَنْهُ عُمَرُ قَوْمَهُ فَقَالُوا: نَعَمْ خَرَجَ يُصَلِّي الْعِشَاءَ فَفُقِدَ .. فَأَمَرَهَا " أَنْ تَرَبَّصَ أَرْبَعَ سِنِينَ، فَلَمَّا مَضَتِ الْأَرْبَعُ سِنِينَ أَتَتْهُ فَأَخْبَرَتْهُ .. فَسَأَلَ قَوْمَهَا فَقَالُوا: نَعَمْ ..
- فَأَمَرَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ فَتَزَوَّجَتْ ..
- فَجَاءَ زَوْجُهَا يُخَاصِمُ فِي ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: " يَغِيبُ أَحَدُكُمُ الزَّمَانَ الطَّوِيلَ لَا يَعْلَمُ أَهْلُهُ حَيَاتَهُ " ..
- فَقَالَ لَهُ: إِنَّ لِي عُذْرًا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ..
- قَالَ: وَمَا عُذْرُكَ؟
- قَالَ: خَرَجْتُ أُصَلِّي الْعِشَاءَ فَسَبَتْنِي الْجِنُّ فَلَبِثْتُ فِيهِمْ زَمَانًا طَوِيلًا فَغَزَاهُمْ جِنٌّ مُؤْمِنُونَ "أَوْ قَالَ: مُسْلِمُونَ - شَكَّ سَعِيدٌ" .. فَقَاتَلُوهُمْ فَظَهَرُوا عَلَيْهِمْ فَسَبَوْا مِنْهُمْ سَبَايَا فَسَبَوْنِي فِيمَا سَبَوْا مِنْهُمْ .. فَقَالُوا: نَرَاكَ رَجُلًا مُسْلِمًا وَلَا يَحِلُّ لَنَا سَبْيُكَ .. فَخَيَّرُونِي بَيْنَ الْمُقَامِ وَبَيْنَ الْقُفُولِ إِلَى أَهْلِي .. فَاخْتَرْتُ الْقُفُولَ إِلَى أَهْلِي .. فَأَقْبَلُوا مَعِي ..
- أَمَّا بِاللَّيْلِ فَلَيْسَ يُحَدِّثُونِي وَأَمَّا بِالنَّهَارِ فَإعِصَارُ رِيحٍ أَتْبَعُهَا ..
- فَقَالَ لَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: " فَمَا كَانَ طَعَامُكَ فِيهِمْ؟ " قَالَ: الْفُولُ وَمَا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ ..
- قَالَ: فَمَا كَانَ شَرَابُكَ فِيهِمْ؟ قَالَ: الْجَدَفُ "قَالَ قَتَادَةُ: وَالْجَدَفُ مَا لَا يُخَمَّرُ مِنَ الشَّرَابِ" ..
- قَالَ: فَخَيَّرَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بَيْنَ الصَّدَاقِ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ) رواه البيهقي في السنن الكبرى وعبد الرزاق في المصنف وابن أبي الدنيا في الهواتف .
 
- قوله (فسبته الجن): أي خطفته الجن.
- قوله (ما لا يُخَمَّرُ من الشراب): أي ما لا يتم تغطيته بغطاء.
 
ب- وفي رواية بسند: قال سعيدٌ "بن أبي عروبة": وحَدَّثَنِى مَطَرٌ، عن أبى نَضرَةَ، عن عبدِ الرَّحمَنِ ابنِ أبى لَيلَي، عن عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِثلَ حَديثِ قَتادَةَ، إلَّا أنَّ مَطَرًا زادَ فيه قال: (أمَرَها أن تَعتَدَّ أربَعَ سِنينَ وأَربَعَةَ أشهُرٍ وعَشرًا) رواه البيهقي في السنن الكبري.
 
ج-  وفي رواية بسند: عن عبدُ الوَهَّابِ "بن عطاء"، أخبرَنا أبو مَسعودٍ الجُرَيرِيُّ،
عن أبى نَضرَةَ، عن عبدِ الرَّحمَنِ بنِ أبى لَيلَي، عن عُمَرَ مِثلَ ما رَوَى قَتادَةُ عن
أبى نَضرَةَ .. رواه البيهقي في السنن.
 
#- قال الشيخ الألباني في أرواء الغليل تعقيبا على روايات البيهقي السابقة:
 -وإسناده من طريق قتادة والجريري صحيح وأما طريق مطر وهو الوراق فإنه ضعيف. (ارواء الغليل ج6 ص151).
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة): الحديث ضعيف .. لأن رواية عبد الرحمن بن أبي ليلى في الروايات السابقة .. وإن كانت صحيحة حتى عبد الرحمن إلا أنه ليس فيها ما يدل على سماعها من عمر .. فهي مجرد روايات مرسلة .. فضلا عن أن عبد الرحمن بن أبي ليلى عند علماء الحديث لم يسمع من عمر بن الخطاب لأن عمره كان ستة سنوات حينما توفى عمر .. وسيأتي كلام الإمام بن حجر في الرواية التالية بحكمه على مثل هذه الروايات بالإنقطاع .. !!  والله أعلم ..
- وسيأتي تفصيل لجزئية عدم سماع عبد الحمن من عمر .. بعد قليل إن شاء الله تعالى..
 
#- ملحوظة مهمة جدا:
- ولعل الشيخ الألباني يقصد بقوله: صحيح .. أي باعتبار صحة السند حتى عبد الرحمن بن أبي ليلى وهو كذلك صحيح .. وليس بمعنى صحة الحديث عموما .. لأن رواية عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عمر بن الخطاب في الروايات السابقة مجرد روايات مرسلة لأن عبد الرحمن أرسلها حيث لم يصرح فيها بما يدل على سماع هذه القصة من عمر .. والله أعلم .
 
د- وفي رواية بسند: عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: (فَقَدَتِ امْرَأَةٌ زَوْجَهَا، فَمَكَثَتْ أَرْبَعَ سَنَوَاتٍ، ثُمَّ ذَكَرَتْ أَمْرَهَا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَرَبَّصَ أَرْبَعَ سِنِينَ مِنْ حِينِ رَفَعَتْ أَمْرَهَا إِلَيْهِ، فَإِنْ جَاءَ زَوْجُهَا وَإِلَّا تَزَوَّجَتْ بَعْدَ السِّنِينَ الْأَرْبَعِ وَلَمْ تَسْمَعْ لَهُ بِذِكْرٍ، ثُمَّ جَاءَ زَوْجُهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَبَيْنَا هُوَ عَلَى بَابِهِ يَسْتَفْتِحُ أَوْ بَيْنَا هُوَ ذَاهَبٌ إِلَى أَهْلِهِ قَالَ: قِيلَ: إِنَّ امْرَأَتَكَ تَزَوَّجَتْ بَعْدَكَ، فَسَأَلَ عَنْ ذَلِكَ فَأُخْبِرَ خَبَرَ امْرَأَتِهِ .. فَأَتَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَقَالَ: اعْدُنِي عَلَى مَنْ غَصَبَنِي عَلَى أَهْلِي، وَحَالَ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ .. فَفَزِعَ عُمَرُ لَذَلِكَ وَقَالَ: «مَنْ هَذَا؟» قَالَ: أَنْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ: «وَكَيْفَ؟» فَقَالَ: ذَهَبَتْ بِيَ الْجِنُّ فَكُنْتُ أَتِيهُ فِي الْأَرْضِ، فَجِئْتُ وَقَدْ تَزَوَّجْتِ امْرَأَتِي، زَعَمُوا أَنَّكَ أَمَرْتَهَا بِذَلِكَ. قَالَ عُمَرُ: «إِنْ شِئْتَ رَدَدْنَا إِلَيْكَ امْرَأَتَكَ، وَإِنْ شِئْتَ زَوَّجْنَاكَ غَيْرَهَا». قَالَ: بَلَى، زَوَّجْنِي غَيْرَهَا .. فَجَعَلَ عُمَرُ يَسْأَلُهُ عَنِ الْجِنِّ وَهُوَ يُخْبِرُهُ) رواه عبد الرزاق في المصنف ..
 
- قلت (خالد صاحب الرسالة): والحديث ضعيف .. بالرغم من صحته موصولا حتى التابعي "عبد الرحمن بن أبي ليلى" .. إلا أن السند منقطع فرواية عبد الرحمن رواية مرسلة عن عمر .. لأن عبد الرحمن بن أبي ليلي .. لم يصرح بالسماع من عمر بن الخطاب .. لأن غالب رأي العلماء غالب الرأي أنه أيضا لم يقابل عمر بن الخطاب لأن عمره كان ستة سنوات وقت أن مات عمر بن الخطاب .. ولذلك قال الإمام بن حجر في تلخيص التحبير " حَدِيثُ عُمَرَ "أَنَّهُ لَمَّا عَادَ الْمَفْقُودُ مَكَّنَهُ مِنْ أَخْذِ زَوْجَتِهِ" عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْهُ ، وَفِيهِ انْقِطَاعٌ مَعَ ثِقَةِ رِجَالِهِ (التلخيص الحبير ج3 ص503).
 
هـ- وفي رواية بسند: عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: (شَهِدْتُ عُمَرَ: «خَيَّرَ مَفْقُودًا تَزَوَّجَتِ امْرَأَتُهُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَهْرِ الَّذِي سَاقَهُ إِلَيْهَا») رواه ابن أبي شيبه في المصنف ..
 
- قلت (خالد صاحب الرسالة): والسند ضعيف .. وفيه انقطاع بين خالد الحذاء وأبو نضرة .. لأن خالد لم يسمع من أبو نضرة العبدي .. ثم كيف يشهد عبد الرحمن بن أبي ليلى هذه الواقعة إذا كان عمره ستة سنوات حين توفى عمر ..!!
- والرواية ليس فيها قصة خطف الجن .
 
و- وفي رواية بسند: عن هشيم "بْن بشير"، أنا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ "العبدي" عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى: (أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ خَرَجَ لَيْلًا .. فَانْتَسَفَتْهُ الْجِنُّ .. فَطَالَتْ غَيْبَتُهُ، فَأَتَتِ امْرَأَتُهُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَقَالَتْ: إِنَّ زَوْجَهَا قَدْ غَابَ عَنْهَا فَطَالَتْ غَيْبَتُهُ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ أَرْبَعَ سِنِينَ، فَفَعَلَتْ ثُمَّ أَتَتْهُ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَزَوَّجَ فَفَعَلَتْ، ثُمَّ قَدِمَ زَوْجُهَا الْأَوَّلُ، فَأَتَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَخْبَرَهُ، فَغَضِبَ عُمَرُ، وَقَالَ: «يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ فَيُطِيلُ الْغَيْبَةَ عَنْ أَهْلِهِ، ثُمَّ لَا يُعْلِمُهُمْ» . قَالَ: لَا تَعْجَلْ عَلَيَّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنِّي خَرَجْتُ مِنْ مَنْزِلِي عِشَاءً فَاسْتَبَتْنِي الْجِنُّ .. فَكُنْتُ فِيهِمْ مَا شَاءَ اللَّهُ، فَغَزَاهُمْ جِنٌّ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالُوا لِي: مَا أَنْتَ؟ فَأَخْبَرْتُهُمْ، فَقَالُوا لِي: هَلْ لَكَ أَنْ تَرْجِعَ إِلَى بِلَادِكَ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَبَعَثُوا بِي، فَأَمَّا اللَّيْلُ فَرِجَالٌ أَعْرِفُهُمْ، وَأَمَّا النَّهَارُ فَإِعْصَارُ رِيحٍ تَحْمِلُنِي. قَالَ: فَخَيَّرَهُ عُمَرُ بَيْنَ امْرَأَتِهِ وَبَيْنَ الصَّدَاقِ، فَاخْتَارَ امْرَأَتَهُ، فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا، وَرَدَّهَا إِلَيْهِ .. فَقَالَ عُمَرُ: «مَا كَانَ طَعَامُهُمْ؟» قَالَ: الْفُولُ، وَمَا لَمْ يَكُنْ يُذْكَرُ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ. قَالَ: «فَمَا كَانَ شَرَابُهُمْ؟» قَالَ: الْجَدَفُ. يَعْنِي الَّذِي لَا يُغَطَّى) رواه سعيد بن منصور ..
 
- قلت (خالد صاحب الرسالة): والحديث ضعيف .. بالرغم من صحته موصولا حتى التابعي "عبد الرحمن بن أبي ليلى" .. إلا أن السند أرسله عبد الرحمن بن أبي ليلي ولم يصرح بالسماع من عمر بن الخطاب .. وغالب الرأي أنه أيضا لم يقابل عمر بن الخطاب لأن عمره كان ستة سنوات وقت أن مات عمر بن الخطاب .
 
ز- وفي رواية بسند: وهي الرواية الوحيدة التي وجدتها موصولة عن عمر: عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: (أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ خَرَجَ إِلَى مَسْجِدِ قَوْمِهِ لِيَشْهَدَ الْعِشَاءَ .. فَاسْتُطِيرَ .. فَجَاءَتِ امْرَأَتُهُ إِلَى عُمَرَ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ .. فَدَعَا قَوْمَهُ فَسَأَلَهُمْ عَنْ ذَلِكَ؟ فَصَدَّقُوهَا.
- فَأَمَرَهَا أَنْ تَتَرَبَّصَ أَرْبَعَةَ حِجَجٍ .. ثُمَّ أَتَتْهُ بَعْدَ انْقِضَائِهِنَّ فَأَمَرَهَا فَتَزَوَّجَتْ ..
- ثُمَّ قَدِمَ زَوْجُهَا فَصَاحَ بِعُمَرَ، فَقَالَ: امْرَأَتِي لَا طَلَّقْتُ وَلَا مِتُّ ..
- قَالَ: «مَنْ ذَا؟» قَالُوا: الرَّجُلُ الَّذِي كَانَ مِنْ أَمْرِهِ كَذَا وَكَذَا.
- قَالَ: «فَخَيِّرْهُ بَيْنَ أَمْرَأَتِهِ وَبَيْنَ الْمَهْرِ».
- وَسَأَلَهُ فَقَالَ: ذَهَبَتْ بِي حَيٌّ مِنَ الْجِنِّ كُفَّارٌّ فَكُنْتُ فِيهِمْ.
- قَالَ: «فَمَا كَانَ طَعَامُكَ فِيهِمْ؟» قَالَ: مَا لَمْ يُذْكُرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَالْفُولُ .
- حَتَّى غَزَاهُمْ حَيٌّ مُسْلِمُونَ فَهَزَمُوهُمْ، فَأَصَابُونِي فِي السَّبْيِ فَقَالُوا: مَاذَا دِينُكَ؟ فَقُلْتُ: الْإِسْلَامُ. قَالُوا: أَنْتَ عَلَى دِينِنَا إنْ شِئْتَ مَكَثْتَ عِنْدَنَا، وَإِنْ شِئْتَ رَدَدْنَا عَلَى قَوْمِكَ ..
- قُلْتُ: رُدُّونِي فَبَعَثُوا مَعِي نَفَرًا مِنْهُمْ، أَمَّا اللَّيْلُ فَيُحَدِّثُونِي وَأُحَدِّثُهُمْ، وَأَمَّا النَّهَارُ فَإِعْصَارُ الرِّيحِ أَتْبَعُهَا حَتَّى رُدَدْتُ عَلَيْكُمْ.
- قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَأَمَّا أَبُو قَزَعَةَ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: إَنَّ عُمَرَ سَأَلَهُ «أَيْنَ كُنْتَ؟» فَقَالَ: ذَهَبَ بِي جِنٌّ كُفَّارٌ فَلَمْ يَزَالُوا يَدُورُونَ بِيَ الْأَرْضَ حَتَّى وَقَعْتُ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ فِيهِمْ مُسْلِمُونَ، فَأخَذُونِي فَرَدُونِي قَالَ: «مَاذَا يُشَارِكُونَا فِيهِ مِنْ طَعَامِنَا؟» قَالَ: فِيمَا لَا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ مِنْهَا وَفِيمَا سَقَطَ. قَالَ عُمَرُ: «إِنِ اسْتَطَعْتُ، لَا يَسْقُطُ مِنِّي شَيْءٌ») رواه عبد الرزاق في المصنف..
 
- قلت (خالد صاحب الرسالة): والحديث ضعيف .. الرواية فيها جهالة للرجل الذي عنه داود بن هند ..
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة) .. تعقيبا على أسانيد الروايات السابقة:
- أولا: الروايات ليس فيها ما يصح .. لأنها وإن كان غالبها موصولا إلى التابعي إلا أنها منقطعة عنده ومرسلة منه لأنه لم يسمع القصة من عمر .. وليس في ألفاظ القصة ما يدل على أن واحد منهم قد سمع هذه القصة من عمر بن الخطاب وإنما جميعهم يحكونها حكاية وليس عن حضور سماعي أو شهود لها .. والرواية الوحيدة التي وجدتها موصولة إلى عمر بن الخطاب كان فيها رجل مجهول .. ولا يمكن نعتمد على أن الرجل المجهول هو "أبو نضرة" كما ظهر في رواية سعيد بن منصور .. لاضطراب المتن بين الروايتين خاصة في جزئية خروجه من بيته .. فرواية تقول خرج وقت العشاء فقط .. ورواية تقول خرج يصلي العشاء وزوجته أتت بشهود على أنه أستطير ..!! وهذا شيء سنناقشه عند التعليق على متن القصة .. فضلا عن أن عبد الرحمن بن أبي ليلى كيف نصدق أنه سمع من عمر بن الخطاب وهو كان عمره حينئذ ستة سنوات حينما مات ؟!!
 
- ثانيا: "عبد الرحمن بن أبي ليلى" .. لم يسمع من عمر بن الخطاب حيث أن عبد الرحمن كان عمره حوالي ستة سنوات حين توفى عمر .. (راجع تهذيب الكمال برقم3943 .. وراجع تاريخ البخاري برقم 1164 ..
 
- ثالثا: ماذا قال علماء الحديث سماع التابعي عبد الرحمن بن أبي ليلى من عمر بن الخطاب ؟
1- وقال النسائي رحمه الله (المتوفى: 303هـ) عند الحديث رقم 1420:
- عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من عمر.
- (سنن النسائي حديث رقم 1420) .
 
2- وقال أبو حاتم رحمه الله (المتوفى: 327هـ)  في كتابه المراسيل عن عبد الرحمن بن أبي ليلى:
- قلت لأبي: يصح لابن أبي ليلى سماع من عمر؟ قال: لا.
- قريء على العباس بن محمد الدوري قال: سُئل يحيى بم معين عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عمر قال: لم يره .. فقلت له: الحديث الذي يُروي "قال كنا مع عمر رضي الله عنه نترائى الهلال" فقال: ليس بشيء.
 
- وَيُرْوَى عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أنه رأى عمر .. وبعض أهل العلم يدخل بينه وبين عمر "البراء بن عازب" وبعضهم يدخل بينه وبين عمر "كعب بن عجرة".
(راجع المراسيل لأبي حاتم ص125-126- وراجع تحفة التحصيل في ذكر رواة المراسيل ص204  ).
 
3- قال بن حجر رحمه الله (المتوفى: 852هـ) في تهذيب التهذيب:
- وقال ابن أبي خيثمة في تاريخه: وقد روى سماعه من عمر من طرق وليست بصحيح ..
- وقال الخليلي في الإرشاد: الحفاظ لا يثبتون سماعه من عمر ..
- وقال ابن المديني: كان شعبة ينكر أن يكون سمع من عمر.
- (تهذيب التهذيب ج6 ص262).
 
#- وقال بن حجر في اتحاف المهرة: وابن أبي ليلى لم يُدرك عمر .
- (اتحاف المهرة عند الحديث رقم15665).
 
4- وقال بن الملقن رحمه الله (المتوفى: 804هـ) في البدر المنير:
- وقال ابن المديني لم يثبت عندنا من جهة صحيحة .. أن ابن أبي ليلى سمع من عمر ..
- وكان شعبة: ينكر سماعه منه .
- وقال بن معين: لم يره.
- (البدر المنير ج4 ص648).
 
5- وقال أحمد شاكر رحمه الله (المتوفي: 1377 هـ) في تخريج المسند:
- عند تخريج الحديث رقم 193: إسناده ضيف، لانقطاعه، فإن عبد الرحمن بن أبي ليلى كان صغيراً جداً في حياة عمر .. ولد لست بقين من خلافته .. كما قال هو نفسه فيما رزاه عنه الخطيب في تاريخ بغداد 10/ 300 وكما في التهذيب أيضا .. (راجع تحقيق الشيخ احمد شاكر ج1 ص247 - حديث رقم193)..
 
- وقال رحمه الله عند تحقيق الحديث رقم 257: عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من عمر(راجع تحقيق الشيخ احمد شاكر ج1 ص274 - حديث رقم257).
 
6- وقال محققو المسند برئاسة الشيخ شعيب الأرنؤوط رحمه الله (المتوفى:1438هـ) في المرويات التي رواها الإمام أحمد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عمر:
- عبد الرحمن بن أبي ليلى وُلد لِست بقين من خلافة عمر، ولم يسمع منه في قول الجمهور  (ج1 ص342 - حديث رقم193) ..
 
- وقالوا في رواية أخرى: رواية عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عمر مرسلة فهو لم يسمع منه (ج1 ص367 - حديث رقم257) .
 
# أما ما قاله الشيخ الألباني رحمه الله في تحقيقه على رواية في كتاب إرواء الغليل فقال: "ابن أبى ليلى قد سمع عمر رضى الله عنه على الأصح".. (ارواء الغليل ج6 ص151) ..
 
- فهذا كلام وهم من الشيخ الألباني رحمه الله .. بل أن الحديث الذي حققه وقال فيه هذه الجملة بأن ابن بي ليلى سمع عمر على الأرجح .. هي نفس الرواية التي حققها محققو المسند والإمام أحمد شاكر برقم 257 .. وقالوا في تحقيقهم: أن عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من عمر ..!!
 
- فمن أين أتى الشيخ الألباني بأن ابن أبى ليلى سمع عمر على الأصح ..!! حتى أن الشيخ الألباني قد أعرض عن ذكر كلام العلماء ومراجعة كلامهم .. ولا أقول بأنه تجاهل كلامهم ..!!
 
- ولذلك أقول تعقيبا على كلام الشيخ الألباني: أي أصح هذا الذي يتكلم عنه ولم يأتي بالدليل على ذلك ..؟!! بل الدليل قد أثبتناه من كلام وأئمة أهل الحديث أن عبد الرحمن لم يسمع من عمر .. وما يقال هو ذلك فهو كلام غير صحيح ..!!
 
- رابعا: هل انتصر أحد من العلماء لفكرة أن يكون عبد الرحمن بن أبي ليلى أدرك عمر بن الخطاب وسمع منه أو شاهده ..؟!!
- اجتهد الإمام بن كثير في محاولة إثبات سماع ورؤية عبد الرحمن بن أبي ليلى من عمر بن الخطاب .. ففي مسند الفارق قد ذكر أقوال من أنكروا الرؤية والسماع .. ثم قال:
- وأما مسلم بن الحجَّاج فأثبت سماع ابن أبي ليلى من عمر في مقدمة كتابه «الصحيح» فقال: وأسند عبد الرحمن بن ليلى، وحفظ عن عمر.
- ويؤيِّد ما ذهب إليه:
- ما رواه الهيثم بن كُلَيب في «مسنده» حيث قال: ثنا عيسى بن أحمد العسقلاني، عن يزيد بن هارون، عن سفيان الثوري، عن زُبيد، عن عبد الرحمن بن ليلى قال: سَمِعتُ عمرَ بن الخطاب ... ، فذَكَره.
- لكن قال الدارقطني: لم يُتابَع يزيد بن هارون على قوله: سَمِعتُ عمرَ.
- قلت (أي بن كثير) : يزيد بن هارون أحد أئمَّة الإسلام فيُقبل تفرُّده .
 
#- قال محقق مسند الفاروق الشيخ (إمام بن علي بن إمام) ردا على تعقيب بن كثير على كلام الدارقطني .. فقالوا:
- هذا هو الأصل، إلا إذا قامت قرينة تدل على خلاف ذلك .. وهنا وُجد ما يمنع من قبول هذه الزيادة .. إذ في الإسناد إليه مَن هو متكلَّم فيه .. ألا وهو عيسى بن أحمد العسقلاني .. راوي القصَّة عن يزيد بن هارون .. فهو وإن كان ثقة .. إلا أن له غرائب وإفرادات .. كما قال الخليلي. انظر: «تهذيب التهذيب» (8/ 206).
 
- زد على هذا: تصريح الحفاظ بعدم ثبوت سماع ابن أبي ليلى من عمر، ومثل هذا التصريح لا يمكن دفعه إلا بحجة أقوى .. وهذا منتفٍ هنا .. والرواية التي ساقها المؤلِّف من طريق ابن ماجه وأبي يعلى، وفيها رواية ابن أبي ليلى عن عمرَ بواسطة؛ حجة ظاهرة يستدل بها المحدِّثون في مثل هذه المواضع على عدم ثبوت السماع.
- وأما قول الإمام مسلم عن ابن أبي ليلى أنه أسند وحفظ عن عمرَ، فليس صريحًا في إثبات السماع، والله أعلم.
 
#- ثم قال بن كثير مستكملا أدلة سماع عبد الرحمن من عمر بن الخطاب .. فقال:
- وسماع عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عمر قد ثبت في غير هذا الحديث: كما قال الحافظ أبو يعلى الموصلي: ثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق، سَمِعتُ أبي، ثنا الحسين بن واقِد، عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت: أنَّ عبد الرحمن بن أبي ليلى حدَّثه قال: (خَرَجتُ مع عمرَ إلى مكةَ، قال: فاستَقبَلَنا أميرُ مكةَ نافعُ بن علقمة، فقال له عمرُ: مَن استَخلفتَ على مكةَ؟ فقال: ابنُ أَبزَى ...) وذَكَر الحديث.. وهذا صريح في ذلك ..
 
#- وتعقبه محقق مسند الفارق فقال:
- (حديث أبو يعلى): له علَّة وهي عنعنة الأعمش، وقد تفرَّد بروايته عنه الحسين بن واقِد .. دون بقيَّة أصحابه المتقنين، كالثوري، وشعبة، ووكيع، وأبي معاوية..، ولذا أعلَّه الحافظ ابن حجر، فقال في «المطالب العالية» (2/ 380): رجاله ثقات، وفيه نظر؛ لأن عبد الرحمن يصغر عن ذلك. (راجع مسند الفاروق ج1 ص269- 270 تحقيق الشيخ إمام بن علي بن إمام - طبعة دار الفلاح بمصر).
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة) .. تعقيبا على كلام الإمام بن كثير:
- لعل الإمام بن كثير قد غفل عن جزئية أن عبد الرحمن بن أبي ليلى كان عمره ستة سنوات وقت وفاة عمر بن الخطاب .. فكيف يمكن ان نعقل أنه أدرك عمر ووعى عنه فسمع منه ؟!! فضلا عن أن كثير من الروايات تجعل واسطة بين عبد الرحمن وعمر بن الخطاب وهذا في ذاته دليل قاطع على أن عبد الرحمن لم يسمع مباشرة من عمر بن الخطاب.
 
#- أخي الحبيب .. إليك ملخص وخلاصة ما قيل عن عبد الرحمن بن أبي ليلى وسماعه أو رؤيته لعمر بن الخطاب:
- أولا: من نفى الرؤية والسماع بين عبد الرحمن وعمر:
1- من نفى الرؤية والسماع .. شعبة وبن معين ولكن بن معين مرة قال لم يراه ومرة قال لم يسمعه.. وشاركهم بن حجر بأن عبد الرحمن لم يدرك عمر كما في اتحاف المهرة .
 
2- من نفى السماع .. بن المديني وبن معين وأبو حاتم والنسائي والدارقطني وأبو يعلى الخليلي وبن أبي خيثمة زهير بن حرب ..
 
- ثانيا: من أثبت الرؤية أو الرؤية والسماع بين عبد الرحمن وعمر:
1- من أثبت رؤيته .. الترمذي حيث قال الترمذي في سننه عند الحديث رقم 3452: "وقد رَوَى عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عمر ورآه" ..
- قلت (خالد صاحب الرسالة): والرؤية لا تفيد أنه سمع من عمر .. وقد يكون مقصد الترمذي أنه أدرك عمر أي خلافته حيث أن عمر مات وكان عبد الرحمن بن ست سنوات ..!!
 
2- ومن أثبت الرؤية والسماع .. الإمام بن كثير في مسند الفارق وألمح مسلم إلى ذلك دون تصريح .. وكلام بن كثير تم الرد عليه في تحقيق سابق ..
 
#- وقيل أن عبد الرحمن بن أبي ليلي .. كان له صحبة مع عمر بن الخطاب  كما جاء عن الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقَدٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى، حَدَّثَهُ قَالَ: (خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إِلَى مَكَّةَ، فَاسْتَقْبَلَنَا أَمِيرُ مَكَّةَ نَافِعُ بْنُ عَلْقَمَةَ ....) رواه أبو يعلى الموصلي .. وقال محققه حسين اسد: إسناده صحيح ..
 
- قلت (خالد صاحب الرسالة): السند غير صحيح والمتن منكر .. فالحسين بن واقد تفرد بهذه الرواية عن الأعمش وهو متكلم عليه وبالرغم من كونه صدوق إلا أن له أوهام ولعل هذه الرواية من أوهامه .. إذ كيف يخرج عمر بن الخطاب بعبد الرحمن بن ليلي وهو طفل عمره أقل من ستة سنوات ويخرج به إلى مكة .. فما الذي أتى بعبد الرحمن لعمر بن الخطاب وكيف تقابلوا ولماذا ؟!! ومن ناحية أخرى .. نجد في الرواية أن الأعمش قد دلس فيها ولم يصرح بالسماع من حبيب بن أبي ثابت ..!!
 
- ثالثا: والذين توقفوا عن إبداء رأيهم في تلقي عبد الرحمن عن عمر:
1- قال محمد بن علي: قلت لأبي نعيم: سمع ابن أبي ليلى من عمر؟. قال: لا أدري.
- (ذكره البيهقي في السنن الكبرى عند حديث رقم 8267).
 
2- في سؤالات أبو عبيد الآجري قال: قلت لأبي داود عبد الرحمن بن أبي ليلى سمع عمر؟
- قال: قَدْ رَوَى ولا أدري يصح أم لا .. وقد رأيت من يدفعه".
- (سؤالات الآجري ص34).
 
#- وإلى هنا ختام الكلام على سند الروايات الذي ذكرت قصة خطف الجن لرجل في زمن عمر بن الخطاب .. والتي ظهر لك ضعفها ..
 
- إلا أن نص الروايات أي متنها .. من وجهة نظري هو متن منكر جدا ولا يمكن أن يصدقه مؤمن أو عاقل .. ليه ؟
- هذا ما نبحثه في السؤال التالي إن شاء الله ..
 
**************************
..:: س8: ما الذي يعيب نص الروايات التي تكلمت عن خطف الجن لرجل في زمن عمر بن الخطاب ؟ ::..
 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- إذا كانت أسانيد الروايات التي تكلمت عن هذه القصة غير صحيحة .. إلا أن هناك مشكلة أخرى تقابلنا في متن هذه الروايات .. فحتى لو صح سند هذه الروايات .. فالمتن لا يمكن قبوله أو الحكم بصحته لوجود نكارة فيه شديدة جدا .. بل واتهام فاضح في قضاء سيدنا عمر بن الخطاب .. ليه ؟
 
#- إليك الأسباب التالية:
1- من الذي يشهد بكلام هذا الرجل وصدق ما يقوله من قصة الخطف هذه .. حتى يصدقه عمر بن الخطاب في زعمه هذا ؟!!
 
2- تقول الروايات عن الرجل المخطوف: (فسَبَتنِى الجِنُّ، فلَبِثتُ فيهِم زَمانًا طَويلًا فغَزاهُم جِنٌّ مُؤمِنونَ) وهذا يدل على أن هذا الرجل عاش معهم فعليا حتى رأي قتالهم .. وهنا السؤال: كيف نصدق هذا في حين أن القرآن يقول: (إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ) الأعراف27؟!! .. علما بأن الشياطين هم من اختطفوه وعاش معهم زمنا طويلا .. فكيف كان يراهم هل كانوا يلبسون طقية الإخفاء مخصوص علشان خاطر حضرة جناب هذا الإنسي ؟!!
 

3- والأغرب من هذا وذاك .. كيف لرجل يكون في معية الله لأنه ذاهب لصلاة العشاء ثم يقال أن الجن خطفه ؟!!

- فلماذا نذهب للصلاة في المساجد حينئذ .. طالما هناك إمكانية لأن يخطفنا الجن والشيطان أثناء ذهابنا للصلاة ..!!

- بل قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَن غَدَا إلى المَسْجِدِ، أَوْ رَاحَ، أَعَدَّ اللَّهُ له في الجَنَّةِ نُزُلًا، كُلَّما غَدَا، أَوْ رَاحَ) صحيح مسلم.

- فلم يقل النبي صلى الله عليه وسلم أن العبد كلما غدا أو راح للمسجد .. سيعد الله له منزلا في عالم الشياطين من خلال خطفه ..!!

- وقال النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَن تطهَّرَ في بيتِه، ثم مَشَى إلى بيتٍ من بيوتِ اللهِ؛ ليقضيَ فريضةً مِن فرائضِ اللهِ، كانتْ خُطواتُه: إحداهما تحطُّ خطيئةً، والأخرى ترفع درجةً) رواه مسلم.

- فلم يقل النبي أن من يذهب للصلاة ستكون عقوبته أن يخطفه الشياطين .. بل له كرامة بمحو الخطايا ورفع الدرجات ..!!

- ولا يوجد أبلغ مما سبق على بيان كذب رواية خطف الجن للرجل الذي ذهب لصلاة العشاء .. وذلك لمخالفتها الشرع ..!!

 
4- أما عن كون المرأة أتت ببعض قومها ليؤكدوا أن الجن استطار بزوجها .. كما جاء في بعض الروايات (فَاسْتُطِيرَ .. فَجَاءَتِ امْرَأَتُهُ إِلَى عُمَرَ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ .. فَدَعَا قَوْمَهُ فَسَأَلَهُمْ عَنْ ذَلِكَ؟ فَصَدَّقُوهَا) .. فهذا كلام لا يمكن أن يصدقه أحد .. فكيف رأوا هذا الجن الذي خطفه ؟ وكيف يشهدوا بما لم يشاهدوه إذ تقول الروايات أنه خرج لصلاة العشاء ولم تقل الروايات أنه كان بصحبة أحد ..!!
 
5- كيف يحكم عمر بن الخطاب في مسألة شرعية بدليل غيبي .. ويقبل حجة رجل قال أن سبب غيابه هو خطف الجن له ؟!!
- أهذا كلام يصدقه أحد في عمر بن الخطاب أو حتى يقبله أن يقال في حق عمر بن الخطاب ؟!! إذ كيف يصدقه عمر بن الخطاب بدون بينه ؟ وكيف سيأتي الشخص بالبيِّنة وهم الجن ليشهدوا على صدقه وهم غيب عنا ؟!!
- وبالتالي كيف صدقه عمر ؟!! فهذا اتهام لعمر بن الخطاب بالتضليل في الحكم .. ولا يمكن لأي قاضي على وجه الأرض أن يكون بالسذاجة في تصديق مثل هذه الخرافة التي أتي بها شخص ليسترجع زوجته .. من خلال قوله بأن الجن خطفه ..
 
- بل اذهب أخي الحبيب إلى أي قاضي عاقل .. وأخبره بهذه القصة وتأمل فقط كيف ينظر إليك بنظرات عينيه .. هذا على افتراض أنه سينظر إليك من أساسه ..!! وكأن لسان حاله يقول لك: أيها الساذج كيف أحكم على مسألة شرعية مادية بقصة غيبية يا بليد العقل ؟!! فأين الدليل على ذلك لأصدقك .. فإما أن تأتيني بالجن ليشهد معك وإلا فأنت كذاب قطعا ..؟!!
 
6- لا يخفى الاضطراب بين الروايات .. فرواية قالت: أن عمر خيره بين الصداق وارجاع الزوجة .. فمرة قيل أنه اختار الصداق .. ومرة قيل أنه اختار الزوجة ..!
- ورواية قالت: أن عمر خيره بين ارجاع الزوجة أو تزويجه بأخرى فاختار تزويجه بأخرى .. !!
- فما هذا الاضطراب الذي في الروايات .. !!
 
7- ويتبقى تعليق مهم جدا: هل لو أتت امرأة إلى عمر بن الخطاب بعد سنوات وقالت له أن الجن أختطفها وتريد أن تعود لزوجها .. هل كان سيصدقها عمر أو أي أحد حتى ولو كان كافر بن كافر ؟!!
- بكل تأكيد .. لا .. بل سيتم اتهامها بما لا يمكن أن يحتمله سماع إنسان وسيذهب الظن بها إلى كل ما هو سيء وفاسد .   
- وكان هناك من اختلق هذه القصة وقام بتلفيقها في زمن عمر .. إنما قد اختلقها ليبرر سبب اختفاءه الذي ربما يكون لمزاجه الخاص .. وذلك ليحافظ على بقاء زوجته معلقة حتى يعود ..!!
 
8- وإذا كان بعض العلماء ومنهم الإمام مالك قد أثبت إنكار بعض العلماء على حكم عمر بن الخطاب في مسألة المرأة المفقود زوجها وعودته .. في التخيير بين ارجاع الزوجة أو إرجاع صداقها .. فهل يصدق حينئذ الإمام مالك قصة خطف الجن ..!!
- قطعا لا يمكن ذلك ..!!
 
- وإليك ما جاء عن الإمام مالك إذ قال: (أدرَكتُ النّاسَ وهُم يُنكِرونَ الّذِى قال بَعضُ الناسِ عن عُمَرَ بنِ الخطابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنَّه قال: يُخَيَّرُ زَوجُها إذا جاءَ وقَد نَكَحَت، في صَداقِها وفِى المَرأَةِ) .. قال مالك: (إذا تَزَوَّجَت بَعدَ انقِضاءِ العِدَّةِ فإِن دَخَلَ بها أو لَم يَدخُلْ بها فلا سَبيلَ لِزَوجِها الأوَّلِ إلَيها) .. قال مالكٌ: (إن جاءَ زَوجُها قَبلَ أن تَنقَضىَ عِدَّتُها فهو أحَقُّ بها) ذكر هذه الأقوال الإمام البيهقي في سننه تعقيبا على قصة خطف الجن للرجل في زمن عمر ..
 
9- وإذا كانت القصة تظهر أنه يوجد حق واحد فقط لشخص واحد فقط .. وهو الزوج الذي اختفى منذ سنوات .. فأين حق الزوجة في تخييرها بين الرجوع أو الاستمرار مع زوجها الآخر .. وأين حق الزوج الآخر الذي بني بهذه الزوجة طوال فترة زمنية وقد يكون بينهما أولاد كما ظهر ذلك من بعض الروايات ؟!!
- أين حقوق الآخرين ؟!!
 
10- واختم كلامي بسؤال: هل من الممكن أن نصدق .. أن عمر بن الخطاب .. جلس يستمع لقصة وهمية لا وجود لها إلا في عقل من حكاها ولا شهود له عليها .. ؟!!
- بل حاشاه رضي الله عنه .. أن يصدق مثل هذه الخرافة .. وإلا على أقل تقدير كان طلب منه البينة على ما زعم ..!!

11- أما الذي قد أصدقه في هذه القصة .. هو أن هذا الرجل خرج ذات يوم بليل في الصحراء يقصي حاجته .. وقد استهوته الشياطين بمعنى أصابته بمس سبب له خبل في مرقت في عقله وظل تائها في الشعاب ومتنقلا بين البلدان لمدة سنوات لا يدري حاله .. حتى عفا الله عنه برفع البلاء .. والله أعلم .

#- أما عن استحالة خطف الجن للإنس .. نصا وعقلا .. فهذا سؤال سنؤخره قليلا حتى نختم الكلام على القصص التي ذكرها العلماء عن خطف الجن للإنس .

 
#- وخلاصة القول:
1- كيف لمؤمن أن يصدق هذه القصة ؟ وكيف لعاقل أن يقبل مثلها ؟ بل وكيف لقلب سليم وعقل رشيد أن يظن في عمر أنه صدق مثل هذه الخرافة من هذا الرجل وبنى حكما عليها ؟!!
- فهل غابت العقول ؟!!
- أم هو نوع من العمى قد غلب على القلوب .. حتى نظن أن عمر بن الخطاب وهو خليفة المسلمين .. قد استخف بعقله رجل في مسألة أراد أن ينتصر بها لنفسه .. في حين أن عمر بن الخطاب هو المشهود له بالفراسة النورانية والإلهام القلبي ما قد شهد له به النبي ودلت عليه آيات من القرآن .. ؟!!
- لا حول ولا قوة إلا بالله ..!!
 
2- تبقى أن نقول أن الفقهاء حينما يتكلمون على أحكام المفقود زوجها فإنهم لا يتطرقون لهذه القصة .. وإنما يأتون بروايات أخرى  تشير لقول عمر بن الخطاب في هذه المسألة .. دون أن يتعرضوا لخرافة خطف الجن وتصديق عمر لمن رواها ..!! فانتبه .
 
#- وبهذا يكون ختام الكلام على قصة خطف الجن للإنس في زمن الصحابة .. ولم أجد سوى هذه القصة في زمن الصحابة .. ويأتي بعد ذلك قصص وجدتها في بعض أهل العلم يتم تداولها .. وقلت أذكرها لكم ونحققها حتى تكون محيطا بما هو متداول من قصص في مسألة خطف الجن ويتم نشره في بعض الكتب وعلى الإنترنت الذي ينقل من هذه الكتب ..!!  

 ****************

يتبع إن شاء الله تعالى
*****************
والله أعلم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم
هذه الرسالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .

هناك 5 تعليقات:

  1. بما أنه ليس هناك احداث ولا روايات صحيحة تشير الى خطف الجن للإنس في عهد سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم ولا في زمن الصحابة .. ففي عهد من بدأت تظهر الروايات والقصص المكذوبة وبدأ التلاعب في عقول الناس ؟!!

    ربي يبارك في تحقيقك استاذنا الفاضل
    وأبشر ( فَأَمَّا ٱلزَّبَدُ فَیَذۡهَبُ جُفَاۤءࣰۖ وَأَمَّا مَا یَنفَعُ ٱلنَّاسَ فَیَمۡكُثُ فِی ٱلۡأَرۡضِۚ )

    ردحذف
  2. من فضلك يا استاذ خالد ممكن توضح لنا فراسة سيدنا عمر بن الخطاب التي شهد عليها النبي ودلت عليها بغض آيات
    القران؟

    ردحذف
    الردود
    1. أختنا الفاضلة أماني ..
      إليك الإجابة على سؤالك ..

      #- عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، " وَافَقْتُ رَبِّي فِي ثَلاَثٍ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَوِ اتَّخَذْنَا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى، فَنَزَلَتْ: ( وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى )، وَآيَةُ الحِجَابِ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَوْ أَمَرْتَ نِسَاءَكَ أَنْ يَحْتَجِبْنَ، فَإِنَّهُ يُكَلِّمُهُنَّ البَرُّ وَالفَاجِرُ، فَنَزَلَتْ آيَةُ الحِجَابِ، وَاجْتَمَعَ نِسَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الغَيْرَةِ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ لَهُنَّ: (عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبَدِّلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ)، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ ) رواه البخاري .

      #- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ، أُتِيتُ بِقَدَحِ لَبَنٍ، فَشَرِبْتُ حَتَّى إِنِّي لَأَرَى الرِّيَّ يَخْرُجُ فِي أَظْفَارِي، ثُمَّ أَعْطَيْتُ فَضْلِي عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ.
      قَالُوا: فَمَا أَوَّلْتَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟
      قَالَ: العِلْمَ) رواه البخاري.

      $- وهذه المسألة تسمى "موافقات عمر للقرآن" .. أي رأي عمر الذي صادف اتفاقه مع إرادة الوحي الإلهي ..
      - والله أعلم
      *********************************
      اللم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم

      حذف
  3. أستاذنا الحبيب خالد، عندما كنت أقرأ في هذا الموضوع " قصة خطف رجل من زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه و حكمه بأن تصبر المرأة عن غياب زوجها أربع سنين" ، خطر في بالي قصة، و جاء فيها بأن:
    عمر بن الخطاب رضي الله عنه بينما كان يسير في الليل ساهرا على أمر الرعية ويراقب أحوال الناس، وذات ليلة بينما كان خلف سور أحد البيوت، سمع فتاة تنشدُ هذه القصيدة:
    تـطاول هـذا الليل وأود جانبه ... وأرقــنـي أنْ لاحـبـيـب أُلاعــبـهْ
    أُلاعـبـه طــوراً وطــوراً كـأنـما ... بـدا قـمراً مـن ظـلمه الليل حاجبهْ
    يُـسر بـه مـن كـان يـلهو بـقربه ... لـطـيف الـحشا لا يـحتويه أقـاربهْ
    فـوالله لـولا الله لا شيء غيره ... لَـنُـقِض مـن هـذا الـسرير جـوانبهْ
    ولـكـني أخـشـى رقـيباً مـوكلاً ... بـأنـفاسنا لا يـفـتر الـدهـر كـاتبه
    مـخافة ربـي والحياء يصدني ... وإكرام بعلي أنْ تُنال مراكبه
    فحفظ عمر بن الخطاب المكان، فلما أصبح أرسل يسأل عن هذه المرأة ( وقيل إنه أحضرها عنده ) فلما استكشف عن أمرها، قيل له إن زوجها ذهب في الغزو، فأرسل إليها عمر امرأة تسكن معها حتى يأتي زوجها، ثم كتب طالباً إحضار الزوج حتى جاء إليه. فذهب من توه إلى ابنته حفصة أُم المؤمنين - رضي الله عنهما -، واستفسر منها، حول صبر المرأة عن زوجها، فقالت ستة أشهر ، وعلى هذا الأساس، بدل عمر في المدة التي يغيبها الجنود عن زوجاتهم، فاصدر أمراً بألا يتأخر غاز عن أهله أكثر من ستة أشهر وطبق ذلك على جميع البعوث .
    1- و لأن هذه القصة منتشرة و يتم تداولها عبر النت، فأردت أن أسألكم عن مدى مصداقيتها و صحتها؟
    2- فلو كانت هذه القصة قد وقعت بالفعل، فهي على ما أعتقد دليل آخر على ضعف رواية قصة خطف الجن للرجل، لأنه كيف لعمر بن الخطاب رضي الله عنه و هو الفاروق و المعروف بعدله، أن يصدر حكما في قضيتين لهما نفس الموضوع – غياب الزوج - و نفس السبب –المتمثل في رغبة الزوجة في وجود زوجها معها و عدم قدرتها على تحمل بعده عنها – بحكمين مختلفين، تارة صبر الزوجة على غياب زوجها ستة أشهر و تارة أخرى بأربع سنين.
    في انتظار جوابكم .. تقبلوا منا أستاذ فائق تقديري و احترامي
    و السلام
    *********************************
    اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم

    ردحذف
    الردود
    1. أخي الحبيب .. حسن المغربي ..
      قصة عمر بن الخطاب .. جاءت بسند صحيح في رواية البيهقي ..
      - لكن هناك فرق بين المراة التي تصبر على زوجها الموجود .. والمراة التي تمتنع عن الزواج لزوجها المفقود ..
      ففرق بين حكم الموجود ومسافر .. وبين المفقود الغير معلوم عنه أي بيان عن حاله .
      فهاتان مسألتان .. كلا منهما له حكمه ..
      ****************************
      اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم

      حذف

ادارة الموقع - ا/ خالد ابوعوف