ج15: رسالة الملاك والجن والشيطان وإمكانية تمثيله وتجسيده في صورة إنسان - هل ظهر الشيطان لآدم وحواء عليهما السلام في صورة إنسان لإغوائهما - هل ظهر الشيطان في صورة إنسان لسيدنا إدريس عليه السلام.

           بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

الملاك والجن والشيطان

وإمكانية تمثيله وتجسيده في صورة إنسان

 (الفصل الخامس عشر)

#- فهرس:

:: الفصل الخامس عشر :: أحاديث تشير إلى وجود تمثيل للجن مُتجسدا في صورة إنسان أمام بعض الأنبياء والمرسلين (آدم وإدريس - عليهما السلام) - ومناقشة هذه الأحاديث ::

1- س60: هل ظهر الشيطان لآدم وحواء عليهما السلام في صورة إنسان لإغوائهما ؟

2- س61: هل ظهر الشيطان في صورة إنسان لسيدنا إدريس عليه السلام ؟

*************************

:: الفصل الخامس عشر ::

:: أحاديث تشير إلى وجود تمثيل للجن مُتجسدا في صورة إنسان أمام الأنبياء والمرسلين (آدم وإدريس -عليهما السلام) - ومناقشة هذه الأحاديث ::

***************************

..:: س60: هل ظهر الشيطان لآدم وحواء عليهما السلام في صورة إنسان لإغوائهما ؟ ::..

 

#- الرواية الأولى:

- رواية صحابي .. (خبر تالف السند ومتن منكر جدا مخالف للقرآن وللعقل) ..

- حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: (لَمَّا وُلِدَ لَهُ أَوَّلُ وَلَدٍ، أَتَاهُ إِبْلِيسُ فَقَالَ: إِنِّي سَأَنْصَحُ لَكَ فِي شَأْنِ وَلَدِكَ هَذَا تُسَمِّيهِ عَبْدَ الْحَارِثِ، فَقَالَ آدَمُ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ طَاعَتِكَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَكَانَ اسْمُهُ فِي السَّمَاءِ الْحَارِثَ. قَالَ آدَمُ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ طَاعَتِكَ، إِنِّي أَطَعْتُكَ فِي أَكْلِ الشَّجَرَةِ، فَأَخْرَجْتَنِي مِنَ الْجَنَّةِ، فَلَنْ أُطِيعَكَ. فَمَاتَ وَلَدُهُ، ثُمَّ وُلِدَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَدٌ آخَرُ، فَقَالَ: أَطِعْنِي وَإِلَّا مَاتَ كَمَا مَاتَ الْأَوَّلُ، فَعَصَاهُ، فَمَاتَ، فَقَالَ: لَا أَزَالُ أَقْتُلُهُمْ حَتَّى تُسَمِّيَهُ عَبْدَ الْحَارِثِ. فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى سَمَّاهُ عَبْدَ الْحَارِثِ .. فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا} [الأعراف: 190] أَشْرَكَهُ فِي طَاعَتِهِ فِي غَيْرِ عِبَادَةٍ، وَلَمْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ، وَلَكِنْ أَطَاعَهُ) رواه الطبري في تفسيره.

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- أولا: من حيث السند ..

- السند تالف جدا ورواية باطلة ..

1- وفيه (القاسم بن الحسن) شيخ الطبري .. وهو مجهول ولا يوجد له ترجمة .. وهو الذي روى عن (الحسين بن داود المصيصي) .. قال عنه الشيخ أكرم الأثري: القاسم بن الحسن، من الحادية عشرة، لم أعرفه، ولم أجد له ترجمة، ولم يعرفه الشيخ شاكر قبلي وتردد فيه واضطرب وتمنى أن يجد له من الروايات ما يدله على ترجمته، ولم يتعرض الشيخ التركي في تحقيقه " لتفسير الطبري " (1/ 122) لترجمته بشيء، وقد صحح اسم أبيه من الحسين إلى الحسن.. روى عن: الحسين بن داود المصيصي - الملقب (سنيد). (راجع معجم شيوخ الطبري ترجمة برقم 242 - مختصرا في كلامه) ..

 

- وقال الشيخ أكرم في صفحة أخرى: عامة الأسانيد التي وردت من طريقه ففيها علل، وعلى رأسها الحسين بن داود المصيصي (سنيد) الذي كان يلقن شيخه فضعفا لأجل ذلك، وأما هذه الألوف المؤلفة من هذه الآثار الواردة من طريقه، فهي عبارة عن كتاب مروي (راجع معجم شيوخ الطبري ص416 - مختصرا في كلامه)

 

2- وفيه (الحسين بن داود المصيصي) وهو ضعيف الحديث .. قال عنه ذلك الشيخ أكرم الأثري: (راجع معجم شيوخ الطبري ص417 - مختصرا في كلامه)

- وقال الإمام ابن حجر العسقلاني: ضعف مع إمامته ومعرفته لكونه كان يلقن حجاج بن محمد شيخه.

 

3- وفيه (عَبد المَلِك بْن عَبْد الْعَزِيزِ بن جُرَيْج) وهو قد دلس في الرواية فلم يسمع من بن عباس ..

 

4- السند فيه انقطاع بين (عَبد المَلِك بْن عَبْد الْعَزِيزِ بن جُرَيْج) وبين بن عباس .

 

5- السند موقوف على قول بن عباس .. فهو قول مرسل ضعيف لا نعرف عمن أخذ هذه القصة الغيبية التي تظهر آدم عليه السلام وكأنه مغفل عبيط ..!!

 

- ثانيا: من حيث المتن ..

- هذا المتن باطل وفاسد ومخالف للعقل وللقرآن .. ليه ؟

1- من العجيب أن ظهور الكذب بوضوح في الإستدلال بقصة لا علاقة لها بالآيات المرتبطة بها .. ليه بقولك كده ؟

- يقول تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (189) فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) الأعراف189-190

 

- والآن نقول: تأمل قوله (فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا) أي لما حملت فثقل الحمل دعا الزوجين إلى الله قائلين لئن أعطيتنا بشرًا سويًا صالحًا لنكونن ممن يشكرك ..

 

- إذن الزوجين دعيا الله وتيقنا في عطاءه وأنه الوحيد القادر على أن يمنحهما إنسانا سويا في كل شيء سواء الجسم أو الخلق أو العقل وغير ذلك ..

 

- ثم تقول الآية (فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا) أي أنهما ظلا على يقينهما في ربهما .. حتى استجاب الله لهما ..

- والآن نرجع للقصة المكذوبة على آدم وزوجته .. وانظر فيها أخي الحبيب وستجد أن آدم وحواء وضعا رجائهما في إبليس وخافا من إبليس ورضيا بعصيان الله عمدا ليكون لهما طفلا سويا .. !!

 

- فما علاقة ما قالته القصة حينئذ بآيات الله المذكورة في القصة ؟!!

 

- العلاقة الوحيدة هي الرغبة في تشويه صورة الأنبياء وإظهارهم بمظهر الخاضع الضعيف أمام الشيطان .. وإذا كان هذا هو حال الأنبياء فما هو حال عموم الناس ؟!!

 

- أحببت أن أوضح لك ما سبق حتى تعلم أن الكذاب الذي قال هذه الرواية .. لا يغلب آيات الله بكذبه .. مهما كذب .

 

- وإياك أن تظن أن بن عباس قال مثل هذه الروايات .. لا .. فلعلها مكذوبة عليه وملفقة له .

 

2- أما عن كذب الرواية من ناحية أخرى .. فاقرأ ما يقوله تعالى عن آدم عليه السلام: (وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى) طه121-122 ..

- فكيف يكون آدم نبي الله المجتبى المهدي من الله متبعا للشيطان بل وعن علم ومعرفة بأن هذا إبليس عدو الله الذي اخرجه من الجنة هو الذي يكلمه بنفسه وأتى ليضله ؟!!

 

3- كيف يكون نبيا لله ويخاف من فعل الشيطان معه من أساسه إذا كان الله يقول : (إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) آل عرمان175 ...

- فهل آدم يخاف من الشيطان ولا يخاف من الله ؟!!

 

4- الرواية بهذا تظهر آدم نبي الله أنه تم قهره بوسوسة الشيطان له حتى خضع له وأطاعه وسمع كلامه ..!!

- أهذا كلام يقول به مؤمن في حق نبي من أنبياء الله ؟

 

5- الرواية تظهر آدم عليه السلام وكأنه جاهل لا يعلم أن المحيي المميت هو الله وليس الشيطان ؟!!

- أهذا كلام يقال يا ناس في حق نبي من أنبياء الله ؟

 

6- الرواية تظهر آدم نبي الله وكأنه شخص مغفل وعبيط لم يتعظ مما فعله من عصيان الله في الجنة .. فكرر خطأه للمرة الثانية ولكن هذه المرة عامدا متعمدا لأنه قابل الشيطان وكلمه ووافق على كلامه ..!!

- أهذا كلام يتصور أي عاقل في حق نبي من أنبياء الله ؟

 

7- هل الرواية هنا عن نبي كريم أم شخص يقرر قاعدة أن الغاية تبرر الوسيلة حتى لو تحالفت مع الشيطان وتجاهلت الله ؟!! بكل تأكيد هذا ليس نبي الله بل وليس حتى إنسان صادق الإيمان ..!!

 

#- وهذا الخبر أو هذه الرواية لا يمكن أن يصدقها مؤمن في حق آدم عليه السلام وهو نبي كريم .. وإنما يقول ويؤمن بها شخص حاقد على آدم عليه السلام أو شخص يريد أن يحط من درجة الأنبياء في مواجهة الشيطان ويظهر كم هم ضعفاء أمام الشيطان ..!!

 

#- وخلاصة القول:

1- أن هذا الخبر باطل كله وأنه غير صحيح أبدا ..

2- وليس فيه حجة شرعية على أن الشيطان يمكن أن يتجسد في صورة إنسان ..

 

#- الرواية الثانية:

- رواية صحابي .. (سند ضعيف جدا ومتن منكر جدا وباطل) .. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ فِي آدَمَ: ({هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} [الأعراف: 189] إِلَى قَوْلِهِ: {فَمَرَّتْ بِهِ} [الأعراف: 189] فَشَكَّتْ أَحَبِلَتْ أَمْ لَا؟ {فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا} [الأعراف: 189] الْآيَةَ، فَأَتَاهُمَا الشَّيْطَانُ فَقَالَ: هَلْ تَدْرِيَانِ مَا يُولَدُ لَكُمَا أَمْ هَلْ تَدْرِيَانِ مَا يَكُونُ أَبَهِيمَةً تَكُونُ أَمْ لَا؟ وَزَيَّنَ لَهُمَا الْبَاطِلَ إِنَّهُ غَوِيُّ مُبِينٌ. وَقَدْ كَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ فَمَاتَا، فَقَالَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ: إِنَّكُمَا إِنْ لَمْ تُسَمِّيَاهُ بِي لَمْ يَخْرُجْ سَوِيًّا وَمَاتَ كَمَا مَاتَ الْأَوْلَانِ، فَسَمَّيَا وَلَدَهُمَا عَبْدَ الْحَارِثِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا} [الأعراف: 190] الْآيَةَ) رواه الطبري في تفسيره.

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- هذه الرواية تالفة السند ومنكرة المتن جدا .. ومكذوبة بنسبة مائة في المائة .. ليه ؟

 

#- أولا: من حيث السند ..

1- فيه (محمد بن سعد بن محمد بن الحسن بن عطية - أبو جعفر العوفي) وهو شيخ الإمام الطبري في حديثه لين أي ضعف .

2- وفيه (سعد بن محمد العوفي) وهو متروك الحديث ..

3- وفيه (الحسين بن الحسن العوفي "عم سعد بن محمد") وهو ضعيف الحديث ..

4- وفيه (الحسن بن عطية العوفي) وهو ضعيف الحديث ..

5- وفيه أن الرواية موقوفة على (بن عباس) ومرسلة عنه .. ولا نعلم عمن أخذ هذه الروية الغيبية التي لا دليل عليها إلا بوحي ..!!

 

#- ثانيا: من حيث المتن ..

1- هذا المتن باطل وفاسد .. لأنه مخالف للعقل وللقرآن ..

2- وقد سبق الكلام على هذا المتن في الروايات السابقة .. مع الفارق أن في هذه الرواية كان الشيطان يوجه الكلام لآدم وحواء وليس لآدم فقط .. وبالتالي تلاحظ اضطراب الروايات المتلاعب فيها بشدة .. والتي لا يمكن أن يكون قد قالها بن عباس رضي الله عنه بل ملفقة له .. والله أعلم .

 

#- الرواية الثالثة:

- رواية صحابي .. (سند ضعيف جدا ومتن منكر جدا وباطل) ..

- حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: (كَانَتْ حَوَّاءُ تَلِدُ لِآدَمَ، فَتُعَبِّدُهُمْ لِلَّهِ، وَتُسَمِّيهِ عَبْدَ اللَّهِ وَعُبَيْدَ اللَّهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ، فَيُصِيبَهُمُ الْمَوْتُ، فَأَتَاهَا إِبْلِيسُ وَآدَمَ، فَقَالَ: إِنَّكُمَا لَوْ تُسَمِّيَانِهِ بِغَيْرِ الَّذِي تُسَمِّيَانِهِ لَعَاشَ، فَوَلَدَتْ لَهُ رَجُلًا، فَسَمَّاهُ عَبْدَ الْحَارِثِ، فَفِيهِ أَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} [الأعراف: 189] إِلَى قَوْلِهِ: {جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا} [الأعراف: 190] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ) رواه الطبري في تفسيره.

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- والسند ضعيف جدا .. والمتن منكر جدا .. ليه ؟

 

- أولا: من حيث السند .. فيه ثلاث علل:

1- فيه (محمَّد بن حُميد بن حيان الرازي) شيخ الطبري وهو متروك الحديث .. وقد كذبه بعض الأئمة كالنسائي وأبو زرعة.

2- وفيه (ابن اسحاق) قد دلس في روايته فلم يسمع عمن روى عنه ..

3- وفيه أن الرواية موقوفة على (بن عباس) .. فهو قول مرسل ضعيف ولا نعلم عمن أخذ هذه الروية الغيبية التي لا دليل عليها إلا بوحي ..!!

 

- ثانيا: من حيث المتن ..

- هذا المتن باطل وفاسد .. لأنه مخالف للعقل وللقرآن ..

- وقد سبق الكلام على هذا المتن في الروايات السابقة ..

 

#- وخلاصة القول:

- أن نص الحديث باطل وليس فيه حجة شرعية على أن الشيطان يمكن أن يتجسد في صورة إنسان .. بل ولم يأتي في الرواية من أساسه أن الشيطان قد ظهر بصورة إنسان ..!!

 

#- الرواية الرابعة:

- رواية تابعي .. (خبر تالف السند ومتن منكر جدا مخالف للقرآن وللعقل) .. حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: (لَمَّا هَبَطَ آدَمُ وَحَوَّاءُ، أُلْقِيَتِ الشَّهْوَةُ فِي نَفْسِهِ فَأَصَابَهَا، فَلَيْسَ إِلَّا أَنْ أَصَابَهَا حَمَلَتْ، فَلَيْسَ إِلَّا أَنْ حَمَلَتْ تُحَرَّكَ فِي بَطْنِهَا وَلَدُهَا، قَالَتْ: مَا هَذَا؟ فَجَاءَهَا إِبْلِيسُ، فَقَالَ: أَتَرَيْنَ فِي الْأَرْضِ إِلَّا نَاقَةً أَوْ بَقَرَةً أَوْ ضَائِنَةً أَوْ مَاعِزَةً؟ هُوَ بَعْضُ ذَلِكَ. قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا مِنِّي شَيْءٌ إِلَّا وَهُوَ يَضِيقُ عَنْ ذَلِكَ. قَالَ: فَأَطِيعِينِي وَسَمِّيهِ عَبْدَ الْحَارِثِ تَلِدِي شِبْهَكُمَا مِثْلَكُمَا (أي أسميه عبد الحارث وإلا سيكون شبيه البقر والماعز) ..

- قَالَ (راوي الخبر): فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِآدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ: هُوَ صَاحِبُنَا الَّذِي قَدْ أَخْرَجَنَا مِنَ الْجَنَّةِ، فَمَاتَ (أي الطفل) .. ثُمَّ حَمَلَتْ بِآخَرَ، فَجَاءَهَا فَقَالَ: أَطِيعِينِي وَسَمِّيهِ عَبْدَ الْحَارِثِ .. وَكَانَ اسْمُهُ فِي الْمَلَائِكَةِ الْحَارِثَ .. وَإِلَّا وَلَدْتِ نَاقَةً أَوْ بَقَرَةً أَوْ ضَائِنَةً أَوْ مَاعِزَةً، أَوْ قَتَلْتُهُ، فَإِنِّي أَنَا قَتَلْتُ الْأَوَّلَ .. قَالَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِآدَمَ .. فَكَأَنَّهُ لَمْ يَكْرَهْهُ .. فَسَمَّتْهُ عَبْدَ الْحَارِثِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا} [الأعراف: 189] يَقُولُ: شِبْهَنَا مِثْلَنَا .. {فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا} [الأعراف: 190] قَالَ: شِبْهَهُمَا مِثْلَهُمَا) رواه الطبري في تفسيره.

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- السند تالف جدا ومتن منكر جدا ورواية باطلة ..

- أولا: من حيث السند ..

- ويقال فيه ما قيل في الرواية الأولى لأن لها نفس السند .. إلا أن الراوي هنا هو سعيد بن جبير التابعي .. والرواية مقطوعة عليه ولا نعلم عمن أخذ هذه القصة التي لا يتم معرفتها إلا بوحي ..!!

 

- ثانيا: من حيث المتن ..

- هذا المتن باطل وفاسد ومخالف للعقل وللقرآن .. ليه ؟

1- يقال فيه ما قيل في الرواية السابقة تماما .. عن آدم عليه السلام .. مع مراعاة أن الغواية هنا لحواء .. وأن آدم قد وافق على طلب الشيطان بمنتهى البساطة ولم يكره ذلك ..!!

- ولا يصدق هذا الكلام إلا شخص حاقد على أنبياء الله .. أو مصدقا لما يقول اليهود في حواء وآدم بالباطل ..!!

 

2- زادت هذه الرواية شيء مهم جدا وهو إهانة حواء عليها السلام في عقلها .. إذ أن الرواية تظهر حواء وكأنها حمار الشيطان الذي لا عقل له ويقول له "شِي حَا" أي امشي يا حمار باللغة المصرية القديمة ..!!

 

- وهنا يأتينا سؤال مهم: إذا كان هذا هو حال المرأة المؤمنة زوجة نبي الله أن يتصرف فيها الشيطان كتصرف الراكب في حماره .. فماذا يكون حال غيرها من النساء ؟!!

 

3- ولكن الحقيقة الإيمانية تقول أن آدم وحواء دعوا الله معا .. والله قبل توبة آدم وحواء معا .. دون استثناء حينما أخبرنا الله عن دعائهما: (قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) الأعراف23.

 

- ولذلك نتعجب من الذين لازالوا يذكرون هذه الروايات دون مراجعة أو تحقيق .. وكأنهم ليس لديهم عقول ليعقلوا بها ما ينطقون أو يكتبون ..!!

 

#- وخلاصة القول:

1- أن هذا الخبر باطل كله وأنه غير صحيح أبدا ..

2- وليس فيه حجة شرعية على أن الشيطان يمكن أن يتجسد في صورة إنسان .

 

#- الرواية الخامسة:

- رواية تابعي .. (السند ضعيف جدا والمتن منكر جدا والرواية باطلة) .. حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَوْلُهُ: ({أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا} [الأعراف: 189] إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الأعراف: 190] قَالَ: لَمَّا حَمَلَتْ حَوَّاءُ فِي أَوَّلِ وَلَدٍ وَلَدَتْهُ حِينَ أَثْقَلَتْ، أَتَاهَا إِبْلِيسُ قَبْلَ [ص:627] أَنْ تَلِدَ، فَقَالَ: يَا حَوَّاءُ مَا هَذَا الَّذِي فِي بَطْنِكَ؟ فَقَالَتْ: مَا أَدْرِي. فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ يَخْرُجُ؟ مِنْ أَنْفِكِ، أَوْ مِنْ عَيْنِكِ، أَوْ مِنْ أُذُنِكِ؟ قَالَتْ: لَا أَدْرِي. قَالَ: أَرَأَيْتِ إِنْ خَرَجَ سَلِيمًا أَتُطِيعِينِي أَنْتِ فِيمَا آمُرُكِ بِهِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: سَمِّيهِ عَبْدَ الْحَارِثِ، وَقَدْ كَانَ يُسَمَّى إِبْلِيسُ الْحَارِثَ، فَقَالَتْ: نَعَمْ. ثُمَّ قَالَتْ بَعْدَ ذَلِكَ لِآدَمَ: أَتَانِي آتٍ فِي النَّوْمِ فَقَالَ لِي كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ: إِنَّ ذَلِكَ الشَّيْطَانُ فَاحْذَرِيهِ، فَإِنَّهُ عَدُوُّنَا الَّذِي أَخْرَجَنَا مِنَ الْجَنَّةِ، ثُمَّ أَتَاهَا إِبْلِيسُ، فَأَعَادَ عَلَيْهَا، فَقَالَتْ: نَعَمْ. فَلَمَّا وَضَعَتْهُ أَخْرَجَهُ اللَّهُ سَلِيمًا، فَسَمَّتْهُ عَبْدَ الْحَارِثِ، فَهُوَ قَوْلُهُ: {جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الأعراف: 190] ) رواه الطبري في تفسيره.

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- السند تالف جدا ومتن منكر جدا ورواية باطلة ..

- أولا: من حيث السند ..

1- وفيه (سفيان بن وكيع بن الجراح) .. وهو ضعيف الحديث .

2- وفيه (سالم بن أبي حفصة العجلي) .. وهو ضعيف الحديث ..

3- وفيه انقطاع في السند بين (سالم بن أبي حفصه) وبين (سعيد بن جبير) .. لأنه لم يسمع من سعيد بن جبير ..

 

- ثانيا: من حيث المتن ..

- هذا المتن باطل وفاسد .. لأنه مخالف للعقل وللقرآن ..

1- الرواية مقطوعة على سعيد بن جبير .. فهي مجهولة المصدر ولا نعرف عمن أخذ هذه القصة الغيبية التي لا يتم معرفتها إلا بوحي ..!!

2- وقد سبق الكلام على هذا المتن في الروايات السابقة .. مع ملاحظة أن هذه الرواية أظهرت أن حواء قالت لآدم أن الشيطان أتاها في المنام ..!!

- وهذه الرواية مخالفة للرواية السابقة لسعيد بن جبير .. والراوي واحد .. وهذا يثبت لك أن هذه روايات تم تلفيقها للسلف .. وهم برآء منه.

 

#- وخلاصة القول:

- أن نص الحديث باطل .. وليس فيه حجة شرعية على أن الشيطان يمكن أن يتجسد في صورة إنسان ..

 

#- الرواية السادسة:

- رواية تابعي .. (خبر تالف السند ومتن منكر جدا) .. حدثني موسى بن هارون الهمداني قال: حدثنا عمرو بن حماد القَنَّاد قال: حدثنا أسباط، عن السدي: (فلما أثقلت) ، كبر الولد في بطنها، جاءها إبليس، فخوَّفها وقال لها: ما يدريك ما في بطنك؟ لعله كلب، أو خنزير، أو حمار .. وما يدريك من أين يخرج؟ أمن دبرك فيقتلك، أو من قُبُلك، أو ينشق بطنك فيقتلك؟ فذلك حين (دعوا الله ربهما لئن آتينا صالحًا) ، يقول: مثلنا = (لنكونن من الشاكرين)) رواه الطبري في تفسيره .

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- السند ضعيف ومتن منكر جدا ورواية باطلة ..

- أولا: من حيث السند ..

1- وفيه (أسباط بن نصر الهمداني) .. وهو مختلف عليه بين الضعف والتوثيق .. فضعفه أحمد ووثقه بن حبان .. وأظنه مقبول الحديث.

2- والسند موقوف على (إسماعيل بن عبد الرحمن السُّدِّي التابعي) والخبر مقطوع عليه .. ولا نعلم عمن أخذ هذه القصة الغيبية التي لا تقال إلا من خلال وحي ..!!

 

- ثانيا: من حيث المتن ..

- هذا المتن باطل وفاسد .. لأنه مخالف للعقل وللقرآن ..

1- وقد سبق الكلام على هذا المتن في الروايات السابقة ..

2- مع ملاحظة أن هذه الرواية أظهرت أن تخويف الشيطان لحواء بأن يكون ولدها شبيها بالحمار والكلب والخنزير .. وفي رواية سعيد بن جبير السابقة أنه قال لها تخويفا بأن الولد سيكون شبيه الإبل والأغنام كالماعز ..!!

 

#- الرواية السابعة والأخيرة:

- رواية نبوية .. والأصل أن تكون موقوفة وليس مرفوعة .. (السند ضعيف جدا والمتن منكر جدا ومكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم) .. عن مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الصَّمَدِ، قَالَ: ثنا عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: (كَانَتْ حَوَّاءُ لَا يَعِيشُ لَهَا وَلَدٌ، فَنَذَرَتْ لَئِنْ عَاشَ لَهَا وَلَدٌ لَتُسَمِّيَنَّهُ عَبْدَ الْحَارِثِ، فَعَاشَ لَهَا وَلَدٌ، فَسَمَّتْهُ عَبْدَ الْحَارِثِ، وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ وَحْيِ الشَّيْطَانِ) رواه الطبري في تفسيره والحاكم والترمذي.. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد .. ووافقه الذهب وقال : صحيح ..، وأنكر بن كثير في تفسيره أن يكون هذا الحديث قاله النبي وكذلك أنكره الشيخ أحمد شاكر رحمهما الله..  وضعفه الألباني في ضعيف الترمذي وضعيف الجامع .

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- بالرغم من أن هذه الرواية لا علاقة لها بظهور وتمثيل الشيطان .. ولكن تركتها للآخر واحببت توضيحها حتى لا يتوهم متوهم أن هذه الرواية صحيحة فعلا وأنها تؤكد ما في الروايات السابقة .. وإليك بيان كذب هذه الرواية على النبي صلى الله عليه وسلم .

 

- أولا: من حيث السند ..

- السند ضعيف جدا .. ولا يمكن أن يكون صحيحا أبدا ..!!

1- فيه (عمر بن إبراهيم) وإن كان مقبول الحديث .. إلا أن حديثه عن "قتادة" متروك لأنه يروي عنه مناكير .. قال أحمد بن حنبل: وهو يروي عن قتادة أحاديث مناكير ويخالف ..، وقال بن عدي: يروي عن قتادة أشياء لا يوافق عليها، وحديثه خاصة عن قتادة مضطرب .. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به .. (راجع تهذيب الكمال ترجمة برقم 4200) ..

 

2- وفيه (الحسن البصري) قد دلس في الرواية حتى وإن كان سمع من "سمرة بن جندب" مثل حديث العقيقة .. إلا أنه لم يصرح هنا بالتحديث أو السماع عنه في هذه الرواية .. وهذه علة أخرى تثبت بطلان أن يكون النبي قد قال هذا الحديث.

 

#- ثم وجدت تحقيق لهذه الرواية قد كتبه الإمام أحمد شاكر رحمه الله في تخريج أحاديث الطبري فقال رحمه الله:

- (عمر بن إبراهيم العبدى) ، وثقه أحمد وغيره، ولكنه قال: (يروى عن قتادة أحاديث مناكير، يخالف) . وقال أبو حاتم: (يكتب حديثه ولا يحتج به) ، وقال ابن عدى: يروى عن قتادة أشياء لا يوافق عليها، وحديثه خاصة عن قتادة مضطرب) . وذكره ابن حبان في الثقاب وقال: (يخطئ، ويخالف) . ثم ذكره في الضعفاء فقال: (كان ممن ينفرد عن قتادة بما لا يشبه حديثه. فلا يعجبنى الاحتجاج به إذا انفرد. فأما فيما روى الثقات، فإن اعتبر به معتبر لم أر بذلك بأساً) ، وقال الدارقطني: (لين، يترك) . مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم 3 / 1 / 98، وميزان الاعتدال 2: 248.

- وهذا الخبر رواه أحمد في مسنده 5: 11، بغير هذا اللفظ، ورواه بهذا اللفظ الحاكم في المستدرك 2: 545، وقال: (هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه) ، ووافقه الذهبي. وأخرجه الترمذي في تفسير الآية وقال: (هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث عمر بن إبراهيم، عن قتادة. وقد رواه بعضهم عن عبد الصمد ولم يرفعه) .

 

#- وخرجه ابن كثير في تفسيره 3: 611، 612، وأعله من ثلاثة وجوه:

- الأول: أن عمر بن إبراهيم لا يحتج به .

- الثاني: أنه قد روى من قول سمرة نفسه غير مرفوع .

- الثالث: أن الحسن نفسه فسر الآية بغير هذا، وذكر بعض أخبار أبي جعفر بأسانيدها رقم 15526 - 15528.

- ثم قال: (وهذه أسانيد صحيحة عن الحسن رضي الله عنه أنه فسر الآية بذلك، وهو من أحسن التفاسير، وأولى ما حملت عليه الآية. ولو كان هذا الحديث عنده محفوظا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما عدل عنه هو ولا غيره، ولاسيما مع تقواه وورعه. فهذا يدلك على أنه موقوف على الصحابي، ويحتمل أنه تلقاه من بعض أهل الكتاب من آمن منهم، مثل كعب أو وهب بن منيه وغيرهما، كما سيأتي بيانه إن شاء الله، إلا أننا برئنا من عهدة المرفوع، والله أعلم) . (راجع تحقيق الطبري لأحمد شاكر عند حديث برقم 15513) ..

 

- ثانيا: من حيث المتن ..

- هذا المتن باطل وفاسد ومكذوب على رسول الله .. لأنه مخالف للعقل وللقرآن .. ليه ؟

1- أما عن أن حواء لم يكن يعيش لها ولد .. فهذا باطل ومخالف للقرآن .. بل الدليل عليه أن حواء أول ما أنجبت هما قابيل وهابيل .. وجرى بينهما الفتنة المعرفة والمذكورة في القرآن .. لم يبلغنا عن النبي صلى الله عليه وسلم أن آدم كان له ولد اسمه الحارث ..!!

 

2- إذا كان اسم (الحارث) من وحي الشيطان .. فهذا معناه أن هذا كان اسما لإبليس كما جاء في روايات أخرى .. لأنه ما وجه أن يكون هذا من وحي الشيطان إلا لو كان هذا من أسماء الشيطان حينئذ ؟!!

- ولذلك حواء قد استمعت لوحي الشيطان وبدلا من تسمية ابنها بعبد الله .. فأسمته باسم عبد الشيطان (الحارث) حتى يعيش لها ولد ..؟!!

 

- وإذا تعامينا وتغافلنا وصدقنا ما سبق بأنها وافقت .. فأين كان آدم نبي الله حينئذ ؟!!

 

- إذن الرواية تظهر النبي صلى الله عليه وسلم بأنه اتهم آدم النبي وزوجته .. بأنهما ارتضيا تسميه (ابنهما) بأنه عابد الشيطان "الحارث" ..!!

- وحاشاه صلى الله عليه وسلم أن يتهم آدم وزوجته بهذا الإتهام الوقح ..!! الذي هو أصلا مخالف للقرآن كما سبق وأوضحنا في الروايات السابقة ..

 

3- لم يكن لآدم وحواء ولد اسمه الحارث من أساسه .. لأن الرواية كلها كذب في كذب .. وأول أبناء آدم كانا قابيل وهابيل ..

 

#- ملحوظة هامة جدا:

- مثل هذه الروايات تشم منها رائحة إهانة وإلقاء التهمة على المرأة بأنها كانت السبب في كل شيء .. وأن آدم بريء براءة الذئب من دم بن يعقوب .. !!

 

- وهذه الرائحة أي رائحة اتهام المرأة .. والنظر إلى المرأة وكأنها مصدر الشر والغواية .. ومحل غواية الشيطان .. تجده في نصوص توراة اليهود ..

 

- جاء في توراة اليهود .. التي بين أيدينا أن الشيطان وسوس لحواء وآدم من خلال الحية .. وهذا بداية الإغواء من: (وَكَانَتِ الْحَيَّةُ أَحْيَلَ جَمِيعِ حَيَوَانَاتِ الْبَرِّيَّةِ الَّتِي عَمِلَهَا الرَّبُّ الإِلهُ، فَقَالَتْ لِلْمَرْأَةِ: «أَحَقًّا قَالَ اللهُ لاَ تَأْكُلاَ مِنْ كُلِّ شَجَرِ الْجَنَّةِ؟» (2) فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ لِلْحَيَّةِ: «مِنْ ثَمَرِ شَجَرِ الْجَنَّةِ نَأْكُلُ، (3) وَأَمَّا ثَمَرُ الشَّجَرَةِ الَّتِي فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ فَقَالَ اللهُ: لاَ تَأْكُلاَ مِنْهُ وَلاَ تَمَسَّاهُ لِئَلاَّ تَمُوتَا». (4) فَقَالَتِ الْحَيَّةُ لِلْمَرْأَةِ: «لَنْ تَمُوتَا (5) بَلِ اللهُ عَالِمٌ أَنَّهُ يَوْمَ تَأْكُلاَنِ مِنْهُ تَنْفَتِحُ أَعْيُنُكُمَا وَتَكُونَانِ كَاللهِ عَارِفَيْنِ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ». (6) فَرَأَتِ الْمَرْأَةُ أَنَّ الشَّجَرَةَ جَيِّدَةٌ لِلأَكْلِ، وَأَنَّهَا بَهِجَةٌ لِلْعُيُونِ، وَأَنَّ الشَّجَرَةَ شَهِيَّةٌ لِلنَّظَرِ. فَأَخَذَتْ مِنْ ثَمَرِهَا وَأَكَلَتْ، وَأَعْطَتْ رَجُلَهَا أَيْضًا مَعَهَا فَأَكَلَ.) "سفر التكوين الإصحاح الثالث 1:7" .

 

#- وخلاصة القول:

1- أن نص الحديث مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم ولا يمكن أن يكون قد قال به ..

 

2- وليس فيه حجة شرعية على أن الشيطان يمكن أن يتجسد في صورة إنسان .. بل ولم يأتي في الرواية من أساسه أن الشيطان قد ظهر بصورة إنسان ..!!

 

#- ملحوظة مهمة جدا على كل الروايات السابقة:

- التفسير بهذه الروايات في كتب التفاسير جاء عن بن عباس وعكرمة وقتادة والسُّدي وسعيد بن جبير ومجاهد .. وقد نقلت لك البعض منها .. والبقية ما هي إلا روايات مكررة ولها نفس الإسناد تقريبا .. وكلها روايات باطلة.. وغالبا مكذوبة على من رووها .. والله أعلم .

 

*************************

 

..:: س61: هل ظهر الشيطان في صورة إنسان لسيدنا إدريس عليه السلام ؟ ::..

 

- من الروايات التي قيلت في تعرض الشطان لإدريس عليه السلام ..

 

- عن أَبُو إِبْرَاهِيمَ الأَوْدِيُّ: (أَنَّهُ حُدِّثَ ، عَنْ إِدْرِيسَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلامُ : أَنَّ الشَّيْطَانَ أَتَاهُ وَعَلَيْهِ بُرْنُسٌ يَتَلَوَّنُ ، فَقَالَ : " مَا هَذِهِ الأَطْوَارُ ؟ " قَالَ : شَهَوَاتُ بَنِي آدَمَ ، فَقَالَ : " هَلْ تَنَالُ مِنِّي شَيْئًا ؟ " ، فَقَالَ : إِنَّكَ تَشْبَعُ وَلَكَ جِيرَانٌ لا يَشْبَعُونَ ، قَالَ : " لا جَرَمَ ، وَاللَّهِ لا أَشْبَعُ أَبَدًا ") رواه المعافي في كتاب الزهد.

 

1- وهذه مجرد قصة يحكيها الزهاد للتعريف بإبليس وطرق تزيينه .. وليس قصة حقيقية .. ولكن من الخطأ أن يتم ذكر الأنبياء فيها لأن هذا كلام باطل وغير صحيح ولا دليل عليه .. وهذه الامور تحتاج إلى وحي حتى يكون نسبة هذه القصص للأنبياء صحيحة ..!!

- وقد ذكرت هذه القصة من باب التعرف بتعرض الشيطان للأنبياء وكذلك من باب تجسيد الشيطان للانبياء .. وذلك لتوضيح أنها قصة غير صحيحة .. ويمكن سرد هذه القصص على أنها مرائي مناميه قد رآها البعض وليس قصة واقعية ودون حشو أسماء الانبياء في القصة ..!!

 

2- وللمعلومية فإن (أبي إِبْرَاهِيم الحسن بْن يزيد الأَودِيّ الموصلي) هو شيخ الفقيه الزاهد (المعافى بْن عِمْران بْن نفيل بْن جابر) راوي الحديث .. و(أبو إبراهيم) هو مجهول الحال ولا نعرف عنه شيئا ..

 

- حتى أن (أبو إبراهيم) لم يخبرنا عمن حدث عنهم فكلهم بالنسبة إلينا مجاهيل .. والقصة كلها مجرد رواية يتداولها المشايخ لبيان حيل إبليس مع الناس .. ولكن لا يصح نسبتها للأنبياء .. والله أعلم .

 

3- قد سبق وذكرنا أن الأنبياء يرون الشيطان على صورته كخصوصية عطاء لهم من الله ليحذروه .. ولو كان الشيطان متشكلا في هيئة غريبة كهيئة الحيوان فإنهم يعرفونه ولا يخفى عليهم لك ..

 

4- وكما لا يخفى فإن هذه الرواية ليست حجة شرعية في الإستدلال بها على تجسيد الشيطان في صورة إنسان ..

 

#- وبهذا يكون ختام الكلام على تعرض الشيطان للأنبياء وظهوره لهم .. وقد جمعت كل ما يمكنني من روايات تعرض الشيطان للأنبياء والمرسلين ولا أظن أن جمعها أحد في كتاب وناقشها كما سبق وأكرمني الله بذلك ..

 

- ومن خلال روايات تعرض الشيطان للأنبياء والمرسلين .. قد تبين لك أن الشيطان لم يظهر للأنبياء في صورة إنسانا سويا .. وأن الروايات التي قيلت في ذلك ما هي إلا روايات فاسدة ولم يصح منها شيئا .. بل وما صح منها فيما حدث مع النبي صلى الله عليه وسلم وما حدث مع إبراهيم عليه السلام .. ليس فيه دلالة على ظهور الشيطان في صورة إنسان .. فانتبه وكن بصيرا يا مسلم بدينك ..

 

- ولعلك أخي الحبيب قد تعلمت وأبصرت شيئا مهما من خلال عرض روايات تعرض الشيطان للأنبياء والرسل .. وهو أن الروايات أظهرت الشيطان متجسدا في صورة إنسان هي روايات إسرائيلية من وضع اليهود لأن هذه عقيدتهم في الشيطان أنه يتجسد في صورة إنسان ويحكم بين البشر ويتحكم فيهم .. ولكنها ليست عقيدة المسلمين .. فانتبه وكن بصيرا يا مسلم .

 

#- أخي الحبيب حتى لا تنسى ويتشتت إنتباهك ..

1- في الفصول السابقة (الفصل الأول) .. شرح عام لمفهوم التمثيل الروحاني وما هو المقصود به .. وأنه قد يكون في عالم الخيال وقد يكون في عام اليقظة .. أي قد يظهر في صورة خيال كالأحلام مثلا أو في صورة متجسدة في الواقع في هيئات مختلفة وليس منها هيئة الإنسان ..!!

 

2- وفي (الفصل الثاني) .. ناقشنا إمكانية تجسيد الملائكة في صورة إنسان سويا في عالم الواقع وفي عالم المنام .. وأيضا إمكانية تواصلهم معنا من خلال تمثيلهم لنا بالصوت وليس بالتجسيد .. وناقشنا كل ذلك من خلال آيات قرآنية .. وكذلك روايات للحديث قد بلغت (10) روايات بخلاف ما يصاحبها من روايات فرعية أخرى .. وناقشنا ما حول ذلك من مسائل روحانية وعقلية قد تخطر ببالك ..

 

3- وفي (الفصل الثالث وحتى الرابع) .. قد ناقشنا الأدلة التي تشير إلى تمثيل وتجسد وظهور الشيطان في صورة غير صورة الإنسان مثل الحيوانات مثلا .. أو أشكال غريبة .. وقد بلغت تقريبا مناقشة (14) حديث .. بخلاف الآيات القرآنية والمسائل الروحانية والعقلية التي تدور حولها والتي قد تخطر ببالك ..

 

4- وفي (الفصل الخامس) .. قد ناقشنا الأدلة على إمكانية ظهور الجن والشيطان متخيلا أي في عالم الخيال كالأحلام .. ويمكن في عالم الخيال الظهور بصورة إنسان أو حيوان أو غير ذلك .. وقد بلغت الروايات في ذلك تقريبا خمسة روايات .. وناقشنا ما حول ذلك من مسائل روحانية وعقلية قد تخطر ببالك ..

 

5- وفي (الفصل السادس) .. بدأنا مناقشة الأدلة على إمكانية ظهور الشيطان متجسدا في صورة إنسان .. من خلال الآيات القرآن وهما آيتان .. وما يصاحبهما من أدلة من قصص السيرة النبوية وهما روايتان .. وناقشنا ما يصاحب ذلك من مسائل عقلية قد تخطر ببالك ..

 

6- وفي (الفصل السابع وحتى الثامن) .. استكملنا مناقشة الأدلة على إمكانية ظهور الشيطان متجسدا في صورة إنسان .. من خلال الأحاديث النبوية وكانت (17) حديث تقريبا .. وناقشنا ما حول ذلك من مسائل روحانية وعقلية قد تخطر ببالك فيما يتعلق بالحديث الصحيح..

 

7- وفي (الفصل التاسع وحتى الفصل الخامس عشر) .. استكملنا مناقشة الأدلة على إمكانية ظهور الشيطان متجسدا في صورة إنسان .. من خلال مناقشة تعرض الشيطان للأنبياء والمرسلين .. وقد بلغت الروايات في ذلك ما بين أحاديث نبوية ومرويات صحابة وتابعين تقريبا (8+ 6 + 4 + 8 + 10 + 5 + 8) بإجمالي (49) رواية .. منهم تقريبا خمسة أحاديث نبوية ما بين صحيح وضعيف ومكذوب .. والباقي مرويات صحابة وتابعين .. وقد ناقشناها جميعا بالرغم من كونها كان يكفي أن نقول عنها روايات باطلة .. ولكن المناقشة تكسبك فهما وتدبر ومعرفة في معرفة لماذا هذه الرواية باطلة وفاسدة حتى تكون على بصيرة .. وقد ناقشنا في هذه المرويات مسائل مهمة كما في قصة ذو الكفل وأيوب وسليمان عليهم السلام ..

 

8- والفصول القادمة إن شاء الله ستكون استكمالا للأدلة التي يستدل بها البعض على إمكانية تجسد الشيطان في صورة إنسان .. ونبدأ بها ما قيل في حق الصحابة ثم التابعين ثم الصالحين ثم ذكر بعض مرويات عامة يتم سردها في الكتب ويظهر منها تجسد الشيطان في صورة إنسان من قديم الزمان قبل عهد نوح عليه السلام ..

 

9- ثم نختم بمناقشات ممتعة تتعلق بهذه الرسالة وبأسئلة قد لا تخطر ببالك .. إن شاء الله تعالى .. والله ولي التوفيق .

 

#- وصدقني من المهم مناقشة كل شيء يتعلق بمسألة التمثيل الروحاني .. وذلك حتى تسقط أي أفكار خاطئة من تعظيم قدرة الشيطان من رأسك تماما .. وحتى لا يتلاعب بك أحد من خدام الجن وأولياؤه الذي ينشرون قصص عن الجن والشيطان بأنه صاحب القدرات الخارقة التي لا مثيل لها والتي منها قدرته على التشكل في صورة إنسان وأن له المقدرة على ذلك والتعايش بين الناس بهذه الهيئة الإنسانية ويتحكم فيهم كأنهم حمير .. ولا يرضى بذلك إلا من ارتضى في نفسه أن يكون حمار ..!!

   *****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .