ج21: قصة هاروت وماروت وخاتم سليمان - مناقشة الإمام بن حجر العسقلاني في تحسينه للرواية المنسوبة للنبي محمد في قصة هاروت وماروت.

           بسم الله الرحمن الرحيم

 

رسالة التوضيح والبيان

في قصة هاروت وماروت وخاتم سليمان

وما تلته الشياطين في مملكة سليمان

والتعريف بالتفريق الذي أثبته القرآن

 

 (الجزء الحادي والعشرون)

#- فهرس:

:: الفصل العشرون :: مناقشة كلام الإمام بن حجر العسقلاني في تحسينه لحديث النبي عن قصة هاروت وماروت ::

1- س61: هل قال أحد من أهل العلم بتحسين الرواية المنسوبة للنبي محمد في قصة هاروت وماروت ؟ (مناقشة كلام الإمام ابن حجر العسقلاني).

#- أولا: من هم العلماء الذين صححوا أو حسَّنوا حديث النبي في قصة هاروت وماروت الذي رواه الإمام أحمد.

#- ثانيا: ردود العلماء على الإمام بن حجر العسقلاني في تحسينه قصة هاروت وماروت.

#- ثالثا: قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على كلام الإمام بن حجر ومن والاه من أهل زماننا.

********************

:: الفصل العشرون ::

********************

..:: س61: هل قال أحد من أهل العلم بتحسين الرواية المنسوبة للنبي محمد في قصة هاروت وماروت ؟ ::..

(مناقشة كلام الإمام ابن حجر العسقلاني)

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- من الغرائب التي تجدها في كتب بعض أهل العلم .. هو أن يصحح أو يحسن الحديث المنسوب للنبي في قصة هاروت وماروت .. في حين هو حديث باطل ولا يمكن أن يكون قد قاله النبي أبدا .. لقبح ما جاء فيه عن عصيان الملائكة .. فضلا عن مخالفته الصريحة للقرآن بكل وضوح .. بخلاف ما جاء فيها من جهل ظاهر ومفضوح عن فلك السماء إذ أنزلوا كوكب الزهر في صورة امرأة للفتنة ..!!

 

- تعالوا نشوف ما هي حجة من قال بصحة هذا الحديث النبوي .. ومن هو الذي انتصر له .. ثم نناقشهم فيما ذكروه .. حتى تعلم أنه لا حق لهم فيما ذهبوا إليه .. بل ولا حجة لهم .. ولم يردوا على أي اعتراض على من أنكروا هذه الروايات ..!!

 

- وإليك تفصيل ما ذكرته لك سابقا:

=================

 #- أولا: من هم العلماء الذين صححوا أو حسَّنوا حديث النبي في قصة هاروت وماروت الذي رواه الإمام أحمد.

 #- سبق وذكرنا أن الحديث المنسوب للنبي في قصة هاروت وماروت .. له طريقين ضعيفين سندا .. وهو ما حاول البعض تحسنهما .. وخاصة رواية الإمام أحمد لأن سندها أقل ضعفا من الرواية الأخرى الضعيفة أيضا .. وكلاهما لم يصح.. وذكرنا ذلك عن علماء الأمة سلفا وخلفا ..!!

 

- ولكن البعض رأى أن يصحح أو يحسن حديث النبي الذي رواه الإمام أحمد .. وهو الحديث الأول الذي ذكرناه في الفصل السابق .. وهو الذي رواه الإمام أحمد والبزار وابن أبي حاتم والبيهقي "وهم الذي أنكروا نسبة هذا الحديث للنبي" ..

- هذا الحديث الذي جاء فيه: اعتراض الملائكة على صبر ربهم على بني آدم بالرغم من خطيئتهم .. وأنهم لو كانوا مكانهم ما ضلوا مثلهم .. وفيه أن الزهرة تمثلت في صورة امرأة وافتتن بها الملكين .. وطلبا منها الزنا بها فرفضت إلا بشروط .. وجاء في آخر الرواية: (فسألاها نفسها قالت: لا والله حتى تشربا هذا الخمر، فشربا فسكرا فوقعا عليها، وقتلا الصبي، فلما أفاقا قالت المرأة: والله ما تركتما شيئا مما أبيتماه علي إلا قد فعلتماه حين سكرتما، فخيرا بين عذاب الدنيا والآخرة فاختارا عذاب الدنيا) رواه أحمد وغيره.

 

1- قال الإمام أبو بكر الهيثمي (المتوفى:807 هـ): تعقيبا على هذا الحديث:

- رواه أحمد، والبزار ورجاله رجال الصحيح .. خلا موسى بن جبير، وهو ثقة. (مجمع الزوائد حديث رقم 8175).

 

2- قال الإمام بن حجر العسقلاني (المتوفى:852 هـ) .. تعقيبا على نفس الحديث:

- قال شيخنا الحافظ أبو الحسن "الهيثمي" في "زوائد المسند": رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير موسى بن جبير وهو ثقة.

- قلت: السند على شرط الحسن. (العجاب في بيان الأسباب ج1 ص320).

 

#- وقال بن حجر العسقلاني في كتابه فتح الباري:

- وقصة هاروت وماروت جاءت بسند حسن من حديث بن عمر في مسند أحمد .. وأطنب الطبري في إيراد طرقها .. بحيث يقضي بمجموعها على أن للقصة أصلا خلافا لمن زعم بطلانها كعياض ومن تبعه.

- ومحصلها: أن الله ركب الشهوة في ملكين من الملائكة اختبارا لهما وأمرهما أن يحكما في الأرض فنزلا على صورة البشر .. وحكما بالعدل مدة .. ثم افتتنا بامرأة جميلة فعوقبا بسبب ذلك .. بأن حبسا في بئر ببابل منكسين .. وابتليا بالنطق بعلم السحر فصار يقصدهما من يطلب ذلك .. فلا ينطقان بحضرة أحد .. حتى يحذراه وينهياه .. فإذا أصرَّ تكلما بذلك .. ليتعلم منهما ذلك. (فتح الباري ج10 ص225).

 

#- وقال الإمام بن حجر في كتابه العجاب في بيان الأسباب:

- وقال أبو حيان في تفسيره الكبير الذي سماه "البحر": "وقد ذكر المفسرون في قراءة من قرأ الملكين بفتح اللام قصصا تتضمن أن الملائكة تعجبت من بني آدم" فذكر قصة ملخصة .. إلى أن قال: وكل هذا لا يصح منه شيء، والملائكة معصومون، لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ولا يصح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يلعن الزهرة ولا ابن عمر" انتهى.

 

- وليعتبر الناظر في كلام هؤلاء ..!! والعجب ممن ينتمي منهم إلى الحديث .. ويدعي التقدم في معرفة المنقول .. ويسمى عند كثير من الناس بالحافظ .. كيف يقدم على هذا النفي ويجزم به .. مع وجوده في تصانيف من ذكرنا من الأئمة بالأسانيد القوية والطرق الكثيرة. والله المستعان.

- وأقول: في طرق هذه القصة القوي والضعيف ولا سبيل إلى رد الجميع .. فإنه ينادي على من أطلقه بقلة الاطلاع والإقدام على رد ما لا يعلمه .. لكن الأولى أن ينظر إلى ما اختلفت فيه بالزيادة والنقص فيؤخذ بما اجتمعت عليه .. ويُؤخذ من المختلف ما قوي .. ويُطرح ما ضعف أو ما اضطرب فإن الاضطراب إذا بعد به الجمع بين المختلف .. ولم يترجح شيء منه التحق بالضعيف المردود. والله المستعان. (العجاب في بيان الأسباب ج1 ص342-343).

 

3- ثم جاء الإمام السيوطي (المتوفى:911 هـ) بعد مرو زمن من بن حجر .. وقال:

- (قلت "أي السيوطي") .. قال الحافظ ابن حجر في القول المسدد: قد أخرجه أحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه من طريق زهير بن محمد عن موسى بن جبير عن نافع عن ابن عمر.. وبين سياق معاوية بن صالح وسياق زهير تفاوت .. وله طرق كثيرة جمعتها في جزء مفرد .. يكاد الواقف عليه يقطع بوقوع هذه القصة .. لكثرة الطرق الواردة فيها وقوة مخارج أكثرها. (انتهى).

 

- وقد وقفت على الجزء الذي جمعه .. فوجدته أورد فيه بضعة عشر طريقا .. أكثرها موقوفا وأكثرها في تفسير ابن جرير .. وقد جمعت أنا طرقها في التفسير المسند .. وفي التفسير المأثور فجاءت نيفا وعشرين طريقا .. ما بين مرفوع وموقوف .. ولحديث ابن عمر بخصوصه طرق متعددة من رواية نافع وسالم ومجاهد وسعيد بن جبير عنه .. وورد من رواية علي بن أبي طالب وابن عباس وابن مسعود وعائشة وغيرهم. والله أعلم. (اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة ج1 ص145).

 

- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على كلام السيوطي: لم يقل السيوطي بصحة أو تحسين الحديث المنسوب للنبي كما فعل الهيثمي وتلميذه بن حجر .. ولكن أقصى ما يفهم من كلامه هو أنه وجد طرقا للحديث أكثر من التي وجدها بن حجر العسقلاني .. ولكن ليس هذا معناه الموافقة على تصحيح أو تحسين حديث النبي في أنه قال قصة هاروت وماروت.. (وهذا ما لم ينتبه له بعض الباحثين إذ ظنوا أن السيوطي أقر بصحة القصة) .. وهذا التصحيح لم أجده من السيوطي فيما توافر لي من كتبه. والله أعلم.  

 

4- وأخيرا جاء البعض من أهل زماننا ممن ينشرون على الإنترنت .. فذكر كلاما متبعا ومحتجا فيه بكلام بن حجر العسقلاني .. ثم قال:

- الملاحظ كثرة الروايات في هذه القصة .. ومنها المقبول والمردود .. وكما سبق فهذه القصة قد جاءت بأسانيد صحيحة إلي ابن عباس وعلي رضي الله عنهم .. وهذا كاف للقول بها وإثباتها كما هو الحال عند المحدثين .. فآثار الصحابة رضي الله عنهم إذا ثبتت إليهم بالأسانيد الصحيحة فلها حكم المرفوع والعمل بها واجب .. والله أعلم.

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- ما سبق من تحسين الحديث للهيثمي ثم تلميذه بن حجر العسقلاني مؤيدا له في هذا التحسين .. ثم إنكار بن حجر على من اعترض بهذا الأسلوب السيء جدا والغير لائق بعالم مثله أن يقول به ..  خاصة وأنه بذلك اتهم أمة النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم يزعمون إنكارها وبطلانها وكانهم على باطل .. سواء سابقهم أو لاحقهم لكل من ينكر هذه القصة الخرافية .. وليس فقط الإمام أبو حيان الأندلسي والقاضي عياض .. لأنهم لم يبصروا مثله حقيقة الأمر ولم يجمعوا الروايات مثله .. فمن هؤلاء ليعترضوا وينكروا ..؟!! لأنهم ليسوا مثل بن حجر الذي جمع الروايات فأبصر بما لم يبصروا به ؟!!

 

- وهذا أسلوب من الإمام بن حجر العسقلاني .. لم يعجبني في في رده على العلماء مستعليا عليهم بما جمع من طرق الرواية ومنتقصا منهم أنهم حفظة أو علماء قد يفوقوه علما ومعرفة وبصيرة ..!! (وانظر أسلوبه فيما أشار به للقاضي عياض ومن اتبعه "وهم عموم الأمة") .. (وانظر ما أشار به في حق بن حيان الأندلسي).

 

- وليس بالضرورة أن يسمى العالم عند الناس بالحافظ .. بقدر ما يوصف بكونه فاهم ويتقي الله في أمانة العلم بقدر ما بلغه من العلم ..!!

 

- حقا أصابني نفور من أسلوب النقد الذي اتبعه الإمام بن حجر مع العلماء .. وإن كنت أحبه وأقدره وأتعلم منه وسأظل أتعلم منه وهو عالم جليل قطعا بلا ريب .. ولكنه كان أسلوب سيء في رده على العلماء .. وكان يكفيه أن يقول أن البعض قال كذا .. ويذكر رأيه .. كما يفعل عامة العلماء.

 

- وسبب نفوري من أسلوب بن حجر العسقلاني .. هو أن هذه ليست المرة الأولى الذي يتبع فيها نفس الأسلوب السيء في الرد على العلماء لينتصر لرأيه هو في قصة باطلة وخرافية أخرى .. ولكن لماذا قلت ليست المرة الأولى ومن هم الذين اتبع معهم نفس أسلوب التنقيص من الآخر ؟

 

- لأن الإمام بن حجر العسقلاني في كلامه عن قصة الغرانيق العلا .. وهي قصة تقول أن الشيطان نطق على لسان النبي بقرآن خلاف ما أراد الله للنبي أن ينطقه ..!! وهي قصة منكرة عند عموم علماء المسلمين .. "وسبق وأوضحت ذلك في رسالة خاصة" .. إلا أن هذه القصة الملعونة والخرافية .. أيضا أراد بن حجر العسقلاني أن يجعل منها حقيقة دينية حدثت مع النبي .. ولكن بالرغم من أن هذه مصيبة مهما كان المبرر الذي اخترعه في تفسير هذه القصة الغير قابلة لأي تفسير خلاف ما هي عليه .. إلا أنه اتبع أيضا نفس أسلوب الرد على بعض العلماء .. وإليك ما قال:

 

#- إذ قال الإمام بن حجر عن قصة الغرانيق العلا: لكن كثرة الطرق تدل على أن القصة أصلا ... وقد تجرأ أبو بكر بن العربي كعادته فقال: ذكر الطبري في ذلك روايات كثيرة باطلة لا أصل لها .. وهو إطلاق مردود عليه .. وكذا قول عياض هذا الحديث لم يخرجه أحد من أهل الصحة ولا رواه ثقة بسند سليم متصل مع ضعف نقلته واضطراب رواياته وانقطاع إسناده.." ....

- إلى أن قال بن حجر سبب اعتراضه على من أنكر رواية الغرانيق العلا فقال: " وجميع ذلك لا يتمشى على القواعد .. فإن الطرق إذا كثرت وتباينت مخارجها دل ذلك على أن لها أصلا وقد ذكرت أن ثلاثة أسانيد منها على شرط الصحيح وهي مراسيل يحتج بمثلها من يحتج بالمرسل وكذا من لا يحتج به لاعتضاد بعضها ببعض". (راجع فتح الباري ج8 ص439).

 

@- فإذا كان ابن العربي قد تجرأ وأنكر ما هو خرافة .. فهل من الحق هو إثبات ما فيه خرافة ومعارضة للقرآن لمجرد تعدد طرق القصة .. بل وطرقها فاسدة وباطلة .. أهذا هو الحق أن ننسب للنبي ما هو مكذوب عليه .. من وجهة نظر بن حجر رحمه الله لمجرد أنه يرى تعدد طرق الرواية ..!!

- بل أن قصة الغرانيق هي قصة خرافية .. ومنسوبة بالكذب على النبي وعلى الله وعلى القرآن .. ولا شك في ذلك طرقة عين .. والإمام بن حجر هو من تجرأ وأراد أن يجعل من القصة الباطلة حقيقة دينية .. والإمام بن العربي والقاضي عياض وغيرهما كان على حق في إسقاط هذه القصة الحقيرة جدا .. ورحم الله الجميع وغفر لهم.

==================

#- ثانيا: ردود العلماء على الإمام بن حجر العسقلاني في تحسينه قصة هاروت وماروت.

 

1- قال الإمام شعيب الأرنؤوط رحمه الله في تحقيق صحيح بن حبان حديث رقم 6186 :

- قلت: وقول الحافظ ابن حجر في "القول المسدد" 40-41 بأن: "للحديث طرقاً كثيرة جمعتها في جزء مفرد يكاد الواقف عليه أن يقطع بوقوع هذه القصة لكثرة الطرق الواردة فيها وقوَّة مخارج أكثرها" .. خطأ مبين منه -رحمه الله-.

- ردَّه عليه العلامة أحمد شاكر - رحمه الله - في تعليقه على "المسند" (6178) فقال: أمَّا هذا الذي جزم به الحافظ بصحة وقوع هذه القصة صحة قريبة من القطع لكثرة طرقها وقوة مخارج أكثرها .. فلا .. فإنها كلها طرق معلولة أو واهية إلى مخالفتها الواضحة للعقل .. لا من جهة عصمة الملائكة القطعية فقط .. بل من ناحية أن الكوكب الذي نراه صغيراً في عين الناظر قد يكون حجمه أضعاف حجم الكرة الأرضية بالآلاف المؤلفة من الأضعاف .. فأنَّى يكون جسم المرأة الصغير إلى هذه الأجرام الفلكية الهائلة ..!! (انتهى النقل).

 

2- قال الإمام الإمام عبد الله ابن الصديق الغماري (المتوفى: 1413 هـ) ردا على طرق الحديث التي جمعها بن احجر العسقلاني والسيوطي:

- وقد تتبعت طرقها المشار إليها وأعملت فيها فكري .. فوجدتها قصة شاذة منكرة المعنى ..  تخالف القرآن والسنة وقواعد العلم .. هذا إلى تضارب آلفاظها ورواياتها .. ولیس فيها حديث عن الني صلی الله عليه وآله وسلم صحيح سالم من

علة. (نقلا من كتاب شرح العقيدة الطحاوية لحسن السقاف – وهو نقلها من كتاب قصة إدريس عليه السلام للشيخ الغماري).

 

3- والإمام محمد أبو شهبه رحمه الله (المتوفى: 1403 هـ) – رد على من صحح قصة هاروت وماروت .. وأجاب عن بعض النقاط التي ذكروها .. دون تجريح في أحد .. فقال: 

- وإذا كان بعض العلماء المحدثين .. مال إلى ثبوت مثل هذه الروايات التي لا نشك في كذبها .. فهذا منه تشدد في التمسك بالقواعد، من غير نظر إلى ما يلزم من الحكم بثبوت ذلك من المحظورات، وأنا لا أنكر أن بعض أسانيدها صحيحة أو حسنة، إلى بعض الصحابة أو التابعين، ولكن مرجعها ومخرجها من إسرائيليات بني إسرائيل، وخرافاتهم، والراوي قد يغلط، وبخاصة في رفع الموقوف، وقد حققت هذا في مقدمات البحث، وأن كونها صحيحة في نسبتها لا ينافي كونها باطلة في ذاتها، ولو أن الانتصار لمثل هذه الأباطيل يترتب عليه فائدة ما لغضضنا الطرف عن مثل ذلك، ولما بذلنا غاية الجهد في التنبيه إلى بطلانها، ولكنها فتحت على المسلمين باب شر كبير، يجب أن يغلق.

- ويرحم الله الإمام الحافظ الناقد البصير: ابن كثير فقد نبه على أصل الداء، ووصف له الدواء، وبيَّن الحق والصواب في موقف المسلم من هذه الخرافات. (الاسرائيليات والموضوعات ص164).

 

#- بعض المحدثين: (يقصد بذلك الإمام الهيثمي وتلميذه بن حجر ومن شاركهما الرأي) ..

 

@- وكان الإمام محمد أبو شهبة يجيب ضمنيا على من يصحح أسانيد متونها باطلة .. فيقول:

- بعض هذه الروايات حكم عليها بعض حفاظ الحديث بأنها صحيحة السند أو حسنة السند، أو إسنادها جيد، أو ثابت، ونحو ذلك .. فماذا تقول فيها ؟!

- والجواب: أنه لا منافاة بين كونها صحيحة السند، أو حسنة السند أو ثابتة السند، وبين كونها من إسرائيليات بني إسرائيل وخرافاتهم وأكاذيبهم .. فهي صحيحة السند إلى ابن عباس، أو عبد الله بن عمرو بن العاص، أو إلى مجاهد، أو عكرمة، أو سعيد بن جبير وغيرهم .. ولكنها ليست متلقاة عن النبي .. لا بالذات ولا بالواسطة .. ولكنها متلقاة عن أهل الكتاب الذين أسلموا .. فثبوتها إلى من رويت عنه شيء .. وكونها مكذوبة في نفسها أو باطلة أو خرافة .. شيء آخر .. ومثل ذلك: الآراء والمذاهب الفاسدة اليوم .. فهي ثابتة عن أصحابها .. ومن آرائهم ولا شك .. ولكنها في نفسها فكرة باطلة .. أو مذهب فاسد. (الاسرائيليات والموضوعات ص96).

 

@- وكان قال الإمام أبو شهبة عن الروايات المنسوبة للصحابة والتابعين وهي في حقيقتها كذب:

#- راوية الكذب ليس معناه أنه هو الذي اختلقه:

- وأحب أن أنبه هنا إلى حقيقة وهي: أنه ليس معنى أن هذه الإسرائيليات المكذوبات والباطلات مروية عن كعب الأحبار، ووهب بن منبه، وعبد الله بن سلام .. وأمثالهم أنها من وضعهم واختلاقهم .. كما زعم ذلك بعض الناس اليوم.

- وإنما معنى ذلك: أنهم هم الذين رووها .. ونقلوها لبعض الصحابة والتابعين من كتب أهل الكتاب ومعارفهم .. وليسوا هم الذين اختلقوها .. وإنما اختلقها وافتجرها أسلافهم القدماء.

- ولم يقل أحد من أئمة الجرح والتعديل على حصافتهم وبُعد نظرهم: أن كعبا، ووهبا، وعبد الله بن سلام، وتميم الداري، وأمثالهم  ..كانوا وضاعين يتعمدون الكذب .. والاختلاق من عند أنفسهم ..

- وإنما الذي قالوه عنهم: أنهم كانوا هم الواسطة في حمل ونقل معارف أهل الكتاب إلى المسلمين .. وأن البعض رواها عنهم، فليس الذنب ذنبهم .. وإنما الذنب ذنب من نقلها .. ورواها عنهم من غير بيان لكذبها وبطلانها. (الاسرائيليات والموضوعات ص96-97).

 

#- وقال الإمام محمد أبو شهبه عن أحاديث الصحابة التي يمكن أن يكون لها حكم المرفوع.

#- إن الموقوف على الصحابة يكون له حكم المرفوع إلى النبي بشرطين:

1- أن يكون مما لا مجال للرأي فيه.

2- أن لا يكون راويه معروفًا بالأخذ عن أهل الكتاب الذين أسلموا وبرواية الإسرائيليات. (الاسرائيليات والموضوعات ص95).

 

================

 #- ثالثا: قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على كلام الإمام بن حجر ومن والاه من أهل زماننا.

 

1- منذ متى وتعدد طرق الباطل ترتقي به ليكون حقا ..؟!! فإذا كانت متون الروايات فيها من المنكر ما لا يقبله قلب سليم ولا عقل رشيد ومخالف للقرآن مخالفة ظاهرة وواضحة جدا .. فما قيمة هذه الأسانيد حتى لو صحت .. ؟!!

 

#- فعجبا للإمام بن حجر .. وكأن الحديث يصح بمجموع طرق الروايات دون صحة متون الروايات .. !! فمن متى وصحة الحديث تكون بالسند دون المتن ؟!!

 

- بل ومنذ متى تصح روايات الإسرائيليات لو تعددت طرقها .. حتى تصبح معتقد في الدين الإسلامي ؟!!

 

2- لماذا الإمام بن حجر لم يذكر .. كلام رواة الحديث أنفسهم الذين رووا هذه الأحاديث المنسوبة للنبي .. وذكروا أنها لا يصح رفعها للنبي ؟!!

- أي لماذا الإمام بن حجر لم يذكر آراء الذين رووا هذه الأحاديث المنسوبة للنبي وهم أحمد والبزار وابن أبي حاتم والبيهقي .. وجمعيهم طعنوا في صحة نسبتها للنبي وقالوا أن الذين قالها هو كعب الأحبار ..؟!!

- فهل بن حجر كان يرى في نفسه أنه أكثر فهما ممن رووا هذه الأحاديث وكتبوها في كتبهم .. أم ماذا ؟!!

- عجبا .. ثم عجبا ..!!

 

3- والحديث الذي حكم عليه بن حجر بتحسينه .. وهو حديث رواه الإمام أحمد والبزار وابن ابي حاتم والبيهقي .. فهذا حديث لا يمكن أن يصح .. لا سندا ولا متنا .. وسبق وأوضحنا ذلك وذكرنا كلام العلماء فيه .. إذ أن موسى ين جبير أحد رواة حديث أحمد ليس ثقة كما وهم الهيثمي .. بل مستور الحال ولا نعلم حاله .. كما ذكر بن حجر بنفسه ذلك .. ومع ذلك استباح تحسين هذا الحديث نبوي بدلا من منع الناس منه .. بالرغم من معرفته بعلة هذا السند .. وسبب تحسينه للحديث متحججا بكثرة طرق القصة التي رواها صحابة وتابعين .. في حين كثير من طرقها فاسد وباطل سندا ..، ولكن ما علاقة صحة الأسانيد والمتون كلها باطلة ولا يمكن أن يصح منها شيئا ..!! فسقطت القصة كلها لمخالفتها القرآن.

- فأي أسانيد هذه التي يتكلم عنها بن حجر ..؟ وكأنها روايات بأسانيد دون متون ..!!

 

5- لماذا لم يجيب بن حجر عن المطاعن الموجهة للرواية التي قام بتصحيحها ؟!! بدلا من الإنكار على من أنكر وذكر أسباب إنكاره ؟!!

 

6- أما عن غريب ما قاله بن حجر في كلامه الذي نقلته عنه سابقا فهو هذا النص: " في طرق هذه القصة القوي والضعيف ولا سبيل إلى رد الجميع .. فإنه ينادي على من أطلقه .. بقلة الاطلاع والإقدام على رد ما لا يعلمه .. "لكن الأولى أن ينظر إلى ما اختلفت فيه بالزيادة والنقص فيؤخذ بما اجتمعت عليه .. ويُؤخذ من المختلف ما قوي .. ويُطرح ما ضعف أو ما اضطرب".

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على ما ذكره بن حجر:

- يعني نجيب الروايات الخاصة بقصة هاروت وماروت .. ونقصقص منها ما هو متفق عليه وما هو مختلف عليه نتركه .. ثم نقدم هذا المتفق عليه للمؤمنين على أن هذا هو الحق .. ونقول لهم مبروك عليكم قد أخرجنا لكم قصة واحدة من عشرين قصة مختلفة .. وهذا هو دينكم ومعتقدكم الذي يجب أن تعتقدوه في دينكم عن هاروت وماروت .. وهذا من وجهة نظر بن حجر أفضل من إنكار القصة كلها ..!!

- هذه القصة التي رواها لنا يهودي قد أسلم وهو كعب الأحبار وحكاها لنا من معتقدات اليهود التي كان يعرفها ..!!

 

- لا أدري ماذا أقول ؟ وكأن عقلي توقف من فاجعة المنطق الذي تكلم به لن حجر رحمه الله ..!!

 

- ولكن سأكتفي بسؤال واحد فقط: هل هذا أسلوب يطمئن له المؤمن حين يقوم بصناعة وتلفيق قصة يصنعها بيده من عدة روايات أكثرها باطل ويرويها كذابين ولا علاقة لها بالدين أصلا ..!!

- سبحانك يارب .. هذا بهتان عظيم.

 

7- الإمام بن حجر كان ينادي في كلامه السابق .. أن من يرد هذه القصة فإنه قد وصفه: "بقلة الإطلاع والإقدام على رد ما لا يعلمه" ..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على ما ذكره بن حجر:

- وهل تلفيق القصة وإخراجها من عشرين رواية أغلبها باطل والصحيح هي رواية يهودية المنشأ .. ونجعل منها معتقد للناس .. فيكون هذا هو العلم الحق الذي مبني على سعة الإطلاع من وجهة نظر الإمام بن حجر ..؟!!

 

8- الإمام بن حجر قال تعليقا على إنكار الإمام ابن حيان الاندلسي: " والعجب ممن ينتمي منهم إلى الحديث .. ويدعي التقدم في معرفة المنقول .. ويسمى عند كثير من الناس بالحافظ .. كيف يقدم على هذا النفي ويجزم به".

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على ما ذكره بن حجر:

- وهل تلفيق القصة من عدة روايات مختلفة "أكثرها باطل سندا وكلها باطل متنا" .. هذه هي مهمة الإمام الحافظ الذي يدعي التقدم في معرفة المنقول ..؟

- عجبا ..!!

 

9- من جملة كلام الإمام بن حجر السابق ذكره .. ذكر أن الملكين حكما بالعدل مدة .. ثم انحرفوا .. فمن أين أتي الإمام بن حجر بجزئية بقائهم مدة يحكمون بالعدل بين الناس في الحديث الذي حسنه ونسبه للنبي وهو ما رواه أحمد .. إذا كان الحديث ليس فيه هذه المعلومة أصلا ؟!!

 

#- لكن الحقيقة .. أن جزئية بقائهم فترة يعدلون بين الناس مذكورة في أحد الروايات المنسوبة لبعض الصحابة .. والتي هي مأخوذة باللفظ من سفر اليوبيلات اليهودي المكتوب في القرن الثاني قبل الميلاد .. والذي سبق وتكلمنا عنه في الفصل السابق ..!!

 

10- وبنفس منطق الإمام بن حجر ومن والاه .. في أن تعدد طرق الحديث الإسرائيلية عن الصحابة .. تجيز لهم رفعه للنبي .. فعلى هذا المنطق المغلوط .. فيجوز أن تكون قصة الشيطان الذي سرق ملك سليمان ممكن حدوثها .. وأن الشيطان كان يجامع نساء سليمان في وقت الحيض وكأنهن عاهراته ليكسر عين سليمان وهو غائب عن ملكه .. والله لا وجود له في تلك القصة أصلا .. فيكون كل ذلك جائز أن نعترف به لتعدد طرق الروايات بل وصحة بعضها كما زعم البعض عن ابن عباس ..!!

- أو نقوم باختراع رواية جديدة من عدة روايات تتعلق بسرقة الشيطان لملك سليمان ونخرج للناس قصة جديدة كتبتها أيدينا .. على منطق بن حجر ..!!

 

- فما المانع هنا من رفض هذه الروايات الحقيرة .. التي فيها الشيطان عامل زوجات سليمان كالعاهرات .. وفيها تعظيم لكيد الشيطان على الأنبياء .. طالما تعددت طرق الرواية ؟!!

 

11- أما عن مسألة أن الصحابة قد قالوا روايات عن قصة هاروت وماروت .. وأن هذه مسألة غيبية ولابد أن يكونوا سمعوها من النبي .. فهنا نقول ردا على ذلك المنطق المشوه الذي ينكره العقل وواقع الأحاديث نفسها:

أ- لماذا الصحابة الذين رويت عنهم قصة هاروت وماروت .. مثل (ابن عباس وبن مسعود وعلي وعمر ) .. لم يذكروا النبي ولا مرة في روايتهم لهذه القصة .. ؟!! ما عدا فقط عبد الله بن عمر .. وقد ثبت بطلان هذه الرواية المنسوبة للنبي من طريقه ..

- فهل نسى هؤلاء الصحابة أن يذكروا أن النبي أخبرهم بذلك ؟!!

- أم أن هذا باطل ؟!!

- أكيد باطل.

 

ب- ولو كان المنطق هو نسبة حديث للنبي بسبب رواية عدد من الصحابة لقصة إسرائيلية .. فعلى هذا المنطق الفاسد جدا .. فقد أتت روايات عديدة في قصة فتنة سليمان وتم روايتها عن عدد من الصحابة والتابعين .. ومع ذلك كان للنبي حديث صحيح مخالف تماما لكل الروايات التي قيلت في فتنة سليمان .. وهذا يثبت خرافة المنطق الذي يقول أن رواية عدد من الصحابة لقصة غيبية هو دليل على أن النبي قد قالها .. لا .. بل هذا منطق باطل جدا .. بل قد يكون الصحابة الذين ذكروا هذه القصة قد سمعوها مما قاله الناس في زمنهم وهذا على افتراض صحة أنهم قالوا بذلك أصلا وليست أسانيد ملفقة بالباطل للصحابة ..!!

 

12- والأغرب والأعجب .. أنه لو كان النبي قد قال أن هاروت وماروت وخكى لهما قصة فعلا .. وأنهما ملكان .. ما كان اختلف العلماء على كونهما ملكين أم رجلين .. وهذا الخلاف معلوم في كتب المفسرين سلفا وخلفا ..!!

- فكيف يجزم الإمام بن حجر بصحة نسبة هذه الروايات ويجعل منها حقيقة دينية قد قالها النبي ؟!!

- لاحول ولا قوة إلا بالله..!!

 

13- والذي يقول بتحسين هذه القصة اتباعا لابن حجر .. فهذا معناه أنه يجوز في عقيدته أن الملائكة يجوز أن تكون خائنة للأمانة وزانية وشاربة للخمر وعابدة للأصنام وقاتلة للصبيان وتعترض على ربها ..!!

- فهل هذه عقيدة القرآن في الملائكة .. حتى يصحح بن حجر هذه القصة الحقيرة بل ويحسِّن نسبتها للنبي .. وكأن النبي هو من قال بذلك ؟!!

- فما هذا الغلط الفاحش ..!!

 

14- والذي يقول بتحسين هذه الرواية المنسوبة للنبي التي رواها الإمام أحمد وغيره .. فهو حينئذ لابد أن يقول بتكذيب القرآن .. إذ أن الرواية التي أشار لتحسينها بن حجر فيها تكذيب للقرآن واضح ومفضوح .. وهو أن الملائكة تكلموا مع ربهم حينما أراد أن يجعل في الأرض خليفة .. وليس كما قالت الرواية أن الملائكة تكموا مع الله بعد أن نزل آدم وانتشرت ذريته في الأرض وعصوا .. !!  

 

15- والذي يقول بصحة او تحسين الرواية التي صححها بن حجر .. فهو يعتقد حينئذ أن كوكب الزهرة ما هو إلا امرأة زانية شاربة خمر وعابدة صنم .. !!

- فأي عقل يقبل بهذه الخرافات لأجرام موجودة قبل خلق الناس ولم يتغير فيها شيئا.

 

16- والذي يقول بتحسين الحديث الذي حسنه بن حجر .. فهو يقول أنه يمكن عذاب الملائكة في الآخرة ..!!

- فأي نص يقول بذلك ؟!!

- وإلا فهذا افتراء على الله حينئذ بما لم يقل به ؟!!

 

17- وأخيرا أقول .. عن الذي أخذ كلام بن حجر في زماننا هذا ونشره على الإنترنت منتصرا به .. وأراد أن يقوم بإحياء القصة مرة أخرى .. بل قال بمنتهى الإستخفاف بعقول المؤمنين .. فزعم أن آثار الصحابة لو ثبتت فالعمل بها واجب .. وبما أنه من وجهة نظره أن الآثار المروية عن الصحابة قد ثبتت .. فهذه القصة واجب العمل بها .. يعني المفروض منك كمؤمن أن تعتقد الآتي:

- "واجب عليك أنت كمؤمن: أن تعتقد في الملائكة أنهم عرضوا الزنا على امرأة .. ثم مارسوا الزنا معها فعلا .. وشربوا الخمر .. وسجدوا للأصنام .. وقتلوا صبيا أو رجلا على حسب اختلاف الروايات .. وخانوا أمانة الله بتعليم الإسم الأعظم للمرأة التي افتتنوا بها .. وأن هذه المرأة كانت كوكب الزهرة فتحولت ونزلت للأرض في صورة امرأة .. أو حسب روايات أخرى كانت امرأة وتحولت لكوكب الزهرة".

 

- فهكذا لو أنت اعتقدت بذلك .. فأنت أصبحت مؤمنا حقا ..!!

 

- وبخلاف ذلك فإيمانك فيه مشكلة .. والجحود بالعقيدة كفر .. إذ أن من يكفر بالجزء فهو كافر بالكل حسب أصول الدين القرآنية .. كما قال تعالى في منهجية اليهود: (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ) البقرة:85 ..!!

 

- تخيل يا مؤمن .. بلغت بهم الجرأة أن جعلوا هذه الرواية الحقيرة في قصة هاروت وماروت .. حقيقة دينية ومعتقد يجب أن تؤمن به وإلا فأنت ستكون كافر بجزء من العقيدة .. والكافر بالبعض كافر بالكل ..!!

 

- فما أجرأهم ..!!

 

18- تخيل يا مؤمن .. جعلوا آمنوا بخرافة دينية عن رواية منقولة من تلمود اليهود المكتوب قبل نزول الإسلام بثلاثة أو أربعة قرون .. ومن بعض أسفار اليهود المكتوبة قبل ظهور الإسلام .. بل وقالها كعب الأحبار الذي كان يهوديا فأسلم ويظهر من كلامه أنها منقولة من معتقدات اليهود .. بل ولم ينسب هذه القصة للنبي من أي أحد من الصحابة سوى عبد الله بن عمر .. وروايته مطعون عليها .. إلا أنه بالرغم من كل ما سبق أرادوا أن يجعلوا من قصة هاروت وماروت المذكورة في الروايات أنها حقيقة دينية إسلامية واجب الإعتقاد فيها .. وإلا فأنت عقيدتك فاسدة ..!!

- حسبنا الله ونعم الوكيل.

 

19- الغريب والعجيب جدا .. أن من اهتم بتحسين هذه القصة الباطلة عن هاروت وماروت .. قد تعاموا عن القرآن .. وأن هذه القصة المزورة لم يذكرها القرآن أبدا .. حتى هذه القصص المزورة لم تذكر نزول الملكين على اليهود .. ولا تعليم الناس .. ولا أي شيء مما هو مذكور في القرآن ..

- فأين كان الإمام بن حجر من القرآن .. وكل من أتبعه .. ؟!!

 

20- ويتبقى السؤال: لماذا ننسب للنبي حديث لم يقل به ..؟! ولم ينسبه الصحابة أنفسهم للنبي .. ورواة الحديث أنكروا نسبته للنبي .. والروايات عن قول الصحابة أكثرها باطل وتالف السند .. والروايات في القصة مضطربة وفاسدة جدا ومخالفة للقرآن وبعضها فيه حقارة جنسية .. ؟!!

- ليه ؟!! ليه ؟!! ليه ؟!!

- ليه نقبل شيء كده في دينا .. ليه ؟!!

- ليه نفتن الناس .. ليه ؟!!

 

 #- خلاصة القول أخي الحبيب:

- أن الإمام الهيثمي وتلميذه بن حجر رحمهما الله .. قد قالا بتحسين حديث منسوب للنبي في قصة هاروت وماروت .. وهذا التحسين هو باطل بكل ما تحمله الكلمة من معاني .. وعلماء الأمة من مختلف المذاهب على بطلان هذه القصة الخرافية المنسوبة للنبي عن هاروت وماروت .. بل وبطلان ما هو منسوب للصحابة والتابعين .. لأن القصة ذاتها هي باطلة مهما كان من قالها .. وقد سبق توضيح ذلك في الفصل السابق والذي قبله.

 

- والجميع يخطيء مهما بلغ في العلم .. فلا تعظم من كلام عالم وتتخذه دليلا وحجة قبل أن تتحقق من العلم الذي خالف فيه عموم الأمة .. وسبحان الله الذي له الكمال.

  

- ولا تصدق أخي الحبيب .. كل ما يتم نشره لك على الإنترنت .. فما أكثر الباطل على الإنترنت وأيضا فيه من الحق ما فيه .. ونعوذ بالله من الفتنة ..!!

 

#- واعلم أخي الحبيب:

1- حينما يقول محدث:  أن الرواه كلهم ثقات فليس معنى ذلك أن الحديث صحيح ..!! انتبه

- إذ قد يكون الإسناد نفسه فيه علة تمنع من قبوله مثل حدوث انقطاع في السند أو غير ذلك .. أو قد يكون المتن باطل.

2- تصحيح السند ليس معناه صحة المتن .. إذ قد يكون المتن باطل أو فيه نكارة.

3- القصص الإسرائيلية .. ما هي إلا سمعيات غيبية .. والسمعيات للأمور الغيبية ليس لها اعتبار كمعتقد في الشريعة الإسلامية .. إلا لو ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قالها في حديث صحيح بلا خلاف عليه عند الراسخين في العلم.

4- لا تنسى قوله تعالى: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا) النساء:59.

- والله أعلم. 

*****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .