التسليط الإلهي على الفرد والمجتمع والأُمَّة .. نفوس مريضة بأعمال سيئة وعبادة النفس !! .. وقلوب طامعة وألسُن حاقدة وجوارح مؤذية .. وبعد ذلك : لماذا وقف الحال ولماذا الإبتلاء ؟

بسم الله الرحمن الرحيم

.. التسليط الإلهي على الفرد والمجتمع والأُمَّة ..

.. نفوس مريضة بأعمال سيئة وعبادة النفس !! ..

.. وقلوب طامعة وألسُن حاقدة وجوارح مؤذية ..

.. وبعد ذلك : لماذا وقف الحال ولماذا الإبتلاء ؟ ..

* فهرس الموضوع :

1- حاسبوا أنفسكم .. قبل أن تحاسبوا ؟

2- عبادة نفس .. أم .. عبادة لله ؟

3- نفوس لا ترى أنها مذنبة ؟

4- نفوس طامعة .. أم قلوب وَجِلَة ؟ ؟

5- نفوس لا ترى أن ذنوبها تستحق العقاب ..؟

6- رؤية الأعمال .. والإمتنان على الله ؟

7- محقرات الذنوب .. وهلاك الإنسان ؟

8- دائما هناك سبب .. مِن أعمالهم سُلِّطَ عليهم !! ؟

9- إذا ظهرت هذه الإبتلاءات .. فسينزل العقاب ؟

10- من أين أتت هذه المقولة " من أعمالهم سُلِّطَ عليهم " ؟

11- كلام نفيس لابن القيم حول التسليط الإلهي ؟

12- لماذا لا تريد الرجوع إلى الله طالبا العفو والغفران ؟

13- أهم يُقسِّمُون رحمة ربك ؟

14- التدابير الإلهية .. وطرق الله الخفية ؟

15- تسليطات إلهية على أمم ومجتمعات بسبب ذنوبهم ؟

16- هل حاسبت نفسك .. قبل أن تتهم ربك ؟

17- هل لأنك مسلم . فلن يعاقبك الله ؟

18- تمثيليات التوبة .. ومسلسل دعوت الله ولم يستجب لي ؟

19- سؤال: كيف تكون الذنوب لعنة تطارد الإنسان ؟

 **************************

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. مع موضوع جديد نختم به ما بدأناه من علاقة الذنوب والأعمال السيئة بالتسليط الإلهي على الإنسان بسبب غفلته وبعده عن الله ..

* ونوضح بأدلة جديدة ونؤكد مرارا وتكرارا بأن ما نحن فيه ما هو إلا حصاد ما صنعته أيدينا .. طالما نحن متجاهلون إيماننا بالله ومبتعدون عن منهج الله .. ومتبعون غير سبيل المؤمنين ..

والله لا يظلم الناس شيئا ..

ودائما ما نجد أغلب النفوس المحيطة بنا .. تحب أن تسمي مصائبها .. ابتلاء إيماني روحاني .. هروبا من مواجهة الحقيقة .. ومن باب المواساة للنفس الأمارة بالسوء .. !!

:: ولكن لماذا أقول على هؤلاء بأنهم نفوس أمارة بالسوء .. ؟ ::

1- لأن هل سمعتم يوما أن من شروط الابتلاء الإيماني أنه يدعوك إلى الشكوى الدائمة من الله والإعتراض على قضاءه فيك ؟!!

2- ولماذا لم تقل أنه عقاب إلهي وتأديب رباني حتى ترجع إليه بالتوبة وطلب الغفران ..؟!

3-  رؤيتك لنفسك أنك من المؤمنين الصادقين .. ما هو إلا رعونة في النفس تسبب لك الاستكبار على الاعتراف بذنوبك في حق الخالق والخلق .. !!

4- وهل اتخذت عند الله عهدا حتى تظن بنفسك الخير .. والولاية عند الله ؟ .. أم هي تمثيلية نفسية جديدة تتلاعب بها حتى لا تنظر إلى ذنوبك ؟!!

5- ما يثبت أنك مُدَّعِي .. هو تجاهلك لقوله تعالى : ( وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ ) المؤمنون60 .. فلو كنت من أصحاب القلوب الوَجِلَة .. لكنت دائم الإتهام لنفسك بالتقصير .. ولكنك دائما تحسب نفسك على خير .. وقلبك طاهر .. ولسانك ينطق بالخير .. فبأي شاهدٍ أنت تشهد لنفسك بذلك .. والحديث والقرآن يشهدان عليك ؟ (سيأتي الدليل وسط المقال) .

6- فلو كنت مؤمن كما تظن وتعتقد .. فما هذا الإيمان الذي يدعو إلى الطعن في قضاء الله وعدم الرضا به ؟!!

7- لم يمدح في نفسه ولم يرى عمله ولم يُعجَب بحاله ولم يستكبر عن الإعتراف بذنبه .. سوى مخلوق واحد حذرنا منه رب العالمين .. وهو الشيطان الرجيم .. وهو أول من نسب الخيرية لنفسه في الملأ الأعلى .. ( قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ ) الأعراف12

* فهذا هو حالك يا إنسان .. تستكبر عن الإعتراف بأخطاءك ظنا منك أن عبادتك الكثيرة شفيعة لك عند ربك .. كما ظن إبليس التعيس ذلك من قبل !!

وظننت الخيرية في نفسك حتى استكبرت على ربك !! .. فوجدت نفسك تستكبر عن الإعتراف بأخطاءك .. ونسبت للقدرة الإلهية أنها أخطأت في حقك وأنك لا تستحق ما أنت عليه وتعيش فيه ..!!

* عموما ظن بنفسك كما تشاء .. واعتقد في نفسك الخير والولاية كما تحب .. ولكن تذكر شيئا واحدا ..

أن مَن أراد أن يُحسن الظن بربه .. فليسيء الظن بنفسه .. فإن النفس أمارة بالسوء إلا من رحمه ربي ..

واعتقد أنك لست افضل من الصحابي الذي قال : ( لو أحد قدمي في الجنة والأخرى خارجها ما أمنت مكر الله ) ..

نبدأ بسم الله

توكلت على الله

***************************

..:: حاسبوا أنفسكم .. قبل أن تحاسبوا ::..

كثير منا يحب أن يحاسب الآخرين على أعمالهم .. بل نحن نجيد فن الطعن في الآخر .. ولكن للأسف لا نجيد فن الطعن في أنفسنا .. ولو أننا فعلنا ذلك .. لكانت أمور كثيرة قد تغيرت في حياتنا .. !!

* والسبب أننا لا نطعن في أنفسنا .. هو رؤيتنا لأنفسنا بأننا على خير .. وأننا برآء من الذنوب !!

ولكن ما أراه حقيقة .. هو أننا نتكلم عن نفسٍ أمارة بالسوء .. !

* ولعل البعض ينفر إذا قلت له واجه ذنوبك .. وكأنك سببته أو شتمته .. وكأنه معصوم من الخطأ .. !! ( وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ ) البقرة206

* ويستكبر أن يراجع ذنوبه في حق الخلق وحق الخالق ..!! .. لأنه يرى أنه لم يفعل ما يستوجب عليه أي عقاب من الله .. والسبب هو أنه لم يسرق ولم يزني ولم يقتل ..؟!!

وكـأن الجريمة في حق الخلق والخالق تتوقف عند هذه الأمور ..!!

* اقرأ معي قوله تعالى : ( إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ ) النور15

* شرح التفسير الميسر : ( حين تتلقفون الإفك وتتناقلونه بأفواهكم، وهو قول باطل ، وليس عندكم به علم ، وهما محظوران: التكلم بالباطل ، والقول بلا علم ، وتظنون ذلك شيئًا هيِّنًا ، وهو عند الله عظيم . وفي هذا زجر بليغ عن التهاون في إشاعة الباطل ).

* واقرأ معي حديث الرسول صلى الله عليه وسلم .. حيث يقول ( إنَّ العبدَ ليتكلَّمُ بالكلمةِ من رضوانِ اللهِ ، لا يُلقي لها بالًا ، يرفعُ اللهُ بها درجاتٍ ، وإنَّ العبدَ ليتكلَّمُ بالكلمةِ من سخطِ اللهِ ، لا يُلقي لها بالًا ، يهوي بها في جهنَّمَ )

* وآه .. مما تفعله أَلْسِنَةَ النساء من الكلام على الآخرين .. خاصة فيما يتعلق بالأمور الروحانية .. حيث ينسبون للأخريات فعل السحر والشعوذه .. بالباطل وبلا دليل .. ثم يقلن .. لماذا حالنا متوقف ..؟!

يهتكون أعراض الخلق .. ويقلن لماذا أحوالنا متوقفه .. ؟!!

أمر عجيب !!

* وهذا ليس حال النساء فقط بل والرجال أيضا أصبحوا يشاركوا في هذه الرذيلة القبيحة وهي اتهام الناس في شرفها وعرضها .. !!

وكأن هؤلاء لم يقرأوا قوله تعالى : ( وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً ) النساء9

فهل يخاف هؤلاء على أولاده من الضياع .. وليقل الحق دائما .. حتى يكون أعماله الصالحة بركة لأولاده من بعده .. !!

لأن العمل الصالح تظل بركته موجودة حتى بعد الموت .. واقرأ معي قوله تعالى : ( وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ ) الكهف82

فكان العمل الصالح .. مددا لأولاده من بعده لأنه حافظ على الكنز لأولاده من بعده .. أليس كذلك ؟!

* لماذا لا نفوض أمورنا لله ؟ لماذا نتهم الغير ؟ لماذا نأكل لحوم الآخرين بالباطل ؟

هل لأنه يوجد عداء أو مشاحنة .. فهذا سبب يجعلنا نتهم الآخرين بهذه التهمة القبيحة الملعونة ؟

* أنتم لا تعلمون أبعاد اتهام الآخرين بهذه التهمة الملعونة ( فلان يصنع سحرا ) .. لأنكم بذلك تكونوا قد أفسدتم عائلة بأكملها وقمتم بالتشهير بها .. وفي الحقيقة هم بريئون من هذه التهمة ..!!

فماذا ستقول غدا أمام الله ؟!!

هل تعلم أنك قمت بفتنتهم بقصد الفضيحة وإلحاق العار بهم .. !!

* يا ويلك من رب العالمين .. واقرأ معي قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ ) البروج10

فأبشر يا من تخوض في أعراض الخلق .. بعذاب جهنم وعذاب الحريق إن لم تتب عن ذلك ..

هل علمت أن الأمر لا يتوقف على السرقة والزنا والقتل ..؟!

بل يتوقف على نفسك الأمارة بالسوء .. فانتبه لحالك .. وأمسك لسانك .. وسائر جوارحك قدر استطاعتك ..

* قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ( حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا ، وَزِنُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُوزَنُوا ، فَإِنَّهُ أَهْوَنُ عَلَيْكُمْ فِي الْحِسَابِ غَدًا ، أَنْ تُحَاسِبُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ ، وَتَزَيَّنُوا لِلْعَرْضِ الأَكْبَرِ ، يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ ) .

******************************

..:: عبادة نفس .. أم .. عبادة لله ؟ ::..

البعض يحلو له أن يُحسن الظن بنفسه .. لمجرد أنه يصلي أو يقوم بالفرائض .. وكأن الدين هو هكذا فقط .. بدون صدق في المعاملات مع الخلق والخالق .. بدون صدق في العبودية مع الله .. فَمَن تخدع بظنك هذا ..؟

* انتبه لنفسك واتهمها كثيرا .. فإنها أمارة بالسوء إلا من رحمه الله وحفظه بعين عنايته ..

وكفاك تمثيلا واستخفافا بعلاقتك بربك .. والنواح بمسرحية الابتلاء الإلهي العظيم لاختبار إيمانك القوي ..!!

* فأين هذا الإيمان الذي أنت تزعمه .. وأنت ساخط على قضاء الله وقدره .. وتسير في كل حياتك وأنت تشكو الله إلى خلق الله .. وكأن الله ظلمك في حياتك .. وتحمل بين ثنايا كلماتك " أن الله ظلمك " لولا أنك تخاف رد فعل الناس عليك .. !!

وما ذلك إلا لعبادتك لنفسك .. وليس لربك .. !!

* وتظل تزعم انك تصلي وتصوم وتقرأ قرآن ووو .. فأين صلاتك وصومك وقرآنك في الحقيقة ؟ .. وأنت تسير تَتَّهِم الله في فعله الذي فعله بك ؟!

أي تمثيليات تعيشها وتقنع نفسك بها .. وأنت تعلم أنك فاقد الإيمان .. لأنك لو كنت مؤمنا بقلبك .. ما كنت تتهم الله وتشكوه للخلق .. وتظل كارها لحياتك ومن حولك .. تعيش في غرفة تندب حظك وأيامك .. وتلعن قدرك .. ثم تقول .. أنت تصلي وتصوم ..!!

* فأي صلاة وأي صوم وأي قرآن هذا ؟

* ألم تفهم من صلاتك . أنها وصل القلب بالله .. ولذلك قال عنها النبي لبلال ( أرحنا بها يا بلال ) ؟

* ألم تعقل من صومك .. أن الصوم حقيقته إمساك الظاهر والباطن عما حرمه الله .. فلا تفعل بجوارحك ما تؤذي به نفسك والخلق ، ولا تفعل بباطنك أي بقلبك بأن تحرك نوازع الغل والغضب والكراهية والحسد وغير ذلك .

* ألم تفهم أن القرآن قال لك أن الله سيفتنك حتى تنكشف حقيقتك أمام نفسك ( إما صادقا أو كاذبا ) : ( أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ . وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ) العنكبوت 2-3 ..

* سهل أن تقول أنك مؤمن صادق .. ولكن مستحيل أن تكذب على الله ..!!

سهل أن تخدع الناس بكلماتك .. ولكن مستحيل أن تخدع الله ..!!

سهل أن ترضى بما تمليه عليك نفسك .. ولكن مستحيل أن يرضى عليك الله وأنت تعبد نفسك .

* الإيمان عمل بالظاهر والباطن .. وليس مجرد قولا باللسان ..

***********************************

( صنفين من النفوس الضالة )

(1)

نفوس لا ترى أنها مذنبة ؟!!

..:: نفوس طامعة .. أم قلوب وَجِلَة ؟ ::..

( وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ ) المؤمنون:60

معنى قلوبهم وَجِلَة : أي خائفة أن لا يتقبل منها عملها

* حوارات من الزمن الماضي .. أذكر ملخص لكم .. في نقاط مختصرة .. حتى تفهم القلوب التي نعيش معها .. وكيف يتم شحنها من مشايخ تعلموا أن يفسدوا القلوب .. بالنظر بعين المنة والفضل على الله .. ومن ناحية أخرى النظر بعين النقص لمن ليس على شاكلتهم .. !!

هذا الكلام كان في حوار مع صديق .. كان يمر بضيق بسبب ظروف في حياته .. فتكلم معي .. والعجيب أن مثل هذا الحوار وهذا الفكر لازال موجودا .. بل ويزداد سوءا وانهيارا في فهم الإبتلاء ..!!

قال : أراني في ابتلاء

قلت : ولم لا تقول عقاب

قال : من باب حسن الظن بالله

قلت : أم حسن الظن بالنفس حتى لا تعمل مع الله

قال : أراني مؤمنا والحمد لله وبعمل الفروض اللي عليه

قلت : ومن قال لك انه قبلها منك .. هل أتَّخَذْتَ عند الله عهدا ؟

قال : لا

قلت : هل أنت تتقي الله يقينا

قال : نعم

قلت : أنت مخطأ .. لأنه تعالى يقول ( فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ) النجم32

قال : لا أزكي نفسي .. ولكن أحاول أن أكون تقيا ..

قلت : المحاولة ليست دليلا على قبول العمل

قال : ماذا تريد ؟

قلت : لماذا لا تعمل بقوله تعالى : ( أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ) الأعراف99

 قال : طبعا لا أأمن مكر الله .. ؟ فهل هناك من يامن مكر الله إلا الكافرون ؟

قلت : فلماذا تحسن الظن بنفسك أنك على خير ؟ ألم تسمع قول النبي "  إِنَّ العبدَ لَيَعْمَلُ عملَ أهلِ النارِ وإِنَّه مِنْ أهلِ الجنةِ ، ويعملُ عملَ أهلِ الجنةِ وإٍنَّه من أهلِ النارِ ، الأعمالُ بالخَوَاتِيمِ " ..

فمَن ضَمِنَ لك حُسن الخاتمة ؟ .. بل ومن ضمن لك قبول الأعمال ؟

ألم يقل لك النبي : ( النُّجومُ أَمَنَةُ السَّماءِ فإذا ذهَبَتِ النُّجومُ أتى السَّماءَ ما تُوعَدُ ، وأنا أَمَنَةٌ لِأصحابي فإذا أنا ذهَبْتُ أتى أصحابي ما يُوعَدونَ ، وأصحابي أَمَنَةٌ لِأُمَّتي فإذا ذهَب أصحابي أتى أُمَّتي ما يُوعَدونَ ) ؟

* ملحوظة : شرح الحديث : ( أَرَادَ بِوَعْد السَّمَاءِ انشِقاقِها وذَهَابها يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَذَهَابُ النُّجُومِ تَكْوِيرُهَا وَانْكِدَارُهَا وإعْدامُها. وَأَرَادَ بوعْد أَصْحَابِهِ مَا وقَع بَيْنَهُمْ مِنَ الفِتَن. وَكَذَلِكَ أَرَادَ بِوَعد الْأُمَّةِ. وَالْإِشَارَةُ فِي الْجُمْلَةِ إِلَى مَجِيء الشَّر عِنْدَ ذَهَابِ أَهْلِ الْخَيْرِ، فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ بَيْنَ أظْهُرِهم كَانَ يُبَيّن لَهُمْ مَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ جَالَتِ الْآرَاءُ واخْتَلفت الأهْواء، فَكَانَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ يُسْنِدُون الأمْر إِلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قولٍ أَوْ فعْل أَوْ دَلَالَةِ حَالٍ، فَلَمَّا فُقِدَ قلَّت الْأَنْوَارُ وقوِيت الظُّلَم. وَكَذَلِكَ حَالُ السَّمَاءِ عِنْدَ ذَهاب النُّجوم . والأَمَنة فِي هَذَا الْحَدِيثِ جَمْعُ أَمِينٍ وَهُوَ الْحَافِظُ ) .

النهاية في غريب الحديث والأثر ج1 ص70

* نُكمِل الحوار :

قال : نعم .. هم أمناء .. ونَتَّبِعَهُم ..

قلت : فلماذا لم تقتدي بقول (أبو بكر أو عمر) : ( لو أحد قدمي في الجنة والأخرى خارجها ما أمنت مكر الله ) ..

قال : أحاول أن اجتهد مع الله

قلت : كيف تجتهد مع الله .. وأنت تشكو فعل الله دائما .. سواء في مجتمعك أو نفسك أو بيتك أو أولادك .. فإذا كان هذه هو اجتهادك بأن أوصلك إلى أن تشكو الله .. فماذا تركت لمن سخط على قضاء الله وقدره ؟!!

* يا صديقي .. اعمل مع الله وأنت تتهم نفسك في كل خطواتك .. وإياك أن تظن بها الخير .. لأنها أمارة بالسوء إلا من رحمه الله وحفظه بعين عنايته .. وكيف تظن بها الخير وخالقها وصفها لك بأنها أمارة بالسوء ؟!

* يا صديقي : اسمع لحديث سيِّدك النبي صلى الله عليه وسلم : الذي ترويه السيدة عائشة رضي الله عنها حيث قالت : ( قلتُ : يا رسول الله صلى الله عليه وسلَّم: "الذين يؤتون ما آتَوْا وقلوبهم وجلة" .. أَهو الَّذى يسرق ويشرب الخمر ويزنى؟ قال: لا يا ابنة الصّديق: ولكنَّه الرّجل يصوم ويصلِّى ويتصدّق ويخاف أَن لا يقبل منه " )

* وقال الحسن البصري في قوله تعالى ("الذين يؤتون ما آتَوْا وقلوبهم وجلة") : أي عملوا والله الصَّالحات واجتهدوا فيها ،  وخافوا أَن تُردّ عليهم .

* يا صديقي : لا ألومك على أفكارك لأن مشايخك علموك ذلك في المسجد .. كيف تمدح نفسك وتظن بها الخير عند الله .. بل والخيرية على المسلمين !! ..

ولكن ماذا تنتظر من ظلمات الليل إلا متاهة في الطريق !!

* ولكن ألم يحن الوقت أن تكوني إنسان مسلم صادق أمين مع الله في تعاملك .. وتتوقف عن تمثيليات النفس الأمارة بالسوء ؟!!

وبعبارة قرآنية : ( أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ ) الحديد16

فآمن بحق وصدق .. واجعل قلبك خاشعا لله .. بحق وبصدق قدر استطاعتك .. فلو كنت مؤمنا خاشعا مطمئنا لما نزل بالحق .. ما كنت لتشكو حالك .. بل كنت ستظل تقول : يارب .. رضيت .. فارضني برضاك .

* لا أجادلك .. ولكن أرجو منك أن تتفكر في الكلام وتعقِله ..، واعلم أن الدنيا ساعة .. فإما لك وإما عليك .. إما أن تكون رجلا .. وإما أن تكون كالطفل يشكو والديه لأنهما لم يحققا رغباته .. !!

* فهذا هو اختيارك أنت .. إما أن تعيش كإنسان بصير أو إنسان أعور .. خاضع ذليل لنفوس مريضة أحبت أن تستعبد الآخرين ليقولوا لهم : يا شيخ يا مولانا يا صاحب الفضيلة ..!!

* أفق من غيبوبتك .. وتعلَّم أن تحب المسلمين .. وتحب الله ورسوله .. وتجمع بين المسلمين ولا تفرق بينهم .. لأنك مسئول عن هذا أمام الله .

******************************

(2)

نفوس لا ترى أن ذنوبها تستحق العقاب ..!!

..:: رؤية الأعمال .. والإمتنان على الله ::..

أما عن هذه الطائفة .. فهي لا تقل ضياع عن الطائفة السابقة .. فكلاهما لا يرى لذنوبه شأنا .. بل لا يرتقي الأمر أبدا ليكون هناك سببا لأي عقاب إلهي !! .. لأن ذنوبهم ما هي إلا مجرد تفاهات وصغائر لا تساوي شيئا بجانب أعمالهم العظيمة مع الله .. !!

وكأنهم أخذوا عهدا من الله أنهم من المقبولين ..!!

يُزكُّون أنفسهم دائما .. وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا .. !!

يقول تعالى : ( فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ) النجم32

يقول تعالى : ( قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً . الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ) الكهف103-104

* فهؤلاء تجدهم يحقرون المسلم الذي لا يصلي معه ولا يتبع فكره ولا يسلك طريق مشايخه ..

* متجاهلا عمدا أو جهلا مخالفة كلام النبي صلى الله عليه وسلم : ( بحسب امرء من الشر أن يحقر أخاه المسلم ) ..!!

* ومتجاهلا عمدا أو جهلا قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) الحجرات11

* ومتجاهلا عمدا أو جهلا فضل الله عليه : ( كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُواْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً ) النساء94

* والنظر بعين الإحتقار للآخرين ليس أسوأ ما فيهم .. بل أنهم ينظرون بعين الفضل على الله ..!!

وتأمل كلام ربنا الرائع وهو يصف هذه النفوس ويرد عليها .. فيقول تبارك وتعالى : ( يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) الحجرات17

* تأمل ختام الآية .. تتكلم عن صدق الإيمان .. مع الله .. وهذا ما أحدثكم عنه .. صدق الإيمان .. وليس مجرد حركات وأقاويل .. بل عمل بصدق وإخلاص وتوكل ورضا ويقين وطهارة قلبية مع الله .. وليس احتقار للمذنبين والنظر بعين الرضا على النفس ورؤية الأعمال بنظرة المَنِّ على الله .. وكأنه يتفضل على الله بأعماله ..

وإذا أصابته مصيبة أو مشكلة ..

يقول : ليه كده يا رب ؟ أنت بتعمل فيَّ ليه كده ؟.. مش أنا كنت بصلي لك وأصوم لك ..!! ؟

هل تسمي هذه عبودية لله ؟

أم تمثيلية نفسية مع الله ؟!

********************************

..:: محقرات الذنوب .. وهلاك الإنسان ::..

هل تنظر لذنوبك وكأنك لم  تفعل شيئا .. فتأمل كلام النبي صلى الله عليه وسلم .. ولا تكن مثل الطائفة التي تكلمنا عنها منذ قليل .. التي لا ترى لذنوبها شأنا عند الله .. !! لأنها محقرات عندهم ..

* اقرأ كلام النبي صلى الله عليه وسلم :

* أخرج أحمد في المسند عن عَائِشَةَ –رضي الله عنها- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَقُولُ: ( يَا عَائِشَةُ! إِيَّاكِ وَمُحَقِّرَاتِ الذُّنُوبِ! فَإِنَّ لَهَا مِنْ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- طَالِبًا ).

* شرح : ( المحقرات : التي يحتقرها الناس لكونها صغيرة اي احذروا صغائرها لأن صغارها أسباب تؤدي إلى ارتكاب كبائرها .. (شرح مسند أحمد للساعاتي ج19 ص253)

(فَإِنَّ لَهَا مِنْ اللَّهِ طَالِبًا) أي: فإن لها ملك يسألك يجيء من الله تعالى كالمنكر والنكير في القبر مثلًا. ( شرح مسند أحمد للسندي ج23 ص234 )

* أريدك أن تتأمل قول النبي صلى الله عليه وسلم .. ( فإن لها من الله طالبا ) .. إلا يذكرك هذا حينما قلت لك في المقال السابق أن الذنوب تطاردك في الدنيا والآخرة .. لأنها يترتب عليها قصاص إلهي .. ولذلك يكن لها من الله طالبا للقصاص الإلهي .. فلا تنسى ذلك .

* وعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ –رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ، فَإِنَّمَا مَثَلُ مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ كَمَثَلِ قَوْمٍ نَزَلُوا بَطْنَ وَادٍ، فَجَاءَ ذَا بِعُودٍ، وَجَاءَ ذَا بِعُودٍ، حَتَّى حَمَلُوا مَا أَنْضَجُوا بِهِ خُبْزَهُمْ ، وَإِنَّ مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ مَتَى يَأْخُذْ بِهَا صَاحِبُهَا تُهْلِكْهُ ) .

* شرح : ( قوله ( فَجَاءَ ذَا بِعُودٍ ) لفظة ذا اسم إشارة ، والمراد أن العود الواحد وإن كان حقيرا لكن بالاجتماع صار كثيرًا فكذلك الذنب الصغير وإن كان في ذاته كالعود الصغير لكن بالاجتماع يصير كبيرًا، وهذا يدل على قولهم الإصرار على الصغيرة كبيرة، ويدل على أن الإصرار على نوع الصغيرة كالإصرار على واحد من النوع، والله تعالى أعلم ) . شرح مسند أحمد للسندي ج21 ص466

( معنى ذلك أن الصغائر اذا اجتمعت ولم تُكَفَّر أُهلِكَت .. ولم يذكر الكبائر لندرة وقوعها من الصدر الأول لشدة تحرزهم عنها فأنذرهم بما قد لا يكترثون به ) شرح مسند أحمد للساعاتي ج19 ص253

* أخرج أحمد عَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: ( إِنَّكُمْ لَتَعْمَلُونَ أَعْمَالًا هِيَ أَدَقُّ فِي أَعْيُنِكُمْ مِنْ الشَّعَرِ ، إِنْ كُنَّا لَنَعُدُّهَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْمُوبِقَاتِ ) " الموبقات يعني : الْمُهْلِكَاتِ "

*******************************

..:: دائما هناك سبب .. من أعمالهم سُلِّطَ عليهم !! ::..

* من أين أتت هذه المقولة " من أعمالهم سُلِّطَ عليهم " ؟

فالكثير يظن أنها قرآن .. لا .. هذا خطأ .. وإنما هذه المقولة أُخِذَت من الحديث الشريف .. ومن فهم الآيات الكريمة .. فتأمل الآيات الكريمة .. وستجد السببية موجودة .. أي بسبب كذا .. حدث كذا ..

فانتبه لكلام الله جيدا .. حتى تفهم الحكمة عن الله .. في كيفية حدوث المصائب لأنفسنا ..

مثل قوله تعالى : ( ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ )  الروم: 41

الآية السابقة واضحة وضوح تام .. في أنه بالرغم من الفساد الذي ظهر نتيجة ما صنعته أيدينا .. فإن الله يسلط علينا ما تنزعج له أنفسنا من المصائب ليس من باب العقاب ولكن من باب الرجوع إلى الله ..!!

* والآيات التالية توضح السببية في حدوث التسليط الإلهي ..

وقوله تعالى : ( فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزًا مِّنَ السَّمَاء بِمَا كَانُواْ يَظْلِمُونَ ) الأعراف162

وقوله تعالى : ( فَلَمَّا عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ ) الاعراف166

وقوله تعالى : ( فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ ) الزخرف55 .. أي فلما أغضبونا بعصياننا .. انتقمنا منهم ..

* ومثلما جاء في الحديث : ( إن العبدَ إذا أخطأ خطيئةُ نُكِتتْ في قلبهِ نُكتةً سوداءَ فإذا هو نزعَ واستغفرَ وتابَ صُقِلَ قلبهُ وإن عادَ زيدَ فيها حتى تعلو قلبهُ وهو الرانُ الذي ذكرَ اللهُ " كَلّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ " .. )

****************************

..:: إذا ظهرت هذه الإبتلاءات .. فسينزل العقاب ::..

* عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال يا معشر المهاجرين : خمسُ خصالٍ إذا ابتليتم (1) بهنَّ، وأعوذ بالله أن تدركوهنَّ (2) : لم تظهر الفاحشة (3) في قومٍ قطّ حتى يعلنوا بها إلا فَشَا فيهم الطاعون (4) والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم (5) الذي مضوا ، ولمْ ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين (6) ، وشدَّة المئونة (7) ، وجور السلطان عليهم(8) ، ولمْ يمنعوا زكاة (9) أموالهمْ إلا منعوا القطر (10) من السماء ، ولولا البهائم لم يمطروا. ولمْ ينقضوا عهد الله (11) وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوًّا (12) من غيرهمْ فأخذوا بعض ما في أيديهمْ، وما لمْ تحكمْ أئمَّتهمْ (13) بكتاب الله تعالى ، ويتخيَّروا فيما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهمْ (14).)

* شرح ألفاظ الحديث :

(1) اختبرتم .

(2) طلب صلى الله عليه وسلم نجاة المؤمنين الصادقين العاملين منها.

(3) الزنا واللواط .

(4) الأمراض الوبائية الحاصدة الأرواح ، المؤلمة المزعجة وحوادث اليوم تحقق صدق قوله صلى الله عليه وسلم.

(5) الأمم السابقة والأجداد .

(6) المجاعة، والقحط، وشدة الجدب، وذهاب البركة من الزروع، والأزمة الخانقة .

(7) الأثقال ، والهموم ، والأحزان.

(8) ظلم الحاكم .

(9) المقدر إخراجها في الذهب والفضة والتجارة والزروع والمواشي وغيرها وكذا الصدقات ، وأعمال البر.

(10) المطر .

(11) طاعته سبحانه ، والعمل بشريعة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.. قال تعالى: ( وإذا أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين . أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون .وكذلك نفصل الآيات ولعلهم يرجعون) سورة الأعراف172-174 .. أي أخرج سبحانه من أصلابهم نسلهم على ما يتوالدون قرنا بعد قرن ليشهدوا دلائل ربوبيته ، وركب في عقولهم ما يدعوهم إلا الإقرار بها . فعهد الله طاعته .

(12) أجنبيا وحاكما ليسلبوا نعمتهم وليحبسوا حريتهم وليغلوا أيديهم فيقعوا في الأسر والهوان، والذل .

(13) أمراؤهم وعلماؤهم .

(14) قتالهم وأوجد في قلوبهم النفور والشقاق والتباغض : ونزع منهم نعمة الألفة ، والاتحاد والمودة . قال تعالى ( قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا، ويذيق بعضكم بأس بعض، انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون) 65 من سورة الأنعام .. (من فوقكم) إنزال الصواعق كما فعل بقوم نوح ولوط، وأصحاب الفيل، أو سلط عليكم ظلم أكابركم وحكامكم (أو من تحت أرجلكم) أرسل عذابا من الأرض كما أغرق فرعون وخسف بقارون وانتقم من السلفة والعبيد وأشرار المجرمين (يلبسكم شيعا) يخلطكم فرقا متحزبين ، على أقل شيء ينشب القتال وتتقد نانر العداوة، ويقاتل بعضكم بعضا .

* (شارح الحديث يتكلم عن سنة 1935م ) فيقول :

انظر إلى حال المسلمين يا أخي الآن سنة 1354 هـ . هل نحن متمسكون بآداب الدين . وهل نحن عاملون بكتاب الله وسنة حبيبه. أرجو أن نعمل ، عسى الله أن يضم شعثنا ويقرب قلوبنا في الله ولله لنسمو ، نذر خمسة نادى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخبر المهاجرين الذين نصروه واتبعوه وفارقوا أوطانهم في سبيل الذب عن دين الله تعالى ونصره.

أ - يتبع المعاصي والمنكرات الأمراض الوبائية.

ب - ويتبع الغش ونقص المكيال والميزان الأزمة الطاحنة وقلة المال، وظلم الحاكم الوالي عليهم.

جـ - يتبع البخل والشح وعدم إخراج زكاة أموالهم منع الأمطار وجفاف الأنهار.

د - يتبع عدم طاعة الله ورسوله الذي والأسر والوقوع في أيدي الأجانب يتحكمون في رقابهم وثروتهم وبلدهم.

هـ - يتبع أحكام العلماء على غير مناهج القرآن والسنة الفتن الداخلية والشقاق والتنافر والتخاصم والتخاذل يحارب المسلمون بعضهم بعضا (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون) المائدة47 .

( هذا نذير من النذر الأولى . أزفت الآزفة . ليس من دون الله كاشفة) النجم56-58 . أي هذا القرآن إنذار من الإنذارات السابقة ، أو هذا الرسول نذير من جنس المنذرين الأولين ، وقد دنت الساعة (أفمن هذا الحديث تعجبون . وتضحكون ولا تبكون . وأنتم سامدون . فاسجدوا لله واعبدوا) النجم59-62 .. يعني القرآن ، ( سامدون ) : لا هون أو مستكبرون ، ( فاعبدوا الله ) أيها المسلمون واعملوا بشرع رسول الله صلى الله عليه وسلم واحذروا عصيانه .

شرح الترغيب والترهيب مصطفي محمد عمارة ج2 ص568

******************************

..:: كلام نفيس لابن القيم حول التسليط الإلهي ::..

* شرح : ويقول ابن القيم رحمه لله : ( وَمَنْ لَهُ مَعْرِفَةٌ بِأَحْوَالِ الْعَالَمِ وَمَبْدَئِهِ يَعْرِفُ أَنَّ جَمِيعَ الْفَسَادِ فِي جَوِّهِ وَنَبَاتِهِ وَحَيَوَانِهِ ، وَأَحْوَالِ أَهْلِهِ حَادِثٌ بَعْدَ خَلْقِهِ بِأَسْبَابٍ اقْتَضَتْ حُدُوثَهُ ، وَلَمْ تَزَلْ أَعْمَالُ بَنِي آدَمَ وَمُخَالَفَتُهُمْ لِلرُّسُلِ تُحْدِثُ لَهُمْ مِنَ الْفَسَادِ الْعَامِّ وَالْخَاصِّ مَا يَجْلِبُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْآلَامِ وَالْأَمْرَاضِ ، وَالْأَسْقَامِ ، وَالطَّوَاعِينِ ، وَالْقُحُوطِ وَالْجُدُوبِ ، وَسَلْبِ بَرَكَاتِ الْأَرْضِ وَثِمَارِهَا وَنَبَاتِهَا وَسَلْبِ مَنَافِعِهَا أَوْ نُقْصَانِهَا أُمُورًا مُتَتَابِعَةً يَتْلُو بَعْضُهَا بَعْضًا ..

فَإِنْ لَمْ يَتَّسِعْ عِلْمُكَ لِهَذَا فَاكْتَفِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ( ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ ) الروم: 41 .. وَنَزِّلْ هَذِهِ الْآيَةَ عَلَى أَحْوَالِ الْعَالَمِ وَطَابِقْ بَيْنَ الْوَاقِعِ وَبَيْنَهَا ، وَأَنْتَ تَرَى كَيْفَ تَحْدُثُ الْآفَاتُ وَالْعِلَلُ كُلَّ وَقْتٍ فِي الثِّمَارِ وَالزَّرْعِ وَالْحَيَوَانِ ، وَكَيْفَ يَحْدُثُ مِنْ تِلْكَ الْآفَاتِ آفَاتٌ أُخَرُ مُتَلَازِمَةٌ ، بَعْضُهَا آخِذٌ بِرِقَابِ بَعْضٍ ، وَكُلَّمَا أَحْدَثَ النَّاسُ ظُلْمًا وَفُجُورًا ، أَحْدَثَ لَهُمْ رَبُّهُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِنَ الْآفَاتِ وَالْعِلَلِ فِي أَغْذِيَتِهِمْ وَفَوَاكِهِهِمْ، وَأَهْوِيَتِهِمْ وَمِيَاهِهِمْ، وَأَبْدَانِهِمْ وَخَلْقِهِمْ، وَصُوَرِهِمْ وَأَشْكَالِهِمْ وَأَخْلَاقِهِمْ مِنَ النَّقْصِ وَالْآفَاتِ مَا هُوَ مُوجَبُ أَعْمَالِهِمْ وَظُلْمِهِمْ وَفُجُورِهِمْ.

زاد المعاد ج4 ص432

* وقال رحمه الله في سببية التسليط الإلهي وكيفية حدوثه : ( وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْمَالَ الْبَرِّ وَالْفَاجِرِ مُقْتَضِيَاتٍ لِآثَارِهَا فِي هَذَا الْعَالَمِ اقْتِضَاءً لَا بُدَّ مِنْهُ ، فَجَعَلَ مَنْعَ الْإِحْسَانِ وَالزَّكَاةِ وَالصَّدَقَةِ سَبَبًا لِمَنْعِ الْغَيْثِ مِنَ السَّمَاءِ ، وَالْقَحْطِ وَالْجَدْبِ ، وَجَعَلَ ظُلْمَ الْمَسَاكِينِ ، وَالْبَخْسَ فِي الْمَكَايِيلِ وَالْمَوَازِينِ ، وَتَعَدِّي الْقَوِيِّ عَلَى الضَّعِيفِ سَبَبًا لِجَوْرِ الْمُلُوكِ وَالْوُلَاةِ الَّذِينَ لَا يَرْحَمُونَ إِنِ اسْتُرْحِمُوا ، وَلَا يَعْطِفُونَ إِنِ اسْتُعْطِفُوا..

وَهُمْ فِي الْحَقِيقَةِ أَعْمَالُ الرَّعَايَا ظَهَرَتْ فِي صُوَرِ وُلَاتِهِمْ فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ بِحِكْمَتِهِ وَعَدْلِهِ يُظْهِرُ لِلنَّاسِ أَعْمَالَهُمْ فِي قَوَالِبَ وَصُوَرٍ تُنَاسِبُهَا ..

فَتَارَةً بِقَحْطٍ وَجَدْبٍ ، وَتَارَةً بِعَدُوٍّ، وَتَارَةً بِوُلَاةٍ جَائِرِينَ ، وَتَارَةً بِأَمْرَاضٍ عَامَّةٍ ، وَتَارَةً بِهُمُومٍ وَآلَامٍ وَغُمُومٍ تُحْضِرُهَا نُفُوسُهُمْ لَا يَنْفَكُّونَ عَنْهَا، وَتَارَةً بِمَنْعِ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ عَنْهُمْ ، وَتَارَةً بِتَسْلِيطِ الشَّيَاطِينِ عَلَيْهِمْ تَؤُزُّهُمْ إِلَى أَسْبَابِ الْعَذَابِ أَزًّا لِتَحِقَّ عَلَيْهِمُ الْكَلِمَةُ ، وَلِيَصِيرَ كُلٌّ مِنْهُمْ إِلَى مَا خُلِقَ لَهُ ، وَالْعَاقِلُ يُسَيِّرُ بَصِيرَتَهُ بَيْنَ أَقْطَارِ الْعَالَمِ فَيُشَاهِدُهُ ، وَيَنْظُرُ مَوَاقِعَ عَدْلِ اللَّهِ وَحِكْمَتِهِ ، وَحِينَئِذٍ يَتَبَيَّنُ لَهُ أَنَّ الرُّسُلَ وَأَتْبَاعَهُمْ خَاصَّةً عَلَى سَبِيلِ النَّجَاةِ ، وَسَائِرُ الْخَلْقِ عَلَى سَبِيلِ الْهَلَاكِ سَائِرُونَ ، وَإِلَى دَارِ الْبَوَارِ صَائِرُونَ ، وَاللُّهُ بَالِغٌ أَمْرَهُ، لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ ، وَلَا رَادَّ لِأَمْرِهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ ) .

زاد المعاد ج4 ص334

***********************

..:: لماذا لا تريد الرجوع إلى الله طالبا العفو والغفران ؟ ::..

أرى كثيرين يهربون من مواجهة ذنوبهم .. ويجدون أن إلقاء التهم على السحر أو الجن أو الشيطان أسهل وسيلة من العمل مع الله !!.. لأنه لا يكلفهم مجهود ولا عبادة ولا أي شيء .. فقط يتكلمون بأنهم تم أذيتهم بالروحاني .. وقد يتطور الأمر عند البعض بإلقاء التُّهم على الأقارب .. كما أوضحنا سابقا ..!!

* يقول تعالى : ( اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُم مِّن مَّلْجَأٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُم مِّن نَّكِيرٍ ) الشورى47

* شرح تفسير الجلالين : ( (استجيبوا لربكم) أجيبوه بالتوحيد والعبادة (من قبل أن يأتي يوم) هو يوم القيامة (لا مرد له من الله) أي أنه إذا أتى به لا يرده (ما لكم من ملجأ) تلجئون إليه (يومئذ وما لكم من نكير) إنكار لذنوبكم )

* ماذا تنتظر يا إنسان ؟ : ( هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ الْمَلآئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً قُلِ انتَظِرُواْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ ) الأنعام158

********************************

..:: أهم يُقسِّمُون رحمة ربك ؟ ::..

( وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ . أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ ) الزخرف32

* شرح : التفسير الميسر : ( وقال هؤلاء المشركون مِن قريش: إنْ كان هذا القرآن مِن عند الله حقًا ، فهلا نُزِّل على رجل عظيم من إحدى هاتين القريتين "مكة" أو "الطائف".

أهم يقسمون النبوة فيضعونها حيث شاؤوا؟ نحن قسمنا بينهم معيشتهم في حياتهم الدنيا من الأرزاق والأقوات ، ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات: هذا غنيٌّ وهذا فقير ، وهذا قويٌّ وهذا ضعيف؛ ليكون بعضهم مُسَخَّرًا لبعض في المعاش . ورحمة ربك -أيها الرسول- بإدخالهم الجنة خير مما يجمعون من حطام الدنيا الفاني ).

ولازلنا نعيش في فكر الكفار .. ونكرر نفس أخطاء الماضي ..!!

فمن عجيب بعض الناس التي تشكو الله وتعترض على قضاءه .. ويتبعوا غير سبيل المؤمنين .. تجد هؤلاء ينظرون بمنتهى الحقد على من هم منعمون بالمال أو الشهرة .. وكأن متاع الدنيا هو دليل رحمة الله على الخلق ..!! فلو كانت كذلك لكان مَنَحَهَا لأوليائه وأحبائه .. ولكن الله يعطي ويمنع كما يريد وليس كما نريد ..

* وكأن المال أصبح سبب رضا من الله .. وأصبحت الشهرة كرامة من الله .. والبعض الآخر من هؤلاء الحاقدون بدلا من تمني ما عند هؤلاء من المال والشهرة .. باتوا يُحرِّمُون على أصحاب المال وأصحاب الشهرة ، ويَصبُّون عليهم لعناتهم ، بل وحكموا عليهم أنهم من أصحاب الجحيم ..!!

* وكأنهم هم ملائكة السماء في الأرض .. والذين ضمنوا رضا الله عليهم ..!!

فمنهم من اتهم الله بعدم العدل .. ومنهم من اعترض على الله في حكمه ..!! وأصبحوا يضعوا قوانينهم الخاصة في ما يجب وما لا يجب في فعل الله !!

* لقد أخطأ هؤلاء في حكمهم على الناس كما أخطأ الكفار في حكمهم على سيدنا رسول الله  .. وجحدوا فضل الله على خلقه .. وأنكروا عطاء الله واعترضوا على قسمته .. وكأنهم شركاء لله في ملكه .. !!

اعترضوا على حكم الله .. ثم اتهموا الله بعدم العدل .. ثم يقولون : ليه يارب حالنا واقف ؟!!

* من الذي أدراك أنك لو أخذت ما عند غيرك ستكون على خير ؟

اقرأ قوله تعالى : ( وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً ) النساء32

ولكن اسأل الله من فضله دون أن تعترض على قضاءه في خلقه ودون أن تحقد على أحد ، ودون أن تتهم أحد بأن ماله حرام ، ودون أن تدخله النار وتلعنه لمجرد أن معه مال وأنت متوقف حالك ..!!

* وفي قصة قارون ما يكفي لتفهم أن الذين تمنَّوا ما كان عليه قارون .. فقد رضوا ما هم عليه بعد أن عاينوا ما حدث له .. وعلموا أن لولا فضل الله لكانوا من الهالكين ..

واقرأ معي قوله تعالى : ( وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَن مَّنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ) القصص82

معنى يَبْسُطُ : يوسع ، معنى يَقْدِرُ : يضيق على من يشاء

********************************

..:: التدابير الإلهية .. وطرق الله الخفية ::..

* وحتى لو افترضنا كثرة المال مع العصاة الغافلين .. ألم تقرأوا الحكمة الإلهية في ذلك ..

اقرأ معي قوله تعالى :

( فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ ) الأنعام44

* معنى مبلسون : أي آيسون من رحمة الله ومنقطعون عن كل خير

فأنت لا تعرف كيف تسير الحكمة الإلهية .. ولا تعرف طرق الله الخفية .. ولا تدبير الله .. حتى تحكم على فعل الله في الكون ..

* وما يدريك لعلك من الأخسرين أعمالا .. وأنت تحسب أنك على خير .. يقول تعالى : ( قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً . الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ) الكهف104-103

* وما يدريك لعل الله يعطي بعض خلقه سلطة وقوة وجبروت ويكون فاجر .. ثم بعد ذلك يؤيد به الدين ..!!

ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر) سواء كان كافرا أو مسلم غير  متبع سبيل المؤمنين ..!!

* فأنت لا تعرف طرق الله الخفية في الكون والتدبير الإلهي ..

فَدَع المُلك للمالك .. واعبده وتوكل عليه .. والعاقبة للمتقين ..

********************************

..:: تسليطات إلهية على أمم ومجتمعات بسبب ذنوبهم ::..

الإبتلاء قد يكون وسيلة ردع للنفوس لعلها تعود إلى ربها وخالقها بالتوبة وطلب الغفران على ما فرطت في حق الله ..

يقول تعالى : ( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ) الأنبياء:35

ويقول تعالى : ( وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) الأعراف:168

ويقول سبحانه : ( وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ) المؤمنون: 77-76

 *شرح: التفسير الميسر : ( ولقد ابتليناهم بصنوف المصائب فما خضعوا لربهم ، وما دعوه خاشعين عند نزولها ) 

:: ولكن هناك من يستجيب وهناك من يخيب ..!! ::

* فمِنَ الذين رجعوا إلى الله واستجابوا للإيمان .. ورزقهم منه رزقا حسنا .. قوم يونس .. يقول تعالى : ( فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخِزْيِ فِي الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ ) يونس98

* ومن الذين خابوا وخسروا .. قَوْمَ نُوحٍ و قَوْمَ هُودٍ و قَوْمَ صَالِحٍ و قَوْمُ لُوطٍ وقوم شعيب وآل فرعون ... اقرأ معي ما قاله القرآن فيهم ..

فهناك قوم لوط لم يستجيبوا لله .. فحق العقاب عليهم : يقول تعالى : ( فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ . مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ ) هود: 82-83

وعادٍ قوم سيدنا هود : ( وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْاْ رُسُلَهُ وَاتَّبَعُواْ أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ) هود:59

و ثمود قوم سيدنا صالح : ( فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحاً وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ . وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ . كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا أَلاَ إِنَّ ثَمُودَ كَفرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْداً لِّثَمُودَ ) هود:66-68

أهل مدين قوم سيدنا شعيب : ( وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْباً وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مَّنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ ) هود:94

آل فرعون : ( وَلَقَدْ جَاء آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ . كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُّقْتَدِرٍ ) القمر:41-42

* ويجمع الحق بعض من القصص السابقة فيقول : ( كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ . فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ . وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ . سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ . فَهَلْ تَرَى لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ . وَجَاء فِرْعَوْنُ وَمَن قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ .  فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَّابِيَةً ) الحاقة4 

* ويوضح الحق سبحانه سبب ما نزل بهؤلاء من العقاب .. هو ظلمهم لأنفسهم بعدم اتباع منهج الله والإيمانه به سبحانه ..: ( ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَآئِمٌ وَحَصِيدٌ . وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَـكِن ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ مِن شَيْءٍ لِّمَّا جَاء أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ . وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ) هود:100-102

* ( فَكُلّاً أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) العنكبوت 40

* إذا أحاطتك الذنوب واستكبرت عن الرجوع إلى الله .. فاعلم أنه لن يحميك أحد من عقاب الله .. واقرأ قوله تعالى : ( أَوَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَاراً فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُم مِّنَ اللَّهِ مِن وَاقٍ ) غافر21

********************************

..:: هل حاسبت نفسك .. قبل أن تتهم ربك ؟ ::..

هل لأنك مسلم . فلن يعاقبك الله ؟

كلام الله واضح جدا .. أن كل ما يصيبك من مصائب هو من مخالفتك لمنهج الله واتباع شهوات نفسك وما صنعته بيدك مخالف به منهج الله .. فيقول تعالى : ( وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ ) الشورى:30 .. ويشرح تبارك وتعالى هذا الأمر بمفهوم أوضح : (وَمَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) الصافات:39  ..

* ويشرح الحق للمؤمنين المفهوم الخاطيء بأنه لن يكون هناك مصائب طالما هم مسلمون ومعهم رسول الله !! ..

فيقول تعالى عما حدث في معركة أُحُد : ( أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) آل عمران165

* شرح تفسير الجلالين: ( (أو لما أصابتكم مصيبة) بأُحُد بقتل سبعين منكم (قد أصبتم مثليها) ببدر بقتل سبعين وأسر سبعين منهم .)

* شرح تفسير الميسر : ( (قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا) قلتم متعجبين : كيف يكون هذا ونحن مسلمون ورسول الله صلى الله عليه وسلم فينا وهؤلاء مشركون؟ (قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ) قل لهم -أيها النبي- : هذا الذي أصابكم هو من عند أنفسكم بسبب مخالفتكم أمْرَ رسولكم وإقبالكم على جمع الغنائم . إن الله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ، لا معقِّب لحكمه ) .

* واقرأ معي قوله تعالى حتى تتضح لك الأمور بصورة كشفية لا ريب فيها أن البلايا من نفسك : ( مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيداً ) النساء79

****************************

..:: تمثيليات التوبة .. ومسلسل دعوت الله ولم يستجب لي ::..

تكلمنا عن هذا كثيرا في مواضيع كبيرة سابقا .. ولكن ما أحب أن أوضِّحه هنا استكمالا وتنبيها لمن يريد التوبة والرجوع إلى الله .. فلينتبه إلى أنه سيكون هناك ابتلاءات وفتن حتى يمتحنك الله في إيمانك .. حتى تكون شاهدا على نفسك .. هل أنت صادق تتحمل الإبتلاء كمؤمن صادق في إيمانك .. أم غير صادق ممن يعبد الله على حرف .. تظل تندب حظك وتشكو قدرك وتقول دعوت الله ولم يستجب لي ..؟

* واقرأ قوله تعالى حتى تفهم جيدا هذا الكلام .. وهو كلام لا يحتاج لشرح أو تفسير ..!!

يقول تعالى : ( أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ . وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ . أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَن يَسْبِقُونَا سَاء مَا يَحْكُمُونَ . مَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ . وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ . وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ ) العنكبوت:2-7

* شرح : التفسير الميسر :

( أظَنَّ الناس إذ قالوا: آمنا, أن الله يتركهم بلا ابتلاء ولا اختبار؟ ..

* ولقد فتنَّا الذين من قبلهم من الأمم واختبرناهم ، ممن أرسلنا إليهم رسلنا ، فليعلمنَّ الله علمًا ظاهرًا للخلق صدق الصادقين في إيمانهم ، وكذب الكاذبين ، ليميز كلَّ فريق من الآخر ..

* بل أظنَّ الذين يعملون المعاصي مِن شرك وغيره أن يعجزونا ، فيفوتونا بأنفسهم فلا نقدر عليهم ؟ بئس حكمهم الذي يحكمون به ..

* من كان يرجو لقاء الله ، ويطمع في ثوابه ، فإن أجل الله الذي أجَّله لبعث خلقه للجزاء والعقاب لآتٍ قريبًا ، وهو السميع للأقوال, العليم بالأفعال ..

* ومن جاهد في سبيل إعلاء كلمة الله تعالى ، وجاهد نفسه بحملها على الطاعة ، فإنما يجاهد لنفسه ، لأنه يفعل ذلك ابتغاء الثواب على جهاده ، إن الله لغني عن أعمال جميع خلقه ، له الملك والخلق والأمر ..

* والذين صدَّقوا الله ورسوله ، وعملوا الصالحات لنمحونَّ عنهم خطيئاتهم ، ولنثيبنَّهم على أعمالهم الصالحة أحسن ما كانوا يعملون ).

* فاختار في أي جانب تريد أن تكون بعد قراءتك لآيات سورة العنكبوت السابقة .. هل تريد أن تظل مع الله بقبول الابتلاء ليظهر معدنك الحقيقي فعلا ويظهر صدقك الإيماني .. أم مع فريق التمثيليات والمسلسلات النفسية حتى تندب حظك وتشكو ربك ويتبين كذبك الإيماني ..!

هذا اختيارك أنت ..!

*******************************

..:: ختاما ::..

س: كيف تكون الذنوب لعنة تطارد الإنسان ؟

كنت في الموضوع السابق ذكرت أن الذنوب قد تتحول إلى لعنة تطارد الإنسان في حياته .. وإليك الدليل ليطمئن قلبك ..

* يحكي القرآن عن ثمود قوم سيدنا هود :( وَأُتْبِعُواْ فِي هَـذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا إِنَّ عَاداً كَفَرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْداً لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ ) هود:60

* يحكي القرآن عن فرعون وقومه : (وَأُتْبِعُواْ فِي هَـذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ ) هود:

* ( إن ربك لبالمرصاد ) الفجر:14 .. أي يرصد أعمال العباد فلا يفوته منها شيء ليجازيهم عليها .

* وفي الحديث كما ذكرنا سابقا عن كلمة " طالبا " أي هناك مطالبا بهذا الذنب : ( أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَقُولُ: ( يَا عَائِشَةُ! إِيَّاكِ وَمُحَقِّرَاتِ الذُّنُوبِ! فَإِنَّ لَهَا مِنْ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- طَالِبًا ).

ولعل كلمة "طالبا" هي المقصودة من قوله تعالى : ( إن ربك لبالمرصاد ) ..

والله أعلم .

* فيا من تريد أن تظل تعيش في غيبوبة الابتلاء الإيماني أو الروحاني ولا تريد أن تعترف لله بذنوبك وتظل مستكبرا على الله .. معتقدا في نفسك أنك لا تستحق .. أو أنك تدعو ولا تتغير أحوالك .. أو لا يستجاب لك .. أو تظن أن الأمور الروحانية هي التي أوقفت حياتك مثل الشيطان والعفريت والحسد وغير ذلك متجاهلا أحوالك مع الله ..

فكن كما تريد .. فلن يكون إلا ما كان من مراد الله فيك .. فإما أن تكون إنسان راضيا .. وإما أن تكون شيطان ساخطا ..

واختم لك بقوله تعالى : ( وَلِلّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) هود:121-123

تحياتي لكم .

**************************

والله أعلم 

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه المقالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام - ولا يحق لأحد نقل أى موضوع من مواضيعة إلا بإذن من صاحب المدونة - ا/ خالد ابوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة فعليه بالاشارة الى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي . ولا يحق لأحد النسخ أو الطباعة إلا بإذن من صاحب المدونة الأستاذ / خالد أبوعوف