بسم الله الرحمن الرحيم
سلسلة قصص من كتب التفاسير
قصة النبي أيوب عليه السلام
بين الحقيقة القرآنية وخرافات في بعض الكتب التفسيرية
- مع كشف العيوب في روايات قيلت عن النبي أيوب -
- ومقارنة بين أيوب القرآن وأيوب التوراة -
- مع توضيح حقيقة (مسني الشيطان بنصب وعذاب)-
(الفصل الثاني والعشرون)
#- فهرس:
:: الفصل الثاني والعشرون :: عن قصة أيوب عليه السلام .. ج2/ مسائل خاصة متفرعة على قصة أيوب – علاقة حديث (الطاعون وخز أعدائكم من الجن) بقصة أيوب ::
1- س47: هل يمكن التصور أن ابتلاء أيوب على جسده يمكن
حدوثه من الشيطان لوجود حديث قيل فيه أن الجن ممكن يصيبوا الإنس بالطاعون ؟
@- بطلان حديث: (الطاعون وخز أعدائكم من الجن).
#- أولا: أنت فهمت مسألة الطاعون خطأ .. فحكمك به على
قصة أيوب خطأ .
#- ثانيا: عن إمكانية إصابة الجن للبشر بالطاعون بما قد
تظنه من روايات.
#- ثالثا: الدليل على بطلان متن هذه الروايات القائلة
بوخز الجن للإنس.
#- رابعا: روايات صحيحة جدا تكلمت عن الطاعون ولم يأت
فيها ذكر عن وخز الجن.
2- س48: هل يمكن أن يتسلط الشيطان بالمرض بدلالة حديث جاء فيه عن مرض ذات الجنب (إنها من الشيطان) ؟
******************
:: الفصل الثاني والعشرون ::
===============
..:: س47: هل يمكن التصور أن ابتلاء أيوب في جسده يمكن حدوثه من الشيطان لوجود حديث قيل فيه أن الجن ممكن يصيبوا الإنس بالطاعون ؟ ::..
" بطلان حديث: (الطاعون وخز أعدائكم من الجن) "
- قد يتسائل البعض فيقول .. هل
يمكن القول أن نقول بإمكانية تسليط الشيطان فعلا على أيوب بالمرض .. لأنه جاءت احاديث تقول بأن الجن يجوز لهم
إصابة الإنس بالأمراض بدليل أنهم يصيبون الإنس بالطاعون وهو الأمراض المميتة للبشر
وتحصد قرى كاملة أو مناطق معينة.
- فلو كان للجن إمكانية بفعل
الطاعون في البشر .. فيقال حينئذ ما المانع أن يقال أن الشيطان أصاب أيوب بما
يشبه الطاعون ؟!!
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- لتوضيح ما سبق .. فهذا يتطلب بحث خاص .. وإليك بيان ذلك ..
فانتبه لأنه بحث فريد من نوعه ..
=====================
#- أولا: أنت فهمت مسألة الطاعون خطأ .. فحكمك به على قصة أيوب خطأ .
- لأن الطاعون عدوى تأتي لتنتقل في مكان يسكنه جماعة .. ولو
كان هذا حدث لأيوب لكان بالتبعية قد انتقلت العدوى لقريته بأكملها الساكن فيها ..!!
#- إذن: أنت تصورك خطأ لمفهوم الطاعون .. فعلا عن أن
أيوب لم يصاب بطاعون قاتل .. وإنما بمرض مؤلم جدا .. ولو كان أيوب أصيب بعدوى لمدة
سنوات لكانت قريته قد تم فنائها بالكامل بسببه .. فضلا عن أن هذا لا يصح حدوثه
بالأنبياء كما سبق واوضحنا أن الأنبياء لا يصيبهم مرض منفر ..!!
- فلا داعي ليذهب عقلك إلى ما لا وجود له ..
=======================
#- ثانيا: عن إمكانية إصابة الجن للبشر بالطاعون بما قد تظنه من روايات ..
- فهذا له بحث لطيف قد اجتهدت فيه .. أذكره لك مختصرا .. وأقول لك الخلاصة بعد كل
جزئية أذكرها لك .. إن شاء الله.
#- فقد جاء فعل الجن بالطاعون في الإنس من خلال أحاديث .. مجملها في الآتي:
- قيلت روايات عن ثلاثة من
الصحابة .. وهم أبي موسى الأشعري .. وعبد الله بن عمر .. والسيدة عائشة .. أنهم
نقلوا عن النبي جزئية أن (الطاعون من وخز الجن) .. وإليك بيان ذلك مختصرا.
1- ما جاء عن الصحابي أبو موسى الأشعري ..
أ- جاء في (حديث مختلف على تحسينه وضعفه لاضطرابه) .. يَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ،
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ النَّهْشَلِيُّ، حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ عِلَاقَةَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ
شَرِيكٍ، قَالَ: (خَرَجْنَا فِي اثْنَيْ عَشَرَ مِنْ بَنِي
ثَعْلَبَةَ فَبَلَغَنَا أَنَّ أَبَا مُوسَى (أي أن أبا موسى الأشعري) نَزَلَ مَنْزِلًا فَأَتَيْنَاهُ
فَسَمِعْنَاهُ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَنَّهُ قَالَ: اللهُمَّ اجْعَلْ فَنَاءَ أُمَّتِي بِالطَّعْنِ وَالطَّاعُونِ،
قُلْنَا: هَذَا الطَّعْنُ قَدْ عَرَفْنَاهُ فَمَا الطَّاعُونُ قَالَ وَخْزُ (أي طعن) أَعْدَائِكُمْ مِنَ الْجِنِّ
وَفِي كُلٍّ شُهَدَاءُ) رواه البيهقي في الدلائل وأحمد في مسنده
.. (قلت خالد صاحب الرسالة): هذا الحديث من حيث السند فيه
اختلاف كبير عند العلماء بين القبول والرفض بسبب اضطرابه .. وهذا السند الذي ذكرته
هو أفضل سند لهذه الرواية .. وقد صحح هذه الرواية الإمام ابن حجر العسقلاني والإمام
الهيثمي ..، وقد توقف محققي مسند أحمد عن تحسينه أو تضعيفه وإن كان الغالب من
كلامهم تضعيف هذا الحديث بكل طرقه والله أعلم ..، وفي كل الأحوال فالرواية التي
ذكرتها والتي صححها البعض .. فهي سند قد اضطرب فيه (أبو بكر النهشلي) كما هو معلوم
عند أهل الحديث إلا أن البعض يبرر هذا الإضطراب بغرابة ..!! وقد حسنه الإمام بن
حجر في بذل الماعون والفتح .. ولكن تعقبه الشيخ أبو الفضل الوائلي الصنعاني وقال:
(ذكر الطبراني في الأوسط أن أبا بكر النهشلى قال في روايته عن زياد عن أسامة عن
عبد الله بن الحارث عن أبى موسى. فإذا كان الأمر كذلك فهذا يدل على اضطراب
النهشلى. وإن كان الدارقطني وجه عظم الخلاف الجاري إلى (زياد) إنما في هذا بعد. ..
فإذا بأن ذلك فلا يحسن تصحيح
رواية النهشلى كما قال ذلك الحافظ في الفتح. (انتهى النقل من كتاب نزهة الألباب في قول الترمذي وفي الباب
ج3 ص1702 – وفيه بحث جيد
عن هذا الحديث – ولم يصح من هذه الرواية شيئا حسب اجتهاد الشيخ الوائلي).
@- وعن نفسي فهذه الرواية حكمها عندي أنها باطلة .. لاضطراب إسنادها ولنكارة متنها
في جزئية (الطاعون وخز أعدائكم من الجن) لأن هذا مخالف للحديث الصحيح كما سأذكره لك بعد
قليل .. بل ومخالف للقرآن .. وسيأتيك بيان ذلك.
ب- وجاء في (حديث ضعيف) .. بطريق آخر .. عن أَبِي بَلْجٍ
قَالَ: حَدَّثَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ
عَبْدِ اللهِ بْنِ قَيْسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (ذَكَرَ الطَّاعُونَ فَقَالَ: وَخْزٌ مِنْ أَعْدَائِكُمْ مِنَ
الْجِنِّ، وَهِيَ شَهَادَةُ الْمُسْلِمِ (أي وهي ترتقي بالمسلم لمقام الشهيد إن صبر واحتسب ولم يهرب) ) رواه أحمد والحاكم وغيرهما .. وقد صححه الحاكم
ووافقه الذهبي ..، وقال محققو المسند: أبو بلج- وهو الفزاريُ الواسطي الكبير مختُلف
فيه، وقال البخاري: فيه نظر، وقول البخاري في راوٍ ما: فيه نظر يدل على أنه متهم واه
عنده .. قال الحافظ العراقي: قول البخاري: فلان فيه نظر يعني بهذه العبارة: أنهم تركوا
حديثه، وباقي رجال الإسناد ثقات. (راجع تخريج المسند حديث رقم 19708)..، (قلت
خالد صاحب الرسالة): لا تغتر بتصحيح الإمام الحاكم والذهبي .. ففوق كل ذي
علم عليم .. والحق مع الذي قاله محققو المسند.. ويكفي قولهم .. والله أعلم.
#- والرواية السابقة أتت في (حديث ضعيف) بلفظ آخر: عَنْ أَبِي بَلْجٍ، عَنْ أَبِي
بَكْرِ بْنِ أَبِي مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: (ذُكِرَ الطَّاعُونُ عِنْدَ أَبِي
مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، فَقَالَ أَبُو مُوسَى: سَأَلْنَا عَنْهُ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " إِخْوَانِكُمْ - أَوْ قَالَ: أَعْدَاؤُكُمْ - مِنَ
الْجِنِّ وَهُوَ لَكُمْ شَهَادَةٌ) رواه الحاكم وصححه .. (قلت خالد صاحب الرسالة): الحديث ضعيف بسبب (أبي بلج) وسبق بيان ذلك في
الرواية السابقة .. فضلا عن شذوذ الرواية بلفظ (إخوانكم) فهذا لفظ شاذ ومنكر .. فإذا كان إخواننا من
سيفعلون بنا هذا .. فماذا سيفعل بنا أعدائنا ؟!!
#-
ملحوظة: الرواية الأولى والثانية .. هما فقط محل القبول عند بعض
العلماء لمن أخذ بتصحيح من صحح هذه الروايات .. ويوجد طرق أخرى عن الصحابي أبي
موسى الأشعري .. جاء فيها جزئية (وخز أعدائكم من الجن)
.. ولم أذكر هذه الروايات الأخرى لنفس الصحابي لكونها ضعيفة أو ضعيفة جدا ..
2- ما جاء عن الصحابي عبد الله بن عمر ..
- جاء في (حديث ضعيف جدا) .. عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فَنَاءُ أُمَّتِي فِي الطَّعْنِ
وَالطَّاعُونِ» . قُلْنَا: قَدْ عَرَفْنَا الطَّعْنَ، فَمَا الطَّاعُونُ؟ قَالَ:
«وَخْزُ أَعْدَائِكُمْ مِنَ الْجِنِّ، وَفِي كُلٍّ شَهَادَةٌ) رواه الطبراني في الأوسط. (قلت خالد صاحب الرسالة) الحديث ضعيف جدا .. وفيه (أحمد بن إبراهيم بن رداء)
شيخ الطبري وهو مجهول الحال ..، وفيه (عبد الله بن عصمة النصيبي) قال عنه العقيلي
منكر الحديث جدا ..، وفيه (بشر بن حكم) وهو مجهول الحال ..
3- ما جاء عن الصحابية السيدة عائشة ..
أ- جاء في (حديث ضعيف جدا) .. عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ
عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الطَّاعُونُ شَهَادَةٌ
لِأُمَّتِي، وَوَخْزُ أَعْدَائِكُمْ مِنَ الْجِنِّ، يَخْرُجُ فِي آبَاطِ
الرِّجَالِ وَمَرَاقِّهَا، الْفَارُّ مِنْهُ كَالْفَارِّ مِنَ الزَّحْفِ،
وَالصَّابِرُ عَلَيْهِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) رواه الطبراني في الأوسط وابن
الأعرابي في معجمه وغيرهما.. وقال الطبراني: لا يروى هذا الحديث عن ابن عمر، عن عائشة
إلا بهذا الإسناد .. تفرَّد به: (يوسف بن ميمون) .. (قلت خالد صاحب الرسالة): الحديث ضعيف جدا .. وكل طرقه من
طريق (يوسف بن ميمون) وهو ضعيف جدا .. وقال عنه أبو زرعة أنه واهي الحديث وضعفه
الدارقطني وقال عنه أبو حاتم الرازي والبخاري أنه منكر الحديث جدا. (راجع تهذيب الكمال ترجمة رقم7161).
ب- وجاء في (حديث ضعيف) .. عن مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ
قَالَ: سَمِعْتُ لَيْثًا يُحَدِّثُ عَنْ صَاحِبٍ لَهُ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: قَالتْ
عَائِشَةُ: (ذُكِرَ الطَّاعُونُ فَذَكَرْتُ أَنَّ
النَّبِيَّ صَلى الله عَليه وسَلم قَالَ: وَخْزَةٌ تُصِيبُ أُمَّتِي مِنْ
أَعْدَائِهِمْ مِنَ الجِنِّ: غُدَّةٌ كَغُدَّةِ الإِبِلِ، مَنْ أَقَامَ عَلَيْهِ
كَانَ مُرَابِطًا، وَمَنْ أُصِيبَ بِهِ كَانَ شَهِيدًا، وَمَنْ فَرَّ مِنْهُ
كَالفَارِّ مِنَ الزَّحْفِ) رواه أبو يعلى في مسنده ..، (قلت خالد صاحب الرسالة): الحديث ضعيف .. فيه (ليث بن أبي سليم) وهو ضعيف
الحديث (راجع تهذيب التهذيب
ج8 ص468)..، وفي السند جهالة صاحب الليث الذي نقل عنه ..!!
@- إذا كان ما سبق من روايات فيه من الضعف
.. والإضطراب في سنده مهما حاول البعض تحسين
رواية منهم .. إلا أن المشكلة الأكبر في كيفية قبول متن هذه الرواية .. وإليك بيان
ذلك ..
===================
#- ثالثا: الدليل
على بطلان متن هذه الروايات القائلة بوخز الجن للإنس.
- إذا كان هناك من أقر بقبول هذه الرواية من
حيث السند .. فلعله لم ينتبه لما فيها من نكارة ومخالفة للقرآن والحديث النبوي الصحيح ..
وإذا كان أيضا بعض العلماء أنكروا هذه الرواية .. فعن
نفسي لا أقبلها .. وغير محتمل عندي أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد قالها أصلا
.. بل وأعوذ بالله أن أقول أن النبي قال بها بعد أن علمت ما علمت منها .. وذلك
لأسباب أذكر منها:
1- لأن النبي صلى الله عليه وسلم .. قال في حديث صحيح جدا مروي عنه .. أن الطاعون
سبب حدوثه هو الله .. وهو من يرسله على أهل الأرض .. وكان في السابق هو عذاب لبعض
الناس .. ولكن جعله الله في زمن النبي هو رحمة للمؤمنين ولو مات به أحد المؤمنين فهو
يرتقي به لدرجة الشهادة إن احتسب ذلك له أجر عند الله ولم ييأس من رحمته .. فقد
جاء في احد الروايات الصحيحة عن لسيدة عائشة: (أَنَّهُ عَذَابٌ يَبْعَثُهُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ ..
وَأَنَّ اللَّهَ جَعَلَهُ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ) صحيح البخاري..، وسيأتي
باقي الروايات بتوسع بعد قليل.
- إذن: سبب الطاعون هو الله .. وهو من يقدره
ويرسله .. وليس للجن أو الشيطان علاقة بالموضوع .. بل الجن والشيطان من المؤكد
يرسل الله عليهم طاعون وأمراض خاصة بهم في عالمهم ..!!
2- وإذا كان للشيطان القدرة على قتل الناس
أو إمراضهم .. فكان هذا كيد من الشيطان كبير وخطير .. وهذا ما يكذبه القرآن والحديث
الصحيح ..
-
أما القرآن .. فيقول جل شأنه: (إِنَّ كَيْدَ
الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا) النساء:76.
- وأما الحديث .. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَدَّ كَيَدَهُ إِلَى الْوَسْوَسَةِ)
رواه أحمد .. وقال محققو المسند: إسناده صحيح على شرط الشيخين.
3- وإذا كان للشيطان القدرة
على قتل الناس وإمراضهم .. فنطلب من المؤمنين برواية وخز الجن .. كيف
يفسرون حينئذ قوله تعالى: (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ
الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ
وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي
وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ ...) إبراهيم:22.
- فإذا كان الشيطان يجهر
بلسانه يوم القيامة أمام الناس .. وأمام الله وملائكته .. أنه لم يكن له سلطان على أهل الأرض .. إلا
بالتزيين في دعوته لهم بالوسوسة ليعصون الله ..
- فأين قدرته على القتل وإحداث المرض الجسدي
؟!!
4- (هذا الجزء هنا من أخطر ما يكون) .. إن ظننا أن الشيطان أو أي جن .. يستطيع أن يقتحم عالمنا وينشر
فيه الفيروسات ويقتل البشر ويبيدهم .. فيقال حينئذ أنه استطاع بقدرته قتل كم كبير
من الصحابة المقربين للنبي صلى الله عليه وسلم .. كما حدث في طاعون عمواس بالشام سنة
(18 هجرية) .. وعمواس هي قرية بفلسطين آنذاك .. ومات في الطاعون أكثر من عشرون ألف
مسلم.
- فما فائدة الإيمان حينئذ وكيف نعتقد في
إيماننا بأن الله يحمينا من الشيطان ؟!! ونحن نظن في نفس الوقت أنه يمكن
أن يسلط علينا شيطان الجن فيمرضنا أو يقتلنا شر قتله ؟!! في حين أن الله تكفل لنا في
إيماننا به بحمايتنا منه إن آمنا به وتعلقنا به وتوكلنا عليه واعتصمنا به ؟!! (انتبه: أسباب الحماية من الشيطان بالإيمان
والإستعاذة بالله .. بخلاف الحماية من الإنس فهذه لها أسبابها المادية في الحماية
وليس بالأذكار التي تستعيذ بها من الشيطان إذ أن شيطان الإنس لا ينصرف بأذاه من
خلال الإستعاذة وإنما بالمواجهة أو الهروب منه).
- فإذا كان هذا حال الصحابة وتوهمنا أنه قد
فعل الشيطان بهم ما فعل من طاعون عمواس .. فماذا يمكن أن نتصور ما سيفعله
بنا الشيطان حينئذ ؟!!
- وإذا كان الشيطان لم يفعل بنا شيئا .. فهل نحن بهذا المنطق أفضل من
الصحابة ؟!! أكيد .. لا ..
-
وإذا جادل أحد وقال: أن طاعون عمواس كان عن فايروس وليس طعن من الجن ؟
- فنقول لمن يبرر ذلك: ومن أخبرك بأنه فايروس وليس من
الشيطان الذي اخترعتموه على مزاجكم من خلال رواية باطلة ؟!! ومن أين لك أن تعرف أن
هذا الطاعون لم يكن بسبب الشيطان .. إن كان حسب معتقدك أنه محتمل أن يكون من الجن
أو من غيرهم بسبب اعتقادك بحديث (الطاعون وخز أعدائكم الجن) ؟!!
- فعدم معرفتك بأن الطاعون من الشيطان أم
من غيره .. يبقى الشبهة لازلت قائمة فيك .. لأن الإحتمال لازال قائم .. باحتمال
أن الشيطان هو من قتل هؤلاء الصحابة ..؟!! ويعاد السؤال مرة أخرى عليك بما سبق من
أدلة نقلية وعقلية لا إجابة لك عليها ..!!
- بل لو تأملت ستجد أن اعتقادك في احتمالية
أن يكون الشيطان قتل صحابة رسول الله .. فستجد أن هذا من أحقر ما يمكن أن يظنه
مؤمن بربه .. إذ يظن بربه أنه ترك الشيطان يطعن أنصار نبيه الذين وقفوا بجواره
ودافعوا عنه أن يتركهم كالبعير يطعنهم الشيطان ..؟!!
- فلو هذا هو ظنكم بربكم .. فهذا بهتان عظيم
..!!
5- وإذا كان للشيطان القدرة على قتل
الناس .. فلماذا الطاعون ليس موجودا ومستمر في كل زمان ومكان ..
؟!!
- فلو كان للجن هذه المقدرة .. لكان عبدهم أكثر الناس خوفا منهم
.. بل و لاستعبد الناس بتخويفهم منه أنه يستطيع أن يهلكهم بالطاعون .. ومن ثم
أصبحنا عبيدا بين يده كالخرفان بين يد الجزار ..!!
- فأين كرامة الله لأولياءه المؤمنين به
.. أيتركهم كالخرفان في يد الشيطان ؟!!
- أهذا بالنسبة إليكم هو معتقد صحيح في الله .. وأولياءه المؤمنين به ؟!!
#- فإذا لم يكن هذا هو اعتقادكم .. فكيف تقولون أن الطاعون من وخز
الجن وأعطيتم للشيطان القدرة على التصرف بنشر الفايروسات بذاته في الأرض ليقتل بها
الناس ؟!!
- فما فائدة شياطين الإنس حينئذ ؟!! طالما شياطين الجن يستطيعون فعل
كل شيء بالبشر !!
6- يا مؤمن كيف يؤخذ معتقد غيبي من حديث
هذا حاله .. سنده مضطرب ومتنه منكر جدا لمخالفته آيات وأحاديث صحيحه ..؟!! في حين أنه من المعلوم في أصول الدين أن المعتقدات الغيبية لا تؤخذ إلا
من القرآن والحديث الصحيح (وليس روايات يتم تزيينها وتلفيقها باحتمالات لتكون
صحيحة) ؟!!
-
ورحم الله الدكتور موسى لاشين (المتوفى: 1430 هـ) إذ قال: "حاول الحافظ ابن حجر أن
يوفق بين ما قاله عن حقيقة الطاعون ومنشئه وبين حديث (فناء أمتي بالطعن والطاعون. قيل:
يا رسول الله، هذا الطعن قد عرفناه، فما الطاعون؟ قال: وخز أعدائكم من الجن) أخرجه أحمد، والحاكم وابن
خزيمة وصححاه والطبراني .. ودافع
عن صحة الحديث بما لا يسلم له. (راجع فتح المنعم شرح صحيح مسلم ج8 ص598).
#-
ثم بعد أن ذكر رحمه الله بعض مبررات لابن حجر ذكرها ليبرر بها قبول الحديث فقال الدكتور
موسى لاشين رحمه الله تعقيبا على كلام بن حجر: "وهذا الذي قاله الحافظ
ابن حجر -رحمه الله- غير مقبول
.. وما استدل به مردود معارض ..
- والجن المشهور اصطلاحاً بأنه خلق من خلق الله، وجنس من
مخلوقاته كالإنس، وأنه يرانا من حيث لا نراه، وأنه يعيش معنا، وعلى أرضنا، لا
سلطان له علينا إلا بالوسوسة .. وصدق الله العظيم إذ يقول: (وقال الشيطان لما قضي الأمر إن
الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم
فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم) إبراهيم: 22.
- ولو أن للجن أن يطعن الإنس بغير سلاح .. لكتموا أنفاس بني آدم جميعاً
في لحظات.
- ولو أن للجن قدرة على طعن الإنس .. لطعن في أصعب الفصول كأعدلها
.. وفي أفسد البلاد هواء كأصحها .. وفي أخبث الماء كأطيبه .. إذ لا فرق عنده..، ولدام
(أي
الطاعون) في الأرض بدوام عبث الجن وإفساده .. ولعم الناس
والحيوان .. لأن الجن إذا قدروا على طعن الإنسان قدروا على طعن الحيوان، وعلى طعن
الإنسان في كل مكان لا مكان دون مكان.
- فكل ما قاله الحافظ كدليل .. لا ينتج الدعوى .. ولا يفيد
في الاستدلال .. ولو أنه حين ردد أسباباً للمرض غير معقولة .. وغير منتجة رد ذلك
كله إلى قدرة الله تعالى لكان خيراً.
- ثم إن الحديث الذي حاول الحافظ تصحيحه غير صحيح .. ولا يعمل بمثله في العقائد ..
- وعلى فرض صحته فالجن في اللغة كل ما
استتر .. والميكروب أو الفيروس مخلوقات خفية .. لا
ترى بالعين المجردة .. وهي في الطب والعقل والإدراك هي سبب الآلام والوخز .. وكون
الوباء ينتشر في الكثيرين له أسبابه المعروفة بالعدوى .. وكونه يصيب شخصاً ولا
يصيب من بجواره .. له تعليله الطبي والعقلي . وسيأتي مزيد لهذه المسألة عند الكلام
على أنه عذاب من عند الله .. وأنه لا يدخل إليه خارج عنه .. ولا يخرج عنه من هو
داخل فيه. (راجع فتح المنعم
شرح صحيح مسلم ج8 ص599).
#- ملحوظة: البعض قال أيضا بتفسير لفظ (الجن) بمعناه
اللغوي في الحديث .. فشرح لفظ (الجن) فقال: "كل ما
جن عن الإنسان واستتر ... فقد يشمل الميكروبات والفيروسات الخفية التي لا ترى
بالعين المجردة وهي من أعدى أعداء الإنسان". (ذكره صاحب كتاب المنتقى من كتاب
الترغيب والترهيب حديث رقم780).
#- وخلاصة ما سبق:
- أقول لمن يحب أن يعتز بالجن والشياطين أن لهم
سلطان عليك .. وأنهم يستطيعوا أن يتمكنوا منك كالبعير فيطعنوك .. واستدللت بالرواية التي
جاء فيها (الطاعون وخز أعدائكم من الجن) .. فهذا
اختيارك بكل تأكيد .. ولكن كن أمينا في العلم واذكر للناس ما سبق .. وإياك وخيانة
المؤمنين في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم .. قبل أن تتجرأ على النبي وتنسب
هذا الحديث له .. وتذكر أنك تهدم أصول إيمانية بهذه الرواية الباطلة في نفوس
المؤمنين وتعلو بسلطان الشيطان في نفوسهم .. ولا تغتر بمن حاول تزيين سند الحديث بأنه
صحيح .. فلعله لم ينتبه لما ذكرناه .. واتقي الله ربك في أمانة العلم.
- بل وقد يكون لفظ الجن بمعناه اللغوي .. وليس بمعنى الشياطين.. كما
أشار البعض لذلك "على افتراض التوهم بصحة هذا الحديث" .
===================
#- رابعا: روايات صحيحة جدا تكلمت عن الطاعون ولم يأت فيها ذكر عن وخز الجن ..!!
- جاءت أحاديث صحيحة جدا عن سبب الطاعون .. ولم يأت فيها جزئية وخز الجن .. ومنها:
1- (حديث صحيح) .. عَنْ
عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَهُ
يَسْأَلُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ: (مَاذَا
سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الطَّاعُونِ ؟
- فَقَالَ أُسَامَةُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الطَّاعُونُ رِجْسٌ (أي عذاب) أُرْسِلَ عَلَى طَائِفَةٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ ..
أَوْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ .. فَإِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلاَ تَقْدَمُوا
عَلَيْهِ .. وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا .. فَلاَ تَخْرُجُوا
فِرَارًا مِنْهُ) صحيح البخاري ومسلم.
#- وفي (حديث صحيح) بلفظ: (الطَّاعُونُ آيَةُ الرِّجْزِ (أي العذاب) .. ابْتَلَى الله عَزَّ وَجَلَّ بِهِ نَاسًا مِنْ
عِبَادِهِ .. فَإِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ .. فَلَا تَدْخُلُوا عَلَيْهِ .. وَإِذَا وَقَعَ
بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا .. فَلَا تَفِرُّوا مِنْهُ) صحيح مسلم.
2- جاء في (حديث صحيح) .. عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، عَنْ
عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، قَالَتْ: (سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الطَّاعُونِ ..
- فَأَخْبَرَنِي: أَنَّهُ عَذَابٌ
يَبْعَثُهُ اللَّهُ
عَلَى مَنْ يَشَاءُ .. وَأَنَّ اللَّهَ جَعَلَهُ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ..، لَيْسَ
مِنْ أَحَدٍ يَقَعُ الطَّاعُونُ، فَيَمْكُثُ فِي بَلَدِهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا (أي مفوض الأمر لله)، يَعْلَمُ أَنَّهُ لاَ
يُصِيبُهُ إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ، إِلَّا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ
شَهِيدٍ) صحيح البخاري.
- وفي (حديث صحيح) بلفظ: (أَنَّهُ كَانَ
عَذَابًا يَبْعَثُهُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ .. فَجَعَلَهُ اللَّهُ رَحْمَةً
لِلْمُؤْمِنِينَ .... إلى آخر الرواية) صحيح مسلم.
#- ملحوظة: هذا الحديث السابق يصف
سبب الطاعون ..
3- جاء في (حديث صحيح) .. عن مُعَاذَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ
الْعَدَوِيَّةُ، قَالَتْ: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ، فَقَالَتْ: قَالَ رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا تَفْنَى أُمَّتِي إِلَّا
بِالطَّعْنِ وَالطَّاعُونِ " قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا الطَّعْنُ
قَدْ عَرَفْنَاهُ، فَمَا الطَّاعُونُ؟ قَالَ: غُدَّةٌ كَغُدَّةِ الْبَعِيرِ .. الْمُقِيمُ بِهَا
كَالشَّهِيدِ .. وَالْفَارُّ (أي الهارب) مِنْهَا كَالْفَارِّ مِنَ
الزَّحْفِ (أي وقت الجهاد في سبيل الله مع العدو)) رواه أحمد .. وقال محققو
المسند: إسناده جيد.
#- ملحوظة: هذا الحديث يصف كيف تكون إصابة الطاعون ..
4- جاء في (حديث صحيح) .. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ -
أَنَّ عُمَرَ خَرَجَ إِلَى الشَّامِ، فَلَمَّا كَانَ بِسَرْغَ (اسم منطقة) بَلَغَهُ أَنَّ الوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ
بِالشَّأْمِ - فَأَخْبَرَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ
فَلاَ تَقْدَمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا، فَلاَ
تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ) صحيح البخاري.
#- ملحوظة: في هذا الحديث يظهر أن الطاعون أصحاب قرية عمواس بالشام
وكان فيها عشرون ألف مسلم ماتوا ومنهم صحابة كبار جاهدوا مع النبي .. ولم يقل عبد
الرحمن بن عوف أو عمر بن الخطاب .. أن هذا الوباء كان بسبب الجن ..!!
- إذن
مما سبق:
- نعلم أن النبي أخبرنا بسبب
حدوث الطاعون .. وأنه كان سابقا عقاب وللمؤمنين من أمته هو رحمة لهم .. ووصفوه بأنه مثل غدة
الأبل .. ومن يصبر عليه له مقام من مقامات الشهداء .. فماذا نريد أن نعرف أكثر من
ذلك ؟!! كلام واضح ومحترم وصريح ولا إشكال فيه ..
- فليتقي الله من يزين الشيطان في
نفوس المؤمنين من أهل زماننا .. ويجعلون له سلطانا على المؤمنين في كل شيء .. ولا
يغتروا بتصحيح من صحح رواية وليجتهد ليعلم الحقيقة طالما ما قرأه يخالف نصوص شرعية
..!!
#- خلاصة القول:
- مما سبق بيانه .. يتبين أن الشيطان ولا عالم الجن
كله له قدرة على أن يؤذي إنسان فيقتله أو يمرضه .. ولا دليل في روية (الطاعون وخز أعدائكم من الجن) لأنها رواية باطلة ولم تصح
سندا ولا متنا.. ولا يصح الإستدلال بها على أن الشيطان مس أيوب بالمرض.
- وأقول بقول بعض العلماء ببطلان
هذه الرواية وعدم صحتها .. بل لا أقول عن هذه الرواية باحتمالية أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال بها .. حاشاه صلى الله عليه وسلم.
..:: س48: هل يمكن أن يتسلط الشيطان بالمرض بدلالة
حديث جاء فيه عن مرض ذات الجنب (إنها من الشيطان) ؟ ::..
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- أولا: ما سأذكره هنا هو حديث النبي صلى
الله عليه وسلم .. هو دليل على أن الشيطان لا قدرة له على أن يمس الأنبياء
بالمرض العضوي في أبدانهم .. لو وافقت على رواية أن مرض "ذات الجنب" على
(إنها من الشيطان) .. وتلك الرواية صححها العلماء
ووافقوا عليها .. وبالتالي تكون سقطت حجة من قال أن الشيطان تسلط على أيوب بالمرض بدلالة
هذه الحديث حينئذ.. لأنه ليس خصوصية نبي وإنما خصوصية نبوة .. إذ قال جل شأنه: (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا
وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (99) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ
يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ) النحل:99-100 .. والأنبياء والرسل
من الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون وليسوا ممن تولوا اتباع الشيطان بعصيان ربهم
وليسوا هم مشركون بالله ..!!
#- ثانيا: سبب سردي للحديث الذي سأذكره هنا
عن مرض ذات الجنب .. هو أن بعض أهل زماننا خاصة ممن يحلو لهم حشو عقول الناس
بقدرات الشيطان الخارقة .. قولهم أن الشيطان يمكن أن يسبب للناس المرض وخاصة مرض السرطان .. ولكن هم
يملكون القدرة على علاج هذا المرض ..!! وكالعادة يستغلون ضعف الناس وأوجاعهم
لينتصروا لشيطانهم ويأكلون أموال الناس بالباطل .. والله من ورائهم محيط ..!!
@- ولا نعرف كيف عرف مُدَّعي الرقية أن المصاب بمرض عضوي كالسرطان هو من فعل الشيطان
..؟!! ولم نسمع عن أحد منهم توصل لطريقة علاج لهذا المرض المميت ؟!! ولكن الذي
أعرفه يقينا أنهم يجعلون للشيطان سلطان تمكين على الإنسان بالباطل .. وكذلك الذي
أعرفه يقينا أن هؤلاء أنفسهم حينما يحدث لهم مرض يذهبون للمستشفيات والأطباء .. ولكن
يقولون للناس أن المرض فيهم من فعل الشيطان ؟!!
- وهذا إن دل فإنما يدل على حقيقة هؤلاء
النفسية وهي أنهم أهل باطل وكذب .. ويتاجرون بدينهم .. وهم على
ما يفعلون بالمؤمنين شهود إذ يستمتعون بعذابهم النفسي وحشوهم بالأوهام ليكتسبوا
منهم مالا عن طريق تضليل المؤمنين بنصوص دينيه ..!!
- ومما وجدته عند بعض من يزعم الرقية .. أن الشيطان يمكن أن يتسلط على الأجساد
فيمرضها عضويا وخاصة أنه هو السبب في فعل مرض السرطان حسب زعم هؤلاء .. وأتوا في
ذلك بدليل من الحديث .. وهذا هو ما استدلوا به:
#- جاء في حديث: عن عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّهَا حَدَّثَتْهُ أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ حِينَ قَالُوا: (خَشِينَا أَنَّ الَّذِي بِرَسُولِ اللَّهِ ذَا الْجَنْبِ .. قَالَ:
" إِنَّهَا مِنَ الشَّيْطَانِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُسَلِّطَهُ عَلَيَّ) رواه الحاكم وقال: حديث
صحيح على شرط مسلم ..، ورواه أحمد وحسنه محققو المسند.
#- ومن هذه الرواية لما فرحوا بتصحيحها .. قالوا
بما معناه: أن الشيطان يمكن أن يتسلط على الناس بالمرض العضوي .. وإلا ما كان النبي
قال (إنها من الشيطان) فدل ذلك أن المرض
العضوي يكون من الشيطان .. وإلا ما كان النبي قال عن هذا المرض أنه من الشيطان.
#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على كلامهم:
- لا أدري في أي لفظ قال النبي أن الشيطان
يتسلط بالمرض على الناس .. ولا أين قال النبي عن ذات الجنب (أنها من "فعل" الشيطان) ..
ورواية الحديث أصلا أظنها ليس فيها شيطان .. وإنما لفظ (الشيطان) هو من التصرف في
اللفظ عن طريق أحد رواة السند ..!!
- ولكن تعالوا نشوف إيه قصة الحديث ده ..
والله ولي التوفيق.
#- أولا: روايات قالت بها السيدة عائشة ..
1- (حديث حسن) .. ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، قَالَ:
أَخْبَرَنِي أَبِي، أَنَّ
عَائِشَةَ قَالَتْ لَهُ: (يَا
ابْنَ أُخْتِي: لَقَدْ رَأَيْتُ مِنْ تَعْظِيمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ عَمَّهُ أَمْرًا عَجِيبًا .. وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ تَأْخُذُهُ الْخَاصِرَةُ (أي وجع بالجنب) فَيَشْتَدُّ بِهِ جِدًّا فَكُنَّا نَقُولُ أَخَذَ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِرْقُ الْكُلْيَةِ لَا نَهْتَدِي أَنْ
نَقُولَ الْخَاصِرَةَ .. ثُمَّ أَخَذَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَوْمًا فَاشْتَدَّتْ بِهِ جِدًّا حَتَّى أُغْمِيَ عَلَيْهِ وَخِفْنَا عَلَيْهِ ..
وَفَزِعَ النَّاسُ إِلَيْهِ فَظَنَنَّا أَنَّ بِهِ ذَاتَ الْجَنْبِ .. فَلَدَدْنَاهُ
(أي
أعطيناه دواء ومن الواضح أنه دواء مرير جدا) ثُمَّ سُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَأَفَاقَ .. فَعَرَفَ أَنَّهُ قَدْ لُدَّ .. وَوَجَدَ أَثَرَ اللَّدُودِ
.. فَقَالَ: ظَنَنْتُمْ أَنَّ
اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ سَلَّطَهَا عَلَيَّ .. مَا كَانَ اللَّهُ يُسَلِّطُهَا عَلَيَّ
.. وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَبْقَى فِي الْبَيْتِ أَحَدٌ إِلَّا لُدَّ إِلَّا
عَمِّي) رواه الطحاوي في مشكل الآثار والحاكم وقال: صحيح
الإسناد ووافقه الذهبي ..، ورواه أحمد في مسنده .. وقال محققو المسند: إسناده حسن ..،
(قلت
خالد صاحب الرسالة): وفي السند (عبد الرحمن بن أبي الزناد) وفيه ضعف..،
إلا أن من يحسن هذا الحديث فلأجل أنه له طرق وشواهد .. والله أعلم.
#- والقصة باختصار: بعض أهل بيت النبي كانوا موجودين في بيت
النبي أثناء تعبه وظنوا أن به هذا المرض الموصوف "ذات الجنب" وهو مرض
مميت عندهم .. وكان النبي قبل أن يغيب عن الوعي قد نهاهم عن أن يسقوه أي دواء ..
ولكنهم ظنوا أنه لم يكن مدرك لما يقول نتيجة أنه كان يذهب في غيبوبة .. فأجبروه
وهو نائم على شرب نوع مقرف من الدواء وهو اللد .. ولما أفاق النبي سقاهم جميعا كل
الموجوين من هذا اللد حتى كانت بعض زوجاته صائمة فشربت أيضا .. ووجد عمه العباس حاضرا
فلم يسقه لكونه أتى بعد ذلك الموقف ولم يكن مشارك برأيه في اقتراح شرب هذا الدواء
للنبي ولم يشهد أيضا نهي النبي عن ذلك .. والله أعلم.
#- وجاء في رواية: (عَنْ عَائِشَةَ، لَدَدْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ، فَأَشَارَ: " أَنْ لَا تَلُدُّونِي " قُلْنَا :
كَرَاهِيَةُ الْمَرِيضِ لِلدَّوَاءِ، فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ: " أَلَمْ أَنْهَكُمْ
أَنْ لَا تَلُدُّونِي؟ " قَالَ: " لَا يَبْقَى مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا لُدَّ
غَيْرُ الْعَبَّاسِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَشْهَدْكُنَّ) رواه أحمد .. وقال محققو المسند: إسناده
صحيح على شرط الشيخين.
- قولها (ذاتِ الجَنبِ): قيل هو الخراج أو الدمل الكبير
الذي ينفجر إلى داخل الجسم .. ونادرا ما ينجو منه أحد..، وقيل عن البعض هو التهاب في الرئية يسبب
حمى وسعال ووجعا في الجَنبِ يظهر عند التنفس.
- ومهما كان توصيف مرض ذات الجنب .. فهو مجرد مرض من الأمراض وكان له تأثير على
النبي حتى جعله يغمى عليه.
- قولها (لُدَّ): وهو الدواء الخاص بهذا المرض .. ومن الواضح
أنه كان دواء مرير وله طريقة في أخذه في الفم تكون بصورة مزعجة جدا للنفس. (وهذا
ما فهمته من توصيف لفظ اللد من كلام العلماء).
- قوله (إلا عمي): أي العباس ين عبد المطلب إذ لم يشارك في
الموافقة على إعطاء النبي لهذا الدواء.
2- (حديث حسن – أظن فيه نكارة إلا لو صح تأويله) .. عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّهَا حَدَّثَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ حِينَ قَالُوا: (خَشِينَا أَنْ تَكُونَ بِهِ ذَاتُ الْجَنْبِ .. إِنَّهَا
مِنَ الشَّيْطَانِ وَلَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيُسَلِّطَهُ عَلَيَّ) رواه أحمد واللفظ له .. ورواه
اسحق بن راهويه .. ورواه الحاكم وقال: حديث صحيح على شرط مسلم ..، وقال
محققو المسند: وهذا إسناد
حسن من أجل محمد بن إسحاق.
#- (قلت خالد صاحب الرسالة): هذا الحديث بهذا اللفظ فيه
نكارة لفظ "الشيطان" .. وهي من غرائب محمد بن اسحاق بن يسار في رواية
الحديث .. إذ لا يعقل أن يقول النبي (سلطها علي - ما كان الله ليسلطها علي) أي هذه الآفة .. ثم يقول في
رواية أخرى: (إنها من الشيطان – وما كان الله ليسلطه علي) ..!! فهذه ليست روايات قرآنية
ليقال مرة أتت بلفظ يحمل معنى لا يحمله الآخر .. فهذا حينئذ كلام سخيف جدا ..!!
#- ثم أن الذي يهوى له الإحتجاج بهذه
الرواية .. لينتصر لهواه بأن الشيطان يتسلط على الناس بالمرض ..
فيقال له: فأي لفظ هو الذي قاله النبي في الرواية عن
عائشة ؟!! ولماذا لم يأت لفظ (الشيطان) في
روايات الصحابية أسماء بنت عميس كما سأذكره في الروايات التالية ؟!!
- لأنه
ببساطة .. لفظ (الشيطان) هو من إضافات بعض الرواة وغالبا من محمد
بن إسحاق بن يسار ..، ولذلك في الرواية الأخرى أيضا عن عائشة عن طريق (عبد الرحمن
بن أبي الزناد) لم يأت بلفظ الشيطان .. ولذلك حاول بعض شراح الأحاديث أن يجد مخرج
لتفسير هذه الرواية .. ومن ذلك:
أ- قال الإمام السندي رحمه الله في
شرح مسند أحمد: قوله
(إِنَّهَا
مِنْ الشَّيْطَانِ)
أي: أن الشيطان يرضى بها .. بناءً على أن يمنع المسلم عن القيام في الصلاة وغيره ..
والله تعالى أعلم. (راجع حاشية السندي على مسند أحمد حديث رقم 25141 – وراجع تخريج المسند
حديث رقم 26346).
ب- وأظن عن رأيي (خالد صاحب الرسالة) لو افترضنا صحة الرواية بلفظ
الشيطان .. فيكون المقصد هو: إنها من وسوسة الشيطان لكم بأن جعلكم تظنوا
بي هذا المرض لتفعلوا بي ما فعلتموه.. وما كان الشيطان ليسلطه علي ليفعل بي ذلك الذي
فعلتموه بي من سقاية هذا الدواء بهذه الطريقة التي فعلتموها .. فلجأ إليكم حتى استفزكم
بوسوسته في صدوركم حتى أطعتموه .. وقد سبق لكم مني النهي عن فعل هذا بي ..
- والله أعلم بمراد النبي إن كان لفظ (الشيطان) من جملة ما نطق به
النبي .. وما أظن ذلك .. وهذا سيظهر لك في الروايات القادمة عن أسماء بنت عميس ..!!
#- ووجدت تفسيرا موافقا لما ذكرته .. قد ذكره الإمام نور الدين
الهروي القاري رحمه الله (المتوفى: 1014هـ):
- (إِنَّهَا مِنَ الشَّيْطَانِ وَلَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيُسَلِّطَهُ عليّ) وضمير (إنها) إلى (لُدِّهِم) له .. وأنَّثَه
باعتبار صنعتهم .. لا كما قال الدُّلجي باعتبار صدوره مرة واحدة .. ثم نسبه إلى الشيطان لأنه كان سبب
وسوسته لهم بذلك .. حتى فعلوا ما لم يأذنهم هنالك. (شرح الشفا ج2 ص218).
@- وبعيدا عن الروايات المروية عن السيدة عائشة .. والتي أتت من طريقي (محمد بن إسحاق بن يسار)
وطريق (عبد الرحمن بن أبي الزناد) .. وكلاهما أقل شأنا من إسناد الروايات المروية
عن الصحابية أسماء بنت عميس .. وستجد في روايتها بوضوح تام أن النبي صلى الله عليه
وسلم يقال (إن ذلك لداء) .. ولم يقل المرض من
الشيطان ولا أن الله ما كان ليسلط الشيطان بالمرض عليه .. بل الحديث يتكلم عن داء ابتلاه
الله به من جملة ابتلاءات الله للمؤمنين.
#- ثانيا: روايات عن الصحابية أسماء بنت عميس.
1- (حديث صحيح) .. عن أسماء بنت
عميس عن النبي قال: (إِنَّ ذَلِكَ لَدَاءٌ مَا كَانَ اللَّهُ
لِيَقْذِفُنِي بِهِ ...) رواه عبد الرزاق في مصنفه وبن حبان في صحيحه .. قال شعيب
الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط البخاري. رجاله رجال الشيخين غير علي ابن المديني،
فمن رجال البخاري. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (9754) ، ومن طريقه أخرجه
أحمد 6/438، والطبراني 24/ (372) ، وصححه الحاكم 4/202، ووافقه الذهبي، وكذا صححه
الحافظ في " الفتح " 8/148..، وذكره الهيثمي في " المجمع "
9/33، وقال: رواه أحمد ورجالهُ رجالُ الصحيح...، واللدود: من الأدوية ما يُسقاه
المريض في أحد شِقَّي الفم، ولديدا الفم: جانباه. (راجع تحقيق الأرنؤوط على صحيح
بن حبان حديث رقم6588)..، وذكره الألباني في الصحيحة برقم 3339.
2- وفي رواية بلفظ: عن أسماء بنت عميس عن النبي قال:
(إِنَّ ذَلِكَ دَاءٌ مَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَنِي بِهِ) رواه الطحاوي في مشكل الأثار ..
(قلت
خالد صاحب الرسالة): الحديث صحيح.
3- وفي رواية بلفظ: عن أسماء بنت عميس عن النبي قال:
(إِنَّ ذَلِكَ لَدَاءٌ مَا كَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَيَقْرَفُنِي
بِهِ ..) رواه أحمد .. وقال محققو المسند: هذا إسناد
الصواب فيه أنه مرسل فيما ذكر ابنُ أبي حاتم في "العلل" 2/332 ...، ثم قال محققو المسند: قلنا:
لكن صححه ابن حبان والحاكم والذهبي والحافظ في "الفتح" 8/148..، وهو عند
عبد الرزاق في "مصنفه" (9754) ، ومن طريقه أخرجه الطحاوي في "شرح
مشكل الآثار" (1935) ، وابن حبان (6587) ، والطبراني في "الكبير"
24/ (372) ، والحاكم 4/202، وصححه على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي. (راجع تحقيق محققو المسند عند
الحديث رقم 27469) ..، (قلت خالد صاحب الرسالة): أظن أن محققو المسند يقولون
بتصحيح الرواية وإنما ذكروا أولا رأي أبي حاتم .. لنهم بعد ذلك ذكروا من صحح
الرواية ردا على قول أبي حاتم بقولهم (قلنا) أي تعقيبا على كلام أبي حاتم ..، خاصة
وأن شعيب الأرنؤوط وهو أحد محققي المسند صحح الحديث في صحيح بن حبان كما ذكرت
سابقا ..، ومن ناحية أخر يقال: ما المانع من تعدد طرق رواية الحديث إذ رواه البعض
موصولا والآخر مرسلا .. إذ ان طرق الوصل والإرسال ليست واحدة .. فالإرسال من طريق يونس
بن يزيد وشعيب بن أبي حمزة عن الزهري ..، ولكن الوصل من طريق معمر عن الزهري ..!!
#- خلاصة القول في كل ما سبق:
1- أن الشيطان لا يتسلط بالمرض على أحد .. لا نبي ولا غيره .. بموجب هذا
الحديث الذي أشار له البعض .. بل أن من وجدت له شرحا لهذا الحديث لم يذكر في شرح
لفظ (الشيطان) أن المقصود به الشيطان هو فاعل المرض .. وإنما هو يفرح بنزول هذا
المرض على الإنسان ليتشفى في الإنسان .. أو وسوس بهذا المرض لمن حول النبي ليفعلوا
بالنبي ما نهاهم عنه .. وما عدا ذلك فهو لون من خرافات أهل زماننا الذي أصبح
الشيطان محل اهتمامهم وكأنه متصرف في الكون من دون الله .. ليثبتوا للناس على أن
الشيطان يستطيع أن يمرض الناس .. فيتكسبوا من وراء ذلك ما يتكسبون من خلال وهم
الرقية من مرض الشيطان .. وحسبهم ما كذبوا به على الناس .. والله من ورائهم محيط.
2- ولا يخفى أنه لو صح لفظ حديث (إنها من الشيطان وما كان الله
ليسلطه علي) .. فهذا يكون حجة على من يقول بجواز إمراض الأنبياء من
الشيطان .. لأن النبي قال أنه لا يتسلط عليه حال كونه نبيا رسولا .. فليست هذه
خصوصية فردية للنبي .. لأن النبي يكون بذلك يشير لقوله تعالى للشيطان: (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ
سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا) الإسراء:65.
#- وهذا طبيعي جدا أن لا يكون للشيطان أي تسليط على
الأنبياء بسلطان تمكين في أجسادهم أو قلوبهم أو صدورهم أو عقولهم .. وإلا كان هذا
مخالف لكلام الله السابق ذكره.
- والله أعلم.
***********************
الحمد لله الذي يعلمنا وينورنا
ردحذفدمت لنا نورا ينير دربنا استاذنا الفاضل
وزادك العليم الحكيم من فضله
آمين يارب العالمين
فتح الله لك فتحا مبينا
حذفاللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم
ومن المؤسف .. فإن تحسين روايات ( الطاعون وخز اعدائكم من الجن ) .. بلغ اعتقاد بعض الناس فيه الى ان ينسبوا للشيطان مرض السرطان !! .. واليكم ما كتبه احدهم :
ردحذفعرف مرض السرطان في السابق بأنه نوع من أنواع الطاعون، والطاعون كلمة تشمل كل مرض قاتل، وقد جاء في وصفه عند حكماء العرب قديما: «بأنه ورم رديء (خبيث) مؤلم جدا يتجاوز المقدار في ذلك» ويحدث في مواضع منها الإبط، وخلف الأذن، والأرنبة، وفي اللحوم الرخوة) كما وصفه الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه يمثل غدة كغدة البعير، استناداً لحديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم حين ذكر أن فناء الأمة يكون بالطعن والطاعون: (الطعن قد عرفناه، فما الطاعون؟ قال: غدة كغدة البعير (الجمل) يخرج في المراقِ والإبط).
وفي حديث يؤكد أن طاعون (السرطان) مرض يتسبب به الجن أو ما يسمى علمياً بجزيء (ب 53)، ما روي عن عائشة أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الطاعون شهادة لأمتي ورجز أعدائكم من الجن، غدة كغدة البعير، يخرج في الآباط والمراق، من مات فيه مات شهيدا، ومن أقام فيه كان كالمرابط في سبيل الله ..)
وفي حديث آخر أخرجه أحمد والطبراني أنه قال: (أنه وخز الجن). ومن يدقق في لفظة (وخز) يلمح صورة الاختراق الدقيق للجن أو الجزيء (ب 53).
وطاعون السرطان في الحديث السابق، يختلف عن الطاعون الوبائي الذي يتناقل بالعدوى فقد قال عنه عليه الصلاة والسلام: (الطاعون رجز أرسل على طائفة من بني إسرائيل، وعلى من كان قبلكم، فإذا سمعتم به بأرض، فلا تدخلوا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها فرارا منه).
وقد جاء أن من أصابه طاعون السرطان في داخل بطنه أو صدره، سمي (بطينا). فقد روي عن النبي عليه السلام أنه قال: (من مات بطينا فهو شهيد)، وقال: (الطاعون شهادة لكل مسلم)، كما قال في الطاعون: (وخز أعدائكم الجن، وهي شهادة المسلم)، وقال عليه السلام: (وخزكم أعدائكم الجن وفي كل شهادة).
والشهادة قد تأتي لمن قتله مخلوق من مخلوقات الله. فالمؤمن الغريق شهيد وقاتله الماء، والمؤمن المحروق شهيد وقاتلته النار، والمؤمن البطين شهيد وقاتله الشيطان.
قال الأزدي للحارث الملك الغساني:
لعمرك ما خشيت على أبيٍ
رماح بني مقيدة الحمار
ولكني خشـــيت على أبيٍ
رماح الجن أو إياك حار
لقد فقدنا الكثيرين من الأهل والأصدقاء والأحبة بسبب ذلك المرض الخبيث، واعتقدنا لوقت طويل بأنه مرض عضوي بحت، عجز الطب عن علاجه. ولكن وبعد هذا التوضيح.. هل لنا أن نعترف بأن من أنواعه ما هو مرض شيطاني؟ وهل يقتنع العلماء والباحثون ـ ممن لا يحبذون الخوض في الغيبيات ـ بأن ذلك الجزيء الواعي المدرك (ب 53) هو جني نخز الإنسان ووخزه فأمرضه؟.
لقد فشل الطب في علاج مرض السرطان، واستطاع القرآن علاجه! نعم استطاع القرآن علاجه. وما يروى عن قصص الشفاء التي مر بها بعض مرضى السرطان ممن تداووا بالقرآن وبالدعاء شيء معجز حقا، وهي قصص ليست من نسج الخيال، وهي أكثر من أن تحصى ولا مجال لذكرها هنا، وقد حدثت وتحدث دائماً بإذن الله بإرادته سبحانه.
وقد روي في الأثر: (لا تعجزوا في الدعاء، فإنه لا يهلك مع الدعاء أحد)، قال تعالى: (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين، ولا يزيد الظالمين إلا خسارا).
انتهى كلامه .
لا حول ولا قوة الا بالله ناس قربت من عبادة جن وشيطان بسبب تعظيمهم
ردحذفجزاك الله كل خير استاذنا الفاضل وأمدك بمدده وفتح عليك بكل خير
قطر الندى=
ردحذف☆ أي حد عندو مشكلة، أعرف إن ربنا قادر يحلها، بس مادام ربنا ماحلهاش دلوقتي يبقى ده لحكمة لمصلحتك...
=======
آسفة لتكرار هذا السؤال لأنه لسه عاملي مشكلة=
هل البراق يطير؟!
إذا كان الجواب بلا... فلماذا خرج من سقف البيت...؟!!
كنت محتارة أيضا في رؤية وقد أرسلتها إلى معبر رؤى ويبدو لم يحن دوري في تعبيرها...
وقد يكون بينكم من يعبرها فيا ريت يفعل... والله أعلم...
رأيت نفسي وكأني عند الكعبة وراح أبدء الطواف ولا يوجد أحد قبلي وتقريبا في الحلقة الأبعد عن الكعبة...
ومباشرة جنب الكعبة الملك يلبس لباس الإحرام ويتأهب ليبدأ بنا الطواف ولا أدري أي ملك يعني لا أعرف إسمه كانت خلفه زوجته وخلفها الناس وكذلك خلفي...
ولا يوجد إنسان قبلنا ...
وقبل أن نبدأ الطواف انتبهت لي الملكة وأشارت لي أن تعالي بسرعة جنبي ولبيت طلبها وما إن وصلت عندها حتى بدأ الملك الطواف...
لكن كيف كان هذا الطواف؟ وهذا هو الذي حيرني وأرجو تعبيره لأنه منذ ذلك الوقت (٢٠١٩) وأنا محتارة فيه؟!!!
بداية الطواف كبر فيها الملك الصلاة وهو يمشي ويقرأ في الفاتحة ونحن خلفه نفعل ما يفعل وأثناء سماعي الفاتحة كان أكثر شيء شاغلي كيف نركع ونحن ماشيين ...ثم وكأني رأيت تصوير فوقي للكعبة ونحن حولها وقد تجاوزنا الناس الأبعد عن الكعبة= يعني سبقونا وأصبحوا قبلنا...
وقبل أن نصل للركوع إستيقظت وصوت القرآن مازلت أسمعه... وتحسرت أني لم أعرف كيفية الركوع... هل سنتوقف ونركع أم نركع ونحن نمشي...
الله يوفقكم لكل خير...
💦💙💧💙💧💙💦
اللهم صل وسلم على سيدنا محمد النبي الأمي و آله...
- البراق لا يطير .. (ومن قال بذلك فهو ظنا منه ذلك من خلال ما جاء في أحد روايات حذيفة بن اليمان ..) وسبق مناقشة كل هذه الروايات في رسالة الإسراء والمعراج.. والبراق كائن أرضي من عالم الغيب يعني في عالم الحجاب .. وليس كائن سماوي ..
حذف- والبراق لم يدخل غرفة حتى يخرج من سقفها !! وانما الذي دخل وخرج هو جبريل ..
=======================
اللهم صل على سيدنا محمد النبي لامي وعلى آله وسلم
شكرا لك يا منارة النور... هذا الذي كنت ابحث عليه ضربة قاضية...
حذفحتى لا أعود أبدا وأقطع الشك باليقين...
وأعلم أنه سبق مناقشة الموضوع...
وكنت أنا السائلة لإعتقادي أن البراق يطير ويبدو الفكرة كانت معششة جامد...هههه
لكنك قطعتها بإذن الله بهذا الكلام...
" والبراق لم يدخل غرفة حتى يخرج من سقفها !! وإنما الذي دخل وخرج هو جبريل عليه وسلم"
أروح أتصحر وأنا مطمئنة الآن 😊...
صحا صحوركم...
يا صبرك يا أخي..!!
💦💙💧💙💧💙💦
اللهم صل وسلم على سيدنا محمد النبي الأمي و آله...
استاذ خالد الجميل
ردحذفزادك الله نورا على نور .. وأدخل على قلبك السرور .. وجعلك مفتاح لكل خير .. مغلاق لكل شر .. امين يارب العالمين
اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم
🍃📖 #قصة_وعبرة 📖🍃
ردحذف•┈ ❁ ✿ ❁ ┈•
📚 #قصة_السلوك_الحسن_هو_الدعوة .
•┈┈• ❀ 📖 ❀ •┈┈•
يُروى أن قائدًا عظيمًا اشتهر بعدله وحكمته
وصل إلى أرض تسكنها قبائل بدائية لا يعرفون القراءة أو الزراعة ولا يحسنون صناعة الملابس أو بناء البيوت فاتخذوا الجحور مأوى لهم.
رأى القائد حالهم فأشفق عليهم وعزم على تغيير واقعهم.
بدأ بتعليمهم أسس الزراعة وكيفية بناء البيوت وصناعة الملابس حتى تغيرت حياتهم تمامًا وصاروا مجتمعًا متحضّرًا يعرف الاستقرار والعمل.
وأثناء ذلك اقترب منه أحد رفاقه وكان رجلًا صالحًا فقال:
"ألا ندعوهم أولًا لعبادة الله الواحد قبل أن ننشغل بأمور الدنيا؟"
فابتسم القائد بحكمة وقال: "لنستر عورتهم أولًا ونُطعم جائعهم ونُعلمهم كيف يعيشون بكرامة وعندها ستنفتح عقولهم وقلوبهم لما هو أعظم."
مرت الأيام، وازدهرت حياة القوم
وحين حان وقت رحيل القائد جاءه أهل تلك الأرض يسألونه عن دينه ومعبوده فقد رأوا فيه وفي رجاله مثالًا للنبل والأخلاق.
فحدّثهم عن الإيمان بالله الواحد فلم يكد يُنهي كلامه حتى آمنوا جميعًا.
عندها التفت القائد إلى صاحبه وقال: "دع أعمالك وأخلاقك تتحدث عن إيمانك فالقدوة الحسنة هي أعظم دعوة إلى الحق."
وهكذا انتشرت دعوته لا بالكلام وحده بل بالعمل الصالح والسلوك الطيب
كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "كونوا دعاة إلى الله وأنتم صامتون."
الحكمــــه
الدعوة إلى الله لا تكون فقط بالقول بل بالسلوك والمعاملة الحسنة
فالناس يتأثرون بالأفعال أكثر من الأقوال.
•┈┈•◈◉✹◉◈•┈┈•
🍃منقول
*۞ *وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن*
ردحذف*بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ۞*
رحمة الله ستغمرك ولو اشتدت الظروف،
ومن أغاث الأرض قادر أن يغيث القلب وينشر رحمته بعد اليأس،
فاصبر على البلاء لتبشر بالعطاء .
🌙🌙🍃🌿
🌹❤️
ردحذف"كلمتُكَ الطيبةُ لها أَثَر
اعتذارُكَ له قيمَةٌ
تفهمُكَ للآخرينَ أدَبٌ
التغاضي عن الأخطاءِ وعيٌ
مراعاةُ المشاعرِ نُبْلٌ
صَوْنُ الوُدِّ وُدٌّ
ما تُقدِّمه لغيركَ عائدٌ إليكَ
لا تبخلْ بالجَمَالِ فتصبح خاليًا منه"
🌹❤️
رسالة لقلبك..
ردحذفلو يعلم الإنسان ماذا أخفى الله لهُ خلف أسوار حزنه ، وماذا أعدّ لهُ من أحداثٍ تجبر قلبه ، لعرف يقينًا أن ألطاف الله تسبق أقدارهُ
ولوجدَ البشائر منهُ سبحانهُ ترويه بين جوانب أكداره ..
هناك قوة تُسمى "اليقين بالله" ، بها نتخطى أزماتنا ونتحمل وندعو ونستمر في الدعاء ، حتى لو كانت كل الأبواب مغلقة ، والظروف ليست ميسرة ، وكل الأسباب توحي بعكس ما نتمنى ..
لكننا على يقين أن الله سيُصلح كل شيء في الوقت المناسب ،
لأننا نؤمن بالله وقوته وبحكمته وتدبيره ، لذلك لا تحزن ولا تيأس من وضعك الحالي وكن مع الله مبتسما ولا تبالي بأوجاعك حتى تأتيك البشائر وتتحقق الأماني ..
﴿فَدَعا رَبَّهُ أَنّي مَغلوبٌ فَانتَصِر فَفَتَحنا أَبوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنهَمِرٍ﴾ ..
ما بين الغلبة والفتح ، دعاء..
إنّ الله إذا أعطى أدهش..
إن الله إذا رزق عوض وأكرم ، ومسح على قلبك وأراح بالك..
فخير الله سوف يتحقّق ، فلا تستعجل امراً رجوت الله به..
فخير الله آتيك آتيك ، فلا تيأس وألح على الله بالدعاء ، فلا يشقى عبدا دعَا ربه .
تصدق يا استاذ خالد لما شفت موضوعك نفسي أتعلق بالله تعبت من الدنيا التفت لها 💔💔💔
ردحذف☆ قال سهل التستري=
ردحذفأصول مذهبنا ثلاثة=
أولا= الإقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في الأخلاق والأفعال...
ثانيا= أكل الحلال..
ثالثا= إخلاص النية في جميع الأعمال...
يقول الإمام الجنيد=
الطرق كلها مسدودة على الخلق... إلا المقتفين آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم...
☆ قال سفيان الثوري=
إنما الفقيه= الرخصة من الثقة... أما التشديد فيحسنه كل أحد...
صحيح... التشديد يحسنه أي أحد... ولا يستطيع التيسير والتبسيط إلا الخبير الواثق...
قطر الندى =
☆ لقد وضحت أمورا كثيرة في مسألة الإلتفات في الصلاة كنت أفهمه على غير حقيقته وبالدلائل التي تشرح الصدر وتملأ القلب يقينا بأن ديننا دين يسر وبساطة في التعامل مع المجريات...
☆ أطلب حقك حتى تعجز، فإذا عجزت قل حسبي الله ونعم الوكيل، فإنما يقضى بينكم على حجتكم...
(لا تلتفت ج11)
💦💙💧💙💧💙💦
اللهم صل وسلم على سيدنا محمد النبي الأمي و آله...
اللهم صل على سيدنا محمد النبي الامي وعلى اله وسلم 🌿
ردحذفالله عليك يااستاذنا ما شاء الله حفظك الله ورعاك يارب العالمين 🤲🏻
ويعينك بجد ويصبرك علينا يارب العالمين 🤲🏻 وعلي الخرافات والروايات المكدوبه ويعينك علي البحث والعلم ويجعلنا علي دربك ياارب الله وارزقنا الفهم 🤲🏻